موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الرابع: العدَدُ


يختَلِفُ العَدَدُ بحسَبِ تركيبِه، وتذكيرِ المعدودِ وتأنيثِه، وإعرابِ العَدَدِ وبنائِه، ونَصْبِ تمييزِ المعدودِ من جَرِّه؛ ولهذا أفرَدْنا للعَدَدِ فصلًا يتناول العَدَدَ تفصيلًا على النَّحوِ الآتي:
أولًا: العَدَدان 1، 2
يُستغنى عن ذِكرِ العَدَدين بإفرادِ المعدودِ وتثنيتِه؛ فتَقولُ: كتابٌ وقلمٌ، بدلًا من أن تَقولُ: واحدُ كتابٍ، وواحِدُ قلمٍ، وكذلك تَقولُ: كتابانِ وكتابين، وقلمان وقلمين؛ بدلًا من: اثنانِ كتابٍ، واثنين كتابٍ، واثنانِ قَلَم واثنينِ قلمٍ. ويمكِنُ أن يأتيَ العَدَدُ بَعْدَهما وصفًا مُؤَكِّدًا للمَعدودِ، كقَولِه تعالى :وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ [النحل: 51] .
ثانيًا: من ثلاثةٍ إلى عَشَرةٍ
يأتي العَدَدُ من ثلاثةٍ إلى عَشَرة مخالفًا للمَعدودِ في التذكيرِ والتأنيثِ؛ فإنْ كان المعدودُ مُذَكَّرًا جئنا بالتاءِ في العَدَد. تَقولُ: ثلاثةُ كُتُبٍ، أربعةُ أقلامٍ، خمسةُ رِجالٍ؛ لأنَّ كلًّا من الكتابِ والقَلَمِ والرَّجُلِ مُذَكَّرٌ. أمَّا إن كان المعدودُ مُؤَنَّثًا فيجيءُ العَدَدُ بغيرِ تاء. تَقولُ: خمسُ نسوةٍ، وثلاثُ قِصَصٍ، وسَبعُ عُيونٍ.
وفي القرآنِ مِن الأمثِلة كثيرٌ، كقَولِه تعالى: فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ قال الفيومي: ((السَّماءُ: المظلَّة للأرض، قال ابنُ الأنباري: تُذكَّر وتؤنَّث، وقال الفرَّاء: التذكيرُ قليلٌ، وهو على معنى السَّقفِ، وكأنَّه جمع سماوة، مثل: سحاب وسحابة، وجُمِعَت على سموات). يُنظَر: ((المصباح المنير)) (1/ 290). [البقرة: 29] ، وقَولُه تعالى: أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا [مريم: 10] ، وقَولُه تعالى: فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ [النور: 6] ، وقَولُه تعالى: سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ [الحاقة: 7] .
وتمييزُ تلك الأعدادِ يأتي جمعًا مضافًا إلى العَدَدِ كالأمثِلة السَّابقةِ، إلَّا أنَّه قد يأتي مجرورًا بـ(مِن) إذا كان اسمَ جنسٍ. تَقولُ: ثلاثٌ من الذَّودِ وأربعٌ من الغَنَمِ، وقد يأتي مُضافًا كذلك: ثلاثُ ذَودٍ، ومِثْلُه في القرآن: وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ [النمل: 48] .
فإن كان تمييزُ تلك الأعداد لفظَ (مائة) فإنه يأتي مُفرَدًا تخفيفًا، فيقال: ثلاثُ مائةٍ، أربعُ مائة... ومنه قَولُه تعالى: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا [الكهف: 25] . وقد تأتي على القياسِ من غيرِ تخفيفٍ؛ فيقالُ: ثلاثُ مِئاتٍ، أو ثلاثُ مِئينَ، ومنه قَولُ الشَّاعِرِ:
ثلاثُ مِئينَ للمُلوكِ وَفَى بها
ردائي وجَلَّت عن وُجوهِ الأهاتمِ
والمعتَبَرُ في تذكيرِ العَدَدِ أو تأنيثِه: لفظُ المعدودِ لا معناه، فإذا كان لفظُه مُذَكَّرًا ومعناه مُؤَنَّثًا عومِلَ معاملةَ المُذَكَّرِ، ويُضافُ إلى عَدَدِه تاءُ التأنيثِ؛ مِثْلُ: حضَر مؤتَمَرَ النِّسوةِ ثلاثةُ أشخاصٍ، وأمسكَتِ الشَّرْطةُ بثلاثِ أعيُنٍ؛ فإنَّك قصَدْتَ بالأشخاصِ النِّساءَ، لكن لَمَّا كان لفظُ الشَّخصِ مُذَكَّرًا نظَرْنا إلى اللَّفظِ لا إلى المعنى، وكذلك "أعيُن" فإن معناها الجواسيس، وهم رجالٌ، إلَّا أنَّ الاهتمامَ هنا يكونُ بالنَّظَرِ إلى اللَّفظِ لا إلى المعنى.
إلَّا إذا اتصل بالكلامِ ما يؤكِّدُ جانبَ المعنى، فهنا يُعتَبَرُ المعنى لا اللَّفظ، كقَولِ الشَّاعِرِ:
وإنَّ كِلابًا هذه عَشرُ أبطُنٍ
وأنت بريءٌ من قبائِلِها العَشْرِ
فلفظُ (البطن) هنا مُذَكَّر، لكنَّ معناه مُؤَنَّث، وهو الفَرعُ من القبيلة، وأيَّد سياقُ الكلامِ ذلك، فوجب اعتبارُ المعنى لا اللَّفظِ، ولهذا خلت "عَشْر" عن التاء.
وقد يُغَلَّبُ استعمالُ الكَلِمة على المعنى لا اللَّفظِ، فيكونُ ذلك قرينةً على ترجيحِ المعنى على اللَّفظِ، كقَولِ الشَّاعِرِ:
ثلاثةُ أنفُسٍ وثلاثُ ذَودٍ
لقد جار الزَّمانُ على عيالي
فإن (النَّفسُ) مُؤَنَّثة، لكِنْ لَمَّا غلب استعمالُها على الإنسانِ، كان المعنى أرجَحَ من اللَّفظِ، ولهذا أتى بالتاء في "ثلاثة" مُشعرًا بأن "أنفُسَ" لفظٌ مُذَكَّر.
أمَّا إن كان المضاف صفةً فالعبرةُ بلفظِ الموصوفِ المنْوِيِّ، فتَقولُ: رأيتُ ثلاثةَ رَبْعَاتٍ؛ فإنَّ رَبْعة وإن كان مُؤَنَّثًا في اللَّفظِ إلَّا أنَّ الموصوفَ هنا "رجال" وهو مُذَكَّرٌ، ومِثْلُه قَولُه تعالى: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا [الأنعام: 160] ؛ فلَفظُ "مِثل" مُذَكَّر، إلَّا أنَّ التقديرَ: فله عَشرُ حَسَناتٍ أمثالِها.
أمَّا الممَيَّزُ المجرورُ بـ(مِن) فالعِبرةُ فيه بلَفْظِه لا معناه ما لم يَفصِلْ بيْنه وبين العَدَدِ فاصِلٌ، تَقولُ: عندي ثلاثٌ مِن الغَنَمِ، وأربعٌ من البَطِ؛ فإنَّ الغَنَمَ والبَطَّ ألفاظٌ مُؤَنَّثةٌ؛ ولهذا رُوعي لفظُها فجُرِّدت الأعدادُ من التاءِ.
فإن فُصِلَ بين العَدَدِ والمعدودِ بصفةٍ وجَب اعتبارُها، تَقولُ: ثلاثةُ ذُكورٍ مِنَ الغنَمِ، أربعُ ذُكورٍ مِنَ البَطِّ.
ثالثًا: العَدَدُ المُرَكَّبُ (11-19)
تختَلِفُ هذه الأعدادُ في التذكيرِ والتأنيثِ؛ فالعَدَدان (11، 12) يوافقان المعدودَ في التذكيرِ والتأنيثِ. تَقولُ: أحدَ عَشَرَ رَجُلًا، وإحدى عشرةَ امرأةً، واثنا عَشَرَ رَجُلًا واثنتا عَشْرةَ امرأةً. ومنه قَولُه تعالى: فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا [البقرة: 60] ، وقَولُه تعالى: وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا [المائدة: 12] ، وقَولُه تعالى: إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا [يوسف: 4] .
