الموسوعة الحديثية

نتائج البحث

211 - شكا الناسُ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قُحوطَ المطرِ، فأمَرَ بمِنبرٍ فوُضِع له في المُصلَّى، ووعَد الناسَ يومًا يَخرُجونَ فيه، قالتْ عائشةُ: فخرَج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حينَ بدا حاجبُ الشَّمسِ ، فقعَد على المنبرِ، فكبَّرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وحَمِد اللهَ عزَّ وجلَّ، ثمَّ قال: إنَّكم شكَوتُم جَدْبَ ديارِكم، واستئخارَ المطرِ عن إبَّانِ زمانِه عنكم، وقد أمَرَكم اللهُ عزَّ وجلَّ أنْ تدْعوه، ووعَدَكم أنْ يَستجيبَ لكم، ثمَّ قال: ((الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ)) [الفاتحة: 2 - 4]، لا إلهَ إلَّا اللهُ يَفعَلُ ما يُريدُ، اللَّهمَّ أنت اللهُ لا إلهَ إلَّا أنت الغنيُّ ونحن الفقراءُ، أَنزِلْ علينا الغَيثَ، واجعَلْ ما أَنزَلتَ لنا قوَّةً وبلاغًا إلى خيرٍ، ثمَّ رفَع يدَيْه، فلم يزَلْ في الرفعِ حتى بدا بياضُ إبْطَيْه، ثمَّ حوَّل إلى الناسِ ظَهْرَه، وقلَب -أو حوَّل- رِداءَه وهو رافعٌ يدَيْه، ثمَّ أقبَلَ على الناسِ، ونزَلَ فصلَّى ركعتينِ، فأنشَأَ اللهُ سحابةً فرَعَدَتْ وبَرَقَتْ، ثمَّ أمطَرتْ بإذنِ اللهِ، فلم يأتِ مسجدَه حتى سالتِ السُّيولُ، فلمَّا رأى سُرعتَهم إلى الكِنِّ ، ضَحِك صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتى بدَتْ نَواجِذُه ، فقال: أَشهَدُ أنَّ اللهَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ، وأنِّي عبدُ اللهِ ورسولُه. قال أبو داودَ: وهذا حديثٌ غريبٌ إسنادُه جيِّدٌ، أهلُ المدينةِ يَقرَؤونَ: {مَلِكِ يومِ الدِّينِ}، وإنَّ هذا الحديثَ حُجَّةٌ لهم.

212 - خرَجَ عبدُ اللهِ بنُ سَهلٍ، أخو بَني حارِثةَ، يَعني في نَفَرٍ مِن بَني حارِثةَ، إلى خَيبَرَ يَمتارون منها تَمرًا، قال: فعُدِيَ على عَبدِ اللهِ بنِ سَهلٍ، فكُسِرتْ عُنُقُهُ، ثم طُرِحَ في مَنهَرٍ مِن مناهِرِ عُيونِ خَيبَرَ ، وفقَدَهُ أصحابُهُ، فالتَمَسوهُ حتى وجَدوهُ فغَيَّبوهُ، قال: ثم قدِموا على رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأقبَلَ أخوهُ عَبدُ الرَّحمنِ بنُ سَهلٍ، وابنا عَمِّهِ حُوَيِّصةُ، ومُحَيِّصةُ -وهما كانا أسَنَّ مِن عَبدِ الرَّحمنِ، وكان عَبدُ الرَّحمنِ ذا قَدَمِ القَومِ، وَصاحِبَ الدَّمِ- فتقَدَّمَ لذلك، فكَلَّمَ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَبلَ ابنَيْ عَمِّهِ حُوَيِّصةَ، ومُحَيِّصةَ، قال: فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الكُبْرَ، الكُبْرَ. فاستَأخَرَ عَبدُ الرَّحمنِ، وتكَلَّمَ حُوَيِّصةُ، ثم تكَلَّمَ مُحَيِّصةُ، ثم تكَلَّمَ عَبدُ الرَّحمنِ، فقالوا: يا رسولَ اللهِ عُدِيَ على صاحِبِنا، فقُتِلَ، وليس لنا بِخَيبَرَ عَدُوٌّ إلَّا يَهودَ. قال: فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: تُسَمُّون قاتِلَكم، ثم تَحلِفون عليه خَمسينَ يَمينًا، ثم تُسلِمُهُ. قال: فقالوا: يا رسولَ اللهِ، ما كنا لنَحلِفَ على ما لم نَشهَدْ. قال: فيَحلِفون لكم خَمسينَ يَمينًا ويَبرَؤون مِن دَمِ صاحِبِكم . قالوا: يا رسولَ اللهِ، ما كنا لنَقبَلَ أيْمانَ يَهودَ، ما هم فيه مِنَ الكُفرِ أعظَمُ مِن أنْ يَحلِفوا على إثْمٍ. قال: فوَداهُ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن عِندِهِ مِئةَ ناقةٍ، قال: يَقولُ سَهلٌ: فواللهِ ما أنسى بَكْرةً منها حَمراءَ ركَضَتْني وأنا أحوزُها.

213 - أُحيلَتِ الصَّلاةُ ثلاثةَ أحوالٍ ، والصِّيامُ ثلاثةَ أحوالٍ، فذكَر أحوالَ الصَّلاةِ الثَّلاثةَ، ثمَّ قال: وأمَّا أحوالُ الصِّيامِ، فإنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدِم المدينةَ فصام من كلِّ شَهرٍ ثلاثةَ أيَّامٍ، وصامَ يومَ عاشوراءَ، فصامها كَذا سِتَّةَ عشَرَ شهرًا، أو سَبعةَ عشَرَ شهرًا، ثمَّ أنزَل اللهُ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183]، إلى قولِهِ: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} [البقرة: 184]، وكان مَن شاء صام، ومَن شاء أَطعَم مِسكينًا، وأجزَأ ذلك عنه، حتى أنزَل اللهُ تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]. إلى قولِهِ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، وإلى قولِهِ: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، ففرَضهُ اللهُ، وأثبَت صيامَهُ على الصَّحيحِ المُقيمِ، ورخَّص فيه للمريضِ والمُسافرِ، وثبَت الإطعامُ للشَّيخِ الذي لا يستطيعُ صيامَهُ، وكانوا يأكُلونَ، ويشرَبونَ، ويأتونَ النِّساءَ، فإذا ناموا امتنَعوا من ذلك، فجاء رجُلٌ يُقالُ له: صِرْمةُ، قدْ ظلَّ يومَهُ يعمَلُ، فجاء فصلَّى العِشاءَ، ووضَع رأسَهُ فنام قبْلَ أنْ يَطعَمَ، فأصبَح صائمًا، فرآهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن آخِرِ النَّهارِ وقدْ أَجهَد، فقال: إنِّي أَراكَ قدْ أُجهِدْتَ، فقال: يا رسولَ اللهِ ظلِلْتُ يومي أعمَل، فجِئْتُ صلاةَ العِشاءِ، فنِمْتُ قبْلَ أنْ أَطعَمَ، وجاء عُمرُ وقدْ أصاب منَ النِّساءِ، فنزَلتْ هذه الآيةُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187]، إلى قولِهِ: {مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187].
خلاصة حكم المحدث : [فيه] المسعودي: وهو عبد الرحمن بن عبدالله بن عتبة، صدوق إلا أنَّه اختلط بأخرة، وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي فأخطآ
الراوي : معاذ بن جبل | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار
الصفحة أو الرقم : 478
التصنيف الموضوعي: صلاة - فرض الصلاة صيام - الترخص بالفطر للمريض صيام - بدء فرض الصيام صيام - وجوب صوم رمضان قرآن - أسباب النزول
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

214 - كُنَّا مع رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ بِالحُدَيبيةِ في أصلِ الشَّجَرةِ التي قال اللهُ تَعالى في القُرآنِ، وكانَ يَقَعُ مِن أغصانِ تلك الشَّجَرةِ على ظَهرِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، وعلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ، وسُهَيلُ بنُ عَمرٍو بَينَ يَدَيْهِ، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ لِعلِيٍّ رَضيَ اللهُ عنه: اكتُبْ بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ. فأخَذَ سُهَيلُ بنُ عَمْرٍو بِيَدِهِ، فقال: ما نَعرِفُ الرَّحمنَ الرَّحيمَ، اكتُبْ في قَضيَّتِنا ما نَعرِفُ. قال: اكتُبْ: باسْمِكَ اللَّهمَّ. فكتَبَ: هذا ما صالَحَ عليهِ محمدٌ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ أهلَ مَكةَ. فأمسَكَ سُهَيلُ بنُ عَمرٍو بِيَدِهِ، وقال: لقد ظَلَمناكَ إنْ كُنتَ رَسولَهُ، اكتُبْ في قَضيَّتِنا ما نَعرِفُ. فقال: اكتُبْ: هذا ما صالَحَ عليه محمدُ بنُ عَبدِ اللهِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ، وأنا رَسولُ اللهِ. فكتَبَ. فبَينا نحن كذلك إذ خرَجَ علينا ثَلاثونَ شابًّا عليهمُ السِّلاحُ، فثاروا في وُجوهِنا، فدعا عليهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ، فأخَذَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ بِأبصارِهم، فقَدِمْنا إليهم فأخَذْناهم، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ: هل جِئتُم في عَهدِ أحَدٍ؟ أو هل جعَلَ لكم أحَدٌ أمانًا؟ فقالوا: لا. فخَلَّى سَبيلَهم، فأنزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} [الفتح: 24] قال أبو عَبدِ الرَّحمنِ: قال حَمَّادُ بنُ سَلَمةَ، في هذا الحَديثِ: عن ثابِتٍ، عن أنَسٍ، وقال حُسَينُ بنُ واقِدٍ، عن عَبدِ اللهِ بنِ مُغَفَّلٍ، وهذا الصَّوابُ عِندي إنْ شاءَ اللهُ.

215 - وفَدْتُ سابعَ سبعةٍ مِن قَوْمي على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلمَّا دخَلْنا عليه وكلَّمناه، أعجَبه ما رأى مِن سَمْتِنا وزِيِّنا، فقال: ما أنتم؟ قُلْنا: مؤمِنون، فتبسَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقال: إنَّ لكلِّ قولٍ حقيقةً، فما حقيقةُ قولِكم وإيمانِكم؟  قُلْنا: خَمْسَ عَشْرةَ خَصْلةً؛ خَمْسٌ منها أمَرتْنا بها رُسُلُك أن نؤمِنَ بها، وخَمْسٌ أمَرتْنا أن نَعمَلَ بها، وخَمْسٌ تخلَّقْنا بها في الجاهليَّةِ، فنحن عليها الآن، إلا أن تَكرَهَ منها شيئًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وما الخَمْسُ التي أمَرتْكم بها رُسُلي أن تؤمِنوا بها؟ قُلْنا: أمَرتْنا أن نؤمِنَ باللهِ، وملائكتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، والبَعْثِ بعد الموتِ. قال: وما الخَمْسُ التي أمَرتْكم أن تَعمَلوا بها؟ قُلْنا: أمَرتْنا أن نقولَ: لا إلهَ إلا اللهُ، ونُقِيمَ الصلاةَ، ونؤتيَ الزكاةَ، ونصومَ رمضانَ، ونحُجَّ البيتَ الحرامَ مَن استطاع إليه سبيلًا. فقال: وما الخَمْسُ التي تخلَّقْتُم بها في الجاهليَّةِ؟ قالوا: الشُّكْرُ عند الرَّخاءِ، والصبرُ عند البلاءِ، والرِّضا بمُرِّ القضاءِ، والصدقُ في مواطنِ اللقاءِ، وتَرْكُ الشَّماتةِ بالأعداءِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: حكماءُ علماءُ، كادوا مِن فِقْهِهم أن يكونوا أنبياءَ، ثم قال: وأنا أَزِيدُكم خَمْسًا، فتَتِمُّ لكم عِشرون خَصْلةً إن كنتم كما تقولون، فلا تَجمَعوا ما لا تأكلون، ولا تَبنوا ما لا تسكُنون، ولا تَنافَسوا في شيءٍ أنتم عنه غدًا تزُولُون، واتَّقوا اللهَ الذي إليه تُرجَعون، وعليه تُعرَضون، وارغَبوا فيما عليه تَقدَمون، وفيه تُخلَّدون، فانصرَف القومُ مِن عندِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وحَفِظوا وصيَّتَهُ، وعَمِلوا بها.

216 - أتاني جِبْريلُ وفي يَدِه كهَيْئةِ المِرآةِ البَيْضاءِ، فيها نُكْتةٌ سَوداءُ، فقُلْتُ: ما هذه يا جِبْريلُ؟ فقال: هذه الجمُعةُ بُعِثْتُ بها إليكَ تكونُ عيدًا لكَ ولأُمَّتِكَ من بَعدِكَ، فقُلْتُ: وما لنا فيها يا جِبْريلُ؟ قال: لكم فيها خيرٌ كثيرٌ، أنتمُ الآخِرونَ السابِقونَ يومَ القيامةِ، وفيها ساعةٌ لا يوافِقُها عبدٌ مُسلِمٌ يُصلِّي يسألُ اللهَ شيئًا إلَّا أعْطاه، قُلْتُ: فما هذه النُّكْتةُ السوداءُ يا جِبْريلُ؟ قال: هذه الساعةُ تكونُ في يومِ الجمُعةِ وهو سيدُ الأيامِ، ونحن نُسمِّيه عندَنا يومَ المَزيدِ، قُلْتُ: وما يومُ المَزيدِ يا جِبْريلُ؟ قال: ذلك بأنَّ ربَّكَ اتخَذَ في الجنَّةِ واديًا أفْيَحَ من مِسكٍ أبيَضَ، فإذا كان يومُ الجمُعةِ من أيامِ الآخِرةِ هبَطَ الربُّ عزَّ وجلَّ من عَرشِه إلى كُرسيِّه، ويحُفُّ الكرسيَّ بمنابرَ منَ النورِ فيَجلِسُ عليها النبيُّونَ، وتُحَفُّ المنابرُ بكَراسيَّ من ذهَبٍ، فيَجلِسُ عليها الصدِّيقونَ والشهداءُ، ويَهبِطُ أهلُ الغُرَفِ من غُرَفِهم، فيَجلِسونَ على كُثْبانِ المِسكِ لا يَرَوْنَ لأهلِ المنابِرِ والكراسيِّ فَضلًا في المَجلِسِ، ثم يَتَبَدَّى لهم ذو الجَلالِ والإكْرامِ تبارَكَ وتعالى، فيقولُ: سَلوني، فيَقولونَ بأجْمَعِهم: نَسأَلُكَ الرضا يا ربِّ، فيشهَدُ لهم على الرضا، ثم يقولُ: سَلوني، فيَسأَلونَه حتى تَنتَهي نُهمةُ كلِّ عبدٍ منهم، قال: ثم يَسْعى عليهم بما لا عينٌ رأَتْ، ولا أذُنٌ سمِعَتْ، ولا خطَرَ على قلبِ بَشَرٍ، ثم يَرتفِعُ الجبَّارُ من كُرسيِّه إلى عَرشِه، ويَرتفِعُ أهلُ الغُرَفِ إلى غُرَفِهم، وهي غُرفةٌ من لُؤْلؤةٍ بَيْضاءَ، أو ياقوتةٍ حَمْراءَ، أو زُمُرُّدةٍ خَضْراءَ، ليس فيها فَصْمٌ ، ولا وَصْمٌ مُنوَّرةٌ، فيها أنهارُها، أو قال: مُطَّرِدةٌ مُتَدَلِّيةٌ فيها ثِمارُها، فيها أزْواجُها وخَدَمُها، ومساكِنُها، قال: فأهلُ الجنَّةِ يَتَباشَرونَ في الجنَّةِ بيومِ الجمُعةِ، كما يَتَباشَرُ أهلُ الدُّنيا في الدُّنيا بالمَطَرِ.
خلاصة حكم المحدث : [فيه] عمر بن عبد الله مولى غفرة، وهو ضعيف، والحسن بن يحيى الخشني كثير الغلط، وقال الدارقطني: متروك
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج زاد المعاد
الصفحة أو الرقم : 1/359
التصنيف الموضوعي: جمعة - الساعة التي في الجمعة جمعة - فضل الجمعة جنة - إحلال الرضوان على أهل الجنة جنة - رؤية الله تبارك وتعالى في الجنة مناقب وفضائل - أمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

217 - كُنَّا عندَ أَنَسِ بنِ مالِكٍ، فكتَبَ كتابًا بين أهلِه، فقال: اشهَدوا يا مَعشَرَ القُرَّاءِ، قال ثابتٌ: فكأنِّي كرِهْتُ ذلك، فقُلتُ: يا أبا حَمْزةَ: لو سمَّيْتَهم بأسمائِهم، قال: وما بأسُ ذلك أنْ أقولَ لكم: قُرَّاءٌ، أفلا أُحدِّثُكم عن إخوانِكمُ الذين كُنَّا نُسمِّيهم على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القُرَّاءَ، فذكَرَ أنَّهم كانوا سَبعينَ، فكانوا إذا جنَّهمُ الليلُ ، انطَلَقوا إلى مَعْلَمٍ لهم بالمدينةِ، فيَدرُسونَ فيه القُرآنَ حتى يُصبِحوا، فإذا أصبَحوا، فمَن كانت له قوَّةٌ استَعذَب منَ الماءِ، وأَصابَ منَ الحَطَبِ، ومَن كانت عنده سَعةٌ اجتَمَعوا، فاشتَرَوُا الشَّاةَ، فأَصلَحوها، فيُصبِحُ ذلك مُعلَّقًا بحُجَرِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلمَّا أُصيبَ خُبَيبٌ، بعَثَهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فأَتَوْا على حيٍّ من بَني سُلَيمٍ، وفيهم خالي حَرامٌ، فقال حَرامٌ لأَميرِهم: دَعْني فلْأُخبِرْ هؤلاء أنَّا لسْنا إيَّاهم نُريدُ، حتى يُخْلوا وجْهَنا، -وقال عَفَّانُ: فيُخْلونَ وجْهَنا- فقال لهم حَرامٌ: إنَّا لسْنا إيَّاكم نُريدُ، فاستَقبَلَه رجُلٌ بالرُّمحِ، فأنفَذَه منه، فلمَّا وجَدَ الرُّمحَ في جوْفِه قال: اللهُ أكبرُ، فُزْتُ وربِّ الكَعبةِ، قال: فانطَوَوْا عليهم فما بقِيَ منهم أَحَدٌ، فقال أَنَسٌ: فما رأيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجَدَ على شيءٍ قَطُّ وَجْدَه عليهم، فلقد رأيْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كلمَّا صلَّى الغَداةَ رفَعَ يدَيْه فدَعا عليهم، فلمَّا كان بعدَ ذلك، إذا أبو طَلْحةَ يقولُ لي: هل لكَ في قاتلِ حَرامٍ؟ قال: قُلتُ له: ما له فعَلَ اللهِ به وفعَلَ، قال: مَهلًا، فإنَّه قد أَسلَمَ، وقال عَفَّانُ: رفَعَ يَدَه يَدْعو عليهم، وقال أبو النَّضْرِ: رفَعَ يدَيْه.

218 - يَقولُ: بَعَثَ نَبيُّ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ جَيشًا إلى بَني العَنبَرِ، فأخَذوهم برُكبةَ مِن ناحيةِ الطَّائِفِ، فاستاقوهم إلى نَبيِّ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فرَكِبتُ، فسَبَقتُهم إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقُلتُ: السَّلامُ عليكَ يا نَبيَّ اللهِ ورَحمةُ اللهِ وبَرَكاتُه، أتانا جُندُكَ فأخَذونا، وقد كُنَّا أسلَمْنا وخَضرَمْنا آذانَ النَّعَمِ ، فلَمَّا قَدِمَ بَلعَنبَرَ، قال لي نَبيُّ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: هل لكم بَيِّنةٌ على أنَّكم أسلَمتُم قَبلَ أنْ تُؤخَذوا في هذه الأيَّامِ؟ قُلتُ: نَعَمْ. قال: مَن بَيِّنتُكَ؟ قُلتُ: سَمُرةُ، رَجُلٌ مِن بَني العَنبَرِ، ورَجُلٌ آخَرُ. سَمَّاه له، فشَهِدَ الرَّجُلُ، وأبى سَمُرةُ أنْ يَشهَدَ، فقال نَبيُّ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: قد أبى أنْ يَشهَدَ لكَ، فتَحلِفُ مع شاهِدِكَ الآخَرِ؟ قُلتُ: نَعَمْ. فاستَحلَفَني، فحَلَفتُ باللهِ: لقد أسلَمْنا يَومَ كذا وكذا، وخَضرَمْنا آذانَ النَّعَمِ . فقال نَبيُّ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: اذهَبوا، فقاسِموهم أنصافَ الأموالِ، ولا تَمَسُّوا ذَراريَّهم، لولا أنَّ اللهَ لا يُحِبُّ ضَلالةَ العَمَلِ ما رَزَيْناكم عِقالًا. قال الزُّبَيبُ: فدَعَتْني أُمِّي، فقالت: هذا الرَّجُلُ أخَذَ زُربيَّتي، فانصَرَفتُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، يَعني فأخبَرتُه، فقال لي: احبِسْه. فأخَذتُ بتَلبيبِه ، وقُمتُ معه مَكانَنا، ثم نَظَرَ إلينا رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ قائِمينَ، فقال: ما تُريدُ بأسيرِكَ؟ فأرسَلتُه مِن يَدي، فقامَ نَبيُّ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقال لِلرَّجُلِ: رُدَّ على هذا زُربيَّةَ أُمِّه التي أخَذتَ منها. قال: يا نَبيَّ اللهِ، إنَّها خَرَجتْ مِن يَدي. قال: فاختَلَعَ نَبيُّ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ سَيفَ الرَّجُلِ، فأعطانيه، وقال لِلرَّجُلِ: اذهَبْ، فزِدْه آصُعًا مِن طَعامٍ. قال: فزادَني آصُعًا مِن شَعيرٍ.

