الموسوعة الحديثية


- كانَ مَلِكٌ فِيمَن كانَ قَبْلَكُمْ، وَكانَ له سَاحِرٌ، فَلَمَّا كَبِرَ، قالَ لِلْمَلِكِ: إنِّي قدْ كَبِرْتُ ، فَابْعَثْ إلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ، فَبَعَثَ إلَيْهِ غُلَامًا يُعَلِّمُهُ، فَكانَ في طَرِيقِهِ إذَا سَلَكَ رَاهِبٌ، فَقَعَدَ إلَيْهِ وَسَمِعَ كَلَامَهُ، فأعْجَبَهُ، فَكانَ إذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بالرَّاهِبِ وَقَعَدَ إلَيْهِ، فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ، فَشَكَا ذلكَ إلى الرَّاهِبِ ، فَقالَ: إذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ، فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي، وإذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ، فَبيْنَما هو كَذلكَ إذْ أَتَى علَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قدْ حَبَسَتِ النَّاسَ، فَقالَ: اليومَ أَعْلَمُ آلسَّاحِرُ أَفْضَلُ أَمِ الرَّاهِبُ أَفْضَلُ؟ فأخَذَ حَجَرًا، فَقالَ: اللَّهُمَّ إنْ كانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إلَيْكَ مِن أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هذِه الدَّابَّةَ حتَّى يَمْضِيَ النَّاسُ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا، وَمَضَى النَّاسُ، فأتَى الرَّاهِبَ فأخْبَرَهُ، فَقالَ له الرَّاهِبُ: أَيْ بُنَيَّ، أَنْتَ اليومَ أَفْضَلُ مِنِّي؛ قدْ بَلَغَ مِن أَمْرِكَ ما أَرَى، وإنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإِنِ ابْتُلِيتَ فلا تَدُلَّ عَلَيَّ. وَكانَ الغُلَامُ يُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ، وَيُدَاوِي النَّاسَ مِن سَائِرِ الأدْوَاءِ، فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ كانَ قدْ عَمِيَ، فأتَاهُ بهَدَايَا كَثِيرَةٍ، فَقالَ: ما هَاهُنَا لكَ أَجْمَعُ، إنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي، فَقالَ: إنِّي لا أَشْفِي أَحَدًا إنَّما يَشْفِي اللَّهُ، فإنْ أَنْتَ آمَنْتَ باللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ، فَآمَنَ باللَّهِ فَشَفَاهُ اللَّهُ، فأتَى المَلِكَ فَجَلَسَ إلَيْهِ كما كانَ يَجْلِسُ، فَقالَ له المَلِكُ: مَن رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟ قالَ: رَبِّي، قالَ: وَلَكَ رَبٌّ غيرِي؟ قالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ، فأخَذَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حتَّى دَلَّ علَى الغُلَامِ، فَجِيءَ بالغُلَامِ، فَقالَ له المَلِكُ: أَيْ بُنَيَّ، قدْ بَلَغَ مِن سِحْرِكَ ما تُبْرِئُ الأكْمَهَ وَالأبْرَصَ، وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ! فَقالَ: إنِّي لا أَشْفِي أَحَدًا؛ إنَّما يَشْفِي اللَّهُ، فأخَذَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حتَّى دَلَّ علَى الرَّاهِبِ ، فَجِيءَ بالرَّاهِبِ ، فقِيلَ له: ارْجِعْ عن دِينِكَ، فأبَى، فَدَعَا بالمِئْشَارِ، فَوَضَعَ المِئْشَارَ في مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ حتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ. ثُمَّ جِيءَ بجَلِيسِ المَلِكِ فقِيلَ له: ارْجِعْ عن دِينِكَ، فأبَى، فَوَضَعَ المِئْشَارَ في مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ به حتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بالغُلَامِ فقِيلَ له: ارْجِعْ عن دِينِكَ، فأبَى، فَدَفَعَهُ إلى نَفَرٍ مِن أَصْحَابِهِ، فَقالَ: اذْهَبُوا به إلى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَاصْعَدُوا به الجَبَلَ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ، فإنْ رَجَعَ عن دِينِهِ، وإلَّا فَاطْرَحُوهُ، فَذَهَبُوا به فَصَعِدُوا به الجَبَلَ، فَقالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بما شِئْتَ ، فَرَجَفَ بهِمِ الجَبَلُ فَسَقَطُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إلى المَلِكِ، فَقالَ له المَلِكُ: ما فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ، فَدَفَعَهُ إلى نَفَرٍ مِن أَصْحَابِهِ، فَقالَ: اذْهَبُوا به فَاحْمِلُوهُ في قُرْقُورٍ ، فَتَوَسَّطُوا به البَحْرَ، فإنْ رَجَعَ عن دِينِهِ، وإلَّا فَاقْذِفُوهُ، فَذَهَبُوا به، فَقالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بما شِئْتَ ، فَانْكَفَأَتْ بهِمُ السَّفِينَةُ فَغَرِقُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إلى المَلِكِ، فَقالَ له المَلِكُ: ما فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟ قالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ. فَقالَ لِلْمَلِكِ: إنَّكَ لَسْتَ بقَاتِلِي حتَّى تَفْعَلَ ما آمُرُكَ به، قالَ: وَما هُوَ؟ قالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَتَصْلُبُنِي علَى جِذْعٍ ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِن كِنَانَتِي ، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ في كَبِدِ القَوْسِ، ثُمَّ قُلْ: باسْمِ اللهِ رَبِّ الغُلَامِ، ثُمَّ ارْمِنِي؛ فإنَّكَ إذَا فَعَلْتَ ذلكَ قَتَلْتَنِي، فجَمَع النَّاسَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَصَلَبَهُ علَى جِذْعٍ ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِن كِنَانَتِهِ ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ في كَبْدِ القَوْسِ، ثُمَّ قالَ: باسْمِ اللهِ، رَبِّ الغُلَامِ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوَقَعَ السَّهْمُ في صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ في صُدْغِهِ في مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ، فَقالَ النَّاسُ: آمَنَّا برَبِّ الغُلَامِ، آمَنَّا برَبِّ الغُلَامِ، آمَنَّا برَبِّ الغُلَامِ. فَأُتِيَ المَلِكُ فقِيلَ له: أَرَأَيْتَ ما كُنْتَ تَحْذَرُ؟ قدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بكَ حَذَرُكَ؛ قدْ آمَنَ النَّاسُ، فأمَرَ بالأُخْدُودِ في أَفْوَاهِ السِّكَكِ، فَخُدَّتْ وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ، وَقالَ: مَن لَمْ يَرْجِعْ عن دِينِهِ فأحْمُوهُ فِيهَا، أَوْ قيلَ له: اقْتَحِمْ، فَفَعَلُوا حتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمعهَا صَبِيٌّ لَهَا، فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقالَ لَهَا الغُلَامُ: يا أُمَّهْ، اصْبِرِي؛ فإنَّكِ علَى الحَقِّ.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : صهيب بن سنان الرومي | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم : 3005
التخريج : أخرجه أحمد (23931)، والنسائي في ((الكبرى)) (11597)، وابن حبان (873) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: رقائق وزهد - التوكل واليقين عقيدة - كرامات الأولياء علم - القصص علم - من تكلموا في المهد جنائز وموت - الصبر على الأمراض والآلام والمصائب
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

أصول الحديث:


[صحيح مسلم] (4/ 2299)
73 - (3005) حدثنا هداب بن خالد، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كان ملك فيمن كان قبلكم، وكان له ساحر، فلما كبر، قال للملك: إني قد كبرت، فابعث إلي غلاما أعلمه السحر، فبعث إليه غلاما يعلمه، فكان في طريقه، إذا سلك راهب فقعد إليه وسمع كلامه، فأعجبه فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه، فشكا ذلك إلى الراهب، فقال: إذا خشيت الساحر، فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل: حبسني الساحر، فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس، فقال: اليوم أعلم آلساحر أفضل أم الراهب أفضل؟ فأخذ حجرا، فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة، حتى يمضي الناس، فرماها فقتلها، ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره، فقال له الراهب: أي بني أنت اليوم أفضل مني، قد بلغ من أمرك ما أرى، وإنك ستبتلى، فإن ابتليت فلا تدل علي، وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص، ويداوي الناس من سائر الأدواء، فسمع جليس للملك كان قد عمي، فأتاه بهدايا كثيرة، فقال: ما هاهنا لك أجمع، إن أنت شفيتني، فقال: إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله، فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك، فآمن بالله فشفاه الله، فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس، فقال له الملك: من رد عليك بصرك؟ قال: ربي، قال: ولك رب غيري؟ قال: ربي وربك الله، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام، فجيء بالغلام، فقال له الملك: أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص، وتفعل وتفعل، فقال: إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله، فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب، فجيء بالراهب، فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى، فدعا بالمئشار، فوضع المئشار في مفرق رأسه، فشقه حتى وقع شقاه، ثم جيء بجليس الملك فقيل له: ارجع عن دينك، فأبى فوضع المئشار في مفرق رأسه، فشقه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بالغلام فقيل له ارجع عن دينك، فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه، فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا، فاصعدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذروته، فإن رجع عن دينه، وإلا فاطرحوه، فذهبوا به فصعدوا به الجبل، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فرجف بهم الجبل فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله، فدفعه إلى نفر من أصحابه، فقال: اذهبوا به فاحملوه في قرقور، فتوسطوا به البحر، فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه، فذهبوا به، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فانكفأت بهم السفينة فغرقوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله، فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهما من كنانتي، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: باسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، فجمع الناس في صعيد واحد، وصلبه على جذع، ثم أخذ سهما من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس، ثم قال: باسم الله، رب الغلام، ثم رماه فوقع السهم في صدغه، فوضع يده في صدغه في موضع السهم فمات، فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، فأتي الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر؟ قد والله نزل بك حذرك، قد آمن الناس، فأمر بالأخدود في أفواه السكك، فخدت وأضرم النيران، وقال: من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها، أو قيل له: اقتحم، ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أمه اصبري فإنك على الحق "

[مسند أحمد] (39/ 351)
23931 - حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كان ملك فيمن كان قبلكم، وكان له ساحر فلما كبر الساحر قال للملك: إني قد كبرت سني، وحضر أجلي فادفع إلي غلاما فلأعلمه السحر، فدفع إليه غلاما، فكان يعلمه السحر، وكان بين الساحر وبين الملك راهب، فأتى الغلام على الراهب، فسمع من كلامه فأعجبه نحوه وكلامه، فكان إذا أتى الساحر ضربه وقال: ما حبسك؟ وإذا أتى أهله ضربوه وقالوا: ما حبسك؟ فشكا ذلك إلى الراهب فقال: إذا أراد الساحر أن يضربك فقل: حبسني أهلي، وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل: حبسني الساحر، قال: فبينما هو كذلك إذ أتى ذات يوم على دابة فظيعة عظيمة، وقد حبست الناس، فلا يستطيعون أن يجوزوا، فقال: اليوم أعلم أمر الراهب أحب إلى الله أم أمر الساحر؟ فأخذ حجرا فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك وأرضى لك من أمر الساحر، فاقتل هذه الدابة حتى يجوز الناس، ورماها فقتلها، ومضى الناس، فأخبر الراهب بذلك، فقال: أي بني، أنت أفضل مني، وإنك ستبتلى، فإن ابتليت، فلا تدل علي، فكان الغلام يبرئ الأكمه وسائر الأدواء ويشفيهم، وكان جليس للملك فعمي، فسمع به، فأتاه بهدايا كثيرة فقال: اشفني ولك ما هاهنا أجمع، فقال: ما أشفي أنا أحدا، إنما يشفي الله، فإن أنت آمنت به، دعوت الله فشفاك، فآمن فدعا الله له فشفاه، ثم أتى الملك، فجلس منه نحو ما كان يجلس، فقال له الملك: يا فلان، من رد عليك بصرك؟ فقال: ربي، قال: أنا؟ قال: لا، ولكن ربي وربك الله، قال: أولك رب غيري؟ قال: نعم. فلم يزل يعذبه حتى دله على الغلام، فبعث إليه فقال: أي بني قد بلغ من سحرك أن تبرئ الأكمه والأبرص وهذه الأدواء؟ قال: ما أشفي أنا أحدا، ما يشفي غير الله، قال: أنا؟ قال: لا. قال: أولك رب غيري؟ قال: نعم، ربي وربك الله، فأخذه أيضا بالعذاب، فلم يزل به حتى دل على الراهب، فأتي بالراهب، فقال: ارجع عن دينك، فأبى، فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه، وقال للأعمى: ارجع عن دينك فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه في الأرض، وقال للغلام: ارجع عن دينك، فأبى، فبعث به مع نفر إلى جبل كذا وكذا، فقال: إذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه، وإلا فدهدهوه من فوقه، فذهبوا به، فلما علوا به الجبل قال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فرجف بهم الجبل فتدهدهوا أجمعون، وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك، فقال: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله، فبعث