الموسوعة الفقهية

المَسألةُ السَّادِسةُ: العَدالةُ


يُشتَرَطُ لأداءِ الشَّهادةِ العَدالةُ، فلا تُقبَلُ شَهادةُ الفاسِقِ، وذلك في الجُملةِ [1054]أبو يوسُفَ اشتَرَطَ شُروطًا لقَبولِ شَهادةِ الفاسِقِ، قال المَرغينانيُّ: (وعَن أبي يوسُفَ رَحِمَه اللهُ أنَّ الفاسِقَ إذا كانَ وجيهًا في النَّاسِ ذا مُروءةٍ، تُقبَلُ شَهادَتُه؛ لأنَّه لا يُستَأجَرُ لوجاهَتِه، ويَمتَنِعُ عَنِ الكَذِبِ لمُروءَتِهـ). ((الهداية)) (3/ 117). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: من الكتابِ
1- قَولُه تعالى مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ [البقرة: 282] .
2- قَولُه تعالى: وَأَشۡهِدُوا ذَوَيۡ عَدۡل مِّنكُمۡ [الطلاق: 2] .
وَجهُ الدَّلالةِ من الآيتينِ:
دَلَّت هاتانِ الآيَتانِ على أنَّه لا تُقبَلُ إلَّا شَهادةُ العَدلِ المَرْضيِّ، وأنَّ الشَّاهِدَ المَرْضيَّ هو الشَّاهِدُ العَدلُ [1055] يُنظر: ((الاستذكار)) لابن عبد البر (7/104)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (6/268). .
3- قَولُه تعالى: إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ [الحجرات: 6] .
ثالثًا: من الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: مُسلِمٌ [1056]قال مُسلِمُ بنُ الحَجَّاجِ: (فدَلَّ بما ذَكَرنا مِن هذه الآيِ: أنَّ خَبَرَ الفاسِقِ ساقِطٌ غَيرُ مَقبولٍ، وأنَّ شَهادةَ غَيرِ العَدلِ مَردودةٌ. والخَبَرُ، وإن فارَقَ مَعناه مَعنى الشَّهادةِ في بَعضِ الوُجوهِ، فقد يَجتَمِعانِ في أعظَمِ مَعانيهما؛ إذ كانَ خَبَرُ الفاسِقِ غَيرَ مَقبولٍ عِندَ أهلِ العِلمِ، ‌كَما ‌أنَّ ‌شَهادَتَه ‌مَردودةٌ ‌عِندَ ‌جَميعِهم). ((صحيح مسلم)) (1/9). ، والماوَرديُّ [1057] قال الماوَرديُّ: (اعلَمْ أنَّه لا خِلافَ في رَدِّ شَهادةِ الفاسِقِ بالنَّصِّ). ((الحاوي الكبير)) (17/272). ، وابنُ رُشدٍ [1058] قال ابنُ رُشدٍ: (أمَّا العَدالةُ فإنَّ المُسلِمينَ اتَّفَقوا على اشتِراطِها في قَبولِ شَهادةِ الشَّاهِدِ؛ لقَولِه تعالى: مِمَّن تَرضَونَ مِنَ الشُّهَداءِ [البقرة: 282]، ولقَولِه تعالى: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ [الطلاق: 2] ...، وذلك أنَّهم ‌اتَّفَقوا على أنَّ شَهادةَ الفاسِقِ لا تُقبَلُ). ((بداية المجتهد)) (4/245). ، وابنُ قُدامةَ [1059] قال ابنُ قُدامةَ: (فالفُسوقُ نَوعانِ؛ أحَدُهما: مِن حَيثُ الأفعالُ؛ فلا نَعلَمُ خِلافًا في رَدِّ شَهادَتِهـ). ((المغني)) (10/146). ، وابنُ تَيميَّةَ [1060] قال ابنُ تيميَّةَ: (فإنَّ الفُقَهاءَ مُتَّفِقونَ على أنَّه لَو شَهِدَ شاهِدٌ عِندَ الحاكِمِ، وكانَ قدِ استَفاضَ عنه نَوعٌ مِن أنواعِ الفُسوقِ القادِحةِ في الشَّهادةِ؛ فإنَّه لا يَجوزُ قَبولُ شَهادَتِهـ). ((مجموع الفتاوى)) (28/371). وقال أيضًا: (ثَبَتَ بالكِتابِ والسُّنَّةِ والإجماعِ أنَّه لا يُستَشهَدُ إلَّا ذَوو العَدلِ). ((منهاج السنة)) (3/398). وقال أيضًا: (شَهادةُ الفاسِقِ مَردودةٌ بنَصِّ القُرآنِ واتِّفاقِ المُسلِمينَ، وقد يُجيزُ بَعضُهمُ الأمثَلَ فالأمثَلَ مِنَ الفُسَّاقِ عِندَ الضَّرورةِ إذا لَم يوجَدْ عُدولٌ ونَحوُ ذلك، وأمَّا قَبولُ شَهادةِ الفاسِقِ فهذا لَم يَقُله أحَدٌ مِنَ المُسلِمينَ). ((مختصر الفتاوى المصرية)) (ص 604). .
رابعًا: أنَّ العَدالةَ هيَ المُعينةُ للصِّدقِ؛ لأنَّ مَن يَتَعاطى غَيرَ الكَذِبِ قد يَتَعاطاه [1061] ((الهداية)) للمرغيناني (3/117). .

انظر أيضا: