موسوعة التفسير

سورةُ الرَّعدِ
الآيات (8-11)

ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ

غريب الكلمات:

تَغِيضُ: أي: تَنقُصُ، يُقالُ: غاض الماءُ، فهو يَغيضُ؛ إذا نقَص، وأصلُ (غيض): يدُلُّ على نُقصانٍ في شَيءٍ [127] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 225)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 144)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/405)، ((البسيط)) للواحدي (12/301)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 317). .
وَسَارِبٌ: أي: بارِزٌ ظاهِرٌ في سَرْبِه، أي: طريقِه، وأصلُ (سرب): يدُلُّ على الاتِّساعِ والذَّهابِ في الأرضِ [128] يُنظر: ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 67)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (3/155)، ((البسيط)) للواحدي (12/304)، ((المفردات)) للراغب (ص: 405)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 519). .
مُعَقِّبَاتٌ: أي: مَلائِكةٌ يَخْلُفُ بعضُها بعضًا في اللَّيلِ والنَّهارِ، وأصلُ (عقب): يدُلُّ على تأخيرِ شَيءٍ، وإتيانِه بعدَ غَيرِه [129] يُنظر: ((غريب القرآن)) لابن قتيبة (ص: 225)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 441)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (4/77- 87)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 179)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 876). .
وَالٍ: أي ملجأٍ وناصرٍ، وأصْلُ (ولي): يدلُّ على القُرْبِ، سواء مِن حيثُ: المكانُ، أو النِّسبةُ، أو الدِّينُ، أو الصَّداقةُ، أو النُّصرةُ، أو الاعتقادُ، وكلُّ مَن وَلِي أمرَ آخَرَ فهو وَلِيُّه [130] يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (6/141)، ((المفردات)) للراغب (ص: 885)، ((تفسير القرطبي)) (9/295)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 89). .

المعنى الإجمالي:

يُخبِرُ اللهُ تعالى عن تمامِ عِلمِه الذي لا يخفى عليه شيءٌ؛ فهو سُبحانَه يعلَمُ ما تحمِلُ كلُّ أنثى في بَطنِها، أذكَرٌ هو أم أُنثى؟ وشقيٌّ هو أم سعيدٌ؟ إلى غيرِ ذلك من الأحوالِ، وهو تعالى عالمٌ بما تَنقُصُه الأرحامُ وما تزيدُه في بدنِ الجنينِ، ومدةِ الحملِ، وغيرِ ذلك، وكلُّ شَيءٍ مُقدَّرٌ عند اللهِ بمقدارٍ لا يتَجاوزُه، وهو- سبحانَه- عالِمٌ بما خَفيَ عن الأبصارِ، وبما هو مُشاهَدٌ، الكبيرُ في ذاتِه وأسمائِه وصِفاتِه، المُتَعالِ على جميعِ خَلقِه بذاتِه وقَدْرِه وقَهرِه. ويَستوي في عِلمِه تعالى مَن أخفَى القَولَ ومَن جهَرَ به، ويستوي عنده مَن استتَرَ بأعمالِه في ظُلمةِ اللَّيلِ، ومن جهرَ بها في وضَحِ النَّهارِ. وللعبدِ ملائِكةٌ يتعاقبونَ عليه  مِن بينِ يديه ومِن خَلْفِه، يحفظونَه بأمرِ اللهِ. إنَّ اللهَ- سبحانه وتعالى- لا يغيِّرُ نِعمةً أنعَمَها على قومٍ إلَّا إذا غيَّروا ما أمَرَهم به فعَصَوه، وإذا أراد اللهُ بقَومٍ بلاءً فلا مفَرَّ منه، وليس لهم مِن دونِ اللهِ مِن والٍ يتولَّى أمورَهم، فيجلِبُ لهم المحبوبَ، ويدفَعُ عنهم المكروهَ.

تفسير الآيات:

اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ (8).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبلَها:
لمَّا تقَدَّم إنكارُهم البَعثَ؛ لتفَرُّقِ الأجزاءِ، واختِلاطِ بَعضِها ببعضٍ، بحيثُ لا يتهيَّأُ الامتيازُ بينها؛ نَبَّه على إحاطةِ عِلمِه، وأنَّ مَن كان عالِمًا بجَميعِ المعلوماتِ هو قادِرٌ على إعادةِ ما أنشأَ [131] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (6/356)، ويُنظر أيضًا: ((تفسير الرازي)) (19/14). .
وأيضًا لمَّا قامت البَراهينُ العديدةُ بالآياتِ السَّابِقةِ على وحدانيَّةِ اللهِ تعالى بالخَلقِ والتَّدبيرِ، وعلى عظيمِ قُدرتِه التي أودَعَ بها في المَخلوقاتِ دَقائِقَ الخِلقةِ؛ انتقَلَ الكلامُ إلى إثباتِ العِلمِ له تعالى عِلمًا عامًّا بدقائِقِ الأشياءِ وعظائِمِها، وجُعِلَت هذه الجُملةُ في هذا المَوقِعِ؛ لأنَّ لها مُناسَبةً بقَولِهم: لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ، فإنَّ ما ذُكِرَ فيها مِن عِلمِ اللهِ وعَظيمِ صُنعِه صالِحٌ لِأنْ يكونَ دَليلًا على أنَّه لا يُعجِزُه الإتيانُ بما اقتَرَحوا مِنَ الآياتِ، ولكِنَّ بَعثةَ الرَّسولِ ليس المَقصِدُ منها المُنازَعاتِ، بل هي دَعوةٌ للنَّظَرِ في الأدلَّةِ [132] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/96). .
اللّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى.
أي: اللهُ يعلَمُ ما تحمِلُه كلُّ أنثى مِن بني آدمَ وغيرِهم، يعلمُ ما تحملُه على أيِّ حالٍ هو؛ مِن ذُكورةٍ وأنُوثةٍ، وحُسْنٍ وقُبحٍ، وطُولٍ وقِصَرٍ، وسَعادةٍ وشَقاوةٍ، إلى غيرِ ذلك من الأحوالِ [133] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (9/285)، ((تفسير ابن كثير)) (4/435)، ((تفسير السعدي)) (ص: 414)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (2/223). .
كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ * هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ [آل عمران: 5- 6] .
وقال سُبحانه: وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ [فاطر: 11] .
وقال عزَّ وجَلَّ: هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ [النجم: 32] .
وعن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: حدَّثَنا رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو الصَّادِقُ المصدوقُ: ((إنَّ أحَدَكم يُجمَعُ في بَطنِ أمِّه أربعينَ يومًا، ثمَّ يكونُ علَقةً مثلَ ذلك، ثمَّ يكونُ مُضغةً مثلَ ذلك، ثمَّ يَبعَثُ اللهُ إليه مَلَكًا بأربعِ كَلِماتٍ، فيكتُبُ عَمَلَه، وأجَلَه، ورِزْقَه، وشَقيٌّ أو سعيدٌ، ثم يُنفَخُ فيه الرُّوحُ )) [134] رواه البخاري (3332)، ومسلم (2643). .
وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ.
أي: وهو تعالى عالمٌ بما تَنقُصُه الأرحامُ وما تزيدُه؛ سواءٌ في بدنِ الجنينِ، أو مدةِ الحملِ، وغيرِ ذلك مما يعرِضُ أثناءَ الحملِ مِن الزيادةِ والنقصانِ [135] يُنظر: ((تحفة المودود بأحكام المولود)) لابن القيم (ص: 268)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (2/226). وممن ذهَب من المفسِّرين إلى عمومِ الزيادةِ والنقصانِ في الحملِ: ابنُ القيمِ، والشنقيطي. قال ابنُ القيِّم: (التَّحقيقُ في معنى الآيةِ أنَّه يَعلَمُ مُدَّةَ الحَملِ، وما يَعرِضُ فيها مِنَ الزِّيادةِ والنُّقصانِ، فهو العالمُ بذلك دونَكم... فهو سُبحانَه المُنفَرِدُ بعِلمِ ما في الرَّحِمِ، وعِلمِ وَقتِ إقامتِه فيه، وما يزيدُ مِن بَدَنِه وما يَنقُصُ، وما عدا هذا القَولَ فهو من توابِعِه ولوازِمِه، كالسِّقطِ والتَّامِّ، ورؤيةِ الدَّمِ وانقطاعِه، والمقصودُ ذِكرُ مُدَّةِ إقامةِ الحَملِ في البَطنِ وما يتَّصِلُ بها مِن زيادةٍ ونُقصانٍ). ((تحفة المودود بأحكام المولود)) (ص: 268). وقال الشِّنقيطيُّ بعد أن ذكَر الأقوالَ في الآيةِ: (مَرجِعُ هذه الأقوالِ كُلِّها إلى شَيءٍ واحدٍ، وهو أنَّه تعالى عالمٌ بما تَنقُصُه الأرحامُ وما تزيدُه؛ لأنَّ معنى تَغيضُ: تَنقُصُ، وتزدادُ، أي: تأخُذُه زائِدًا، فيَشمَلُ النَّقصُ المذكورُ: نَقصَ العَدَدِ، ونَقصَ العُضوِ من الجنينِ، ونَقصَ جِسمِه إذا حاضت عليه فتَقلَّص، ونَقصَ مُدَّةِ الحَملِ بأن تُسقِطَه قبلَ أمَدِ حَملِه المعتادِ، كما أنَّ الازديادَ يَشمَلُ: زيادةَ العُضو، وزيادةَ العَدَدِ، وزيادةَ جِسمِ الجنينِ إن لم تَحِضْ وهي حامِلٌ، وزيادةَ أمَدِ الحَملِ عن القَدرِ المُعتادِ، واللهُ جَلَّ وعلا يعلَمُ ذلك كُلَّه، والآيةُ تَشمَلُه كُلَّه). ((أضواء البيان)) (2/226). وقيل المعنى: ويعلَمُ ما تنقُصُ الأرحامُ مِن حَملِها في الأشهرِ التِّسعةِ بظُهورِ دَمِ الحَيضِ، وما تزدادُ في حَملِها على الأشهُرِ التِّسعةِ. وممن اختار ذلك: ابنُ جرير، ونسَبه ابنُ عطيةَ إلى جمهورِ المفسِّرين. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/444)، ((تفسير ابن عطية)) (3/298). وممن قال به من السلفِ: ابنُ عباسٍ، ومجاهدٌ، وسعيدُ بنُ جُبير، وعكرمةُ، وابنُ زيدٍ. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (444-451). وقال الواحدي: (قال أكثرُ المفسِّرين: يعلمُ الوقتَ الذي تنقصُه الأرحامُ مِن المدةِ التي هي تسعةُ أشهرٍ، وما تزدادُ على ذلك. قال الضحاكُ: الغيضُ: النقصانُ مِن الأجلِ، والزيادةُ: ما يزدادُ على الأجلِ، وذلك أنَّ النساءَ لا يلدْنَ لأجلٍ واحدٍ). ((الوسيط)) (3/7). .
