موسوعة التفسير

سورةُ الحَجِّ
الآيتان (34-35)

ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ

غريب الكلمات:

مَنْسَكًا: أي: إراقةَ الدِّماءِ، وذَبْحَ القَرابينِ؛ مِن نَسَك يَنْسُكُ: إذا ذبحَ القُربانَ، أو هو الموضعُ الَّذي يُنْسَكُ للَّهِ فيه، ويُتَقَرَّبُ إليه فيه، أو: العيدُ، وأصلُ (نسك): يدُلُّ على عبادةٍ وتقَرُّبٍ إلى اللهِ تعالى [587] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (2/570) (16/549)، ((غريب القرآن)) للسجستاني (ص: 410)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (5/420)، ((البسيط)) للواحدي (15/397)، ((الوجيز)) للواحدي (ص: 740)، ((تذكرة الأريب)) لابن الجوزي (ص: 246)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (13/46). .
الْمُخْبِتِينَ: أي: المُتواضِعينَ المُذعِنينَ له بالعُبوديَّةِ، والإخباتُ سكونُ الجوارحِ على وجهِ التواضعِ والخشوعِ لله، وأصلُ (خبت): يدُلُّ على خُشوعٍ [588] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (16/550)، ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (2/238)، ((المفردات)) للراغب (ص: 272)، ((شفاء العليل)) لابن القيم (ص: 106). .
وَجِلَتْ: أي: خَافَتْ، والوجلُ خوفٌ مقرونٌ بهيبةٍ ومحبةٍ، وقيل: الوَجَلُ: استِشعارُ الخَوفِ [589] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (11/28)، ((المفردات)) للراغب (ص: 855)، ((شفاء العليل)) لابن القيم (ص: 106)، ((التبيان)) لابن الهائم (ص: 216)، ((الكليات)) للكفوي (ص: 949). .

المعنى الإجمالي:

يقولُ تعالى: ولِكُلِّ جَماعةٍ مُؤمِنةٍ سَلَفَت جعَلْنا لها مَناسِكَ مِنَ الذَّبحِ وإراقةِ الدِّماءِ؛ لِيَذكُروا اسمَ اللهِ تعالى عند ذَبحِ ما رزَقَهم مِن هذه الأنعامِ، ويَشكُروا له. فإلهُكم -أيُّها النَّاسُ- الذي يَستَحِقُّ العِبادةَ إلهٌ واحِدٌ هو اللهُ؛ فانقادوا لأمْرِه بالطَّاعةِ، واخضَعوا لحُكمِه. وبشِّر -أيُّها النبيُّ- المتواضِعينَ الخاضِعينَ لرَبِّهم بخَيرَيِ الدُّنيا والآخرةِ، وهم الذين إذا ذُكِرَ اللهُ وَحْدَه خَشَعَت قلوبُهم وخضَعَت؛ خوفًا مِن عِقابِه؛ والصَّابِرون على ما يقَعُ عليهم مِن أصنافِ البَلاءِ وأنواعِ الأذى، والمُؤَدُّونَ الصَّلاةَ تامَّةً، وهم مع ذلك يُنفِقونَ مِمَّا رزَقَهم اللهُ تعالى.

تفسير الآيتين:

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34).
مُناسَبةُ الآيةِ لِمَا قَبْلَها:
لَمَّا جَعَلَ المشرِكونَ لأصنامِهم مَناسِكَ تُشابِهُ مناسكَ الحَجِّ، وجعَلوا لها مَواقيتَ ومَذابحَ، ذَكَّرَهم اللهُ تعالى بأنَّه ما جَعَلَ لكلِّ أُمَّةٍ إلَّا مَنسَكًا واحدًا للقُربانِ إلى اللهِ تعالى، الذي رَزَقَ الناسَ الأنعامَ التي يَتقرَّبون إليه منها؛ فلا يَحِقُّ أنْ يُجعَلَ لغيرِ اللهِ مَنْسَكٌ [590] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (17/259). .
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ.
أي: وكلُّ جَماعةٍ مُؤمِنةٍ ممَّن قَبْلَكم شرَعْنَا لهم التقرُّبَ إلى اللهِ بالذَّبحِ وإراقةِ الدِّماءِ؛ لِيَذكُروا اسمَ اللهِ وَحْدَه عندَ نَحرِ ما رزَقَهم مِنَ الإبِلِ أو البَقَرِ أو الغَنَمِ، ويجعَلوا نَسيكَتَهم لِوَجهِه [591] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (16/549)، ((البسيط)) للواحدي (15/397)، ((تفسير القرطبي)) (12/58)، ((تفسير البيضاوي)) (4/71)، ((تفسير ابن كثير)) (5/424)، ((نظم الدرر)) للبقاعي (13/46، 47)، ((تفسير السعدي)) (ص: 538). وحرفُ (على) في قولِه: لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ مُتَعَلِّقٌ بـ (يَذْكُرُوا)، وهو بمعنى الملابسةِ والمصاحبةِ، أي: على الأنعامِ، وهو على تقديرِ مضافٍ بعد (على)، أي: عِندَ إهداءِ ما رَزَقَهم، يعني: ونَحْرَها أو ذَبْحَها. ويجوزُ أنْ تكونَ (على) بمعنَى: لامِ التَّعليلِ، والمعنَى: لِيَذْكُروا اسمَ اللَّهِ لأجلِ ما رَزَقَهم مِنْ بهيمةِ الأنعامِ. يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (17/259). قال السعدي: (والحِكْمةُ في جَعْلِ اللهِ لكُلِّ أمَّةٍ مَنسَكًا: لإقامةِ ذِكرِه، والالتفاتِ لشُكرِه؛ ولهذا قال: لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ). ((تفسير السعدي)) (ص: 538). .
فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا.
مُناسَبتُها لِمَا قَبْلَها:
في مُناسَبتِها لِمَا قَبْلَها وجهانِ:
أحدُهما: أنَّه لَمَّا ذَكَرَ الأُممَ المتقدِّمةَ خاطبَها بقولِه: فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ، أي: هو الذي شرَعَ المناسكَ لكم، ولِمَن تَقدَّم قَبْلَكم.
والثاني: أنَّه إشارةٌ إلى الذَّبائحِ، أي: إلهُكُم إلهٌ واحدٌ؛ فلا تَذْبحوا تَقرُّبًا لغَيرِه [592] يُنظر: ((تفسير ابن جزي)) (2/40). .
فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا .
أي: فمَعبودُكم الذي يَستَحِقُّ العِبادةَ مَعبودٌ واحِدٌ لا شَريكَ له؛ فله وَحْدَه أخلِصوا عِباداتِكم، وانقادُوا له بالطَّاعةِ، واخضَعوا لحُكمِه [593] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (16/550)، ((تفسير ابن كثير)) (5/424)، ((تفسير السعدي)) (ص: 538). قال البقاعي: (ولَمَّا ثبَت كونُه واحِدًا، وجَب اختِصاصُه بالعبادةِ؛ فلذا قال: فَلَهُ أي: وحْدَه أَسْلِمُوا أي: انقادُوا بجميعِ ظَواهِركم وبَواطِنِكم في كلِّ ما أمَر به أو نَهَى عنه، ناسِخًا كان أو لا، وإنْ لم تَفهَموا معناه، كغالِب مَناسِكِ الحَجِّ). ((نظم الدرر)) (13/47، 48). وقال ابنُ عاشور: (أي: فاترُكوا جميعَ المناسِكِ التي أُقيمَت لغيرِ اللهِ، فلا تَنسُكوا إلَّا في المَنسَكِ الذي جعَلَه لكم، تَعريضًا بالردِّ على المُشرِكينَ). ((تفسير ابن عاشور)) (17/260). .
كما قال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء: 25] .
وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ.
أي: وبَشِّرْ -يا مُحمَّدُ- بخَيرَيِ الدُّنيا والآخرةِ الخاضِعينَ الخاشِعينَ المُتواضِعينَ المُطمَئِنِّينَ لله، المُنيبينَ إليه [594] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (16/550)، ((تفسير القرطبي)) (12/58)، ((النبوات)) لابن تيمية (1/380)، ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/5، 6)، ((تفسير ابن كثير)) (5/424)، ((تفسير السعدي)) (ص: 538). .
الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35).
الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ.
أي: الذين خَشَعَت قلوبُهم لذِكْرِ اللهِ، وخضَعَت مِن خَشيَتِه؛ خَوفًا مِن عِقابِه وسَخَطِه [595] يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (16/552)، ((تفسير القرطبي)) (12/59)، ((تفسير السعدي)) (ص: 538)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/258). .
كما قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال: 2] .
وقال سُبحانَه: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ [الزمر: 23] .
وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ.
أي: والصَّابِرينَ على ما يقَعُ عليهم مِن أصنافِ البَلاءِ وأنواعِ الأذى والمصائِبِ، فلا يَجري منهم التسَخُّطُ على ذلك [596] يُنظر: ((البسيط)) للواحدي (15/401)، ((تفسير السعدي)) (ص: 538)، ((تفسير ابن عاشور)) (17/261)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/258). قال ابنُ عاشور: (المرادُ بالصَّبرِ: الصَّبرُ على ما يُصيبُهم مِن الأذى في سَبيلِ الإسلامِ، وأمَّا الصَّبرُ في الحُروبِ وعلى فقْدِ الأحبَّةِ فمِمَّا تتشَرَّكُ فيه النُّفوسُ الجَلْدةُ مِن المتكبِّرينَ والمُخبِتينَ). ((تفسير ابن عاشور)) (17/261). .
كما قال تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة: 155-157] .
وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ.
أي: والمُؤَدِّينَ الصَّلاةَ كامِلةً مُستقيمةً ظاهِرًا وباطِنًا، فيُحافِظونَ على أوقاتِها وواجباتِها، ويؤَدُّونَها على الوَجهِ الذي أمَرَ اللهُ به [597] يُنظر: ((البسيط)) للواحدي (15/401)، ((تفسير ابن كثير)) (5/425)، ((تفسير السعدي)) (ص: 538). ممَّن نَصَّ على أنَّ المرادَ بها الفريضةُ: ابنُ جرير، وابن كثير. يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (16/552)، ((تفسير ابن كثير)) (5/425). .
كما قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ... وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ [المؤمنون: 1-9] .
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ.
أي: ويُنفِقونَ مِمَّا آتَيناهم مِن رِزقٍ [598] يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (5/425)، ((تفسير السعدي)) (ص: 538)، ((تفسير ابن عاشور)) (17/261). قال ابن جرير: (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ مِنَ الأموالِ يُنْفِقُونَ في الواجِبِ عليهم إنفاقُها فيه؛ في زكاةٍ، ونَفَقةِ عِيالٍ، ومَن وجبت عليه نَفَقتُه، وفي سَبيلِ اللهِ). ((تفسير ابن جرير)) (16/552). وقال ابنُ عاشورٍ: (المرادُ مِن الإنفاقِ: الإنفاقُ على المحتاجينَ الضعفاءِ مِن المؤمنينَ؛ لأنَّ ذلك هو دأبُ المخبتينَ). ((تفسير ابن عاشور)) (17/261). وممن اختار عمومَ النفقةِ في وُجوهِ البِرِّ: ابنُ كثير، والشوكاني، والسعدي. يُنظر: ((تفسير ابن كثير)) (5/425)، ((تفسير الشوكاني)) (3/536)، ((تفسير السعدي)) (ص: 538). قال السعدي: (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وهذا يشمَلُ جَميعَ النَّفَقاتِ الواجِبةِ؛ كالزَّكاةِ، والكفَّارة، والنَّفَقةِ على الزَّوجات والمَماليكِ، والأقاربِ؛ والنَّفَقاتِ المُستحَبَّة؛ كالصَّدَقاتِ بجَميعِ وُجوهِها. وأُتِيَ بـ مِنْ المُفيدةِ للتَّبعيضِ؛ لِيُعلَمَ سُهولةُ ما أمَرَ اللهُ به ورَغَّبَ فيه، وأنَّه جزءٌ يَسيرٌ مِمَّا رزَقَ اللهُ، ليس للعَبدِ في تحصيلِه قُدرةٌ، لولا تيسيرُ اللهِ له ورِزقُه إيَّاه). ((تفسير السعدي)) (ص: 538). .
كما قال تعالى: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: 274] .
وقال سُبحانَه: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال: 2-4] .
وقال عزَّ وجلَّ: وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ * وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد: 21-24] .
وقال الله سُبحانَه: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ [فاطر: 29-30] .

الفوائد التربوية :

1- قال الله تعالى: وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ * الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أتبَعَ صِفةَ المُخبِتينَ بأربَعِ صِفاتٍ؛ وهي: وَجَلُ القُلوبِ عندَ ذِكرِ اللهِ، والصَّبرُ على الأذى في سَبيلِه، وإقامةُ الصَّلاةِ، والإنفاقُ، وكُلُّ هذه الصِّفاتِ الأربَعِ مَظاهِرُ للتَّواضُعِ، فليس المقصودُ مَن جَمَع تلك الصِّفاتِ؛ لأنَّ بَعضَ المُؤمِنينَ لا يَجِدُ ما يُنفِقُ منه، وإنما المقصودُ مَن لم يُخِلَّ بواحدةٍ منها عندَ إمكانِها [599] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (17/261). .
2- قال الله تعالى: الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وصَفَهم تعالى بالخَوفِ والوَجَلِ عندَ ذِكرِ اللهِ؛ وذلك لقُوَّةِ يَقينِهم، ومُراعاتِهم لرَبِّهم، وكأنَّهم بينَ يَدَيه [600] يُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (4/122). .
3- قال الله تعالى: الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ هذه الآيةُ نظيرُ قَولِه تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال: 2] ، وقَولِه تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الزمر: 23] ، فهذه حالةُ العارفينَ باللهِ، الخائِفينَ مِن سَطْوتِه وعُقوبتِه، لا كما يفعَلُه جُهَّالُ العَوامِّ، والمُبتَدِعةُ الطَّغامُ، مِن الزَّعيقِ والزَّئير، ومِن النُّهاقِ الذي يُشبِهُ نُهاقَ الحَمير، فيُقالُ لِمَن تعاطى ذلك وزعَمَ أنَّ ذلك وَجْدٌ وخُشوعٌ: إنَّك لم تبلُغْ أن تساوِيَ حالَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ولا حالَ أصحابِه في المَعرفةِ باللهِ تعالى، والخَوفِ منه، والتَّعظيمِ لجَلالِه، ومع ذلك فكانت حالُهم عند المواعِظِ الفَهمَ عن اللهِ، والبُكاءَ خَوفًا مِنَ الله، وكذلك وصَفَ اللهُ تعالى أحوالَ أهلِ المَعرفةِ عندَ سَماعِ ذِكرِه وتلاوةِ كِتابِه، ومَن لم يكُنْ كذلك فليس على هَدْيِهم ولا على طريقَتِهم؛ قال الله تعالى: وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ [المائدة: 83] ، فهذا وَصْفُ حالِهم، وحِكايةُ مَقالِهم؛ فمَن كان مُستَنًّا فلْيَستَنَّ، ومَن تعاطى أحوالَ المجانينِ والجُنونِ، فهو مِن أخَسِّهم حالًا، والجُنُون فُنُون [601] يُنظر: ((تفسير القرطبي)) (12/59). !!

الفوائد العلمية واللطائف:

1- قَولُ الله تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا فيه أنَّه وإنِ اختَلَفَت أجناسُ الشَّرائِعِ، فكُلُّها مُتَّفِقةٌ على هذا الأصلِ، وهو أُلوهيَّةُ اللهِ، وإفرادُه بالعُبوديَّةِ، وتَركُ الشِّركِ به؛ ولهذا قال تعالى: فَلَهُ أَسْلِمُوا [602] يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 538). .
2- قال الله تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ في هذه الآيةِ دَليلٌ على أنَّ الذَّبائحَ التي يُتقَرَّبُ بها ليست مِن خَصائِصِ هذه الأمَّةِ، بل كانت لكُلِّ أمَّةٍ، وعلى أنَّ الضَّحايا لم تَزَلْ مِنَ الأنعامِ، وأنَّ التَّسميةَ على الذَّبحِ كانت مَشروعةً [603] يُنظر: ((البسيط)) للواحدي (15/399، 400). ، فالذَّبحُ تقَرُّبًا إلى اللهِ تعالى مَشروعٌ في كُلِّ مِلَّةٍ لِكُلِّ أُمَّةٍ، وهو بُرهانٌ بَيِّنٌ على أنَّه عِبادةٌ ومَصلَحةٌ في كُلِّ زَمانٍ ومَكانٍ وأُمَّةٍ [604] يُنظر: ((أحكام الأضحية والذكاة)) لابن عثيمين (2/213). .
3- قال الله تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا في هذا دَليلٌ على أنَّ ذَبْحَ الأُضحِيَّةِ وذِكْرَ اسمِ اللهِ عليها عِبادةٌ مَقصودةٌ بذاتِها، وأنَّها مِن توحيدِ اللهِ وتمامِ الاستِسلامِ له، ورُبَّما كان هذا المقصودُ أعظَمَ بكَثيرٍ مِن مُجَرَّدِ انتِفاعِ الفَقيرِ بها [605] يُنظر: ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (25/87). .
4- قَولُ اللهِ تعالى: لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فيه تَنبيهٌ على أنَّ القُربانَ يَجِبُ أن يكونَ مِنَ الأنعامِ [606] يُنظر: ((تفسير الشربيني)) (2/553). .
5- قَال اللهُ تعالى: وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ ناسَبَ تَبشيرُ مَن اتَّصَف بالإخباتِ هنا؛ لأنَّ أفعالَ الحَجِّ؛ مِن نَزعِ الثِّيابِ، والتجَرُّدِ مِنَ المَخيطِ، وكَشْفِ الرَّأسِ، والترَدُّدِ في تلك المواضِعِ الغَبرةِ المُحَجَّرةِ، والتلبُّسِ بأفعالٍ شاقَّةٍ لا يَعلَمُ مَعناها إلَّا اللهُ تعالى- مُؤْذِنٌ بالاستِسلامِ المَحْضِ، والتَّواضُعِ المُفرِطِ؛ حيثُ يَخرُجُ الإنسانُ عن مألوفِه إلى أفعالٍ غَريبةٍ؛ ولذلك وصَفَهم بالإخباتِ والوَجَلِ إذا ذُكِرَ اللهُ تعالى، والصَّبرِ على ما أصابَهم مِنَ المشاقِّ، وإقامةِ الصَّلواتِ في مواضِعَ لا يُقيمُها إلَّا المُؤمِنونَ المُصطَفَونَ، والإنفاقِ مِمَّا رزَقَهم، ومنها الهَدايا التي يُغالونَ فيها [607] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (7/508). .
6- قال الله تعالى: الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ اعلَمْ أنَّ وَجَلَ القُلوبِ عِندَ ذِكرِ اللهِ -أي: خَوْفَها مِنَ اللهِ عندَ سَماعِ ذِكرِه- لا يُنافي ما ذكَرَه جلَّ وعلا مِن أنَّ المُؤمِنينَ تَطمَئِنُّ قُلوبُهم بذِكرِ اللهِ، كما في قَولِه تعالى: الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد: 28] ، ووَجهُ الجَمعِ بينَ الثَّناءِ عليهم بالوَجَلِ -الذي هو الخَوفُ عِندَ ذِكرِه جَلَّ وعلا- معَ الثَّناءِ عليهم بالطُّمَأنينةِ بذِكرِه، والخَوفُ والطُّمَأنينةُ مُتَنافيانِ: هو أنَّ الطُّمَأنينةَ بذِكرِ اللهِ تكونُ بانشراحِ الصَّدرِ بمَعرفةِ التَّوحيدِ، وصِدْقِ ما جاء به الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فطُمَأنينَتُهم بذلك قَويَّةٌ؛ لأنَّها لم تتطَرَّقْها الشُّكوكُ ولا الشُّبَهُ- والوَجَلَ عِندَ ذِكرِ الله تعالى يكونُ بسَبَبِ خَوفِ الزَّيغِ عن الهُدى، وعَدَمِ تقَبُّلِ الأعمالِ، كما قال تعالى عنِ الرَّاسِخينَ في العِلمِ: رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا [آل عمران: 8] ، وقال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [المؤمنون: 60] ، وقال تعالى: تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [608] يُنظر: ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/259).  لزمر: 23].
7- قَولُ اللهِ تعالى: وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ عبَّر بالوصفِ دُون الفِعلِ (أقاموا)؛ إشارةً إلى أنَّه لا يُقيمُها على الوجهِ المشروعِ مع تِلك المشاقِّ والشواغِلِ إلَّا الأراسخُ في حُبِّها؛ فهُم -لِمَا تمكَّن مِن حُبِّها في قُلوبِهم، والخوفِ مِن الغَفلةِ عنها- كأنَّهم دائمًا في صَلاةٍ [609] يُنظر: ((نظم الدرر)) للبقاعي (13/49). .

بلاغة الآيتين:

1- قَولُه تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ
- قولُه: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا فيه تَقديمُ الجارِّ والمجرورِ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ على الفِعْلِ جَعَلْنَا؛ للتَّخصيصِ [610] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (6/106). .
- قولُه: لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ علَّلَ الجَعْلَ به؛ تَنبيهًا على أنَّ المقصودَ الأصليَّ مِن المناسِكِ تَذكُّرُ المعبودِ [611] يُنظر: ((تفسير البيضاوي)) (4/71)، ((تفسير أبي السعود)) (6/106). .
- قولُه: فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا الفاءُ في فَإِلَهُكُمْ لتَرتيبِ ما بعْدَها على ما قبْلَها؛ فإنَّ جَعْلَه تعالى لكلِّ أُمَّةٍ مِن الأُمَمِ مَنْسكًا ممَّا يدُلُّ على وَحدانيَّتِه تعالى. وإنَّما قيل: إِلَهٌ وَاحِدٌ، ولم يقُلْ: (واحدٌ)؛ لِمَا أنَّ المُرادَ بَيانُ أنَّه تعالى واحدٌ في ذاتِه، كما أنَّه واحدٌ في إلِهيَّتِه للكلِّ [612] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (6/106). . وهذا التَّفريعُ الأوَّلُ تَمهيدٌ للتَّفريعِ الَّذي عَقِبَهُ وهو المقصودُ، فوقَعَ في النَّظمِ تَغييرٌ بتَقديمٍ وتأْخيرٍ، وأصْلُ النَّظمِ: فلِلَّهِ أسْلِموا؛ لأنَّ إلِهَكَم إلهٌ واحدٌ [613] يُنظر: ((تفسير ابن عاشور)) (17/260). .
- وفي قولِه: فَلَهُ أَسْلِمُوا تَقديمُ الجارِّ والمجرورِ (له) على الأمْرِ أَسْلِمُوا؛ للحصْرِ، أي: أسْلِموا له لا لغَيرِه [614] يُنظر: ((حاشية الطيبي على الكشاف)) (10/485)، ((تفسير أبي السعود)) (6/106، 107)، ((تفسير ابن عاشور)) (17/260). .
- قولُه: وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ اعتراضٌ بينَ سَوقِ المِنَنِ، والخِطابُ للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ [615] يُنظر: ((تفسير أبي السعود)) (6/106، 107)، ((تفسير ابن عاشور)) (17/260). ، وناسَبَ تَبشيرُ مَنِ اتَّصَفَ بالإخباتِ هنا؛ لأنَّ أفعالَ الحجِّ مُؤْذِنةٌ بالاستسلامِ المَحضِ، والتَّواضُعِ المُفرِطِ [616] يُنظر: ((تفسير أبي حيان)) (7/508). .
2- قوله تعالى: الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ
- قولُه: وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فيه تقديمُ المفعولِ (مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ) على الفِعلِ يُنْفِقُونَ؛ للاهتمامِ به، وللدَّلالةِ على كونِه أهمَّ، ولإفادةِ الاختصاصِ، ولتناسبِ رُؤوسِ الآيِ [617] يُنظر: ((تفسير الزمخشري)) (1/40)، ((تفسير الشربيني)) (1/18)، ((دليل البلاغة القرآنية)) للدبل (ص: 19). .