الموسوعة الحديثية

نتائج البحث

31 - سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، عن أَشْيَاءَ كَرِهَهَا، فَلَمَّا أُكْثِرَ عليه غَضِبَ، ثُمَّ قالَ لِلنَّاسِ: سَلُونِي عَمَّ شِئْتُمْ فَقالَ رَجُلٌ: مَن أَبِي؟ قالَ: أَبُوكَ حُذَافَةُ فَقَامَ آخَرُ فَقالَ: مَن أَبِي؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شيبَةَ، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ ما في وَجْهِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مِنَ الغَضَبِ قالَ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّا نَتُوبُ إلى اللَّهِ. وفي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ قالَ: مَن أَبِي يا رَسولَ اللهِ، قالَ: أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شيبَةَ.

32 - دَخَلْتُ علَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ يُنْشِدُهَا شِعْرًا يُشَبِّبُ بأَبْيَاتٍ له فَقالَ: حَصَانٌ رَزَانٌ ما تُزَنُّ برِيبَةٍ وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِن لُحُومِ الغَوَافِلِ . فَقالَتْ له عَائِشَةُ: لَكِنَّكَ لَسْتَ كَذلكَ، قالَ مَسْرُوقٌ: فَقُلتُ لَهَا: لِمَ تَأْذَنِينَ له يَدْخُلُ عَلَيْكِ؟ وَقَدْ قالَ اللَّهُ: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ منهمْ له عَذَابٌ عَظِيمٌ} فَقالَتْ: فأيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمَى؟ إنَّه كانَ يُنَافِحُ ، أَوْ يُهَاجِي عن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ. وفي روايةٍ : وَقالَ قالَتْ: كانَ يَذُبُّ عن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَلَمْ يَذْكُرْ حَصَانٌ رَزَانٌ .

33 - أنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ، كانَ يُكْرِي أَرَضِيهِ، حتَّى بَلَغَهُ أنَّ رَافِعَ بنَ خَدِيجٍ الأنْصَارِيَّ كانَ يَنْهَى عن كِرَاءِ الأرْضِ، فَلَقِيَهُ عبدُ اللهِ، فَقالَ: يا ابْنَ خَدِيجٍ، مَاذَا تُحَدِّثُ عن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في كِرَاءِ الأرْضِ، قالَ رَافِعُ بنُ خَدِيجٍ لِعَبْدِ اللهِ: سَمِعْتُ عَمَّيَّ، وَكَانَا قدْ شَهِدَا بَدْرًا، يُحَدِّثَانِ أَهْلَ الدَّارِ، أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ نَهَى عن كِرَاءِ الأرْضِ. قالَ عبدُ اللهِ: لقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ في عَهْدِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أنَّ الأرْضَ تُكْرَى، ثُمَّ خَشِيَ عبدُ اللهِ أَنْ يَكونَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَحْدَثَ في ذلكَ شيئًا لَمْ يَكُنْ عَلِمَهُ، فَتَرَكَ كِرَاءَ الأرْضِ.

34 - دَخَلْنَا علَى فَاطِمَةَ بنْتِ قَيْسٍ، فأتْحَفَتْنَا برُطَبٍ يُقَالُ له رُطَبُ ابْنِ طَابٍ ، وَأَسْقَتْنَا سَوِيقَ سُلْتٍ، فَسَأَلْتُهَا عَنِ المُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا أَيْنَ تَعْتَدُّ؟ قالَتْ: طَلَّقَنِي بَعْلِي ثَلَاثًا، فأذِنَ لي النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَنْ أَعْتَدَّ في أَهْلِي، قالَتْ: فَنُودِيَ في النَّاسِ: إنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةً، قالَتْ: فَانْطَلَقْتُ فِيمَنِ انْطَلَقَ مِنَ النَّاسِ، قالَتْ: فَكُنْتُ في الصَّفِّ المُقَدَّمِ مِنَ النِّسَاءِ، وَهو يَلِي المُؤَخَّرَ مِنَ الرِّجَالِ، قالَتْ: فَسَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَهو علَى المِنْبَرِ يَخْطُبُ، فَقالَ: إنَّ بَنِي عَمٍّ لِتَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَكِبُوا في البَحْرِ وَسَاقَ الحَدِيثَ. وَزَادَ فِيهِ: قالَتْ: فَكَأنَّما أَنْظُرُ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَأَهْوَى بمِخْصَرَتِهِ إلى الأرْضِ، وَقالَ: هذِه طَيْبَةُ يَعْنِي المَدِينَةَ.

35 - أنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ يقولُ: كانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بالمَدِينَةِ مَالًا، وَكانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إلَيْهِ بَيْرَحَى، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِن مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ. قالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا نَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حتَّى تُنْفِقُوا ممَّا تُحِبُّونَ}[آل عمران:92] قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: إنَّ اللَّهَ يقولُ في كِتَابِهِ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حتَّى تُنْفِقُوا ممَّا تُحِبُّونَ}، وإنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إلَيَّ بَيْرَحَى، وإنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو برَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللهِ، فَضَعْهَا، يا رَسولَ اللهِ، حَيْثُ شِئْتَ، قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: بَخْ ، ذلكَ مَالٌ رَابِحٌ، ذلكَ مَالٌ رَابِحٌ، قدْ سَمِعْتُ ما قُلْتَ فِيهَا، وإنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا في الأقْرَبِينَ فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ في أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ.

36 -  أنَّ أَبَاهُ غَزَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَتْحَ مَكَّةَ، قالَ: فأقَمْنَا بهَا خَمْسَ عَشْرَةَ؛ ثَلَاثِينَ بيْنَ لَيْلَةٍ وَيَومٍ، فأذِنَ لَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في مُتْعَةِ النِّسَاءِ ، فَخَرَجْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِن قَوْمِي، وَلِي عليه فَضْلٌ في الجَمَالِ، وَهو قَرِيبٌ مِنَ الدَّمَامَةِ ، مع كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا بُرْدٌ ، فَبُرْدِي خَلَقٌ ، وَأَمَّا بُرْدُ ابْنِ عَمِّي فَبُرْدٌ جَدِيدٌ غَضٌّ، حتَّى إذَا كُنَّا بأَسْفَلِ مَكَّةَ -أَوْ بأَعْلَاهَا- فَتَلَقَّتْنَا فَتَاةٌ مِثْلُ البَكْرَةِ العَنَطْنَطَةِ ، فَقُلْنَا: هلْ لَكِ أَنْ يَسْتَمْتِعَ مِنْكِ أَحَدُنَا؟ قالَتْ: وَمَاذَا تَبْذُلَانِ؟ فَنَشَرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا بُرْدَهُ، فَجَعَلَتْ تَنْظُرُ إلى الرَّجُلَيْنِ، وَيَرَاهَا صَاحِبِي تَنْظُرُ إلى عِطْفِهَا ، فَقالَ: إنَّ بُرْدَ هذا خَلَقٌ ، وَبُرْدِي جَدِيدٌ غَضٌّ، فَتَقُولُ: بُرْدُ هذا لا بَأْسَ به، ثَلَاثَ مِرَارٍ، أَوْ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ اسْتَمْتَعْتُ منها، فَلَمْ أَخْرُجْ حتَّى حَرَّمَهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ. [وفي رواية]: وَزَادَ قالَتْ: وَهلْ يَصْلُحُ ذَاكَ؟ وَفِيهِ: قالَ: إنَّ بُرْدَ هذا خَلَقٌ مَحٌّ .

37 - عَمِّيَ الذي سُمِّيتُ به لَمْ يَشْهَدْ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بَدْرًا، قالَ: فَشَقَّ عليه، قالَ: أَوَّلُ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ غُيِّبْتُ عنْه، وإنْ أَرَانِيَ اللَّهُ مَشْهَدًا فِيما بَعْدُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لَيَرَانِي اللَّهُ ما أَصْنَعُ، قالَ: فَهَابَ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهَا، قالَ: فَشَهِدَ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَومَ أُحُدٍ، قالَ: فَاسْتَقْبَلَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ، فَقالَ له أَنَسٌ: يا أَبَا عَمْرٍو، أَيْنَ؟ فَقالَ: وَاهًا لِرِيحِ الجَنَّةِ أَجِدُهُ دُونَ أُحُدٍ، قالَ: فَقَاتَلَهُمْ حتَّى قُتِلَ، قالَ: فَوُجِدَ في جَسَدِهِ بضْعٌ وَثَمَانُونَ مِن بَيْنِ ضَرْبَةٍ وَطَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ، قالَ: فَقالَتْ أُخْتُهُ، عَمَّتِيَ الرُّبَيِّعُ بنْتُ النَّضْرِ، فَما عَرَفْتُ أَخِي إلَّا ببَنَانِهِ ، وَنَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {رِجَالٌ صَدَقُوا ما عَاهَدُوا اللَّهَ عليه فَمِنْهُمْ مَن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَن يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}[الأحزاب: 23]، قالَ: فَكَانُوا يُرَوْنَ أنَّهَا نَزَلَتْ فيه وفي أَصْحَابِهِ.

38 - بيْنَا أَنَا وَاقِفٌ في الصَّفِّ يَومَ بَدْرٍ، نَظَرْتُ عن يَمِينِي وَشِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بيْنَ غُلَامَيْنِ مِنَ الأنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا، تَمَنَّيْتُ لو كُنْتُ بيْنَ أَضْلَعَ منهمَا ، فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا، فَقالَ: يا عَمِّ، هلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قالَ: قُلتُ: نَعَمْ، وَما حَاجَتُكَ إلَيْهِ يا ابْنَ أَخِي؟ قالَ: أُخْبِرْتُ أنَّهُ يَسُبُّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لَئِنْ رَأَيْتُهُ لا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حتَّى يَمُوتَ الأعْجَلُ مِنَّا ، قالَ: فَتَعَجَّبْتُ لذلكَ، فَغَمَزَنِي الآخَرُ، فَقالَ: مِثْلَهَا، قالَ: فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إلى أَبِي جَهْلٍ يَزُولُ في النَّاسِ، فَقُلتُ: أَلَا تَرَيَانِ؟ هذا صَاحِبُكُما الذي تَسْأَلَانِ عنْه، قالَ: فَابْتَدَرَاهُ فَضَرَبَاهُ بسَيْفَيْهِما حتَّى قَتَلَاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأخْبَرَاهُ، فَقالَ: أَيُّكُما قَتَلَهُ؟ فَقالَ كُلُّ وَاحِدٍ منهمَا: أَنَا قَتَلْتُ، فَقالَ: هلْ مَسَحْتُما سَيْفَيْكُمَا؟ قالَا: لَا، فَنَظَرَ في السَّيْفَيْنِ، فَقالَ: كِلَاكُما قَتَلَهُ، وَقَضَى بسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بنِ عَمْرِو بنِ الجَمُوحِ. وَالرَّجُلَانِ مُعَاذُ بنُ عَمْرِو بنِ الجَمُوحِ، وَمُعَاذُ بنُ عَفْرَاءَ.

39 - أنَّ مُحَيِّصَةَ بنَ مَسْعُودٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ سَهْلٍ، انْطَلَقَا قِبَلَ خَيْبَرَ، فَتَفَرَّقَا في النَّخْلِ، فَقُتِلَ عبدُ اللهِ بنُ سَهْلٍ، فَاتَّهَمُوا اليَهُودَ، فَجَاءَ أَخُوهُ عبدُ الرَّحْمَنِ ، وَابْنَا عَمِّهِ حُوَيِّصَةُ، وَمُحَيِّصَةُ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَتَكَلَّمَ عبدُ الرَّحْمَنِ في أَمْرِ أَخِيهِ، وَهو أَصْغَرُ منهمْ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: كَبِّرِ الكُبْرَ، أَوْ قالَ: لِيَبْدَأِ الأكْبَرُ، فَتَكَلَّما في أَمْرِ صَاحِبِهِمَا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: يَقْسِمُ خَمْسُونَ مِنكُم علَى رَجُلٍ منهمْ، فيُدْفَعُ برُمَّتِهِ ، قالوا: أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْهُ، كيفَ نَحْلِفُ؟ قالَ: فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بأَيْمَانِ خَمْسِينَ منهمْ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، قَوْمٌ كُفَّارٌ؟ قالَ: فَوَدَاهُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مِن قِبَلِهِ. قالَ سَهْلٌ: فَدَخَلْتُ مِرْبَدًا لهمْ يَوْمًا فَرَكَضَتْنِي نَاقَةٌ مِن تِلكَ الإبِلِ رَكْضَةً برِجْلِهَا. قالَ حَمَّادٌ: هذا، أَوْ نَحْوَهُ. [وفي رواية]: نَحْوَهُ. وَقالَ في حَديثِهِ: فَعَقَلَهُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مِن عِندِهِ، وَلَمْ يَقُلْ في حَديثِهِ: فَرَكَضَتْنِي نَاقَةٌ.

40 - أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قالَ: لا عَدْوَى. وَيُحَدِّثُ أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قالَ: لا يُورِدُ مُمْرِضٌ علَى مُصِحٍّ. قالَ أَبُو سَلَمَةَ: كانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُهُما كِلْتَيْهِما عن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ثُمَّ صَمَتَ أَبُو هُرَيْرَةَ بَعْدَ ذلكَ عن قَوْلِهِ: لا عَدْوَى، وَأَقَامَ علَى أَنْ لا يُورِدُ مُمْرِضٌ علَى مُصِحٍّ، قالَ: فَقالَ الحَارِثُ بنُ أَبِي ذُبَابٍ -وَهو ابنُ عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ-: قدْ كُنْتُ أَسْمَعُكَ يا أَبَا هُرَيْرَةَ تُحَدِّثُنَا مع هذا الحَديثِ حَدِيثًا آخَرَ قدْ سَكَتَّ عنْه؛ كُنْتَ تَقُولُ: قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لا عَدْوَى، فأبَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنْ يَعْرِفَ ذلكَ، وَقالَ: لا يُورِدُ مُمْرِضٌ علَى مُصِحٍّ، فَما رَآهُ الحَارِثُ في ذلكَ حتَّى غَضِبَ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَرَطَنَ بالحَبَشِيَّةِ، فَقالَ لِلْحَارِثِ: أَتَدْرِي مَاذَا قُلتُ؟ قالَ: لَا، قالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قُلتُ: أَبَيْتُ . قالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَلَعَمْرِي لقَدْ كانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُنَا، أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قالَ: لا عَدْوَى، فلا أَدْرِي أَنَسِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ، أَوْ نَسَخَ أَحَدُ القَوْلَيْنِ الآخَرَ؟!

41 - عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قالَ: افْتَتَحْنَا مَكَّةَ، ثُمَّ إنَّا غَزَوْنَا حُنَيْنًا، فَجَاءَ المُشْرِكُونَ بأَحْسَنِ صُفُوفٍ رَأَيْتُ، قالَ: فَصُفَّتِ الخَيْلُ، ثُمَّ صُفَّتِ المُقَاتِلَةُ، ثُمَّ صُفَّتِ النِّسَاءُ مِن وَرَاءِ ذلكَ، ثُمَّ صُفَّتِ الغَنَمُ، ثُمَّ صُفَّتِ النَّعَمُ، قالَ: وَنَحْنُ بَشَرٌ كَثِيرٌ قدْ بَلَغْنَا سِتَّةَ آلَافٍ، وعلَى مُجَنِّبَةِ خَيْلِنَا خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ، قالَ: فَجَعَلَتْ خَيْلُنَا تَلْوِي خَلْفَ ظُهُورِنَا، فَلَمْ نَلْبَثْ أَنِ انْكَشَفَتْ خَيْلُنَا، وَفَرَّتِ الأعْرَابُ وَمَن نَعْلَمُ مِنَ النَّاسِ قالَ: فَنَادَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يا لَلْمُهَاجِرِينَ، يا لَلْمُهَاجِرِينَ، ثُمَّ قالَ: يا لَلأَنْصَارِ، يا لَلأَنْصَارِ قالَ: قالَ أَنَسٌ: هذا حَديثُ عِمِّيَّةٍ قالَ: قُلْنَا، لَبَّيْكَ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: فَتَقَدَّمَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فَايْمُ اللهِ، ما أَتَيْنَاهُمْ حتَّى هَزَمَهُمُ اللَّهُ، قالَ: فَقَبَضْنَا ذلكَ المَالَ، ثُمَّ انْطَلَقْنَا إلى الطَّائِفِ فَحَاصَرْنَاهُمْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ رَجَعْنَا إلى مَكَّةَ فَنَزَلْنَا، قالَ: فَجَعَلَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يُعْطِي الرَّجُلَ المِئَةَ مِنَ الإبِلِ. ثُمَّ ذَكَرَ بَاقِيَ الحَديثِ كَنَحْوِ حَديثِ قَتَادَةَ، وَأَبِي التَّيَّاحِ وَهِشَامِ بنِ زَيْدٍ.

42 - خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي نَطْلُبُ العِلْمَ في هذا الحَيِّ مِنَ الأنْصَارِ قَبْلَ أَنْ يَهْلِكُوا، فَكانَ أَوَّلُ مَن لَقِينَا أَبَا اليَسَرِ صَاحِبَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَمعهُ غُلَامٌ له، معهُ ضِمَامَةٌ مِن صُحُفٍ، وعلَى أَبِي اليَسَرِ بُرْدَةٌ وَمعافِرِيٌّ، وعلَى غُلَامِهِ بُرْدَةٌ وَمعافِرِيٌّ، فَقالَ له أَبِي: يا عَمِّ، إنِّي أَرَى في وَجْهِكَ سَفْعَةً مِن غَضَبٍ، قالَ: أَجَلْ ؛ كانَ لي علَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الحَرَامِيِّ مَالٌ، فأتَيْتُ أَهْلَهُ، فَسَلَّمْتُ، فَقُلتُ: ثَمَّ هُوَ؟ قالوا: لَا، فَخَرَجَ عَلَيَّ ابْنٌ له جَفْرٌ ، فَقُلتُ له: أَيْنَ أَبُوكَ؟ قالَ: سَمِعَ صَوْتَكَ فَدَخَلَ أَرِيكَةَ أُمِّي، فَقُلتُ: اخْرُجْ إلَيَّ؛ فقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ أَنْتَ، فَخَرَجَ، فَقُلتُ: ما حَمَلَكَ علَى أَنِ اخْتَبَأْتَ مِنِّي؟ قالَ: أَنَا وَاللَّهِ أُحَدِّثُكَ، ثُمَّ لا أَكْذِبُكَ؛ خَشِيتُ وَاللَّهِ أَنْ أُحَدِّثَكَ فأكْذِبَكَ، وَأَنْ أَعِدَكَ فَأُخْلِفَكَ، وَكُنْتَ صَاحِبَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَكُنْتُ وَاللَّهِ مُعْسِرًا. قالَ: قُلتُ: آللَّهِ؟ قالَ: اللهِ، قُلتُ: آللَّهِ؟ قالَ: اللهِ، قُلتُ: آللَّهِ؟ قالَ: اللهِ، قالَ: فأتَى بصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بيَدِهِ، فَقالَ: إنْ وَجَدْتَ قَضَاءً فَاقْضِنِي، وإلَّا أَنْتَ في حِلٍّ، فأشْهَدُ بَصَرُ عَيْنَيَّ هَاتَيْنِ -وَوَضَعَ إصْبَعَيْهِ علَى عَيْنَيْهِ- وَسَمْعُ أُذُنَيَّ هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلْبِي هذا -وَأَشَارَ إلى مَنَاطِ قَلْبِهِ- رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَهو يقولُ: مَن أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ عنْه، أَظَلَّهُ اللَّهُ في ظِلِّهِ.

43 - لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ أَبِي أُمَيَّةَ بنِ المُغِيرَةِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: يا عَمِّ، قُلْ: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لكَ بهَا عِنْدَ اللهِ، فَقالَ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عن مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عليه، وَيُعِيدُ له تِلكَ المَقالَةَ حتَّى قالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ ما كَلَّمَهُمْ: هو علَى مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَما وَاللَّهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لكَ ما لَمْ أُنْهَ عَنْكَ، فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ما كانَ للنبيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ولو كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِن بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لهمْ أنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ} [التوبة: 113]، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى في أَبِي طَالِبٍ، فَقالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: {إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهو أَعْلَمُ بالمُهْتَدِينَ} [القصص: 56]. وفي روايةٍ : مِثْلَهُ، غيرَ أنَّ حَدِيثَ صَالِحٍ انْتَهَى عِنْدَ قَوْلِهِ: فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الآيَتَيْنِ، وَقالَ في حَديثِهِ: وَيَعُودَانِ في تِلكَ المَقالَةِ، وفي حَديثِ مَعْمَرٍ مَكانَ هذِه الكَلِمَةِ فَلَمْ يَزَالَا بهِ.

44 - أنَّ أُناسًا مِن عبدِ القَيْسِ قَدِمُوا علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالوا: يا نَبِيَّ اللهِ، إنَّا حَيٌّ مِن رَبِيعَةَ، وبيْنَنا وبيْنَكَ كُفّارُ مُضَرَ، ولا نَقْدِرُ عَلَيْكَ إلَّا في أشْهُرِ الحُرُمِ، فَمُرْنا بأَمْرٍ نَأْمُرُ به مَن وراءَنا، ونَدْخُلُ به الجَنَّةَ إذا نَحْنُ أخَذْنا به، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: آمُرُكُمْ بأَرْبَعٍ، وأَنْهاكُمْ عن أرْبَعٍ: اعْبُدُوا اللَّهَ ولا تُشْرِكُوا به شيئًا، وأَقِيمُوا الصَّلاةَ، وآتُوا الزَّكاةَ، وصُومُوا رَمَضانَ، وأَعْطُوا الخُمُسَ مِنَ الغَنائِمِ، وأَنْهاكُمْ عن أرْبَعٍ: عَنِ الدُّبَّاءِ ، والْحَنْتَمِ، والْمُزَفَّتِ، والنَّقِيرِ قالوا: يا نَبِيَّ اللهِ، ما عِلْمُكَ بالنَّقِيرِ؟ قالَ: بَلَى، جِذْعٌ تَنْقُرُونَهُ، فَتَقْذِفُونَ فيه مِنَ القُطَيْعاءِ ، قالَ سَعِيدٌ: أوْ قالَ: مِنَ التَّمْرِ، ثُمَّ تَصُبُّونَ فيه مِنَ الماءِ حتَّى إذا سَكَنَ غَلَيانُهُ شَرِبْتُمُوهُ، حتَّى إنَّ أحَدَكُمْ، أوْ إنَّ أحَدَهُمْ لَيَضْرِبُ ابْنَ عَمِّهِ بالسَّيْفِ قالَ: وفي القَوْمِ رَجُلٌ أصابَتْهُ جِراحَةٌ كَذلكَ قالَ، وكُنْتُ أخْبَؤُها حَياءً مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقُلتُ: فَفِيمَ نَشْرَبُ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: في أسْقِيَةِ الأدَمِ الَّتي يُلاثُ علَى أفْواهِها ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ أرْضَنا كَثِيرَةُ الجِرْذانِ، ولا تَبْقَى بها أسْقِيَةُ الأدَمِ، فقالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: وإنْ أكَلَتْها الجِرْذانُ، وإنْ أكَلَتْها الجِرْذانُ، وإنْ أكَلَتْها الجِرْذانُ قالَ: وقالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لأَشَجِّ عبدِ القَيْسِ: إنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُما اللَّهُ: الحِلْمُ والأناةُ. وَذَكَرَ أبا نَضْرَةَ، عن أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أنَّ وفْدَ عبدِ القَيْسِ لَمَّا قَدِمُوا علَى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ... بمِثْلِ حَديثِ ابْنِ عُلَيَّةَ، غيرَ أنَّ فيه وتَذِيفُونَ فيه مِنَ القُطَيْعاءِ ، أوِ التَّمْرِ والْماءِ، ولَمْ يَقُلْ: قالَ سَعِيدٌ، أوْ قالَ مِنَ التَّمْرِ.

45 - لَمَّا فَرَغَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، مِن حُنَيْنٍ، بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ علَى جَيْشٍ إلى أَوْطَاسٍ ، فَلَقِيَ دُرَيْدَ بنَ الصِّمَّةِ، فَقُتِلَ دُرَيْدٌ وَهَزَمَ اللَّهُ أَصْحَابَهُ، فَقالَ أَبُو مُوسَى: وَبَعَثَنِي مع أَبِي عَامِرٍ، قالَ: فَرُمِيَ أَبُو عَامِرٍ في رُكْبَتِهِ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِن بَنِي جُشَمٍ بسَهْمٍ، فأثْبَتَهُ في رُكْبَتِهِ فَانْتَهَيْتُ إلَيْهِ فَقُلتُ: يا عَمِّ مَن رَمَاكَ؟ فأشَارَ أَبُو عَامِرٍ إلى أَبِي مُوسَى، فَقالَ: إنَّ ذَاكَ قَاتِلِي، تَرَاهُ ذلكَ الذي رَمَانِي، قالَ أَبُو مُوسَى: فَقَصَدْتُ له فَاعْتَمَدْتُهُ فَلَحِقْتُهُ، فَلَمَّا رَآنِي وَلَّى عَنِّي ذَاهِبًا، فَاتَّبَعْتُهُ وَجَعَلْتُ أَقُولُ له: أَلَا تَسْتَحْيِي؟ أَلَسْتَ عَرَبِيًّا؟ أَلَا تَثْبُتُ؟ فَكَفَّ، فَالْتَقَيْتُ أَنَا وَهُوَ، فَاخْتَلَفْنَا أَنَا وَهو ضَرْبَتَيْنِ، فَضَرَبْتُهُ بالسَّيْفِ فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إلى أَبِي عَامِرٍ فَقُلتُ: إنَّ اللَّهَ قدْ قَتَلَ صَاحِبَكَ، قالَ: فَانْزِعْ هذا السَّهْمَ، فَنَزَعْتُهُ فَنَزَا منه المَاءُ، فَقالَ: يا ابْنَ أَخِي انْطَلِقْ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فأقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ، وَقُلْ له: يقولُ لكَ أَبُو عَامِرٍ: اسْتَغْفِرْ لِي. قالَ: وَاسْتَعْمَلَنِي أَبُو عَامِرٍ علَى النَّاسِ، وَمَكَثَ يَسِيرًا ثُمَّ إنَّه مَاتَ، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ دَخَلْتُ عليه، وَهو في بَيْتٍ علَى سَرِيرٍ مُرْمَلٍ ، وَعليه فِرَاشٌ، وَقَدْ أَثَّرَ رِمَالُ السَّرِيرِ بظَهْرِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَجَنْبَيْهِ، فأخْبَرْتُهُ بخَبَرِنَا وَخَبَرِ أَبِي عَامِرٍ، وَقُلتُ له: قالَ: قُلْ له: يَسْتَغْفِرْ لِي، فَدَعَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بمَاءٍ، فَتَوَضَّأَ منه، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ حتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إبْطَيْهِ، ثُمَّ قالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ يَومَ القِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِن خَلْقِكَ، أَوْ مِنَ النَّاسِ فَقُلتُ: وَلِي، يا رَسولَ اللهِ، فَاسْتَغْفِرْ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَومَ القِيَامَةِ مُدْخَلًا كَرِيمًا. قالَ أَبُو بُرْدَةَ: إحَدَاهُما لأَبِي عَامِرٍ، وَالأُخْرَى لأَبِي مُوسَى.

46 - قَدِمْنَا الحُدَيْبِيَةَ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً لا تُرْوِيهَا، قالَ: فَقَعَدَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى جَبَا الرَّكِيَّةِ ، فَإِمَّا دَعَا وإمَّا بَصَقَ فِيهَا، قالَ: فَجَاشَتْ ، فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا، قالَ: ثُمَّ إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ دَعَانَا لِلْبَيْعَةِ في أَصْلِ الشَّجَرَةِ، قالَ: فَبَايَعْتُهُ أَوَّلَ النَّاسِ، ثُمَّ بَايَعَ، وَبَايَعَ، حتَّى إذَا كانَ في وَسَطٍ مِنَ النَّاسِ، قالَ: بَايِعْ يا سَلَمَةُ، قالَ: قُلتُ: قدْ بَايَعْتُكَ يا رَسولَ اللهِ في أَوَّلِ النَّاسِ، قالَ: وَأَيْضًا، قالَ: وَرَآنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَزِلًا، يَعْنِي ليسَ معهُ سِلَاحٌ، قالَ: فأعْطَانِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حَجَفَةً -أَوْ دَرَقَةً- ثُمَّ بَايَعَ، حتَّى إذَا كانَ في آخِرِ النَّاسِ، قالَ: أَلَا تُبَايِعُنِي يا سَلَمَةُ؟ قالَ: قُلتُ: قدْ بَايَعْتُكَ يا رَسولَ اللهِ، في أَوَّلِ النَّاسِ، وفي أَوْسَطِ النَّاسِ، قالَ: وَأَيْضًا، قالَ: فَبَايَعْتُهُ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ قالَ لِي: يا سَلَمَةُ، أَيْنَ حَجَفَتُكَ -أَوْ دَرَقَتُكَ- الَّتي أَعْطَيْتُكَ؟ قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، لَقِيَنِي عَمِّي عَامِرٌ عَزِلًا، فأعْطَيْتُهُ إيَّاهَا، قالَ: فَضَحِكَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَقالَ: إنَّكَ كَالَّذِي قالَ الأوَّلُ: اللَّهُمَّ أَبْغِنِي حَبِيبًا هو أَحَبُّ إلَيَّ مِن نَفْسِي، ثُمَّ إنَّ المُشْرِكِينَ رَاسَلُونَا الصُّلْحَ حتَّى مَشَى بَعْضُنَا في بَعْضٍ، وَاصْطَلَحْنَا. قالَ: وَكُنْتُ تَبِيعًا لِطَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ أَسْقِي فَرَسَهُ، وَأَحُسُّهُ ، وَأَخْدِمُهُ، وَآكُلُ مِن طَعَامِهِ، وَتَرَكْتُ أَهْلِي وَمَالِي مُهَاجِرًا إلى اللهِ وَرَسولِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: فَلَمَّا اصْطَلَحْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ مَكَّةَ، وَاخْتَلَطَ بَعْضُنَا ببَعْضٍ؛ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَكَسَحْتُ شَوْكَهَا فَاضْطَجَعْتُ في أَصْلِهَا، قالَ: فأتَانِي أَرْبَعَةٌ مِنَ المُشْرِكِينَ مِن أَهْلِ مَكَّةَ، فَجَعَلُوا يَقَعُونَ في رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأبْغَضْتُهُمْ، فَتَحَوَّلْتُ إلى شَجَرَةٍ أُخْرَى، وَعَلَّقُوا سِلَاحَهُمْ وَاضْطَجَعُوا، فَبيْنَما هُمْ كَذلكَ إذْ نَادَى مُنَادٍ مِن أَسْفَلِ الوَادِي: يا لَلْمُهَاجِرِينَ، قُتِلَ ابنُ زُنَيْمٍ، قالَ: فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِي، ثُمَّ شَدَدْتُ علَى أُولَئِكَ الأرْبَعَةِ وَهُمْ رُقُودٌ، فأخَذْتُ سِلَاحَهُمْ، فَجَعَلْتُهُ ضِغْثًا في يَدِي، قالَ: ثُمَّ قُلتُ: وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ، لا يَرْفَعُ أَحَدٌ مِنكُم رَأْسَهُ إلَّا ضَرَبْتُ الَّذي فيه عَيْنَاهُ، قالَ: ثُمَّ جِئْتُ بهِمْ أَسُوقُهُمْ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: وَجَاءَ عَمِّي عَامِرٌ برَجُلٍ مِنَ العَبَلَاتِ ، يُقَالُ له: مِكْرَزٌ يَقُودُهُ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى فَرَسٍ، مُجَفَّفٍ في سَبْعِينَ مِنَ المُشْرِكِينَ، فَنَظَرَ إليهِم رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: دَعُوهُمْ، يَكُنْ لهمْ بَدْءُ الفُجُورِ ، وَثِنَاهُ، فَعَفَا عنْهمْ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ} [الفتح: 24] الآيَةَ كُلَّهَا. قالَ: ثُمَّ خَرَجْنَا رَاجِعِينَ إلى المَدِينَةِ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا بيْنَنَا وبيْنَ بَنِي لَحْيَانَ جَبَلٌ، وَهُمُ المُشْرِكُونَ، فَاسْتَغْفَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لِمَن رَقِيَ هذا الجَبَلَ اللَّيْلَةَ، كَأنَّهُ طَلِيعَةٌ للنَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، قالَ سَلَمَةُ: فَرَقِيتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَبَعَثَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بظَهْرِهِ مع رَبَاحٍ، غُلَامِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَأَنَا معهُ، وَخَرَجْتُ معهُ بفَرَسِ طَلْحَةَ، أُنَدِّيهِ مع الظَّهْرِ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إذَا عبدُ الرَّحْمَنِ الفَزَارِيُّ قدْ أَغَارَ علَى ظَهْرِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَاسْتَاقَهُ أَجْمَعَ، وَقَتَلَ رَاعِيَهُ، قالَ: فَقُلتُ: يا رَبَاحُ، خُذْ هذا الفَرَسَ فأبْلِغْهُ طَلْحَةَ بنَ عُبَيْدِ اللهِ، وَأَخْبِرْ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أنَّ المُشْرِكِينَ قدْ أَغَارُوا علَى سَرْحِهِ، قالَ: ثُمَّ قُمْتُ علَى أَكَمَةٍ ، فَاسْتَقْبَلْتُ المَدِينَةَ، فَنَادَيْتُ ثَلَاثًا: يا صَبَاحَاهْ، ثُمَّ خَرَجْتُ في آثَارِ القَوْمِ أَرْمِيهِمْ بالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ، أَقُولُ: أَنَا ابنُ الأكْوَعِ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ فَأَلْحَقُ رَجُلًا منهمْ فأصُكُّ سَهْمًا في رَحْلِهِ ، حتَّى خَلَصَ نَصْلُ السَّهْمِ إلى كَتِفِهِ، قالَ: قُلتُ: خُذْهَا. وَأَنَا ابنُ الأكْوَعِ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ قالَ: فَوَاللَّهِ، ما زِلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بهِمْ، فَإِذَا رَجَعَ إلَيَّ فَارِسٌ أَتَيْتُ شَجَرَةً، فَجَلَسْتُ في أَصْلِهَا، ثُمَّ رَمَيْتُهُ فَعَقَرْتُ به، حتَّى إذَا تَضَايَقَ الجَبَلُ فَدَخَلُوا في تَضَايُقِهِ، عَلَوْتُ الجَبَلَ فَجَعَلْتُ أُرَدِّيهِمْ بالحِجَارَةِ، قالَ: فَما زِلْتُ كَذلكَ أَتْبَعُهُمْ حتَّى ما خَلَقَ اللَّهُ مِن بَعِيرٍ مِن ظَهْرِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إلَّا خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي، وَخَلَّوْا بَيْنِي وبيْنَهُ، ثُمَّ اتَّبَعْتُهُمْ أَرْمِيهِمْ حتَّى أَلْقَوْا أَكْثَرَ مِن ثَلَاثِينَ بُرْدَةً ، وَثَلَاثِينَ رُمْحًا؛ يَسْتَخِفُّونَ، وَلَا يَطْرَحُونَ شيئًا إلَّا جَعَلْتُ عليه آرَامًا مِنَ الحِجَارَةِ يَعْرِفُهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، حتَّى أَتَوْا مُتَضَايِقًا مِن ثَنِيَّةٍ، فَإِذَا هُمْ قدْ أَتَاهُمْ فُلَانُ بنُ بَدْرٍ الفَزَارِيُّ، فَجَلَسُوا يَتَضَحَّوْنَ، يَعْنِي يَتَغَدَّوْنَ، وَجَلَسْتُ علَى رَأْسِ قَرْنٍ ، قالَ الفَزَارِيُّ: ما هذا الَّذي أَرَى؟ قالوا: لَقِينَا مِن هذا البَرْحَ ، وَاللَّهِ ما فَارَقَنَا مُنْذُ غَلَسٍ يَرْمِينَا حتَّى انْتَزَعَ كُلَّ شَيءٍ في أَيْدِينَا، قالَ: فَلْيَقُمْ إلَيْهِ نَفَرٌ مِنكُم أَرْبَعَةٌ، قالَ: فَصَعِدَ إلَيَّ منهمْ أَرْبَعَةٌ في الجَبَلِ، قالَ: فَلَمَّا أَمْكَنُونِي مِنَ الكَلَامِ، قالَ: قُلتُ: هلْ تَعْرِفُونِي؟ قالوا: لَا، وَمَن أَنْتَ؟ قالَ: قُلتُ: أَنَا سَلَمَةُ بنُ الأكْوَعِ، وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لا أَطْلُبُ رَجُلًا مِنكُم إلَّا أَدْرَكْتُهُ، وَلَا يَطْلُبُنِي رَجُلٌ مِنكُم فيُدْرِكَنِي، قالَ أَحَدُهُمْ: أَنَا أَظُنُّ. قالَ: فَرَجَعُوا، فَما بَرِحْتُ مَكَانِي حتَّى رَأَيْتُ فَوَارِسَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ، قالَ: فَإِذَا أَوَّلُهُمُ الأخْرَمُ الأسَدِيُّ، علَى إثْرِهِ أَبُو قَتَادَةَ الأنْصَارِيُّ، وعلَى إثْرِهِ المِقْدَادُ بنُ الأسْوَدِ الكِنْدِيُّ، قالَ: فأخَذْتُ بعِنَانِ الأخْرَمِ، قالَ: فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ، قُلتُ: يا أَخْرَمُ، احْذَرْهُمْ؛ لا يَقْتَطِعُوكَ حتَّى يَلْحَقَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، قالَ: يا سَلَمَةُ، إنْ كُنْتَ تُؤْمِنُ باللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ، وَتَعْلَمُ أنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ، فلا تَحُلْ بَيْنِي وبيْنَ الشَّهَادَةِ، قالَ: فَخَلَّيْتُهُ، فَالْتَقَى هو وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ، قالَ: فَعَقَرَ بعَبْدِ الرَّحْمَنِ فَرَسَهُ، وَطَعَنَهُ عبدُ الرَّحْمَنِ فَقَتَلَهُ، وَتَحَوَّلَ علَى فَرَسِهِ، وَلَحِقَ أَبُو قَتَادَةَ فَارِسُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بعَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ، فَوَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لَتَبِعْتُهُمْ أَعْدُو علَى رِجْلَيَّ حتَّى ما أَرَى وَرَائِي مِن أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَلَا غُبَارِهِمْ شيئًا، حتَّى يَعْدِلُوا قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلى شِعْبٍ فيه مَاءٌ يُقَالُ له: ذُو قَرَدٍ لِيَشْرَبُوا منه، وَهُمْ عِطَاشٌ، قالَ: فَنَظَرُوا إلَيَّ أَعْدُو وَرَاءَهُمْ، فَخَلَّيْتُهُمْ عنْه -يَعْنِي أَجْلَيْتُهُمْ عنْه- فَما ذَاقُوا منه قَطْرَةً. قالَ: وَيَخْرُجُونَ فَيَشْتَدُّونَ في ثَنِيَّةٍ، قالَ: فأعْدُو فألْحَقُ رَجُلًا منهمْ، فأصُكُّهُ بسَهْمٍ في نُغْضِ كَتِفِهِ، قالَ: قُلتُ: خُذْهَا وَأَنَا ابنُ الأكْوَعِ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ قالَ: يا ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ! أَكْوَعُهُ بُكْرَةَ؟! قالَ: قُلتُ: نَعَمْ يا عَدُوَّ نَفْسِهِ، أَكْوَعُكَ بُكْرَةَ، قالَ: وَأَرْدَوْا فَرَسَيْنِ علَى ثَنِيَّةٍ، قالَ: فَجِئْتُ بهِما أَسُوقُهُما إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: وَلَحِقَنِي عَامِرٌ بسَطِيحَةٍ فِيهَا مَذْقَةٌ مِن لَبَنٍ ، وَسَطِيحَةٍ فِيهَا مَاءٌ، فَتَوَضَّأْتُ وَشَرِبْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو علَى المَاءِ الذي حَلَّأْتُهُمْ عنْه ، فَإِذَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قدْ أَخَذَ تِلكَ الإبِلَ وَكُلَّ شَيءٍ اسْتَنْقَذْتُهُ مِنَ المُشْرِكِينَ، وَكُلَّ رُمْحٍ وَبُرْدَةٍ، وإذَا بلَالٌ نَحَرَ نَاقَةً مِنَ الإبِلِ الَّذي اسْتَنْقَذْتُ مِنَ القَوْمِ، وإذَا هو يَشْوِي لِرَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مِن كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا، قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، خَلِّنِي فأنْتَخِبُ مِنَ القَوْمِ مِائَةَ رَجُلٍ فأتَّبِعُ القَوْمَ، فلا يَبْقَى منهمْ مُخْبِرٌ إلَّا قَتَلْتُهُ، قالَ: فَضَحِكَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ في ضَوْءِ النَّارِ، فَقالَ: يا سَلَمَةُ، أَتُرَاكَ كُنْتَ فَاعِلًا؟ قُلتُ: نَعَمْ، وَالَّذِي أَكْرَمَكَ، فَقالَ: إنَّهُمُ الآنَ لَيُقْرَوْنَ في أَرْضِ غَطَفَانَ، قالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِن غَطَفَانَ، فَقالَ: نَحَرَ لهمْ فُلَانٌ جَزُورًا، فَلَمَّا كَشَفُوا جِلْدَهَا رَأَوْا غُبَارًا، فَقالوا: أَتَاكُمُ القَوْمُ، فَخَرَجُوا هَارِبِينَ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: كانَ خَيْرَ فُرْسَانِنَا اليومَ أَبُو قَتَادَةَ، وَخَيْرَ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ، قالَ: ثُمَّ أَعْطَانِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ سَهْمَيْنِ: سَهْمَ الفَارِسِ، وَسَهْمَ الرَّاجِلِ، فَجَمعهُما لي جَمِيعًا، ثُمَّ أَرْدَفَنِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَرَاءَهُ علَى العَضْبَاءِ رَاجِعِينَ إلى المَدِينَةِ. قالَ: فَبيْنَما نَحْنُ نَسِيرُ، قالَ: وَكانَ رَجُلٌ مِنَ الأنْصَارِ لا يُسْبَقُ شَدًّا، قالَ: فَجَعَلَ يقولُ: أَلَا مُسَابِقٌ إلى المَدِينَةِ؟ هلْ مِن مُسَابِقٍ؟ فَجَعَلَ يُعِيدُ ذلكَ، قالَ: فَلَمَّا سَمِعْتُ كَلَامَهُ، قُلتُ: أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا، وَلَا تَهَابُ شَرِيفًا؟! قالَ: لَا، إلَّا أَنْ يَكونَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، بأَبِي وَأُمِّي، ذَرْنِي فَلِأُسَابِقَ الرَّجُلَ، قالَ: إنْ شِئْتَ، قالَ: قُلتُ: اذْهَبْ إلَيْكَ، وَثَنَيْتُ رِجْلَيَّ، فَطَفَرْتُ فَعَدَوْتُ، قالَ: فَرَبَطْتُ عليه شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، أَسْتَبْقِي نَفَسِي، ثُمَّ عَدَوْتُ في إثْرِهِ، فَرَبَطْتُ عليه شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، ثُمَّ إنِّي رَفَعْتُ حتَّى أَلْحَقَهُ، قالَ: فأصُكُّهُ بيْنَ كَتِفَيْهِ، قالَ: قُلتُ: قدْ سُبِقْتَ وَاللَّهِ، قالَ: أَنَا أَظُنُّ، قالَ: فَسَبَقْتُهُ إلى المَدِينَةِ، قالَ: فَوَاللَّهِ، ما لَبِثْنَا إلَّا ثَلَاثَ لَيَالٍ حتَّى خَرَجْنَا إلى خَيْبَرَ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قالَ: فَجَعَلَ عَمِّي عَامِرٌ يَرْتَجِزُ بالقَوْمِ: تَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ ما اهْتَدَيْنَا... وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا وَنَحْنُ عن فَضْلِكَ ما اسْتَغْنَيْنَا... فَثَبِّتِ الأقْدَامَ إنْ لَاقَيْنَا وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن هذا؟ قالَ: أَنَا عَامِرٌ، قالَ: غَفَرَ لكَ رَبُّكَ، قالَ: وَما اسْتَغْفَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لإِنْسَانٍ يَخُصُّهُ إلَّا اسْتُشْهِدَ، قالَ: فَنَادَى عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وَهو علَى جَمَلٍ له: يا نَبِيَّ اللهِ، لَوْلَا ما مَتَّعْتَنَا بعَامِرٍ، قالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ، قالَ: خَرَجَ مَلِكُهُمْ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بسَيْفِهِ، ويقولُ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ قالَ: وَبَرَزَ له عَمِّي عَامِرٌ، فَقالَ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرُ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُغَامِرُ قالَ: فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ في تُرْسِ عَامِرٍ، وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ له، فَرَجَعَ سَيْفُهُ علَى نَفْسِهِ، فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ ، فَكَانَتْ فِيهَا نَفْسُهُ. قالَ سَلَمَةُ: فَخَرَجْتُ، فَإِذَا نَفَرٌ مِن أَصْحَابِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولونَ: بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ؛ قَتَلَ نَفْسَهُ، قالَ: فأتَيْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ! قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: مَن قالَ ذلكَ؟ قالَ: قُلتُ: نَاسٌ مِن أَصْحَابِكَ، قالَ: كَذَبَ مَن قالَ ذلكَ، بَلْ له أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي إلى عَلِيٍّ وَهو أَرْمَدُ، فَقالَ: لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسولَهُ، أَوْ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسولُهُ، قالَ: فأتَيْتُ عَلِيًّا، فَجِئْتُ به أَقُودُهُ وَهو أَرْمَدُ، حتَّى أَتَيْتُ به رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَبَسَقَ في عَيْنَيْهِ فَبَرَأَ وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، وَخَرَجَ مَرْحَبٌ، فَقالَ: قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إِذَا الحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ فَقالَ عَلِيٌّ: أَنَا الذي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ ... كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ المَنْظَرَهْ أُوفيهِمُ بالصَّاعِ كَيْلَ السَّنْدَرَهْ قالَ: فَضَرَبَ رَأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ كانَ الفَتْحُ علَى يَدَيْهِ.

47 - بيْنَما ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَتَمَشَّوْنَ أَخَذَهُمُ المَطَرُ، فأوَوْا إلى غَارٍ في جَبَلٍ ، فَانْحَطَّتْ علَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الجَبَلِ، فَانْطَبَقَتْ عليهم، فَقالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ، فَادْعُوا اللَّهَ تَعَالَى بِهَا، لَعَلَّ اللَّهَ يَفْرُجُهَا عَنْكُمْ، فَقالَ أَحَدُهُمْ: اللَّهُمَّ إنَّه كانَ لي وَالِدَانِ شيخَانِ كَبِيرَانِ، وَامْرَأَتِي، وَلِي صِبْيَةٌ صِغَارٌ أَرْعَى عليهم، فَإِذَا أَرَحْتُ عليهم، حَلَبْتُ، فَبَدَأْتُ بِوَالِدَيَّ، فَسَقَيْتُهُما قَبْلَ بَنِيَّ، وَأنَّهُ نَأَى بِي ذَاتَ يَومٍ الشَّجَرُ، فَلَمْ آتِ حتَّى أَمْسَيْتُ، فَوَجَدْتُهُما قدْ نَامَا، فَحَلَبْتُ كما كُنْتُ أَحْلُبُ، فَجِئْتُ بالحِلَابِ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُؤُوسِهِما أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُما مِن نَوْمِهِمَا، وَأَكْرَهُ أَنْ أَسْقِيَ الصِّبْيَةَ قَبْلَهُمَا، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذلكَ دَأْبِي وَدَأْبَهُمْ حتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، فإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذلكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ ، فَافْرُجْ لَنَا منها فُرْجَةً، نَرَى منها السَّمَاءَ، فَفَرَجَ اللَّهُ منها فُرْجَةً، فَرَأَوْا منها السَّمَاءَ. وَقالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إنَّه كَانَتْ لِيَ ابْنَةُ عَمٍّ أَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ ما يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ، وَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا، فأبَتْ حتَّى آتِيَهَا بِمِئَةِ دِينَارٍ، فَتَعِبْتُ حتَّى جَمَعْتُ مِئَةَ دِينَارٍ، فَجِئْتُهَا بِهَا، فَلَمَّا وَقَعْتُ بيْنَ رِجْلَيْهَا، قالَتْ: يا عَبْدَ اللهِ اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَفْتَحِ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ عَنْهَا، فإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذلكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ ، فَافْرُجْ لَنَا منها فُرْجَةً، فَفَرَجَ لهمْ. وَقالَ الآخَرُ: اللَّهُمَّ إنِّي كُنْتُ اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ، فَلَمَّا قَضَى عَمَلَهُ قالَ: أَعْطِنِي حَقِّي، فَعَرَضْتُ عليه فَرَقَهُ فَرَغِبَ عنْه، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حتَّى جَمَعْتُ منه بَقَرًا وَرِعَاءَهَا، فَجَاءَنِي فَقالَ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَظْلِمْنِي حَقِّي، قُلتُ: اذْهَبْ إلى تِلكَ البَقَرِ وَرِعَائِهَا، فَخُذْهَا فَقالَ: اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تَسْتَهْزِئْ بِي فَقُلتُ: إنِّي لا أَسْتَهْزِئُ بِكَ، خُذْ ذلكَ البَقَرَ وَرِعَاءَهَا، فأخَذَهُ فَذَهَبَ بِهِ، فإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذلكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ ، فَافْرُجْ لَنَا ما بَقِيَ، فَفَرَجَ اللَّهُ ما بَقِيَ. وَزَادُوا في حَديثِهِمْ: وَخَرَجُوا يَمْشُونَ. وفي حَديثِ صَالِحٍ يَتَمَاشَوْنَ إِلَّا عُبَيْدَ اللهِ فإنَّ في حَديثِهِ: وَخَرَجُوا وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْدَهَا شيئًا. وفي رواية : أنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ، قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: انْطَلَقَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ مِمَّنْ كانَ قَبْلَكُمْ، حتَّى آوَاهُمُ المَبِيتُ إلى غَارٍ وَاقْتَصَّ الحَدِيثَ بِمَعْنَى حَديثِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ غيرَ أنَّهُ قالَ: قالَ رَجُلٌ منهمْ: اللَّهُمَّ كانَ لي أَبَوَانِ شيخَانِ كَبِيرَانِ، فَكُنْتُ لا أَغْبِقُ قَبْلَهُما أَهْلًا وَلَا مَالًا وَقالَ: فَامْتَنَعَتْ مِنِّي حتَّى أَلَمَّتْ بِهَا سَنَةٌ مِنَ السِّنِينَ، فَجَاءَتْنِي فأعْطَيْتُهَا عِشْرِينَ وَمِئَةَ دِينَارٍ وَقالَ: فَثَمَّرْتُ أَجْرَهُ حتَّى كَثُرَتْ منه الأمْوَالُ، فَارْتَعَجَتْ وَقالَ: فَخَرَجُوا مِنَ الغَارِ يَمْشُونَ.

48 - كانَ مَلِكٌ فِيمَن كانَ قَبْلَكُمْ، وَكانَ له سَاحِرٌ، فَلَمَّا كَبِرَ، قالَ لِلْمَلِكِ: إنِّي قدْ كَبِرْتُ ، فَابْعَثْ إلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ، فَبَعَثَ إلَيْهِ غُلَامًا يُعَلِّمُهُ، فَكانَ في طَرِيقِهِ إذَا سَلَكَ رَاهِبٌ، فَقَعَدَ إلَيْهِ وَسَمِعَ كَلَامَهُ، فأعْجَبَهُ، فَكانَ إذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إلَيْهِ، فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ، فَشَكَا ذلكَ إلى الرَّاهِبِ ، فَقالَ: إذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ، فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي، وإذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ، فَبيْنَما هو كَذلكَ إذْ أَتَى علَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قدْ حَبَسَتِ النَّاسَ، فَقالَ: اليومَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ؟ فأخَذَ حَجَرًا، فَقالَ: اللَّهُمَّ إنْ كانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إلَيْكَ مِن أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هذِه الدَّابَّةَ حتَّى يَمْضِيَ النَّاسُ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا، وَمَضَى النَّاسُ، فأتَى الرَّاهِبَ فأخْبَرَهُ، فَقالَ له الرَّاهِبُ: أَيْ بُنَيَّ، أَنْتَ اليومَ أَفْضَلُ مِنِّي؛ قدْ بَلَغَ مِن أَمْرِكَ ما أَرَى، وإنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإِنِ ابْتُلِيتَ فلا تَدُلَّ عَلَيَّ. وَكانَ الغُلَامُ يُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ، وَيُدَاوِي النَّاسَ مِن سَائِرِ الأدْوَاءِ، فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كانَ قدْ عَمِيَ، فأتَاهُ بهَدَايَا كَثِيرَةٍ، فَقالَ: ما هَاهُنَا لكَ أَجْمَعُ، إنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي، فَقالَ: إنِّي لا أَشْفِي أَحَدًا إنَّما يَشْفِي اللَّهُ، فإنْ أَنْتَ آمَنْتَ باللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ، فَآمَنَ باللَّهِ فَشَفَاهُ اللَّهُ، فأتَى المَلِكَ فَجَلَسَ إلَيْهِ كما كانَ يَجْلِسُ، فَقالَ له المَلِكُ: مَن رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟ قالَ: رَبِّي، قالَ: وَلَكَ رَبٌّ غيرِي؟ قالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ، فأخَذَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حتَّى دَلَّ علَى الغُلَامِ، فَجِيءَ بالغُلَامِ، فَقالَ له المَلِكُ: أَيْ بُنَيَّ، قدْ بَلَغَ مِن سِحْرِكَ ما تُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ! فَقالَ: إنِّي لا أَشْفِي أَحَدًا؛ إنَّما يَشْفِي اللَّهُ، فأخَذَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حتَّى دَلَّ علَى الرَّاهِبِ ، فَجِيءَ بالرَّاهِبِ ، فقِيلَ له: ارْجِعْ عن دِينِكَ، فأبَى، فَدَعَا بالمِئْشَارِ، فَوَضَعَ المِئْشَارَ في مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ حتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ. ثُمَّ جِيءَ بجَلِيسِ المَلِكِ فقِيلَ له: ارْجِعْ عن دِينِكَ، فأبَى، فَوَضَعَ المِئْشَارَ في مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ به حتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بالغُلَامِ فقِيلَ له: ارْجِعْ عن دِينِكَ، فأبَى، فَدَفَعَهُ إلى نَفَرٍ مِن أَصْحَابِهِ، فَقالَ: اذْهَبُوا به إلى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَاصْعَدُوا به الجَبَلَ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ، فإنْ رَجَعَ عن دِينِهِ، وإلَّا فَاطْرَحُوهُ، فَذَهَبُوا به فَصَعِدُوا به الجَبَلَ، فَقالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بما شِئْتَ ، فَرَجَفَ بهِمِ الجَبَلُ فَسَقَطُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إلى المَلِكِ، فَقالَ له المَلِكُ: ما فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ، فَدَفَعَهُ إلى نَفَرٍ مِن أَصْحَابِهِ، فَقالَ: اذْهَبُوا به فَاحْمِلُوهُ في قُرْقُورٍ ، فَتَوَسَّطُوا به البَحْرَ، فإنْ رَجَعَ عن دِينِهِ، وإلَّا فَاقْذِفُوهُ، فَذَهَبُوا به، فَقالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بما شِئْتَ ، فَانْكَفَأَتْ بهِمُ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إلى المَلِكِ، فَقالَ له المَلِكُ: ما فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ. فَقالَ لِلْمَلِكِ: إنَّكَ لَسْتَ بقَاتِلِي حتَّى تَفْعَلَ ما آمُرُكَ به، قالَ: وَما هُوَ؟ قالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَتَصْلُبُنِي علَى جِذْعٍ ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِن كِنَانَتِي ، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ في كَبِدِ القَوْسِ، ثُمَّ قُلْ: باسْمِ اللهِ رَبِّ الغُلَامِ، ثُمَّ ارْمِنِي؛ فإنَّكَ إذَا فَعَلْتَ ذلكَ قَتَلْتَنِي، فجَمَع النَّاسَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَصَلَبَهُ علَى جِذْعٍ ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِن كِنَانَتِهِ ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ في كَبْدِ القَوْسِ، ثُمَّ قالَ: باسْمِ اللهِ، رَبِّ الغُلَامِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ في صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ في صُدْغِهِ في مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ، فَقالَ النَّاسُ: آمَنَّا برَبِّ الغُلَامِ، آمَنَّا برَبِّ الغُلَامِ، آمَنَّا برَبِّ الغُلَامِ. فَأُتِيَ المَلِكُ فقِيلَ له: أَرَأَيْتَ ما كُنْتَ تَحْذَرُ؟ قدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بكَ حَذَرُكَ؛ قدْ آمَنَ النَّاسُ، فأمَرَ بالأُخْدُودِ في أَفْوَاهِ السِّكَكِ، فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقالَ: مَن لَمْ يَرْجِعْ عن دِينِهِ فأحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قيلَ له: اقْتَحِمْ، فَفَعَلُوا حتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمعهَا صَبِيٌّ لَهَا، فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقالَ لَهَا الغُلَامُ: يا أُمَّهْ، اصْبِرِي؛ فإنَّكِ علَى الحَقِّ.

49 - ثُمَّ غَزَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ ، وَهو يُرِيدُ الرُّومَ وَنَصَارَى العَرَبِ بالشَّامِ، قالَ ابنُ شِهَابٍ: فأخْبَرَنِي عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ، أنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ كَعْبٍ كانَ قَائِدَ كَعْبٍ، مِن بَنِيهِ، حِينَ عَمِيَ، قالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ ، قالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ، إلَّا في غَزْوَةِ تَبُوكَ ، غيرَ أَنِّي قدْ تَخَلَّفْتُ في غَزْوَةِ بَدْرٍ وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عنْه، إنَّما خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ يُرِيدُونَ عِيرَ قُرَيْشٍ، حتَّى جَمع اللَّهُ بيْنَهُمْ وبيْنَ عَدُوِّهِمْ، علَى غيرِ مِيعَادٍ، وَلقَدْ شَهِدْتُ مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لَيْلَةَ العَقَبَةِ، حِينَ تَوَاثَقْنَا علَى الإسْلَامِ ، وَما أُحِبُّ أنَّ لي بهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وإنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ في النَّاسِ منها، وَكانَ مِن خَبَرِي، حِينَ تَخَلَّفْتُ عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عنْه في تِلكَ الغَزْوَةِ، وَاللَّهِ ما جَمَعْتُ قَبْلَهَا رَاحِلَتَيْنِ قَطُّ، حتَّى جَمَعْتُهُما في تِلكَ الغَزْوَةِ، فَغَزَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في حَرٍّ شَدِيدٍ وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا وَمَفَازًا، وَاسْتَقْبَلَ عَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلَا لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ ، فأخْبَرَهُمْ بوَجْهِهِمِ الذي يُرِيدُ، وَالْمُسْلِمُونَ مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كَثِيرٌ، وَلَا يَجْمَعُهُمْ كِتَابُ حَافِظٍ، يُرِيدُ بذلكَ الدِّيوَانَ، قالَ كَعْبٌ: فَقَلَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ، يَظُنُّ أنَّ ذلكَ سَيَخْفَى له، ما لَمْ يَنْزِلْ فيه وَحْيٌ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَغَزَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ تِلكَ الغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلَالُ، فأنَا إلَيْهَا أَصْعَرُ ، فَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ معهُ، وَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ معهُمْ، فأرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شيئًا، وَأَقُولُ في نَفْسِي: أَنَا قَادِرٌ علَى ذلكَ، إذَا أَرَدْتُ، فَلَمْ يَزَلْ ذلكَ يَتَمَادَى بي حتَّى اسْتَمَرَّ بالنَّاسِ الجِدُّ، فأصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ غَادِيًا وَالْمُسْلِمُونَ معهُ، وَلَمْ أَقْضِ مِن جَهَازِي شيئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شيئًا، فَلَمْ يَزَلْ ذلكَ يَتَمَادَى بي حتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الغَزْوُ، فَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، فَيَا لَيْتَنِي فَعَلْتُ، ثُمَّ لَمْ يُقَدَّرْ ذلكَ لِي، فَطَفِقْتُ، إذَا خَرَجْتُ في النَّاسِ، بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَحْزُنُنِي أَنِّي لا أَرَى لي أُسْوَةً إلَّا رَجُلًا مَغْمُوصًا عليه في النِّفَاقِ، أَوْ رَجُلًا مِمَّنْ عَذَرَ اللَّهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حتَّى بَلَغَ تَبُوكَ فَقالَ: وَهو جَالِسٌ في القَوْمِ بتَبُوكَ ما فَعَلَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ؟ قالَ رَجُلٌ مِن بَنِي سَلِمَةَ يا رَسُولَ اللهِ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَالنَّظَرُ في عِطْفَيْهِ ، فَقالَ له مُعَاذُ بنُ جَبَلٍ: بئْسَ ما قُلْتَ، وَاللَّهِ يا رَسُولَ اللهِ، ما عَلِمْنَا عليه إلَّا خَيْرًا، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَبيْنَما هو علَى ذلكَ رَأَى رَجُلًا مُبَيِّضًا يَزُولُ به السَّرَابُ فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ فَإِذَا هو أَبُو خَيْثَمَةَ الأنْصَارِيُّ، وَهو الذي تَصَدَّقَ بصَاعِ التَّمْرِ حِينَ لَمَزَهُ المُنَافِقُونَ. فَقالَ كَعْبُ بنُ مَالِكٍ: فَلَمَّا بَلَغَنِي أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قدْ تَوَجَّهَ قَافِلًا مِن تَبُوكَ ، حَضَرَنِي بَثِّي ، فَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الكَذِبَ وَأَقُولُ: بمَ أَخْرُجُ مِن سَخَطِهِ غَدًا؟ وَأَسْتَعِينُ علَى ذلكَ كُلَّ ذِي رَأْيٍ مِن أَهْلِي، فَلَمَّا قيلَ لِي: إنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قدْ أَظَلَّ قَادِمًا، زَاحَ عَنِّي البَاطِلُ، حتَّى عَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَنْجُوَ منه بشيءٍ أَبَدًا، فأجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وَصَبَّحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَادِمًا، وَكانَ إذَا قَدِمَ مِن سَفَرٍ، بَدَأَ بالمَسْجِدِ فَرَكَعَ فيه رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذلكَ جَاءَهُ المُخَلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إلَيْهِ، وَيَحْلِفُونَ له، وَكَانُوا بضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا، فَقَبِلَ منهمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَلَانِيَتَهُمْ، وَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لهمْ، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إلى اللهِ، حتَّى جِئْتُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ، ثُمَّ قالَ: تَعَالَ فَجِئْتُ أَمْشِي حتَّى جَلَسْتُ بيْنَ يَدَيْهِ، فَقالَ لِي: ما خَلَّفَكَ؟ أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟ قالَ: قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، إنِّي، وَاللَّهِ لو جَلَسْتُ عِنْدَ غيرِكَ مِن أَهْلِ الدُّنْيَا، لَرَأَيْتُ أَنِّي سَأَخْرُجُ مِن سَخَطِهِ بعُذْرٍ، وَلقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلًا ، وَلَكِنِّي وَاللَّهِ لقَدْ عَلِمْتُ، لَئِنْ حَدَّثْتُكَ اليومَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى به عَنِّي لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ، إنِّي لأَرْجُو فيه عُقْبَى اللهِ، وَاللَّهِ ما كانَ لي عُذْرٌ، وَاللَّهِ ما كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلَا أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ، قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَمَّا هذا، فقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ فِيكَ فَقُمْتُ، وَثَارَ رِجَالٌ مِن بَنِي سَلِمَةَ فَاتَّبَعُونِي، فَقالوا لِي: وَاللَّهِ ما عَلِمْنَاكَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هذا، لقَدْ عَجَزْتَ في أَنْ لا تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، بما اعْتَذَرَ به إلَيْهِ المُخَلَّفُونَ، فقَدْ كانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ، اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لَكَ. قالَ: فَوَاللَّهِ ما زَالُوا يُؤَنِّبُونِي حتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَأُكَذِّبَ نَفْسِي، قالَ ثُمَّ قُلتُ لهمْ: هلْ لَقِيَ هذا مَعِي مِن أَحَدٍ؟ قالوا: نَعَمْ، لَقِيَهُ معكَ رَجُلَانِ، قالَا مِثْلَ ما قُلْتَ، فقِيلَ لهما مِثْلَ ما قيلَ لَكَ، قالَ قُلتُ: مَن هُمَا؟ قالوا: مُرَارَةُ بنُ الرَّبِيعَةَ العَامِرِيُّ وَهِلَالُ بنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِيُّ، قالَ: فَذَكَرُوا لي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قدْ شَهِدَا بَدْرًا، فِيهِما أُسْوَةٌ، قالَ: فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُما لِي. قالَ وَنَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ المُسْلِمِينَ عن كَلَامِنَا، أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ، مِن بَيْنِ مَن تَخَلَّفَ عنْه. قالَ: فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ، وَقالَ: تَغَيَّرُوا لَنَا حتَّى تَنَكَّرَتْ لي في نَفْسِيَ الأرْضُ، فَما هي بالأرْضِ الَّتي أَعْرِفُ، فَلَبِثْنَا علَى ذلكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فأمَّا صَاحِبَايَ فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا في بُيُوتِهِما يَبْكِيَانِ، وَأَمَّا أَنَا فَكُنْتُ أَشَبَّ القَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فأشْهَدُ الصَّلَاةَ وَأَطُوفُ في الأسْوَاقِ وَلَا يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، وَآتي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَأُسَلِّمُ عليه، وَهو في مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فأقُولُ في نَفْسِي: هلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ برَدِّ السَّلَامِ، أَمْ لَا؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا منه وَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ علَى صَلَاتي نَظَرَ إلَيَّ وإذَا التَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي، حتَّى إذَا طَالَ ذلكَ عَلَيَّ مِن جَفْوَةِ المُسْلِمِينَ، مَشيتُ حتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ، وَهو ابنُ عَمِّي، وَأَحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عليه، فَوَاللَّهِ ما رَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ. فَقُلتُ له: يا أَبَا قَتَادَةَ أَنْشُدُكَ باللَّهِ هلْ تَعْلَمَنَّ أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؟ قالَ: فَسَكَتَ، فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ، فَسَكَتَ، فَعُدْتُ فَنَاشَدْتُهُ، فَقالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وَتَوَلَّيْتُ، حتَّى تَسَوَّرْتُ الجِدَارَ. فَبيْنَا أَنَا أَمْشِي في سُوقِ المَدِينَةِ، إذَا نَبَطِيٌّ مِن نَبَطِ أَهْلِ الشَّامِ، مِمَّنْ قَدِمَ بالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بالمَدِينَةِ يقولُ: مَن يَدُلُّ علَى كَعْبِ بنِ مَالِكٍ، قالَ: فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ له إلَيَّ، حتَّى جَاءَنِي فَدَفَعَ إلَيَّ كِتَابًا مِن مَلِكِ غَسَّانَ، وَكُنْتُ كَاتِبًا، فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، فإنَّه قدْ بَلَغَنَا أنَّ صَاحِبَكَ قدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللَّهُ بدَارِ هَوَانٍ وَلَا مَضْيَعَةٍ ، فَالْحَقْ بنَا نُوَاسِكَ ، قالَ: فَقُلتُ: حِينَ قَرَأْتُهَا: وَهذِه أَيْضَا مِنَ البَلَاءِ فَتَيَامَمْتُ بهَا التَّنُّورَ فَسَجَرْتُهَا بهَا، حتَّى إذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ مِنَ الخَمْسِينَ، وَاسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، إذَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَأْتِينِي، فَقالَ: إنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ، قالَ: فَقُلتُ: أُطَلِّقُهَا أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ؟ قالَ: لَا، بَلِ اعْتَزِلْهَا، فلا تَقْرَبَنَّهَا، قالَ: فأرْسَلَ إلى صَاحِبَيَّ بمِثْلِ ذلكَ، قالَ: فَقُلتُ لاِمْرَأَتِي: الحَقِي بأَهْلِكِ فَكُونِي عِنْدَهُمْ حتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ في هذا الأمْرِ، قالَ: فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلَالِ بنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَتْ له: يا رَسُولَ اللهِ، إنَّ هِلَالَ بنَ أُمَيَّةَ شيخٌ ضَائِعٌ ليسَ له خَادِمٌ ، فَهلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ قالَ: لَا، وَلَكِنْ لا يَقْرَبَنَّكِ فَقالَتْ: إنَّهُ، وَاللَّهِ ما به حَرَكَةٌ إلى شيءٍ، وَوَاللَّهِ ما زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كانَ مِن أَمْرِهِ ما كَانَ، إلى يَومِهِ هذا، قالَ: فَقالَ لي بَعْضُ أَهْلِي: لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في امْرَأَتِكَ؟ فقَدْ أَذِنَ لاِمْرَأَةِ هِلَالِ بنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ، قالَ: فَقُلتُ: لا أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَما يُدْرِينِي مَاذَا يقولُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، إذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ، قالَ: فَلَبِثْتُ بذلكَ عَشْرَ لَيَالٍ، فَكَمُلَ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً مِن حِينَ نُهي عن كَلَامِنَا، قالَ ثُمَّ صَلَّيْتُ صَلَاةَ الفَجْرِ صَبَاحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، علَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِن بُيُوتِنَا فَبيْنَا أَنَا جَالِسٌ علَى الحَالِ الَّتي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَّا، قدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأرْضُ بما رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى علَى سَلْعٍ يقولُ بأَعْلَى صَوْتِهِ: يا كَعْبَ بنَ مَالِكٍ أَبْشِرْ ، قالَ: فَخَرَرْتُ سَاجِدًا وَعَرَفْتُ أَنْ قدْ جَاءَ فَرَجٌ. قالَ: فَآذَنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ النَّاسَ بتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا، حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، فَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ رَجُلٌ إلَيَّ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِن أَسْلَمَ قِبَلِي، وَأَوْفَى الجَبَلَ، فَكانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِي الذي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي، فَنَزَعْتُ له ثَوْبَيَّ فَكَسَوْتُهُما إيَّاهُ ببِشَارَتِهِ، وَاللَّهِ ما أَمْلِكُ غَيْرَهُما يَومَئذٍ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ فَلَبِسْتُهُمَا، فَانْطَلَقْتُ أَتَأَمَّمُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنِّئُونِي بالتَّوْبَةِ ويقولونَ: لِتَهْنِئْكَ تَوْبَةُ اللهِ عَلَيْكَ حتَّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ جَالِسٌ في المَسْجِدِ وَحَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ طَلْحَةُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ حتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّأَنِي، وَاللَّهِ ما قَامَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ. قالَ فَكانَ كَعْبٌ لا يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ. قالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ علَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قالَ: وَهو يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ ويقولُ: أَبْشِرْ بخَيْرِ يَومٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ قالَ: فَقُلتُ: أَمِنْ عِندِكَ؟ يا رَسُولَ اللهِ، أَمْ مِن عِندِ اللهِ فَقالَ: لَا، بَلْ مِن عِندِ اللهِ وَكانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، إذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، كَأنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، قالَ: وَكُنَّا نَعْرِفُ ذلكَ، قالَ: فَلَمَّا جَلَسْتُ بيْنَ يَدَيْهِ قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، إنَّ مِن تَوْبَتي أَنْ أَنْخَلِعَ مِن مَالِي صَدَقَةً إلى اللهِ وإلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ، فَهو خَيْرٌ لكَ قالَ: فَقُلتُ: فإنِّي أُمْسِكُ سَهْمِيَ الذي بخَيْبَرَ، قالَ: وَقُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، إنَّ اللَّهَ إنَّما أَنْجَانِي بالصِّدْقِ، وإنَّ مِن تَوْبَتي أَنْ لا أُحَدِّثَ إلَّا صِدْقًا ما بَقِيتُ، قالَ: فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ أنَّ أَحَدًا مِنَ المُسْلِمِينَ أَبْلَاهُ اللَّهُ في صِدْقِ الحَديثِ، مُنْذُ ذَكَرْتُ ذلكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إلى يَومِي هذا، أَحْسَنَ ممَّا أَبْلَانِي اللَّهُ به، وَاللَّهِ ما تَعَمَّدْتُ كَذِبَةً مُنْذُ قُلتُ ذلكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، إلى يَومِي هذا، وإنِّي لأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللَّهُ فِيما بَقِيَ. قالَ: فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لقَدْ تَابَ اللَّهُ علَى النبيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ في سَاعَةِ العُسْرَةِ مِن بَعْدِ ما كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ منهمْ ثُمَّ تَابَ عليهم، إنَّه بهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، وعلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حتَّى إذَا ضَاقَتْ عليهمِ الأرْضُ بما رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عليهم أَنْفُسُهُمْ} حتَّى بَلَغَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مع الصَّادِقِينَ}. قالَ كَعْبٌ: وَاللَّهِ ما أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ مِن نِعْمَةٍ قَطُّ، بَعْدَ إذْ هَدَانِي اللَّهُ لِلإِسْلَامِ، أَعْظَمَ في نَفْسِي، مِن صِدْقِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، أَنْ لا أَكُونَ كَذَبْتُهُ فأهْلِكَ كما هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا، إنَّ اللَّهَ قالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا، حِينَ أَنْزَلَ الوَحْيَ ، شَرَّ ما قالَ لأَحَدٍ. وَقالَ اللَّهُ: {سَيَحْلِفُونَ باللَّهِ لَكُمْ إذَا انْقَلَبْتُمْ إليهِم لِتُعْرِضُوا عنْهمْ، فأعْرِضُوا عنْهمْ، إنَّهُمْ رِجْسٌ ، وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بما كَانُوا يَكْسِبُونَ، يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عنْهمْ، فإنْ تَرْضَوْا عنْهمْ، فإنَّ اللَّهَ لا يَرْضَى عَنِ القَوْمِ الفَاسِقِينَ}. قالَ كَعْبٌ: كُنَّا خُلِّفْنَا أَيُّهَا الثَّلَاثَةُ عن أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ منهمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حِينَ حَلَفُوا له، فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لهمْ وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَمْرَنَا حتَّى قَضَى اللَّهُ فِيهِ، فَبِذلكَ قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وعلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا، وَليسَ الذي ذَكَرَ اللَّهُ ممَّا خُلِّفْنَا، تَخَلُّفَنَا عَنِ الغَزْوِ، وإنَّما هو تَخْلِيفُهُ إيَّانَا، وإرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا، عَمَّنْ حَلَفَ له وَاعْتَذَرَ إلَيْهِ فَقَبِلَ منه. وفي رواية : أن عُبَيْدَ اللهِ بنَ كَعْبِ بنِ مَالِكٍ، وَكانَ قَائِدَ كَعْبٍ حِينَ عَمِيَ، قالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ، حِينَ تَخَلَّفَ عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ وَسَاقَ الحَدِيثَ. وَزَادَ فِيهِ، علَى يُونُسَ: فَكانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَلَّما يُرِيدُ غَزْوَةً إلَّا وَرَّى بغَيْرِهَا، حتَّى كَانَتْ تِلكَ الغَزْوَةُ.

50 - كانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا، أَقْرَعَ بيْنَ نِسَائِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ معهُ. قالَتْ عَائِشَةُ: فأقْرَعَ بيْنَنَا في غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مع رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَذلكَ بَعْدَ ما أُنْزِلَ الحِجَابُ، فأنَا أُحْمَلُ في هَوْدَجِي، وَأُنْزَلُ فيه مَسِيرَنَا حتَّى إذَا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مِن غَزْوِهِ، وَقَفَلَ، وَدَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ، آذَنَ لَيْلَةً بالرَّحِيلِ فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بالرَّحِيلِ، فَمَشيتُ حتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ مِن شَأْنِي أَقْبَلْتُ إلى الرَّحْلِ ، فَلَمَسْتُ صَدْرِي فَإِذَا عِقْدِي مِن جَزْعِ ظَفَارِ قَدِ انْقَطَعَ، فَرَجَعْتُ فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لي فَحَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ علَى بَعِيرِيَ الذي كُنْتُ أَرْكَبُ وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ. قالَتْ: وَكَانَتِ النِّسَاءُ إذْ ذَاكَ خِفَافًا، لَمْ يُهَبَّلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ، إنَّما يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ، فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ ثِقَلَ الهَوْدَجِ حِينَ رَحَلُوهُ وَرَفَعُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ وَسَارُوا، وَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ ما اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ وَليسَ بهَا دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ، فَتَيَمَّمْتُ مَنْزِلِي الذي كُنْتُ فِيهِ، وَظَنَنْتُ أنَّ القَوْمَ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إلَيَّ، فَبيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ في مَنْزِلِي غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وَكانَ صَفْوَانُ بنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ قدْ عَرَّسَ مِن وَرَاءِ الجَيْشِ فَادَّلَجَ، فأصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي فَرَأَى سَوَادَ إنْسَانٍ نَائِمٍ، فأتَانِي فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَقَدْ كانَ يَرَانِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الحِجَابُ عَلَيَّ، فَاسْتَيْقَظْتُ باسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بجِلْبَابِي ، وَوَاللَّهِ ما يُكَلِّمُنِي كَلِمَةً وَلَا سَمِعْتُ منه كَلِمَةً غيرَ اسْتِرْجَاعِهِ، حتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ ، فَوَطِئَ علَى يَدِهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بيَ الرَّاحِلَةَ ، حتَّى أَتَيْنَا الجَيْشَ، بَعْدَ ما نَزَلُوا مُوغِرِينَ في نَحْرِ الظَّهِيرَةِ ، فَهَلَكَ مَن هَلَكَ في شَأْنِي، وَكانَ الذي تَوَلَّى كِبْرَهُ عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ، حِينَ قَدِمْنَا المَدِينَةَ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ في قَوْلِ أَهْلِ الإفْكِ ، وَلَا أَشْعُرُ بشيءٍ مِن ذلكَ، وَهو يَرِيبُنِي في وَجَعِي أَنِّي لا أَعْرِفُ مِن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ اللُّطْفَ، الذي كُنْتُ أَرَى منه حِينَ أَشْتَكِي، إنَّما يَدْخُلُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فيُسَلِّمُ، ثُمَّ يقولُ: كيفَ تِيكُمْ؟ فَذَاكَ يَرِيبُنِي ، وَلَا أَشْعُرُ بالشَّرِّ، حتَّى خَرَجْتُ بَعْدَ ما نَقَهْتُ وَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ ، وَهو مُتَبَرَّزُنَا، وَلَا نَخْرُجُ إلَّا لَيْلًا إلى لَيْلٍ وَذلكَ قَبْلَ أَنْ نَتَّخِذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِن بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ في التَّنَزُّهِ، وَكُنَّا نَتَأَذَّى بالكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ، وَهي بنْتُ أَبِي رُهْمِ بنِ المُطَّلِبِ بنِ عبدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا ابْنَةُ صَخْرِ بنِ عَامِرٍ، خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابنُهَا مِسْطَحُ بنُ أُثَاثَةَ بنِ عَبَّادِ بنِ المُطَّلِبِ، فأقْبَلْتُ أَنَا وَبِنْتُ أَبِي رُهْمٍ قِبَلَ بَيْتِي، حِينَ فَرَغْنَا مِن شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ في مِرْطِهَا، فَقالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ فَقُلتُ لَهَا: بئْسَ ما قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلًا قدْ شَهِدَ بَدْرًا، قالَتْ: أَيْ هَنْتَاهْ، أَوْ لَمْ تَسْمَعِي ما قالَ؟ قُلتُ: وَمَاذَا قالَ؟ قالَتْ: فأخْبَرَتْنِي بقَوْلِ أَهْلِ الإفْكِ فَازْدَدْتُ مَرَضًا إلى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إلى بَيْتِي، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قالَ: كيفَ تِيكُمْ؟ قُلتُ: أَتَأْذَنُ لي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ؟ قالَتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَتَيَقَّنَ الخَبَرَ مِن قِبَلِهِمَا، فأذِنَ لي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَجِئْتُ أَبَوَيَّ فَقُلتُ لِأُمِّي: يا أُمَّتَاهْ ما يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ فَقالَتْ: يا بُنَيَّةُ هَوِّنِي عَلَيْكِ فَوَاللَّهِ لَقَلَّما كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةٌ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، وَلَهَا ضَرَائِرُ ، إلَّا كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قالَتْ قُلتُ: سُبْحَانَ اللهِ وَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بهذا؟ قالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلكَ اللَّيْلَةَ حتَّى أَصْبَحْتُ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، ثُمَّ أَصْبَحْتُ أَبْكِي، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَلِيَّ بنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ ، يَسْتَشِيرُهُما في فِرَاقِ أَهْلِهِ، قالَتْ فأمَّا أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ فأشَارَ علَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بالَّذِي يَعْلَمُ مِن بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ في نَفْسِهِ لهمْ مِنَ الوُدِّ، فَقالَ: يا رَسُولَ اللهِ، هُمْ أَهْلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إلَّا خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقالَ: لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وإنْ تَسْأَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قالَتْ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ فَقالَ: أَيْ بَرِيرَةُ هلْ رَأَيْتِ مِن شيءٍ يَرِيبُكِ مِن عَائِشَةَ؟ قالَتْ له بَرِيرَةُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ إنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا قَطُّ أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا، أَكْثَرَ مِن أنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عن عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، قالَتْ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ علَى المِنْبَرِ، فَاسْتَعْذَرَ مِن عبدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، قالَتْ: فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَهو علَى المِنْبَرِ: يا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ مَن يَعْذِرُنِي مِن رَجُلٍ قدْ بَلَغَ أَذَاهُ في أَهْلِ بَيْتي فَوَاللَّهِ ما عَلِمْتُ علَى أَهْلِي إلَّا خَيْرًا، وَلقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا ما عَلِمْتُ عليه إلَّا خَيْرًا، وَما كانَ يَدْخُلُ علَى أَهْلِي إلَّا مَعِي فَقَامَ سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ الأنْصَارِيُّ، فَقالَ: أَنَا أَعْذِرُكَ منه، يا رَسُولَ اللهِ، إنْ كانَ مِنَ الأوْسِ ضَرَبْنَا عُنُقَهُ وإنْ كانَ مِن إخْوَانِنَا الخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ وَهو سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وَكانَ رَجُلًا صَالِحًا، وَلَكِنِ اجْتَهَلَتْهُ الحَمِيَّةُ ، فَقالَ لِسَعْدِ بنِ مُعَاذٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لا تَقْتُلُهُ، وَلَا تَقْدِرُ علَى قَتْلِهِ فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ، وَهو ابنُ عَمِّ سَعْدِ بنِ مُعَاذٍ، فَقالَ لِسَعْدِ بنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لَنَقْتُلَنَّهُ فإنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ فَثَارَ الحَيَّانِ الأوْسُ وَالْخَزْرَجُ حتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، قَائِمٌ علَى المِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يُخَفِّضُهُمْ حتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، قالَتْ: وَبَكَيْتُ يَومِي ذلكَ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بنَوْمٍ ، ثُمَّ بَكَيْتُ لَيْلَتي المُقْبِلَةَ لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بنَوْمٍ وَأَبَوَايَ يَظُنَّانِ أنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، فَبيْنَما هُما جَالِسَانِ عِندِي وَأَنَا أَبْكِي اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأنْصَارِ، فأذِنْتُ لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي، قالَتْ: فَبيْنَا نَحْنُ علَى ذلكَ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ جَلَسَ، قالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِندِي مُنْذُ قيلَ لي ما قيلَ، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لا يُوحَى إلَيْهِ في شَأْنِي بشيءٍ، قالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قالَ: أَمَّا بَعْدُ يا عَائِشَةُ، فإنَّه قدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فإنْ كُنْتِ بَرِيئَةً، فَسَيُبَرِّئُكِ اللَّهُ وإنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي إلَيْهِ، فإنَّ العَبْدَ إذَا اعْتَرَفَ بذَنْبٍ، ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عليه قالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، مَقالَتَهُ قَلَصَ دَمْعِي حتَّى ما أُحِسُّ منه قَطْرَةً، فَقُلتُ لأَبِي: أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فِيما قالَ فَقالَ: وَاللَّهِ ما أَدْرِي ما أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقُلتُ لِأُمِّي: أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَتْ: وَاللَّهِ ما أَدْرِي ما أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقُلتُ وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ لا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ إنِّي وَاللَّهِ لقَدْ عَرَفْتُ أنَّكُمْ قدْ سَمِعْتُمْ بهذا حتَّى اسْتَقَرَّ في نُفُوسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ به، فإنْ قُلتُ لَكُمْ إنِّي بَرِيئَةٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بذلكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بأَمْرٍ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُونَنِي وإنِّي، وَاللَّهِ ما أَجِدُ لي وَلَكُمْ مَثَلًا إلَّا كما قالَ أَبُو يُوسُفَ {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ المُسْتَعَانُ علَى ما تَصِفُونَ}. قالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ علَى فِرَاشِي، قالَتْ: وَأَنَا، وَاللَّهِ حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ وَأنَّ اللَّهَ مُبَرِّئِي ببَرَاءَتِي، وَلَكِنْ، وَاللَّهِ ما كُنْتُ أَظُنُّ أَنْ يُنْزَلَ في شَأْنِي وَحْيٌ يُتْلَى، وَلَشَأْنِي كانَ أَحْقَرَ في نَفْسِي مِن أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيَّ بأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللَّهُ بهَا، قالَتْ: فَوَاللَّهِ ما رَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ مَجْلِسَهُ، وَلَا خَرَجَ مِن أَهْلِ البَيْتِ أَحَدٌ حتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ علَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأخَذَهُ ما كانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ عِنْدَ الوَحْيِ ، حتَّى إنَّه لَيَتَحَدَّرُ منه مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ، في اليَومِ الشَّاتِ، مِن ثِقَلِ القَوْلِ الذي أُنْزِلَ عليه، قالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، وَهو يَضْحَكُ، فَكانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بهَا أَنْ قالَ: أَبْشِرِي يا عَائِشَةُ أَمَّا اللَّهُ فقَدْ بَرَّأَكِ فَقالَتْ لي أُمِّي: قُومِي إلَيْهِ، فَقُلتُ: وَاللَّهِ لا أَقُومُ إلَيْهِ، وَلَا أَحْمَدُ إلَّا اللَّهَ، هو الذي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي، قالَتْ: فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنكُم} عَشْرَ آيَاتٍ فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَؤُلَاءِ الآيَاتِ بَرَاءَتِي، قالَتْ: فَقالَ أَبُو بَكْرٍ وَكانَ يُنْفِقُ علَى مِسْطَحٍ لِقَرَابَتِهِ منه وَفَقْرِهِ: وَاللَّهِ لا أُنْفِقُ عليه شيئًا أَبَدًا بَعْدَ الذي قالَ لِعَائِشَةَ فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولو الفَضْلِ مِنكُم وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى} إلى قَوْلِهِ: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}. قالَ حِبَّانُ بنُ مُوسَى: قالَ عبدُ اللهِ بنُ المُبَارَكِ: هذِه أَرْجَى آيَةٍ في كِتَابِ اللَّهِ. فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ إنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي، فَرَجَعَ إلى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتي كانَ يُنْفِقُ عليه، وَقالَ: لا أَنْزِعُهَا منه أَبَدًا. قالَتْ عَائِشَةُ: وَكانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بنْتَ جَحْشٍ، زَوْجَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عن أَمْرِي ما عَلِمْتِ؟ أَوْ ما رَأَيْتِ؟ فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللَّهِ ما عَلِمْتُ إلَّا خَيْرًا. قالَتْ عَائِشَةُ: وَهي الَّتي كَانَتْ تُسَامِينِي مِن أَزْوَاجِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَعَصَمَهَا اللَّهُ بالوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ بنْتُ جَحْشٍ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَن هَلَكَ. قالَ الزُّهْرِيُّ: فَهذا ما انْتَهَى إلَيْنَا مِن أَمْرِ هَؤُلَاءِ الرَّهْطِ. وقالَ في حَديثِ يُونُسَ: احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ .
 

1 - لَمَّا كانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إلى المُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ القِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ برَبِّهِ: اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لي ما وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ ما وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إنْ تُهْلِكْ هذِه العِصَابَةَ مِن أَهْلِ الإسْلَامِ لا تُعْبَدْ في الأرْضِ، فَما زَالَ يَهْتِفُ برَبِّهِ، مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، حتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عن مَنْكِبَيْهِ، فأتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فأخَذَ رِدَاءَهُ، فألْقَاهُ علَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ التَزَمَهُ مِن وَرَائِهِ، وَقالَ: يا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ؛ فإنَّه سَيُنْجِزُ لكَ ما وَعَدَكَ، فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9]، فأمَدَّهُ اللَّهُ بالمَلَائِكَةِ. قالَ أَبُو زُمَيْلٍ: فَحدَّثَني ابنُ عَبَّاسٍ قالَ: بيْنَما رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَومَئذٍ يَشْتَدُّ في أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ المُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بالسَّوْطِ فَوْقَهُ وَصَوْتَ الفَارِسِ يقولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ ، فَنَظَرَ إلى المُشْرِكِ أَمَامَهُ، فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إلَيْهِ فَإِذَا هو قدْ خُطِمَ أَنْفُهُ، وَشُقَّ وَجْهُهُ، كَضَرْبَةِ السَّوْطِ، فَاخْضَرَّ ذلكَ أَجْمَعُ، فَجَاءَ الأنْصَارِيُّ، فَحَدَّثَ بذلكَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: صَدَقْتَ؛ ذلكَ مِن مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَقَتَلُوا يَومَئذٍ سَبْعِينَ، وَأَسَرُوا سَبْعِينَ. قالَ أَبُو زُمَيْلٍ: قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا أَسَرُوا الأُسَارَى، قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ لأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: ما تَرَوْنَ في هَؤُلَاءِ الأُسَارَى؟ فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: يا نَبِيَّ اللهِ، هُمْ بَنُو العَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، أَرَى أَنْ تَأْخُذَ منهمْ فِدْيَةً فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً علَى الكُفَّارِ؛ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلإِسْلَامِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: ما تَرَى يا ابْنَ الخَطَّابِ؟ قُلتُ: لا، وَاللَّهِ يا رَسولَ اللهِ ما أَرَى الَّذي رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِن عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنِّي مِن فُلَانٍ -نَسِيبًا لِعُمَرَ- فأضْرِبَ عُنُقَهُ؛ فإنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا، فَهَوِيَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ما قالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ ما قُلتُ، فَلَمَّا كانَ مِنَ الغَدِ جِئْتُ، فَإِذَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ، قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي مِن أَيِّ شَيءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ؟ فإنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وإنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِن أَخْذِهِمِ الفِدَاءَ، لقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَى مِن هذِه الشَّجَرَةِ -شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِن نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى قَوْلِهِ {فَكُلُوا ممَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: 67 - 69]، فأحَلَّ اللَّهُ الغَنِيمَةَ لهمْ.

2 - إنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إلى اللهِ الألَدُّ الخَصِمُ .
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 2668 التخريج : أخرجه البخاري (2457)، والنسائي (5423)، وابن حبان (5697) واللفظ لهم.
التصنيف الموضوعي: آداب الكلام - المراء والجدال أقضية وأحكام - الألد الخصم رقائق وزهد - أبغض الخلق وصفاتهم رقائق وزهد - من أبغضه الله رقائق وزهد - الترهيب من مساوئ الأعمال
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

3 - لا تُنْكَحُ العَمَّةُ علَى بنْتِ الأخِ، ولا ابْنَةُ الأُخْتِ علَى الخالَةِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1408 التخريج : أخرجه البخاري (5110) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: نكاح - الجمع بين المرأة وأختها أو عمتها ... نكاح - المحرمات من النساء نكاح - ما يحل من النساء وما يحرم نكاح - موانع النكاح
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : جندب بن عبدالله | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1850 التخريج : من أفراد مسلم على البخاري
التصنيف الموضوعي: اعتصام بالسنة - الأمر بلزوم الجماعة رقائق وزهد - العصبية رقائق وزهد - الكبائر إيمان - الوعيد فتن - اتباع الجماعة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

5 - جَاءَ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ يَسْتَأْذِنُ عَلَيَّ، فأبَيْتُ أَنْ آذَنَ له حتَّى أَسْتَأْمِرَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا جَاءَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قُلتُ: إنَّ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ فأبَيْتُ أَنْ آذَنَ له، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ عَمُّكِ، قُلتُ: إنَّما أَرْضَعَتْنِي المَرْأَةُ، وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ، قالَ: إنَّه عَمُّكِ، فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1445 التخريج : أخرجه الترمذي (1148)، وابن ماجه (1949) كلاهما بلفظه، والبخاري (5239) بزيادة في آخره.
التصنيف الموضوعي: استئذان - الرجوع إن لم يؤذن له رضاع - تحريم ابنة الأخ من الرضاع رضاع - تحريم الرضاع من لبن الفحل رضاع - يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب استئذان - الدخول على النساء
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

6 - أنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي القُعَيْسِ، جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا، وَهو عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، بَعْدَ أَنْ أُنْزِلَ الحِجَابُ، قالَتْ: فأبَيْتُ أَنْ آذَنَ له، فَلَمَّا جَاءَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَخْبَرْتُهُ بالَّذِي صَنَعْتُ: فأمَرَنِي أَنْ آذَنَ له عَلَيَّ. [وفي رواية]: أَتَانِي عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ أَفْلَحُ بنُ أَبِي قُعَيْسٍ، فَذَكَرَ بمَعْنَى حَديثِ مَالِكٍ. وَزَادَ، قُلتُ: إنَّما أَرْضَعَتْنِي المَرْأَةُ وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ، قالَ: تَرِبَتْ يَدَاكِ ، أَوْ يَمِينُكِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1445 التخريج : أخرجه البخاري (4796) مطولاً باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: استئذان - الاستئذان على ذوات المحارم رضاع - تحريم ابنة الأخ من الرضاع رضاع - تحريم الرضاع من لبن الفحل رضاع - يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب استئذان - الدخول على النساء
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

7 - بَعَثَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عُمَرَ علَى الصَّدَقَةِ، فقِيلَ: مَنَعَ ابنُ جَمِيلٍ، وَخَالِدُ بنُ الوَلِيدِ، وَالْعَبَّاسُ عَمُّ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ ما يَنْقِمُ ابنُ جَمِيلٍ إلَّا أنَّهُ كانَ فقِيرًا فأغْنَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا خَالِدٌ فإنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ في سَبيلِ اللهِ، وَأَمَّا العَبَّاسُ فَهي عَلَيَّ، وَمِثْلُهَا معهَا، ثُمَّ قالَ: يا عُمَرُ، أَما شَعَرْتَ أنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ؟
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 983 التخريج : أخرجه البخاري (1468) مختصراً باختلاف يسير دون ذكر عمر
التصنيف الموضوعي: زكاة - تعجيل الزكاة مناقب وفضائل - خالد بن الوليد مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مناقب وفضائل - فضائل قرابة النبي صلى الله عليه وسلم مناقب وفضائل - العباس بن عبد المطلب
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

8 - أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أبو طالِبٍ فقالَ: لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفاعَتي يَومَ القِيامَةِ، فيُجْعَلُ في ضَحْضاحٍ مِن نارٍ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ، يَغْلِي منه دِماغُهُ.

9 - نَهَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَنْ يَجْمع الرَّجُلُ بيْنَ المَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وبيْنَ المَرْأَةِ وَخَالَتِهَا. قالَ ابنُ شِهَابٍ: فَنُرَى خَالَةَ أَبِيهَا، وَعَمَّةَ أَبِيهَا بتِلْكَ المَنْزِلَةِ
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1408 التخريج : أخرجه البخاري (5110)، ومسلم (1408).
التصنيف الموضوعي: نكاح - الجمع بين المرأة وأختها أو عمتها ... نكاح - المحرمات من النساء نكاح - ما يحل من النساء وما يحرم اعتصام بالسنة - أوامر النبي ونواهيه وتقريراته
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

10 - أَعْطَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ رَهْطًا وأنا جالِسٌ فيهم... بمِثْلِ حَديثِ ابْنِ أخِي ابْنِ شِهابٍ، عن عَمِّهِ، وزادَ، فَقُمْتُ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَسارَرْتُهُ، فَقُلتُ: ما لكَ عن فُلان.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : سعد بن أبي وقاص | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 150 التخريج : أخرجه البخاري (1478)، ومسلم (150).
التصنيف الموضوعي: إيمان - قول فلان مؤمن صدقة - الصدقة على المؤلفة قلوبهم فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - شفقته على أمته جهاد - التألف على الإسلام غنائم - إعطاء المؤلفة قلوبهم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

11 - عَنْ عَائِشَةَ، أنَّهَا أَخْبَرَتْهُ: أنَّ عَمَّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ يُسَمَّى أَفْلَحَ. اسْتَأْذَنَ عَلَيْهَا فَحَجَبَتْهُ ، فأخْبَرَتْ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ. فَقالَ لَهَا: لا تَحْتَجِبِي منه، فإنَّه يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ ما يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1445 التخريج : أخرجه النسائي (3301) بلفظه، والبخاري (5103)، وأبو داود (2057) كلاهما بنحوه.
التصنيف الموضوعي: رضاع - تحريم ابنة الأخ من الرضاع رضاع - يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب نكاح - المحرمات من النساء نكاح - ما يحل من النساء وما يحرم استئذان - الدخول على النساء
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

12 - اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ أَبُو الجَعْدِ، فَرَدَدْتُهُ، قالَ لي هِشَامٌ: إنَّما هو أَبُو القُعَيْسِ، فَلَمَّا جَاءَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَخْبَرْتُهُ بذلكَ، قالَ: فَهَلَّا أَذِنْتِ له تَرِبَتْ يَمِينُكِ ، أَوْ يَدُكِ.

13 - بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ رَجُلًا إلى حَيٍّ مِن أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَسَبُّوهُ وَضَرَبُوهُ، فَجَاءَ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأخْبَرَهُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: لو أنَّ أَهْلَ عُمَانَ أَتَيْتَ ما سَبُّوكَ وَلَا ضَرَبُوكَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 2544 التخريج : من أفراد مسلم على البخاري
التصنيف الموضوعي: مناقب وفضائل - فضائل أهل عمان مناقب وفضائل - فضائل العرب مناقب وفضائل - فضائل القبائل
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

14 - صَلَّيْنَا مع عُمَرَ بنِ عبدِ العَزِيزِ الظُّهْرَ، ثُمَّ خَرَجْنَا حتَّى دَخَلْنَا علَى أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، فَوَجَدْنَاهُ يُصَلِّي العَصْرَ، فَقُلتُ: يا عَمِّ، ما هذِه الصَّلَاةُ الَّتي صَلَّيْتَ؟ قالَ: العَصْرَ، وَهذِه صَلَاةُ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عليه وسلَّمَ الَّتي كُنَّا نُصَلِّي معهُ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 623 التخريج : أخرجه البخاري (549)، والنسائي (509)، وابن حبان (1517) مطولا، وجميعا بلفظه.
التصنيف الموضوعي: اعتصام بالسنة - لزوم السنة صلاة - المحافظة على صلاة العصر صلاة - وقت صلاة العصر صلاة - تأخير العصر وتعجيلها
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

15 - دَخَلْتُ علَى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَنَا وَرَجُلَانِ مِن بَنِي عَمِّي، فَقالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: يا رَسولَ اللهِ، أَمِّرْنَا علَى بَعْضِ ما وَلَّاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَقالَ الآخَرُ مِثْلَ ذلكَ، فَقالَ: إنَّا وَاللَّهِ لا نُوَلِّي علَى هذا العَمَلِ أَحَدًا سَأَلَهُ، وَلَا أَحَدًا حَرَصَ عليه.

16 - عن أنس قال: حدثني عتبان بن مالك أنه عمي فأرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تَعالَ فخُطَّ لي مسجِدًا ؛ فجاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وجاء قومُهُ، ونُعِتَ رجُلٌ منهم يُقالُ له: مالكُ بنُ الدُّخْشُمِ، ثمَّ ذكَرَ نَحْوَ حديثِ سُليمانَ بنِ المُغيرةِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عتبان بن مالك | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 33 التخريج : أخرجه البخاري (5401) مطولا ، وأحمد (12788)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (10878) جميعا بنحوه.
التصنيف الموضوعي: أقضية وأحكام - الحكم بالظاهر صلاة - الصلاة في البيوت مساجد ومواضع الصلاة - المساجد في البيوت صلاة الجماعة والإمامة - التجميع في البيوت
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

17 - مَن خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وفارَقَ الجَماعَةَ ، ثُمَّ ماتَ ماتَ مِيتَةً جاهِلِيَّةً، ومَن قُتِلَ تَحْتَ رايَةٍ عُمِّيَّةٍ، يَغْضَبُ لِلْعَصَبَةِ، ويُقاتِلُ لِلْعَصَبَةِ، فليسَ مِن أُمَّتِي، ومَن خَرَجَ مِن أُمَّتي علَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّها وفاجِرَها، لا يَتَحاشَ مِن مُؤْمِنِها، ولا يَفِي بذِي عَهْدِها، فليسَ مِنِّي.

18 - أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَنْقُلُ معهُمُ الحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ وعليه إزَارُهُ. فَقالَ له العَبَّاسُ عَمُّهُ يا ابْنَ أخِي لو حَلَلْتَ إزَارَكَ فَجَعَلْتَهُ علَى مَنْكِبِكَ دُونَ الحِجَارَةِ. قالَ: فَحَلَّهُ. فَجَعَلَهُ علَى مَنْكِبِهِ فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عليه، قالَ: فَما رُئِيَ بَعْدَ ذلكَ اليَومِ عُرْيَانًا.

19 - مَن خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وفارَقَ الجَماعَةَ فَماتَ، ماتَ مِيتَةً جاهِلِيَّةً، ومَن قاتَلَ تَحْتَ رايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أوْ يَدْعُو إلى عَصَبَةٍ، أوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فقِتْلَةٌ جاهِلِيَّةٌ، ومَن خَرَجَ علَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّها وفاجِرَها، ولا يَتَحاشَى -وفي رواية: لا يَتَحاشَ- مِن مُؤْمِنِها، ولا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فليسَ مِنِّي ولَسْتُ منه.

20 - إنِّي لَبِعُقْرِ حَوْضِي أَذُودُ النَّاسَ لأَهْلِ اليَمَنِ، أَضْرِبُ بعَصَايَ حتَّى يَرْفَضَّ عليهم. فَسُئِلَ عن عَرْضِهِ فَقالَ: مِن مَقَامِي إلى عَمَّانَ، وَسُئِلَ عن شَرَابِهِ فَقالَ: أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ العَسَلِ، يَغُتُّ فيه مِيزَابَانِ يَمُدَّانِهِ مِنَ الجَنَّةِ، أَحَدُهُما مِن ذَهَبٍ، وَالآخَرُ مِن وَرِقٍ. وفي روايةٍ: أَنَا يَومَ القِيَامَةِ عِنْدَ عُقْرِ الحَوْضِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 2301
التصنيف الموضوعي: قيامة - الحوض مناقب وفضائل - فضائل اليمن وأهل اليمن إيمان - اليوم الآخر مناقب وفضائل - أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
| أحاديث مشابهة | شرح الحديث

21 - يَأْتي علَى النَّاسِ زَمَانٌ يَدْعُو الرَّجُلُ ابْنَ عَمِّهِ وَقَرِيبَهُ: هَلُمَّ إلى الرَّخَاءِ، هَلُمَّ إلى الرَّخَاءِ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لهمْ لو كَانُوا يَعْلَمُونَ، وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يَخْرُجُ منهمْ أَحَدٌ رَغْبَةً عَنْهَا إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ فِيهَا خَيْرًا منه، أَلَا إنَّ المَدِينَةَ كَالْكِيرِ، تُخْرِجُ الخَبِيثَ ، لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَنْفِيَ المَدِينَةُ شِرَارَهَا، كما يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ.

22 - قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، ما آنِيَةُ الحَوْضِ؟ قالَ: وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لَآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِن عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ وَكَوَاكِبِهَا، أَلَا في اللَّيْلَةِ المُظْلِمَةِ المُصْحِيَةِ، آنِيَةُ الجَنَّةِ مَن شَرِبَ منها لَمْ يَظْمَأْ آخِرَ ما عليه، يَشْخَبُ فيه مِيزَابَانِ مِنَ الجَنَّةِ، مَن شَرِبَ منه لَمْ يَظْمَأْ، عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ، ما بيْنَ عَمَّانَ إلى أَيْلَةَ ، مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ العَسَلِ.

23 - صَلَّى النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بمِنًى صَلَاةَ المُسَافِرِ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ ثَمَانِيَ سِنِينَ، أَوْ قالَ: سِتَّ سِنِينَ. قالَ حَفْصٌ: وَكانَ ابنُ عُمَرَ: يُصَلِّي بمِنًى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَأْتي فِرَاشَهُ، فَقُلتُ: أَيْ عَمِّ لو صَلَّيْتَ بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، قالَ: لو فَعَلْتُ لأَتْمَمْتُ الصَّلَاةَ. [وفي رواية]: وَلَمْ يَقُولَا في الحَديثِ بمِنًى، وَلَكِنْ قالَا: صَلَّى في السَّفَرِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 694 التخريج : أخرجه البخاري (1655) دون الزيادة في آخره
التصنيف الموضوعي: حج - قصر الصلاة بمنى سفر - التطوع في السفر دبر الصلاة وقبلها إحسان - الأخذ بالرخصة سفر - قصر الصلاة وكم يقيم ليقصر
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

24 - دَخَلْتُ أَنَا وَعَمِّي عَلْقَمَةُ، وَالأسْوَدُ علَى عبدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ قالَ: وَأَنَا شَابٌّ يَومَئذٍ، فَذَكَرَ حَدِيثًا رُئِيتُ أنَّهُ حَدَّثَ به مِن أَجْلِي، قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ... بمِثْلِ حَديثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ. وَزَادَ قالَ: فَلَمْ أَلْبَثْ حتَّى تَزَوَّجْتُ. [وفي رواية]: دَخَلْنَا عليه وَأَنَا أَحْدَثُ القَوْمِ. بمِثْلِ حَديثِهِمْ. وَلَمْ يَذْكُرْ: فَلَمْ أَلْبَثْ حتَّى تَزَوَّجْتُ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1400 التخريج : أخرجه البخاري (5066)، ومسلم (1400).
التصنيف الموضوعي: صيام - فضل الصيام نكاح - الحث على التزويج آداب عامة - غض البصر رقائق وزهد - الوصايا النافعة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

25 - قالَتْ عائِشَةُ: زَوْجُ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَرَجَعَ إلى خَدِيجَةَ، يَرْجُفُ فُؤادُهُ، واقْتَصَّ الحَدِيثَ بمِثْلِ حَديثِ يُونُسَ، ومَعْمَرٍ، ولَمْ يَذْكُرْ أوَّلَ حَديثِهِما مِن قَوْلِهِ: أوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيا الصَّادِقَةُ، وتابَعَ يُونُسَ علَى قَوْلِهِ، فَواللَّهِ لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، وذَكَرَ قَوْلَ خَدِيجَةَ: أيِ ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أخِيكَ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 160 التخريج : أخرجه البخاري (3)، ومسلم (160).
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - بدء النبوة فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - مبعث النبي مناقب وفضائل - خديجة بنت خويلد وحي - أول ما بدئ به الوحي
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

26 - أنَّ رَجُلًا مِنَ الأنْصَارِ مِن بَنِي حَارِثَةَ يُقَالُ له: عبدُ اللهِ بنُ سَهْلِ بنِ زَيْدٍ انْطَلَقَ هو وَابنُ عَمٍّ له يُقَالُ له: مُحَيِّصَةُ بنُ مَسْعُودِ بنِ زَيْدٍ وَسَاقَ الحَدِيثَ بنَحْوِ حَديثِ اللَّيْثِ إلى قَوْلِهِ فَوَدَاهُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِن عِندِهِ. قالَ يَحْيَى، فَحدَّثَني بُشيرُ بنُ يَسَارٍ، قالَ: أَخْبَرَنِي سَهْلُ بنُ أَبِي حَثْمَةَ، قالَ: لقَدْ رَكَضَتْنِي فَرِيضَةٌ مِن تِلكَ الفَرَائِضِ بالمِرْبَدِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : بشير بن يسار | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 1669 التخريج : أخرجه النسائي (4718)، ومالك (3276)، والطحاوي في ((معاني الآثار)) (5049) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: أقضية وأحكام - قضايا حكم فيها النبي صلى الله عليه وسلم ديات وقصاص - العقل ديات وقصاص - القسامة التي كانت بالجاهلية ديات وقصاص - ترك القود بالقسامة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

27 - خَرَجْتُ وَأَنَا أُرِيدُ هذا الرَّجُلَ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ، فَقالَ: أَيْنَ تُرِيدُ يا أَحْنَفُ؟ قالَ: قُلتُ: أُرِيدُ نَصْرَ ابْنِ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، يَعْنِي عَلِيًّا، قالَ: فَقالَ لِي: يا أَحْنَفُ ارْجِعْ، فإنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: إذَا تَوَاجَهَ المُسْلِمَانِ بسَيْفَيْهِمَا، فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ في النَّارِ قالَ: فَقُلتُ: أَوْ قيلَ: يا رَسُولَ اللهِ، هذا القَاتِلُ، فَما بَالُ المَقْتُولِ؟ قالَ: إنَّه قدْ أَرَادَ قَتْلَ صَاحِبِهِ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : الأحنف بن قيس | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 2888 التخريج : أخرجه البخاري (6875)، ومسلم (2888).
التصنيف الموضوعي: رقائق وزهد - العزلة فتن - إذا التقى المسلمان بسيفيهما فتن - ترك القتال في الفتن فتن - العزلة في الفتن فتن - ما يفعل في الفتن
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

28 - كانَ أوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيا الصَّادِقَةَ في النَّوْمِ، فَكانَ لا يَرَى رُؤْيا إلَّا جاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إلَيْهِ الخَلاءُ ، فَكانَ يَخْلُو بغارِ حِراءٍ يَتَحَنَّثُ فِيهِ، وهو التَّعَبُّدُ، اللَّيالِيَ أُوْلاتِ العَدَدِ، قَبْلَ أنْ يَرْجِعَ إلى أهْلِهِ ويَتَزَوَّدُ لذلكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِها، حتَّى فَجِئَهُ الحَقُّ وهو في غارِ حِراءٍ ، فَجاءَهُ المَلَكُ، فقالَ: اقْرَأْ، قالَ: ما أنا بقارِئٍ، قالَ: فأخَذَنِي، فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي ، فقالَ: اقْرَأْ، قالَ: قُلتُ: ما أنا بقارِئٍ، قالَ: فأخَذَنِي، فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي ، فقالَ: أقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذَنِي، فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي ، فقالَ: {اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإنْسانَ مِن عَلَقٍ (2) اقْرَأْ ورَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الذي عَلَّمَ بالقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: 1 - 5]، فَرَجَعَ بها رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ تَرْجُفُ بَوادِرُهُ ، حتَّى دَخَلَ علَى خَدِيجَةَ، فقالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي ، فَزَمَّلُوهُ حتَّى ذَهَبَ عنْه الرَّوْعُ ، ثُمَّ قالَ لِخَدِيجَةَ: أيْ خَدِيجَةُ، ما لي وأَخْبَرَها الخَبَرَ، قالَ: لقَدْ خَشِيتُ علَى نَفْسِي ، قالَتْ له خَدِيجَةُ: كَلّا أبْشِرْ ، فَواللَّهِ، لا يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، واللَّهِ، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ ، وتُكْسِبُ المَعْدُومَ ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ، فانْطَلَقَتْ به خَدِيجَةُ حتَّى أتَتْ به ورَقَةَ بنَ نَوْفَلِ بنِ أسَدِ بنِ عبدِ العُزَّى، وهو ابنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أخِي أبِيها، وكانَ امْرَءًا تَنَصَّرَ في الجاهِلِيَّةِ، وكانَ يَكْتُبُ الكِتابَ العَرَبِيَّ، ويَكْتُبُ مِنَ الإنْجِيلِ بالعَرَبِيَّةِ ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَكْتُبَ، وكانَ شيخًا كَبِيرًا قدْ عَمِيَ، فقالَتْ له خَدِيجَةُ: أيْ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أخِيكَ، قالَ ورَقَةُ بنُ نَوْفَلٍ: يا ابْنَ أخِي، ماذا تَرَى؟ فأخْبَرَهُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ خَبَرَ ما رَآهُ، فقالَ له ورَقَةُ: هذا النَّامُوسُ الذي أُنْزِلَ علَى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، يا لَيْتَنِي فيها جَذَعًا ، يا لَيْتَنِي أكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: أوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟ قالَ ورَقَةُ: نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بما جِئْتَ به إلَّا عُودِيَ، وإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا . وفي رواية: أوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مِنَ الوَحْيِ وساقَ الحَدِيثَ بمِثْلِ حَديثِ يُونُسَ، غيرَ أنَّه قالَ: فَواللَّهِ، لا يُحْزِنُكَ اللَّهُ أبَدًا، وقالَ: قالَتْ خَدِيجَةُ: أيِ ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أخِيكَ.

29 - قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ حِينَ أُنْزِلَ عليه: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]: يا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، اشْتَرُوا أنْفُسَكُمْ مِنَ اللهِ، لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شيئًا، يا بَنِي عبدِ المُطَّلِبِ، لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شيئًا، يا عَبَّاسَ بنَ عبدِ المُطَّلِبِ، لا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شيئًا، يا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسولِ اللهِ، لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شيئًا، يا فاطِمَةُ بنْتَ رَسولِ اللهِ، سَلِينِي بما شِئْتِ لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شيئًا.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 206 التخريج : أخرجه البخاري (2753)، ومسلم (206).
التصنيف الموضوعي: أقارب النبي - رحم النبي صلى الله عليه وسلم ونسبه تفسير آيات - سورة الشعراء رقائق وزهد - الموعظة للقرابة إيمان - دعوة الكافر إلى الإسلام
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

30 - يَا عَمِّ، لو أنَّكَ أَخَذْتَ بُرْدَةَ غُلَامِكَ، وَأَعْطَيْتَهُ مَعافِرِيَّكَ، وَأَخَذْتَ مَعافِرِيَّهُ وَأَعْطَيْتَهُ بُرْدَتَكَ، فَكَانَتْ عَلَيْكَ حُلَّةٌ وَعليه حُلَّةٌ ، فَمَسَحَ رَأْسِي، وَقالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ، يا ابْنَ أَخِي، بَصَرُ عَيْنَيَّ هَاتَيْنِ، وَسَمْعُ أُذُنَيَّ هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلْبِي هذا -وَأَشَارَ إلى مَنَاطِ قَلْبِهِ- رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَهو يقولُ: أَطْعِمُوهُمْ ممَّا تَأْكُلُونَ، وَأَلْبِسُوهُمْ ممَّا تَلْبَسُونَ، وَكانَ أَنْ أَعْطَيْتُهُ مِن مَتَاعِ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِن أَنْ يَأْخُذَ مِن حَسَنَاتي يَومَ القِيَامَةِ.