الموسوعة الحديثية

 

مَنهجيَّةُ العمَل في المَوسوعةِ

 

أولًا: استخراجُ أحكام المُحدِّثينَ
 

يمرُّ العَملُ في استِخراجِ أحكامِ المُحدِّثينَ بعِدَّةِ مراحلَ:

المرحلةُ الأُولى: تَحديدُ الكتُب التي فيها أحكامٌ للمُحدِّثينَ على الأحاديثِ، ثم استخراجُ أحكامِهم منها وَفْقَ معاييرَ وضوابطَ مُحدَّدةٍ؛ منها:

- كِتابةُ مُتونِ الأحاديثِ وما يتعلَّقُ بها من مُناسَبةٍ أو قِصَّةٍ.

- كِتابةُ الأثَرِ الموقوفِ عن الصَّحابيِّ مع ذِكرِ اسمِ الصحابيِّ قبْلَه .

- الالتزامُ بذِكرِ راوي الحديثِ المرفوعِ والموقوفِ، إنْ وُجِدَ في كلامِ المحدِّث، وإلَّا تُرِكَ فارغًا.

- الاكتفاءُ بذِكرِ خُلاصةِ حُكمِ المحدِّثِ دون تَفاصيلِ كلامِه، فإنْ ضعَّفَ الحديثَ، وقال مثلًا: فيه فلان، أو عِلَّتُه كذا وكذا؛ فيُكتفَى بذِكر (ضعيف)، دون ذِكرِ سَندِه أو مَن أخْرَجَه.

- إنْ نقَل المحدِّثُ تضعيفَ راوٍ في سَندِ الحديثِ نكتُب: [فيه] فلانٌ، ضعيفٌ، وإنْ قال: فيه فلان إشارةً إلى ضعْفه دون تصريحٍ بضَعْفِه اعتمادًا على شُهرةِ ضعْف الراوي؛ يُكتَب: [فيه] فلانٌ فقط، أمَّا إنْ نقَل تضعيفَ الراوي عن المحدِّثين، فيُنقَلُ كلامُهم فيه، كما ذَكَره ما لم تكُنْ أقوالُهم متضاربةً ولم يُرجِّحِ المحدِّثُ شيئًا منها؛ فعِندها لا يُكتَبُ الحديثُ.

- كلُّ حديثٍ أخْرجَه البخاريُّ ومسلمٌ أو أحدُهما لا يُكتَبُ إلَّا إذا كان ممَّا تَكلَّم فيه النُّقَّادُ وأعلُّوه، وهذا قليلٌ؛ وذلك لأنَّ جميعَ أحاديثِهما مُضمَّنةٌ في الموسوعةِ.

- إذا قال المحدِّثُ: صحَّ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أو قال: وفي الحديثِ الصحيح؛ يُكتَب: [صحيح].

- إذا قال المحدِّثُ: ثبَت عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ يُكتَب: [ثابت].

- إذا قال المحدِّثُ عن حديثٍ: اختُلِفَ في رفْعِه أو وقْفِه، أو إرسالِه واتِّصالِه، ورجَّحَ أحدَهما؛ يُكتَبُ ما رجَّحَه، حتى وإنْ لم يَحكُمْ عليه بصِحَّةٍ أو ضَعْفٍ، أمَّا مجرَّدُ قولِه عن الحديثِ: مرفوعٌ، أو موقوفٌ. فلا يُكتَب، ولا يَخفَى الفرقُ بينهما.

- إذا قال المحدِّثُ: رُوي من طُرُقٍ أو مِن طريقَينِ؛ يُكتَبُ ذلك. وإذا قال: يَشهَدُ له حديثُ كذا؛ فيُكتَب: [له شاهد]، أو قال: تابَعَه فلان؛ يُكتب: [له مُتابَعة]؛ لأهميَّته في تَقويةِ الحديثِ ونفْي الغَرابةِ عنه.

- كلُّ حُكمٍ على حديثٍ يَنقُلُه المحدِّثُ ويُقرُّه، يُنسَبُ إليه، بخِلافِ مجرَّدِ النَّقلِ؛ فلا يُنسَبُ إليه بل يُنسَبُ إلى مَن نقَلَه عنه إذا لم نَجِدْه له استِقلالًا.

- الأصلُ نقْلُ كَلامِ المحدِّثِ كما هو دون تَغييرٍ، لكنْ قد نُضطَرُّ إلى اختصارِه أو التصرُّفِ فيه إنْ كان طويلًا، وفي هذه الحالِ نَجعلُ تصرُّفَنا بين مَعقوفينِ [ ].
 

المرحلةُ الثانيةُ: مُراجَعةُ الأحاديثِ المحكومِ عليها وتدقيقُها تدقيقًا لُغويًّا.
 

المَرحلةُ الثالثةُ: تَصنيفُ الأحاديثِ خمسةَ أقسامٍ، كالآتي:

القِسمُ الأوَّل: الأحاديثُ الصَّحيحةُ وما في حُكمِها.

القِسمُ الثاني: الأحاديثُ التي أسانيدُها صحيحةٌ وما في حُكمِها.

القِسمُ الثالث: الأحاديثُ الضَّعيفةُ وما في حُكمِها.

القِسمُ الرابع: الأحاديثُ التي أسانيدُها ضعيفةٌ وما في حُكمِها.

القسم الخامس: وفيه الأحاديثُ التي لا تَندرِجُ تحت ما سبَق، ولا تَظهرُ نتائجُ البحثِ عنها إلَّا إذا تمَّ اختيارُ (الجَميع).
 

المرحلةُ الرَّابعةُ: ذِكرُ الطَّبعاتِ المُعتمَدةِ لكلِّ كِتابٍ تَمَّ استخراجُ أحكامِ الأحاديثِ منه.
 

المرحلةُ الخامسةُ:  ترجمةٌ مُختصَرةٌ للمُحدِّثينَ المُعتمَدينَ في الموسوعةِ.

هذا، ولا يزالُ العَملُ علَى جمْعِ أحكام المحدِّثينَ مُستمرًّا، ويُضافُ ما تَمَّ جمْعُه واستخراجُه من أحكامِ المُحدِّثينَ تِباعًا.
 

ثانيًا: شرْحُ الأحاديثِ

استِكمالًا لِمَا بدَأتْه مؤسَّسةُ الدُّرَرِ السَّنيَّةِ مِن تَيسيرِ الوُصولِ إلى أحاديثِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، عن طريقِ الموسُوعةِ الحديثيَّةِ؛ يأتي هذا العَملُ الجليلُ (شُروح أحاديث المَوسوعةِ الحَديثيَّة)؛ إذ إنَّ فَهْمَ كَلامِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن تَمامِ حِفظِ السُّنَّةِ، ومِن تَيسيرِ العَملِ بها؛ لِمَا يُفيده الشرحُ من تَوضيحٍ لمعاني الحديثِ، وتَحديدِ موضوعِه والوقوفِ على ما فيه من فوائدَ. ونبيُّنا محمدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قد أُوتِيَ جَوامعَ الكَلِمِ، ورُزِقَ مِن القَولِ أصدَقَه، ومِن الفِعلِ أحسَنَه، ومِن المعنى أصَحَّه وأمْكَنَه. وقد اعتَنَى العُلماءُ على مَرِّ العُصورِ بشَرحِ أحاديثِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وآثارِ الصَّحابةِ رَضيَ اللهُ عنهم، وبَيانِ مَعانيها ومَقاصدِها، وتَوضيحِ ما تَشتمِلُ عليه مِن فَوائدَ ودُرَرٍ، واختلَفَتْ في ذلك مَناهِجُهم وطَرائقُهم؛ كما اختلَفَتْ نَوعيَّةُ الأحاديثِ التي شرَحوها؛ فمِنهم مَن شرَحَ أحاديثَ الأحكامِ، ومنهم مَن اقتصَرَ شَرحُه على كِتابٍ مِن الكُتبِ المُصنَّفة... وهكذا.
 

وقد أتمَّتْ مؤسَّسةُ الدُّرَر السَّنية -بفَضلِ اللهِ تعالى- شَرْحَ أحاديثِ الصَّحيحينِ (البُخاري ومُسلِم)، وصحيح السُّنن الأربعة (أبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه)، إضافة إلى جُملةٍ كَبيرةٍ مِن الأحاديثِ الصَّحيحةِ مِن غيرِ الكُتبِ السِّتَّةِ.

وقام بهذا العَملِ ثُلَّةٌ وكوكبةٌ مِن الباحثَينَ المُميزين في العَمَلِ الشَّرعيِّ واللُّغويِّ، تراجعه لجنةٌ عِلميَّةٌ متخصِّصةٌ، وبإشرافٍ مباشرٍ من المشرف العام.
 

واعتُمِدَ في الشُّروحِ وتَحريرِها على كتُب شُروحِ الأحاديثِ للمُتقدِّمينَ والمتأخِّرينَ، وكتُبِ غريبِ الحديثِ، والمعاجمِ، وغيرِها عِندَ الحاجةِ إلى ذلك. وأمَّا الأحاديثُ التي لم نقِفْ لها على شرْحٍ كاملٍ عندَ العُلماءِ في مَظانِّها -وهي قليلةٌ بفضلِ اللهِ- فقدِ اجتَهَدْنا فيها وبذَلْنَا وُسعَنا لتَجميعِ شرْحِها من مُختلَفِ أنواعِ الكتُبِ؛ لضبْطِ مادَّةِ الشرحِ على النحوِ المطلوبِ دون خَللٍ.
 

لم نَسِرْ في الشُّروحِ على طريقةِ نقْلِ أقوالِ أهلِ العِلمِ كما هيِ، وإنَّما استَفَدْنا من شُروحِهم، مع جمْعِها والتأليفِ بينها، وصِياغتِها صِياغةً مُختصَرةً واضحةً ومُيسَّرةً، تُناسِبُ القارِئَ المعاصِرَ؛ فجاءتْ تلك الشُّروحُ مُناسِبةً لجَميعِ الفِئاتِ الراغبةِ في الاستِفادةِ منها، على اختِلافِ تَخصُّصاتِهم ومُستوياتِهم العِلميِّة.
 

وقد سارَ العَملُ في شُروحِ الأحاديثِ على النحو الآتي:

1- البَدءُ بدِيباجةٍ مُناسَبةٍ لموضوعِ الحديثِ كمَدخلٍ ممهِّدٍ ومُوضِّحٍ ومُفيدٍ، وذلك في شرْح أغلبِ الأحاديثِ.

2- الشَّرحُ الإجماليُّ لنصِّ الحديثِ شَرحًا مُختصَرًا مُوضِّحًا لألفاظِ الحديثِ وجُمَلِه، مع الرَّبْط بين الجُملِ.

3- صِياغةُ الشَّرحِ صِياغةً مُختصَرةً واضحةً ومُيسَّرةً، بحيثُ يَستفيدُ مِن الشَّرحِ طالبُ العِلمِ المتخصِّصُ، والدَّاعيةُ، والمُثقَّفُ، والعامِّيُّ.

4- الاهتِمامُ بشَرْحِ غريبِ الكَلماتِ في ثنايا الشَّرحِ.

5- العِناية بالمسائِلِ العَقديَّةِ، وتَحريرِها على مَنهجِ أهلِ السُّنَّةِ والجَماعةِ.

6- التأكيدُ على الأوامرِ أو النواهي الواردة في الحديثِ.

7- ذِكرُ سَببِ وُرُوودِ الحديثِ باختصارٍ -إنْ وُجِدَ.

8- ذِكرُ أهمِّ الفوائَدِ المُستنبَطةِ من الحديثِ.

9- عدَمُ التطرُّقِ للمَسائِلَ الفِقهيَّةِ والخِلافيَّةِ إلَّا في حالاتٍ نادرةٍ، لا يَستقيمُ فَهْمُ الحديثِ إلَّا بذِكرِها، مع الحِرصِ على ذِكْرِ أَرجحِ الآراءِ.

10 تحريرُ مواضِع الخِلافِ بين الرِّواياتِ التي ظاهرُها التعارُضُ، وذِكرُ أَوْجهِ الجَمعِ بينها بصورةٍ مُيسَّرةٍ ومختصَرةٍ بما يتناسَبُ مع كلِّ روايةٍ دون الخوضِ في تَفصيلاتِ الخِلافِ.

11- لم نَذكُر الإعرابَ ولا المسائِلَ اللُّغويَّةِ ونَحوَها، إلَّا نادرًا جِدًّا.

12- تَدقيقُ الشَّرحِ تَدقيقًا لُغويًّا ونَحْويًّا وإملائيًّا، وضبْط ما يُحتاجُ إليه بالشَّكلِ.
 

ثالثًا: تخريجُ الأحاديث

- إذا كان الحديثُ في صَحيحيِ البُخاريِّ ومُسلِمٍ - أو أحدِهما - يُكتفَى بتَخريجِه منهما فقط.

- الاكتفاءُ بكتُبِ السُّنَنِ الأربعةِ، ومُسنَدِ أحمدَ، إذا وُجِدَ الحديثُ فيها.

- إذا لم يُوجَدِ الحديثُ في الكتُب السِّتَّةِ ومُسندِ أحمدَ، يُكتفَى بتخريجِه من أشهرِ الكتُبِ الحَديثيةِ وأَوْلاها في التخريجِ، على ألَّا تَزيدَ عن ثلاثةِ كتُبٍ منها.

- يُوضَّحُ عِندَ تخريجِ الحديثِ ويُبيَّنَ إنْ كان بلفْظِه، أو بنحوِه، أو بمعناه، أو كان فيه اختلافٌ يسيرٌ، وإنْ كان رواه مُطوَّلًا أو مختصَرًا؛ فإذا كان هناك اختلافٌ في اللَّفظ؛ فيُكتَب: (أخرجَه فلان بنحوِه)، وإن كان الحديثُ موجودًا بالمعنَى؛ فيُكتَب: (أخرجَه فلانٌ بمعناه).

- الالتزامُ في التخريجِ براوي الحَديثِ، سواءٌ ذُكِرَ راوٍ واحدٍ، أو أكثرُ.

- إذا لم يُذكَرْ راوي الحديثِ يُخرَّج الحديثَ مِن مُسنَدِ صحابيٍّ واحدٍ مع مراعاةِ أنْ يكونَ حسَبَ الترتيبِ في البحثِ والأَوْلويةِ في الذِّكرِ، بمعنى: أنْ يُنظَرَ في الصَّحيحينِ، ثم السُّنن، وهكذا؛ فيُكتَبُ: أخرجه فلانٌ وفلان وفلان، مِن حديثِ فلانٍ.

- الأصلُ أنْ يُكتَب رقْمُ الحديثِ إذا كان الكتابُ مُرقَّمًا ترقيمًا تَسلسُليًّا، فإنْ لم يوجدْ له ترقيمٌ، فيُكتَبُ بالجزءِ والصَّفحة فقط، باستثناء المعجم الكبير للطبرانيِّ؛ فيُكتَبُ بالرقم والجزء والصَّفحةِ معًا.

 

هذا، ونَسألُ اللهَ التَّوفيقَ والسَّدادَ، وأنْ يَنفَعَ المُسلمينَ في بِقاعِ الأرضِ بهذه الموسُوعة، وأنْ يَجعَلَ هذا العَملَ في مَوازينِ حسَناتِ كُلِّ مَن شارَك فيه.