موسوعة التفسير

سورةُ المُلْكِ
الآيات (23-27)

ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﰑ ﰒ ﰓ ﰔ ﰕ ﰖ ﰗ ﰘ ﰙ ﰚ ﰛ ﰜ ﰝ ﰞ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ

غريب الكلمات:

وَالْأَفْئِدَةَ: جمْعُ فؤادٍ، وهو القلبُ؛ سمِّيَ بذلك لحرارَتِه، أو لتَوقُّدِه، وأصلُ (فأد): يدُلُّ على حُمَّى وشِدَّةِ حرارةٍ .
ذَرَأَكُمْ: أي: خلَقَكم وكَثَّرَكم، والذَّرْءُ: بَثُّ الخَلقِ وتَكثيرُه، وأصلُ (ذرأ) هنا: يدُلُّ على بَذْرٍ وزَرعٍ .
زُلْفَةً: أي: قَريبًا، وأصلُ (زلف): يدُلُّ على تَقدُّمٍ في قُربٍ إلى شَيءٍ .
سِيئَتْ: أي: ظهَر فيها السُّوءُ لما حلَّ بها، وقبُحَتْ بالسَّوادِ وأثرِ الكآبةِ، يُقالُ: ساء الشيءُ يسوءُ، فهو سيِّئٌ: إذا قبُح، وسِيء يُساءُ: إذا قبُح، والسُّوءُ: كلُّ ما يغمُّ الإنسانَ مِن الأمورِ الدُّنيويَّةِ، والأُخرويةِ، وأصلُ السُّوءِ: القُبحُ .
تَدَّعُونَ: أي: تَطلُبونَ وتَستعجِلونَ؛ (تفتعلونَ) مِن الدُّعاءِ، أو تَدَّعونَ أن لا بعثَ، فهو مِن الدَّعوَى، وأصلُ (دعو) أنْ تُميلَ الشَّيءَ إليكَ بصَوتٍ وكَلامٍ يَكونُ مِنكَ .

المعنى الإجمالي:

يقولُ تعالى مذكِّرًا بنِعَمِه، ومبيِّنًا أنَّه المعبودُ وحْدَه، وداعيًا عِبادَه إلى شُكرِه، وإفرادِه بالعبادةِ: قُلْ -يا محمَّدُ- للمُشرِكينَ المكَذِّبينَ: اللهُ وَحْدَه هو مَنْ أوجَدَكم مِنَ العَدَمِ، وجعَلَ لكم السَّمعَ والأبصارَ والأفئِدةَ، قليلًا ما تَشكُرونَ اللهَ تعالى على ما آتاكم!
قُلْ -يا محمَّدُ-: اللهُ هو الَّذي نشَرَكم في أقطارِ الأرضِ وأرجائِها، وإليه وَحْدَه تُجمَعونَ.
ثُمَّ يخبِرُ الله تعالى عن الكفَّارِ المُنكِرينَ للمَعادِ، المُستبعِدينَ وُقوعَه، فيقولُ: ويقولُ المُشرِكونَ تكذيبًا واستِهزاءً: متى يكونُ ما تَعِدُونَنا به مِنَ الحَشرِ إلى اللهِ إنْ كُنتُم صادِقينَ؟ قُلْ لهم: إنَّما عِلْمُ ذلك عِندَ اللهِ وَحْدَه، وما أنا إلَّا مُنذِرٌ لكم عَذابَ اللهِ!
ثمَّ يذكرُ حالَهم عندَما يرَونَ العذابَ، فيقولُ: فلمَّا رأى أولئك الكافِرونَ ما وُعِدُوا به قريبًا منهم وعايَنوه، ساءهم وأفزَعَهم؛ فتغيَّرَت وُجوهُهم وقَبُحَت، وقِيلَ لهم يومَ القيامةِ تَوبيخًا: هذا هو العَذابُ الَّذي كُنتُم تَطلُبونَه وتَسألُونَ تَعجيلَه في الدُّنيا!