عن ابنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مفاتِحُ الغَيبِ خَمسٌ لا يعلَمُها إلَّا اللهُ: لا يعلَمُ ما في غدٍ إلَّا اللهُ، ولا يعلَمُ ما تغيضُ الأرحامُ إلَّا اللهُ، ولا يعلَمُ متى يأتي المطَرُ أحدٌ إلَّا اللهُ، ولا تدري نفسٌ بأيِّ أرضٍ تموتُ، ولا يعلَمُ متى تقومُ السَّاعةُ إلَّا اللهُ )) [136] رواه البخاري (4697). .
وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ.
أي: وكلُّ شَيءٍ عندَ الله بقَدْرٍ وحَدٍّ، لا يتجاوَزُه ولا يَقصُرُ عنه، كما لا يزدادُ حَملُ أنثى على ما قُدِّرَ له، ولا ينقُصُ عما حُدَّ له [137] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/444)، ((تفسير ابن عطية)) (3/298)، ((تفسير الرازي)) (19/15)، ((تفسير القرطبي)) (9/289)، ((تفسير أبي حيان)) (6/357-358)، ((تفسير الشوكاني)) (3/82-83)، ((تفسير القاسمي)) (6/263). قال القُرطبي: (قَولُه تعالى: وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ يعني: مِنَ النُّقصانِ والزيادةِ. ويقالُ: «بمقدارٍ» قَدْرَ خروجِ الوَلَدِ مِن بطنِ أمِّه، وقَدْرَ مُكثِه في بَطنِها إلى خُروجِه. وقال قتادةُ: في الرِّزقِ والأجَلِ. والمِقدارُ: القَدْرُ، وعمومُ الآيةِ يتناوَلُ كُلَّ ذلك، واللهُ سُبحانَه أعلَمُ). ((تفسير القرطبي)) (9/289). وقال ابن عطية: (قوله: وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ لفظٌ عامٌّ في كُلِّ ما يدخُلُه التَّقديرُ). ((تفسير ابن عطية)) (3/298). .
عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ.
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبلَها:
لَمَّا ذكَرَ أنَّه عالِمٌ بأشياءَ خَفيَّةٍ لا يعلَمُها إلَّا هو، وكانت أشياءَ جُزئيَّةً مِن خفايا عِلمِه؛ ذكَرَ أنَّ عِلمَه مُحيطٌ بجميعِ الأشياءِ [138] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (6/358). .
عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ.
أي: اللهُ عالِمٌ بكُلِّ ما غاب عنكم، وكُلِّ ما تُشاهِدونَه بأبصارِكم، لا يخفَى عليه شيءٌ مِن ذلك كُلِّه [139] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/452)، ((تفسير القرطبي)) (9/289)، ((تفسير ابن كثير)) (4/437)، ((تفسير ابن عاشور)) (13/98). .
الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ.
أي: هو الكبيرُ في ذاتِه وأسمائِه وصِفاتِه، وهو أكبَرُ مِن أيِّ شيءٍ، وكُلُّ شَيءٍ دُونَه، وهو المُستَعلي على جميعِ خَلْقِه، بذاتِه وقَدْرِه وقَهرِه [140] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/452)، ((تفسير القرطبي)) (9/289)، ((تفسير ابن كثير)) (4/437)، ((تفسير السعدي)) (ص: 414). .
سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبلَها:
أنَّ هذا تأكيدُ بَيانِ كَونِه عالِمًا بكُلِّ المَعلوماتِ [141] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (19/16). .
وأيضًا لَمَّا ذكَرَ الله تعالى أنَّه عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ على العُمومِ؛ ذكَرَ تعالى تعلُّقَ عِلمِه بشَيءٍ خاصٍّ مِن أحوالِ المُكَلَّفينَ [142] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (6/358). .
وأيضًا لَمَّا كانت العادةُ قاضيةً بتفاوُتِ العِلمِ بالنِّسبةِ إلى السِّرِّ والجَهرِ، والقُدرةِ بالنِّسبةِ إلى المتحَفِّظِ بالحَرَسِ وغَيرِه؛ أتبَعَ ذلك سبحانَه بما نفى هذا الاحتمالَ عنه، على وَجهِ الشَّرحِ والبَيانِ؛ لاستواءِ الغَيبِ والشَّهادةِ بالنِّسبةِ إلى عِلمِه [143] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (10/290). ، فقال:
سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ.
أي: يستوي في عِلمِ اللهِ- تعالى- وسَمعِه مَن أسرَّ مِنكم بقَولٍ، ومن جهَرَ به؛ مِن خيرٍ أو شَرٍّ، فالسِّرُّ والجهرُ عنده سواءٌ [144] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/453)، ((تفسير القرطبي)) (9/289، 290)، ((تفسير ابن كثير)) (4/437)، ((تفسير السعدي)) (ص: 414)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (2/236). .
كما قال تعالى: وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك: 13- 14] .
وقال سُبحانه: وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى [طه: 7] .
وقال عزَّ وجلَّ: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ [ق: 16] .
وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((الحمدُ للهِ الذي وَسِعَ سَمعُه الأصواتَ؛ لقد جاءت المجادِلةُ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنا في ناحيةِ البَيتِ، تَشكو زَوجَها، وما أسمَعُ ما تقولُ، فأنزلَ اللهُ: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا [المجادلة: 1] )) [145] أورده البخاريُّ معلقًا بصيغةِ الجزمِ قبلَ حديثِ (7386)، وأخرجه موصولًا النسائي (3460)، وابن ماجه (188) واللفظ له، وأحمد (24195). صحَّحه ابنُ عساكر في ((معجم الشيوخ)) (1/163)، وقال ابنُ تيمية في ((تلبيس الجهمية)) (1/280): (إسنادُه ثابتٌ)، وصحَّحه ابنُ الملقن في ((البدر المنير)) (8/145)، وابنُ حجر في ((تغليق التعليق)) (5/339)، والألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (3640). .
وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ.
أي: ويستوي في عِلمِ اللهِ وبَصَرِه مَن هو مُختَفٍ في ظُلمةِ اللَّيلِ، ومَن هو ظاهِرٌ يمشي في ضَوءِ النَّهارِ؛ فكِلا الحالَينِ عنده سَواءٌ [146] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/453)، ((تفسير القرطبي)) (9/290)، ((تفسير ابن كثير)) (4/437)، ((تفسير السعدي)) (ص: 414)، ((تفسير ابن عاشور)) (13/99)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (2/236). .
كما قال تعالى: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [يونس: 61] .
وقال سُبحانَه: أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [هود: 5] .
لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ (11).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبلَها:
أنَّه لَمَّا تقَدَّمَ أنَّ مَن أسَرَّ القَولَ ومَن جهرَ به، ومَن استخفَى باللَّيلِ وسَرَب بالنَّهارِ؛ مُستَوٍ في عِلمِ اللهِ تعالى، لا يخفَى عليه مِن أحوالِهم شَيءٌ- ذكَرَ أيضًا أنَّ لذلك المذكورِ مُعَقِّباتٍ: جماعاتٍ مِن الملائكةِ تَعقُبُ في حِفظِه وكِلاءتِه [147] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (6/360). .
لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ.
أي: للعَبدِ [148] ممَّن ذهب إلى أنَّ الهاءَ في لَهُ مُرادٌ بها (الإنسان): الزجَّاج، وابن كثير، والسعدي. يُنظر: ((معاني القرآن)) (3/142)، ((تفسير ابن كثير)) (4/437)، ((تفسير السعدي)) (ص: 414). وقال ابن جرير: (أولى التَّأويلينِ في ذلك بالصَّوابِ قَولُ من قال: الهاءُ في قَولِه: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِن ذِكرِ مَنْ التي في قَولِه: وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ). ((تفسير ابن جرير)) (13/461). ويُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/100). وقيل: (الهاء) في لَهُ عائدةٌ على اللهِ عزَّ وجَلَّ. وممَّن اختار هذا القولَ: القُرطبي. يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (9/291). ملائِكةٌ يتعاقَبونَ عليه، فيأتيه بعضُهم عَقِبَ بَعضٍ، مِن بينِ يَدَيه ومِن خَلْفِه [149] قيل: المرادُ بقَولِه: مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ: مِن أمامِه. والمرادُ بقَولِه: وَمِنْ خَلْفِهِ: مِن وراء ظَهرِه. وممَّن ذهب إلى هذا المعنى: ابن جرير. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/456). وقيل: المرادُ أنَّ الحفَظةَ مِن الملائكةِ تُحيطُ به من جميعِ جوانِبِه. وممَّن اختار ذلك: الشوكاني، وابن عاشور. يُنظر: ((تفسير الشوكاني)) (3/83)، ((تفسير ابن عاشور)) (13/101). وقال ابن كثير: (قولُه: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أي: للعبدِ ملائكةٌ يتعاقبونَ عليه؛ حرسٌ باللَّيلِ، وحَرَسٌ بالنَّهارِ، يَحفظونَه مِن الأسواءِ والحادثاتِ، كما يتعاقَبُ ملائِكةٌ آخرونَ لحِفظِ الأعمالِ مِن خَيرٍ أو شَرٍّ؛ ملائكةٌ باللَّيلِ وملائكةٌ بالنَّهارِ؛ فاثنانِ عن اليمينِ وعن الشِّمالِ يَكتبانِ الأعمالَ؛ صاحِبُ اليمينِ يكتبُ الحسَناتِ، وصاحِبُ الشِّمالِ يكتُبُ السَّيِّئاتِ، وملَكانِ آخرانِ يَحفظانِه ويَحرُسانِه؛ واحدًا من ورائِه، وآخَرَ مِن قُدَّامِه، فهو بين أربعةِ أملاكٍ بالنهارِ، وأربعةٍ آخرينَ بالليلِ بدلًا؛ حافِظانِ وكاتبان). ((تفسير ابن كثير)) (4/437). فيَحفظُونَه ويَحرُسونَه [150] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (9/291)، ((تفسير ابن كثير)) (4/437-439)، ((تفسير السعدي)) (ص: 414)، ((تفسير ابن عاشور)) (13/100، 101). قال الواحديُّ عن معنى مُعَقِّبَاتٌ: (وهم الملائكةُ الحَفَظةُ في قَولِ عامَّةِ المفَسِّرينَ). ((الوسيط)) (3/7). وقال ابن الجوزي: (قال أكثر المفسِّرين: هم الحَفَظَة؛ اثنانِ بالنَّهارِ واثنان بالليل، إذا مضى فريقٌ خلَفَ بعده فريقٌ). ((تفسير ابن الجوزي)) (2/485). وفي معنى يَحْفَظُونَهُ خِلافٌ: قال ابنُ عطية: (قوله: يَحْفَظُونَهُ يحتَمِلُ معنيين: أحدهما: أن يكونَ بمعنى يحرُسونَه، ويذبُّون عنه؛ فالضميرُ محمولٌ لِيَحفظ. والمعنى الثاني: أن يكون بمعنى حِفظِ الأقوالِ وتَحصيلِها، ففي اللفظةِ حينئذٍ حَذفُ مضافٍ، تقديره: يحفظون أعمالَه). ((تفسير ابن عطية)) (3/302). وقال الرازي: (في المرادِ بالمعَقِّباتِ قولان: الأول: وهو المشهور الذي عليه الجمهورُ: أن المرادَ منه الملائكةُ الحفَظةُ، وإنَّما صحَّ وصفُهم بالمعقِّباتِ، إمَّا لأجل أنَّ ملائكةَ الليلِ تَعقُبُ ملائكةَ النَّهار وبالعكس، وإمَّا لأجلِ أنَّهم يتعَقَّبون أعمالَ العباد ويَتبَعونَها بالحفظِ والكَتْبِ، وكلُّ مَن عمِلَ عملًا ثم عاد إليه فقد عَقَّب، فعلى هذا: المرادُ من المعقِّباتِ: ملائكةُ الليلِ وملائكةُ النَّهار). ((تفسير الرازي)) (19/17). وممَّن ذهب إلى أنَّ يَحْفَظُونَهُ بمعنى يحرسُونه: الزَّجاج، والزمخشري. يُنظر: ((معاني القرآن)) للزجاج (3/142)، ((تفسير الزمخشري)) (2/517). وممن ذهب إلى كلا المعنيين: يحفظونَه مِن كُلِّ مَن يريدُه بسُوءٍ، ويحفظونَ عليه أعمالَه خَيرَها وشَرَّها: ابن كثير، والسعدي. يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (4/437)، ((تفسير السعدي)) (ص: 414). بأمرِ الله وإذنِه، فإذا جاء القدرُ خلَّوا بينَه وبينَه [151] وممن اختار هذا المعنى: ابنُ أبي زمنين، والواحدي، والبغوي، والرسعني، والعليمي. يُنظر: ((تفسير ابن أبي زمنين)) (2/348)، ((الوجيز)) للواحدي (ص: 567)، ((تفسير السمعاني)) (3/81)، ((تفسير الرسعني)) (3/450)، ((تفسير العليمي)) (3/482). قال الرسعني: (يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أي: بأمْر الله، وكذلك هي في قراءةِ عليٍّ وابنِ عباسٍ). ((تفسير الرسعني)) (3/450). وقيل: المرادُ: حِفظُهم إيَّاه مِن أمرِ الله، أي: ممَّا أمَرَهم الله تعالى به، لا أنَّهم يَقدِرون أن يدفَعوا أمرَ الله. وممن ذهَب إلى هذا المعنى: الزجاجُ. يُنظر: ((معاني القرآن)) (3/142). وقيل: إنه على التقديمِ والتأخيرِ، وتقديرُه: له معقباتٌ مِن أمرِ الله يحفظونَه، وعلى هذا لا تعلُّقَ لـ يَحْفَظُونَهُ  بـ مِنْ . يُنظر: ((البسيط)) للواحدي (12/309). قال ابن عاشور: (وقولُه: مِنْ أَمْرِ اللَّهِ صفةُ مُعَقِّبَاتٌ، أي: جماعاتٌ مِن جندِ الله وأمرِه، كقولِه تعالى: قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الإسراء: 85] ... ويجوزُ أن يكونَ الحفظُ على الوجهِ الثاني مرادًا به الوقايةُ والصيانةُ، أي: يحفظونَ مَن هو مُسْتخفٍ بالليلِ وساربٌ بالنهارِ، أي: يقونَه أضرارَ الليلِ مِن اللصوصِ وذواتِ السُّمومِ، وأضرارَ النهارِ نحوَ الزحامِ والقتالِ، فيكونُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ جارًا ومجرورًا متعلقًا بـ يَحْفَظُونَهُ، أي: يقونَه مِن مخلوقاتِ الله). ((تفسير ابن عاشور)) (13/101). ويُنظر: ((تفسير ابن الجوزي)) (2/486).
إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ
أي: إنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بقَومٍ مِن نِعمةٍ فيُزيلُها عنهم، حتى يغَيِّروا ما كانوا عليه مِن طاعةِ اللهِ بمَعصيتِه، وشُكرِه بكُفرِه، وأسبابِ رِضاه بأسبابِ سَخَطِه، فإذا غيَّروا غيَّرَ عليهم؛ جزاءً وِفاقًا [152] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/471)، ((الجواب الكافي)) لابن القيم (ص: 74)، ((تفسير السعدي)) (ص: 414)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (2/236). قال الرازي: (كلامُ جميعِ المفَسِّرين يدُلُّ على أنَّ المرادَ: لا يغيِّرُ ما هم فيه من النِّعَمِ بإنزالِ الانتقامِ، إلَّا بأن يكونَ منهم المعاصي والفَسادُ). ((تفسير الرازي)) (19/20). وقال السعدي: (كذلك إذا غيَّرَ العبادُ ما بأنفُسِهم من المعصيةِ، فانتقلوا إلى طاعةِ اللهِ؛ غيَّرَ الله عليهم ما كانوا فيه من الشَّقاءِ إلى الخير والسُّرورِ، والغِبطة والرَّحمة). ((تفسير السعدي)) (ص: 414). .
كما قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ [الأنفال: 53- 54] .
وقال سُبحانه: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى: 30] .
وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ
أي: وإذا شاء اللهُ أن يُصيبَ قَومًا بهلاكٍ وعَذابٍ وشِدَّةٍ، فإرادتُه لا بُدَّ أن تنفُذَ فيهم؛ فإنَّه لا رادَّ لِمَا قضاه اللهُ [153] يُنظر: ((تفسير البغوي)) (3/11)، ((تفسير القرطبي)) (9/294)، ((تفسير السعدي)) (ص: 414). .
كما قال تعالى: وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ [الأنعام: 147] .
وقال سُبحانه: فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ [البروج: 16] .
وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ
أي: وما للقومِ الذين أرادَهم الله بسوءٍ مِن أحدٍ سِواه يتولَّى أمرَهم، ولا ناصِرٍ مِن دُونِه يمنَعُهم مِن عذابِه [154] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (13/471)، ((تفسير القرطبي)) (9/295)، ((تفسير السعدي)) (ص: 414). .
كما قال تعالى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ [يونس: 107] .

الفوائد التربوية:

1- قَولُ الله تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ * سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ فيه أنَّه تعالى مُحيطٌ عِلمُه بأقوالِ المكَلَّفينَ وأفعالِهم، لا يَعزُبُ عنه شيءٌ مِن ذلك [155] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (6/358). .
2- الذُّنوبُ تُزيلُ النِّعَمَ ولا بُدَّ، فما أذنبَ عبدٌ ذنبًا إلَّا زالت عنه نِعمةٌ مِن الله بحسَبِ ذلك الذَّنبِ، فإن تاب وراجَعَ رجَعَت إليه أو مِثلُها، وإن أصَرَّ لم ترجِعْ إليه، ولا تزالُ الذُّنوبُ تُزيلُ عنه نِعمةً، حتى تُسلَبَ النِّعَمُ كُلُّها؛ قال الله تعالى: إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [156] يُنظر: ((طريق الهجرتين)) لابن القيم (ص: 271). .
3- متى رأيتَ تكديرًا في حالٍ، فاذكُرْ نِعمةً ما شُكِرتْ، أو زَلَّةً قد فُعِلتْ، واحذَرْ مِن نِفارِ النِّعَم، ومُفاجأةِ النِّقَم، ولا تغتَرِرْ بِسَعةِ بِساطِ الحِلْم؛ فرُبَّما عُجِّلَ انقباضُه، وقد قال اللهُ عَزَّ وجلَّ: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [157] يُنظر: ((صيد الخاطر)) لابن الجوزي (ص: 32). ، ومَن تأمَّلَ ما قَصَّ اللهُ تعالى في كتابِه مِن أحوالِ الأُمَمِ الذين أزال نِعَمَه عنهم، وجدَ سبَبَ ذلك جميعِه إنَّما هو مُخالَفةُ أمرِه وعِصيانُ رُسُلِه، وكذلك من نظَرَ في أحوالِ أهلِ عَصرِه وما أزال اللهُ عنهم مِن نِعَمِه، وجد ذلك كُلَّه مِن سُوءِ عواقِبِ الذُّنوبِ، فما حُفِظَت نعمةُ اللهِ بشَيءٍ قَطُّ بمثلِ طاعتِه، ولا حَصَلت فيها الزِّيادةُ بمِثلِ شُكرِه، ولا زالت عن العبدِ بمِثلِ مَعصيتِه لرَبِّه؛ فإنَّها نارُ النِّعَم التي تعمَلُ فيها كما تعمَلُ النَّارُ في الحطَبِ اليابِسِ، ومن سافَرَ بفِكرِه في أحوالِ العالَمِ، استغنى عن تعريفِ غَيرِه له [158] يُنظر: ((بدائع الفوائد)) لابن القيم (2/205- 206). .
4- قَولُ الله تعالى: وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ يتولَّى أمورَهم، فيجلِبُ لهم المحبوبَ، ويدفَعُ عنهم المكروهَ؛ فلْيَحذَروا من الإقامةِ على ما يكرهُ اللهُ؛ خشيةَ أن يحُلَّ بهم من العقابِ ما لا يُرَدُّ عن القومِ المُجرمينَ [159] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص:414). .

الفوائد العلمية واللطائف:

1- قَولُ الله تعالى: اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ استَدلَّ به من قال: إنَّ الحامِلَ تحيضُ [160] يُنظر: ((الإكليل)) للسيوطي (ص:157). يُنظر الخلافُ في المسألةِ في ((مختصر فقه الطهارة)) إعداد القسم العلمي بالدُّرر السَّنية (ص: 414). ، وذلك على أحدِ الأقوالِ في التفسيرِ.
2- قولُ الله تعالى: اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ استدَلَّ به من قال: إنَّ مُدَّةَ الحَملِ تكونُ أقَلَّ مِن تِسعةِ أشهُرٍ وأكثَرَ منها [161] يُنظر: ((الإكليل)) للسيوطي (ص:157). .
3- أهلُ السنةِ يثبتونَ للهِ العلوَّ والعظمةَ بكلِّ اعتبارٍ، ومثلُ هذا وصفُه سبحانَه بأنَّه (الكبيرُ المتعالي)، فالكبيرُ يُوصفُ به الذاتُ وصفاتُها القائمةُ، فهم يُثبتونَ للهِ سبحانَه العظمةَ الذاتيةَ والمعنويةَ، والعلوَّ الذاتيَّ والمعنويَّ، والجمالَ والجلالَ الذاتيَّ والمعنويَّ [162] يُنظر: ((الصواعق المرسلة)) لابن القيم (4/1375، 1378). .
4- الإرادةُ في قَولِه تعالى: وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ إرادةٌ كونيَّةٌ، والإرادةُ الكونيَّةُ هي مشيئتُه سُبحانه وتعالى لِمَا خلَقَه، وجميعُ المخلوقاتِ داخِلةٌ في مشيئتِه وإرادتِه الكونيَّةِ، وتُقابِلُها الإرادةُ الدِّينيَّةُ الشَّرعيَّةُ، وهي المتضَمِّنةُ لمحبَّتِه ورِضاه؛ المُتناوِلةُ لِمَا أَمَرَ به وجَعلَه شَرعًا ودِينًا، وهذه مُختصَّةٌ بالإيمانِ والعمَلِ الصَّالحِ، كقَولِه تعالى: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [163] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (11/266). [البقرة: 185] .

بلاغة الآيات:

1- قوله تعالى: اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ
- قولُه: اللَّهُ يَعْلَمُ... استئنافٌ؛ لبيانِ بُطلانِ قولِهم ذلك ونظائرِه مِن استعْجالِ العذابِ وإنكارِ البعْثِ [164] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (5/10). .
- قولُه: اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ صِيغَ الخبَرُ يَعْلَمُ بصيغَةِ المُضارِعِ المُفيدِ للتَّجدُّدِ والتَّكريرِ؛ لإفادةِ أنَّ ذلك العِلْمَ مُتكرِّرٌ، مُتجدِّدُ التَّعلُّقِ بمُقْتضى أحوالِ المعلوماتِ المُتنوِّعةِ والمُتكاثِرةِ [165] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/97). .
2- قوله تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ
- جُملةُ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ تذْييلٌ وفَذْلَكَةٌ [166] الفَذْلكةُ: كلمةٌ منحوتةٌ كالبَسملةِ والحوقلةِ- مِن قولِهم: (فذلك كذا)-، أي: ذكرُ مُجمَلِ ما فُصِّل أولًا وخلاصتِه. وقد يُرادُ بالفذلكةِ النتيجةُ لِمَا سبَق مِن الكلامِ، والتفريعُ عليه، ومنها فذلكةُ الحسابِ، أي: مُجمَلُ تفاصيلِه، وإنهاؤُه، والفراغُ منه، كقولِه تعالى: تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ بعدَ قولِه: فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة: 196] . يُنظر: ((كناشة النوادر)) لعبد السلام هارون (ص: 17)، ((مفاتيح التفسير)) لأحمد سعد الخطيب (ص: 638 - 639). ؛ لتعْميمِ العِلْمِ بالخَفِيَّاتِ والظَّواهرِ، وهما قِسْما الموجوداتِ [167] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/98). .
- وقَولُه: الْمُتَعَالِ أخرَجَه مَخرجَ (التَّفاعُل)؛ ليكونَ أدَلَّ على المعنى وأبلغَ فيه [168] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (10/289). .
3- قوله تعالى: سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ
- قولُه: سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ... هذه الجُملةُ استئنافٌ بيانيٌّ؛ لأنَّ مضمونَها بمنزِلةِ النَّتيجةِ لعُمومِ عِلْمِ اللَّهِ تعالى بالخَفِيَّاتِ والظَّواهرِ [169] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/99). ، وهذا مِن بابِ ذِكْرِ الخاصِّ بعد العامِّ [170] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (6/358). .
- وقولُه: سَوَاءٌ مِنْكُمْ... فيه العُدولُ عنِ الغَيبةِ المُتَّبعَةِ في الضَّمائرِ فيما تقدَّمَ إلى الخطابِ هنا في قولِه: سَوَاءٌ مِنْكُمْ؛ لأنَّه تعليمٌ يصلُحُ للمؤمنين والكافرين، وفيه تعريضٌ بالتَّهديدِ للمُشركين المُتآمرين على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ [171] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/99). .
- وتقْديمُ الإسْرارِ والاستِخفاءِ على الجَهرِ والعَلانيةِ؛ لإظهارِ كَمالِ عِلْمِه تعالى؛ فكأنَّه في التَّعلُّقِ بالخَفِيَّاتِ أقْدَرُ منه بالظَّواهِرِ، وإلَّا فنِسْبتُه إلى الكلِّ سَواءٌ [172] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (5/8). .
- والاستخفاءُ هنا: الخَفاءُ؛ فالسِّينُ والتَّاءُ للمُبالغَةِ في الفِعلِ مثلَ: استجابَ [173] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/99). .
- ذُكِرَ الاستخفاءُ مع اللَّيلِ؛ لكَونِه أشَدَّ خَفاءً، وذُكِرَ السُّروبُ مع النَّهارِ؛ لِكونِه أشَدَّ ظُهورًا [174] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/99). .
4- قوله تعالى: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ
- قولُه: مُعَقِّبَاتٌ فيه مُبالغَةٌ؛ صِيغَةُ التَّفعيلِ فيه للمُبالغَةِ في العقب، وعَقَّبَه: إذا جاء على عَقِبِه؛ كأنَّ بعضَهم يَعْقُبُ بعضًا، أو لأنَّهم يعْقُبون أقوالَه وأفعالَه فيكتُبونها [175] يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (3/183)، ((تفسير أبي السعود)) (5/8)، ((تفسير ابن عاشور)) (13/100). ، وجُمِعَت (المُعَقِّباتُ) باعتبارِ كثرةِ الجماعاتِ [176] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (6/360). .
- قولُه: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ مُستعملٌ في معنى الإحاطةِ مِن الجِهاتِ كلِّها- على أحدِ القولينِ في التفسيرِ-. وأُفْرِدَ الضَّميرانِ في مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ؛ لأنَّ كلًّا منهما عائدٌ إلى أحدِ أصحابِ تلك الصِّلاتِ، حيث إنَّ ذِكْرَهم ذِكْرُ أقسامٍ مِن الَّذين جُعِلوا سواءً في عِلْمِ اللَّهِ تعالى [177] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/100). .
- وجُملةُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ مُعترِضَةٌ بين الجُمَلِ المُتقدِّمةِ المَسُوقَةِ للاستدلالِ على عظيمِ قُدرةِ اللَّهِ تعالى، وعِلْمِه بمَصْنوعاتِه، وبين التَّذكيرِ بقوَّةِ قُدرتِه، وبين جُملةِ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا [سورة الرعد: 12]، والمقصودُ تحذيرُهم مِن الإصرارِ على الشِّرْكِ بتحذيرِهم مِن حُلولِ العِقابِ في الدُّنيا في مُقابَلَةِ استعجالِهم بالسَّيِّئةِ قبلَ الحَسَنةِ.
- وجُملةُ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ تصريحٌ بمفهومِ الغايةِ المُستفادِ مِن حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ؛ تأكيدًا للتَّحذيرِ؛ لأنَّ المَقامَ لكونِه مَقامَ خوفٍ ووَجَلٍ يقْتَضي التَّصريحَ دون التَّعريضِ ولا ما يقْرُبُ منه.
- وجُملةُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ زيادةٌ في التَّحذيرِ مِن الغُرورِ؛ لئلا يَحسَبوا أنَّ أصنامَهم شُفعاؤهم عند اللَّهِ [178] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (13/101- 102). .
- قولُه: لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ في (ما) إبهامٌ، لا يتَّضِحُ المُرادُ منها إلَّا بسِياقِ الكلامِ، واعتقادِ مَحذوفٍ يتبيَّنُ به المَعْنى، والتقديرُ: لا يُغَيِّرُ ما بقومٍ مِن نعمةٍ وخَيرٍ إلى ضدِّ ذلك حتَّى يغيِّروا ما بأنْفُسِهم مِن طاعتِه إلى توالي مَعصيَتِه [179] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (6/363). .
- قولُه: وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ فيه الاقتصارُ على قولِه: سُوءًا؛ لأنَّ سِياقَ الكلامِ في الانتقامِ مِن العُصاةِ، وإلَّا فالسُّوءُ والخيرُ إذا أرادَ اللَّهُ تعالى شيئًا منهما فلا مَردَّ له؛ فذِكْرُ السُّوءِ مُبالغَةٌ في التَّخويفِ [180] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (6/363). .