موسوعة اللغة العربية

المَبْحَثُ الثَّاني عَشَرَ: (لَمَّا)


حرفٌ يأتي على ثَلاثةِ أوجُهٍ:
(1) تخْتَصُّ بالمضارعِ فتَجزِمُه وتَنفيه وتَقلِبُه ماضِيًا، كـ(لم)، إلَّا أَنَّها تفارِقُها فِي خَمْسةِ أُمُورٍ:
أَحدُها: أَنَّها لا تقتَرِنُ بأداةِ شَرطٍ، فَلا يُقال: إنْ لَمَّا تَقُمْ، و(لمْ) تقتَرِنُ بها، كما في قَولِه تعالَى: وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ [المائدة: 67] .
والثَّانِي: أَنَّ مَنفِيَّها مُسْتَمِرُّ النَّفْيِ إلَى الحالِ، كَقَوْلِ اللهِ تعالَى: بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ [ص: 8] . ومنفيُّ (لم) يحْتَمِلُ الِاتِّصالَ؛ نَحْوُ قَولِه تعالَى: وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا [مريم: 4] ، والانقِطاعَ، كَما فِي قَولِه تعالَى: لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا [الإنسان: 1] ؛ ولهذا جازَ: لم يَكُنْ ثمَّ كانَ، وَلم يجُزْ: لَمَّا يكُنْ ثمَّ كانَ، بل يُقالُ: لَمَّا يكُنْ وَقد يكونُ.
الثَّالِثُ: أَنَّ منفيَّ (لَمَّا) لا يكونُ إلَّا قَرِيبًا من الحالِ، وَلا يُشْتَرطُ ذَلِك فِي منفيِّ (لم)؛ نَحْوُ: لم يكُنْ ذَلِك الرجُلُ فِي العامِ الماضِي مُقيمًا. وَلا يجوزُ: لَمَّا يكُنْ.
الرَّابِعُ: أَنَّ منفيَّ (لَمَّا) متوقَّعٌ ثُبوتُه، بِخِلافِ منفيِّ (لم)؛ ففي قَولِه تعالَى: بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ [ص: 8] أَنهم لم يذوقوه إلَى الآنَ، وَأَنَّ ذَوْقَهم لَهُ متوقَّعٌ.
الخامِسُ: أَن منفيَّ (لَمَّا) جائِزُ الحَذفِ؛ نَحْوُ: قاربتُ المدينةَ ولَمَّا، أي: ولَمَّا أدخُلْها [230] ينظر: ((شرح التسهيل)) لابن مالك (4/57)، ((شرح ابن الناظم على الألفية)) (ص: 491)، ((التذييل والتكميل)) لأبي حيان (1/102)، ((المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية)) للشاطبي (6/100)، ((مغني اللبيب)) لابن هشام (ص: 367)، ((الجنى الداني)) للمرادي (ص: 592). .
(2) (لَمَّا) التعليقيَّةُ: وهي التي تخْتَصُّ بالماضي، فتقتضي جملتَينِ وُجِدَت ثانيتُهما عِنْد وجودِ أُولاهما؛ نَحْوُ: لَمَّا جاءَنِي أكرَمْتُه. ويُقالُ فِيها: حرفُ وجودٍ لوُجُودٍ. وبَعضُهم يقولُ: حرفُ وُجوبٍ لوُجُوبٍ. وإن كانت الجُملةُ الأُولى منفيةً والثَّانيةُ مُوجَبةً، فهي حرفُ وُجوبٍ لنفيٍ؛ نَحْوُ: لَمَّا لم تحضُرْ أعطيتُ أخاك، وبالعَكسِ. وَقيل: هِيَ ظرفٌ بِمَعْنى (حِينٍ) [231] ينظر: ((الكتاب)) لسيبويه (5/111)، ((الأصول في النحو)) لابن السراج (1/25)، ((مغني اللبيب)) لابن هشام (ص: 369)، ((همع الهوامع)) للسيوطي (2/222)، ((التصريح بمضمون ةالتوضيح)) لخالد الأزهري (1/700). .
(3) أَن تكونَ حَرْفَ استثناءٍ بِمَعْنى (إلَّا)، فَتدخُلُ على الجُمْلةِ الاسميَّةِ؛ نَحْوُ قَولِه تعالَى: إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ [الطارق: 4] فِيمَن شدَّد المِيمَ. وعَلى الماضِي لفظًا لا معنًى؛ نَحْوُ: أَنْشدُكَ اللهَ لَمَّا فعَلْتَ، أي: ما أسأَلُك إلَّا فِعْلَكَ [232] يُنظر:  ((حروف المعاني والصفات)) للزجاجي (ص: 11)، ((ارتشاف الضرب)) لأبي حيان (3/1555)، ((مغني اللبيب)) لابن هشام (ص: 370). .

انظر أيضا: