المطلب الثالث: عدد سَجَدات التِّلاوة
تمهيدٌ: ليسَ في القُرآنِ أكثرُ مِن خَمسَ عَشرةَ سَجدةً.
الدَّليل من الإجماع:نقل الإجماعَ على ذلك:
ابنُ حزم
الفَرْعُ الأَوَّلُ: مواضع السجود المتفق عليها اتَّفَق العلماءُ على سُجودِ عَشْرِ سجَدَات، وهي كالآتي:
1- سورة الأعراف:
في قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ [الأعراف: 206] 2- سورة الرعد:
في قوله:
وَلِلهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ [الرعد: 15] 3- سورة النحل:
في قوله:
وَلِلهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [النحل: 49-50] 4- سورة الإسراء:
في قوله:
قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا [الإسراء: 107 – 109]5- سورة مريم:
في قوله:
أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا [مريم: 58]6- والأُولى من سورة (الحج):
في قوله:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ [الحج: 18] 7- سورة الفُرقان:
في قوله تعالى:
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا [الفرقان: 60] 8- سورة النَّمل:
في قوله تعالى:
أَلَّا يَسْجُدُوا لِلهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ [النمل: 25-26] 9- سورة (الم السجدة):
في قوله:
إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ [السجدة: 15] 10- سورة فُصِّلت:
في قوله تعالى:
وَمِنْ آيَاتِهِ الليْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ [فصلت: 37، 38]الدَّليل من الإجماع: نقَل الإجماعَ على ذلك:
ابنُ حزم
، و
ابنُ حجر
، و
ابن قُدامة
ونقَل
ابنُ كثيرٍ الإجماعَ على سَجْدة سورة الأعراف
، وسَجْدة سورة مريم
ونقَل الإجماعَ في السَّجْدة الأولى من سورة الحجِّ:
النوويُّ
كما نقَل الإجماعَ في سجدة سورة السجدة: ابنُ بطَّال
الفَرْعُ الثَّاني: سجدات سورة (الحج) وسورة (ص) والمفصلالمسألة الأولى: السَّجدَة الثانية من سُورة الحج مِن مواضِعِ سُجودِ التِّلاوةِ: قولُه تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الحج: 77]، وهذا مذهب الشَّافعيَّة
، والحنابلة
، وهو قولُ ابنِ حَبيب، وابنِ وَهْبٍ من المالكيَّة
, وقولُ طائفةٍ من السَّلف
، واختارَه ابنُ المنذرِ
، و
ابنُ تَيميَّة
، و
الشوكانيُّ
، و
ابنُ عُثيمين
الأدلة من الآثار:1- عن عَبدِ اللهِ بنِ ثَعْلبةَ قال: (صليتُ مع عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْه الصُّبحَ، فقرأ فيها "الحج" فسجَد فيها سجدتين، قلتُ: الصُّبْحَ؟ قال: الصُّبح)
2- عن جُبَيرِ بن نُفيرٍ، أنَّ أبا الدرداء سجَد في "الحج" سجدتين
3- عنِ نافعٍ مولى ابنِ عُمرَ: أنَّ
ابنَ عُمرَ وأباهُ عُمرَ كانَا يَسجُدانِ في الحجِّ سَجدتينِ، وقال
ابنُ عمرَ: لو سجدْتُ فيها واحدةً لكانَتِ السجدةُ في الآخرةِ أحبَّ إليَّ
المسألة الثانية: سجدة سورة (ص) سجدة سورة (ص) عند قوله تعالى:
وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ [ص: 24] أحدُ مواضِع سجود التلاوة، وهذا مذهب الحنفيَّة
، والمالكيَّة
، وقول بعض الشَّافعيَّة
، ورِواية عن
أحمد
، وقول طائفةٍ من السَّلف
، واختاره ابنُ المنذر
، و
ابنُ حزم
، و
ابنُ باز
، و
ابنُ عُثَيمين
الأَدِلَّةُ:أوَّلًا: من السُّنة1- عن العَوَّام بن حَوْشَب، قال:
((سألتُ مجاهدًا عن سَجدة ص فقال: سألتُ ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْه: مِن أينَ سجدتَ في ص؟ فقال: أوَ ما تقرأ: وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ [الأنعام: 84] إلى أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام: 90] فكان داودُ ممَّن أُمِر نبيُّكم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَقتدي به، فسجَدَها داودُ، فسجَدَها رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ))
2 - وعن
ابنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهما، قال:
((ليس ص من عَزائمِ السجودِ، ورأيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَسجُدُ فيها ))
ثانيًا: من الآثار1 - عن عُثمانَ بنِ عفَّانَ: أنَّهُ سجدَ في
ص
2 - وسجَد فيها
ابنُ عباس كما تقدَّم في الحديث الأوَّل.
المسألة الثالثة: السُّجود في المُفصَّل (النجم، والانشقاق، والعلق) من مواضِع السُّجود: قوله تعالى:
فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا [النجم: 62] ، وقوله تعالى:
فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ [الانشقاق: 20-21] ، وقوله تعالى:
كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق: 19] ، وهذا مذهبُ الجمهور: الحنفيَّة
، والشَّافعيَّة
، والحنابلة
، ورِواية عن مالك
، وقولُ طائفةٍ من السَّلف
، واختاره
ابنُ حزم
الأدلة من السُّنة:1- عن أبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال:
((سَجَدْنا مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ [الانشقاق: 1] ، واقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: 1] ))
2- عن
عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْه،
((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قرأ سورة النجم، فسَجَد فيها، وما بقِي أحدٌ من القوم إلَّا سجَد ))