المَطلبُ الأوَّلُ: الاستِغاثةُ والاستِعانةُ بغَيرِ اللهِ تعالى
قال البَريلَويُّون: (إنَّ للَّه عِبادًا اختَصَّهم بحَوائِجِ النَّاسِ يَفزَعونَ إليها بحَوائِجِهم)
.
و(إنَّ الاستِعانةَ والاستِغاثةَ بغَيرِ اللهِ مَشروعٌ ومَرغوبٌ، ولا يُنكِرُه إلَّا مُكابرٌ أو مُعانِدٌ)
.
سَواءٌ كان المُستَغاثُ به والمُستَعانُ به منَ الأحياءِ أوِ الأمواتِ، وسَواءٌ كان نَبيًّا ورَسولًا أو وليًّا وصالحًا لا فرقَ بَينَهم؛ فإنَّهم وُلاةُ الأمورِ وقُضاةُ الحاجاتِ ودافِعو البليَّاتِ وشافُو الأمراضِ وكاشِفو الكُرُباتِ. ولقد نَصَّ على ذلك البَريلَويُّ والبَريلَويُّون؛ حَيثُ قالوا: (الاستِغاثةُ بالأنبياءِ والمُرسَلينَ والأنبياءِ والصَّالحينَ جائِزةٌ)
.
وقال: (إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هو دافِعُ البلاءِ ومانِحُ العَطاءِ)
.
و(إنَّ جِبرائيلَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ قاضي الحاجاتِ، وإنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هو قاضي قُضاةِ الحاجاتِ؛ حَيثُ إنَّه عليه السَّلامُ يَقضي حَوائِجَ جِبرائيلَ أيضًا)
.
وعَليٌّ رَضيَ اللهُ تعالى عنه كَذلك، كما نَقَل البَريلَويُّ:
نادِ عَليًّا مُظهِرَ العَجائِبِ
تَجِدْه عَونًا لك في النَّوائِبِ
كُلُّ هَمٍّ وغَمٍّ سيَنجَلي
بوِلايَتِك يا عليُّ يا عليّ
.
وكَذَبوا على عَبد القادِرِ الجيلانيِّ، فذَكَروا أنَّه قال: (مَنِ استَغاثَ بي في كُربةٍ كُشِفَت عنه، ومَن ناداني في كُربةٍ كُشِفَت عنه، ومَن نادى باسمي في شِدَّةٍ فُرِجَت عنه، ومَن تَوسَّل بي إلى اللهِ في حاجةٍ قُضيَت حاجَتُهـ)
.
وأيضًا لدَيهم ما يُسَمَّى بالصَّلاةِ الغَوثيَّةِ، وصورَتُها أن يُصَلِّيَ رَكعَتَينِ، ثمَّ يَخطوَ نَحوَ بَغدادَ إحدى عَشرةَ خَطوةً، وكُلَّما وضَعَ قدَمَه استَغاثَ بالغَوثِ (أي الشَّيخِ الجيلانيِّ)، ويُناديه باسمِه ويُقدِّمُ حاجَتَه ويَقرَأُ هَذَينَ البَيتَينِ:
أيُدرِكُني ضَيمٌ وأنتَ ذَخيرَتي
وأُظلَمُ في الدُّنيا وأنتَ نَصيري
وعارٌ على حامي الحِمى وهو مُنجِدي
إذا ضاعَ في البَيداءِ عِقالُ بَعيري
.
وقال البَريلَويُّ: (إنَّ لأهلِ الدِّينِ مُغيثًا، وهو عَبدُ القادِرِ)
.
وقد قال أيضًا: (إنَّني لم أستَعِنْ في حَياتي أحَدًا ولم أستَغِثْ غَيرَ الشَّيخِ عَبدِ القادِرِ، كُلَّما أطلُبُ المَدَدَ أطلُبُ منه، وكُلَّما أستَغيثُ أستَغيثُ به، ومَرَّةً حاولتُ أن أستَغيثَ وأستَعينَ بوليٍّ آخَرَ حَضْرَت محبوب إلهي. وعِندَما أرَدتُ النُّطقَ باسمِه للاستِغاثةِ والاستِعانةِ ما نَطَقتُ إلَّا بياغَوْثاه؛ فإنَّ لساني يَأبى أن يَنطِقَ الاستِغاثةَ بغَيرِهـ)
.