219 - مكَث رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمكَّةَ سَبْعَ سِنينَ يتتبَّعُ النَّاسَ في منازلِهم بعُكاظٍ ومَجَنَّةَ والمواسمِ بمنًى يقولُ : ( مَن يُؤويني وينصُرُني حتَّى أُبلِّغَ رسالاتِ ربِّي ) ؟ حتَّى إنَّ الرَّجُلَ لَيخرُجُ مِن اليَمنِ أو مِن مِصْرَ فيأتيه قومُه فيقولونَ : احذَرْ غُلامَ قريشٍ لا يفتِنْك ويمشي بيْنَ رِحالِهم وهم يُشيرونَ إليه بالأصابعِ حتَّى بعَثَنا اللهُ مِن يَثرِبَ فآوَيْناه وصدَّقْناه فيخرُجُ الرَّجُلُ منَّا ويُؤمِنُ به ويُقرِئُه القرآنَ وينقلِبُ إلى أهلِه فيُسلِمونَ بإسلامِه حتَّى لم يَبْقَ دارٌ مِن دُورِ الأنصارِ إلَّا فيها رَهْطٌ مِن المُسلِمينَ يُظهِرونَ الإسلامَ ثمَّ إنَّا اجتمَعْنا فقُلْنا : حتَّى متى نترُكُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُطرَدُ في جبالِ مكَّةَ ويخافُ فرحَل إليه منَّا سبعونَ رجُلًا حتَّى قدِموا عليه في المَوسِمِ فواعَدْناه بَيْعةَ العَقبةِ فاجتمَعْنا عندَها مِن رجُلٍ ورجُلَيْنِ حتَّى توافَيْنا فقُلْنا : يا رسولَ اللهِ علامَ نُبايِعُك ؟ قال : ( تُبايِعُوني على السَّمعِ والطَّاعةِ في النَّشاطِ والكسَلِ والنَّفقةِ في العُسرِ واليُسرِ وعلى الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المُنكَرِ وأنْ يقولَها لا يُبالي في اللهِ لَومةَ لائمٍ وعلى أنْ تنصُرُوني وتمنَعوني إذا قدِمْتُ عليكم ممَّا تمنَعونَ منه أنفسَكم وأزواجَكم وأبناءَكم ولكم الجنَّةُ ) فقُمْنا إليه فبايَعْناه وأخَذ بيدِه أسعدُ بنُ زُرارةَ وهو مِن أصغَرِهم فقال : رُويدًا يا أهلَ يَثرِبَ فإنَّا لم نضرِبْ أكبادَ الإبلِ إلَّا ونحنُ نعلَمُ أنَّه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنْ إخراجَه اليومَ منازعةُ العرَبِ كافَّةً وقَتْلُ خيارِكم وأنْ تعَضَّكم السُّيوفُ فإمَّا أنْ تصبِروا على ذلك وأجرُكم على اللهِ وإمَّا أنتم تخافونَ مِن أنفسِكم جُبنًا فبيِّنوا ذلك فهو أعذَرُ لكم فقالوا : أمِطْ عنَّا فواللهِ لا ندَعُ هذه البَيْعةَ أبدًا فقُمْنا إليه فبايَعْناه فأخَذ علينا وشرَط أنْ يُعطيَنا على ذلك الجنَّةَ

220 - أُحيلَتِ الصَّلاةُ ثلاثةَ أحْوالٍ ، وأُحيلَ الصَّيامُ ثلاثةَ أحْوالٍ؛ فأمَّا أحْوالُ الصَّلاةِ: فإنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَدِمَ المدينةَ وهو يُصلِّي سَبعةَ عَشَرَ شَهرًا إلى بَيتِ المَقدِسِ، ثُمَّ إنَّ اللهَ أنزَلَ عليه: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144]، قال: فوَجَّهَه اللهُ إلى مكَّةَ، قال: فهذا حَولٌ، قال: وكانوا يَجتمِعونَ للصَّلاةِ ويُؤذِنُ بها بعضُهم بعضًا، حتى نَقَسوا أو كادوا يَنقُسونَ، قال: ثُمَّ إنَّ رَجُلًا مِن الأنصارِ يُقالُ له: عبدُ اللهِ بنُ زَيدٍ، أتى رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال: يا رسولَ اللهِ، إنِّي رَأَيتُ فيما يَرى النَّائمُ -ولو قُلتُ: إنِّي لم أكُنْ نائمًا لصَدَقتُ- إنِّي بيْنَا أنا بيْنَ النَّائمِ واليَقظانِ، إذ رَأَيتُ شَخصًا عليه ثَوبانِ أخضرانِ، فاستَقبَلَ القِبلةَ، فقال: اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، مَثنَى مَثنَى حتى فَرَغَ مِن الأذانِ، ثُمَّ أَمهَلَ ساعةً، قال: ثُمَّ قال مِثلَ الذي قال، غيرَ أنَّه يَزيدُ في ذلك: قد قامتِ الصَّلاةُ، قد قامتِ الصَّلاةُ، فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: عَلِّمْها بِلالًا فليُؤذِّنْ بها، فكان بِلالٌ أوَّلَ مَن أذَّنَ بها، قال: وجاء عُمَرُ بنُ الخطَّابِ فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّه قد طاف بي مِثلُ الذي أطافَ به غيرَ أنَّه سَبَقَني، فهذان حَولانِ، قال: وكانوا يَأتونَ الصَّلاةَ، وقد سَبَقَهم ببعضِها النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: فكان الرَّجُلُ يُشيرُ إلى الرَّجُلِ إذا جاء: كم صَلَّى؟ فيَقولُ: واحدةً أو اثنتَينِ، فيُصلِّيها، ثُمَّ يَدخُلُ مع القَومِ في صَلاتِهم، قال: فجاء مُعاذٌ فقال: لا أجِدُه على حالٍ أبدًا إلَّا كنتُ عليها، ثُمَّ قَضَيتُ ما سَبَقَني، قال: فجاء وقد سَبَقَه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ببعضِها، قال: فثَبَتَ معه، فلمَّا قَضى رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلاتَه قام فقَضى، فقال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّه قد سَنَّ لكم مُعاذٌ، فهكذا فاصنَعوا، فهذه ثلاثةُ أحْوالٍ. وأمَّا أحْوالُ الصِّيامِ: فإنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَدِمَ المدينةَ فجَعَلَ يَصومُ مِن كلِّ شَهرٍ ثلاثةَ أيَّامٍ، وقال يَزيدُ: فصام تِسعةَ عَشَرَ شَهرًا مِن رَبيعٍ الأوَّلِ إلى رَمضانَ، مِن كلِّ شَهرٍ ثلاثةَ أيَّامٍ، وصام يومَ عاشوراءَ، ثُمَّ إنَّ اللهَ فَرَضَ عليه الصَّيامَ، فأنزَلَ اللهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183]، إلى هذه الآيةِ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]، قال: فكان مَن شاء صام، ومَن شاء أطعَمَ مِسكينًا، فأجزَأَ ذلك عنه، قال: ثُمَّ إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ أنزَلَ الآيةَ الأُخرى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]، إلى قَولِه: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، قال: فأثبَتَ اللهُ صيامَه على المُقيمِ الصَّحيحِ، ورَخَّصَ فيه للمَريضِ والمُسافرِ، وثَبَتَ الإطعامُ للكَبيرِ الذي لا يَستطيعُ الصِّيامَ، فهذان حَوْلانِ، قال: وكانوا يأكُلونَ ويَشرَبونَ ويأتونَ النِّساءَ، ما لم يَناموا، فإذا ناموا امتَنَعوا، قال: ثم إنَّ رَجُلًا مِنَ الأنصارِ يُقالُ له: صِرْمةُ، ظَلَّ يَعمَلُ صائِمًا حتى أمْسى، فجاءَ إلى أهلِه، فصلَّى العِشاءَ، ثم نامَ، فلم يأكُلْ، ولم يَشرَبْ، حتى أصبَحَ، فأصبَحَ صائِمًا، قال: فرآهُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقد جُهِدَ جَهْدًا شَديدًا، قال: ما لي أراكَ قد جُهِدتَ جَهْدًا شَديدًا؟ قال: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي عَمِلتُ أمسِ فجِئتُ حين جِئتُ، فألقَيتُ نَفْسي، فنِمتُ، وأصبَحتُ حين أصبَحتُ صائِمًا. قال: وكانَ عُمَرُ قد أصابَ مِنَ النِّساءِ مِن جاريةٍ، أو مِن حُرَّةٍ بَعدَما نامَ، وأتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فذَكَر ذلك له، فأنزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187]، إلى قَولِه: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187]، وقال يَزيدُ: فصامَ تِسعةَ عَشَرَ شَهرًا مِن رَبيعٍ الأوَّلِ إلى رَمَضانَ.

221 - إنَّ اللهَ جلَّ وعلا أمَر يحيى بنَ زكريَّا بخمسِ كلماتٍ يعمَلُ بهنَّ ويأمُرُ بني إسرائيلَ أنْ يعمَلوا بهنَّ وإنَّ عيسى قال له : إنَّ اللهَ قد أمَرك بخمسِ كلماتٍ تعمَلُ بهنَّ وتأمُرُ بني إسرائيلَ أنْ يعمَلوا بهنَّ فإمَّا أنْ تأمُرَهم وإمَّا أنْ آمُرَهم قال : فجمَع النَّاسَ في بيتِ المقدِسِ حتَّى امتلأَتْ وجلَسوا على الشُّرُفاتِ فوعَظهم وقال : إنَّ اللهَ جلَّ وعلا أمَرني بخمسِ كلماتٍ أعمَلُ بهنَّ وآمُرُكم أنْ تعمَلوا بهنَّ : أوَّلُهنَّ : أنْ تعبُدوا اللهَ ولا تُشرِكوا به شيئًا ومَثَلُ ذلك مَثَلُ رجُلٍ اشتَرى عبدًا بخالصِ مالِه بذهَبٍ أو وَرِقٍ وقال له : هذه داري وهذا عمَلي فجعَل العبدُ يعمَلُ ويُؤدِّي إلى غيرِ سيِّدِه فأيُّكم يسُرُّه أنْ يكونَ عبدُه هكذا وإنَّ اللهَ خلَقكم ورزَقكم فاعبُدوه ولا تُشرِكوا به شيئًا وآمُرُكم بالصَّلاةِ فإذا صلَّيْتُم فلا تلتَفِتوا فإنَّ العبدَ إذا لم يلتفِتْ استقبَله جلَّ وعلا بوجهِه وآمُرُكم بالصِّيامِ وإنَّما مَثَلُ ذلك كمَثَلِ رجُلٍ معه صُرَّةٌ فيها مِسْكٌ وعندَه عصابةٌ يسُرُّه أنْ يجِدوا ريحَها فإنَّ الصِّيامَ عندَ اللهِ أطيَبُ مِن ريحِ المِسْكِ وآمُرُكم بالصَّدقةِ وإنَّ مَثَلَ ذلك كمَثَلِ رجُلٍ أسَره العدوُّ فأوثَقوا يدَه إلى عُنقِه وأرادوا أنْ يضرِبوا عُنقَه فقال : هل لكم أنْ أفدِيَ نفسي فجعَل يُعطيهم القليلَ والكثيرَ لِيفُكَّ نفسَه منهم وآمُرُكم بذِكْرِ اللهِ فإنَّ مَثَلَ ذلك كمَثَلِ رجُلٍ طلَبه العدوُّ سِراعًا في أثَرِه فأتى على حُصَيْنٍ فأحرَز نفسَه فيه فكذلك العبدُ لا يُحرِزُ نفسَه مِن الشَّيطانِ إلَّا بذِكْرِ اللهِ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( وأنا آمُرُكم بخمسٍ أمَرني اللهُ بها : بالجماعةِ والسَّمعِ والطَّاعةِ والهجرةِ والجهادِ في سبيلِ اللهِ فمَن فارَق الجماعةَ قِيدَ شِبرٍ فقد خلَع رِبَقَ الإسلامِ مِن عُنقِه إلَّا أنْ يُراجِعَ ومَن دعا بدَعْوى الجاهليَّةِ فهو مِن جُثَا جهنَّمَ ) قال رجُلٌ : وإنْ صام وصلَّى ؟ قال : ( وإنْ صام وصلَّى فادعُوا بدعوى اللهِ الَّذي سمَّاكم المُسلِمينَ المُؤمِنينَ عبادَ اللهِ )

222 - مكَثَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بمكَّةَ عَشْرَ سِنينَ، يَتبَعُ النَّاسَ في منازِلِهم بعُكاظٍ ومَجَنَّةَ، وفي المواسِمِ بمِنًى، يقولُ: مَن يُؤْويني؟ مَن يَنصُرُني حتى أُبلِّغَ رسالةَ ربِّي، وله الجَنَّةُ؟ حتى إنَّ الرَّجلُ لَيخرُجُ منَ اليَمَنِ، أو من مِصرَ -كذا قال- فيَأْتيه قومُه، فيقولونَ: احذَرْ غُلامَ قُرَيشٍ، لا يَفتِنُكَ، ويَمْشي بيْنَ رِجالِهم، وهم يُشيرونَ إليه بالأصابِعِ، حتى بعَثَنا اللهُ له من يَثرِبَ ، فآوَيْناه، وصدَّقْناه، فيخرُجُ الرَّجلُ منَّا فيُؤمِنُ به، ويُقرِئُه القُرآنَ، فينقَلِبُ إلى أهلِه فيُسلِمونَ بإسلامِه، حتى لم يَبقَ دارٌ من دورِ الأنصارِ إلَّا وفيها رَهطٌ منَ المُسلِمينَ، يُظهِرونَ الإسلامَ، ثُم ائْتَمَروا جميعًا، فقُلْنا: حتى متى نترُكُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُطرَدُ في جبالِ مكَّةَ ويَخافُ؟ فرحَلَ إليه منَّا سَبعونَ رَجلًا حتى قَدِموا عليه في المَوسِمِ ، فواعَدْناه شِعبَ العَقَبةِ، فاجتَمَعْنا عنده من رَجلٍ ورَجلَيْنِ حتى تَوافَيْنا، فقُلْنا: يا رسولَ اللهِ، علامَ نُبايعُكَ؟ قال: تُبايِعوني على السَّمعِ والطَّاعةِ في النَّشاطِ والكَسلِ، والنَّفقةِ في العُسرِ واليُسرِ، وعلى الأمرِ بالمعروفِ، والنَّهيِ عنِ المُنكَرِ، وأنْ تقولوا في اللهِ، لا تَخافونَ في اللهِ لومةَ لائمٍ، وعلى أنْ تَنصُروني، فتَمنَعوني إذا قدِمْتُ عليكم ممَّا تَمنَعونَ منه أنفُسَكم، وأزواجَكم، وأبناءَكم، ولكمُ الجَنَّةُ، قال: فقُمْنا إليه فبايَعْناه، وأخَذَ بيَدِه أسعدُ بنُ زُرارةَ، وهو من أصغَرِهم، فقال: رُويْدًا يا أهلَ يَثرِبَ ؛ فإنَّا لم نَضرِبْ أكبادَ الإبلِ إلَّا ونحن نَعلَمُ أنَّه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإنَّ إخراجَه اليومَ مُفارقةُ العربِ كافَّةً، وقتلُ خيارِكم، وأنْ تَعضَّكمُ السُّيوفُ ، فإمَّا أنتم قومٌ تَصبِرونَ على ذلك، وأجرُكم على اللهِ، وإمَّا أنتم قومٌ تَخافونَ من أنفُسِكم جَبينةً، فبَيِّنوا ذلك، فهو أعذَرُ لكم عند اللهِ، قالوا: أمِطْ عنَّا يا أسعدُ، فواللهِ لا نَدَعُ هذه البَيعةَ أبدًا، ولا نَسلُبُها أبدًا، قال: فقُمْنا إليه فبايَعْناه، فأخَذَ علينا، وشرَطَ، ويُعْطينا على ذلك الجَنَّةَ.

223 - إنَّ الله عزَّ وجلَّ أنزَلَ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ} [المائدة: 44]، و{أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [المائدة: 45]، و{أُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} [المائدة: 47]، قال: قال ابنُ عبَّاسٍ: أنزَلَها اللهُ في الطائفتينِ من اليهودِ، وكانَتْ إحداهما قد قهَرتِ الأخرى في الجاهليةِ، حتى ارتَضَوْا واصطَلَحوا على أنَّ كلَّ قتيلٍ قتَلَتْه العزيزةُ من الذليلةِ، فدِيَتُه خمسونَ وَسْقًا، وكلَّ قتيلٍ قتَلَتْه الذليلةُ من العزيزةِ فدِيَتُه مئةُ وَسْقٍ، فكانوا على ذلك حتى قدِمَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المدينةَ، وذلَّتِ الطائفتانِ كلتاهما لمَقْدَمِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومئذٍ لم يظهَرْ، ولم يُوطِئْهما عليه، وهو في الصلحِ، فقتَلَتِ الذليلةُ من العزيزةِ قتيلًا، فأرسَلَتِ العزيزةُ إلى الذليلةِ: أنِ ابْعَثوا إلينا بمئةِ وَسْقٍ، فقالَتِ الذليلةُ: وهل كان هذا في حَيَّيْنِ قطُّ، دينُهما واحدٌ، ونسَبُهما واحدٌ، وبلَدُهما واحدٌ، دِيَةُ بعضِهم نصفُ دِيَةِ بعضٍ؟ إنا إنَّما أعطَيْناكم هذا ضَيْمًا منكم لنا، وفَرَقًا منكم، فأمَّا إذ قدِمَ محمدٌ فلا نُعطِيكم ذلك، فكادَتِ الحربُ تَهيجُ بينَهما، ثم ارتَضَوْا على أنْ يجعلوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بينهم، ثم ذكَرَتِ العزيزةُ، فقالَتْ: واللهِ ما محمدٌ بِمُعطِيكم منهم ضعفَ ما يُعطِيهم منكم، ولقد صدَقوا، ما أعطَوْنا هذا إلَّا ضَيْمًا منَّا، وقَهْرًا لهم، فدَسُّوا إلى محمدٍ مَن يَخبُرُ لكم رأيَه؛ إنْ أعطاكم ما تُريدونَ حكَّمْتُموه، وإنْ لم يُعطِكم حذِرْتُم، فلم تُحَكِّموه، فدَسُّوا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ناسًا من المنافقينَ؛ ليَخبُروا لهم رأيَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فلمَّا جاء رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخبَرَ اللهُ رسولَه بأمرِهم كلِّه وما أرادوا، فأنزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا...} إلى قولِه: { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 41-47] ثم قال فيهما: واللهِ نزلَتْ، وإيَّاهما عنى اللهُ عزَّ وجلَّ.

224 - أسأَلُ اللهَ أنْ يجمَعَ بَيْني وبينَكَ في سوقِ الجنَّةِ قال سعيدٌ : أوَفيها سوقٌ ؟ قال : نَعم أخبَرني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ أهلَ الجنَّةِ إذا دخَلوها نزَلوا فيها بفضلِ أعمالِهم فيُؤذَنُ لهم في مقدارِ يومِ الجُمعةِ مِن أيَّامِ الدُّنيا فيزُورونَ اللهَ جلَّ وعلا ويبرُزُ لهم عرشُه ويتبَدَّى لهم في روضةٍ مِن رياضِ الجنَّةِ فيُوضَعُ لهم منابِرُ مِن نورٍ ومنابرُ مِن لؤلؤٍ ومنابِرُ مِن ياقوتٍ ومنابِرُ مِن زَبَرْجَدٍ ومنابِرُ مِن ذهَبٍ ومنابِرُ مِن فضَّةٍ ويجلِسُ أدناهم ـ وما فيهم دَنِيٌّ ـ على كُثبانِ المِسكِ والكافورِ ما يرَوْنَ أنَّ أصحابَ الكراسيِّ أفضَلُ منهم مجلسًا قال أبو هُرَيْرَةَ : فقُلْتُ : يا رسولَ اللهِ وهل نرى ربَّنا ؟ قال : ( نَعم هل تتمارَوْنَ في رؤيةِ الشَّمسِ والقمرِ ليلةَ البدرِ ؟ ) قُلْنا لا قال : ( كذلكَ لا تتمارَوْنَ في رؤيةِ ربِّكم ولا يبقى في ذلكَ المجلِسِ أحَدٌ إلَّا حاصَره اللهُ محاصَرةً حتَّى إنَّه لَيقولُ للرَّجلِ منهم : يا فلانُ أتذكُرُ يومَ عمِلْتَ كذا وكذا ؟ يُذكِّرُه بعضَ غدَراتِه في الدُّنيا فيقولُ : يا ربِّ أفلمْ تغفِرْ لي فيقولُ : بلى فبِسَعَةِ مغفرتي بلَغْتَ منزلتَكَ هذه قال : فبينا هم كذلكَ غشِيَتْهم سَحابةٌ مِن فوقِهم فأمطَرَتْ عليهم طِيبًا لَمْ يجِدوا مِثْلَ ريحِه شيئًا قطُّ ثمَّ يقولُ جلَّ وعلا : قوموا إلى ما أعدَدْتُ لكم مِن الكرامةِ فخُذوا ما اشتَهَيْتُم قال : فنأتي سوقًا قد حفَّتْ به الملائكةُ ما لَمْ تنظُرِ العيونُ إلى مِثْلِه ولَمْ تسمَعِ الآذانُ ولَمْ يخطُرْ على القلوبِ قال : فيُحمَلُ لنا ما اشتهَيْنا ليس يُباعُ فيه شيءٌ ولا يُشتَرى وفي ذلكَ السُّوقِ يَلقى أهلُ الجنَّةِ بعضُهم بعضًا قال : فيُقبِلُ الرَّجُلُ ذو المنزلةِ المُرتفعةِ فيَلقى مَن هو دونَه وما فيهم دَنِيٌّ فيَرُوعُه ما يرى عليه مِن اللِّباسِ فما ينقضي آخِرُ حديثِه حتَّى يتمثَّلَ عليه بأحسَنَ منه وذلكَ أنَّه لا ينبغي لأحَدٍ أنْ يحزَنَ فيها قال : ثمَّ ننصرِفُ إلى منازِلِنا فتَلْقانا أزواجُنا فيقُلْنَ : مرحبًا وأهلًا بحِبِّنا لقد جِئْتَ وإنَّ بكَ مِن الجَمالِ والطِّيبِ أفضَلَ ممَّا فارَقْتَنا عليه فيقولُ : إنَّا جالَسْنا اليومَ ربَّنا الجبَّارَ ويحُقُّنا أنْ ننقلِبَ بمِثْلِ ما انقلَبْنا )
خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 7438
التصنيف الموضوعي: جنة - سوق الجنة جنة - صفة الجنة جنة - نساء الجنة جنة - رؤية الله تبارك وتعالى في الجنة جنة - طيب أهل الجنة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

225 - تحدَّثْنا عِندَ النَّبيِّ عليه السَّلامُ ليلةً حتى أكرَيْنا الحديثَ ، ثمَّ رجَعْنا إلى أهْلينا، فلمَّا أصبَحْنا غدَوْنا على نبيِّ اللهِ عليه السَّلامُ فقال: عُرِضَتْ عليَّ الأنبياءُ بأُمَمِها وأتباعِها من أُمَّتِها، فجعَل النَّبيُّ يمُرُّ ومعه الثَّلاثةُ مِن أُمَّتِهِ، والنَّبيُّ معه العِصابةُ مِن أُمَّتِهِ، والنَّبيُّ معه النَّفَرُ مِن أُمَّتِهِ، والنَّبيُّ وما معه أحَدٌ مِن أُمَّتِهِ، حتى مرَّ عليَّ موسى بنُ عِمرانَ في كَبْكَبةِ من بَني إسرائيلَ، فلمَّا رأيْتُهم أعجَبوني، فقُلْتُ: يا ربِّ، مَن هؤلاء؟ قال: هذا أخوكَ موسى بنُ عِمرانَ ومَن تَبِعهُ من بَني إسرائيلَ، فقُلْتُ: يا ربِّ، فأيْنَ أُمَّتي؟ قال: انظُرْ عن يَمينِكَ، فنظَرْتُ، فإذا الظِّرابُ ظِرابُ مكَّةَ تَهَوَّشُ، قدْ سُدَّ بوُجوهِ الرِّجالِ، قال: رَضيتُ؟ قُلْتُ: ربِّ رَضيتُ، مَن هؤلاء؟ قال: هؤلاء أُمَّتُكَ أفرَضيتَ؟ قُلْتُ: رَضيتُ رَبِّ. ثمَّ قال: انظُرْ عن يَسارِكَ، فنظَرْتُ، فإذا الأُفُقُ قدْ سُدَّ بوُجوهِ الرِّجالِ، قال: رَضيتَ؟ قُلْتُ: رَبِّ رَضيتُ، قال: فإنَّ مع هؤلاء سَبعِينَ ألفًا يَدخُلونَ الجَنَّةَ لا حِسابَ عليهم. فأنشَأ عُكَّاشةُ بنُ مِحْصَنٍ أخو بَني أَسَدِ بنِ خُزَيمةَ فقال: يا نَبيَّ اللهِ، ادْعُ اللهَ أنْ يجعَلَني منهم، قال: اللَّهُمَّ اجعَلْهُ منهم، ثمَّ أنشَأ رجُلٌ آخَرُ فقال: يا نبيَّ اللهِ، ادْعُ اللهَ أنْ يجعَلَني منهم، قال: سبَقكَ بها عُكَّاشةُ. قال: وذكَر لنا أنَّ نبيَّ اللهِ عليه السَّلامُ قال: إنِ استطَعْتُم -فِدًى لكم أبي وأُمِّي- أنْ تَكونوا مِنَ السَّبعِينَ فافعَلوا، فإنْ عجَزْتُم وقصَّرْتُم فكونوا من أهلِ الظِّرابِ، فإنْ عجَزْتُم وقصَّرْتُم فكونوا من أهلِ الأُفُقِ، فإنِّي قدْ رأيْتُ عندَهُ ناسًا يتهَوَّشونَ كثيرًا. وذكَر لنا أنَّ رِجالًا مِنَ المُؤمِنينَ تراجَعوا فيهم، فقالوا: ما ترَوْنَ عَمِلَ هؤلاء السَّبعونَ ألفًا حتى صَيَّروا من أمْرِهم فقالوا: هؤلاء وُلِدوا في الإسلامِ، فلمْ يَزالوا يعمَلونَ به حتى ماتوا، قال ليْسَ كذلك، ولكنَّهمُ الَّذينَ لا يَكتَوونَ، ولا يَستَرْقُونَ، ولا يتَطيَّرونَ، وعلى ربِّهم يتوكَّلونَ، قال: وذكَر لنا أنَّ نبيَّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: إنِّي لَأرْجو أنْ يكونَ معي مِن أُمَّتي رُبُعُ أهلِ الجَنَّةِ. فكبَّرْنا، ثمَّ قال: إنِّي لَأرْجو أنْ تَكونوا الثُّلُثَ. فكبَّرْنا، ثمَّ قال: إنِّي لَأرْجو أنْ تَكونوا الشَّطرَ. فكبَّرْنا، ثمَّ قرَأ هذه الآيةَ: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 39-40].

226 -  إنَّ اللهَ تعالى أمَر يحيى بنَ زكريَّا بخَمْسِ كلماتٍ؛ أن يَعمَلَ بهنَّ، وأن يأمُرَ بني إسرائيلَ أن يَعمَلوا بهنَّ، فكاد أن يُبطِئَ ، فقال له عيسى: إنَّكَ قد أُمِرْتَ بخَمْسِ كلماتٍ؛ أن تَعمَلَ بهنَّ، وأن تأمُرَ بني إسرائيلَ أن يَعمَلوا بهنَّ، فإمَّا أن تُبلِّغَهم، وإمَّا أن أُبلِّغَهم، فقال له: يا أخي، إنِّي أخشى إن سبَقْتَني أن أُعذَّبَ، أو يُخسَفَ بي، فجمَع بني إسرائيلَ في بيتِ المَقدِسِ حتى امتلأ المسجدُ، وقعَدوا على الشُّرُفِ، فحَمِد اللهَ وأثنى عليه، ثم قال: إنَّ اللهَ أمَرني بخَمْسِ كلماتٍ؛ أن أعمَلَ بهنَّ، وآمُرَكم أن تَعمَلوا بهنَّ؛ أوَّلُهنَّ: أن تعبُدوا اللهَ، ولا تُشرِكوا به شيئًا؛ فإنَّ مثَلَ ذلك كمثَلِ رجُلٍ اشترى عبدًا مِن خاصِّ مالِهِ بوَرِقٍ أو ذهَبٍ، فقال: هذه داري، وهذا عمَلي، فاعمَلْ وأَدِّ إليَّ عمَلي، فجعَل يَعمَلُ ويؤدِّي عمَلَهُ إلى غيرِ سيِّدِهِ، فأيُّكم يسُرُّهُ أن يكونَ عبدُهُ كذلك؟! وإنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ خلَقكم ورزَقكم؛ فاعبُدوه ولا تُشرِكوا به شيئًا. وآمُرَكم بالصلاةِ؛ فإنَّ اللهَ يَنصِبُ وجهَهُ لعبدِهِ ما لم يلتفِتْ، فإذا صلَّيْتُم، فلا تلتفِتوا. وآمُرَكم بالصِّيامِ؛ فإنَّ مثَلَ الصِّيامِ كمثَلِ رجُلٍ معه صُرَرٌ مِن مِسْكٍ في عِصابةٍ، كلُّهم يُحِبُّ أن يجدَ رِيحَ المِسْكِ، وإنَّ خُلُوفَ فَمِ الصائمِ أطيَبُ عند اللهِ مِن رِيحِ المِسْكِ. وآمُرَكم بالصدقةِ؛ فإنَّ مثَلَ ذلك مثَلُ رجُلٍ أسَره العدوُّ، فشَدُّوا يدَيْهِ إلى عُنُقِهِ، فقدَّموه لِيَضرِبوا عُنُقَهُ، فقال: هل لكم إلى أن أفتديَ نفسي، فجعَل يفتدي نفسَهُ منهم بالقليلِ والكثيرِ حتى فَكَّ نفسَهُ. وآمُرَكم بذِكْرِ اللهِ كثيرًا؛ فإنَّ مثَلَ ذلك كمثَلِ رجُلٍ طلَبه العدوُّ سِراعًا في أثَرِهِ، فأتى حِصْنًا حصينًا فتحصَّنَ فيه، وإنَّ العبدَ أحصَنُ ما يكونُ مِن الشيطانِ إذا كان في ذِكْرِ اللهِ عزَّ وجلَّ. قال: وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وأنا آمُرُكم بخَمْسٍ، اللهُ أمَرني بهنَّ: بالجماعةِ، والسَّمْعِ، والطاعةِ، والهجرةِ، والجهادِ في سبيلِ اللهِ، وإنَّه مَن خرَج مِن الجماعةِ قِيدَ شِبْرٍ، فقد خلَع رِبْقةَ الإسلامِ مِن عُنُقِهِ إلَّا أن يُراجِعَ، ومَن دعَا بدَعْوى الجاهليَّةِ، فهو مِن جُثَى جهنَّمَ، قالوا: يا رسولَ اللهِ، وإن صام وصلَّى؟ قال: وإن صام وصلَّى وزعَم أنَّه مسلِمٌ، فادْعُوا المسلِمينَ بما سمَّاهم: -المسلِمونَ المؤمِنونَ- عِباد اللهِ.

227 - لمَّا كان يومُ بدرٍ نظَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المشركينَ وهم ألفٌ وأصحابُه ثلاثُمئةٍ وبضعةَ عشَرَ رجلًا فاستقبَل نبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم القِبلةَ ثمَّ مدَّ يدَيه فجعَل يهتِفُ ربَّه: ( اللَّهمَّ أنجِزْ لي ما وعَدْتَني اللَّهمَّ آتِني ما وعَدْتَني اللَّهمَّ إنْ تهلِكْ هذه العصابةُ مِن أهلِ الإسلامِ لا تُعبَدْ في الأرضِ ) فما زال يهتِفُ ربَّه جلَّ وعلا مادًّا يدَيْهِ مستقبِلَ القِبلةِ حتَّى سقَط رداؤُه عن مَنكِبِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأتاه أبو بكرٍ رضوانُ اللهُ عليه فأخَذ رداءَه وألقاه على مَنكِبِه ثمَّ التزَمه مِن ورائِه فقال: يا نبيَّ اللهِ كفاك مُناشَدتَك ربَّك فإنَّه سيُنجِزُ لك ما وعَدك فأنزَل اللهُ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] فأمَدَّه اللهُ بالملائكةِ، قال: أبو زُميلٍ: حدَّثني ابنُ عبَّاسٍ قال: بينما رجلٌ مِن المسلمينَ يومَئذٍ يشُدُّ في أثرِ رجلٍ مِن المشركينَ أمامَه إذ سمِع ضربةً بالسَّوطِ فوقَه، وصوتَ الفارسِ فوقَه يقولُ: أقدِمْ حَيْزُومُ إذ نظَر إلى المشركِ أمامَه خرَّ مستلقيًا فنظَر إليه فإذ هو قد خُطِم أنفُه وشُقَّ وجهُه كضربةِ سَوطٍ فاخضَرَّ ذاك أجمعُ فجاء الأنصاريُّ فحدَّث ذلك رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( صدَقْتَ، ذلك مِن مَدَدِ السَّماءِ الثَّالثةِ ) فقتَلوا يومَئذٍ سبعينَ وأسَروا سبعينَ قال ابنُ عبَّاسٍ: فلمَّا أسَروا الأُسارى قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأبي بكرٍ وعليٍّ وعمرَ: ( ما ترَوْنَ في هؤلاء الأُسارى ) قال أبو بكرٍ: يا نبيَّ اللهِ هم بنو العمِّ والعشيرةِ أرى أنْ نأخُذَ منهم فديةً تكونُ لنا قوَّةً على الكفَّارِ وعسى اللهُ أنْ يهديَهم إلى الإسلامِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ما ترى يا ابنَ الخطَّابِ ؟ ) قُلْتُ: لا واللهِ يا رسولَ اللهِ ما أرى الَّذي رأى أبو بكرٍ ولكنِّي أرى أنْ تُمكِّنَنا فنضرِبَ أعناقَهم فتُمكِّنَ عليًّا مِن عَقيلٍ فيضرِبَ عنقَه وتُمكِّنَني مِن فلانٍ فأضرِبَ عنقَه - نسيبٌ كان لعمرَ - فإنَّ هؤلاء أئمَّةُ الكفرِ وصناديدُها فهوِي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما قال أبو بكرٍ ولم يَهْوَ ما قُلْتُ فلمَّا كان الغدُ جِئْتُ فإذا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأبو بكرٍ قاعدانِ يبكيانِ فقُلْتُ: يا رسولَ اللهِ أخبِرْني مِن أيِّ شيءٍ تبكي أنتَ وصاحبُك فإنْ وجَدْتُ بكاءً بكَيْتُ وإنْ لم أجِدْ بكاءً تباكَيْتُ لبكائِكما فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أبكي للَّذي عرَض عليَّ أصحابُك مِن أخذِهم الفداءَ وأنزَل اللهُ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67] إلى قولِه: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: 69] فأحَلَّ اللهُ الغنيمةَ

228 - لَمَّا كان يومُ بَدْرٍ، قال: نظَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى أصحابِه وهم ثلاثُ مِئةٍ ونيِّفٌ، ونظَرَ إلى المشرِكينَ فإذا هم ألفٌ وزيادةٌ، فاستقبَلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ القِبلةَ، ثمَّ مَدَّ يدَيْه، وعليه رِداؤُه وإزارُه، ثمَّ قال: اللهمَّ أين ما وعَدتَني؟ اللهمَّ أنجِزْ ما وعَدتَني، اللهمَّ إنْ تَهلِكْ هذه العِصابةُ مِن أهلِ الإسلامِ فلا تُعبَدُ في الأرضِ أبدًا!، قال: فما زالَ يَستغيثُ ربَّه، ويدْعوه حتى سقَطَ رِداؤُه، فأتاهُ أبو بَكْرٍ فأخَذَ رِداءَه [فرَدَّاهُ، ثمَّ الْتزَمَه مِن ورائِه، ثمَّ قال: يا نبيَّ اللهِ، كذاك مُناشَدَتُك ربَّك؛ فإنَّه سيُنجِزُ لك ما وعَدَك]. وأنزَلَ اللهُ تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9]. فلمَّا كان يومئذٍ، والْتَقَوْا فهزَمَ اللهُ المشرِكينَ، فقُتِل منهم سبعونَ رجُلًا، وأُسِرَ منهم سبعونَ رجُلًا، فاستشارَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أبا بَكْرٍ وعليًّا وعمرَ، فقال أبو بَكْرٍ: يا نبيَّ اللهِ، هؤلاء بنو العمِّ والعَشيرةُ والإخوانُ، فإنِّي أرى أنْ تأخُذَ منهم الفِداءَ، فيكونُ ما أخَذْنا منهم قوَّةً لنا على الكفَّارِ، وعسى اللهُ أنْ يَهدِيَهم فيكونونَ لنا عَضُدًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ما تَرى يا ابْنَ الخطَّابِ؟، فقال: قلتُ: واللهِ ما أرى ما رأَى أبو بَكْرٍ، ولكنِّي أرى أنْ تُمَكِّنَنِي مِن فلانٍ -قريبٍ لعمرَ- فأضرِبَ عُنُقَه، وتُمكِّنَ عليًّا مِن عَقِيلٍ فيَضرِبَ عنُقَه، وتُمكِّنَ حمزةَ مِن فلانٍ أخيهِ فيضرِبَ عنُقَه؛ حتى يَعلَمَ اللهُ أنَّه ليس في قلوبِنا هَوادةٌ للمشرِكينَ، هؤلاء صناديدُهم وأئمَّتُهم وقادتُهم، فهَوِيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما قال أبو بَكْرٍ، ولم يَهْوَ ما قلتُ، فأخَذَ منهم الفِداءَ. فلمَّا كان مِن الغدِ، قال عُمَرُ: غَدَوْتُ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فإذا هو قاعدٌ وأبو بَكْرٍ، وإذا هما يَبكيانِ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، أخبِرْني ماذا يُبكِيكَ أنت وصاحبُك؟ فإنْ وجَدتُ بُكاءً بكَيتُ، وإن لم أجِدْ بكاءً تباكَيتُ لبُكائِكما، قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الذي عَرَضَ عليَّ أصحابُك مِن الفِداءِ، ولقد عُرِض عليَّ عذابُكم أدْنى مِن هذه الشجرةِ -لشجرةٍ قريبةٍ- وأنزَلَ اللهُ تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أنْ يَكُونَ لَهُ أسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67] إلى قولِه: {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أخَذْتُمْ} [الأنفال: 68] مِن الفِداءِ، ثمَّ أُحِلَّ لهم الغنائمُ. فلمَّا كان يومُ أُحُدٍ مِن العامِ المُقبِلِ عُوقِبوا بما صنَعوا يومَ بدرٍ مِن أخذِهم الفِداءَ، فقُتِل منهم سبعونَ، وفَرَّ أصحابُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُه، وهُشِمَتِ البَيْضَةُ على رأسِه ، وسالَ الدمُ على وجهِه، فأنزَلَ اللهُ: {أَوَلَمَّا أصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ} [آل عمران: 165]، إلى قولِه: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 165] بأخذِكم الفِداءَ.

229 - قال ناسٌ : يا رسولَ اللهِ هل نرى ربَّنا يومَ القيامةِ ؟ قال : ( هل تُضارُّونَ في رؤيةِ الشَّمسِ في يومٍ صائفٍ والسَّماءُ مُصْحيةٌ غيرُ مُتغيِّمةٍ ليس فيها سَحابةٌ ؟ ) قالوا : لا قال : ( فهل تُضارُّونَ في رؤيةِ القمرِ ليلةَ البدرِ والسَّماءُ مُصحِيَةٌ غيرُ مُتغيِّمةٍ ليس فيها سَحابةٌ ؟ ) قالوا : لا قال : ( فوالَّذي نفسي بيدِه كذلك لا تُضارُّونَ في رؤيةِ ربِّكم يومَ القيامةِ كما لا تُضارُّونَ في رؤيةِ واحدٍ منهما يَلْقَى العبدُ ربَّه يومَ القيامةِ فيقولُ اللهُ جلَّ وعلا : أيْ فُلُ ألَمْ أخلُقْكَ ؟ ألَمْ أجعَلْكَ سميعًا بصيرًا ؟ ألَمْ أُزوِّجْكَ ؟ ألَمْ أُكرِمْكَ ؟ ألَمْ أُسخِّرْ لكَ الخيلَ والإبلَ ؟ ألَمْ أُسوِّدْكَ وأذَرْكَ ترأَسُ وتربَعُ ؟ فيقولُ : بلى أيْ ربِّ فيقولُ : فظنَنْتَ أنَّكَ مُلاقِيَّ ؟ فيقولُ : لا يا ربِّ فيقولُ : اليومَ أنساكَ كما نسِيتَني قال : ويَلقاه الآخَرُ فيقولُ : أيْ فُلُ ؟ ألَمْ أخلُقْكَ ؟ ألَمْ أجعَلْكَ سميعًا بصيرًا ؟ ألَمْ أُزوِّجْكَ ؟ ألَمْ أُكرِمْكَ ؟ ألَمْ أُسخِّرْ لكَ الخيلَ والإبلَ ؟ ألَمْ أُسوِّدْكَ وأذَرْكَ ترأَسُ وتربَعُ فيقولُ : بلى يا ربِّ فيقولُ : فماذا أعدَدْتَ لي ؟ فيقولُ : آمَنْتُ بكَ وبكتابِكَ وبرسولِكَ وصدَّقْتُ وصلَّيْتُ وصُمْتُ فيقولُ : فها هنا إذًا ثمَّ يقولُ : ألَا نبعَثُ عليكَ قال : فيُفكِّرُ في نفسِه مَن هذا الَّذي يشهَدُ علَيَّ ؟ قال : وذلكَ المُنافِقُ الَّذي يغضَبُ اللهُ عليه وذلكَ لِيُعذِرَ مِن نفسِه فيُختَمُ على فيه ويُقالُ لِفخِذِه : انطِقي فتنطِقُ فخِذُه وعِظامُه وعصَبُه بما كان يعمَلُ ثم يُنادي مُنادٍ ألَا اتَّبَعَتْ كلُّ أمَّةٍ ما كانت تعبُدُ فيتَّبِعُ عبَدَةُ الصَّليبِ الصَّليبَ وعبَدَةُ النَّارِ النَّارَ وعبَدَةُ الأوثانِ الأوثانَ وعبَدَةُ الشَّيطانِ الشَّيطانَ ويتَّبِعُ كلُّ طاغيةٍ طاغيتَها إلى جَهنَّمَ ونَبقى أيُّها المُؤمِنونَ ونحنُ المُؤمِنونَ فيأتينا ربُّنا تبارَك وتعالى ونحنُ قيامٌ فيقولُ : علامَ هؤلاءِ قيامٌ ؟ فنقولُ : نحنُ عبادُ اللهِ المُؤمِنونَ آمنَّا به ولَمْ نُشرِكْ به شيئًا وهذا مَقامُنا ولنْ نبرَحَ حتَّى يأتيَنا ربُّنا وهو ربُّنا وهو يُثبِّتُنا فيقولُ : وهل تعرِفونَه ؟ فنقولُ : سُبحانَه إذا اعترَف لنا عرَفْناه ) قال سُفيانُ : وها هنا كلمةٌ لا أقولُها لكم قال : فننطلِقُ حتَّى نأتيَ الجِسرَ وعليه خَطاطيفُ مِن نارٍ تخطَفُ النَّاسَ وعندَها حلَّتِ الشَّفاعةُ اللَّهمَّ سلِّمْ سلِّمْ اللَّهمَّ سلِّمْ سلِّمْ اللَّهمَّ سلِّمْ سلِّمْ فإذا جاوَز الجِسرَ فكلُّ مَن أنفَق زوجًا مِن المالِ ممَّا يملِكُ في سبيلِ اللهِ فكلُّ خَزَنةِ الجنَّةِ تدعوه : يا عبدَ اللهِ يا مُسلِمُ هذا خيرٌ فتَعالَ يا عبدَ اللهِ يا مُسلِمُ هذا خيرٌ فتَعالَ يا عبدَ اللهِ يا مُسلِمُ هذا خيرٌ فتَعالَ ) فقال أبو بكرٍ وهو إلى جَنْبِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ذاكَ عبدٌ لا توَى عليه يدَعُ بابًا ويلِجُ مِن آخَرَ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومسَح مَنْكِبَيْهِ : ( إنِّي لَأرجو أنْ تكونَ منهم )