به مع نفر في قرقور، فقال: إذا لججتم به البحر، فإن رجع عن دينه، وإلا فغرقوه فلججوا به البحر، فقال الغلام: اللهم اكفنيهم بما شئت، فغرقوا أجمعون، وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك، فقال: ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله، ثم قال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني، وإلا فإنك لا تستطيع قتلي، قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد، ثم تصلبني على جذع فتأخذ سهما من كنانتي، ثم قل: بسم الله رب الغلام، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، ففعل ووضع السهم في كبد قوسه ثم رمى فقال: بسم الله رب الغلام، فوضع السهم في صدغه فوضع الغلام يده على موضع السهم ومات فقال الناس: آمنا برب الغلام، فقيل للملك: أرأيت ما كنت تحذر؟ فقد والله نزل بك، قد آمن الناس كلهم، فأمر بأفواه السكك فخددت فيها الأخدود وأضرمت فيها النيران، وقال: من رجع عن دينه فدعوه، وإلا فأقحموه فيها، قال: فكانوا يتعادون فيها ويتدافعون، فجاءت امرأة بابن لها ترضعه، فكأنها تقاعست أن تقع في النار، فقال الصبي: يا أمه، اصبري، فإنك على الحق "

السنن الكبرى للنسائي (10/ 329)
11597 - أخبرنا أحمد بن سليمان، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كان ملك ممن كان قبلكم، وكان له ساحر، فلما كبر الساحر , قال للملك: إني قد كبرت سني، وحضر أجلي، فادفع إلي غلاما فلأعلمه السحر، فدفع إليه غلاما، وكان يعلمه السحر، وكان بين الساحر وبين الملك راهب، فأتى الغلام الراهب , فسمع كلامه فأعجبه نحوه وكلامه، فكان إذا أتى على الساحر ضربه , وقال: ما حبسك؟ , فإذا أتى أهله جلس عند الراهب، فإذا أتى أهله ضربوه , وقالوا: ما حبسك؟ , فشكى ذلك إلى الراهب , فقال: إذا أراد الساحر أن يضربك فقل: حبسني أهلي، وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل: حبسني الساحر، فبينما هو كذلك إذ أتى يوما على دابة فظيعة عظيمة، قد حبست الناس فلا يستطيعون أن يجوزوا، وقال: اليوم أعلم أمر الراهب أحب إلى الله أم أمر الساحر، وأخذ حجرا , وقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك وأرضى لك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة , حتى يجوز الناس، فرماها فقتلها، ومضى الناس، فأخبر الراهب بذلك , فقال: أي بني، أنت أفضل مني، وإنك ستبتلى، فإن ابتليت فلا تدل علي، وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص وسائر الأدواء ويشفيهم، وكان جليس للملك فعمي، فسمع به فأتاه بهدايا كثيرة، فقال: اشفني ولك ما هاهنا أجمع، فقال: ما أشفي أنا أحدا، إنما يشفي الله عز وجل، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك، فآمن فدعا الله عز وجل له فشفاه، ثم أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلس، فقال له الملك: يا فلان، من رد عليك بصرك؟ , قال: ربي، قال: أنا؟ , قال: لا، ولكن ربي وربك الله، قال: ولك رب غيري؟ قال: نعم، فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام، فبعث إليه , فقال: أي بني , قد بلغ من سحرك أنك تبرئ الأكمه والأبرص، وهذه الأدواء، فقال: ما أشفي أنا أحدا، ما يشفي غير الله، قال: أنا؟ , قال: لا، قال: وإن لك ربا غيري؟ , قال: نعم، ربي وربك الله، قال: فأخذه أيضا بالعذاب , فلم يزل به حتى دل على الراهب، فأتي الراهب , فقيل: ارجع عن دينك فأبى، فوضع المنشار على مفرق رأسه , حتى وقع شقاه إلى الأرض، فقال للأعمى: ارجع عن دينك فأبى، فوضع المنشار على مفرق رأسه حتى وقع شقاه إلى الأرض، فقال للغلام: ارجع عن دينك فأبى، فبعث معه نفرا إلى جبل كذا وكذا، وقال: إذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه، وإلا فدهدهوه من فوقه، فذهبوا به، فلما علوا به الجبل، قال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فرجف الجبل، فتدهدهوا أجمعون، وجاء الغلام حتى دخل على الملك، فقال: ما فعل أصحابك؟، قال: كفانيهم الله عز وجل، فبعث معه نفرا في قرقورة، وقال: إذا لججتم معه في البحر، فإن رجع عن دينه، وإلا فغرقوه - قال أبو عبد الرحمن: بعض حروف غرقوه سقط من كتابه - فلججوا به في البحر، فقال الغلام: اللهم اكفنيهم بما شئت، فغرقوا أجمعون، وجاء الغلام حتى دخل على الملك، فقال: ما فعل أصحابك؟، قال: كفانيهم الله جل وعز، ثم قال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك، فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني، قال: وما هو؟، قال: تجمع الناس في صعيد، ثم تصلبني على جذع، فتأخذ سهما من كنانتي، ثم تقول: باسم رب الغلام، فإنك إن فعلت ذلك قتلتني، ففعل فوضع السهم في كبد قوسه، ثم رمى، وقال: باسم رب الغلام، فوقع السهم في صدغه، فوضع الغلام يده على موضع السهم ومات رحمه الله، فقال الناس: آمنا برب الغلام، فقيل للملك: أرأيت ما كنت تحذر، فقد والله نزل بك، قد آمن الناس كلهم، فأمر بأفواه السكك فخدت فيها الأخاديد، وأضرمت فيها النيران، وقال: من يرجع عن دينه فدعوه، وإلا فأقحموه فيها، وكانوا يتنازعون ويتدافعون، فجاءت امرأة بابن لها ترضعه، فكأنها تقاعست أن تقع في النيران، فقال الصبي: اصبري فإنك على الحق "

