موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الثَّالِثُ: استِنباطُ القاعِدةِ الفِقهيَّةِ مِنَ القُرآنِ


أحَدُ المَصادِرِ المُهِمَّةِ للقَواعِدِ الفِقهيَّةِ هو استِنباطُها مِنَ القُرآنِ، ومِن هذه القَواعِدِ:
1- قاعِدةُ "المَشَقَّةُ تَجلِبُ التَّيسير":
وأصلُ هذه القاعِدةِ عِدَّةُ آياتٍ مِنَ القُرآنِ، مِنها: قَولُه تعالى: يُريدُ اللهُ بكُمُ اليُسرَ ولا يُريدُ بكُمُ العُسرَ [البقرة: 185] الآيةَ، وقَولُه: وَمَا جَعَلَ عَلَيكُم في الدِّينِ مِن حَرَجٍ [الحج: 78] ، وقَولُه: الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُم وعَلِمَ أنَّ فيكُم ضَعفًا [الأنفال: 66] ، يُريدُ اللهُ أن يُخَفِّفَ عَنكُم [النساء: 28] ، وقال تعالى في صِفةِ نَبيِّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ [الأعراف: 157] الآيةَ، وقال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفسًا إلَّا وُسعَهَا [البقرة: 286] ، وقال تعالى في دُعائِهم: وَلَا تَحمِلْ عَلَينَا إِصْرًا [البقرة: 286] الآيةَ، وغَيرُها [310] يُنظر: ((الفوائد السنية)) للبرماوي (5/ 2146)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 76)، ((الأشباه والنظائر)) لابن نجيم (ص: 64)، ((شرح الكوكب المنير)) لابن النجار (4/ 445). .
قال السُّيوطيُّ: (قَولُه تعالى: ‌يُرِيدُ ‌اللَّهُ ‌بِكُمُ ‌الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: 185] هذا أصلٌ لقاعِدةٍ عَظيمةٍ يُبنى عليها فُروعٌ كَثيرةٌ، وهيَ أنَّ المَشَقَّةَ تَجلِبُ التَّيسيرَ، وهيَ إحدى القَواعِدِ الخَمسِ التي يُبنى عليها الفِقهُ، وتَحتَها مِنَ القَواعِدِ: قاعِدةُ "الضَّروراتُ تُبيحُ المَحظوراتِ"، وقاعِدةُ: "إذا ضاقَ الأمرُ اتَّسَعَ"، ومِنَ الفُروعِ ما لا يُحصى كَثرةً، والآيةُ أصلٌ في جَميعِ ذلك) [311] ((الإكليل)) (ص: 41). .
2- قاعِدةُ "الإيثارُ في القُرَبِ مَكروهٌ وفي غَيرِها مَحبوبٌ":
وهيَ قاعِدةٌ فِقهيَّةٌ استُنبِطَت مِن قَولِ اللهِ تعالى ويُؤْثِرونَ على أنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [الحشر: 9] [312] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 116)، ((الأشباه والنظائر)) لابن نجيم (ص: 101). ، وقَولِ اللهِ تعالى: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [آل عمران: 133] ، وقَولِه: فاستَبِقُوا الخَيراتِ [البقرة: 148] . قال الطِّيبيُّ: (واتَّفَقوا أنَّه لا يُؤثِرُ في القُرَبِ الدِّينيَّةِ والطَّاعاتِ، وإنَّما الإيثارُ ما كانَ في حُظوظِ النُّفوسِ، فيُكرَهُ أن يُؤثِرَ غَيرَه مَوضِعَه مِنَ الصَّفِّ الأوَّلِ مَثَلًا) [313] ((شرح المشكاة)) (9/ 2880). .

انظر أيضا: