موسوعة التفسير

سورة الشُّورى
الآيات (16-18)

ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ

غريب الكلمات:

يُحَاجُّونَ: أي: يُجادِلونَ ويختَصِمونَ، والمُحاجَّةُ: أن يَطلُبَ كلُّ واحدٍ أن يَرُدَّ الآخَرَ عن حُجَّتِه، وأصلُ (حجج): يدُلُّ على قَصدٍ .
دَاحِضَةٌ: أي: باطِلةٌ ذاهِبةٌ، يُقالُ: دَحَضَتْ حُجَّةُ فلانٍ، إذا لم تَثبُتْ، وأصلُ (دحض): يدُلُّ على زَوالٍ وزَلَقٍ .
مُشْفِقُونَ: أي: خائِفون حَذِرونَ، وأصلُ (شفق): يدُلُّ على رِقَّةٍ في الشَّيءِ .
يُمَارُونَ: أي: يَشُكُّون ويُجادِلونَ، والمِرْيةُ: التَّرَدُّدُ في الأمرِ، وهي أخصُّ مِن الشَّكِّ .

المعنى الإجمالي:

يقول تعالى مبيِّنًا سوءَ عاقِبةِ الَّذين يُجادِلونَ بالباطلِ: والَّذين يُجادِلونَ المؤمِنينَ في شأنِ اللهِ بشُبُهاتِهم مِن بَعدِ دُخولِ النَّاسِ في دِينِه سُبحانَه، فإنَّ جِدالَهم باطِلٌ عندَ رَبِّهم، وعليهم غَضَبٌ مِنَ اللهِ، ولهم عَذابٌ شَديدٌ.
ثمَّ يُبيِّنُ الله تعالى جانبًا مِن فضلِه على عبادِه، وحالَ الكافرينَ والمؤمنينَ بالنِّسبةِ ليومِ القيامةِ، فيقولُ: اللهُ الَّذي أنزَلَ القُرآنَ على رَسولِه بالحَقِّ، وأنزل العَدْلَ؛ لِيُقضَى بيْنَ النَّاسِ بالإنصافِ، وما يُعلِمُك -يا مُحمَّدُ- لَعَلَّ وقتَ قيامِ القيامةِ قد دنا واقتَرَب، يَستعجِلُ مَجيئَها الَّذين لا يُؤمِنونَ بقيامِها؛ استِهزاءً وإنكارًا لِوُقوعِها. والَّذين آمَنوا بها خائِفونَ مِن قيامِها، ويَعلَمونَ أنَّها حَقٌّ لا شَكَّ فيه، ألَا إنَّ الَّذين يُجادِلونَ ويَشُكُّونَ في قيامِ السَّاعةِ لَفي ضَلالٍ بَعيدٍ عن الحَقِّ.

تفسير الآيات:

وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (16).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
أنَّها تَقريرٌ لِقَولِه: لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ [الشورى: 15] ، فأخبَرَ هنا أنَّ الَّذين يُحاجُّونَ في اللهِ بالحُجَجِ الباطِلةِ والشُّبَهِ المُتناقِضةِ مِن بَعدِ ما استجابَ لله أولو الألبابِ والعُقولِ لَمَّا بَيَّنَ لهم مِن الآياتِ القاطِعةِ، والبَراهينِ السَّاطِعةِ؛ فهؤلاء المجادِلونَ للحَقِّ مِن بَعدِ ما تَبَيَّنَ: حُجَّتُهُمْ باطِلةٌ مَدفوعةٌ .
وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ.
أي: والَّذين يُجادِلونَ ويُنازِعونَ المُؤمِنينَ في شأنِ اللهِ بشُبُهاتِهم وحُجَجِهم -كالمُجادَلةِ في تَوحيدِه أو أسمائِه وصِفاتِه- مِن بَعدِ دُخولِ النَّاسِ في دينِه والإيمانِ به سُبحانَه؛ فإنَّ مُجادَلتَهم باطِلةٌ عندَ اللهِ، ولا ثباتَ لها ولا بَقاءَ .
وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ.
أي: وعليهم مِنَ اللهِ غَضَبٌ، ولهم مع ذلك عَذابٌ شَديدٌ .
كما قال تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ *ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [الحج: 8 - 10] .
اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
لَمَّا ذكَرَ مَن يُحاجُّ في دينِ الإسلامِ؛ صَرَّح بأنَّه تعالى هو الَّذي أنزَل الكِتابَ .
وأيضًا لَمَّا ذكَرَ تعالى أنَّ حُجَجَه واضِحةٌ بَيِّنةٌ، بحيثُ استجابَ لها كُلُّ مَن فيه خيرٌ؛ ذَكَر أصلَها وقاعِدتَها، بل جميعُ الحُجَجِ الَّتي أوصَلَها إلى العبادِ تَرجِعُ إليه، فقال: اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ، فالكِتابُ هو هذا القُرآنُ العَظيمُ، نَزَل بالحَقِّ، واشتَمَل على الحَقِّ والصِّدقِ واليَقينِ، وكُلُّه آياتٌ بَيِّناتٌ، وأدِلَّةٌ واضِحاتٌ، على جميعِ المطالِبِ الإلهيَّةِ، والعقائِدِ الدِّينيَّةِ، فجاء بأحسَنِ المسائِلِ، وأوضَحِ الدَّلائِلِ .
اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ.
أي: اللهُ الَّذي أنزَلَ القُرآنَ على رَسولِه مُشتَمِلًا على الحَقِّ، وأنزَلَ العَدلَ؛ ليُقضَى بيْنَ النَّاسِ بالإنصافِ، ويُحكَمَ فيهم بحُكمِ اللهِ تعالى .
كما قال تعالى: وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ [البقرة: 213] .
وقال سُبحانَه: وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ [الرحمن: 7 - 9].
وقال عزَّ وجلَّ: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ [الحديد: 25] .
وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ.
أي: وأيُّ شَيءٍ يُعلِمُك -يا مُحمَّدُ - لَعَلَّ وَقتَ مَجيءِ القيامةِ قد دنا واقتَرَبَ ؟
كما قال تعالى: يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا [الأحزاب: 63] .
يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (18).
يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا.
أي: يَطلُبُ التَّعجيلَ بمَجيءِ السَّاعةِ الَّذين لا يُؤمِنونَ بقِيامِها؛ استِهزاءً مِنهم، أو إنكارًا وتَكذيبًا لِوُقوعِها .
كما قال تعالى: وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ [النمل: 71، 72].
وقال سُبحانَه: وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ [سبأ: 29، 30].
وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ.
أي: والَّذين آمَنوا بيَومِ القيامةِ خائِفونَ مِن مَجيءِ السَّاعةِ خَوفًا عَظيمًا، ويُوقِنونَ أنَّ مَجيئَها حَقٌّ لا شَكَّ فيه .
قال الله تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [المؤمنون: 60].
أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ.
أي: ألَا إنَّ الَّذين يُجادِلونَ ويَشُكُّونَ في قيامِ السَّاعةِ لَفي ذَهابٍ بَعيدٍ عن طَريقِ الحَقِّ والصَّوابِ .

الفوائد التربوية:

1- في قَولِه تعالى: وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ أنَّ الَّذي يُجادِلُ -ولو فيما له فيه عِلْمٌ- إذا كان قصدُه إبطالَ الحقِّ وإثباتَ الباطلِ؛ فلا شكَّ أنَّه مذمومٌ .
2- قال تعالى: وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا: أي خائِفونَ منها ، وقال تعالى: رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ [النور: 37] ، وقال سبحانه: وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [البقرة: 281] . وخوفُ القيامةِ وسيلةٌ إلى الاستعدادِ لها .

الفوائد العلمية واللطائف:

1- قَولُ الله تعالى: وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ هذه عُقوبةُ كُلِّ مُجادِلٍ للحَقِّ بالباطِلِ .
2- الحُجَّةُ في كتابِ اللهِ يُرادُ بها نوعانِ:
أحدُهما: الحُجَّةُ الحَقُّ الصَّحيحةُ، كقَولِه تعالى: وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ [الأنعام: 83] ، وقَولِه تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ [الأنعام: 149] .
والنَّوعُ الثَّاني: حُجَّةٌ يُرادُ بها مُطلَقُ الاحتِجاجِ بحَقٍّ أو بباطِلٍ، كقَولِه هنا: وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ، وقَولِه: فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ [آل عمران: 20] ، وقَولِه: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآَبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الجاثية: 25] ، وقَولِه: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ [البقرة: 258] .
3- في قَولِه تعالى: وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ أنَّ الحقَّ إذا ظَهَر وعُرِفَ، وكان مَقصودُ الدَّاعي إلى البِدعةِ إضرارَ النَّاسِ؛ قُوبِلَ بالعُقوبةِ .
4- قَولُ الله تعالى: وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ يُشيرُ إلى الانتِصارِ على أهلِ الرِّدَّةِ، وضَربِهم بكُلِّ شِدَّةٍ؛ لِسُوءِ مَنزِلتِهم عِندَه، كما كَشَف عنه الحالُ، عندَ نَدْبِ الصِّدِّيقِ إليهم بالقِتالِ، رَضِي اللهُ عنه وأرضاه .
5- قولُه تعالى: أَنْزَلَ الْكِتَابَ فيه إثباتُ عُلُوِّ اللهِ عزَّ وجلَّ؛ والمرادُ بالكتابِ هنا كلامُه عزَّ وجلَّ الَّذي أوحاه إلى رُسلِه؛ وجْهُ الدَّلالةِ: أنَّ النُّزولَ يكونُ مِن الأعلَى إلى الأسفلِ .
6- قولُه تعالى: وَالْمِيزَانَ فيه إثباتُ القياسِ؛ لأنَّ الميزانَ ما تُوزَنُ به الأشياءُ ويُقارَنُ بيْنَها، ففيه إثباتُ القياسِ في الشَّرائعِ السَّماويةِ .
7- قولُه تعالى: وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ فيه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا يَعلَمُ متى تقومُ السَّاعةُ؛ لقولِه: وَمَا يُدْرِيكَ، أي: ما يُعْلِمُك؟! وهذا حقٌّ ثابتٌ؛ فإنَّ جبريلَ عليه السَّلامُ سأل النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: متى السَّاعةُ، فقال: ((ما المَسؤولُ عنها بأعْلَمَ مِن السَّائلِ )) يعني: كما أنَّك أنت تَجهَلُها؛ فأنا أجهلُها، ولهذا مَنِ ادَّعَى عِلْمَ السَّاعةِ فإنَّه كاذبٌ، مُكَذِّبٌ لقولِ اللهِ تعالى: لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ [الأعراف: 187] .
8- كلُّ موضعٍ فى القرآنِ: وَمَا أَدْرَاكَ فقد عُقِّب ببيانِه؛ نحوُ قولِه تعالى: وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ [القارعة: 10، 11]، وكلُّ موضعٍ ذُكِر بلَفظِ: وَمَا يُدْرِيكَ لم يُعقَّبْ ببيانِه، نحوُ قولِه تعالى: وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ .

بلاغة الآيات:

1- قولُه تعالى: وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ
- قولُه: وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ عطْفٌ على جُملةِ وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ... إلخ [الشورى: 15] ، وهو يَقتضي انتِقالَ الكلامِ؛ فلمَّا استَوفَى حظَّ أهلِ الكِتابِ في شأْنِ المُحاجَّةِ معهم، رجَعَ إلى المشرِكينَ في هذا الشَّأنِ بقولِه: وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ. وتَغييرُ الأُسلوبِ بالإتيانِ بالاسمِ الظاهرِ المَوصولِ، وكَونِ صِلتِه مادَّةَ الاحتِجاجِ، مُؤْذِنٌ بتَغييرِ الغَرَضِ في المُتحدَّثِ عنهم، مع مُناسَبةِ ما أُلحِقَ به مِن قولِه: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا [الشورى: 18] ، وقولِه: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى: 21] ؛ فالمقصودُ بـ (الَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ) المشرِكونَ؛ لأنَّهم يُحاجُّونَ في شأْنِ اللهِ، وهو الوَحدانيَّةُ ، وذلك على قولٍ في التَّفسيرِ.
- وقيل: إطلاقُ اسمِ الحُجَّةِ على شُبُهاتِهم مُجاراةٌ لهم بطَريقِ التَّهكُّمِ، والقرينةُ قولُه: دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ .
- ومَفعولُ يُحَاجُّونَ مَحذوفٌ، دلَّ عليه قولُه: مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ، والتَّقديرُ: يُحاجُّونَ المسْتَجيبينَ للهِ مِن بَعدِ ما اسْتَجابوا له، أي: اسْتَجابوا لِدَعْوتِه على لِسانِ رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ .
- وأيضًا حُذِفَ فاعلُ اسْتُجِيبَ إيجازًا؛ لأنَّ المقصودَ: مِن بَعدِ حُصولِ الاستِجابةِ المعروفةِ .
- وفي قولِه: حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ لم يُبيَّنْ وَجْهُ دَحضِ حُجَّتِهم؛ اكتِفاءً بما بُيِّنَ في تَضاعيفِ ما نزَلَ مِن القرآنِ مِن الأدِلَّةِ على فَسادِ تَعدُّدِ الآلهةِ، وعلى صِدقِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وعلى إمكانِ البعْثِ، وبما ظهَرَ للعِيانِ مِن تَزايُدِ المسلمينَ يومًا فيومًا، وأمْنِهم مِن أنْ يُعْتدَى عليهم .
- قولُه: وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ الغضبُ: غضَبُ اللهِ، وإنَّما نُكِّرَ للدَّلالةِ على شِدَّتِه، ولم يُحتَجْ إلى إضافتِه إلى اسمِ الجَلالةِ أو ضَميرِه؛ لِظُهورِ المقصودِ مِن قولِه: حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ؛ فالتَّقديرُ: وعليهم غضَبٌ منه. وإنَّما قُدِّمَ المسنَدُ على المسنَدِ إليه بقولِه: وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ؛ للاهتِمامِ بوُقوعِ الغضَبِ عليهم كما هو مُقتضَى حرْفِ الاستِعلاءِ، وكذلك القولُ في وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ .
2- قولُه تعالى: اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ كان مِن جُملةِ مُحاجَّةِ المشرِكينَ في اللهِ، ومِن أشَدِّها تَشْغيبًا في زَعمِهم: مُحاجَّتُهم بإنكارِ البعْثِ، وقد دحَضَ اللهُ حُجَّتَهم في مَواضِعَ مِن كِتابِه بنفْيِ استِحالتِه، وبدَليلِ إمْكانِه، وأَوْمَأَ هنا إلى مُقتضِي إيجابِه؛ فبيَّنَ أنَّ البعْثَ والجزاءَ حقٌّ وعدْلٌ، فكيف لا يُقدِّرُه مُدبِّرُ الكَونِ ومُنزِّلُ الكتابِ والميزانِ؟! وقد أشارتْ إلى هذا المعنى آياتٌ كثيرةٌ؛ مِنها قولُه تعالى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ [المؤمنون: 115] ، وقَولُه: وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ * مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ [الدُّخان: 38- 40]، وأكثرُها جاءَ نَظْمُها على نحوِ التَّرتيبِ الَّذي في نظْمِ هذه الآيةِ؛ مِن الابتِداءِ بما يُذكِّرُ بحِكمةِ الإيجادِ، وأنَّ تَمامَ الحِكمةِ بالجزاءِ على الأعمالِ .
- وقولُه: اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ استِئنافٌ وبيانٌ لحُكمِه المأمورِ به في قولِه: وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ [الشورى: 15] ، وهي كالتَّخلُّصِ والتَّمهيدِ إلى ذِكرِ عِنادِهم، وهو استِعجالُهم بالسَّاعةِ بقولِه: وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ؛ لأنَّه يُؤذِنُ بمُقدَّرٍ يَقتضيهِ المعنى، تقديرُه: فجُعِل الجزاءُ للسَّائرينَ على الحقِّ، والناكِبينَ عنه في يومِ السَّاعةِ، فلا مَحيصَ للعِبادِ عن لِقاءِ الجزاءِ، وما يُدْرِيك لعلَّ السَّاعةَ قريبٌ .
- وقولُه: اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ هذه الجُمْلةُ مَوقعُها مِن جُملةِ وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ [الشورى: 16] مَوقعُ الدَّليلِ، والدَّليلُ مِن ضُروبِ البَيانِ؛ ولذلك فُصِلَتِ الجُملةُ عن الَّتي قبْلَها -أي: لم تُعطَفْ عليها-؛ لشِدَّةِ اتِّصالِ معناها بمَعنى الأُخرَى .
- والإخبارُ عن اسمِ الجلالةِ باسمِ المَوصولِ الَّذي مَضمونُ صِلَتِه إنزالُه الكتابَ والميزانَ اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ؛ مِن أجْلِ ما في المَوصوليَّةِ مِن الإيماءِ إلى وَجْهِ بِناءِ الخبرِ الآتي، وأنَّه مِن جِنسِ الحقِّ والعدْلِ .
- ولامُ التَّعريفِ في الْكِتَابَ لِتَعريفِ الجنسِ، أي: إنزالُ الكتُبِ، وهو يَنظُرُ إلى قولِه آنِفًا: وَقُلْ آَمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ [الشورى: 15] .
- والباءُ في بِالْحَقِّ للمُلابَسةِ، أي: أنزَلَ الكتُبَ مُقترِنةً بالحقِّ، بَعيدةً عن الباطلِ .
- والميزانُ هنا معبَّرٌ به عن العدْلِ والهُدى؛ بقَرينةِ قولِه: أَنْزَلَ؛ فإنَّ الدِّينَ هو المُنزَّلُ، والدِّينُ يدْعو إلى العدْلِ والإنصافِ في المجادَلةِ في الدِّينِ، وفي إعطاءِ الحُقوقِ؛ فشُبِّهَ بالميزانِ في تَساوي رُجحانِ كِفَّتَيْه .
- وجُملةُ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ مَعطوفةٌ على جُملةِ اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ، والمُناسَبةُ هي إيذانُ تلك الجُملةِ بمُقدَّرٍ، وهو: فجُعِل الجزاءُ للسَّائرينَ على الحقِّ والناكِبينَ عنه في يومِ الساعةِ؛ فلا مَحيصَ للعِبادِ عن لِقاءِ الجزاءِ .
- وكلمةُ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ جاريةٌ مَجْرَى المَثَلِ، والكافُ منها خِطابٌ لِغَيرِ مُعيَّنٍ -على قولٍ-، و(ما) استفهاميَّةٌ، والاستفهامُ مُستعمَلٌ في التَّنبيهِ والتَّهيئةِ، والمعنى: أيُّ شَيءٍ يُعلِمُك أيُّها السَّامعُ السَّاعةَ قريبًا ؟
- وفيه مُناسَبةٌ حسنةٌ، حيثُ قال هنا: لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ، وفي (الأحزابِ): تَكُونُ قَرِيبًا، زِيدَ معه تَكُونُ؛ مُراعاةً للفواصلِ .
3- قولُه تعالى: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ
- جُملةُ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا يَجوزُ أنْ تكونَ حالًا مِن السَّاعَةَ [الشورى: 17] . ويَجوزُ أنْ تكونَ بَيانًا لِجُملةِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ [الشورى: 17] ؛ لِما تَضمَّنتْه مِن التَّنبيهِ والتَّهيئةِ بالنِّسبةِ إلى فَريقَيِ المؤمنينَ بالسَّاعةِ، والَّذين لا يُؤمِنونَ بها، فذكَرَ فيها حالَ كِلا الفريقَينِ تُجاهَ ذلك التَّنبيهِ؛ فأمَّا المشرِكونَ فيَتلقَّوْنَه بالاستِهزاءِ والتَّصميمِ على الجحْدِ بها، وهو المرادُ بقولِه: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا، والَّذين آمَنوا بها يَعمَلونَ لِما به الفوزُ عِندَها؛ ولذلك جِيءَ عَقِبَها بجُملةِ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ .
- والاستِعجالُ: طلبُ التَّعجيلِ، أي: يَطلُبُ الَّذين لا يُؤمِنونَ بالسَّاعةِ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُعجِّلَ اللهُ بحُلولِ السَّاعةِ لِيَبِينَ صِدقُه؛ تَهكُّمًا واستِهزاءً، وكِنايةً عن اتِّخاذِهم تأخُّرَها دليلًا على عَدمِ وُقوعِها، وهم آيِسُونَ منها، كما دلَّ عليه قولُه في مُقابِلِه: وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا .
- قولُه: وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا، أي: مُشفِقون مِن أهْوالِها، وجُعِلَ الإشفاقُ مِن ذاتِ السَّاعةِ؛ لإفادةِ تَعظيمِ أهوالِها حتَّى كأنَّ أهوالَها هي ذاتُها .
- والمرادُ بـ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ: المشرِكونَ، وعُبِّرَ عنهم بالمَوصولِ؛ لأنَّ الصِّلةَ تدُلُّ على عِلَّةِ استِعجالِهم بها، والمرادُ بـ (الَّذِينَ آمَنُوا): المسلِمونَ؛ فإنَّ هذا لَقبٌ لهم، ففي الكلامِ احتِباكٌ ، تَقديرُه: يَستعجِلُ بها الَّذين لا يُؤمِنونَ بها فلا يُشفِقونَ منها، والَّذين آمَنوا مُشفِقونَ منها فلا يَستعجِلونَ بها .
- وعُطِفتْ على مُشْفِقُونَ مِنْهَا جملةُ وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ؛ لإفادةِ أنَّ إشفاقَهم منها إشفاقٌ عن يَقينٍ وجَزْمٍ، لا إشفاقٌ عن تَردُّدٍ وخشْيةِ أنْ يَكشِفَ الواقعُ عن صِدقِ الإخبارِ بها، وأنَّه احتمالٌ مُساوٍ عِندَهم .
- وتَعريفُ الحَقِّ في قولِه: أَنَّهَا الْحَقُّ تَعريفُ الجِنسِ، وهو يُفيدُ قَصْرَ المسنَدِ على المسنَدِ إليه قصْرَ مُبالَغةٍ؛ لِكَمالِ الجنسِ في المسنَدِ إليه، أي: يُوقِنونَ بأنَّها الحقُّ كلَّ الحقِّ؛ وذلك لِظُهورِ دَلائلِ وُقوعِها حتَّى كأنَّه لا حَقَّ غيرُه .
- وجُملةُ أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ تَذييلٌ لِما قبْلَها بصَريحِها وكِنايتِها؛ لأنَّ صَريحَها إثباتُ الضَّلالِ للَّذِين يُكذِّبونَ بالسَّاعةِ، وكِنايتَها إثباتُ الهُدى للَّذين يُؤمِنونَ بالسَّاعةِ، وهذا التَّذييلُ فَذْلَكةٌ للجُملةِ الَّتي قبْلَها .
- وافتتاحُ الجُملةِ بحرْفِ (ألَا) الَّذي هو للتَّنبيهِ؛ لِقَصْدِ العِنايةِ بالكلامِ .
- وفي قولِه: لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ جُعِلَ الضَّلالُ كالظَّرفِ لهم؛ تَشبيهًا لِتَلبُّسِهم بالضَّلالِ بوُقوعِ المظروفِ في ظرْفِه .
- ووَصفُ الضَّلالِ بالبَعيدِ كِنايةٌ عن عُسرِ إرجاعِه إلى المقصودِ .