صحيح ابن حبان (3/ 154)
873 - أخبرنا الحسن بن سفيان، حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: كان ملك فيمن كان قبلكم له ساحر، فلما كبر، قال للملك: إني قد كبرت، فابعث إلي غلاما أعلمه السحر، فبعث له غلاما يعلمه، فكان في طريقه إذا سلك راهب، فقعد إليه وسمع كلامه وأعجبه، فكان إذا أتى الساحر ضربه، وإذا رجع من عند الساحر قعد إلى الراهب وسمع كلامه، فإذا أتى أهله ضربوه، فشكا ذلك إلى الراهب، فقال له: إذا خشيت الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل: حبسني الساحر، فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس، فقال: اليوم أعلم: الراهب أفضل أم الساحر؟ فأخذ حجرا ثم قال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس، فرماها فقتلها، ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره، فقال له الراهب: أي بني، أنت اليوم أفضل مني، وإنك ستبتلى، فإن ابتليت فلا تدل علي، فكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص، ويداوي سائر الأدواء، فسمع جليس للملك، كان قد عمي، فأتى الغلام بهدايا كثيرة، فقال: ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني، قال: إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله، إن آمنت بالله دعوت الله فشفاك، فآمن بالله فشفاه الله، فأتى الملك يمشي يجلس إليه كما كان يجلس، فقال الملك: فلان ‍‍ من رد عليك بصرك؟، قال: ربي، قال: ولك رب غيري؟، قال: ربي وربك واحد، فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام، فجيء بالغلام، فقال له الملك: أي بني، قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل؟، قال: إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله، فأخذه، فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب، فجيء بالراهب، فقيل له: ارجع عن دينك، فأبي، فدعا بالمنشار، فوضع المنشار في مفرق رأسه، فشق به حتى وقع شقاه، ثم جيء بجليس الملك، فقيل: ارجع عن دينك، فأبي، فوضع المنشار في مفرق رأسه، فشقه به حتى وقع شقاه، ثم جيء بالغلام فقيل له: ارجع عن دينك فأبي، فدفعه إلى نفر من أصحابه، فقال: اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا، فاصعدوا به الجبل، فإذا بلغتم ذروته، فإن رجع عن دينه، وإلا فاطرحوه، فذهبوا به فصعدوا به الجبل، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فرجف بهم الجبل، فسقطوا، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟، قال كفانيهم الله، فدفعه إلى قوم من أصحابه، فقال: اذهبوا به، فاحملوه في قرقور، فوسطوا به البحر، فلججوا به، فإن رجع عن دينه، وإلا فاقذفوه، فذهبوا به، فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فانكفأت بهم السفينة، وجاء يمشي إلى الملك، فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟، قال: كفانيهم الله، فقال للملك: وإنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، قال: وما هو؟، قال: تجمع الناس في صعيد واحد، وتصلبني على جذع، ثم خذ سهما من كنانتك، ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل: بسم الله رب الغلام، ثم ارمني، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، فجمع الناس في صعيد واحد، ثم صلبه على جذع، ثم أخذ سهما من كنانته، ثم وضع السهم في كبد قوسه، ثم، قال: بسم الله رب الغلام، ثم رماه، فوقع السهم في صدغه، فوضع يده في موضع السهم فمات، فقال الناس: آمنا برب الغلام، آمنا برب الغلام، ثلاثا، فأتي الملك، فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر، قد والله نزل بك حذرك، قد آمن الناس، فأمر بالأخدود بأفواه السكك فخدت، وأضرم النيران وقال: من لم يرجع عن دينه فأحموه، ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها، فتقاعست أن تقع فيها، فقال لها الغلام: يا أمه اصبري، فإنك على الحق.