الفَرعُ الثَّاني: النَّصُّ على القاعِدةِ الفِقهيَّةِ في السُّنَّةِ
السُّنَّةُ النَّبَويَّةُ إحدى مَصادِرِ القَواعِدِ الفِقهيَّةِ. وقد أشارَ ابنُ قُتَيبةَ الدِّينَوريُّ إلى جُمَلٍ مِنَ القَواعِدِ الفِقهيَّةِ التي رويَت فيها نُصوصٌ مِنَ السُّنَّةِ، فقال:
(ولا بُدَّ له -مَعَ ذلك- مِنَ النَّظَرِ في جُمَلِ الفِقهِ، ومَعرِفةِ أُصولِه: مِن حَديثِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وصَحابَتِه، كَقَولِه: البَيِّنةُ على المُدَّعي واليَمينُ على المُدَّعى عليه
[277] أخرجه من طرق: الشافعي في ((الأم)) (8/208) مختصرًا، والبيهقي (21245) واللفظ له من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما. حسَّن إسنادَه ابنُ الملقن في ((خلاصة البدر المنير)) (2/449)، وذكر ثبوته الشافعي في ((الأم)) (8/27)، وابن المنذر في ((الأوسط)) (7/24). وقولُه: ((واليَمينُ على المدَّعى عليهـ)) أخرجه البخاري (2514)، ومسلم (1710)، ولَفظُ البُخاريِّ: عَنِ ابنِ أبي مُلَيكةَ قال: كَتَبتُ إلى ابنِ عَبَّاسٍ، فكَتَبَ إليَّ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَضى أنَّ اليَمينَ على المُدَّعى عليه. ، والخَراجُ بالضَّمانِ
[278] أخرجه أبو داود (3508)، والترمذي (1286)، والنسائي (4490) من حديثِ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها. قال الإمام أحمد كما في ((المقرر على أبواب المحرر)) للمرداوي (1/581): لا أصلَ له، وقال البخاري كما في ((العلل الكبير)) للترمذي (191): مُنكَرٌ، وقال أبو حاتم الرازي كما في ((المقرر على أبواب المحرر)) للمرداوي (1/581): لا تقومُ بمِثلِه الحُجَّةُ، وقال ابنُ حزم في ((المحلى)) (8/136): لا يصِحُّ، وقال ابن العربي في ((القبس)) (2/840): ليس بصحيحٍ. ، وجَرْحُ العَجْماءِ جُبَارٌ
[279] أخرجه البخاري (6912)، ومسلم (1710) من حديثِ أبي هريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، بلفظ: ((العَجماءُ جَرحُها جُبارٌ)). ، ولا يَغلَقُ الرَّهنُ
[280] أخرجه ابن ماجه (2441)، وابن حبان (5934)، والحاكم (2350) من حديثِ أبي هُريرةَ رَضِيَ اللهُ عنه. ضَعَّفَه الألبانيُّ في ((ضعيف سنن ابن ماجهـ)) (2441)، وقال الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (4/101): مُنقَطِعٌ، وذَكَرَ ابنُ عَديٍّ في ((الكامل في الضعفاء)) (1/289) أنَّ فيه سُلَيمانَ بنَ داوُدَ: لا يُعرَفُ، وفيه أبو مَيسَرةَ الحَرَّانيُّ: حَدَّثَ عَنِ الثِّقاتِ بالمَناكيرِ، ورُويَ عَنِ الزُّهريِّ مُرسَلًا ومَوصولًا. ، والمِنحةُ مَردودةٌ، والعاريَّةُ مُؤَدَّاةٌ، والزَّعيمُ غارِمٌ
[281] لفظُه: عَن أبي أُمامةَ رَضيَ اللهُ عنه قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((إنَّ اللَّهَ قد أعطى كُلَّ ذي حَقٍّ حَقَّه، فلا وصيَّةَ لوارِثٍ، ولا تُنفِقُ المَرأةُ شَيئًا مِن بَيتِها إلَّا بإذنِ زَوجِها. فقيلَ: يا رَسولَ اللهِ، ولا الطَّعامَ؟ قال: ذاكَ أفضَلُ أموالِنا. ثُمَّ قال: العاريَّةُ مُؤَدَّاةٌ، والمِنحةُ مَردودةٌ، والدَّينُ مَقضيٌّ، والزَّعيمُ غارِمٌ)). أخرجه أبو داود (3565) واللفظ له، والترمذي (2120) باختلاف يسير، وابن ماجه (2295، 2405، 2398، 2713) مفرَّقًا باختلافٍ يسيرٍ. صحَّحه القرطبيُّ المفسِّر في ((التفسير)) (6/426)، وابن الملقن في ((شرح البخاري)) (16/434)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3565)، وصحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (3565)، وقال الترمذيُّ: حسَنٌ صحيحٌ. ، ولا وصيَّةَ لوارِثٍ
[282] لفظُه: عَن أبي أُمامةَ، قال: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: ((إنَّ اللَّهَ قد أعطى كُلَّ ذي حَقٍّ حَقَّه؛ فلا وصيَّةَ لوارِثٍ)). أخرجه أبو داود (2870) واللفظ له، والترمذي (2120)، وابن ماجه (2713). صحَّحه ابنُ العربي في ((عارضة الأحوذي)) (4/432)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2870)، وأحمد شاكر في ((عمدة التفسير)) (1/215)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (2870)، وحسَّنه الإمام أحمد كما في ((بلوغ المرام)) لابن حجر (286)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (24/439). ، ولا قَطعَ في ثَمَرٍ ولا كَثَرٍ
[283] أخرجه أبو داود (4388)، والترمذي (1449)، والنسائي (4961). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحهـ)) (4466)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (8/657)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4388)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4388)، وقال ابن العربي في ((عارضة الأحوذي)) (3/414): حسن صحيح، وقال ابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (5/426): حسنٌ أو صحيحٌ. ، ولا قَوَدَ إلَّا بحديدةٍ
[284] أخرجه الطيالسي (839)، والبيهقي (16180). ضعَّفه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (8/390)، وقال ابن العربي في ((أحكام القرآن)) (1/161): لا يصِحُّ. ، والمرأة تُعاقلُ الرَّجُلَ إلى ثُلُثِ الدِّيةِ
[285] لفظُه: عَن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ، عَن أبيه، عَن جَدِّه: قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: عَقلُ المَرأةِ مِثلُ عَقلِ الرَّجُلِ حَتَّى يَبلُغَ الثُّلُثَ مِن ديَتِها» أخرجه النسائي (4805)، وعبد الرزاق (17756)، والدارقطني (4/77). ضعفه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (8/443)، والألباني في ((ضعيف سنن النسائي)) (4805)، وضعَّف إسنادَه ابنُ كثير في ((إرشاد الفقيهـ)) (2/273)، وذكر النسائي في ((السنن الكبرى)) (6980) أنَّ فيه إسماعيلَ بنَ عَيَّاشٍ: ضَعيفٌ كَثيرُ الخَطَأِ، وذكر عبد الحق الإشبيلي في ((الأحكام الوسطى)) (4/60) أنَّ فيه إسماعيلَ بنَ عَيَّاشٍ، وهو في غَيرِ الشَّاميِّينَ ضَعيفٌ كَثيرُ الخَطَأِ لا يُؤخَذُ حَديثُه، وهو أيضًا عَن عَمرِو بنِ شُعَيبٍ عَن أبيه عَن جَدِّه ، وذكر محمد ابن عبد الهادي في ((تنقيح التحقيق)) (4/519) أنَّ فيه ابنَ جُرَيجٍ: حِجازيٌّ، وإسماعيلُ بنُ عَيَّاشٍ ضَعيفٌ في رِوايَتِه عَنِ الحِجازيِّينَ. ، ولا تَعقلُ العاقِلةُ عمدًا ولا عبدًا ولا صُلحًا ولا اعترافًا
[286] أخرجه الدارقطني (4/233)، والبيهقي (16441) مِن قَولِ عامِرِ بنِ شَراحيلَ الشَّعبيِّ. قال البَيهَقيُّ: المَحفوظُ عَن عامِرٍ الشَّعبيِّ مِن قَولِه. ، ولا طَلاقَ في إغلاقٍ
[287] لفظُه: عَن عائِشةَ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: لا طَلاقَ ولا عَتاقَ في إغلاقٍ. أخرجه أبو داود (2193) باختلاف يسير، وابن ماجه (2046)، وأحمد (26360) واللفظ لهما. ضعَّفه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن الدارقطني)) (3988)، وذكر عبد الحق الإشبيلي في ((الأحكام الوسطى)) (3/200) أنَّ فيه مُحَمَّدَ بنَ عُبَيدِ بنِ أبي صالِحٍ وهو ضَعيفٌ، وذكر المنذري في ((مختصر سنن أبي داود)) (2/49) أنَّ فيه مُحَمَّدَ بنَ عُبَيدِ بنِ أبي صالِحٍ المَكِّيَّ، وهو ضَعيفٌ، وذَكَرَ المِزِّيُّ في ((تهذيب الكمال)) (17/32) أنَّ فيه مُحَمَّدَ بنَ عُبَيدِ بنِ أبي صالِحٍ، قال أبو حاتِمٍ: ضَعيفُ الحَديثِ، وذَكَرَه ابنُ حبان في الثقات، وقال ابنُ حجر في ((التلخيص الحبير)) (4/1250): في إسنادِه مُحَمَّدُ بنُ عُبيدِ بنِ أبي صالِحٍ، وقد ضَعَّفَه أبو حاتِمٍ الرَّازيُّ، وذكر الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (7/21) أنَّ في إسنادِه مُحَمَّدَ بنَ عُبَيدِ بنِ أبي صالِحٍ ضَعَّفَه أبو حاتِمٍ الرَّازيُّ، وذَكَرَ عَدَمَ ثُبوتِه ابنُ بطال في ((شرح البخاري)) (6/137)، والعيني في ((عمدة القاري)) (23/305). ، والبَيِّعَان بالخيارِ ما لم يتفرَّقا
[288] لفظُه: عَن حَكيمِ بنِ حِزامٍ رَضيَ اللهُ عنه، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: البَيِّعانِ بالخيارِ ما لم يَتَفَرَّقا -أو قال: حَتَّى يَتَفَرَّقا- فإن صَدَقا وبَيَّنا بورِكَ لهما في بَيعِهما، وإن كَتَما وكَذَبا مُحِقَت بَرَكةُ بَيعِهما. أخرجه البخاري (2079) واللفظ له، ومسلم (1532). ، والجارُ أحقُّ بصَقَبِه
[289] لفظُه: عَن عَمرِو بنِ الشَّريدِ، أنَّ أبا رافِعٍ ساومَ سَعدَ بنَ مالِكٍ بَيتًا بأربَعِ مِئةِ مِثقالٍ، وقال: لولا أنِّي سَمِعتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ: الجارُ أحَقُّ بصَقَبِه ما أعطَيتُكَ. أخرجه البخاري (6981). ، والطَّلاقُ بالرِّجالِ، والعِدَّةُ بالنِّساءِ
[290] أخرجه عبد الرزاق (12950) باختلاف يسير، وابن أبي شيبة (18560)، والبيهقي (15273) واللفظ لهما مَوقوفًا على عَبدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما. صحَّحه ابن حزم في ((المحلى)) (10/233). ،)، وكَنَهيِه في البُيوعِ عَنِ المُخابَرةِ والمُحاقَلةِ والمُزابَنةِ والمُعاوَمةِ والثُّنيا
[291] لفظُه: عَن جابِرِ بنِ عَبدِ اللهِ، قال: نَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَنِ المُحاقَلةِ، والمُزابَنةِ، والمُعاوَمةِ، والمُخابَرةِ -قال أحَدُهما: بَيعُ السِّنينَ هيَ المُعاومةُ- وعَنِ الثُّنيا، ورَخَّصَ في العَرايا. أخرجه البخاري (2381)، ومسلم (1536) واللفظ له. ، وعَن رِبحِ ما لم يُضمَنْ
[292] لفظُه: عَن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو، قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا يَحِلُّ سَلَفٌ وبَيعٌ، ولا شَرطانِ في بَيعٍ، ولا رِبحُ ما لم تَضمَنْ، ولا بَيعُ ما ليس عِندَكَ)). أخرجه أبو داود (3504) واللفظ له، والترمذي (1234)، والنسائي (4630). صحَّحه بمجموع طرقه: الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (1212)، وقال الترمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ، وحسَّنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن الدارقطني)) (3073)، وذكر ثبوتَه ابنُ تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (28/29)، وقال ابنُ القَيِّمِ في ((زاد المعاد)) (5/716): محفوظٌ. وذهب إلى تصحيحِه ابن حبان في ((صحيحهـ)) (4321)، وابن حزم في ((المحلى)) (8/520)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (24/384)، وابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (5/487)، والنووي في ((المجموع)) (9/376)، وقال الحاكم في ((المستدرك)) (2218): على شَرطِ جُملةٍ مِن أئِمَّةِ المُسلِمينَ صَحيحٌ. ، وبَيعِ ما لم يُقبَضْ
[293] لفظُه: عَن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما يَقولُ: قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَنِ ابتاعَ طَعامًا فلا يَبِعْه حَتَّى يَقبِضَه. أخرجه البخاري (2133)، ومسلم (1526). ، وعن بَيعَتَينِ في بَيعةٍ
[294] لفظُه: عَن أبي هرَيرةَ قال: نَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن بَيعَتَينِ في بَيعةٍ. أخرجه الترمذي (1231)، والنسائي (4632)، وأحمد (9584). صحَّحه ابن حبان في ((صحيحهـ)) (4973)، والنووي في ((المجموع)) (9/338)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (6/496)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)) (1231)، وقال الترمذي: حسنٌ صحيحٌ. ، وعن شَرطَينِ في بيعٍ، وعن بيعٍ وسَلَفٍ
[295] لفظُه: عَن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو قال: قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا يَحِلُّ سَلَفٌ وبَيعٌ، ولا شَرطانِ في بَيعٍ، ولا رِبحُ ما لم تَضمَنْ، ولا بَيعُ ما ليس عِندَكَ)). أخرجه أبو داود (3504) واللفظ له، والترمذي (1234)، والنسائي (4630). صحَّحه بمجموع طرقه: الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (1212)، وقال الترمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ، وحسَّنه شعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن الدارقطني)) (3073)، وذكر ثبوتَه ابنُ تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (28/29)، وقال ابنُ القَيِّمِ في ((زاد المعاد)) (5/716): محفوظٌ. وذهب إلى تصحيحِه ابن حبان في ((صحيحهـ)) (4321)، وابن حزم في ((المحلى)) (8/520)، وابن عبد البر في ((التمهيد)) (24/384)، وابن القطان في ((الوهم والإيهام)) (5/487)، والنووي في ((المجموع)) (9/376)، وقال الحاكم في ((المستدرك)) (2218): على شَرطِ جُملةٍ مِن أئِمَّةِ المُسلِمينَ صَحيحٌ. ، وعن بَيعِ الغَرَرِ
[296] لفظُه: عَن أبي هرَيرةَ، قال: نَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن بَيعِ الحَصاةِ، وعَن بَيعِ الغَرَرِ. أخرجه مسلم (1513). وبَيعِ المُواصَفةِ
[297] عَن مَعمَرٍ عَنِ الزُّهريِّ عَنِ ابنِ المُسَيِّبِ قال: "المواصَفةُ هو المواطَأةُ"، وبه قال: "كانَ يكرَهُ المواصَفةَ، والمواصَفةُ أن يواصِفَ الرَّجُلُ بالسِّلعةِ ليس عِندَه، وكُرِهَ أيضًا أن تَأتيَ الرَّجُلَ بالثَّوبِ ليس لكَ، فتَقولَ: مِن حاجَتِكَ هذا؟ فإذا قال: نَعَم، اشتَرَيتَه لتَبيعَه مِنه نَظِرةً". أخرجه عبد الرزاق (14223) واللفظ له، وابن أبي شيبة (20878) بلفظ: "المراوَضة". وقال ابنُ قُتَيبةَ -صاحِبُ كِتابِ أدَبِ الكاتِبِ المَأخوذِ مِنه المَتنُ- في كتابه: ((تأويل مختلف الحديث)) (ص: 479): (...إنَّه ليس بَينَ الحَديثَينِ اختِلافٌ بحَمدِ اللهِ تعالى؛ لأنَّ الحَديثَ الأوَّلَ نَهى عَن بَيعِ الحَيَوانِ بالحَيَوانِ نَسيئةً، ولَيسَ يَجوزُ أن يَشتَريَ شَيئًا ليس عِندَ البائِعِ؛ لنَهيِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن ذلك، وهو بَيعُ المواصَفةِ، وإذا أنتَ بعتَ حَيَوانًا بحَيَوانٍ نَسيئةً فقد دَفَعتَ ثَمَنًا لشَيءٍ ليس هو عِندَ صاحِبِكَ، فلَم يَجُزْ ذلك). وعليه يُمكِنُ الِاستِدلالُ على بَيعِ المواصَفةِ بحَديثِ الحَسَنِ، عَن سَمُرةَ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نَهى عَن بَيعِ الحَيَوانِ بالحَيَوانِ نَسيئةً. أخرجه أبو داود (3356)، والترمذي (1237)، والنسائي (4620). حسَّنه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (20143)، وذكر ثبوته ابن التركماني في ((الجوهر النقي)) (5/288). وذهب إلى تصحيحِه ابنُ دقيق العيد في ((الاقتراح)) (122)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (3356)، وقال الترمذيُّ: حسنٌ صحيحٌ. ، وعن الكالِئِ بالكالِئِ
[298] لفظُه: عَنِ ابنِ عُمَرَ قال: نَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن بَيعِ الكالِئِ بالكالِئِ، وهو بَيعُ الدَّينِ بالدَّينِ. أخرجه عبد الرزاق (14440) واللفظ له، والحاكم (2378)، والبيهقي (10636). قال الإمام أحمد كما في ((العلل المتناهية)) (2/601): وليس في هذا حَديثٌ صَحيحٌ، وضَعَّفَه ابنُ حجر في ((فتح الباري)) (4/427)، والشوكاني في ((نيل الأوطار)) (5/331)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (1382). ، وعن تَلَقِّي الرُّكبانِ
[299] لفظُه: عَن أبي هرَيرةَ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: لا تَلَقَّوُا الرُّكبانَ، ولا يَبِعْ بَعضُكُم على بَيعِ بَعضٍ، ولا تَناجَشوا، ولا يَبِعْ حاضِرٌ لبادٍ، ولا تُصَرُّوا الغَنَمَ، ومَنِ ابتاعَها فهو بخَيرِ النَّظَرَينِ بَعدَ أن يَحتَلِبَها: إن رَضيَها أمسَكَها، وإن سَخِطَها رَدَّها وصاعًا مِن تَمرٍ. أخرجه البخاري (2150) واللفظ له، ومسلم (1515). ، في أشباهٍ لهذا كثيرةٍ، إذا هو حَفِظَها، وتَفَهَّمَ مَعانيَها وتَدَبَّرَها، أغنَته بإذنِ اللهِ تعالى عَن كَثيرٍ مِن إطالةِ الفُقَهاءِ)
[300] ((أدب الكاتب)) (ص: 13- 14). .
ومِنَ الأمثِلةِ على هذه القَواعِدِ:- قاعِدةُ "لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ"
[301] لفظُه: عَن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَضى أنْ لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ)). أخرجه ابن ماجه (2340)، وعبد الله بن أحمد في ((زوائد المسند)) (22778). حسَّنه النووي في ((بستان العارفين)) (35)، والسيوطي في ((الجامع الصغير)) (9880)، وقال ابن كثير كما في ((الدراري المضية)) للشوكاني (285): مشهورٌ. وذهب إلى تصحيحِه ابنُ رجب في ((جامع العلوم والحكم)) (2/211)، والألباني في ((صحيح سنن ابن ماجهـ)) (2340). :
وهذا الحَديثُ بنَصِّه الصَّريحِ قاعِدةٌ فِقهيَّةٌ بلَفظِ "لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ"
[302] يُنظر: ((شرح القواعد الفقهية)) لأحمد الزرقا (ص: 165)، ((قواعد الفقهـ)) للبركتي (ص: 106). ، وبَعضُهم صاغَها: "الضَّرَرُ يُزالُ"
[303] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 7)، ((إيضاح المسالك)) للونشريسي (1/ 106)، ((الأشباه والنظائر)) لابن نجيم (ص: 72). ، وبَعضُهم: "الضَّرَرُ مُزالٌ"
[304] يُنظر: ((القواعد)) للحصني (1/ 334). .
- قاعِدةُ "كُلُّ مُسكِرٍ حَرامٌ"
[305] لفظُه: عَن أبي موسى الأشعَريِّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَعَثَه إلى اليَمَنِ، فسَألَه عَن أشرِبةٍ تُصنَعُ بها، فقال: وما هيَ؟ قال: البِتعُ والمِزرُ -فقُلتُ لأبي بُردةَ: ما البِتعُ؟ قال: نَبيذُ العَسَلِ، والمِزرُ: نَبيذُ الشَّعيرِ- فقال: كُلُّ مُسكِرٍ حَرامٌ أخرجه البخاري (4343) واللفظ له، ومسلم (1733). : وهذا الحَديثُ ضابِطٌ فِقهيٌّ في أبوابِ (الأشرِبةِ)، يُقَرِّرُ أنَّ كُلَّ ما أذهَبَ العَقلَ وخامَرَه فهو حَرامٌ
[306] يُنظر: ((الإشراف)) لابن المنذر (2/ 926)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (13/ 384)، ((المغني)) لابن قدامة (12/ 495)، ((المبدع)) لابن مفلح (9/ 529)، ((موسوعة القواعد الفقهية)) للبورنو (8/ 602). .
- قاعِدةُ "البَيِّنةُ على المُدَّعي واليَمينُ على مَن أنكَرَ"
[307] أخرجه ابن أبي عاصم في ((الديات)) (ص40)، والبيهقي (21243) واللفظُ له من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما. حسَّنه النووي في ((الأربعون النووية)) (33)، وحسَّنه بطرقه وشواهده: شعيب الأرناؤوط في تخريج ((زاد المعاد)) (5/330)، وقال محمد ابن عبد الهادي في ((حاشية الإلمام)) (648): إسنادُه حسنٌ صحيحٌ، وذكر ثبوتَه الشوكاني في ((السيل الجرار)) (2/411)، وذهب إلى تصحيحه ابنُ الملقن في ((البدر المنير)) (9/450)، والألباني في ((إرواء الغليل)) (2685)، وصحَّح إسنادَه ابنُ حجر في ((بلوغ المرام)) (421)، والشوكاني في ((الدراري المضية)) (377)، وقال ابنُ رجب في ((جامع العلوم والحكم)) (2/226): أصلُه في الصَّحيحينِ. وأصله في صحيح البخاري (4552)، ومسلم (1711) دونَ قَولِه: "واليَمينُ على مَن أنكَرَ"، ولَفظُ مُسلِمٍ: عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لو يُعطى النَّاسُ بدَعواهم لادَّعى ناسٌ دِماءَ رِجالٍ وأموالَهم، ولَكِنَّ اليَمينَ على المُدَّعى عليهـ)). :
فهذا الحَديثُ يُعتَبَرُ قاعِدةً فِقهيَّةً
[308] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 508). ، قال النَّوويُّ: (وهذا الحَديثُ قاعِدةٌ كَبيرةٌ مِن قَواعِدِ أحكامِ الشَّرعِ)
[309] ((شرح صحيح مسلم)) (12/ 3). .