أمَّا سائِرُ الأعدادِ فيُخالِفُ الشَّطرُ الأوَّلُ المعدودَ في التذكيرِ والتأنيثِ، ويوافِقُ الشَّطرُ الثَّاني المعدودَ فيهما. تَقولُ: ثلاثةَ عَشَرَ رَجُلًا، وسِتَّ عَشرةَ امرأةً، وأربعةَ عَشَرَ كتابًا، وخمسَ عَشْرةَ قِصَّةً. ومنه قَولُه تعالى: عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ [المدثر: 30] ، أي: تِسعةَ عَشَرَ مَلَكًا.
وهذه الأعدادُ مُرَكَّبةٌ من الجزأَينِ تركيبًا مزجيًّا، فيكونُ الجزآنِ مَبْنيَّينِ على فَتحِ آخِرِهما، إلَّا في اثنَيْ عشَرَ واثنَتَيْ عَشرة، فشقُّه الأوَّلُ مُعرَبٌ يُرفَعُ بالألفِ ويُنصَبُ ويُجَرُّ بالياءِ، والشِّقُّ الثاني مَبْنيٌّ على الفَتحِ كسائِرِ الحروفِ. تَقولُ: أخذَ سَبْعةَ عَشَرَ جُنيهًا:
أخذ: فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على الفَتحِ، والفاعِلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ تقديره هو.
سَبعَةَ عَشَرَ: عَدَدٌ مُرَكَّبٌ تركيبًا مَزجيًّا مَبْنيٌّ على فتحِ الجُزأَينِ، في مَحَلِّ نَصبٍ مَفعولٌ به.
جنيهًا: تمييزٌ منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
وتَقولُ: أخذ اثنَيْ عَشَرَ جُنيهًا، هذه اثنتا عَشْرةَ قِصَّةً.
أخذ: فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على الفَتحِ، والفاعِلُ ضميرٌ مُستَتِرٌ تقديره هو.
اثني: مَفعولٌ به مَنصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الياء؛ لأنَّه مُلحَقٌ بالمُثَنَّى.
عَشَرَ: جُزءٌ عَدَدِيٌّ مَبْنيٌّ على الفَتحِ لا محلَّ له من الإعرابِ.
جنيهًا: تمييزٌ منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
ومعدودُ تلك الأعدادِ دائمًا مُفرَدٌ منصوبٌ على التمييزِ، كالأمثِلة التي ذكَرْناها، لكن قد يكون التمييزُ جمعًا يَصدُقُ على كُلِّ واحدٍ مِن أفرادِ المعدودِ، كقَولِه تعالى: وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا [الأعراف: 160] ؛ فالمرادُ: وقطَّعْناهم اثنَتَيْ عَشرةَ فِرقةً، كُلُّ فِرقةٍ منهم أسباطٌ.
فائدةٌ في شِينِ العَشَرةِ:
تكونُ شِينُ العَشَرةِ والعَشْرِ مَفتوحةً مع المعدودِ المُذَكَّرِ، وساكنةً مع المعدودِ المُؤَنَّثِ؛ تقولُ: "عَشَرة رجالٍ، وأحَدَ عشَر رجلًا، وعشْر نِساءٍ وإحدى عشْرة امرأةً".
رابعًا: المائةُ والألفُ ومُضاعفاتُهما
تمييزُ (المائةِ) و(الألْفِ) مُفرَدٌ مضافٌ. تَقولُ: لي مائةُ دينارٍ، ومائةُ درهمٍ، وألفُ كتابٍ، وألفُ قِصَّةٍ.
لي: اللامُ حَرفُ جَرٍّ، والياءُ ضَميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ جرٍّ اسمٌ مَجرورٌ، وشِبهُ الجُملةِ في مَحَلِّ رَفعٍ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ.
مائةُ: مُبتَدَأٌ مؤخَّرٌ وجوبًا مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
دينارٍ: مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
وقد تُضافُ المائةُ أو الألْفُ إلى جمعٍ، كقراءةِ حمزةَ والكِسائيِّ قَولَه تعالى: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا [الكهف: 25] : "ثلاثَ مائةِ سِنينَ" بإضافةِ المائةِ إلى سِنينَ ينظر: ((السبعة في القراءات)) لابن مجاهد (ص: 389)، ((معاني القراءات)) للأزهري (2/ 108). .
وشذَّ مجيءُ تمييزِ المائةِ والألْفِ مُفرَدًا منصوبًا، كقَولِ الشَّاعِرِ:
إذا عاش الفتى مائتَينِ عامًا
فقد ذهب اللَّذاذةُ والفَتاءُ
خامسًا: ألفاظُ العُقودِ (20، 30، ...، 90) والمعطوفُ عليها
المعدودُ بعد تلك الألفاظِ يأتي مُفرَدًا منصوبًا دائمًا. تَقولُ: هؤلاء ثلاثون رَجُلًا وخمسون امرأةً، اشترى سبعينَ كتابًا. فألفاظُ العقودِ مِنَ المُلحَقاتِ بجَمعِ المُذَكَّرِ السَّالمِ؛ ولهذا تُرفَعُ بالواوِ وتُنصَبُ وتُجرُّ بالياءِ، والتمييزُ مُفرَدٌ منصوبٌ أبدًا. ومنه قَولُه تعالى: وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً [البقرة: 51] ، وقَولُه تعالى: وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً [الأعراف: 142] ، وقَولُه تعالى: وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا [الأعراف: 155] .
اشترى: فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على الفَتحِ المقدَّرِ للتعَذُّرِ.
سبعين: مَفعولٌ به مَنصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الياء؛ لأنَّه مُلحَقٌ بجَمعِ المُذَكَّرِ السَّالم.
كتابًا: تمييزٌ منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
وكذلك حُكمُ المعطوفِ عليها. تَقولُ: ثلاثةٌ وأربعون كتابًا وخمسٌ وسِتُّون قصَّةً، إلَّا أنَّ المعطوفَ عليها يخالِفُ المعدودَ في تذكيرِه وتأنيثِه.
أسلوبُ ثانِي اثنَينِ وثالِثُ ثلاثةٍ ورابِعُ ثلاثةٍ:
يصاغُ وَزنُ "فاعِل" من اثنين إلى عَشَرةٍ، ويأتي مُفرَدًا. تَقولُ: حلَّ محمَّدٌ ثالثًا في السِّباقِ، ويأتي مضافًا، وبَعْدَه إمَّا العَدَدُ الذي صِيغَ منه أو الذي قَبْلَه، على النَّحوِ الآتي:
ثانِي اثنَينِ، وثالِثُ ثلاثةٍ، ورابعُ أربعةٍ ... وعاشِرُ عَشَرةٍ: فهذا حُكمُه وُجوبُ الإضافةِ، فيكونُ ما بَعْدَه مجرورًا بالإضافةِ، كقَولِه تعالى: إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ [التوبة: 40] ، وتَقولُ: هذا ثالثُ ثلاثةٍ، وهذه رابعةُ أربَعٍ.
هذا: اسمُ إشارةٍ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ رَفعٍ مُبتَدَأٌ.
ثالثُ: خَبَرٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
ثلاثةٍ: مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
أن يضافَ إلى ما قَبْلَه في العَدَد: تَقولُ: هذا رابِعُ ثلاثةٍ، وخامِسُ أربعةٍ، وسادِسُ خَمسةٍ، ورابعةُ ثلاثٍ، وخامِسةُ أربَعٍ ...: فهذا له إعرابانِ:
- الإضافةُ: فيكونُ كالنَّوعِ الأوَّلِ. تَقولُ: رابعُ ثلاثةٍ، وخامسُ أربعةٍ، وسادسُ خمسةٍ، ورابعةُ ثلاثٍ، وخامسةُ أربعٍ.
- أن يَعمَلَ في ما بَعْدَه. تَقولُ: رابعٌ ثلاثةً، وخامسٌ أربعةً، وسادسٌ خمسةً؛ لأنَّه جعل الثلاثةَ أربعةً، والأربعةَ خمسةً، وهكذا، فهو فاعِلٌ في المعنى، ومِثْلُها: رابعةٌ ثلاثًا، خامِسةٌ أربعًا.
وعلى الإعرابينِ تَقولُ: كنتُ رابعَ ثلاثةٍ، كنتُ رابعًا ثلاثةً.
كنتُ: كان فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لاتِّصالِه بتاء الفاعِل، والتاءُ: ضَميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ رَفعٍ اسمُ كان.
رابعُ: خَبَر كان منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
ثلاثةٍ: مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الكَسْرةُ الظَّاهِرةُ.
كنتُ: كان فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لاتِّصالِه بتاء الفاعِل، والتاءُ: ضَميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ رَفعٍ اسمُ كان.
رابعًا: خَبَرُ كان منصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
ثلاثةً: مَفعولٌ به مَنصوبٌ، وعَلامةُ نَصبِه الفَتحةُ الظَّاهِرةُ.
فإذا أردتَ فِعلَ ذلك مع الأعدادِ المركَّبةِ ففيها ثلاثةُ أوجُهٍ:
الوَجهُ الأوَّلُ: الإتيانُ بالعَدَدِ الأوَّلِ وصَدْرِه على وزن فاعِل، وعَجُزُه كما هو يوافِقُه في التذكيرِ والتأنيثِ، والعَدَدُ الثاني كما هو: تَقولُ: هو ثاني عَشَرَ اثْنَيْ عَشَرَ، ثالِثُ عَشَرَ ثلاثةَ عَشَرَ، وهذه ثانيةُ عَشْرةَ اثْنَتَي عَشْرةَ، ثالثةَ عَشْرةَ ثلاثَ عَشْرةَ. وكُلُّ تلك الأجزاءِ مَبْنيَّةٌ للتركيبِ، اللَّهُمَّ إلَّا في اثنَيْ عَشَرَ واثنَتَيْ عَشَرَ كما قُلْنا.
هو: ضَميرٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ رَفعٍ مُبتَدَأٌ.
ثاني عَشَرَ: عَدَد مركَّبٌ مَبْنيٌّ على فتح الجزأَينِ، في مَحَلِّ رَفعٍ خَبَرٌ.
اثني: مُضافٌ إليه مَجرورٌ، وعَلامةُ جَرِّه الياءِ؛ لأنَّه مُلحَقٌ بالمُثَنَّى.
عَشَرَ: جُزءٌ عَدَديٌّ مَبْنيٌّ على الفَتحِ لا محَلَّ له من الإعرابِ.
الوَجهُ الثَّاني: الاكتفاءُ من العَدَد الأوَّلِ بصَدْرِه فحَسْبُ، وهنا يكونُ مُعرَبًا لا مَبْنيًّا. تَقولُ: هو خامِسُ خمسةَ عَشَرَ، وهي سادسةُ سِتَّ عَشْرةَ.
هي: ضَميرٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ رَفعٍ مُبتَدَأٌ.
سادِسةُ: خَبَرٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
سِتَّ عَشْرةَ: عَدَدٌ مُرَكَّبٌ مَبْنيٌّ على فتح الجزأَينِ في مَحَلِّ جَرٍّ مُضافٌ إليه.
الوَجهُ الثَّالثُ: الاكتفاءُ بالعَدَدِ الأوَّلِ فحَسْبُ مَبْنيًّا. تَقولُ: عليٌّ ثالثَ عشرَ.
عليٌّ: مُبتَدَأٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
ثالثَ عشرَ: عَدَد مركَّبٌ مَبْنيٌّ على فتح الجزأين في مَحَلِّ رَفعٍ خَبَرُ المُبتَدَأِ.
حادي وحادِيَة:
يصاغُ من العَدَد واحِدٍ وَزنُ فاعِلٍ منه على "حادي" بقَلبٍ مكانيٍّ على وزن "عالِف"، ولا يأتي هذا إلَّا مع العَدَدِ المركَّبِ على وزن فاعِل؛ تقول: حادِي عَشَرَ أَحَدَ عَشَرَ، وحاديةَ عَشْرةَ إحدى عَشْرةَ، ويُستعمَلُ كذلك مع ألفاظِ العُقودِ. تَقولُ: الحادي والثَّلاثون، والحاديةُ والسَّبعون ... ينظر: ((شرح ألفية ابن مالك)) لابن عقيل (4/ 67)، ((شرح الألفية في علمي الصرف والنحو)) للمكودي (ص: 302). .

انظر أيضا: