موسوعة التفسير

سورةُ المُرسَلاتِ
الآيات (46-50)

ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ

المعنى الإجمالي:

يقولُ تعالى مبيِّنًا سوءَ عاقِبةِ المكذِّبينَ يومَ القيامةِ: يُقالُ للمُكَذِّبينَ بالبَعْثِ: كُلُوا وتمَتَّعوا في الدُّنيا قليلًا إلى آخِرِ أعمارِكم؛ إنَّكم مُجرِمونَ.
ثمَّ يقولُ تعالى مُهدِّدًا ومتوعِّدًا: عَذابٌ وهَلاكٌ يومَ القيامةِ للمُكَذِّبينَ بالحَقِّ.
وإذا قِيلَ في الدُّنيا لأولئكَ المجرِمينَ: صَلُّوا للهِ تعالى، لا يَفعَلونَ.
ثمَّ يقولُ تعالى مُهدِّدًا ومتوعِّدًا: عَذابٌ وهَلاكٌ يومَ القيامةِ للمُكَذِّبينَ بالحَقِّ.
ثمَّ يختمُ اللهُ سُبحانَه هذه السُّورةَ الكريمةَ بالتَّعجيبِ مِن أحوالِهم، فيقولُ: فبأيِّ حَديثٍ بَعْدَ هذا القُرآنِ يُؤمِنونَ؟!

تفسير الآيات:

كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ (46).
أي: يُقالُ للمُكَذِّبينَ بالبَعْثِ: كُلُوا وتمَتَّعوا في الدُّنيا قليلًا إلى آخِرِ أعمارِكم؛ إنَّكم مُجرِمونَ بكُفْرِكم باللهِ، وتَكذيبِكم رُسُلَه، فمَصيرُ تلك اللَّذَّاتِ الانقِطاعُ، ومَصيرُكم إلى عذابِ اللهِ [226] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/612)، ((تفسير القرطبي)) (19/168)، ((تفسير ابن كثير)) (8/301)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (21/185)، ((تفسير السعدي)) (ص: 905)، ((تفسير ابن عاشور)) (29/445، 446). .
قال تعالى: قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ [إبراهيم: 30] .
وقال الله سُبحانَه: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الحجر: 3] .
وقال عزَّ وجلَّ: نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ [لقمان: 24] .
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (47).
أي: عَذابٌ وهَلاكٌ وخِزْيٌ يومَ القيامةِ للمُكَذِّبينَ بالحَقِّ [227] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/612)، ((تفسير ابن عاشور)) (29/446). .
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ (48).
أي: وإذا قِيلَ في الدُّنيا لأولئك المجرِمينَ: صَلُّوا للهِ تعالى، لا يَفعَلونَ [228] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/612-614)، ((تفسير القرطبي)) (19/168)، ((تفسير ابن كثير)) (8/301)، ((تفسير السعدي)) (ص: 905). قال السعدي: (مِن إجرامِهم أنَّهم إذا أُمِروا بالصَّلاةِ الَّتي هي أشرَفُ العباداتِ، وقيل لهم: ارْكَعُوا، امتَنَعوا مِن ذلك، فأيُّ إجرامٍ فوقَ هذا؟! وأيُّ تكذيبٍ يَزيدُ على هذا؟). ((تفسير السعدي)) (ص: 905). .
قال تعالى: وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ [القلم: 43] .
وقال سُبحانَه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة: 5] .
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49).
أي: عَذابٌ وهَلاكٌ وخِزْيٌ يومَ القيامةِ للمُكَذِّبينَ بالحَقِّ [229] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/614)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (21/186، 187). .
فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
أنَّ اللهَ تعالى لَمَّا بالَغَ في زَجْرِ الكُفَّارِ مِن أوَّلِ هذه السُّورةِ إلى آخِرِها، وحَثَّ على التَّمَسُّكِ بالنَّظَرِ والاستِدلالِ والانقيادِ للدِّينِ الحَقِّ؛ خَتَم السُّورةَ بالتَّعَجُّبِ مِن الكُفَّارِ، وبَيَّن أنَّهم إذا لم يُؤمِنوا بهذه الدَّلائِلِ اللَّطيفةِ مع تجَلِّيها ووُضوحِها، فبأيِّ حديثٍ بَعْدَه يُؤمِنونَ [230] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (30/781، 782). ؟!
وأيضًا لَمَّا أعْلَمَ أنَّ لهم الوَيْلَ دائِمًا؛ ذَكَر أنَّ سَبَبَه عَدَمُ الإيمانِ بالقُرآنِ، وأنَّ مَن لم يؤمِنْ بالقُرآنِ لم يُؤمِنْ بشَيءٍ أبدًا، فقال مُسَبِّبًا عن معنى الكلامِ [231] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (21/187). :
فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50).
أي: فبأيِّ كلامٍ بعْدَ هذا القُرآنِ يُؤمِنونَ إنْ لم يُؤمِنوا به، معَ كَمالِ صِدْقِه، ووُضوحِ حُجَجِه [232] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/614)، ((تفسير القرطبي)) (19/169)، ((تفسير ابن كثير)) (8/301)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (21/187)، ((تفسير السعدي)) (ص: 905)، ((تفسير ابن عاشور)) (29/447، 448). ؟!
قال تعالى: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا [النساء: 87] .
وقال سُبحانَه: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ [الزمر: 23] .
وقال عزَّ وجلَّ: تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآَيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ [الجاثية: 6] .

الفوائد التربوية:

قَولُ اللهِ تعالى: كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ هذا تهديدٌ ووَعيدٌ للمُكَذِّبينَ، أنَّهم وإنْ أكَلوا في الدُّنيا وشَرِبوا وتمتَّعوا باللَّذَّاتِ، وغَفَلوا عن القُرُباتِ؛ فإنَّهم مُجرِمونَ يَستَحِقُّونَ ما يَستَحِقُّه المجرِمونَ، فستَنقَطِعُ عنهم اللَّذَّاتُ، وتبقَى عليهم التَّبِعاتُ [233] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 905). .

الفوائد العلمية واللطائف:

1- قَولُ اللهِ تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ أي: وإذا قيل لهم: صَلُّوا، لا يُصَلُّونَ، فعُبِّر عن الصَّلاةِ بلِفظِ الرُّكوعِ؛ لأنَّه ركنٌ مِن أركانِها [234] يُنظر: ((تفسير الخازن)) (4/385). . والآيةُ أصلٌ في وُجوبِ الرُّكوعِ [235] يُنظر: ((الإكليل)) للسيوطي (ص: 280). .
2- قَولُ اللهِ تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ استُدِلَّ به على أنَّ الكُفَّارَ مُخاطَبونَ بفُروعِ الشَّرائعِ، وأنَّهم حالَ كُفرِهم كما يَستَحِقُّونَ الذَّمَّ والعِقابَ بتركِ الإيمانِ، فكذلك يَستَحِقُّونَ الذَّمَّ والعِقابَ بتركِ الصَّلاةِ؛ لأنَّ اللهَ تعالى ذَمَّهم حالَ كُفْرِهم على تَركِ الصَّلاةِ [236] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (30/781). . فهذه الآيةُ الكريمةُ مِن آياتِ الاستِدلالِ على أنَّ الكُفَّارَ مُؤاخَذونَ بتَرْكِ الفُروعِ، وأكثَرُ ما يأتي ذِكْرُه مِن الفُروعِ هي الصَّلاةُ؛ مِمَّا يؤكِّدُ أنَّها هي بحَقٍّ عِمادُ الدِّينِ [237] يُنظر: ((تتمة أضواء البيان)) لعطية سالم (8/404). .
3- قَولُ اللهِ تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ القائِلونَ بأنَّ الأمرَ للوُجوبِ استَدَلُّوا بهذه الآيةِ؛ لأنَّه تعالى ذمَّهم بمُجَرَّدِ تَرْكِ المأمورِ به، وهذا يدُلُّ على أنَّ مُجَرَّدَ الأمرِ للوُجوبِ [238] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (30/781). .
4- قَولُه تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ استُدِلَّ به على كُفْرِ تاركِ الصَّلاةِ؛ فإنَّه ذَكَرَ سُبحانَه هذا بعْدَ قولِه: كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ، ثُمَّ تَوَعَّدَهم على تَرْكِ الرُّكوعِ -وهو الصَّلاةُ إذا دُعُوا إليها-، ولا يُقالُ: إنَّما تَوَعَّدَهم على التَّكذيبِ؛ فإنَّه سُبحانَه وتعالى إنَّما أَخْبَرَ عن تَرْكِهم لها، وعليه وَقَعَ الوَعيدُ [239] يُنظر: ((الصلاة وأحكام تاركها)) لابن القيم (ص: 49). مذهبُ الحنابلةِ أنَّ تاركَ الصَّلاةِ بالكُلِّيَّةِ تَهاوُنًا أو كسلًا، كافرٌ كُفرًا مُخرِجًا مِن المِلَّةِ، واختاره ابنُ تَيميَّةَ، وابنُ عُثَيمينَ. يُنظر: (الإنصاف)) للمَرْداوي (1/286)، ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (2/24)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (12/51). .
5- قال اللهُ تعالى: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ مِنَ الوَيلِ عليهم أنَّهم تَنْسَدُّ عليهم أبوابُ التَّوفيقِ، ويُحرَمونَ كُلَّ خَيرٍ؛ فإنَّهم إذا كَذَّبوا هذا القُرآنَ الكَريمَ الَّذي هو أعلى مراتِبِ الصِّدقِ واليَقينِ على الإطلاقِ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ [240] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 905). ؟!
6- تأمَّلْ كيفَ وقَع القَسَمُ في أوَّلِ هذه السُّورةِ على المَعادِ والحياةِ الدَّائِمةِ الباقيةِ، وحالِ السُّعداءِ والأشقياءِ فيها، وقَرَّرَها بالحياةِ الأُولى في قَولِه أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ [المرسلات: 20] ، فذكَر فيها المَبدأَ والمَعادَ، وأخلَصَ السُّورةَ لذلك؛ فحَسُنَ الإقسامُ بما يَحصُلُ به نَوْعَا الحياةِ المُشاهَدةِ، وهو الرِّياحُ والملائكةُ، فكان في القَسَمِ بذلك أبْيَنُ دليلٍ وأظهرُ آيةٍ على صِحَّةِ ما أقسَمَ عليه وتضَمَّنَتْه السُّورةُ؛ ولهذا كان المكَذِّبُ بعدَ ذلك في غايةِ الجُحودِ والعنادِ والكُفرِ؛ فاستحقَّ الوَيْلَ بعدَ الوَيلِ، فتَضاعَفَ عليه الويلُ كما تَضاعَفَ منه الكُفرُ والتَّكذيبُ، فلا أحسَنَ مِن هذا التَّكرارِ في هذا الموضِعِ، ولا أعظَمَ منه مَوقعًا؛ فإنَّه تكرَّر عَشْرَ مرَّاتٍ، ولم يُذكَرْ إلَّا في أثَرِ دليلٍ أو مَدلولٍ عليه، عَقِيبَ ما يوجِبُ التَّصديقَ، وما يَجِبُ التَّصديقُ به؛ فتأمَّلْه [241] يُنظر: ((التبيان في أقسام القرآن)) لابن القيم (ص: 146). ويُنظر ما يأتي في بلاغةِ الآياتِ (ص: 505). .
7- في قَولِه تعالى: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ أنَّ مَن لَمْ يَهْتَدِ بما جاءتْ به الأنبياءُ فهو أبْعَدُ النَّاسِ عن الهُدى [242] يُنظر: ((النبوات)) لابن تيمية (2/942). .
8- في قَولِه تعالى: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ أنَّ مِن أحسَنِ اللَّازِمِ وأبْيَنِه أنْ تُبَيِّنَ للسَّامعِ الحقَّ، ثُمَّ تقولَ له: ماذا تقولُ خِلافَ هذا؟! وأين تَذهَبُ خِلافَ هذا؟! قال تعالى: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآَيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ [الجاثية: 6] ، فالأمرُ مُنْحَصِرٌ في الحقِّ والباطلِ، والهدى والضَّلالِ، فإذا عَدَلْتُم عنِ الهُدى والحَقِّ، فأين العُدولُ؟ وأين المَذهَبُ [243] يُنظر: ((التبيان في أقسام القرآن)) لابن القيم (ص: 127). ؟!

بلاغة الآيات :

1- قولُه تعالَى: كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ
- قولُه: كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ الجُملةُ مَقولُ قَولٍ مَحذوفٍ، وهذا المَحذوفُ في مَحلِّ نصْبٍ على الحالِ مِن المُكذِّبينَ، أي: الويلُ ثابتٌ لهم في حالِ ما يُقالُ لهم: كُلوا وتَمتَّعوا، يُقالُ لهم ذلك في الآخِرةِ؛ إيذانًا بأنَّهم كانوا في الدُّنيا أحِقَّاءَ بأنْ يُقالَ لهم، وكانوا مِن أهْلِه؛ تَذكيرًا بحالِهم السَّمِجةِ، وبما جَنَوا على أنفُسِهم مِن إيثارِ المتاعِ القليلِ على النَّعيمِ والمُلكِ الخالدِ [244] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/682)، ((تفسير البيضاوي)) (5/277)، ((تفسير أبي السعود)) (9/82)، ((إعراب القرآن وبيانه)) لدرويش (10/345). .
ويَجوزُ أنْ يكونَ قولُه: كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ مُستأنَفًا خِطابًا للمُكذِّبينَ في الدُّنيا الَّذين خُوطِبوا بقولِه تعالَى: إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ [المرسلات: 7] ، وهو استئنافٌ ناشئٌ عن قولِه: إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [المرسلات: 44] ؛ إذ يُثيرُ في نُفوسِ المُكذِّبينَ المُخاطَبينَ بهذه القَوارعِ ما يَكثُرُ خُطورُه في نُفوسِهم مِن أنَّهم في هذه الدُّنيا في نِعمةٍ مُحقَّقةٍ، وأنَّ ما يُوعَدونَ به غيرُ واقِعٍ؛ فقِيل لهم: كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا، فالأمْرُ في قولِه: كُلُوا وَتَمَتَّعُوا مُستعمَلٌ في الإمهالِ والإنذارِ، أي: ليس أكْلُكم وتَمتُّعُكم بِلَذَّاتِ الدُّنيا بشَيءٍ؛ لأنَّه تَمتُّعٌ قليلٌ، ثمَّ مَأْواكم العذابُ الأبَدِيُّ؛ قال تعالى: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ * لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ [245] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/682)، ((تفسير أبي حيان)) (10/379)، ((تفسير أبي السعود)) (9/82)، ((تفسير ابن عاشور)) (29/445، 446). [آل عمران: 195- 197] .
- وجُملةُ إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ خبَرٌ مُستعمَلٌ في التَّهديدِ والوَعيدِ بالسُّوءِ، أي: إنَّ إجرامَكم مُهْوٍ بكم إلى العَذابِ، وذلك مُستفادٌ مِن مُقابَلةِ وصْفِهم بالإجرامِ بوَصْفِ الْمُتَّقِينَ [المرسلات: 41] بالإحسانِ؛ إذِ الجَزاءُ مِن جِنسِ العمَلِ، فالجُملةُ واقِعةٌ مَوقعَ التَّعليلِ للتَّهديدِ [246] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/682)، ((تفسير ابن عاشور)) (29/446)، ((إعراب القرآن وبيانه)) لدرويش (10/345). .
- وتَأكيدُ الخبَرِ بـ (إنَّ)؛ لرَدِّ إنكارِهم كَوْنَهم مُجرِمينَ [247] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (29/446). .
- وقولُه: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ له ارتباطٌ خاصٌّ بجُملةِ كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا [المرسلات: 46] ؛ لِما في (تَمَتَّعُوا قَلِيلًا) مِن الكِنايةِ عن تَرَقُّبِ سُوءِ عاقِبةٍ لهم، فيَقَعُ قولُه: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ مَوقِعَ البَيانِ لتلك الكِنايةِ، أي: كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا الآنَ، ووَيْلٌ لكم يومَ القيامةِ [248] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (29/446). .