تفسير الآيات:

قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (23).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
أنَّ اللهَ تعالى لَمَّا أورد البُرهانَ أوَّلًا مِن حالِ سائِرِ الحيواناتِ، وهو وُقوفُ الطَّيرِ في الهواءِ؛ أورد البُرهانَ بَعْدَه مِن أحوالِ النَّاسِ، وهو هذه الآيةُ، وذكَرَ مِن عجائِبِ ما فيه حالَ السَّمعِ والبَصَرِ والفُؤادِ .
وأيضًا لَمَّا كان العرَبُ المَوعوظونَ بهذا الذِّكْرِ يَتغالَونَ في التَّفاخُرِ بالهدايةِ في الطُّرُقِ المحسوسةِ، وعدَمِ الإخلالِ بشُكرِ المعروفِ لِمُسْديه ولو قَلَّ، فنفَى عنهم الأوَّلَ بقِيامِ الأدِلَّةِ على خَطَئِهم الفاحِشِ في كُلِّ ما خالَفوا فيه الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن طريقِهم المعنويِّ الَّذي اتَّخَذوه دِينًا؛ فهو أشرَفُ مِن الطَّريقِ المحسوسِ- أتْبَعَه بيانَ انسِلاخِهم مِنَ الثَّاني مع التأكيدِ؛ لانسلاخِهم مِنَ الأوَّلِ .
قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ.
أي: قُلْ -يا محمَّدُ- للمُشرِكينَ المكَذِّبينَ: اللهُ وَحْدَه هو مَنْ أوجَدكم مِنَ العَدَمِ .
وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ.
أي: وهو الَّذي جعَلَ لكم السَّمعَ لِتَسمَعوا آياتِ اللهِ تعالى، والأبصارَ لِتَنظُروا خَلْقَ اللهِ عزَّ وجلَّ، والأفئِدةَ لِتَتفَكَّروا وتَعتَبِروا فيما سَمِعتُم وشاهَدتُم .
قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ.
أي: قليلًا ما تَشكُرونَ اللهَ تعالى على ما آتاكم مِنَ السَّمعِ والأبصارِ والأفئِدةِ .
قال تعالى: ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ [السجدة: 9] .
قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
أنَّ اللهَ تعالى استدَلَّ بأحوالِ الحيَواناتِ أوَّلًا، ثمَّ بصِفاتِ الإنسانِ ثانيًا، وهي السَّمعُ والبصَرُ والعَقلُ، ثمَّ بحُدوثِ ذاتِ هذا الإنسانِ ثالثًا، وهو قَولُه :
قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ.
أي: قُلْ -يا محمَّدُ-: اللهُ هو الَّذي نشَرَكم في أقطارِ الأرضِ وأرجائِها .
وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ.
أي: وإلى اللهِ تُجمَعونَ بعْدَ هذا التَّفرُّقِ والشَّتاتِ، فيَبعَثُكم مِن قُبورِكم للحِسابِ والجَزاءِ .
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25).
أي ويقولُ المُشرِكونَ: متى يكونُ ما تَعِدُونَنا مِنَ الحَشرِ إلى اللهِ إنْ كُنتُم صادِقينَ في وَعْدِكم هذا ؟
قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26).
قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ.
أي: قُلْ -يا محمَّدُ- لهؤلاءِ السَّائِلينَ: إنَّما عِلْمُ وقتِ مجيءِ القيامةِ عِندَ اللهِ وَحْدَه، لا يَعلَمُه أحدٌ سِواه .
كما قال تعالى: يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ [الأعراف: 187] .
وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ.
أي: وما أنا إلَّا مُنذِرٌ لكم عَذابَ اللهِ إنْ كفَرْتُم إنذارًا بيِّنًا واضِحًا تُقامُ به الحُجَّةُ عليكم .
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27).
فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا.
أي: فلمَّا رأى أولئك الكافِرونَ ما وُعِدُوا به شَديدَ القُربِ منهم وعايَنوه، ساءهم وأفزَعَهم، وأقلَقَ أفئِدتَهم؛ فتغيَّرَت وُجوهُهم وقَبُحَت، وعَلَتْها الكآبةُ !
قال الله تبارك وتعالى: وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ * وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ [الشورى: 44، 45].
وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ.
القِراءاتُ ذاتُ الأثَرِ في التَّفسيرِ:
1- قِراءةُ تَدْعُونَ أي: هذا هو العَذابُ الَّذي كُنتُم تَدْعُون اللهَ لِيَأتيَكم به .
2- قِراءةُ تَدَّعُونَ: أي: تَطلبونَ، وقيل: المعنى: هذا هو العَذابُ الَّذي كُنتُم به تُكَذِّبونَ، فتَدَّعونَ أنَّكم إذا مُتُّم لا تُبعَثونَ. وقيل: معنى تُدْعَوْنَ: تَمْتَرونَ. وقيل: المعنى: تتَمَنَّونَ. وقيل: القِراءتانِ بمعنًى واحدٍ، وهو الدُّعاءُ .
وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ.
أي: وقِيلَ لهم يومَ القيامةِ تَقريعًا وتَوبيخًا: هذا هو العَذابُ الَّذي كُنتُم تَطلُبونَه وتَسألُونَ تَعجيلَه؛ تكذيبًا واستِبعادًا لوُقوعِه !