ويمكِنُ لديهم أيضًا الاستعانةُ بأحمد زَرُّوق
الذي ذَكَروا أنَّه قال في قَصيدَتِه:
أنا لمُريدي جامِعٌ لشَتاتِه
إذا ما سَطا جَورًا الزَّمانُ بنَكبةٍ
وإن كُنتَ في ضِيقٍ وكَربٍ ووَحشةٍ
فنادِ بيا زروق آتِ بسُرعةٍ
وابنُ علوانَ
كذلك، فقالوا: (إنَّ الإنسانَ إذا ضاعَ له شَيءٌ وأرادَ أن يَرُدَّه اللهُ فليَقِفْ على مَكانٍ عالٍ مُستَقبِلَ القِبلةِ، ويَقرَأُ الفاتِحةَ ويُهدي ثَوابَها للنَّبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلام، ثمَّ يُهدي ثَوابَها لسَيِّدي أحمَدَ بنِ علوانَ، ثمَّ يَقولُ: يا سَيِّدي يا أحمَدُ بنَ علوانَ إن لم تَرُدَّ عليَّ ضالَّتي وإلَّا نَزَعتُك من ديوانِ الأولياءِ)
.
والسَّيِّدُ مُحَمَّد الحَنَفيُّ
أيضًا، فقالوا: (إنَّ مُحَمَّد الحَنَفيَّ كان يَتَوضَّأُ في خَلوتِه، فيَومًا منَ الأيَّامِ خَلعَ نَعلَه ورَماها في الفضاءِ وأعطى الثَّانيةَ لخادِمِه، وقال له: ضَعْها عِندَك حتَّى يَأتيَ بالثَّانيةِ أحَدٌ، وبَعدَ مُدَّةٍ طَويلةٍ جاءَ شَخصٌ منَ الشَّامِ ومَعَه تلك النَّعلُ التي رَماها الشَّيخُ وغابَت في الفضاءِ، وقال: مُرشِدي وشَيخي، إنَّ ناهِبًا جاءَ ليَنهَبَني ورَكِبَ على صَدري ليَذبَحَني، فنادَيتُ يا سَيِّدي مُحَمَّد حَنَفي، فحَضَرَتِ النَّعلُ منَ الغَيبِ وضَرَبَت صَدرَ ذلك النَّاهِبِ، فأُغمِيَ عليه فنَجَوتُ منهـ)
.
والسَّيِّدُ البَدَويُّ
أيضًا، فيَقولُ المُريدُ والمُستَغيثُ به عِندَهم: (يا سَيِّدي أحمَد بَدَوي خاطِرْ مَعي)
.
ونَقَلوا عنه أنَّه قال: (مَن كانت له حاجةٌ فليَأتِ إلى قَبري ويَطلُبْ حاجةً أقضِ حاجَتَهـ)
.
وقالوا: (كُلُّ مَن كان مُتَعَلِّقًا بنَبيٍّ أو رَسولٍ أو وَليٍّ فلا بُدَّ له أن يَحضُرَه ويَأخُذَ بيَدِه في الشَّدائِدِ)
.
وقالوا أيضًا: (مَشايِخُ الصُّوفيَّةِ يُلاحِظونَ أتباعَهم ومُريديهم في جَميعِ الأحوالِ والشَّدائِدِ)
والاستِغاثةُ والاستِعانةُ ليست مَشروعةً عِندَ القَومِ منَ الأحياءِ فقَط، بل ومن أهلِ القُبورِ أيضًا، كما قال البَريلَويُّ: (إذا تَحَيَّرتُم في الأمورِ فاستَعينوا من أصحابِ القُبورِ)
.
وقال أحَدُهم: (إنَّ زيارةَ القُبورِ تَنفعُ وتُفيدُ، وإنَّ أصحابَ القُبورِ يُعينونَ الزُّوَّارَ)
.
و(إنَّ المَقصودَ من زيارةِ القُبورِ أن يُستَفادَ من أهلِها)
.
و(إنَّ قَبرَ موسى الكاظِمِ لدِرياقٌ
أكبَرُ)
.
تلك هي عَقائِدُ القَومِ في الاستِغاثةِ والاستِعانةِ بغَيرِ اللهِ تعالى، وقد قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ مُستَنكِرًا قَولَ المُشرِكينَ وفِعلَهم ومُوَبِّخًا إيَّاهم:
قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ [سبأ: 22] .
وقال اللهُ سُبحانَه وتعالى:
ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر 13-14].
وقال مُبَيِّنًا فَسادَهم:
قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُم بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا [فاطر: 40].
وبيَّن لهم مؤكِّدًا:
وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ [الأعراف: 197] .
وقال اللهُ تعالى:
وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ [الرعد: 14] .
وقال اللهُ سُبحانَه:
وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ [العنكبوت: 22] .
وقال اللهُ عزَّ وجَلَّ لنبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يَسألَ المُشرِكينَ والمُستَعينينَ بغَيرِ اللهِ تعالى أن يُجيبوه على سُؤالِه:
أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ [الزمر: 38] .
وقال اللهُ تعالى:
أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ [النمل: 62] .
وقال اللهُ سُبحانَه:
إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [الأعراف: 194] .
وقال اللهُ عزَّ وجَلَّ:
قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا [الرعد: 16] .
وقال اللهُ تعالى:
وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ [الأحقاف: 5] .
وقد ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ في كِتابِه الكَريمِ عَدَدًا منَ الأنبياءِ عليهمُ السَّلامُ وعِبادِه الصَّالحينَ الذينَ احتاجوا إلى الاستِغاثةِ والاستِعانةِ والدُّعاءِ في مَسائِلِهم ومَشاكِلِهم والمُلمَّاتِ التي ألمَّت بهم، فلم يَستَغيثوا إلَّا باللهِ تعالى ولم يُنادوا إلَّا رَبَّهم وحدَه من لدُنْ آدَمَ إلى نوحٍ، ومن إبراهيمَ إلى موسى، ومن يونُسَ إلى خاتَمِ النَّبيِّينَ وأشرَفِ المُرسَلينَ مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ اللَّهِ صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عليهم أجمَعينَ، سَواءٌ كان لطَلَبِ المَغفِرةِ أوِ الولَدِ أوِ الشِّفاءِ أوِ النَّجاةِ منَ المَآزِقِ والمَهالكِ؛ من بُؤسٍ وفَقرٍ وسَجنٍ وغَيرِ ذلك، أو طَلَبِ النَّصرِ، فلم تَرِدْ واقِعةٌ ولا حادِثةٌ واحِدةٌ استَغاثَ فيها أحَدٌ من عِبادِ اللهِ المُقَرَّبينَ وأوليائِه بأحَدٍ دونَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ. ولكِنَّ البَريلَويَّ يَقولُ: (كُلُّ مَن كان مُتَعَلِّقًا بنَبيٍّ أو رَسولٍ أو وَليٍّ فلا بُدَّ أن يَأخُذَ بيَدِه في الشَّدائِدِ)
.
وقال غَيرُه: (إنَّ جَميعَ العالمِ للأولياءِ كَكِفَّةِ يَدٍ يَنظُرونَ إليها، وإن ناداهم أحَدٌ واستَغاثَ بهم من أيَّةِ بُقعةٍ كانت، يُغيثونَه ويَقضونَ حَوائِجَهـ)
.
هذا والرَّسولُ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ قد قال لابنِ عَمِّه عَبدِ اللَّهِ بنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما:
((إذا سَألتَ فاسألِ اللهَ، وإذا استَعنتَ فاستَعِنْ باللهِ، واعلَمْ أنَّ الأمَّةَ لوِ اجتَمَعَت على أن يَنفعوك بشَيءٍ لم يَنفعوك إلَّا بشَيءٍ قد كَتَبَه اللهُ لك، ولوِ اجتَمَعوا على أن يَضُرُّوك بشَيءٍ لم يَضُرُّوك إلَّا بشَيءٍ قد كَتَبَه اللهُ عليك، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفُ))
.
والبَريلَويُّ يَطعنُ ويَقدَحُ في الذينَ يُنكِرونَ عليه هذا القَولَ ولا يَستَغيثونَ إلَّا باللهِ تعالى وحدَه ولا يَستَعينونَ إلَّا به، ولا يَتَوكَّلونَ إلَّا عليه ولا يَدعونَ إلَّا إيَّاه، فيَقولُ: (حَدَثَ في زَمانِنا شِرذِمةٌ قَليلةٌ يُنكِرونَ الاستِمدادَ منَ الأولياءِ، ويَقولونَ ما يَقولونَ، وما لهم بذلك من عِلمٍ إن هم إلَّا يَخرُصونَ)
.
فذاكَ قَولُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ وقَولُ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذه المَسألةِ، وهذا قَول البَريلَويِّين، الذينَ عَكَسوا الأمورَ؛ حَيثُ سَمَّوا مُتَّبِعي الكِتابِ والسُّنَّةِ المُحْدَثينَ، وسَمَّوا أنفُسَهمُ المُتَّبِعينَ والمُتَمَسِّكينَ بأقاويلِ المُتَقدِّمينَ ممَّا لم يُنزِلِ اللهُ تعالى به من سُلطانٍ، كما قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ:
وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ [البقرة: 170] .
وهم يُخالفونَ صَراحةً قَولَ اللهِ تعالى:
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة: 186] . وقولَ اللهِ سُبحانَه:
وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: 60] .
وقد طُرِحَ على اللَّجنةِ الدَّائِمةِ للبُحوثِ العِلميَّةِ والإفتاءِ بالسُّعوديَّةِ سُؤالٌ عنِ البَريلَويَّةِ، وهذا نَصُّه:
جَماعةٌ مُعَيَّنةٌ في الباكِسَتانِ تُسَمَّى البَريلَويَّةَ أو جَماعةَ نواري نِسبةً إلى رَئيسِهمُ الحاليِّ المَعروفِ بنَواري؛ حَيثُ طَلبتُ من فضيلتِكُمُ الحُكمَ الشَّرعيَّ بهم وباعتِقادِهم وبالصَّلاةِ خَلفَهم؛ ليَكونَ ذلك بَردًا وسَلامًا على قُلوبٍ كَثيرةٍ لا تَعرِفُ الحَقيقةَ، ومَرَّةً ثانيةً أذَكِّرُكُم ببَعضِ خُرافاتِهم واعتِقاداتهمُ الشَّائِعةِ:
1- الاعتِقادُ بأنَّ الرَّسولَ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حَيٌّ.
2- الاعتِقادُ بأنَّ الرَّسولَ عليه الصَّلاةُ والسَّلام حاضِرٌ وناظِرٌ خاصَّةً بَعدَ صَلاةِ الجُمعةِ مُباشَرةً.
3- الاعتِقادُ بأنَّ الرَّسولَ عليه أفضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ الشَّفيعُ مُسبَقًا.
4- يَعتَقِدونَ بالأولياءِ وأصحابِ القُبورِ ويُصَلُّونَ عِندَهم طالبينَ منهم قَضاءَ الحاجةِ.
5- إشادةُ القِبابِ وإضاءةُ القُبورِ.
6- قَولهمُ المَشهورُ: يا رَسولُ، يا مُحَمَّدُ...
ما الحُكمُ الشَّرعيُّ بالصَّلاةِ خَلفَهم؟ عِلمًا بأنَّني طالبُ طِبٍّ في كَراتشي وأسكُنُ بجِوارِ المَسجِدِ والمُسَلَّطةُ أوِ المُشرِفةُ عليه تلك الجَماعةُ البَريلَويَّةُ.
فأجابَتِ اللَّجنةُ الدَّائِمةُ: (مَن هذه صِفاتُه لا تَجوزُ الصَّلاةُ خَلفَه، ولا تَصِحُّ لو فُعِلَت من عالمٍ بحالِه؛ لأنَّ مُعظَمها صِفاتٌ كُفريَّةٌ وبِدعيَّةٌ تُناقِضُ التَّوحيدَ الذي أرسَل اللهُ به رُسُلَه وأنزَل به كُتُبَه، وتُعارِضُ صَريحَ القُرآنِ، مِثلُ قَولِه سُبحانَه:
إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر: 30] ، وقَولِه:
وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن: 18] . ويُنكِرُ عليهمُ البدَعَ التي يَفعَلونَها بأسلوبٍ حَسَنٍ، فإن قَبِلوا فالحَمدُ للَّهِ، وإن لم يَقبَلوا هَجرَهم وصَلَّى في مَساجِدِ أهلِ السُّنَّةِ، وله في خَليلِ الرَّحمَنِ أُسوةٌ حَسَنةٌ في قَولِه:
وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا [مريم: 48] )
.