موسوعة التفسير

سُورةُ الصَّفِّ
الآيات (1-4)

ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ

تفسير الآيات:

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2).
سَبَبُ النُّزولِ:
عن عبدِ اللهِ بنِ سَلَامٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((قعَدْنا نفرٌ مِن أصحابِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فتَذاكَرْنا، فقُلْنا: لو نَعلَمُ أيُّ الأعمالِ أحَبُّ إلى اللهِ لَعَمِلْناه، فأنزل اللهُ: سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ. قالَ عبدُ اللَّهِ بنُ سَلَامٍ: فقَرَأَها علينا رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم)) [8] أخرجه الترمذيُّ (3309) واللَّفظُ له، وأحمدُ (23788)، وابنُ حِبَّانَ في ((صحيحه)) (4594). صَحَّحه الحاكمُ في ((المستدرك)) (2/248) وقال: (على شرطِ الشَّيخينِ). وصَحَّح إسنادَه الألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (3309)، وشعيبٌ الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (39/205)، وقال: (على شرطِ الشَّيخينِ). .
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1).
سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ.
أي: نزَّه اللهَ تعالى عن النَّقائِصِ والعُيوبِ جَميعُ ما في السَّمَواتِ وجميعُ ما في الأرضِ [9] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (22/606)، ((تفسير السعدي)) (ص: 858). وتسبيحُ ما في السَّمواتِ وما في الأرضِ تسبيحٌ حقيقيٌّ بلِسانِ المقالِ، وأيضًا بلِسانِ الحالِ. يُنظر ما تقدَّم في تفسير سورة الإسراء الآية (44)، وأوَّل سورة الحديد. .
وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
أي: واللهُ هو العزيزُ الَّذي يَغلِبُ ولا يُغلَبُ، فيَنتَقِمُ مِن أعدائِه، الحكيمُ الَّذي يَضَعُ كُلَّ شَيءٍ ممَّا خلَقَه وشَرَعَه وقدَّرَه في مَوضِعِه الصَّحيحِ اللَّائِقِ به [10] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (22/606)، ((تفسير ابن عطية)) (5/301)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (20/2)، ((تفسير السعدي)) (ص: 858)، ((تفسير ابن عاشور)) (28/174). .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2).
أي: يا أيُّها الَّذين آمَنوا لِمَ تَقولونَ القَولَ الَّذي لا تُصَدِّقونَه بالعَمَلِ؛ فتكونَ أعمالُكم مُخالِفةً لأقوالِكم؟! ومِن ذلك تَركُ فِعلِ الخَيرِ لِمَن وَعَد بفِعْلِه، كالجِهادِ في سَبيلِ اللهِ [11] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (22/606، 609)، ((تفسير القرطبي)) (18/80)، ((تفسير ابن كثير)) (8/105)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (20/5، 6)، ((تفسير السعدي)) (ص: 858). .
كما قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا [النساء: 77] .
وقال سُبحانَه: وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا [الأحزاب: 15] .
وقال عزَّ وجلَّ: وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ * طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ [محمد: 20، 21].
وعن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((آيةُ المنافِقِ ثَلاثٌ: إذا حدَّثَ كَذَب، وإذا وَعَد أخلَفَ، وإذا اؤْتُمِنَ خان )) [12] رواه البخاري (33)، ومسلم (59). .
كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3).
أي: عَظُم واشتَدَّ بُغْضًا عندَ اللهِ قولُكم -أيُّها المؤمنونَ- شَيئًا، ثمَّ لا تَفعَلونَه [13] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (22/606)، ((الوسيط)) للواحدي (4/291)، ((الاستقامة)) لابن تيمية (1/18)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (20/6، 7)، ((تفسير السعدي)) (ص: 858)، ((تفسير ابن عاشور)) (28/175). !
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
أنَّ قَولَ اللهِ تعالى: كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ فيه مَذَمَّةُ المخالِفينَ في القِتالِ، وهم الَّذين وَعَدوا بالقِتالِ ولم يُقاتِلوا، وهذه الآيةُ مَحمَدةٌ لِلموافِقينَ في القِتالِ، وهم الَّذين قاتَلوا في سَبيلِ اللهِ وبالَغوا فيه [14] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (29/527، 528). ، فبَعْدَ أنْ ذمَّ المخالِفينَ فى أمرِ القتالِ وهم الَّذين وعَدوا ولم يفْعَلوا؛ مدَح الَّذين قاتَلوا فى سبيلِه [15] يُنظر: ((تفسير المراغي)) (28/81). .
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا.
أي: إنَّ اللهَ يُحِبُّ المجاهِدينَ الَّذين يُقاتِلونَ أعداءَ اللهِ لإعلاءِ دِينهِ حالَ كَونِهم مُنتَظِمينَ في صَفِّ القِتالِ [16] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (22/610)، ((تفسير القرطبي)) (18/81)، ((تفسير ابن كثير)) (8/107)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (20/8)، ((تفسير السعدي)) (ص: 858)، ((تفسير ابن عاشور)) (28/176). قال البقاعي: (أي: مُصْطَفِّينَ حتَّى كأنَّهم في اتِّحادِ المرادِ على قَلبٍ واحِدٍ، كما كانوا في التَّساوي في الاصطِفافِ كالبَدَنِ الواحِدِ). ((نظم الدرر)) (20/8). .
كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ.
مُناسَبتُها لِما قَبْلَها:
لَمَّا كان الاصطِفافُ يَصْدُقُ مع التَّقَدُّمِ والتأخُّرِ اليسيرِ؛ نفى ذلك بقَولِه حالًا بعدَ حالٍ [17] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (20/8). :
كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ.
أي: كأنَّهم في اصطِفافِهم للقِتالِ -مِن شِدَّةِ التَّراصِّ والمُساواةِ والثَّباتِ في المراكِزِ- بِناءٌ واحِدٌ عظيمُ الاتِّصالِ، شَديدُ الاستِحكامِ، لاصِقٌ بَعضُه ببَعضٍ، بلا فُرجةٍ ولا خَلَلٍ [18] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (22/611)، ((معاني القرآن)) للزجاج (5/164)، ((تفسير الزمخشري)) (4/523)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (20/8)، ((تفسير أبي السعود)) (8/243)، ((تفسير الشوكاني)) (5/262)، ((تفسير السعدي)) (ص: 858). !
عن أبي موسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((إنَّ المؤمِنَ للمُؤمِنِ كالبُنيانِ يَشُدُّ بَعضُه بَعضًا، وشَبَّك أصابِعَه )) [19] رواه البخاري (481) واللَّفظُ له، ومسلم (2585). .

المعنى الإجمالي:

ابتَدَأ اللهُ تعالى هذه السُّورةَ الكريمةَ بالإخبارِ بأنَّ جميعَ ما في السَّمَواتِ وما في الأرضِ قد نَزَّه اللهَ تعالى عن النَّقائِصِ والعُيوبِ، وأخبَر أيضًا بأنَّه هو العزيزُ الَّذي لا يُغلَبُ، الحكيمُ الَّذي يَضَعُ كُلَّ شَيءٍ في مَوضِعِه اللَّائِقِ به.
 ثمَّ وَجَّه سُبحانَه الخِطابَ إلى المؤمِنينَ، فقال تعالى: يا أيُّها الَّذين آمَنوا لِمَ تَقولونَ ما لا تَفعَلونَ، عَظُم بُغْضًا عندَ اللهِ قولُكم ما لا تَفعَلونَه! إنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذين يُقاتِلونَ في سبيلِ اللهِ لإعلاءِ دِينِه مُنتَظِمينَ في صَفِّ القِتالِ كأنَّهم بِناءٌ عظيمُ الاتِّصالِ، لاصِقٌ بَعضُه ببَعضٍ.

غريب الكلمات:

كَبُرَ مَقْتًا: أي: عَظُمَ بُغضًا، والمَقْتُ: البُغضُ الشَّديدُ لِمَن تَراه تعاطَى القَبيحَ، وأصلُ (كبر): يدُلُّ على خِلافِ الصِّغَرِ، وأصلُ (مقت): يدُلُّ على شَناءةٍ وقُبحٍ [6] يُنظر: ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (4/315)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 393)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/153، 341). .
مَرْصُوصٌ: أي: مُلتَزِقٌ بَعضُه ببَعضٍ، والتَّراصُّ: التَّلاصُقُ؛ يُقالُ: رَصصتُ البِناءَ رَصًّا: إذا ضَمَمْتَ بَعْضَه إلى بَعضٍ، وأصلُ (رصص): يدُلُّ على انضِمامِ شَيءٍ إلى شَيءٍ بقُوَّةٍ وتَداخُلٍ [7] يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/374)، ((البسيط)) للواحدي (21/432)، ((تفسير البغوي)) (8/108). .

الفوائد التربوية:

1- قَولُ اللهِ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ استُدِلَّ بالآيةِ مِن عُمومِ لَفظِها على الإنكارِ على كُلِّ مَن خالَفَ قَولُه فِعْلَه، سواءٌ في عَهدٍ أو وَعدٍ، أو أمرٍ أو نَهيٍ [20] يُنظر: ((تتمة أضواء البيان)) لعطية سالم (8/105). . ففيها أنَّه ينبغي للآمِرِ بالخَيرِ أن يكونَ أوَّلَ النَّاسِ إليه مُبادَرةً، ولِلنَّاهي عن الشَّرِّ أن يكونَ أبْعَدَ النَّاسِ منه [21] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 858). . فمِن آدابِ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عنِ المُنْكَرِ -وليس مِن شُروطِه- أنْ يكونَ الإنسانُ أوَّلَ فاعلٍ للمَعروفِ، وأوَّلَ مُنْتَهٍ عنِ المنكَرِ، بمعنى أنَّه لا يأمرُ بالمعروفِ ثُمَّ لا يَفعَلُه، أو لا يَنهى عنِ المُنْكَرِ ثُمَّ يَقَعُ فيه [22] يُنظر: ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (2/358). ، فإذا كنتَ تقولُ الشَّيءَ ولا تفعَلُه، فأنت بيْنَ أمْرَينِ: إمَّا أنَّك كاذِبٌ فيما تقولُ، ولكنْ تُخَوِّفُ النَّاسَ، فتقولُ لهم الشَّيءَ وليس بحقيقةٍ، وإمَّا أنَّك مُستَكبِرٌ عمَّا تقولُ؛ تأمرُ النَّاسَ به ولا تَفعَلُه، وتنهى النَّاسَ عنه وتَفعَلُه [23] يُنظر: ((شرح العقيدة الواسطية)) لابن عثيمين (1/274). !
2- قَولُ اللهِ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ يُحتَجُّ به في وُجوبِ الوَفاءِ بالوُعودِ [24] يُنظر: ((الإكليل)) للسيوطي (ص: 262). ، والتَّحذيرِ مِن إخلافِها، وفيه الالتزامُ بواجِباتِ الدِّينِ [25] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/173). .
3- قَولُ اللهِ تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ حَثٌّ مِن اللهِ لعِبادِه على الجِهادِ في سَبيلِه، وتعليمٌ لهم كيف يَصنَعونَ، وأنَّه ينبغي لهم أن يَصُفُّوا في الجِهادِ صَفًّا مُتراصًّا مُتساويًا مِن غيرِ خَلَلٍ يَقَعُ في الصُّفوفِ، وتكونَ صُفوفُهم على نظامٍ وتَرتيبٍ به تحصُلُ المساواةُ بيْن المجاهِدينَ، والتَّعاضُدُ وإرهابُ العَدُوِّ، وتنشيطُ بَعضِهم بَعضًا [26] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 858). . وفيه تحريضٌ على الثَّباتِ في الجهادِ، وصِدقِ الإيمانِ، والثَّباتِ في نُصرةِ الدِّينِ [27] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/173). .
4- في قَولِه تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ استِحبابُ قيامِ المجاهدِينَ في القتالِ صُفوفًا كصُفوفِ الصَّلاةِ، وأنَّه يُستَحَبُّ سَدُّ الفُرَجِ والخَلَلِ في الصُّفوفِ، وإتمامُ الصَّفِّ الأوَّلِ فالأوَّلِ، وتسويةُ الصُّفوفِ بِعَدَمِ تَقَدُّمِ بَعضٍ على بَعضٍ فيها [28] يُنظر: ((الإكليل في استنباط التنزيل)) للسيوطي (ص: 262). .
5- في قَولِه تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ عَلَّقَ سُبحانَه المحبَّةَ لهؤلاء بأعمالِهم، بعِدَّةِ صِفاتٍ:
أوَّلًا: يُقاتِلونَ فلا يَركَنونَ إلى الخُلودِ والخُمولِ والكَسَلِ والجُمودِ؛ الَّذي يُضعِفُ الدِّينَ والدُّنيا.
ثانيًا: الإخلاصُ؛ لِقَولِه: فِي سَبِيلِهِ.
ثالثًا: يَشُدُّ بعضُهم بعضًا؛ لِقَولِه: صَفًّا.
رابعًا: أنَّهم كالبُنيانِ، والبنيانُ حِصْنٌ مَنيعٌ.
خامسًا: لا يَتَخَلَّلُهم ما يُمَزِّقُهم؛ لِقَولِه: مَرْصُوصٌ [29] يُنظر: ((شرح العقيدة الواسطية)) لابن عثيمين (1/237). .

الفوائد العلمية واللطائف:

1- قال الله تعالى: سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ في إجراءِ وَصفِ الْعَزِيزُ عليه تعالى هنا إيماءٌ إلى أنَّه الغالِبُ لعَدُوِّه؛ فما كان لكم أن تَرهَبوا أعداءَه فتَفِرُّوا منهم عندَ اللِّقاءِ؛ وإجراءِ صِفةِ الْحَكِيمُ إنْ حُمِلَت على معنى المتَّصِفِ بالحِكمةِ: أنَّ الموصوفَ بالحِكمةِ لا يأمُرُكم بجِهادِ العَدُوِّ عَبَثًا، ولا يُخَلِّيهم يَغلِبونَكم، وإن حُمِلَت على معنى المُحكِمِ للأمورِ، فكذلك [30] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/174). .
2- قَولُ اللهِ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ يُحتَجُّ به في وُجوبِ الوَفاءِ بالنَّذرِ في نَذْرِ اللَّجاجِ [31] يُنظر: ((أحكام القرآن)) للْكِيَا الهَرَّاسي (4/413). ونَذْرُ اللَّجَاجِ والغَضَبِ: هو أن يمنَعَ نَفْسَه مِن فِعلٍ، أو يَحُثَّها عليه، بتعليقِ التزامِ قُربةٍ بالفِعلِ أو بالتَّركِ. يُنظر: ((المجموع شرح المهذب)) للنووي (8/459). وقد اتَّفقَتِ المذاهبُ الفقهيَّةُ الأربعةُ -الحنَفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشَّافِعيَّةُ والحنابِلةُ- على أنَّ النَّذرَ على وجهِ اللَّجاجِ والغضبِ يَنعقِدُ، على خِلافٍ بيْنَهم: هل يجبُ عليه الوفاءُ بالنَّذرِ، أو تُجزئُه كفَّارةُ اليمينِ، أو يُخَيَّرُ بيْنَهما؟ يُنظر: ((تبيين الحقائق)) للزَّيْلَعي (3/110)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/161)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/294)، ((الإنصاف)) للمَرْداوي (11/90). والأقربُ هو التَّخييرُ بيْن الوَفاءِ بما التَزَم أو الكَفَّارةِ، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ، والحَنابِلةِ، واختاره ابنُ تيميَّةَ وابنُ القَيِّمِ وابنُ بازٍ وابنُ عُثيمينَ. يُنظر: ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/355)، ((كشاف القناع)) للبُهُوتي (6/274)، ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (4/110)، ((إعلام الموقعين)) لابن القيم (2/87، 88)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (22/33، 34)، ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (9/232). .
3- قَولُ اللهِ تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ استُدِلَّ بهذه الآيةِ على أنَّ مَن ألزَمَ نَفْسَه عَمَلًا فيه طاعةٌ لَزِمه أن يَفِيَ بها [32] يُنظر: ((أحكام القرآن)) لابن الفَرَس (3/554)، ((تفسير القرطبي)) (18/78). .
4- في قَولِه تعالى: كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ إثباتُ صفةِ المَقْتِ للهِ تعالى، وأنَّه يَتفاوَتُ [33] يُنظر: ((شرح العقيدة الواسطية)) لابن عثيمين (1/274). .
5- في قَولِه تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا إثباتُ صفةِ المحبَّةِ للهِ تعالى [34] يُنظر: ((شرح الأربعين النووية)) لابن عثيمين (ص: 321). ، وكذلك قولُه: وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة: 195] ، وقولُه: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة: 222] ، وقولُه: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ [التوبة: 4] . وهذه الآياتُ وأشباهُها تَقتضي أنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ أصحابَ هذه الأعمالِ؛ فهو يُحِبُّ التَّوَّابينَ، ففي هذه الحالِ يُحِبُّهُم، وهذا مبنيٌّ على الصِّفاتِ الاختياريَّةِ، فمَن نفاها رَدَّ هذا كُلَّه [35] يُنظر: ((النبوات)) لابن تيمية (1/357). !
6- في قَولِه تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ دليلٌ على تَعبئةِ الحَربِ، والتَّظاهُرِ في القِتالِ [36] يُنظر: ((النكت الدالة على البيان)) للقصاب (4/290). .

بلاغة الآيات:

1- قولُه تعالَى: سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ مُناسَبةُ هذه الفاتحةِ لِما بعْدَها مِن السُّورةِ بَيانُ أنَّ الكافرينَ مَحقوقُون بأنْ تُقاتِلوهم؛ لأنَّهم شَذُّوا عن جَميعِ المخلوقاتِ فلمْ يُسبِّحوا اللهَ، ولم يَصِفُوه بصِفاتِ الكمالِ؛ إذ جَعَلوا له شُركاءَ في الإلهيَّةِ، وفيه تَعريضٌ بالَّذين أَخْلَفوا ما وَعَدوا بأنَّهم لم يُؤدُّوا حقَّ تَسبيحِ اللهِ؛ لأنَّ اللهَ مُستحِقٌّ لأنْ يُوفَى بعَهْدِه في الحياةِ الدُّنيا، وأنَّ اللهَ ناصرُ الَّذين آمَنوا على عَدُوِّهم [37] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/174). .
- قولُه: سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ فيه مُناسَبةٌ حسَنةٌ، حيثُ عبَّر هنا بالماضِي سَبَّحَ كما في سُورةِ (الحَديدِ) و(الحَشرِ)، وقال تعالَى في بعضِ السُّورِ: يُسَبِّحُ [الجمعة: 1، التَّغابُن: 1] بصِيغةِ المُضارِعِ، وفي البعضِ: سَبِّح [الأعلى: 1] بصِيغةِ الأمْرِ؛ ليُعلَمَ أنَّ تَسبيحَ اللهِ تَعالى دائمٌ غيرُ مُنقطِعٍ؛ لِما أنَّ الماضيَ يدُلُّ عليه في الماضي مِن الزَّمانِ، والمستقبَلَ يدُلُّ عليه في المستقبَلِ مِن الزَّمانِ، والأمْرَ يدُلُّ عليه في الحالِ [38] يُنظر: ((تفسير الرازي)) (29/526). .
2- قولُه تعالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ
- النِّداءُ بـ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إنْ كان للمؤمنينَ حقيقةً -ويدُلُّ عليه سببُ النُّزولِ-، فالاستفهامُ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ يُرادُ به التَّلطُّفُ في العَتْبِ، وإنْ كان النِّداءُ للمُنافِقين؛ فالمعْنى: يا أيُّها الَّذين آمَنوا، أي: بألْسِنَتهم، والاستِفهامُ يُرادُ به الإنكارُ والتَّوبيخُ، وتَهكُّمٌ بهم في إسنادِ الإيمانِ إليهم [39] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/522، 523)، ((تفسير أبي حيان)) (10/164). .
- وناداهم بوَصْفِ الإيمانِ تَعريضًا بأنَّ الإيمانَ مِن شأْنِه أنْ يَزَعَ المؤمنَ عن أنْ يُخالِفَ فِعلُه قولَه في الوعْدِ بالخَيرِ [40] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/174). .
- قولُه: لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ اللَّامُ لتَعليلِ المُستفهَمِ عنه، وهو الشَّيءُ المُبهَمُ الَّذي هو مَدلولُ (ما) الاستفهاميَّةِ؛ لأنَّها تدُلُّ على أمْرٍ مُبهَمٍ يُطلَبُ تَعيينُه، والتَّقديرُ: تَقولون ما لا تَفعَلون لأيِّ سَببٍ أو لأيَّةِ عِلَّةٍ؟ وهذا كِنايةٌ عن تَحذيرِهم مِن الوُقوعِ في مِثلِ ما فَعَلوه يومَ أُحُدٍ بطَريقِ الرمْزِ، وكِنايةٌ عن اللَّومِ على ما فَعَلوه يومَ أُحُدٍ بطَريقِ التَّلويحِ [41] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/174، 175). .
- قولُه: لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ معنَاه: لأيِّ شَيءٍ تَقولونَ: (نَفعَلُ) ما لا تَفعَلونَ مِن الخَيرِ والمعروفِ؟ على أنَّ مَدارَ التَّعييرِ والتَّوبيخِ في الحَقيقةِ عدَمُ فِعلِهم، وإنَّما وُجِّهَا إلى قَولِهم تَنبيهًا على تَضاعُفِ مَعصيتِهِم، ببَيانِ أنَّ المُنكَرَ ليس تَرْكَ الخَيرِ الموعودِ فقطْ، بلِ الوعدُ به أيضًا، وقد كانوا يَحسَبونَهُ مَعروفًا، ولو قيلَ: (لِمَ لا تَفعلونَ ما تَقولونَ)، لَفُهِمَ منه أنَّ المُنكَرَ هُو ترْكُ الموعودِ [42] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (8/242). .
- وفيه تَعريضٌ بالمُنافِقين؛ إذ يُظهِرون الإيمانَ بأقوالِهم وهم لا يَعمَلون أعمالَ أهلِ الإيمانِ بالقلْبِ ولا بالجسَدِ [43] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/175). . وذلك على قولٍ في التَّفسيرِ.
3- قولُه تعالَى: كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ بَيانٌ لجُملةِ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ؛ تَصريحًا بالمعْنى المُكنَّى عنه بها [44] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (8/242)، ((تفسير ابن عاشور)) (28/175). .
- في قولِه: كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ المُبالَغةُ والتَّكريرُ؛ ولهذا اعتُبِرَتْ هذه الجُملةُ مِن أفصَحِ الكلامِ وأبلَغِه في معْناهُ؛ لأُمورٍ:
أ- قصَدَ إلى التَّعجُّبِ بغَيرِ صِيغةِ التَّعجُّبِ؛ لتَعظيمِ الأمْرِ في قُلوبِ السَّامعينَ؛ لأنَّ التَّعجُّبَ لا يكونُ إلَّا مِن شَيءٍ خارقٍ للعادةِ والنَّظائرِ.
ب- أسْنَدَ إلى أَنْ تَقُولُوا، ونصَبَ مَقْتًا على تَفسيرِه؛ دَلالةً على أنَّ قولَهم ما لا يَفعَلون مَقْتٌ خالصٌ لا شَوبَ فيه؛ لفَرْطِ تَمكُّنِ المَقتِ منه.
ج- اختيارُ لَفظِ المَقْتِ؛ لأنَّه أشدُّ البُغضِ وأبلَغُه.
د- ثُمَّ لمْ يَقتصِرْ على أنْ جَعَلَ البُغضَ كَبيرًا حتَّى جعَلَه أشدَّهُ وأفْحَشَه، وقولُه: عِنْدَ اللَّهِ أبلَغُ مِن ذلك؛ لأنَّه إذا ثبَتَ كِبَرُ مَقْتِه عندَ اللهِ، فقد تمَّ كِبَرُه وشِدَّتُه وانجابَتْ عنه الشُّكوكُ.
هـ- التَّكرارُ لقولِه: مَا لَا تَفْعَلُونَ، وهو لَفظٌ واحدٌ في كلامٍ واحدٍ، ومِن فَوائدِ التَّكرارِ التَّهويلُ والإعظامُ والتَّأكيدُ، وإلَّا فقدْ كان الكلامُ مُستقِلًّا لو قِيل: (كبُرَ مَقتًا عِندَ اللهِ ذلك)، فما إعادتُه إلَّا لمكانِ هذه الفائدةِ [45] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (4/523)، ((تفسير البيضاوي)) (5/208)، ((تفسير أبي حيان)) (10/164)، ((تفسير أبي السعود)) (8/242)، ((تفسير ابن عاشور)) (28/175، 176)، ((إعراب القرآن)) لدرويش (10/77، 78). .
- وفيه أيضًا اندراجُ الخاصِّ بالعامِّ، وقد ورَدَ النَّهيُ العامُّ عن القولِ غيرِ المؤيَّدِ بالفِعلِ، والمقصودُ اندراجُ الأمْرِ الخاصِّ الَّذي ورَدَ عقِبَ ذلك، وهو قولُه: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ. وفائدةُ مِثلِ هذا النَّظمِ النَّهيُ عن الشَّيءِ الواحدِ مرَّتينِ مُندرِجًا في العمومِ، ومُفرَدًا بالخُصوصِ، وهو أَوْلى مِن النَّهيِ عنه على الخُصوصِ مرَّتَينِ؛ فإنَّ ذلك مَعدودٌ في حَيِّزِ التَّكرارِ، وهذا لا يَتكرَّرُ، مع ما في التَّعميمِ مِن التَّعظيمِ والتَّهويلِ [46] يُنظر: ((تفسير الزمخشري- حاشية ابن المُنَيِّر)) (4/523)، ((إعراب القرآن)) لدرويش (10/78). .
- وعدلَ عن جَعْلِ فاعِلِ كَبُرَ ضَميرَ القَولِ، بأن يَقتَصِرَ على كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ، أو يُقالَ: (كَبُرَ ذلك مَقْتًا)؛ لِقَصدِ زِيادةِ التَّهويلِ بإعادةِ لَفْظِه، ولإفادةِ التَّأكيدِ [47] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/176). .
4- قولُه تعالَى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ بَيانٌ لِما هو مَرْضيٌّ عِندَه تعالَى بعْدَ بَيانِ ما هو مَمقوتٌ عِندَه [48] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (8/243). . وهو أيضًا جوابٌ على تَمنِّيهم مَعرفةَ أحبِّ الأعمالِ إلى اللهِ، وما قبْلَه تَوطئةٌ له على أُسلوبِ الخُطَبِ ومُقدِّماتِها [49] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (28/176). .
- قولُه: كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ المرصوصُ: المتلاصِقُ بعْضُه ببَعضٍ، وهو تَشبيهٌ في الثَّباتِ وعدَمِ الانفلاتِ، وهو الَّذي اقتَضاهُ التَّوبيخُ السَّابقُ في قولِه: لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ [الصف: 2] . وقيل: المرادُ: استواءُ نِيَّاتِهم في الثَّباتِ حتَّى يَكونوا في اجتِماعِ الكلمةِ كالبُنيانِ المرصوصِ [50] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (10/165)، ((تفسير ابن عاشور)) (28/176). .