الفوائد التربوية:

1- في قَولِه تعالى: وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ أنَّه يَنبغي للإنسانِ أنْ يكونَ شُكرُه على حَسَبِ النِّعمةِ؛ ففي السَّمعِ: يَستعمِلُ السَّمعَ فيما يُقَرِّبُ إلى اللهِ، ويَمنَعُه عمَّا حَرَّمَ اللهُ، وكذلك في البَصَرِ، أمَّا القَلبُ: فيَجِبُ عليه أنْ يُعرِضَ بقَلبِه عن كُلِّ ما حَرَّمَ اللهُ، وأنْ يُقْبِلَ بقَلبِه على كُلِّ ما أَمَرَ اللهُ به .
2- قَولُ اللهِ تعالى: قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ في ذِكرِ السَّمعِ والبَصَرِ والفُؤادِ هاهنا تَنبيهٌ على دقيقةٍ لَطيفةٍ، كأنَّه تعالى قال: أعطيتُكم هذه الإعطاءاتِ الثَّلاثةَ، معَ ما فيها مِن القُوى الشَّريفةِ، لكِنَّكم ضيَّعتُموها، فلم تَقبَلوا ما سَمِعتُموه، ولا اعتبَرْتُم بما أبصَرْتُموه، ولا تأمَّلْتُم في عاقبةِ ما عَقَلْتُموه، فكأنَّكم ضيَّعتُم هذه النِّعَمَ، وأفسَدْتُم هذه المَواهِبَ؛ فلهذا قال: قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ؛ وذلك لأنَّ شُكرَ نِعمةِ اللهِ تعالى هو أن يَصرِفَ تلك النِّعمةَ إلى وَجهِ رِضاه، وأنتم لَمَّا صَرَفتُم السَّمعَ والبَصَرَ والعَقلَ لا إلى طَلَبِ مَرضاتِه، فأنتم ما شكَرْتُم نِعمتَه البتَّةَ !
3- في قَولِه تعالى: قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ذَمُّ مَن لا يَشكُرُ .

الفوائد العلمية واللطائف:

1- في قَولِه تعالى: وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ بيانُ نِعمةِ اللهِ سُبحانَه وتعالى على الإنسانِ بجَعلِ السَّمعِ والأبصارِ والأفئدةِ الَّتي بها إدراكُ المعقولِ وعَقْلُه؛ فإدراكُ المعقولِ بالسَّمعِ والبَصَرِ، وعقْلُه بالقَلبِ ووَعيُه .
2- قال تعالى: وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ الأفئدةُ: القُلوبُ، وقد ذكَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ طريقَ الفَهْمِ ومكانَ الفَهمِ؛ فطريقُ الفَهمِ هو السَّمعُ والبَصَرُ، ومَحَلُّ الفَهمِ والوَعيِ هو القلبُ؛ ولهذا يكونُ السَّمعُ والبصَرُ كقَناتَينِ تَصُبَّانِ في القَلبِ، فيَتلقَّى ما يُسمَعُ أو يُبصَرُ، ثمَّ يَصُبَّانِ في القَلبِ، وهو محلُّ الوَعيِ والإدراكِ .
3- في قَولِه تعالى: وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بيانُ الأساليبِ الَّتي يقومُ بها دُعاةُ الباطلِ؛ حيثُ يَتَحَدَّونَ أهلَ الحقِّ بمِثْلِ هذا التَّحَدِّي، مع العِلمِ بأنَّ الوَعيدَ بالعَذابِ أو نَحوِه هو كالآياتِ تمامًا، والآياتُ عندَ اللهِ تعالى: وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ [العنكبوت: 50] ، وكذلك العَذابُ الَّذي وَعَدَتْ به الرُّسُلُ ليس هو بأيديهم حتَّى يقولوا: أرُونا العَذابَ! وإنَّما العَذابُ عندَ اللهِ تعالى؛ ولهذا كان جوابُ الرُّسُلِ بأمرِ اللهِ عزَّ وجلَّ: قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ [سبأ: 30] ، فالأمرُ ليس كُلَّما طلَبْتُم أعطَيْناكم، وإنَّما اللهُ عزَّ وجلَّ هو الَّذي يُقَدِّرُ هذه الأشياءَ، فكما أنَّ المشركينَ إذا طَلَبوا آياتٍ يُقالُ لهم: إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ [العنكبوت: 50] ، فإذا طلبوا نُزولَ العَذابِ نقولُ: قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ [سبأ: 30] ، وليس الأمرُ إلينا، وهم لا يقولون ذلك إلَّا تمويهًا على النَّاسِ وتغريرًا بالعامَّةِ، فيقولون: انظرْ هؤلاء يتَوعَّدونَنا إذا كَفَرنا بهم بالعَذابِ، فأين العذابُ؟! فيُؤخَذُ مِن ذلك: بيانُ أساليبِ دُعاةِ الضَّلالِ حيث يُنَوِّعونَها بكلِّ ما يستطيعونَ مِن الشِّدَّةِ لإضلالِ الخَلْقِ .
4- في قَولِه تعالى: وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أنَّه لا يَجِبُ على مَن بَلَّغَ عنِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا الإنذارُ؛ فأهلُ العِلمِ الَّذين هم وَرَثةُ الأنبياءِ لا يَملِكونَ هدايةَ الخَلْقِ، لكنْ عليهم الإنذارُ والتَّبليغُ .
5- في قَولِه تعالى: وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وظيفتُه الإنذارُ لا الهِدايةُ !
6- في قَولِه تعالى: وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ المنْقَبةُ للمُنْذِرِ إذا كان مُبِينًا في إنذارِه، فيَكونُ فيه مَدْحٌ للفَصاحةِ والبلاغةِ، وقد قال النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: ((إنَّ مِن البَيانِ لَسِحْرًا)) .

بلاغة الآيات:

1- قولُه تعالَى: قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ هذا انتِقالٌ مِن تَوجيهِ اللهِ تعالَى الخِطابَ إلى المشرِكينَ للتَّبصيرِ بالحُجَجِ والدَّلائلِ، وما تَخلَّلَ ذلك مِن الوعيدِ أو التَّهديدِ؛ إلى خِطابِهم على لِسانِ رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأنْ يقولَ لهم ما سيُذكَرُ؛ تَفنُّنًا في البَيانِ، وتَنشيطًا للأذهانِ، حتَّى كأنَّ الكلامَ صَدَرَ مِن قائلَينِ، وتَرفيعًا لقدْرِ نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بإعطائِه حظًّا مِن التَّذكيرِ مَعه. والانتقالُ هنا إلى الاستِدلالِ بفُروعِ المخلوقاتِ بعْدَ الاستدلالِ بأُصولِها، ومِن الاستِدلالِ بفُروعِ أعراضِ الإنسانِ بعْدَ أصْلِها، ومِن الاستِدلالِ بخَلْقِ السَّمواتِ والأرضِ والموتِ والحياةِ إلى الاستِدلالِ بخلْقِ الإنسانِ ومَداركِه، وقد أُتبِعَ الأمرُ بالقولِ بخَمْسةٍ مِثلِه بطَريقةِ التَّكريرِ بدُونِ عاطفٍ؛ اهتِمامًا بما بعْدَ كلِّ أمْرٍ مِن مَقالةٍ يُبلِّغُها إليهم الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم .
- وإنَّما أُفرِدَ السَّمعُ ولم يُجمَعْ كما جُمِعَ الأفئدةُ والأبصارُ؛ إمَّا لأنَّه أُرِيدَ منه المَصدرُ الدَّالُّ على الجِنسِ؛ إذ لا يُطلَقُ على الآذانِ سمْعٌ؛ ألَا تَرى أنَّه جَمَعَ لَمَّا ذَكَرَ الآذانَ في قولِه: يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِمْ [البقرة: 19] وقولِه: وَفِي آَذَانِنَا وَقْرٌ [فصلت: 5] ، فلمَّا عبَّرَ بالسَّمعِ أُفرِدَ؛ لأنَّه مَصدرٌ، بخِلافِ الأفئدةِ والأبصارِ؛ فإنَّ الأفئدةَ مُتعدِّدةٌ، والأبصارَ جمْعُ بَصَرٍ الَّذي هو اسمٌ لا مَصدرٌ، وإمَّا لتَقديرِ مَحذوفٍ، أي: حواسَّ سَمْعِهم أو جَوارحَ سَمْعِهم. وقد تكونُ في إفرادِ السَّمعِ لَطيفةٌ رُوعِيَت مِن جُملةِ بَلاغةِ القرآنِ؛ هي أنَّ الأفئدةَ كانت مُتفاوِتةً، واشتِغالَها بالتَّفكُّرِ في أمْرِ الإيمانِ والدِّينِ مُختلِفٌ باختلافِ وُضوحِ الأدِلَّةِ، وبالكثرةِ والقِلَّةِ، وتَتلقَّى أنواعًا كثيرةً مِن الآياتِ، فلِكُلِّ عقْلٍ حظُّه مِن الإدراكِ، وكانت الأبصارُ أيضًا مُتفاوِتةَ التَّعلُّقِ بالمَرئيَّاتِ الَّتي فيها دَلائلُ الوَحدانيَّةِ في الآفاقِ، وفي الأنفُسِ الَّتي فيها دَلالةٌ، فلِكُلِّ بصَرٍ حَظُّه مِن الالتِفاتِ إلى الآياتِ المُعجِزاتِ والعِبَرِ والمواعظِ، فلمَّا اختَلَفَت أنواعُ ما تَتعلَّقانِ به جُمِعَت. وأمَّا الأسماعُ فإنَّما كانت تَتعلَّقُ بسَماعِ ما يُلْقى إليها مِن القرآنِ، فالجماعاتُ إذا سَمِعوا القرآنَ سَمِعوه سَماعًا مُتساويًا، وإنَّما يَتفاوَتون في تَدبُّرِه، والتَّدبُّرُ مِن عمَلِ العقولِ، فلمَّا اتَّحَدَ تَعلُّقُها بالمسموعاتِ جُعِلَت سَمْعًا واحدًا . فوحَّدَ السَّمْعَ لقِلَّةِ التَّفاوُتِ فيه؛ لِيَظهَرَ سِرُّ تصَرُّفِه سُبحانَه في القُلوبِ بغايةِ المُفاوَتةِ، مع أنَّه أعظَمُ الطُّرُقِ المُوصِلةِ للمَعاني إليها، وجمَعَ الأبصارَ والأفئِدةَ لكَثرةِ التَّفاوُتِ في نُورِ الأبصارِ، وإدراكِ الأفكارِ .
- قَولُه: وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ بَدَأَ بالسَّمعِ لأنَّه أشمَلُ وأعمُّ؛ لأنَّك تَسمَعُ ما لا تَراه، ولَمَّا كان أشمَلَ وأعمَّ كان الابتِلاءُ به -والحمدُ للهِ- أقلَّ، لو نَسَبْتَ الصُّمَّ إلى العُمْيِ لَوجدْتَ النِّسبةَ قليلةً؛ لأنَّ الصَّمَمَ أشدُّ، فوُجودُ السَّمعِ أهمُّ. ولم يَذْكُرْ سُبحانَه «الشَّمَّ والذَّوقَ واللَّمْسَ»؛ لأنَّ الاتِّعاظَ بالآياتِ يكونُ بالسَّمعِ والبَصَرِ .
- والقصْرُ المُستفادُ مِن تَعريفِ المسنَدِ إليه والمسنَدِ في قولِه: هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ إلى آخِرِه قصْرُ إفرادٍ ؛ بتَنزيلِ المخاطَبين -لشِرْكِهم- مَنزِلةَ مَن يَعتقِدُ أنَّ الأصنامَ شارَكَت اللهَ في الإنشاءِ، وإعطاءِ الإحساسِ والإدراكِ .
- قولُه: قَلِيلًا نَعتٌ لمحذوفٍ، و(ما) مَزيدةٌ لتأْكيدِ القِلَّةِ، أي: شُكرًا قليلًا، أو زمانًا قليلًا تَشْكرونَ. أو استُعمِلَ قَلِيلًا في معْنى النَّفيِ والعدَمِ، وهذا الإطلاقُ مِن ضُروبِ الكِنايةِ والاقتصادِ في الحكْمِ على طَريقةِ التَّمليحِ القَريبِ مِن التَّهكُّمِ .
2- قولُه تعالَى: قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
- إعادةُ فِعلِ قُلْ مِن قَبيلِ التَّكريرِ المُشعِرِ بالاهتمامِ بالغرَضِ المَسوقةِ فيه تلك الأقوالُ .
- والقصْرُ المُستفادُ مِن تَعريفِ المسنَدِ إليه والمسنَدِ في قولِه: هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ قصْرُ إفرادٍ بتَنزيلِ المخاطَبين -لشِرْكِهم- مَنزلةَ مَن يَعتقِدُ أنَّ الأصنامَ شارَكَتَ اللهَ في ذَرْءِ الخَلْقِ في الأرضِ .
- قولُه: وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ، قيل: المعنى: بعْدَ أنْ أكثَرَكم في الأرضِ، فهو يُزِيلُكم بمَوتِ الأجيالِ، فكُنِّيَ عن الموتِ بالحشرِ؛ لأنَّهم قد عَلِموا أنَّ الحشرَ الَّذي أُنذِروا به لا يكونُ إلَّا بعْدَ البعثِ، والبعثُ بعدَ الموتِ، فالكِنايةُ عن الموتِ بالحشْرِ بمَرتبتَينِ مِن الملازَمةِ، وقد أُدمِجَ في ذلك تَذكيرُهم بالموتِ الَّذي قدْ عَلِموا أنَّه لا بُدَّ منه، وإنذارُهم بالبعثِ والحشْرِ .
- قولُه: وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ، تقديمُ الجارِّ والمجرورِ على عامِلِه للحصرِ . وقيل: تَقديمُ المعمولِ في وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ للاهتِمامِ، والرِّعايةِ على الفاصلةِ، وليس للاختِصاصِ؛ لأنَّهم لم يَكونوا يَدَّعون الحشْرَ أصلًا، فضْلًا عن أنْ يَدَّعوه لغيرِ اللهِ .
3- قولُه تعالَى: وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ لَمَّا لم تكُنْ لهم مُعارَضةٌ للحُجَّةِ الَّتي في قولِه: هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ [الملك: 23] إلى هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ [الملك: 24] ؛ انحصَرَ عِنادُهم في مَضمونِ قولِه: وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [الملك: 24] ؛ فإنَّهم قدْ جَحَدوا البعثَ وأعْلَنوا بجَحْدِه، وتَعجَّبوا مِن إنذارِ القرآنِ به، وقال بَعضُهم لبعضٍ: هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ * أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ [سبأ: 7، 8]، وكانوا يَقولون: مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، واستَمرُّوا على قولِه؛ فلذلك حكاهُ اللهُ عنهم بصِيغةِ المضارعِ المُقتضيةِ للتَّكريرِ .
- والاستِفهامُ بقولِهم: مَتَى هَذَا الْوَعْدُ مُستعمَلٌ في التَّهكُّمِ؛ لأنَّ مِن عادتِهم أنْ يَستهزِئوا بذلك، وأَتَوا بلَفظِ الْوَعْدُ استنجازًا له؛ لأنَّ شأْنَ الوعدِ الوفاءُ .
- قولُه: إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ جَوابُ الشَّرطِ مَحذوفٌ، أي: إنْ كنتُم صادِقينَ فيما تُخبِرونَه مِن مَجيءِ السَّاعةِ والحشرِ، فبيِّنُوا وقتَهُ .
- قولُه: قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ أمَرَ اللهُ رسولَه بأنْ يُجِيبَ سُؤالَهم بجُملةٍ على خِلافِ مُرادِهم، بلْ على ظاهرِ الاستِفهامِ عن وقْتِ الوعدِ على طَريقةِ الأُسلوبِ الحكيمِ ؛ بأنَّ وقْتَ هذا الوعدِ لا يَعلَمُه إلَّا اللهُ، فقولُه: قُلْ هنا أمْرٌ بقولٍ يَختَصُّ بجَوابِ كَلامِهم، وفُصِلَ دونَ عطْفٍ لجريانِ المَقولِ في سِياقِ المُحاوَرةِ، فلم يُعطَفْ فِعلُ (قُل) بالفاءِ جرْيًا على سَننِ أمثالِه الواقعةِ في المُجاوَبةِ والمحاوَرةِ .
- ولامُ التَّعريفِ في الْعِلْمُ للعهْدِ، أي: العِلمُ بوقْتِ هذا الوعدِ، وهذه هي اللَّامُ الَّتي تُسمَّى عِوَضًا عن المُضافِ إليه، وهذا قصْرٌ حَقيقيٌّ .
- والقصْرُ في قولِه: وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ قصْرٌ إضافيٌّ ، أي: ما أنا إلَّا نَذيرٌ بوُقوعِ هذا الوعدِ، لا أتجاوَزُ ذلك إلى كَوني عالِمًا بوقْتِه .
4- قولُه تعالَى: فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ الفاءُ فَصيحةٌ؛ لأنَّها اقتَضَت جُملةً مَحذوفةً تَقديرُها: فحلَّ بهم الوعدُ، فلمَّا رَأَوه... إلخ. أو جُملتَينِ مُقدَّرتينِ، كأنَّه قِيل: وقدْ أتاهم ما وُعِدوا به، فرَأَوه، فلمَّا رَأَوه... .
- وفِعلُ رَأَوْهُ مُستعمَلٌ في المُستقبَلِ، وجِيءَ به بصِيغةِ الماضي لشَبَهِه بالماضي في تَحقُّقِ الوُقوعِ؛ لأنَّه صادرٌ عمَّن لا إخلافَ في أخبارِه، وأصلُ المعْنى: فإذا يَرَونه تُساءُ وُجوهُ الَّذين كَفَروا... إلخ، فعُدِلَ عن ذلك إلى صَوغِ الوعيدِ في صُورةِ الإخبارِ عن أمْرٍ وقَعَ، فجِيءَ بالأفعالِ الماضيةِ .
- وقولُهُ: زُلْفَةً حالٌ مِن مَفعولِ رَأَوْهُ؛ إمَّا بتَقديرِ المُضافِ، أيْ: ذا زُلفةٍ وقُرْبٍ، أو على أنَّه مَصدرٌ بمعْنى الفاعلِ، أي: مُزدَلِفًا، أو على أنَّه مَصدرٌ نُعِتَ بهِ مُبالَغةً، أي: رَأَوه شَديدَ القُربِ منهم، أي: أخَذَ يَنالُهم، أو ظَرْفٌ، أيْ: رَأَوهُ في مكانٍ ذِي زُلفةٍ .
- قولُه: سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا أُسنِدَ حُصولُ السُّوءِ إلى الوُجوهِ؛ لتَضمينِه معْنى (كَلَحَت)، أي: لأنَّه سُوءٌ شديدٌ تَظهَرُ آثارُ الانفعالِ منه على الوُجوهِ .
- قولُه: سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا، أي: سِيئَتْ وُجُوهُهم، ووُضِعَ الموصولُ مَوضعَ ضَميرِهِم؛ لذمِّهِم بالكُفرِ، وتَعليلِ المَساءةِ بهِ .
- وقد حُذِفَ مَفعولُ تَدَّعُونَ؛ لظُهورِه مِن قولِه: وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الملك: 25] ، أي: تَدَّعون أنَّه لا يكونُ، وذلك على قولٍ. والجارُ والمجرورُ بِهِ مُتعلِّقٌ بفِعلِ تَدَّعُونَ؛ لأنَّه ضُمِّن معْنى (تُكذِّبون)؛ فإنَّه إذا ضُمِّن عاملٌ معْنَى عاملٍ آخَرَ يُحذَفُ مَعمولُ العاملِ المذكورِ، ويُذكَرُ مَعمولُ ضِمْنِه؛ لِيَدُلَّ المذكورُ على المحذوفِ، وذلك ضرْبٌ مِن الإيجازِ .
- وتَقديمُ المجرورِ على العاملِ؛ للاهتمامِ بإخطارِه، وللرِّعايةِ على الفاصلةِ .
- قولُه: وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ عُدِلَ عن تَعيينِ القائلِ؛ إذ المقصودُ المقولُ دونَ القائلِ، فحذْفُ القائلِ مِن الإيجازِ .
- والقصْرُ المستفادُ مِن تَعريفِ جُزأيِ الإسنادِ هَذَا الَّذِي تَعريضٌ بهم بأنَّهم مِن شِدَّةِ جُحودِهم بمَنزِلةِ مَن إذا رَأَوُا الوعدَ حَسِبوه شيئًا آخَرَ .