2- قولُه تعالَى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ
- قولُه: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ يجوزُ أنْ يكونَ عطفًا على قولِه: لِلْمُكَذِّبِينَ [المرسلات: 47] ، والتَّقديرُ: والَّذين إذا قِيل لهم: ارْكَعوا، لا يَركَعونَ. ويجوزُ أنْ يكونَ عطفًا على جُملةِ كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا [المرسلات: 46] ، والانتِقالُ مِن الخِطابِ إلى الغَيبةِ الْتِفاتٌ، وعلى كِلا الوَجْهينِ فهو مِن الإدماجِ [249] الإدماجُ: أنْ يُدمِجَ المتكلِّمُ غرضًا في غَرضٍ، أو بديعًا في بديعٍ بحَيثُ لا يَظهرُ في الكلامِ إلَّا أحدُ الغرَضينِ أو أحدُ البَديعينِ؛ فهو مِن أفانينِ البَلاغةِ، ويكونُ مرادُ البليغِ غَرَضينِ فيَقرِنُ الغرضَ المَسوقَ له الكلامُ بالغرضِ الثَّاني، وفيه تَظهرُ مَقدرةُ البليغِ؛ إذ يأتي بذلك الاقترانِ بدونِ خروجٍ عن غَرَضِه المسوقِ له الكلامُ ولا تَكلُّفٍ، بمعنى: أن يَجعلَ المتكلِّمُ الكلامَ الَّذي سِيق لِمعنًى -مِن مَدحٍ أو غيرِه- مُتضمِّنًا معنًى آخَرَ. يُنظر: ((الإتقان)) للسيوطي (3/298)، ((علوم البلاغة البيان المعاني البديع)) للمراغي (ص: 344)، ((تفسير ابن عاشور)) (1/339)، ((البلاغة العربية)) لعبد الرحمن حَبَنَّكَة الميداني (2/427). ؛ لِيَنعَى عليهم مُخالفَتَهم المُسلِمينَ في الأعمالِ الدَّالَّةِ على الإيمانِ الباطِنِ، فهو كِنايةٌ عن عدَمِ إيمانِهِم؛ لأنَّ الصَّلاةَ عِمادُ الدِّينِ، والمعْنى: إذا قِيل لهم آمِنوا وارْكَعوا، لا يُؤمِنون ولا يَركَعون. ويجوزُ أنْ يكونَ عطْفًا على قولِه: إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ [المرسلات: 46] . وعلى الوُجوهِ كلِّها يُفيدُ تَهديدَهم؛ لأنَّه مَعطوفٌ على التَّكذيبِ أو على الإجرامِ، وكِلاهما سَببٌ للتَّهديدِ بجَزاءِ السُّوءِ في يَومِ الفصْلِ [250] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (29/446، 447)، ((إعراب القرآن وبيانه)) لدرويش (10/346). .
- وفي قولِه: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ سمَّى الصَّلاةَ باسمِ جُزءٍ مِن أجْزائِها، وهو الرُّكوعُ، وإنَّما خَصَّ الرُّكوعَ بالذِّكرِ معَ أنَّ الصَّلاةَ تَشتمِلُ على أفعالٍ كَثيرةٍ؛ لأنَّ العرَبَ كانوا يَأنَفون مِن الرُّكوعِ والسُّجودِ [251] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/683)، ((تفسير أبي حيان)) (10/379)، ((إعراب القرآن وبيانه)) لدرويش (10/346). .
وقيل: خَصَّ هذا الجُزءَ؛ لأنَّه يُقالُ على الخُضوعِ والطَّاعةِ، ولأنَّه خاصٌّ بصَلاةِ المُسلِمينَ [252] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (21/186). .
- وجُملةُ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ يَجوزُ أنْ تكونَ مُتَّصِلةً بقولِه: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ [المرسلات: 48] ، ويكونَ التَّعبيرُ بالمُكذِّبينَ إظهارًا في مَقامِ الإضمارِ؛ لقصْدِ وَصْفِهم بالتَّكذيبِ، والتَّقديرُ: وَيلٌ يَومَئذٍ لهم أو لكم، فهي تَهديدٌ ناشئٌ عن جُملةِ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ، ويكونَ اليومُ المُشارُ إليه بـ يَوْمَئِذٍ الزَّمانَ الَّذي يُفيدُه (إذا) مِن قولِه: وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا الَّذي يُجازى فيه بالوَيلِ للمُجرِمينَ الَّذين إذا قِيل لهم: ارْكَعوا، لا يَركَعونَ، أي: لا يُؤمِنونَ، وتُفيدُ مع ذلك تَقريرًا وتَأْكيدًا لنَظيرِها المذكورِ ثانيًا في هذه السُّورةِ [253] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (29/447). .
- وجاء في هذه السُّورةِ بعْدَ كلِّ جُملةٍ قولُه: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ؛ لأنَّ كلَّ جُملةٍ منها فيها إخبارُ اللهِ تعالَى عن أشياءَ مِن أحوالِ الآخرةِ، وتَقريراتٍ مِن أحوالِ الدُّنيا، فناسَبَ أنْ يُذكَرَ الوعيدُ عَقِيبَ كلِّ جُملةٍ منها للمُكذِّبِ بالوَيلِ في يومِ الآخرةِ [254] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (10/379). .
- وأيضًا قدْ تَكرَّرت آيةُ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ في هذه السُّورةِ عشْرَ مرَّاتٍ، والسِّرُّ فيها زِيادةُ التَّرهيبِ، والتَّكرارُ في مَقامِ التَّرغيبِ والتَّرهيبِ مُسْتَساغٌ حسَنٌ، لا سيَّما إذا تَغايَرَتِ الآياتُ السَّابقاتُ على المرَّاتِ المُكرَّرةِ، كما هنا [255] يُنظر: ((درة التنزيل وغرة التأويل)) للإسكافي (ص: 1319-1327)، ((أسرار التكرار في القرآن)) للكرماني (ص: 244)، ((ملاك التأويل)) لأبي جعفر الغرناطي (2/498، 499)، ((بصائر ذوي التمييز)) للفيروزابادي (1/495، 496)، ((فتح الرحمن)) للأنصاري (ص: 593)، ((إعراب القرآن وبيانه)) لدرويش (10/335). .
وقيل: كرَّرَه في هذه السُّورةِ عندَ كلِّ آيةٍ لِمَن كذَّب؛ لأنَّه قسَمَه بيْنَهم على قَدرِ تكذيبِهم؛ فإنَّ لكلِّ مكَذِّبٍ بشَيءٍ عذابًا سِوى تكذيبِه بشَيءٍ آخَرَ، ورُبَّ شَيءٍ كذَّب به هو أعظَمُ جُرمًا مِن تكذيبِه بغيرِه؛ لأنَّه أقبَحُ في تكذيبِه، وأعظَمُ في الرَّدِّ على الله، فإنَّما يُقسَمُ له مِنَ الوَيلِ على قَدْرِ ذلك، وعلى قدرِ وِفاقِه [256] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (19/158). .
وقيل: ليس بتَكرارٍ؛ لأنَّه أراد بكُلِّ قولٍ منه غيرَ الَّذي أراد بالآخَرِ، كأنَّه ذكَرَ شيئًا، فقال: وَيلٌ لِمَن يُكَذِّبُ بهذا، ثمَّ ذكَرَ شيئًا آخَرَ، فقال: وَيلٌ لِمَن يُكَذِّبُ بهذا، ثمَّ ذكر شيئًا آخَرَ فقال: ويلٌ لِمَن يكَذِّبُ بهذا، ثمَّ كذلك إلى آخِرِها [257] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (19/169). .
3- قولُه تعالَى: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ الفاءُ في فَبِأَيِّ فَصيحةٌ تُنبِئُ عن شَرْطٍ مُقدَّرٍ، تَقديرُه: إنْ لم يُؤمِنوا بهذا القُرآنِ فبِأيِّ حَديثٍ بعْدَه يُؤمِنونَ؟! وقد دلَّ على تَعيينِ هذا المُقدَّرِ ما تَكرَّرِ في آياتِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ [المرسلات: 49] ؛ فإنَّ تَكذيبَهم بالقُرآنِ وما جاء فيه مِن وُقوعِ البعثِ [258] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (29/447)، ((إعراب القرآن وبيانه)) لدرويش (10/346). .
- والاستِفهامُ مُستعمَلٌ في الإنكارِ التَّعجيبيِّ مِن حالِ الكافِرينَ المُكذِّبينَ، أي: إذا لم يُصدِّقوا بالقُرآنِ مع وُضوحِ حُجَّتِه، فلا يُؤمِنون بحَديثٍ غيرِه، والمقصودُ أنَّ القُرآنَ بالِغٌ الغايةَ في وُضوحِ الدَّلالةِ، ونُهوضِ الحُجَّةِ، فالَّذين لا يُؤمِنونَ به لا يُؤمِنونَ بكَلامٍ يَسمَعونه عَقِبَ ذلك [259] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (29/447، 448). .
- وقولُه: بَعْدَهُ يَجوزُ أنْ يُجعَلَ صِفةَ حَدِيثٍ فهو ظَرْفٌ مُستقَرٌّ [260] الظَّرْفُ المُستقَرُّ -بفتحِ القافِ-: سُمِّيَ بذلك؛ لاستِقرارِ الضَّميرِ فيه بَعْدَ حذْفِ عامِلِه، وهو الفِعلُ (استقرَّ)، ولأنَّه حينَ يصيرُ خبَرًا مثلًا يَنتقِلُ إليه الضَّميرُ مِن عامِلِه المحذوفِ ويَستقِرُّ فيه؛ وبسَببِ هذَينِ الأمْرَينِ استحقَّ عاملُه الحذفَ وُجوبًا. فإذا أُلغِيَ الضَّميرُ فيه سُمِّيَ ظرفًا لَغوًا؛ لأنَّه فَضلةٌ لا يُهتَمُّ به، وسُمِّيَ أيضًا «اللَّغوُ» لَغوًا؛ لأنَّ وُجودَه ضئيلٌ. فقولُك: كان في الدَّارِ زَيدٌ، أي: كان مُستقِرًّا في الدَّارِ زَيدٌ؛ فالظَّرفُ مُستقَرٌّ فيه، ثمَّ حُذِف الجارُّ، كما يُقالُ: المحصولُ للمَحصولِ عليه، ولم يُستحسَنْ تقديمُ الظَّرفِ اللَّغوِ، وهو ما ناصِبُه ظاهِرٌ؛ لأنَّه -إذَنْ- فَضلةٌ؛ فلا يُهتمُّ به، نحو: كان زَيدٌ جالسًا عندَك. يُنظر: ((شرح الرضي على الكافية)) (4/210)، ((موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب)) لخالد الأزهري (ص: 82)، ((النحو الوافي)) لعباس حسن (2/446، 447). ، والمرادُ بالبَعديَّةِ: تَأخُّرُ الزَّمانِ، ويُقدَّرُ معْنى بالغٍ أو مَسموعٍ بعْدَ بُلوغِ القُرآنِ أو سَماعِه، سواءٌ كان حَديثًا مَوجودًا قبْلَ نُزولِ القُرآنِ، أو حَديثًا يُوجَدُ بعدَ القُرآنِ، فليس المعْنى أنَّهم يُؤمِنونَ بحديثٍ جاء قبْلَ القرآنِ مِثلِ التَّوراةِ والإنجيلِ وغَيرِهما مِن المواعظِ والأخبارِ، بل المرادُ أنَّهم لا يُؤمِنون بحَديثٍ غَيرِه بعدَ أنْ لم يُؤمِنوا بالقُرآنِ؛ لأنَّه لا يقَعُ إليهم كَلامٌ أوضَحُ دَلالةً وحُجَّةً مِن القرآنِ. ويجوزُ أنْ يكونَ بَعْدَهُ مُتعلِّقًا بـ يُؤْمِنُونَ، فهو ظَرْفٌ لَغْوٌ، ويَبْقى لَفظُ حَدِيثٍ مَنفيًّا بلا قَيدِ وَصْفِ أنَّه بعْدَ القرآنِ، والمعْنى: لا يُؤمِنون بعْدَ القرآنِ بكلِّ حَديثٍ [261] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (29/448). .
- وضَميرُ بَعْدَهُ عائدٌ إلى القُرآنِ، ولم يَتقدَّمْ ما يدُلُّ عليه في هذه السُّورةِ ليكونَ معادًا للضَّميرِ، ولكنَّه اعتُبِر كالمذكورِ؛ لأنَّه مَلحوظٌ لأذْهانِهم كلَّ يومٍ مِن أيَّامِ دَعوةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إيَّاهم به. ويجوزُ أنْ يكونَ ضَميرُ بَعْدَهُ عائدًا إلى القولِ المأخوذِ مِن وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ [المرسلات: 48] ؛ فإنَّ أمْرَهم بالرُّكوعِ -الَّذي هو كِنايةٌ عن الإيمانِ- كان بأقوالِ القُرآنِ [262] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (29/448). .