230 - حَدَّثتُ عُرْوةَ بنَ الزُّبَيرِ بحَديثِ أبي بَكرِ بنِ عَبدِ الرَّحمنِ، عن أُمِّ سَلَمةَ بقِصَّةِ النَّجاشيِّ، وقَولِه لعَمرِو بنِ العاصِ: فواللهِ ما أخَذَ اللهُ منِّي الرِّشْوةَ حين رَدَّ علَيَّ مُلْكي، وما أطاعَ النَّاسَ فيَّ، فأُطيعَ النَّاسَ فيه. فقال عُرْوةُ: أتَدري ما مَعناه؟ قُلتُ: لا. قال: إنَّ عائشةَ حَدَّثَتْني: أنَّ أباه كان مَلِكَ قَومِه، ولم يَكُنْ له وَلدٌ إلَّا النَّجاشيَّ، وكان للنَّجاشيِّ عَمٌّ، له مِن صُلبِه اثْنا عَشَرَ رَجُلًا، وكانوا أهلَ بَيْتِ مَملكةِ الحَبشةِ. فقالتِ الحَبشةُ بيْنَها: لو أنَّا قتَلْنا أبا النَّجاشيِّ، وملَّكْنا أخاه؛ فإنَّه لا وَلدَ له غيرُ هذا الغُلامِ، وإنَّ لأخيه اثنَيْ [عَشر] وَلدًا، فتَوارَثوا مُلكَه مِن بعدِه، فبَقيَتِ الحَبشةُ بعدَه دَهرًا. فعَدَوا على أبي النَّجاشيِّ، فقَتَلوه، ومَلَّكوا أخاه، فمَكَثوا على ذلك، ونشَأَ النَّجاشيُّ مع عَمِّه، وكان لَبيبًا حازمًا مِن الرِّجالِ، فغلَبَ على أمْرِ عَمِّه، ونزَلَ منه بكلِّ مَنزِلةٍ. فلمَّا رَأتِ الحَبشةُ مَكانَه منه، قالتْ بيْنَها: واللهِ إنَّا لنَتخَوَّفُ أنْ يُملِّكَه، ولئِنْ مَلَّكَه علينا ليَقتُلُنا أجمَعينَ، لقد عرَفَ أنَّا نحن قتَلْنا أباه. فمَشَوْا إلى عَمِّه، فقالوا له: إمَّا أنْ تَقتُلَ هذا الفَتى، وإمَّا أنْ تُخرِجَه مِن بيْنِ أظهُرِنا؛ فإنَّا قد خِفْنا على أنفُسِنا منه. قال: وَيلَكم، قتَلتُم أباه بالأمسِ، وأقتُلُه اليومَ! بل أخرِجوه مِن بِلادِكم. فخرَجوا به، فباعوه مِن رَجُلٍ تاجرٍ بسِتِّ مِئةِ دِرهَمٍ، ثُمَّ قذَفَه في سَفينةٍ، فانطلَقَ به حتى إذا المَساءُ مِن ذلك اليومِ، هاجتْ سَحابةٌ مِن سَحابِ الخَريفِ، فخرَجَ عَمُّه يَستمطِرُ تحتَها، فأصابَتْه صاعقةٌ، فقتَلَتْه. ففزِعَتِ الحَبشةُ إلى وَلدِه، فإذا هم حَمقى، ليس في وَلدِه خيرٌ، فمَرَجَ على الحَبشةِ أمْرُهم، فلمَّا ضاق عليهم ما هم فيه مِن ذلك، قال بَعضُهم لبَعضٍ: تَعلَمونَ -واللهِ- أنَّ مَلِكَكم الذي لا يُقيمُ أمْرَكم غيرُه، الذي بِعتُموه غُدْوةً، فإنْ كان لكم بأمْرِ الحَبشةِ حاجةٌ فأدْرِكوه. قال: فخرَجوا في طَلبِه، حتى أدْرَكوه، فأخَذوه مِن التَّاجرِ، ثُمَّ جاؤوا به، فعَقَدوا عليه التَّاجَ، وأقعَدوه على سَريرِ المُلكِ، ومَلَّكوه، فجاءهم التَّاجرُ، فقال: إمَّا أنْ تُعطُوني مالي، وإمَّا أنْ أُكلِّمَه في ذلك. فقالوا: لا نُعطيكَ شيئًا. قال: إذَنْ -واللهِ- لأُكلِّمَنَّه. قالوا: فدُونَكَ. فجاءه، فجلَسَ بيْنَ يَدَيه، فقال: أيُّها المَلِكُ، ابتَعتُ غُلامًا مِن قَومٍ بالسُّوقِ بسِتِّ مِئةِ دِرهَمٍ، فأسلَموه إلَيَّ، وأخَذوا دَراهِمي، حتى إذا سِرتُ بغُلامي أدْرَكوني، فأخَذوا غُلامي، ومَنَعوني دَراهِمي. فقال لهم النَّجاشيُّ: لتُعطُنَّه دَراهِمَه، أو ليُسلَّمَنَّ غُلامَه في يَدَيه، فليَذهَبَنَّ به حيثُ يَشاءُ. قالوا: بلْ نُعطيه دَراهِمَه. قالتْ: فلذلك يقولُ: ما أخَذَ اللهُ منِّي الرِّشْوةَ حينَ رَدَّ علَيَّ مُلكي،  فآخُذَ الرِّشوةَ فيه. وكان ذلك أوَّلَ ما خُبِرَ مِن صَلابَتِه في دِينِه، وعَدلِه في حُكمِه. ثُمَّ قالتْ: لمَّا مات النَّجاشيُّ، كنَّا نَتحدَّثُ أنَّه لا يَزالُ يُرى على قَبرِه نورٌ.
خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات، إلا أن فيه عنعنة ابن إسحاق
الراوي : محمد بن مسلم بن شهاب الزهري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سير أعلام النبلاء
الصفحة أو الرقم : 1/429
التصنيف الموضوعي: أقضية وأحكام - نهي الحاكم عن الرشوة مناقب وفضائل - النجاشي وأصحابه
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

231 - شَهِدتُ يومًا خُطبةً لسَمُرةَ بنِ جُندُبٍ، فذَكَرَ في خُطبتِه حديثًا عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال: بيْنا أنا وغُلامٌ مِن الأنصارِ نَرمي في غَرَضَينِ لنا على عَهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتى إذا كانتِ الشَّمسُ قِيدَ رُمحَينِ أو ثلاثةٍ في عَينِ النَّاظرِ، اسوَدَّتْ حتى آضَتْ كأنَّها تَنُّومةٌ ، قال: فقال أحَدُنا لصاحِبِه: انطلِقْ بنا إلى المسجدِ، فواللهِ لَيُحْدِثَنَّ شَأنُ هذه الشَّمسِ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أُمَّتِه حَدَثًا، قال: فدَفَعْنا إلى المسجدِ، فإذا هو بأَزَزٍ ، قال: ووافَقْنا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حين خَرَجَ إلى النَّاسِ، فاستَقدَمَ فقام بنا كأطوَلِ ما قام بنا في صَلاةٍ قَطُّ، لا نَسمَعُ له صَوتًا، ثُمَّ رَكَعَ كأطوَلِ ما رَكَعَ بنا في صَلاةٍ قَطُّ، لا نَسمَعُ له صَوتًا، ثُمَّ سَجَدَ بنا كأطوَلِ ما سَجَدَ بنا في صَلاةٍ قَطُّ، لا نَسمَعُ له صَوتًا، ثُمَّ فَعَلَ في الرَّكعةِ الثَّانيةِ مِثلَ ذلك، فوافَقَ تَجلِّي الشَّمسِ جُلوسَه في الرَّكعةِ الثَّانيةِ، قال زُهَيرٌ: حَسِبتُه قال: فسَلَّمَ، فحَمِدَ اللهَ، وأثْنى عليه، وشَهِدَ أنَّه عبدُ اللهِ ورسولُه، ثُمَّ قال: أيُّها النَّاسُ، أَنشُدُكم باللهِ إنْ كنتم تَعلَمونَ أنِّي قَصَّرتُ عن شيءٍ مِن تَبليغِ رِسالاتِ ربِّي لَمَا أخبَرتُموني ذاك، فبَلَّغتُ رِسالاتِ ربِّي كما يَنبَغي لها أنْ تُبلَّغَ، وإنْ كنتم تَعلَمونَ أنِّي بَلَّغتُ رِسالاتِ ربِّي لَمَا أخبَرتُموني ذاك، قال: فقام رِجالٌ، فقالوا: نَشهَدُ أنَّكَ قد بَلَّغتَ رِسالاتِ ربِّكَ، ونَصَحتَ لأُمَّتِكَ، وقَضَيتَ الذي عليك، ثُمَّ سَكَتوا، ثُمَّ قال: أمَّا بعدُ، فإنَّ رِجالًا يَزعُمونَ أنَّ كُسوفَ هذه الشَّمسِ، وكُسوفَ هذا القَمرِ، وزَوالَ هذه النُّجومِ عن مَطالِعِها لمَوتِ رِجالٍ عُظَماءَ مِن أهلِ الأرضِ، وإنَّهم قد كَذَبوا، ولكنَّها آياتٌ مِن آياتِ اللهِ يَعتبِرُ بها عِبادُه، فيَنظُرُ مَن يُحدِثُ له منهم تَوبةً، وايْمُ اللهِ ، لقد رَأَيتُ منذ قُمتُ أُصلِّي ما أنتم لاقونَ في أمْرِ دُنْياكم وآخِرتِكم، وإنَّه واللهِ لا تَقومُ السَّاعةُ حتى يَخرُجَ ثلاثونَ كذَّابًا آخِرُهم الأعوَرُ الدَّجَّالُ، مَمسوحُ العَينِ اليُسرى كأنَّها عَينُ أبي تِحْيَى -لشَيخٍ حينئذ مِن الأنصار بيْنَه وبيْنَ حُجرةِ عائشةَ- وإنَّه متى يَخرُجْ، -أو قال: متى ما يَخرُجْ- فإنَّه سوف يَزعُمُ أنَّه اللهُ، فمَن آمَنَ به وصَدَّقَه واتَّبَعَه ، لم يَنفَعْه صالحٌ مِن عملِه سَلَفَ، ومَن كَفَرَ به وكَذَّبَه لم يُعاقَبْ بشيءٍ مِن عملِه. وقال حَسنٌ الأشيَبُ: بسَيِّئٍ مِن عملِه سَلَفَ، وإنَّه سيَظهَرُ -أو قال: سوف يَظهَرُ- على الأرضِ كلِّها، إلَّا الحَرَمَ، وبَيتَ المَقدِسِ، وإنَّه يَحصُرُ المؤمنينَ في بَيتِ المَقدِسِ، فيُزَلزَلونَ زِلزالًا شَديدًا، ثُمَّ يُهلِكُه اللهُ وجُنودَه، حتى إنَّ جِذْمَ الحائطِ -أو قال: أصلَ الحائطِ، وقال حَسنٌ الأشيَبُ: وأصلَ الشَّجرةِ- ليُنادي -أو قال: يقولُ-: يا مؤمنُ، -أو قال: يا مُسلِمُ-، هذا يهوديٌّ -أو قال: هذا كافرٌ- تَعالَ فاقتُلْه، قال: ولنْ يَكونَ ذلك كذلك حتى تَرَوْا أُمورًا يَتفاقَمُ شَأنُها في أنفُسِكم، وتَساءَلونَ بيْنَكم: هل كان نَبيُّكم ذَكَرَ لكم منها ذِكرًا؟ وحتى تَزولَ جِبالٌ على مَراتبِها، ثُمَّ على أثرِ ذلك القَبضُ. قال: ثُمَّ شَهِدتُ خُطبةً لسَمُرةَ ذَكَرَ فيها هذا الحديثَ، فما قَدَّمَ كَلِمةً ولا أخَّرَها عن مَوضعِها.

232 - عن عائشةَ زوجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ قال لها أهلُ الإفكِ ما قالوا فبرَّأها اللهُ منه قال الزُّهريُّ : وكلُّهم حدَّثني طائفةً مِن حديثِها وبعضُهم أوعى مِن بعضٍ وأثبَتُ له اقتصاصًا وقد وعَيْتُ عن كلِّ واحدٍ منهم الحديثَ الَّذي حدَّثني عن عائشةَ وبعضُ حديثِهم يُصدِّقُ بعضًا زعَموا أنَّ عائشةَ رضِي اللهُ عنها قالت : كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا أراد أنْ يخرُجَ سفَرًا أقرَع بَيْنَ أزواجِه فأيَّتُهنَّ خرَج سهمُها خرَج بها معه فأقرَع بَيْنَنا في غَزاةٍ غزاها فخرَج سهمي فخرَجْتُ معه بعدَما أُنزِل الحجابُ وأنا أُحمَلُ في هَوْدجي وأنزِلُ فيه فسِرْنا حتَّى إذا فرَغ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن غزوتِه تلك قفَل ودنَوْنا مِن المدينةِ فآذَن ليلةً بالرَّحيلِ فقُمْتُ فمشَيْتُ حتَّى جاوَزْتُ الجيشَ فلمَّا قضَيْتُ شأني أقبَلْتُ إلى الرَّحْلِ فلمَسْتُ صدري فإذا عِقْدٌ لي مِن جَزْعِ أظفارٍ قدِ انقطَع فرجَعْتُ فالتمَسْتُ عِقدي فحبَسني ابتغاؤُه فأقبَل الَّذينَ يرحَلونَ بي فاحتمَلوا هَوْدجي فرحَلوه على بعيري الَّذي كُنْتُ أركَبُ وهم يحسَبونَ أنِّي فيه وكان النِّساءُ إذ ذاكَ خِفافًا لَمْ يثقُلْنَ ولَمْ يغشَهنَّ اللَّحمُ وإنَّما يأكُلْنَ العُلقةَ مِن الطَّعامِ فلَمْ يستنكِرِ القومُ حينَ رفَعوه ثِقَلَ الهَوْدجِ فاحتمَلوه وكُنْتُ جاريةً حديثةَ السِّنِّ فبعَثوا الجمَلَ وساروا فوجَدْتُ عِقدي بعدَما استمرَّ الجيشُ فجِئْتُ منزِلَهم وليس فيه أحَدٌ فأقمَتْ منزِلي الَّذي كُنْتُ به وظنَنْتُ أنَّهم سيفقِدوني فيرجِعونَ إلَيَّ فبَيْنا أنا جالسةٌ غلَبَتْني عينايَ فنِمْتُ وكان صفوانُ بنُ المعطَّلِ السُّلَميُّ ثمَّ الذَّكوانيُّ مِن وراءِ الجيشِ فأصبَح عندَ منزلي فرأى سوادَ إنسانٍ نائمٍ وكان يراني قبْلَ الحجابِ فاستيقَظْتُ باسترجاعِه حينَ عرَفني فخمَّرْتُ وجهي بجِلْبابي واللهِ ما تكلَّمْتُ بكلمةٍ ولا سمِعْتُ منه كلمةً غيرَ استرجاعِه حتَّى أناخ راحلتَه فوطِئ يدَها فركِبْتُها فانطلَق يقودُ بي الرَّاحلةَ حتَّى أتَيْنا الجيشَ بعدَما نزَلوا معرِّسينَ في نحرِ الظَّهيرةِ فهلَك مَن هلَك وكان الَّذي تولَّى كِبْرَ الإفكِ عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ ابنُ سَلولٍ فقدِمْنا المدينةَ فاشتكَيْتُ بها شهرًا والنَّاسُ يُفيضونَ في قولِ أصحابِ الإفكِ ويَريبني في وجَعي أنِّي لا أرى مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم اللُّطْفَ الَّذي كُنْتُ أرى منه حينَ أمرَضُ إنَّما يدخُلُ فيُسلِّمُ ثمَّ يقولُ : ( كيفَ تِيكُمْ ) ؟ ولا أشعُرُ بشيءٍ مِن ذلك حتَّى نقِهْتُ فخرَجْتُ أنا وأمُّ مِسطَحٍ بنتُ أبي رُهْمٍ قِبَلَ المَناصِعِ وكان مُتبرَّزَنا لا نخرُجُ إلَّا ليلًا إلى ليلٍ وذلكَ قبْلَ أنْ نتَّخِذَ الكُنُفَ قريبًا مِن بيوتِنا وأمرُنا أمرُ العرَبِ الأُوَلِ في البَرِّيَّةِ أو في التَّبرُّزِ فأقبَلْتُ أنا وأمُّ مِسطَحٍ بنتُ أبي رُهْمٍ نمشي فعثَرَتْ في مِرْطِها فقالت : تعِس مِسطَحٌ فقُلْتُ : بِئس ما قُلْتِ أتسُبُّينَ رجُلًا شهِد بدرًا ؟ فقالت : يا هَنْتاه ألَمْ تسمَعي ما قالوا ؟ فأخبَرَتْني بما يقولُ أهلُ الإفكِ فازدَدْتُ مرَضًا على مرضٍ فلمَّا رجَعْتُ إلى بيتي دخَل علَيَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : ( كيف تِيكم ) ؟ فقُلْتُ : ائذَنْ لي آتي أبويَّ قالت : وأنا حينَئذٍ أُريدُ أنْ أستيقِنَ الخبَرَ مِن قِبَلِهما فأذِن لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأتَيْتُ أبويَّ فقُلْتُ لِأُمِّي : ما يتحدَّثُ به النَّاسُ ؟ فقالت : يا بُنيَّةُ هوِّني على نفسِك الشَّأنَ فواللهِ لقلَّما كانتِ امرأةٌ قطُّ وضيئةٌ عندَ رجُلٍ يُحِبُّها ولها ضرائرُ إلَّا أكثَرْنَ عليها فقُلْتُ : سُبحانَ اللهِ لقد تحدَّث النَّاسُ بهذا ؟ قالت : نَعم فبِتُّ تلكَ اللَّيلةَ حتَّى أصبَحْتُ لا يرقَأُ لي دَمْعٌ ولا أكتحِلُ بنومٍ ثمَّ أصبَحْتُ فدعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم علِيَّ بنَ أبي طالبٍ وأُسامةَ بنَ زيدٍ حينَ استَلْبَث الوحيُ يستشيرُهما في فِراقِ أهلِه فأمَّا أُسامةُ فأشار عليه بالَّذي يعلَمُ في نفسِه مِن الوُدِّ لهم فقال : أهلُك يا رسولَ اللهِ ولا نعلَمُ واللهِ إلَّا خيرًا وأمَّا علِيٌّ فقال : يا رسولَ اللهِ لَمْ يُضيِّقِ اللهُ عليكَ والنِّساءُ سواها كثيرٌ وسَلِ الجاريةَ تصدُقْكَ فدعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَريرةَ فقال : ( يا بَريرةُ هل رأَيْتِ فيها شيئًا ما يريبُكِ ) ؟ فقالت : لا والَّذي بعَثكَ بالحقِّ إنْ رأَيْتُ منها أمرًا أغمِصُه عليها أكثَرَ مِن أنَّها جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ تنامُ عنِ العجينِ فتأتي الدَّاجنُ فتأكُلُه فقام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن يومِه فاستعذَر مِن عبدِ اللهِ بنِ أُبَيٍّ ابنِ سَلولٍ فقال : ( مَن يعذِرُني مِن رجُلٍ بلَغ أذاه في أهلي وواللهِ ما علِمْتُ على أهلي إلَّا خيرًا وقد ذكَروا رجُلًا ما علِمْتُ عليه إلَّا خيرًا وما كان يدخُلُ على أهلي إلَّا معي ) فقام سعدُ بنُ مُعاذٍ فقال : يا رسولَ اللهِ وأنا واللهِ أعذِرُك منه إنْ كان مِن الأوسِ ضرَبْنا عُنُقَه وإنْ كان مِن إخوانِنا مِن الخَزرجِ أمَرْتَنا ففعَلْنا فيه أمرَك فقام سعدُ بنُ عُبادةَ وكان قبْلَ ذلكَ رجُلًا صالِحًا ولكِنِ احتمَلَتْه الحَميَّةُ فقال : كذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لا تقتُلُه ولا تقدِرُ على ذلكَ فقام أُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ فقال كذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لَنقتُلَنَّه فإنَّكَ مُنافِقٌ تُجادِلُ عنِ المُنافِقينَ فثار الحيَّانِ الأوسُ والخَزرجُ حتَّى همُّوا ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على المِنبَرِ فجعَل يُخفِّضُهم حتَّى سكَتوا ومكَثْتُ يومي لا يرقَأُ لي دمعٌ ولا أكتحِلُ بنومٍ فأصبَح عندي أبواي وقد بكَيْتُ ليلتي ويومي حتَّى أظُنَّ أنَّ البكاءَ فالِقٌ كبِدي قالت : فبَيْنا هما جالسانِ عندي وأنا أبكي إذِ استأذَنَتِ امرأةٌ مِن الأنصارِ فأذِنْتُ لها فجلَسَتْ تبكي معي فبَيْنا نحنُ كذلك إذ دخَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فجلَس ولَمْ يجلِسْ عندي مِن يومِ قيل لي ما قيل قبْلَها وقد مكَث شهرًا لا يُوحَى إليه في شأني شيءٌ قالت : فتشهَّد ثمَّ قال : ( يا عائشةُ أمَّا بعدُ فإنَّه قد بلَغني عنكِ كذا وكذا فإنْ كُنْتِ بريئةً فسيُبرِّئُكِ اللهُ وإنْ كُنْتِ ألمَمْتِ فاستغفِري اللهَ وتُوبي إليه فإنَّ العبدَ إذا اعترَف بذَنبِه ثمَّ تاب تاب اللهُ عليه ) فلمَّا قضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مقالتَه قلَص دمعي حتَّى ما أُحِسُّ منه بقَطرةٍ وقُلْتُ لِأَبي : أجِبْ عنِّي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : واللهِ ما أدري ما أقولُ لِرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ لِأمِّي : أجيبي عنِّي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيما قال قالت : واللهِ ما أدري ما أقولُ لِرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قالت : وأنا جاريةٌ حديثةُ السِّنِّ لا أقرَأُ كثيرًا مِن القُرآنِ فقُلْتُ : إي واللهِ لقد علِمْتُ أنَّكم سمِعْتُم ما تحدَّث النَّاسُ ووقَر في أنفسِكم وصدَّقْتُم به ولئِنْ قُلْتُ لكم : إنِّي بريئةٌ واللهُ يعلَمُ أنِّي بريئةٌ ـ لا تُصدِّقوني بذلكَ وإنِ اعترَفْتُ لكم بأمرٍ ـ واللهُ يعلَمُ أنِّي بريئةٌ ـ لَتُصدِّقُنِّي واللهِ ما أجِدُ لي ولكم مَثَلًا إلَّا أبا يوسُفَ إذ قال : {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} [يوسف: 18] ثمَّ تحوَّلْتُ على فِراشي وأنا أرجو أنْ يُبرِّئَني اللهُ ولكِنْ واللهِ ما ظنَنْتُ أنْ ينزِلَ في شأني وحيٌ ولَأنا أحقَرُ في نفسي مِن أنْ يُتكلَّمَ بالقُرآنِ في أمري ولكنِّي كُنْتُ أرجو أنْ يرى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في النَّومِ رؤيا تُبرِّئُني فواللهِ ما رام في مجلسِه ولا خرَج أحَدٌ مِن البيتِ حتَّى أُنزِل عليه فأخَذه ما كان يأخُذُه مِن البُّرَحاءِ حتَّى إنَّه لَينحدِرُ منه مِثلُ الجُمَانِ مِن العَرَقِ في يومٍ شاتٍ فلمَّا سُرِّي عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يضحَكُ فكان أوَّلَ كلمةٍ تكلَّم بها أنْ قال : ( يا عائشةُ احمَدي اللهَ فقد برَّأكِ اللهُ ) فقالت لي أُمِّي : قومي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ : لا واللهِ لا أقومُ إليه ولا أحمَدُ إلَّا اللهَ فأنزَل اللهُ تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] الآياتِ فلمَّا أنزَل اللهُ هذا في براءتي قال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضِي اللهُ عنه وكان يُنفِقُ على مِسطَحٍ لقَرابتِه منه : واللهِ لا أُنفِقُ على مِسطَحٍ شيئًا أبدًا بعدَما قال لِعائشةَ فأنزَل اللهُ : {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} [النور: 22] إلى قولِه : {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22] فقال أبو بكرٍ : واللهِ إنِّي لَأُحِبُّ أنْ يغفِرَ اللهُ لي فرجَع إلى مِسطَحٍ بالَّذي كان يُجري عليه وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سأَل زينبَ بنتَ جَحْشٍ عن أمري فقالت : يا رسولَ اللهِ [ أحمي ] سَمْعي وبصَري وكانت تُساميني فعصَمها اللهُ بالوَرَعِ

233 - لم أتخلَّفْ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةٍ غزاها حتَّى كانت غزوةُ تبوكَ إلَّا بدر، ولم يُعاتِبِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحدًا تخلَّف عن بدرٍ إنَّما خرَج النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُريدُ العيرَ وخرَجَت قريشٌ مُغيثينَ لعيرِهم فالتقَوا على غيرِ موعدٍ كما قال اللهُ ولعَمْري إنَّ أشرفَ مشاهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في النَّاسِ لَبدرٌ وما أُحِبُّ أنِّي كُنْتُ شهِدْتُها مكانَ بيعتي ليلةَ العَقبةِ حينَ تواثَقْنا على الإسلامِ ولم أتخلَّفْ بعدُ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةٍ غزاها حتَّى كانت غزوةُ تبوكَ وهي آخِرُ غزوةٍ غزاها، آذَن النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم [ النَّاسَ ] بالرَّحيلِ وأراد أنْ يتأهَّبوا أُهبةَ غزوِهم وذلك حين طاب الظِّلالُ وطابتِ الثِّمارُ وكان قلَّما أراد غزوةً إلَّا ورَّى غيرَها وكان يقولُ: ( الحربُ خَدْعةٌ ) فأراد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غزوةِ تبوكَ أنْ يتأهَّبَ النَّاسُ أُهبَتَه وأنا أيسَرُ ما كُنْتُ قد جمَعْتُ راحلتينِ لي فلم أزَلْ كذلك حتَّى قام النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غاديًا بالغداةِ وذلك يومَ الخميسِ ـ وكان يُحِبُّ أنْ يخرُجَ يومَ الخميسِ ـ فأصبَح غاديًا فقُلْتُ: أنطلِقُ إلى السُّوقِ وأشتري جَهازي ثمَّ ألحَقُ بها فانطلَقْتُ إلى السُّوقِ مِن الغدِ فعسُر علَيَّ بعضُ شأني فرجَعْتُ فقُلْتُ: أرجِعُ غدًا إنْ شاء اللهُ فألحَقُ بهم فعسُر علَيَّ بعضُ شأني أيضًا فلم أزَلْ كذلك حتَّى لبَّس بي الذَّنبُ وتخلَّفْتُ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فجعَلْتُ أمشي في الأسواقِ وأطرافِ المدنيةِ فيُحزِنُني ألَّا أرى أحدًا تخلَّف عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا رجلًا مغموصًا عليه في النِّفاقِ وكان ليس أحدٌ تخلَّف إلَّا أرى ذلك سيَخفى له وكان النَّاسُ كثيرًا لا يجمَعُهم ديوانٌ وكان جميعُ مَن تخلَّف عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بضعةً وثمانينَ رجلًا ولم يذكُرْني النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى بلَغ تبوكًا فلمَّا بلَغ تبوكًا قال: ( ما فعَل كعبُ بنُ مالكٍ ) ؟ فقال رجلٌ مِن قومي: خلَّفه يا رسولَ اللهِ بُرداهُ والنَّظرُ في عِطْفَيه فقال معاذُ بنُ جبلٍ: بئس ما قُلْتَ واللهِ يا نبيَّ اللهِ ما نعلَمُ إلَّا خيرًا قال: فبَيْنا هم كذلك إذا رجلٌ يزولُ به السَّرابُ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( كُنْ أبا خَيثمةَ ) فإذا هو أبو خَيثمةَ فلمَّا قضى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غزوةَ تبوكٍ وقفَل ودنا مِن المدينةِ جعَلْتُ أتذكَّرُ ماذا أخرُجُ به مِن سخَطِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأستعينُ على ذلك بكلِّ ذي رأيٍ مِن أهلِ بيتي حتَّى إذا قيل: النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُصبِّحُكم بالغداةِ راح عنِّي الباطلُ وعرَفْتُ أنِّي لا أنجو إلَّا بالصِّدْقِ فدخَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضُحًى فصلَّى في المسجدِ ركعتينِ ـ وكان إذا قدِم مِن سفرٍ فعَل ذلك: دخَل المسجدَ فصلَّى فيه ركعتينِ ثمَّ جلَس ـ فجعَل يأتيه مَن تخلَّف فيحلِفون له ويعتذِرون إليه فيستغفرُ لهم ويقبَلُ علانيتَهم ويكِلُ سرائرَهم إلى اللهِ فدخَلْتُ المسجدَ فإذا هو جالسٌ فلمَّا رآني تبسَّم تبسُّمَ المُغضَبِ فجِئْتُ فجلَسْتُ بينَ يدَيهِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ألم تكُنِ ابتَعْتَ ظَهرًا ) ؟ قُلْتُ: بلى يا نبيَّ اللهِ فقال ( ما خلَّفك عنِّي ) ؟ فقُلْتُ: واللهِ لو بينَ يدَيْ أحَدٍ مِن النَّاسِ غيرِك جلَسْتُ لخرَجْتُ مِن سخَطِه عليَّ بعُذْرٍ ولقد أوتيتُ جدَلًا ولكنِّي قد علِمْتُ ـ يا نبيَّ اللهِ ـ أنِّي إنْ حدَّثْتُك اليومَ بقولٍ تجِدُ عليَّ فيه وهو حقٌّ فإنِّي أرجو فيه عقبى اللهِ وإنْ حدَّثْتُك اليومَ بحديثٍ ترضى عنِّي فيه وهو كذِبٌ أوشَك أنْ يُطلِعَك اللهُ علَيَّ واللهِ يا نبيَّ اللهِ ما كُنْتُ قطُّ أيسَرَ ولا أخفَّ حاذًا منِّي حيثُ تخلَّفْتُ عليك فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أمَّا هذا فقد صدَقكم الحديثَ قُمْ حتَّى يقضيَ اللهُ فيك) فقُمْتُ فثار على أثري ناسٌ مِن قومي يؤنِّبونَني فقالوا: واللهِ ما نعلَمُك أذنَبْتَ ذنبًا قطُّ قبْلَ هذا فهلَّا اعتذَرْتَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعُذْرٍ يرضاه عنك فيه وكان استغفارُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سيأتي مِن وراءِ ذلك ولم تقِفْ موقفًا لا ندري ماذا يُقضى لك فيه فلم يزالوا يؤنِّبونَني حتَّى همَمْتُ أنْ أرجِعَ فأُكذِّبَ نفسي فقُلْتُ: هل قال هذا القولَ أحدٌ غيري ؟ قالوا: نَعم قاله هلالُ بنُ أُميَّةَ ومُرارةُ بنُ ربيعةَ فذكَروا رجلينِ صالحينِ شهِدا بدرًا لي فيهما أُسوةٌ فقُلْتُ: واللهِ لا أرجِعُ إليه في هذا أبدًا ولا أُكذِّبُ نفسي ونهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن كلامِنا أيُّها الثَّلاثةُ فجعَلْتُ أخرُجُ إلى السُّوقِ ولا يُكلِّمُني أحدٌ وتنكَّر لنا النَّاسُ حتَّى ما هم بالَّذينَ نعرِفُ وتنكَّر لنا الحيطانُ حتَّى ما هي بالحيطانِ الَّتي نعرِفُ وتنكَّرَت لنا الأرضُ حتَّى ما هي بالأرضِ الَّتي نعرِفُ وكُنْتُ أقوى أصحابي فكُنْتُ أخرُجُ فأطوفُ في الأسواقِ فآتي المسجدَ وآتي النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فأُسلِّمُ عليه وأقولُ: هل حرَّك شفَتَيهِ بالسَّلامِ فإذا قُمْتُ أُصلِّي إلى ساريةٍ وأقبَلْتُ على صلاتي نظَر إليَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمؤخِرِ عينَيْه وإذا نظَرْتُ إليه أعرَض عنِّي واشتكى صاحباي فجعَلا يبكيانِ اللَّيلَ والنَّهارَ ولا يُطلِعانِ رؤوسَهما قال: فبَيْنا أنا أطوفُ في الأسواقِ إذا رجلٌ نصرانيٌّ قد جاء بطعامٍ له يبيعُه يقولُ: مَن يدُلُّ على كعبِ بنِ مالكٍ فطفِق النَّاسُ يُشيرونَ له إليَّ فأتاني وأتى بصحيفةٍ مِن ملِكِ غسَّانَ فإذا فيها: أمَّا بعدُ فإنَّه بلَغني أنَّ صاحبَك قد جفاك وأقصاك ولسْتَ بدارِ هوانٍ ولا مَضيعةٍ فالحَقْ بنا نواسِكَ فقُلْتُ: هذا أيضًا مِن البلاءِ فسجَرْتُ لها التَّنُّورَ فأحرَقْتُها فيه فلمَّا مضَت أربعونَ ليلةً إذا رسولٌ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أتاني فقال: اعتزِلِ امرأتَك فقُلْتُ: أُطلِّقُها ؟ قال: لا ولكنْ لا تقرَبْها فجاءَتِ امرأةُ هلالِ بنِ أميَّةَ فقالت: يا نبيَّ اللهِ إنَّ هلالَ بنَ أميَّةَ شيخٌ ضعيفٌ فهل تأذَنُ لي أنْ أخدُمَه قال: ( نَعم ولكنْ لا يقرَبَنَّكِ ) قالت: يا نبيَّ اللهِ ما به حركةٌ لشيءٍ ما زال متَّكئًا يبكي اللَّيلَ والنَّهارَ مُذْ كان مِن أمرِه ما كان قال كعبٌ: فلمَّا طال علَيَّ البلاءُ اقتحَمْتُ على أبي قتادةَ حائطَه ـ وهو ابنُ عمِّي ـ فسلَّمْتُ عليه فلم يرُدَّ علَيَّ فقُلْتُ: أنشُدُكَ اللهَ يا أبا قتادةَ أتعلَمُ أنِّي أحب الله ورسوله ؟ فسكَت فقُلْتُ: أنشُدُك اللهَ يا أبا قتادةَ أتعلَمُ أنِّي أُحِبُّ اللهَ ورسولَه ؟ فسكَت فقُلْتُ: أنشُدُك اللهَ يا أبا قتادةَ أتعلَمُ أنِّي أُحِبُّ اللهَ ورسولَه فقال: اللهُ ورسولُه أعلَمُ قال: فلم أملِكْ نفسي أنْ بكَيْتُ ثمَّ اقتحَمْتُ الحائطَ خارجًا حتَّى إذا مضَتْ خمسونَ ليلةً مِن حينِ نهى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن كلامِنا صلَّيْتُ على ظهرِ بيتٍ لنا صلاةَ الفجرِ وأنا في المنزلةِ الَّتي قال اللهُ: قد ضاقَت علينا الأرضُ بما رحُبَت وضاقت علينا أنفسُنا إذ سمِعْتُ نداءً مِن ذِروةِ سَلْعٍ أنْ أبشِرْ يا كعبُ بنَ مالكٍ فخرجت ساجدًا وعرَفْتُ أنَّ اللهَ قد جاءنا بالفرَجِ ثمَّ جاء رجلٌ يركُضُ على فرسٍ يُبشِّرُني فكان الصَّوتُ أسرَعَ مِن فرسِه فأعطَيْتُه ثوبيَّ بشارةً ولبِسْتُ ثوبينِ آخَرينِ وكانت توبتُنا نزَلت على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ثُلُثَ اللَّيلِ فقالت أمُّ سلَمةَ: يا نبيَّ اللهِ ألا نُبشِّرُ كعبَ بنَ مالكٍ فقال: ( إذًا يحطِمُكم النَّاسُ ويمَنعونَكم النَّومَ سائرَ اللَّيلةِ ) قال: وكانت أمُّ سلَمةَ محسنةً في شأني تُخبِرُني بأمري فانطلَقْتُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فإذا هو جالسٌ في المسجدِ وحولَه المسلمونَ وهو يستنيرُ كاستنارِ القمرِ وكان إذا سُرَّ بالأمرِ استنار فجِئْتُ فجلَسْتُ بينَ يدَيْهِ فقال: ( يا كعبُ بنَ مالكٍ أبشِرْ بخيرِ يومٍ أتى عليك منذُ ولدَتْك أمُّك ) قال: فقُلْتُ: يا نبيَّ اللهِ أمِن عندِ اللهِ أم مِن عندِك ؟ قال: ( بل مِن عندِ اللهِ ) ثمَّ تلا عليهم: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} [التوبة: 117] حتَّى بلَغ {هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة: 118] قال: وفينا نزَلت {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119] قال: فقُلْتُ: يا نبيَّ اللهِ إنَّ مِن توبتي أنِّي لا أُحدِّثُ إلَّا صدقًا وأنْ أنخلَعَ مِن مالي كلِّه صدقةً إلى اللهِ وإلى رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال ( أمسِكْ عليك بعضَ مالِك فهو خيرٌ لك ) قال: فقُلْتُ: فإنِّي أُمسِكُ سهمي الَّذي بخيبرَ قال: فما أنعَمَ اللهُ علَيَّ مِن نعمةٍ بعدَ الإسلامِ أعظَمَ في نفسي مِن صدقي رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينَ صدَقْتُه أنا وصاحباي ألَّا نكونَ كذَبْنا فهلَكْنا كما هلَكوا، وما تعمَّدْتُ لكذبةٍ بعدُ وإنِّي لأرجو أنْ يحفَظَني اللهُ فيما بقي قال الزُّهريُّ: فهذا ما انتهى إلينا مِن حديثِ كعبِ بنِ مالكٍ

234 - أنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه قال للهُرمُزانِ: أمَا إذ فُتَّني بنفسِك فانصَحْ لي وذلك أنَّه قال له: تكلَّم لا بأسَ، فأمَّنه، فقال الهُرمُزانُ: نَعم، إنَّ فارسَ اليومَ رأسٌ وجَناحانِ قال: فأين الرَّأسُ قال: بنَهَاوَنْدَ مع بنذاذقانَ فإنَّ معه أَساورةَ كسرى وأهلَ أصفهانَ قال: فأين الجَناحانِ فذكَر الهُرمُزانُ مكانًا نسيتُه فقال الهُرمزانُ: فاقطَعِ الجَناحينِ توهِنِ الرَّأسَ فقال له عمرُ رضوانُ اللهِ عليه: كذَبْتَ يا عدوَّ اللهِ، بل أعمِدُ إلى الرَّأسِ فيقطَعُه اللهُ وإذا قطَعه اللهُ عنِّي انفضَّ عنِّي الجَناحانِ فأراد عمرُ أنْ يسيرَ إليه بنفسِه فقالوا: نُذكِّرُك اللهَ يا أميرَ المؤمنينَ أنْ تسيرَ بنفسِك إلى العَجمِ فإنْ أُصِبْتَ بها لم يكُنْ للمسلمينَ نظامٌ ولكنِ ابعَثِ الجنودَ قال: فبعَث أهلَ المدينةِ وبعَث فيهم عبدَ اللهِ بنَ عمرَ بنِ الخطَّابِ وبعَث المُهاجرين والأنصارَ وكتَب إلى أبي موسى الأشعريِّ: أنْ سِرْ بأهلِ البَصرةِ وكتَب إلى حُذيفةَ بنِ اليَمانِ: أنْ سِرْ بأهلِ الكوفةِ حتَّى تجتمعوا جميعًا بنَهاوَنْدَ فإذا اجتمَعْتُم فأميرُكم النُّعمانُ بنُ مُقرِّنٍ المُزنيُّ قال: فلمَّا اجتمَعوا بنَهَاوَنْدَ جميعًا أرسَل إليهم بنذاذقانُ العِلْجُ: أنْ أرسِلوا إلينا يا معشرَ العربِ رجلًا منكم نُكلِّمْه فاختار النَّاسُ المغيرةَ بنَ شُعبةَ قال أبي: فكأنِّي أنظُرُ إليه، رجلٌ طويلٌ، أشعَرُ أعورُ فأتاه فلمَّا رجَع إلينا سأَلْناه فقال لنا: إنِّي وجَدْتُ العِلْجَ قد استشار أصحابَه: في أيِّ شيءٍ تأذَنون لهذا العربيِّ أَبِشَارَتِنا وبهجتِنا ومُلكِنا أو نتقشَّفُ له فنُزهِّدُه عمَّا في أيدينا فقالوا: بل نأذَنُ له بأفضلِ ما يكونُ مِن الشَّارةِ والعُدَّةِ فلمَّا أتَيْتُهم رأَيْتُ تلك الحِرابَ والدَّرَقَ يلتَمِعُ معه البصرُ ورأَيْتُهم قيامًا على رأسِه وإذا هو على سريرٍ مِن ذهبٍ وعلى رأسِه التَّاجُ فمضَيْتُ كما أنا ونكَسْتُ رأسي لأقعُدَ معه على السَّريرِ قال: فدُفِعْتُ ونُهِرْتُ فقُلْتُ: إنَّ الرُّسلَ لا يُفعَلُ بهم هذا فقالوا لي: إنَّما أنتَ كلبٌ أتقعُدُ مع الملِكِ ؟ فقُلْتُ: لَأنا أشرَفُ في قومي مِن هذا فيكم قال: فانتهَرني وقال: اجلِسْ فجلَسْتُ فتُرجِم لي قولُه فقال: يا معشرَ العربِ إنَّكم كُنْتُم أطولَ النَّاسِ جوعًا وأعظَمَ النَّاسِ شقاءً وأقذرَ النَّاسِ قذرًا وأبعدَ النَّاسِ دارًا وأبعدَه مِن كلِّ خيرٍ وما كان منَعني أنْ آمُرَ هؤلاءِ الأَساورةَ حولي أنْ ينتظِموكم بالنُّشَّابِ إلَّا تنجُّسًا بجيفِكم لأنَّكم أرجاسٌ فإنْ تذهَبوا نُخلِّي عنكم وإنْ تأبَوْا نُرِكم مصارعَكم قال المغيرةُ: فحمِدْتُ اللهَ وأثنَيْتُ عليه وقُلْتُ: واللهِ ما أخطَأْتَ مِن صِفتِنا ونعتِنا شيئًا إنْ كنَّا لَأبعدَ النَّاسِ دارًا وأشدَّ النَّاسِ جوعًا وأعظمَ النَّاسِ شقاءً وأبعدَ النَّاسِ مِن كلِّ خيرٍ حتَّى بعَث اللهُ إلينا رسولًا فوعَدَنا النَّصرَ في الدُّنيا والجنَّةَ في الآخرةِ فلم نزَلْ نتعرَّفُ مِن ربِّنا مُذْ جاءنا رسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الفَلْجَ والنَّصرَ حتَّى أتَيْناكم وإنَّا واللهِ نرى لكم مُلكًا وعيشًا لا نرجِعُ إلى ذلك الشَّقاءِ أبدًا حتَّى نغلِبَكم على ما في أيديكم أو نُقتَلَ في أرضِكم فقال: أمَّا الأعورُ فقد صدَقكم الَّذي في نفسِه فقُمْتُ مِن عندِه وقد واللهِ أرعَبْتُ العِلْجَ جُهدي فأرسَل إلينا العِلْجُ: إمَّا أنْ تعبُروا إلينا بنَهاوَنْدَ وإمَّا أنْ نعبُرَ إليكم فقال النُّعمانُ: اعبُروا، فعبَرْنا قال أبي: فلم أرَ كاليومِ قطُّ إنَّ العلوجَ يجيئون كأنَّهم جبالُ الحديدِ وقد تواثَقوا ألَّا يفِرُّوا مِن العربِ وقد قُرِن بعضُهم إلى بعضٍ حتَّى كان سبعةٌ في قِرانٍ وألقَوْا حَسَكَ الحديدِ خَلْفَهم وقالوا: مَن فرَّ منَّا عقَره حَسَكُ الحديدِ، فقال المغيرةُ بنُ شُعبةَ حينَ رأى كثرتَهم: لم أرَ كاليومِ فشَلًا، إنَّ عدوَّنا يُترَكون أنْ يتتامُّوا فلا يُعجَلوا أمَا واللهِ لو أنَّ الأمرَ إليَّ لقد أعجَلْتُهم به قال: وكان النُّعمانُ رجلًا بكَّاءً فقال: قد كان اللهُ جلَّ وعلا يُشهِدُك أمثالَها فلا يُخزيك ولا يُعرِّي موقفَك وإنَّه واللهِ ما منَعني أنْ أُناجِزَهم إلَّا لشيءٍ شهِدْتُه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان إذا غزا فلم يُقاتِلْ أوَّلَ النَّهارِ لم يعجَلْ حتَّى تحضُرَ الصَّلواتُ وتهُبَّ الأرواحُ ويطيبَ القتالُ ثمَّ قال النُّعمانُ: اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُك أنْ تُقِرَّ عيني اليومَ بفتحٍ يكونُ فيه عزُّ الإسلامِ وأهلِه وذلُّ الكفرِ وأهلِه ثمَّ اختِمْ لي على إثرِ ذلك بالشَّهادةِ ثمَّ قال: أمِّنوا يرحَمْكم اللهُ فأمَّنَّا وبكى وبكَيْنا ثمَّ قال النُّعمانُّ: إنِّي هازٌّ لوائي فتيسَّروا للسِّلاحِ ثمَّ هازُّه الثَّانيةَ فكونوا متيسِّرينَ لقتالِ عدوِّكم بإزائِهم فإذا هزَزْتُه الثَّالثةَ فلْيحمِلْ كلُّ قومٍ على مَن يليهم مِن عدوِّكم على بركةِ اللهِ قال: فلمَّا حضَرتِ الصَّلاةُ وهبَّتِ الأرواحُ كبَّر وكبَّرْنا وقال: ريحُ الفتحِ واللهِ إنْ شاء اللهُ وإنِّي لَأرجو أنْ يستجيبَ اللهُ لي وأنْ يفتَحَ علينا فهزَّ اللِّواءَ فتيسَّروا ثمَّ هزَّه الثَّانيةَ ثمَّ هزَّه الثَّالثةَ فحمَلْنا جميعًا كلُّ قومٍ على مَن يليهم وقال النُّعمانُ: إنْ أنا أُصِبْتُ فعلى النَّاسِ حُذيفةُ بنُ اليمانِ فإنْ أُصيب حُذيفةُ ففُلانٌ فإنْ أُصيب فلانٌ ففلانٌ حتَّى عدَّ سبعةً آخرُهم المغيرةُ بنُ شعبةَ قال أبي: فواللهِ ما علِمْتُ مِن المسلمينَ أحدًا يُحِبُّ أنْ يرجِعَ إلى أهلِه حتَّى يُقتَلَ أو يظفَرَ وثبَتوا لنا فلم نسمَعْ إلَّا وَقْعَ الحديدِ على الحديدِ حتَّى أُصيب في المسلمينَ مُصابةٌ عظيمةٌ فلمَّا رأَوْا صبرَنا ورأَوْنا لا نُريدُ أنْ نرجِعَ انهزَموا فجعَل يقَعُ الرَّجلُ فيقَعُ عليه سبعةٌ في قِرانٍ فيُقتَلون جيمعًا وجعَل يعقِرُهم حَسَكُ الحديدِ خَلْفَهم فقال النُّعمانُ: قدِّموا اللِّواءَ فجعَلْنا نُقدِّمُ اللِّواءَ فنقتُلُهم ونضرِبُهم فلمَّا رأى النُّعمانُ أنَّ اللهَ قد استجاب له ورأى الفتحَ جاءته نُشَّابةٌ فأصابت خاصرتَه فقتَلتْه فجاء أخوه مَعقِلُ بنُ مُقرِّنٍ فسجَّى عليه ثوبًا وأخَذ اللِّواءَ فتقدَّم به ثمَّ قال: تقدَّموا رحِمكم اللهُ فجعَلْنا نتقدَّمُ فنهزِمُهم ونقتُلُهم فلمَّا فرَغْنا واجتمَع النَّاسُ قالوا: أين الأميرُ ؟ فقال مَعقِلٌ: هذا أميرُكم قد أقرَّ اللهُ عينَه بالفتحِ وختَم له بالشَّهادةِ فبايَع النَّاسُ حُذيفةَ بنَ اليَمانِ قال: وكان عمرُ رضوانُ اللهِ عليه بالمدينةِ يدعو اللهَ وينتظرُ مثلَ صيحةِ الحُبْلى فكتَب حُذيفةُ إلى عمرَ بالفتحِ مع رجُلٍ مِن المسلمينَ فلمَّا قدِم عليه قال: أبشِرْ يا أميرَ المؤمنينَ بفتحٍ أعزَّ اللهُ فيه الإسلامَ وأهلَه وأذلَّ فيه الشِّرْكَ وأهلَه وقال: النُّعمانُ بعَثك ؟ قال: احتسِبِ النُّعمانَ يا أميرَ المؤمنينَ فبكى عمرُ واسترجَع قال: ومَن ويحَكَ ؟ فقال: فلانٌ وفلانٌ وفلانٌ حتَّى عدَّ ناسًا ثمَّ قال: وآخَرينَ يا أميرَ المؤمنين لا تعرِفُهم فقال عمرُ رضوانُ اللهِ عليه وهو يبكي: لا يضُرُّهم ألَّا يعرِفَهم عمرُ لكنَّ اللهَ يعرِفُهم

235 - أنَّ لَقيطًا خرَجَ وافِدًا إلى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومعه صاحِبٌ له، يُقالُ له: نَهيكُ بنُ عاصِمِ بنِ مالِكِ بنِ المُنتَفِقِ، قال لَقيطٌ: فخرَجتُ أنا وصاحِبي حتى قدِمْنا على رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لانسِلاخِ رَجَبٍ، فأتَيْنا رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فوافَيْناهُ حين انصرَفَ مِن صَلاةِ الغَداةِ، فقامَ في النَّاسِ خَطيبًا، فقال: أيُّها النَّاسُ، ألَا إنِّي قد خبَّأتُ لكم صَوتي منذُ أربعةِ أيَّامٍ، ألَا لَأُسمِعَنَّكم، ألَا فهل مِنِ امرئٍ بعَثَهُ قَومُهُ فقالوا: اعلَمْ لنا ما يَقولُ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ ألَا ثم لَعَلَّهُ أنْ يُلهيَهُ حَديثُ نَفْسِهِ، أو حَديثُ صاحِبِهِ، أو يُلهيَهُ، الضَّلالُ، ألَا إنِّي مَسؤولٌ، هل بلَّغتُ؟ ألَا اسمَعوا تَعيشوا، ألَا اجلِسوا، ألَا اجلِسوا. قال: فجلَسَ النَّاسُ، وقُمتُ أنا وصاحِبي حتى إذا فرَّغَ لنا فُؤادَهُ، وبَصَرَهُ، قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما عِندَكَ مِن عِلْمِ الغَيبِ؟ فضحِكَ لعَمْرُ اللهِ ، وهَزَّ رَأسَهُ، وعَلِمَ أنِّي أبتَغي لسَقَطِهِ، فقال: ضَنَّ رَبُّكَ عزَّ وجلَّ بمفاتيحَ خَمسٍ مِنَ الغَيبِ، لا يَعلَمُها إلَّا اللهُ. وأشارَ بِيَدِهِ، قُلتُ: وما هي؟ قال: عِلْمُ المَنيَّةِ ، قد علِمَ متى مَنيَّةُ أحدِكم، ولا تَعلمونَهُ، وعِلْمُ المَنيِّ، حين يَكونُ في الرَّحِمِ، قد علِمَهُ، ولا تَعلَمونَهُ، وعِلْمُ ما في غَدٍ، [قد علِمَ] ما أنتَ طاعِمٌ غَدًا، ولا تَعلَمُهُ، وعِلْمُ يَومِ الغَيثِ، يُشرِفُ عليكم آزلينَ آزلينَ مُشفِقينَ، فيَظَلُّ يَضحَكُ، قد علِمَ أنَّ غِيَرَكم إلى قُربٍ. قال لَقيطٌ: قُلتُ: لن نَعدَمَ مِن رَبٍّ يَضحَكُ خَيرًا. وعِلْمُ يَومِ السَّاعةِ. قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، عَلِّمْنا ممَّا تُعلِّمُ النَّاسَ، وما تَعلَمُ، فإنَّا مِن قَبيلٍ لا يُصدِّقُ تَصديقَنا أحدٌ مِن مَذحِجٍ التي تَربَأُ علينا، وخَثعَمٍ التي توالينا، وعَشيرَتِنا التي نحن منها. قال: تَلبَثون ما لبِثتُم، ثم يُتَوَفَّى نَبِيُّكم صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثم تَلبَثون ما لبِثتُم، ثم تُبعَثُ الصاَّئحةُ لعَمْرُ إلهِكَ ، ما تَدَعُ على ظَهرِها مِن شيءٍ إلَّا ماتَ، والملائكةُ الذين مع رَبِّكَ عزَّ وجلَّ، فأصبَحَ رَبُّكَ يَطوفُ في الأرضِ، وخلَتْ عليه البِلادُ، فأرسَلَ رَبُّكَ عزَّ وجلَّ السَّماءَ تَهضِبُ مِن عِندِ العَرشِ، فلعَمْرُ إلهِكَ ما تَدَعُ على ظَهرِها مِن مَصرَعِ قَتيلٍ، ولا مَدفَنِ مَيِّتٍ، إلَّا شقَّتِ القَبرَ عنه، حتى تَجعَلَهُ مِن عِندِ رَأسِهِ، فيَستَويَ جالِسًا، فيَقولَ رَبُّكَ: مَهيَمْ ، لمَا كان فيهِ، يَقولُ: يا رَبِّ، أمسِ، اليَومَ، ولَعَهْدُهُ بالحياةِ يَحسَبُهُ حَديثًا بأهلِهِ. فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، كيف يَجمَعُنا بَعدَما تُمَزِّقُنا الرِّياحُ والبِلى والسِّباعُ؟ قال: أُنبِئُكَ بمِثلِ ذلك في آلاءِ اللهِ، الأرضُ أشرَفتَ عليها وهي مَدَرةٌ باليةٌ، فقلتَ: لا تَحيا أبَدًا، ثم أرسَلَ رَبُّكَ عزَّ وجلَّ عليها السَّماءَ، فلم تَلبَثْ عليكَ إلَّا أيَّامًا حتى أشرَفتَ عليها وهي شَربةٌ واحِدةٌ، ولعَمْرُ إلهِكَ لهو أقدَرُ على أن يَجمَعَهم مِنَ الماءِ، على أنْ يَجمَعَ نَباتَ الأرضِ، فيَخرُجون مِنَ الأصواءِ، ومِن مَصارِعِهم ، فتَنظُرون إليهِ، ويَنظُرُ إليكم. قال: قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، كيف ونحن مِلءُ الأرضِ وهو شَخصٌ واحِدٌ، نَنظُرُ إليهِ ويَنظُرُ إلينا؟ قال: أُنبِئُكَ بمِثلِ ذلك في آلاءِ اللهِ عزَّ وجلَّ، الشَّمسُ والقَمرُ آيةٌ منهُ صَغيرةٌ تَرَوْنهما ويَرَيانِكم، ساعةً واحِدةً، لا تُضارُّون في رُؤيَتِهما، ولعَمْرُ إلهِكَ لهو أقدَرُ على أنْ يَراكم، وتَرَوْنهُ مِن أنْ تَرَوْنهما ويَرَيانِكم، لا تُضارُّونَ في رُؤيَتِهما. قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، فما يَفعَلُ بنا رَبُّنا عزَّ وجلَّ إذا لَقيناه؟ قال: تُعرَضون عليه باديةً له صَفَحاتُكم ، لا يَخفى عليه منكم خافيةٌ، فيَأخُذُ رَبُّكَ عزَّ وجلَّ بِيَدِهِ غَرفةً مِنَ الماءِ، فيَنضَحُ قَبيلَكم بها، فلعَمْرُ إلهِكَ ما تُخطئُ وَجْهَ أحدِكم منها قَطرَةٌ، فأمَّا المُسلِمُ فتَدَعُ وَجهَهُ مِثلَ الرَّيطةِ البَيضاءِ، وأمَّا الكافِرُ فتَخطِمُهُ بمِثلِ الحَميمِ الأسوَدِ، ألَا ثم يَنصَرِفُ نَبيُّكم صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويَفتَرِقُ على إثرِهِ الصَّالِحونَ، فيَسلُكون جِسْرًا مِنَ النَّارِ، فيَطَأُ أحدُكم الجَمرَ، فيَقولُ: حَسِّ؛ يَقولُ رَبُّكَ عزَّ وجلَّ: أوانُهُ. ألَا فتَطَّلِعون على حَوضِ الرَّسولِ على أظمَأِ، واللهِ، ناهِلةٍ عليها قَطُّ، ما رَأيتُها، فلعَمْرُ إلهِكَ ما يَبسُطُ واحِدٌ منكم يَدَهُ، إلَّا وقَعَ عليها قَدَحٌ يُطهِّرُهُ مِنَ الطَّوفِ ، والبَولِ، والأذى، وتُحبَسُ الشَّمسُ والقَمرُ، ولا تَرَوْن منهما واحِدًا. قال: قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، فبما نُبصِرُ؟ قال: بمِثلِ بَصَرِكَ ساعتَكَ هذه، وذلك قَبلَ طُلوعِ الشَّمسِ في يَومٍ أشرَقَتِ الأرضُ، وأجْهَتْ به الجبالَ. قال: قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، فبما نُجزى مِن سَيِّئاتِنا وحَسَناتِنا؟ قال: الحَسَنةُ بعَشْرِ أمثالِها، والسَّيِّئةُ بمِثلِها، إلَّا أنْ يَعفُوَ. قال: قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، إمَّا الجنَّةُ، إمَّا النَّارُ؟ قال: لعَمْرُ إلهِكَ إنَّ للنَّارِ لسَبعةَ أبوابٍ، ما منهنَّ بابانِ إلَّا يَسيرُ الرَّاكِبُ بَينَهما سَبعين عامًا، وإنَّ لِلجنَّةِ لثَمانِيةَ أبوابٍ، ما منهما بابانِ إلَّا يَسيرُ الرَّاكِبُ بَينَهما سَبعين عامًا. قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، [فعَلامَ] نَطَّلِعُ مِنَ الجنَّةِ؟ قال: على أنهارٍ مِن عَسَلٍ مُصَفَّى، وأنهارٍ مِن كأسٍ ما بها مِن صُداعٍ، ولا نَدامةٍ، وأنهارٍ مِن لَبَنٍ لم يتغَيَّرْ طَعمُهُ، وماءٍ غَيرِ آسِنٍ ، وبفاكِهةٍ لعَمْرُ إلهِكَ ما تَعلَمون، وخَيرٍ مِن مِثلِهِ معه، وأزواجٍ مُطَهَّرةٍ. قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، أوَلَنا فيها أزواجٌ؟ أوَمِنهُنَّ مُصلِحاتٌ؟ قال: الصَّالحاتُ للصَّالِحينَ، تَلَذُّونهُنَّ مِثلَ لَذَّاتِكم في الدُّنيا، ويَلذَذْنَ بكم، غَيرَ أنْ لا تَوالُدَ. قال لَقيطٌ: فقُلتُ: أقْصى ما نحن بالِغونَ، ومُنتَهون إليه؟ فلم يُجِبْهُ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قُلتُ: يا رسولَ اللهِ،   [فعَلامَ] أُبايِعُكَ؟ قال: فبسَطَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَهُ، وقال: على إقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وزيالِ المُشرِكِ ، وألَّا تُشرِكَ باللهِ إلهًا غَيرَهُ. قُلتُ: وإنَّ لنا ما بَينَ المَشرِقِ، والمَغرِبِ؟ فقبَضَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَدَهُ، وظَنَّ أنِّي مُشتَرِطٌ شَيئًا لا يُعطينيهُ، قال: قُلتُ: نَحِلُّ منها حيث شِئنا، ولا يَجني امرُؤٌ إلَّا على نَفْسِهِ. فبسَطَ يَدَهُ، وقال: ذلك لكَ، تَحِلُّ حيث شِئتَ، ولا يَجني عليكَ إلَّا نَفْسُكَ. قال: فانصرَفْنا عنهُ، ثم قال: إنَّ هذيْنِ لعَمْرُ إلهِكَ مِن أتقى النَّاسِ في الأولى، والآخِرةِ. فقال له كَعبُ، ابنُ الخُداريَّةِ، أحدُ بَني بكرِ بنِ كِلابٍ: مَن هم يا رسولَ اللهِ؟ قال: بَنو المُنتَفِقِ، أهلُ ذلك. قال: فانصرَفْنا، وأقبَلتُ عليهُ، فقُلتُ: يا رسولَ اللهِ، هل لِأحدٍ ممَّن مَضى مِن خَيرٍ في جاهِليَّتِهم؟ قال: قال رَجُلٌ مِن عُرضِ قُريشٍ: واللهِ إنَّ أباكَ المنُتَفِقَ لَفي النَّارِ. قال: فلكأنَّهُ وقَعَ حَرٌّ بَينَ جِلدي ووَجْهي ولَحْمي؛ ممَّا قال لِأبي على رُؤوسِ النَّاسِ، فهمَمتُ أنْ أقولَ: وأبوكَ يا رسولَ اللهِ؟ ثم إذا الأُخرى أجمَلُ، فقُلتُ: يا رسولَ اللهِ، وأهلُكَ؟ قال: وأهلي لعَمْرُ اللهِ ، ما أتَيتَ عليه مِن قَبرِ عامِريٍّ، أو قُرَشيٍّ مِن مُشرِكٍ، فقُلْ: أرسَلَني إليكَ محمدٌ، فأُبشِّرُكَ بما يَسوؤُكَ، تُجَرُّ على وَجْهِكَ، وبَطنِكَ في النَّارِ. قال: قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما فعَلَ بهم ذلك وقد كانوا على عَمَلٍ لا يُحسِنون إلَّا إيَّاه؟ وكانوا يَحسَبون أنَّهم مُصلِحون؟ قال: ذلك لِأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ بعَثَ في آخِرِ كُلِّ سَبعِ أُمَمٍ -يَعني- نَبِيًّا، فمَن عَصى نَبيَّهُ؛ كان مِنَ الضَّالِّينَ، ومَن أطاعَ نَبيَّهُ؛ كان مِنَ المُهتَدينَ.

236 - خرَجْنا في حُجَّاجِ قَوْمِنا مِن المشرِكِينَ، وقد صلَّيْنا وفَقِهْنا، ومعنا البَرَاءُ بنُ مَعْرورٍ، كبيرُنا وسيِّدُنا، فلمَّا توجَّهْنا لسفَرِنا وخرَجْنا مِن المدينةِ، قال البَرَاءُ لنا: يا هؤلاء، إنِّي قد رأَيتُ واللهِ رأيًا، وإنِّي واللهِ ما أدري توافِقوني عليه أم لا، قال: قُلْنا له: وما ذاكَ؟ قال: قد رأَيتُ ألَّا أدَعَ هذه البَنِيَّةَ منِّي بظَهْرٍ -يَعنِي الكعبةَ- وأنْ أصلِّيَ إليها، قال: فقُلْنا: واللهِ، ما بلَغَنا أنَّ نبيَّنا يُصلِّي إلَّا إلى الشامِ، وما نُرِيدُ أنْ نخالِفَهُ، فقال: إنِّي أصلِّي إليها، قال: فقُلْنا له: لكنَّا لا نَفعَلُ، فكنَّا إذا حضَرَتِ الصلاةُ، صلَّيْنا إلى الشامِ، وصلَّى إلى الكعبةِ، حتى قَدِمْنا مكَّةَ، قال أخي: وقد كنَّا عِبْنَا عليه ما صنَعَ، وأبَى إلا الإقامةَ عليه، فلمَّا قَدِمْنا مكَّةَ، قال: يا بنَ أخي، انطلِقْ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فاسأَلْهُ عمَّا صنَعْتُ في سفَري هذا؛ فإنَّه واللهِ قد وقَعَ في نفسي منه شيءٌ لِمَا رأَيْتُ مِن خلافِكم إيَّايَ فيه، قال: فخرَجْنا نَسألُ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكنَّا لا نَعرِفُهُ، لم نرَهُ قبْلَ ذلك، فلَقِيَنا رجُلٌ مِن أهلِ مكَّةَ، فسأَلْناه عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: هل تَعرِفانِهِ؟ قال: قُلْنا: لا، قال: فهل تَعرِفانِ العبَّاسَ بنَ عبدِ المطَّلِبِ عمَّهُ؟ قُلْنا: نَعمْ، قال: وكنَّا نَعرِفُ العبَّاسَ، كان لا يَزالُ يَقدَمُ علينا تاجرًا، قال: فإذا دخَلْتُما المسجِدَ، فهو الرَّجُلُ الجالسُ مع العبَّاسِ، قال: فدخَلْنا المسجِدَ، فإذا العبَّاسُ جالسٌ، ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ معه جالسٌ، فسلَّمْنا، ثمَّ جلَسْنا إليه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للعبَّاسِ: هل تَعرِفُ هذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يا أبا الفضلِ؟ قال: نَعمْ، هذا البَرَاءُ بنُ مَعْرورٍ سيِّدُ قَوْمِهِ، وهذا كعبُ بنُ مالكٍ، قال: فواللهِ، ما أنسَى قولَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الشاعرُ؟ قال: نَعمْ، قال: فقال البَرَاءُ بنُ مَعْرورٍ: يا نبيَّ اللهِ، إنِّي خرَجْتُ في سفَري هذا، وهدَاني اللهُ للإسلامِ، فرأَيْتُ ألَّا أَجعَلَ هذه البَنِيَّةَ منِّي بظَهْرٍ، فصلَّيْتُ إليها، وقد خالَفَني أصحابي في ذلك، حتى وقَعَ في نفسي مِن ذلك شيءٌ، فماذا تَرى يا رسولَ اللهِ؟ قال: لقد كنتَ على قِبْلةٍ لو صبَرْتَ عليها! قال: فرجَعَ البَرَاءُ إلى قِبْلةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فصلَّى معنا إلى الشامِ، قال: وأهلُهُ يَزعُمُون أنَّه صلَّى إلى الكعبةِ حتى مات، وليس ذلك كما قالوا، نحن أعلَمُ به منهم، قال: وخرَجْنا إلى الحجِّ، فواعَدَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ العقَبةَ مِن أوسَطِ أيَّامِ التشريقِ، فلمَّا فرَغْنا مِن الحجِّ، وكانت الليلةُ التي وعَدَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومعنا عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ حرامٍ أبو جابرٍ، سيِّدٌ مِن سادتِنا، وكنَّا نَكتُمُ مَن معنا مِن قَوْمِنا مِن المشرِكِينَ أَمْرَنا، فكلَّمْناه، وقُلْنا له: يا أبا جابرٍ، إنَّك سيِّدٌ مِن سادتِنا، وشريفٌ مِن أشرافِنا، وإنَّا نَرغَبُ بك عمَّا أنت فيه؛ أنْ تكونَ حطَبًا للنارِ غدًا، ثمَّ دعَوْتُهُ إلى الإسلامِ، وأخبَرْتُهُ بميعادِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأسلَمَ وشَهِدَ معنا العقَبةَ، وكان نَقِيبًا، قال: فنِمْنا تلك الليلةَ مع قَوْمِنا في رِحالِنا، حتى إذا مضَى ثُلُثُ الليلِ، خرَجْنا مِن رِحالِنا لميعادِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، نَتسلَّلُ مُستَخْفِينَ تَسلُّلَ القَطَا، حتى اجتمَعْنا في الشِّعْبِ عند العقَبةِ، ونحن سبعون رجُلًا، ومعنا امرأتانِ مِن نسائِهم: نُسَيبةُ بنتُ كَعْبٍ، أمُّ عُمَارةَ، إحدى نساءِ بني مازنِ بنِ النجَّارِ، وأسماءُ بنتُ عمرِو بنِ عَدِيِّ بنِ ثابتٍ، إحدى نساءِ بني سَلِمةَ، وهي أمُّ مَنِيعٍ، قال: فاجتمَعْنا بالشِّعْبِ نَنتظِرُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتى جاءنا ومعه يومئذٍ عمُّهُ العبَّاسُ بنُ عبدِ المطَّلِبِ، وهو يومئذٍ على دِينِ قومِهِ، إلَّا أنَّه أحَبَّ أنْ يَحضُرَ أمرَ ابنِ أخيه، ويَتوثَّقَ له، فلمَّا جلَسْنا، كان العبَّاسُ بنُ عبدِ المطَّلِبِ أوَّلَ متكلِّمٍ، فقال: يا مَعشَرَ الخَزْرجِ -قال: وكانت العرَبُ ممَّا يُسَمُّون هذا الحيَّ مِن الأنصارِ الخَزْرجَ؛ أَوْسَها وخَزْرَجَها- إنَّ محمَّدًا منَّا حيث قد عَلِمْتُم، وقد منَعْناه مِن قَوْمِنا ممَّن هو على مِثلِ رَأْيِنا فيه، وهو في عِزٍّ مِن قَوْمِهِ، ومنَعةٍ في بلَدِهِ، قال: فقُلْنا: قد سَمِعْنا ما قلتَ، فتكلَّمْ يا رسولَ اللهِ، فخُذْ لنفسِكَ ولرَبِّكَ ما أحبَبْتَ، قال: فتكلَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فتلَا ودعَا إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، ورغَّبَ في الإسلامِ، قال: أبايِعُكم على أن تَمنَعوني ممَّا تَمنَعون منه نِساءَكم وأبناءَكم، قال: فأخَذَ البَرَاءُ بنُ مَعْرورٍ بيدِهِ، ثمَّ قال: نَعمْ والذي بعَثَكَ بالحقِّ، لَنَمنَعَنَّكَ ممَّا نَمنَعُ منه أُزُرَنا ، فبايِعْنا يا رسولَ اللهِ؛ فنَحْنُ أهلُ الحروبِ، وأهلُ الحلَقةِ، وَرِثْناها كابرًا عن كابرٍ ، قال: فاعترَضَ القولَ -والبَرَاءُ يُكلِّمُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أبو الهَيْثمِ بنُ التَّيِّهانِ حليفُ بني عبدِ الأشهَلِ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ بَيْننا وبَيْنَ الرِّجالِ حِبالًا، وإنَّا قاطِعُوها -يَعنِي العهودَ- فهل عسَيْتَ إنْ نحن فعَلْنا ذلك، ثمَّ أظهَرَكَ اللهُ أن تَرجِعَ إلى قَوْمِكَ وتدَعَنا؟ قال: فتبسَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ قال: بل الدَّمُ الدَّمُ، والهَدْمُ الهَدْمُ، أنا منكم، وأنتم مِنِّي، أُحارِبُ مَن حارَبْتُم، وأُسالِمُ مَن سالَمْتُم، وقد قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أخرِجُوا إلَيَّ منكم اثنَيْ عشَرَ نَقِيبًا يكونون على قَوْمِهم، فأخرَجُوا منهم اثنَيْ عشَرَ نَقِيبًا، منهم تِسعةٌ مِن الخَزْرجِ، وثلاثةٌ مِن الأَوْسِ. وأمَّا مَعبَدُ بنُ كَعْبٍ، فحدَّثَني في حديثِهِ، عن أخيه، عن أبيه كَعْبِ بنِ مالكٍ قال: كان أوَّلَ مَن ضرَبَ على يدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ البَرَاءُ بنُ مَعْرورٍ، ثمَّ تتابَعَ القومُ، فلمَّا بايَعْنا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، صرَخَ الشيطانُ مِن رأسِ العقَبةِ بأبعَدِ صوتٍ سَمِعْتُهُ قطُّ: يا أهلَ الجَبَاجِبُ -والجَبَاجِبُ: المَنازِلُ- هل لكم في مُذمَّمٍ والصُّبَاةِ معه؟ قد أجمَعُوا على حَرْبِكم -قال عليٌّ، يَعنِي ابنَ إسحاقَ: ما يقولُ عدوُّ اللهِ: محمَّدٌ- فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هذا أزَبُّ العقَبةِ ، هذا ابنُ أزيَبَ، اسمَعْ أيْ عدوَّ اللهِ، أمَا واللهِ، لَأفرُغَنَّ لك، ثمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ارفَعُوا إلى رِحالِكم، قال: فقال له العبَّاسُ بنُ عُبادةَ بنِ نَضْلةَ: والذي بعَثَكَ بالحقِّ، لئنْ شِئْتَ لَنُمِيلَنَّ على أهلِ مِنًى غدًا بأسيافِنا، قال: فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لم أُؤمَرْ بذلك، قال: فرجَعْنا فنِمْنا حتى أصبَحْنا، فلمَّا أصبَحْنا، غدَتْ علينا جِلَّةُ قُرَيشٍ حتى جاؤُونا في مَنازِلِنا، فقالوا: يا مَعشَرَ الخَزْرجِ، إنَّه قد بلَغَنا أنَّكم قد جِئْتُم إلى صاحبِنا هذا تَستخرِجونه مِن بَيْنِ أظهُرِنا، وتبايِعُونه على حَرْبِنا، واللهِ، إنَّه ما مِن العرَبِ أحدٌ أبغَضَ إلينا أنْ تَنشَبَ الحربُ بَيْننا وبَيْنه منكم، قال: فانبعَثَ مَن هنالك مِن مشرِكِي قَوْمِنا، يَحلِفون لهم باللهِ ما كان مِن هذا شيءٌ، وما عَلِمْناه، وقد صدَقُوا؛ لم يَعلَموا ما كان منَّا، قال: فبعضُنا يَنظُرُ إلى بعضٍ، قال: وقام القومُ، وفيهم الحارثُ بنُ هشامِ بنِ المغيرةِ المَخْزوميُّ، وعليه نَعْلانِ جديدانِ، قال: فقلتُ كلمةً كأنِّي أُرِيدُ أن أُشرِكَ القومَ بها فيما قالوا: ما تَستطيعُ يا أبا جابرٍ وأنت سيِّدٌ مِن سادتِنا أنْ تتَّخِذَ نَعْلَيْنِ مِثلَ نَعْلَيْ هذا الفتى مِن قُرَيشٍ، فسَمِعَها الحارثُ، فخلَعَهما، ثمَّ رمَى بهما إلَيَّ، فقال: واللهِ، لَتَنتعِلَنَّهما، قال: يقولُ أبو جابرٍ: أَحْفَظْتَ -واللهِ- الفتَى، فاردُدْ عليه نَعْلَيْهِ، قال: فقلتُ: واللهِ، لا أرُدُّهما، فَأْلٌ واللهِ صالحٌ، واللهِ، لئنْ صدَقَ الفَأْلُ، لَأسلُبَنَّهُ.

237 - خرَج النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم زمَنَ الحُديبيَةِ في بضعَ عشر مئةً مِن أصحابِه حتَّى إذا كانوا بذي الحُليفةِ قلَّد رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأشعَر ثمَّ أحرَم بالعمرةِ وبعَث بيْنَ يدَيْهِ عينًا له رجُلًا مِن خُزاعةَ يجيئُه بخبرِ قريشٍ وسار رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى إذا كان بغَديرِ الأشطاطِ قريبًا مِن عُسْفانَ أتاه عينُه الخُزاعيُّ فقال: إنِّي ترَكْتُ كعبَ بنَ لُؤيٍّ وعامرَ بنَ لؤيٍّ قد جمَعوا لك الأحابيشَ وجمَعوا لك جموعًا كثيرةً وهم مقاتِلوك وصادُّوك عن البيتِ الحرامِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أشيروا علَيَّ أترَوْنَ أنْ نميلَ إلى ذراريِّ هؤلاء الَّذين أعانوهم فنُصيبَهم فإنْ قعَدوا قعَدوا مَوتورين محزونين وإنْ نجَوْا يكونوا عُنقًا قطَعها اللهُ أم ترَوْنَ أنْ نؤُمَّ البيتَ فمَن صدَّنا عنه قاتَلْناه ) ؟ فقال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضوانُ اللهِ عليه: اللهُ ورسولُه أعلمُ يا نبيَّ اللهِ إنَّما جِئْنا مُعتمرينَ ولم نجِئْ لقتالِ أَحدٍ ولكنْ مَن حال بينَنا وبيْنَ البيتِ قاتَلْناه فقال النَّبيُّ ـ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( فرُوحوا إذًا ) قال الزُّهريُّ في حديثِه: وكان أبو هُريرةَ يقولُ: ما رأَيْتُ أحدًا أكثرَ مشاورةً لأصحابِه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال الزُّهريُّ في حديثِه عن عُروةَ عن المِسوَرِ ومَروانَ في حديثِهما: فراحوا حتَّى إذا كانوا ببعضِ الطَّريقِ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنَّ خالدَ بنَ الوليدِ بالغَميمِ في خيلٍ لقريشٍ طليعةً فخُذوا ذاتَ اليمينِ ) فواللهِ ما شعَر بهم خالدُ بنُ الوليدِ حتَّى إذا هو بقَترةِ الجيشِ فأقبَل يركُضُ نذيرًا لقريشٍ وسار النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى إذا كان بالثَّنيَّةِ الَّتي يُهبَطُ عليهم منها فلمَّا انتهى إليها برَكتْ راحلتُه فقال النَّاسُ: حَلْ حَلْ فألحَّتْ فقالوا: خلَأتِ القصواءُ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( ما خلَأتِ القصواءُ وما ذلك لها بخُلُقٍ ولكنْ حبَسها حابسُ الفيلِ ) ثمَّ قال: ( والَّذي نفسي بيدِه لا يسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرماتِ اللهِ إلَّا أعطَيْتُهم إيَّاها ) ثمَّ زجَرها فوثَبتْ به قال: فعدَل عنهم حتَّى نزَل بأقصى الحُديبيَةِ على ثَمَدٍ قليلِ الماءِ إنَّما يتبَرَّضُه النَّاسُ تبرُّضًا فلم يلبَثْ بالنَّاسِ أنْ نزَحوه فشُكي إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم العطشُ فانتزَع سهمًا مِن كِنانتِه ثمَّ أمَرهم أنْ يجعَلوه فيه قال: فما زال يَجيشُ لهم بالرِّيِّ حتَّى صدَروا عنه: فبينما هم كذلك إذ جاءه بُدَيْلُ بنُ ورقاءَ الخزاعيُّ في نفرٍ مِن قومِه مِن خُزاعةَ وكانت عَيْبَةَ نُصحِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أهلِ تِهامةَ فقال: إنِّي ترَكْتُ كعبَ بنَ لؤيٍّ وعامرَ بنَ لؤيٍّ نزَلوا أعدادَ مياهِ الحُديبيَةِ معهم العُوذُ المَطافيلُ وهم مقاتلوك وصادُّوك عن البيتِ الحرامِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( إنَّا لم نجِئْ لقتالِ أَحدٍ ولكنَّا جِئْنا مُعتمرينَ فإنَّ قريشًا قد نهَكَتْهم الحربُ وأضرَّت بهم فإنْ شاؤوا مادَدْتُهم مدَّةً ويُخلُّوا بيني وبيْنَ النَّاسِ فإنْ ظهَرْنا وشاؤوا أنْ يدخُلوا فيما دخَل فيه النَّاسُ فعَلوا وقد جَمُّوا وإنْ هم أبَوْا فوالَّذي نفسي بيدِه لأُقاتِلَنَّهم على أمري هذا حتَّى تنفرِدَ سالفتي أو لَيُبْدِيَنَّ اللهُ أمرَه ) قال بُدَيْلُ بنُ وَرْقاءَ: سأُبلِغُهم ما تقولُ: فانطلَق حتَّى أتى قريشًا فقال: إنَّا قد جِئْناكم مِن عندِ هذا الرَّجُلِ وسمِعْناه يقولُ قولًا فإنْ شِئْتم أنْ نعرِضَه عليكم فعَلْنا فقال سفهاؤُهم: لا حاجةَ لنا في أنْ تُخبِرونا عنه بشيءٍ وقال ذو الرَّأيِ: هاتِ ما سمِعْتَه يقولُ قال: سمِعْتُه يقولُ كذا وكذا فأخبَرْتُهم بما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقام عندَ ذلك أبو مسعودٍ عُروةُ بنُ مسعودٍ الثَّقفيُّ فقال: يا قومِ ألَسْتُم بالولدِ ؟ قالوا: بلى قال: ألَسْتُ بالوالدِ ؟ قالوا: بلى قال: فهل تتَّهموني ؟ قالوا: لا قال: ألَسْتُم تعلَمون أنِّي استنفَرْتُ أهلَ عُكاظٍ فلمَّا بلَّحوا عليَّ جِئْتُكم بأهلي وولَدي ومَن أطاعني ؟ قالوا: بلى قال: فإنَّ هذا امرؤٌ عرَض عليكم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها ودعوني آتِهِ قالوا: ائتِه فأتاه قال: فجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نحوًا مِن قولِه لبُدَيْلِ بنِ وَرْقاءَ فقال عروةُ بنُ مسعودٍ عندَ ذلك يا محمَّدُ أرأَيْتَ إنِ استأصَلْتَ قومَك هل سمِعْتَ أحدًا مِن العربِ اجتاح أصلَه قبْلَك وإنْ تكُنِ الأخرى فواللهِ إنِّي أرى وجوهًا وأرى أشوابًا مِن النَّاسِ خُلَقاءَ أنْ يفِرُّوا ويدَعوك فقال أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضوانُ اللهِ عليه: امصُصْ ببَظْرِ اللَّاتِ أنحنُ نفِرُّ وندَعُه ؟ فقال أبو مسعودٍ: مَن هذا ؟ قالوا: أبو بكرِ بنُ أبي قُحافةَ فقال: أمَا والَّذي نفسي بيدِه لولا يدٌ كانت لك عندي لم أَجْزِك بها لأجَبْتُك وجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فكلَّما كلَّمه أخَذ بلِحيتِه والمغيرةُ بنُ شُعبةَ الثَّقفيُّ قائمٌ على رأسِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعليه السَّيفُ والمِغفَرُ فكلَّما أهوى عُروةُ بيدِه إلى لحيةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ضرَب يدَه بنَعْلِ السَّيفِ، وقال: أخِّرْ يدَك عن لحيةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فرفَع عروةُ رأسَه وقال: مَن هذا ؟ فقالوا: المغيرةُ بنُ شُعبةَ الثَّقفيُّ فقال: أيْ غُدَرُ، أولَسْتُ أسعى في غَدرَتِك وكان المغيرةُ بنُ شُعبةَ صحِب قومًا في الجاهليَّةِ فقتَلهم وأخَذ أموالَهم ثمَّ جاء فأسلَم فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( أمَّا الإسلامُ فأقبَلُ وأمَّا المالُ فلَسْتُ منه في شيءٍ ) قال: ثمَّ إنَّ عروةَ جعَل يرمُقُ صحابةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعينِه فواللهِ ما يتنخَّمُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نُخامةً إلَّا وقَعتْ في كفِّ رجُلٍ منهم فدلَك بها وجهَه وجِلدَه وإذا أمَرهم انقادوا لأمرِه وإذا توضَّأ كادوا يقتتلون على وَضوئِه وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عندَه وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تعظيمًا له فرجَع عروةُ بنُ مسعودٍ إلى أصحابِه فقال: أيْ قومِ واللهِ لقد وفَدْتُ إلى الملوكِ ووفَدْتُ إلى كسرى وقيصرَ والنَّجاشيِّ واللهِ ما رأَيْتُ ملِكًا قطُّ يُعظِّمُه أصحابُه ما يُعظِّمُ أصحابُ محمَّدٍ محمَّدًا وواللهِ إنْ يتنخَّمُ نُخامةً إلَّا وقَعت في كفِّ رجُلٍ منهم فدلَك بها وجهَه وجِلْدَه وإذا أمَرهم ابتدَروا أمرَه وإذا توضَّأ اقتتلوا على وَضوئِه وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عندَه وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تعظيمًا له وإنَّه قد عرَض عليكم خُطَّةَ رُشدٍ فاقبَلوها فقال رجُلٌ مِن بني كِنانةَ دعوني آتِه فلمَّا أشرَف على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هذا فلانٌ مِن قومٍ يُعظِّمون البُدنَ فابعَثوها له قال: فبُعِثَتْ واستقبَله القومُ يُلَبُّون فلمَّا رأى ذلك قال: سُبحانَ اللهِ لا ينبغي لهؤلاء أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ فلمَّا رجَع إلى أصحابِه قال: رأَيْتُ البُدْنَ قد قُلِّدتْ وأُشعِرَتْ فما أرى أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ فقام رجُلٌ منهم يُقالُ له: مِكرَزٌ فقال: دعوني آتِهِ فقالوا: ائتِه فلمَّا أشرَف عليهم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( هذا مِكرَزٌ وهو رجُلٌ فاجرٌ ) فجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فبينما هو يُكلِّمُه إذ جاءه سُهيلُ بنُ عمرٍو قال مَعْمَرٌ: فأخبَرني أيُّوبُ السَّخْتِيانيُّ عن عِكرمةَ قال: فلمَّا جاء سُهيلٌ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( هذا سُهيلٌ قد سهَّل اللهُ لكم أمرَكم ) قال مَعْمَرٌ في حديثِه عن الزُّهريِّ عن عُروةَ عن المِسوَرِ ومَروانَ: فلمَّا جاء سُهيلٌ قال: هاتِ اكتُبْ بينَنا وبينَكم كتابًا فدعا الكاتبَ فقال: اكتُبْ بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ فقال سُهيلٌ: أمَّا الرَّحمنُ فلا أدري واللهِ ما هو ولكِنِ اكتُبْ باسمِك اللَّهمَّ ثمَّ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( اكتُبْ هذا ما قاضى عليه محمَّدٌ رسولُ اللهِ ) فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: لو كنَّا نعلَمُ أنَّك رسولُ اللهِ ما صدَدْناك عن البيتِ ولا قاتَلْناك ولكِنِ اكتُبْ: محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( واللهِ إنِّي لَرسولُ اللهِ وإنْ كذَّبْتُموني اكتُبْ محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ ) قال الزُّهريُّ: وذلك لقولِه: لا يسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرماتِ اللهِ إلَّا أعطَيْتُهم إيَّاها وقال في حديثِه عن عُروةَ عنِ المِسوَرِ ومَروانَ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( على أنْ تُخَلُّوا بينَنا وبيْنَ البيتِ فنطوفَ به فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: إنَّه لا يتحدَّثُ العربُ أنَّا أُخِذْنا ضُغطةً ، ولكِنْ لك مِن العامِ المقبِلِ، فكتَب، فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: على أنَّه لا يأتيك منَّا رجُلٌ وإنْ كان على دِينِك أو يُريدُ دينَك إلَّا ردَدْتَه إلينا فقال المسلِمونَ: سُبحانَ اللهِ كيف يُرَدُّ إلى المشركينَ وقد جاء مسلِمًا فبينما هم على ذلك إذ جاء أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو يرسُفُ في قيودِه قد خرَج مِن أسفلِ مكَّةَ حتى رمى بنفسِه بيْنَ المسلمينَ فقال سُهيلُ بنُ عمرٍو: يا محمَّدُ هذا أوَّلُ مَن نُقاضيك عليه أنْ ترُدَّه إليَّ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّا لم نُمضِ الكتابَ بعدُ فقال: واللهِ لا أُصالِحُك على شيءٍ أبدًا فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( فأَجِزْه لي ) فقال: ما أنا بمُجيزِه لك قال: فافعَلْ قال: ما أنا بفاعلٍ قال مِكرَزٌ: بل قد أجَزْناه لك فقال أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو: يا معشرَ المسلمينَ أُرَدُّ إلى المشركين وقد جِئْتُ مسلِمًا ألا ترَوْنَ إلى ما قد لقيتُ وكان قد عُذِّب عذابًا شديدًا في اللهِ - فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه: واللهِ ما شكَكْتُ منذُ أسلَمْتُ إلَّا يومَئذٍ فأتَيْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْتُ: ألَسْتَ رسولَ اللهِ حقًّا ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: ألَسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطلِ ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: فلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دِيننِا إذًا ؟ قال: ( إنِّي رسولُ اللهِ ولَسْتُ أعصي ربِّي وهو ناصري ) قُلْتُ: أوليسَ كُنْتَ تُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ فنطوفُ به ؟ قال ( بلى فخبَّرْتُك أنَّك تأتيه العامَ ؟ ) قال: لا قال: ( فإنَّك تأتيه فتطوفُ به قال: فأتَيْتُ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ رضوانُ اللهِ عليه فقُلْتُ: يا أبا بكرٍ أليس هذا نبيَّ اللهِ حقًّا ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: أولَسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطلِ ؟ قال: ( بلى ) قُلْتُ: فلِمَ نُعطي الدَّنيَّةَ في دِينِنا إذًا ؟ قال: أيُّها الرَّجلُ إنَّه رسولُ اللهِ وليس يعصي ربَّه وهو ناصرُه فاستمسِكْ بغَرْزِه حتَّى تموتَ فواللهِ إنَّه على الحقِّ قُلْتُ: أوليس كان يُحدِّثُنا أنَّا سنأتي البيتَ ونطوفُ به ؟ قال: بلى قال فأخبَرك أنَّا نأتيه العامَ ؟ قُلْتُ: لا قال: فإنَّك آتيه وتطوفُ به قال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضوانُ اللهِ عليه فعمِلْتُ في ذلك أعمالًا - يعني في نقضِ الصَّحيفةِ - فلمَّا فرَغ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن الكتابِ أمَر رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أصحابَه فقال: ( انحَروا الهَدْيَ واحلِقوا ) قال: فواللهِ ما قام رجُلٌ منهم رجاءَ أنْ يُحدِثَ اللهُ أمرًا فلمَّا لم يقُمْ أحَدٌ منهم قام رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فدخَل على أمِّ سلَمةَ فقال: ما لقيتُ مِن النَّاسِ قالت أمُّ سلَمةَ: أوَتُحِبُّ ذاك، اخرُجْ ولا تُكلِّمَنَّ أحدًا منهم كلمةً حتَّى تنحَرَ بُدنَكَ وتدعوَ حالقَك فقام النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فخرَج ولم يُكلِّمْ أحدًا منهم حتَّى نحَر بُدْنَه ثمَّ دعا حالقَه فحلَقه فلمَّا رأى ذلك النَّاسُ جعَل بعضُهم يحلِقُ بعضًا حتَّى كاد بعضُهم يقتُلُ بعضًا قال: ثمَّ جاء نِسوةٌ مؤمناتٌ فأنزَل اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10] إلى آخِرِ الآيةِ قال: فطلَّق عمرُ رضوانُ اللهِ عليه امرأتينِ كانتا له في الشِّركِ فتزوَّج إحداهما معاويةُ بنُ أبي سُفيانَ والأخرى صفوانُ بنُ أميَّةَ قال: ثمَّ رجَع صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى المدينةِ فجاءه أبو بَصيرٍ رجُلٌ مِن قريشٍ وهو مسلِمٌ فأرسَلوا في طلبِه رجُلينِ وقالوا: العهدَ الَّذي جعَلْتَ لنا فدفَعه إلى الرَّجُلينِ فخرَجا حتَّى بلَغا به ذا الحليفةِ فنزَلوا يأكُلون مِن تمرٍ لهم فقال أبو بَصيرٍ لأَحدِ الرَّجُلينِ: واللهِ لَأرى سيفَك هذا يا فلانُ جيِّدًا فقال: أجَلْ واللهِ إنَّه لَجيِّدٌ لقد جرَّبْتُ به ثمَّ جرَّبْتُ فقال أبو بَصيرٍ: أَرِني أنظُرْ إليه فأمكَنه منه فضرَبه حتَّى برَد وفرَّ الآخَرُ حتَّى أتى المدينةَ فدخَل المسجدَ يعدو فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لقد رأى هذا ذُعْرًا فلمَّا انتهى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: قُتِل واللهِ صاحبي وإنِّي لَمقتولٌ فجاء أبو بَصيرٍ فقال: يا نبيَّ اللهِ قد واللهِ أوفى اللهُ ذمَّتَك قد ردَدْتَني إليهم ثمَّ أنجاني اللهُ منهم فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ويلُ امِّه لو كان معه أحَدٌ فلمَّا سمِع بذلك عرَف أنَّه سيرُدُّه إليهم مرَّةً أخرى فخرَج حتَّى أتى سِيفَ البحرِ قال: وتفلَّت منهم أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عمرٍو فلحِق بأبي بَصيرٍ فجعَل لا يخرُجُ مِن قريشٍ رجُلٌ أسلَم إلَّا لحِق بأبي بَصيرٍ حتَّى اجتمَعت منهم عصابةٌ قال: فواللهِ ما يسمَعون بِعِيرٍ خرَجتْ لقريشٍ إلى الشَّامِ إلَّا اعترَضوا لها فقتَلوهم وأخَذوا أموالَهم فأرسَلتْ قريشٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تُناشِدُه اللهَ والرَّحِمَ لَمَا أرسَل إليهم ممَّن أتاه فهو آمِنٌ فأرسَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إليهم فأنزَل اللهُ جلَّ وعلا: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح: 24] حتَّى بلَغ {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 26] وكانت حميَّتُهم أنَّهم لم يُقِرُّوا أنَّه نبيُّ اللهِ ولم يُقِرُّوا ببِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

238 - كانتْ للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نافلةً، ولكم فَضيلةً.
خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف
الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 22230
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

239 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ: إنَّهُ كانَ إذا عطَسَ، فقيلَ لهُ: يرحَمُكَ اللَّهُ، يقولُ: يرحَمُنا اللَّهُ وإيَّاكُمْ، ويغفِرُ لنا ولكُمْ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : نافع | المحدث : شعيب الأرناووط | المصدر : تخريج شرح السنة
الصفحة أو الرقم : 12/ 309
التصنيف الموضوعي: آداب العطاس - العطاس آداب العطاس - تشميت العاطس آداب العطاس - ما يقول إذا عطس
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

240 - عَنْ عبدِ اللَّهِ بنِ مسعودٍ، قالَ: إذا عطَسَ الرَّجُلُ، فَلْيقُل: الحمدُ للَّهِ ربِّ العالَمينَ، وَلْيقُلْ مَنْ يرُدُّ عليهِ: يرحَمُكَ اللَّهُ، وَلْيقُلْ هُوَ: يغفِرُ اللَّهُ لي ولكُمْ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : عبدالله بن حبيب أبو عبدالرحمن السلمي | المحدث : شعيب الأرناووط | المصدر : تخريج شرح السنة
الصفحة أو الرقم : 12/ 309
التصنيف الموضوعي: آداب العطاس - العطاس آداب العطاس - تشميت العاطس آداب العطاس - ما يقول إذا عطس
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه
 

1 - أتَيتُ أبا سعيدٍ وهو مَكْثورٌ عليه ، فلمَّا تفرَّق النَّاسُ عنه، قُلتُ: إنِّي لا أَسأَلُكَ عمَّا سأَلكَ هؤلاء عنه، قُلتُ: أَسأَلُكَ عن صلاةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: ما لكَ في ذلك  من خَيرٍ، فأَعادها عليه، فقال: "كانت صلاةُ الظُّهرِ تُقامُ فيَنطَلِقُ أَحَدُنا إلى البَقيعِ، فيَقْضي حاجتَه، ثُم يأْتي أهلَه فيَتوضَّأُ، ثُم يَرجِعُ إلى المسجِدِ ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في الرَّكعةِ الأُولى"، قال: وسأَلْتُه عنِ الزَّكاةِ؟ فقال: -لا أَدْري أَرفَعه إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَمْ لا-: "في مِئَتَيْ دِرهمٍ خَمسةُ دَراهمَ، وفي أربعينَ شاةً شاةٌ إلى عِشرينَ ومِئَةٍ، فإذا زادتْ واحدةً ففيها شاتانِ إلى مِئتيْنِ، فإذا زادت ففيها ثلاثُ شِياهٍ إلى ثلاثِ مِئَةٍ، فإذا زادتْ ففي كلِّ مِئَةٍ شاةٌ، وفي الإبِلِ في خَمْسٍ شاةٌ، وفي عَشْرٍ شاتانِ، وفي خَمْسَ عَشْرةَ ثلاثُ شياهٍ، وفي عِشرينَ أربعُ شياهٍ، وفي خَمْسٍ وعشرينَ ابنةُ مَخاضٍ إلى خَمْسٍ وثلاثينَ، فإذا زادتْ واحدةً ففيها ابنةُ لَبونٍ إلى خَمْسٍ وأربعينَ، فإذا زادتْ واحدةً ففيها حِقَّةٌ إلى سِتِّينَ، فإذا زادتْ واحدةً ففيها جَذَعةٌ إلى خَمْسٍ وسَبعينَ، فإذا زادتْ واحدةً ففيها ابْنَتا لَبونٍ إلى تِسعينَ، فإذا زادتْ واحدةً ففيها حِقَّتانِ إلى عِشرينَ ومِئَةٍ، فإذا زادتْ ففي كلِّ خَمسينَ حِقَّةٌ، وفي كلِّ أربعينَ بِنْتُ لَبونٍ"، وسأَلْتُه عنِ الصومِ في السفَرِ؟ قال: سافَرْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى مكَّةَ ونحن صيامٌ، قال: فنزَلْنا منزِلًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "إنَّكم قد دَنَوْتم من عَدُوِّكم، والفِطرُ أَقْوى لكم"، فكانت رُخْصةً، فمِنَّا مَن صام، ومنَّا مَن أَفطَر، ثُم نزَلْنا منزِلًا آخَرَ، فقال: "إنَّكم مُصَبِّحي عَدُوِّكم، والفِطرُ أَقْوى لكم فأَفْطِروا، فكانت عَزيمةً فأَفطَرْنا"، ثُم قال: لقد رأيْتُنا نَصومُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعدَ ذلك في السفَرِ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 11307 التخريج : أخرجه مسلم (1120)، وأبو داود (2406) مختصراً، وأحمد (11307) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: زكاة - زكاة الإبل صلاة - صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم صيام - اختيار الفطر للصائم في السفر صيام - الترخص بالفطر للمسافر زكاة - حدود الزكاة
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

2 - قال: قُلتُ: يا رسولَ اللهِ، في كَمْ أَقرَأُ القرآنَ؟ قال: اقرَأْه في كلِّ شهرٍ، قال: قُلتُ: إنِّي أقوَى على أكثرَ مِن ذلك، قال: اقرَأْه في خمسٍ وعشرينَ، قُلتُ: إنِّي أقوَى على أكثرَ مِن ذلك، قال: اقرَأْه في عشرينَ، قال: قُلتُ: إنِّي أقوَى على أكثرَ مِن ذلك، قال: اقرَأْه في خمسَ عشْرةَ، قال: قُلتُ: إنِّي أقوَى على أكثرَ مِن ذلك، قال: اقرَأْه في عَشرٍ، قال: قُلتُ: إنِّي أقوَى على أكثرَ مِن ذلك، قال: اقرَأْه في سَبعٍ، قال: قُلتُ: إنِّي أقوَى على أكثرَ مِن ذلك، قال: لا يفقَهُه مَن يقرَؤُه في أقلَّ مِن ثلاثٍ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 6546 التخريج : أخرجه أبو داود (1390)، والترمذي (2949)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (8067)، وابن ماجه (1347) مختصراً، وأحمد (6546) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: قرآن - الوصية بالقرآن قرآن - تعاهد القرآن قرآن - في كم يقرأ القرآن رقائق وزهد - المجاهدة علم - السؤال للانتفاع وإن كثر
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

3 - قال: ذكَرْتُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الصَّومَ، فقال: صُمْ مِن كلِّ عشَرةِ أيَّامٍ يومًا، ولك أَجرُ التِّسعةِ، قال: فقُلْتُ: إنِّي أَقوى مِن ذلك، قال: فصُمْ مِن كلِّ تِسعةِ أيَّامٍ يومًا، ولك أَجرُ الثَّمانيةِ، قال: فقُلْتُ: إنِّي أَقوى مِن ذلك، قال: فصُمْ مِن كلِّ ثمانيةِ أيَّامٍ يومًا، ولك أَجرُ تلك السَّبعةِ، قال: قُلْتُ: إنِّي أَقوى مِن ذلك، قال: فلم يزَلْ حتى قال: صُمْ يومًا وأفطِرْ يومًا.
خلاصة حكم المحدث : إسناده فيه جهالة ابن أبي ربيعة، لكنه يستقيم دونه ، وهو صحيح بغير هذه السياقة
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 7087 التخريج : أخرجه البخاري (5052)، ومسلم (1159)، وأبو داود (2427)، والنسائي (2389)، وأحمد (7087) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: صيام - صيام داود صيام - صيام التطوع
|أصول الحديث

4 - كنتُ عِندَ ابنِ عُمرَ إذْ جاءَه رجُلٌ، فقال: يا أبا عبدِ الرَّحمنِ، إنِّي أَقْوى على الصِّيامِ في السَّفرِ، فقال ابنُ عُمرَ: سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: مَن لم يَقْبَلْ رُخصةَ اللهِ، كان علَيهِ مِنَ الإثمِ مِثلُ جِبالِ عَرَفةَ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 5392 التخريج : أخرجه أحمد (5392) واللفظ له، وعبد بن حميد (839)، والطبراني (13/324) (14124)
التصنيف الموضوعي: اعتصام بالسنة - ما يكره من التعمق والغلو والبدع رقائق وزهد - القصد والمداومة على العمل صيام - صيام المسافر إحسان - الأخذ بالرخصة إيمان - الدين يسر
|أصول الحديث

5 - "إنَّ لكم أنْ تَحيَوْا، فلا تَموتوا أبدًا، وإنَّ لكم أنْ تَصِحُّوا فلا تَسقَموا أبدًا، وإنَّ لكم أنْ تَشِبُّوا فلا تَهرَموا أبدًا، وإنَّ لكم أنْ تَنعَّموا فلا تَبأَسوا أبدًا"، قال: "يُنادَوْنَ بهؤلاء الأربعِ".
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 11332 التخريج : أخرجه مسلم (2837)
التصنيف الموضوعي: جنة - دوام نعيم أهل الجنة وخلودهم جنة - سن أهل الجنة جنة - صفة الجنة
|أصول الحديث

6 - فيُنادَى مع ذلك: إنَّ لكم أنْ تَحيَوْا فلا تموتوا أبدًا، وإنَّ لكم أنْ تَصِحُّوا فلا تَسقَموا أبدًا، وإنَّ لكم أنْ تَشِبُّوا فلا تَهْرَموا أبدًا، وإنَّ لكم أنْ تَنْعَموا فلا تَبْأَسوا أبدًا. قال: يَتَنادَوْن بهذه الأربعةِ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : أبو سعيد الخدري وأبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 8258 التخريج : أخرجه مسلم (2837)، والترمذي (3246)، وأحمد (8258) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: جنة - دوام نعيم أهل الجنة وخلودهم جنة - سن أهل الجنة جنة - صفة أهل الجنة جنة - صفة الجنة
|أصول الحديث

7 -  إنَّ اللهَ يَرضَى لكم ثلاثًا، ويَسخَطُ لكم ثلاثًا: يَرضَى لكم أنْ تَعبُدوه ولا تُشرِكوا به شيئًا، وأنْ تَعتَصِموا بحبلِ اللهِ جميعًا ولا تَفَرَّقوا، وأنْ تَناصَحوا مَن ولَّاه اللهُ أمرَكم، ويَسخَطُ لكم: قيلَ وقالَ، وإضاعةَ المالِ، وكَثْرةَ السؤالِ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 8799 التخريج : أخرجه مسلم (1715)، وأحمد (8799) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: آداب الكلام - ما يجتنب من الكلام اعتصام بالسنة - الأمر بلزوم الجماعة إمامة وخلافة - النصح لأئمة المسلمين وولاتهم إيمان - الشرك ظلم عظيم قرض - النهي عن إضاعة المال
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

8 -  إنَّ الله عزَّ وجَلَّ رَضِيَ لكم ثلاثًا، وكَرِهَ لكم ثلاثًا: رَضِيَ لكم أنْ تَعبُدوه ولا تُشرِكوا به شيئًا، وأنْ تَنصَحوا لِمَن ولَّاه اللهُ أَمرَكم، وأنْ تَعتَصِموا بحَبْلِ اللهِ جميعًا، ولا تَفَرَّقوا، وكَرِهَ لكم: قيلَ وقال، وكثرةَ السؤالِ، وإضاعةَ المالِ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 8718 التخريج : أخرجه مسلم (1715)، وأحمد (8718) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: آداب الكلام - ما يجتنب من الكلام اعتصام بالسنة - الأمر بلزوم الجماعة إمامة وخلافة - النصح لأئمة المسلمين وولاتهم إيمان - الشرك ظلم عظيم قرض - النهي عن إضاعة المال
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

9 - صَيدُ البَرِّ لكم حَلالٌ، ما لم تَصيدوه أو يُصَدْ لكم.
خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن أبي داود
الصفحة أو الرقم : 1851 التخريج : أخرجه الترمذي (846)، والنسائي (2827)، وأحمد (15185) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: حج - لحم الصيد للمحرم آداب عامة - المباحات من الأفعال والأقوال حج - مباحات الإحرام
|أصول الحديث

10 - صَيدُ البَرِّ لكم حَلالٌ ما لم تَصيدوه أو يُصادُ لكم.
خلاصة حكم المحدث : [فيه] عمرو مختلف فيه وإن كان من رجال الصحيحين، ومولاه قال الترمذي: لا يعرف له سماع عن جابر
الراوي : جابر | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج زاد المعاد
الصفحة أو الرقم : 2/154 التخريج : أخرجه أبو داود (1851)، والترمذي (846)، والنسائي (2827) جميعهم بلفظه.
التصنيف الموضوعي: حج - لحم الصيد للمحرم آداب عامة - المباحات من الأفعال والأقوال حج - مباحات الإحرام
|أصول الحديث

11 -  لوْ غُفِرَ لكُمْ ما تَأْتونَ إلى البهائِمِ، لغُفِرَ لكُم كَثيرًا.

12 - صَيدُ البَرِّ لكُم حلالٌ وأنتُم حُرُمٌ ما لم تَصيدوه أو يُصَدْ لكُم.
خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن الدارقطني
الصفحة أو الرقم : 2744 التخريج : أخرجه أبو داود (1851)، والنسائي (2827) باختلاف يسير، والترمذي (846)
التصنيف الموضوعي: حج - لحم الصيد للمحرم آداب عامة - المباحات من الأفعال والأقوال حج - مباحات الإحرام
|أصول الحديث

13 - صَيدُ البَرِّ لكُم حلالٌ -قال سَعيدٌ: وأنتُم حُرُمٌ- ما لم تَصيدوه، أو يُصَدْ لكم.
خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 14894 التخريج : أخرجه أبو داود (1851)، والنسائي (2827) باختلاف يسير، والترمذي (846)، وأحمد (14894) واللفظ لهما
التصنيف الموضوعي: حج - لحم الصيد للمحرم آداب عامة - المباحات من الأفعال والأقوال حج - مباحات الإحرام
|أصول الحديث

14 - إنَّ اللهَ يرضى لكم ثلاثًا ويسخَطُ ثلاثًا: يرضى لكم أنْ تعبُدوه ولا تُشرِكوا به شيئًا وأنْ تعتصموا بحبلِ اللهِ جميعًا وأنْ تُناصِحوا مَن ولَّاه اللهُ أمرَكم ويسخَطُ لكم قيل وقال وإضاعةَ المالِ وكثرةَ السُّؤالِ
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرطهما
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 3388 التخريج : أخرجه مسلم (1715) دون قوله: "وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم"
التصنيف الموضوعي: آداب الكلام - نقل الحديث اعتصام بالسنة - الأمر بلزوم الجماعة اعتصام بالسنة - ما يكره من كثرة السؤال وتكلف ما لا يعنيه إمامة وخلافة - النصح لأئمة المسلمين وولاتهم إيمان - حق الله على العباد
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

15 - عن أبي سَلَمةَ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ قال: دخَلْتُ على عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ دارَه، فسأَلَني وهو يظُنُّ أنِّي مِن بني أُمِّ كُلثومٍ ابنةِ عُقبةَ، فقُلْتُ له: إنَّما أنا لِلكَلبيَّةِ ابنةِ الأَصبغِ، وقد جِئْتُكَ لِأسأَلَكَ عمَّا كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عهِدَ إليكَ -أو قال لكَ-؟ قال: كنتُ أقولُ في عَهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَأقرَأَنَّ القرآنَ في كلِّ يومٍ ولَيلةٍ، ولَأصومَنَّ الدَّهرَ، فبلَغَ ذلك رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عنِّي، فجاءني، فدخَلَ علَيَّ بيتي، فقال: ألم يبلُغْني يا عبدَ اللهِ أنَّكَ تقولُ: لَأصومَنَّ الدَّهرَ، ولَأقرَأَنَّ القرآنَ في كلِّ يومٍ ولَيلةٍ؟ قال: قُلْتُ: بلى، قد قُلْتُ ذاك يا نبيَّ اللهِ، قال: فلا تفعَلْ، صُمْ مِن كلِّ شهرٍ ثلاثةَ أيَّامٍ، قال: فقُلْتُ: إنِّي أَقوى على أكثرَ مِن ذلك، قال: فصُمِ الاثنَينِ والخميسَ، قال: فقُلْتُ: إنِّي أَقوى على أكثرَ مِن ذلك يا نبيَّ اللهِ، قال: فصُمْ يومًا وأفطِرْ يومًا؛ فإنَّه أعدلُ الصِّيامِ عندَ اللهِ، وهو صيامُ داوُدَ عليه السَّلامُ، وكان لا يُخلِفُ إذا وعَدَ، ولا يفِرُّ إذا لاقى، واقرَأِ القرآنَ في كلِّ شهرٍ مرَّةً، قال: قُلْتُ: إنِّي لَأَقوى على أكثرَ مِن ذلك يا نبيَّ اللهِ، قال: فاقرَأْه في كلِّ نِصفِ شهرٍ مرَّةً، قال: قُلْتُ: إنِّي أَقوى على أكثرَ مِن ذلك يا نبيَّ اللهِ، قال: فاقرَأْه في كلِّ سَبعٍ، لا تزيدَنَّ على ذلك، ثُمَّ انصرَفَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 6880 التخريج : أخرجه البخاري (1975، 5054) مفرقاً، ومسلم (1159) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: رقائق وزهد - القصد والمداومة على العمل صيام - صيام الاثنين والخميس صيام - صيام الدهر صيام - صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام - صيام داود
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

16 - هل لكم في كلمةٍ تَدِينُ لكم بها العرَبُ، وتؤدِّي العجَمُ إليكم بها الجِزْيةَ؟! قالوا: ما هي؟ قال: لا إلهَ إلا اللهُ.
خلاصة حكم المحدث : [فيه] يحيى بن عمارة، وذكره ابن حبان في الثقات وترجمه البخاري في التاريخ الكبير فلم يذكر فيه جرحًا
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج زاد المعاد
الصفحة أو الرقم : 3/140 التخريج : أخرجه الترمذي (3232)، وأحمد (2008) مطولاً باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: إسلام - فضل الإسلام إسلام - فضل الشهادتين جزية - أخذ الجزية جزية - أحكام الجزية وعلى من تكون
|أصول الحديث

17 - لا صلاةَ إلا بقراءةٍ [قالَ أبو هُرَيْرَةَ: فَما أعْلَنَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أعْلَنَّاهُ لَكُمْ، وما أخْفاهُ أخْفَيْناهُ لَكُمْ.]

18 - إيَّاكم أنْ تتَّخِذوا ظُهورَ دَوابِّكم مَنابرَ، فإنَّ اللهَ إنَّما سخَّرها لكم لتُبلِّغَكم إلى بلدٍ لمْ تَكونوا بالِغيهِ إلَّا بشِقِّ الأنفُسِ، وجعَل لكمُ الأرضَ، فعليها فاقْضوا حوائِجَكم.
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار
الصفحة أو الرقم : 38
التصنيف الموضوعي: آداب المجلس - الركوب على الدابة آداب عامة - الرفق بالحيوان والطير ونحوهما رقائق وزهد - الوصايا النافعة

19 - إيَّايَ أنْ تتَّخِذوا ظُهورَ دوابِّكم منابرَ؛ فإنَّ اللهَ إنَّما سخَّرَها لكم لِتُبلِّغَكم إلى بلدٍ لم تكونوا بالِغِيهِ إلَّا بشِقِّ الأنفُسِ، وجعَلَ لكم الأرضَ، فعليها فاقْضوا حاجاتِكم.
خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن أبي داود
الصفحة أو الرقم : 2567
التصنيف الموضوعي: آداب المجلس - الركوب على الدابة آداب عامة - الرفق بالحيوان والطير ونحوهما رقائق وزهد - الوصايا النافعة

20 - لا تتَّخِذوا ظُهورَ دوابِّكم منابِرَ؛ فإنَّ اللَّهَ سُبحانَهُ وتعالى إنَّما سخَّرَها لكُمْ لِتُبْلِغَكُمْ إلى بلدٍ لَمْ تكونوا بالِغيهِ إلَّا بشِقِّ الأنفُسِ، وجعَلَ لكُمُ الأرضَ، فعلَيْها فاقْضُوا حاجاتِكُمْ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : أبو هريرة | المحدث : شعيب الأرناووط | المصدر : تخريج شرح السنة
الصفحة أو الرقم : 11/32
التصنيف الموضوعي: آداب المجلس - الركوب على الدابة آداب عامة - الرفق بالحيوان والطير ونحوهما اعتصام بالسنة - أوامر النبي ونواهيه وتقريراته

21 - كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخرُجُ إلينا في الصُّفَّةِ وعلينا الحَوْتَكِيَّةُ ، فيقولُ: لو تَعْلَمونَ ما ذُخِر لكم ما حَزِنْتُم على ما زُويَ عنكم، وليُفْتَحَنَّ لكم فارِسُ والرُّومُ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده ضعيف
الراوي : العرباض بن سارية | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 17161 التخريج : أخرجه أحمد (17161) واللفظ له، وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (2/14)
التصنيف الموضوعي: رقائق وزهد - الزهد في الدنيا فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - إخبار النبي عن المغيبات مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رقائق وزهد - عيش السلف مناقب وفضائل - فضائل جمع من الصحابة والتابعين
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

22 -  ألَا أُخبرُكم بخَيرِ أعمالِكم، وأزْكاها عندَ مِليكِكُم، وأرْفَعِها لدَرَجاتِكم، وخيرٍ لكم من إعْطاءِ الذَّهَبِ والوَرِقِ، وخيرٍ لكم من أن تَلْقَوا عَدُوَّكم فتَضرِبوا رِقابَهم ويَضرِبونَ رِقابَكم؟ ذِكْرُ اللهِ عزَّ وجلَّ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده فيه ضعف وانقطاع
الراوي : أبو الدرداء | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 27525 التخريج : أخرجه الترمذي (3377)، وابن ماجه (3790)، وأحمد (27525) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - فضل الذكر أدعية وأذكار - الحث على ذكر الله تعالى إحسان - الحث على الأعمال الصالحة اعتصام بالسنة - تعليم النبي السنن لأصحابه
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

23 -  إنَّها ستَكونُ عليكم أئمَّةٌ مِن بَعْدي، فإنْ صَلَّوُا الصَّلاةَ لوَقْتِها فأَتَمُّوا الركوعَ والسجودَ فهي لكم ولهم، وإنْ لم يُصَلُّوا الصلاةَ لوَقْتِها ولم يُتِمُّوا رُكوعَها ولا سُجودَها فهي لكم وعليهم.
خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن
الراوي : عقبة بن عامر | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 17323 التخريج : أخرجه أحمد (17323) واللفظ له، وابن الأعرابي في ((المعجم)) (104)، والطبراني (17/347) (955)
التصنيف الموضوعي: إمامة وخلافة - وجوب طاعة الإمام اعتصام بالسنة - الأمر بلزوم الجماعة صلاة - تأخير الصلاة صلاة الجماعة والإمامة - من صلى في منزله ثم حضر الجماعة صلاة - فضل أول الوقت
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

24 - أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعَث أبا جَهمِ بنَ حُذيفةَ مصدِّقًا فلاجَّه رجُلٌ في صدقتِه فضرَبه أبو جَهمٍ فشجَّه فأتَوُا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالوا: القَوَدُ يا رسولَ اللهِ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( لكم كذا وكذا ) فلم يرضَوْا فقال: ( لكم كذا وكذا ) فلم يرضَوْا فقال: ( لكم كذا وكذا ) فرَضُوا وقال: ( أرضيتم ؟ ) قالوا: نَعم
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج صحيح ابن حبان
الصفحة أو الرقم : 4487
التصنيف الموضوعي: أقضية وأحكام - قضايا حكم فيها النبي صلى الله عليه وسلم ديات وقصاص - دية الأعضاء والجراح صلح - فضل الصلح بين المسلمين

25 - خرَج علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال: إنَّ اللهَ قد أمَدَّكم بصلاةٍ، وهي خيرٌ لكم مِن حُمْرِ النَّعَمِ ، وهي الوِترُ، فجعَلَها لكم فيما بينَ العِشاءِ إلى طُلوعِ الفَجرِ.
خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره
الراوي : خارجة بن حذافة العدوي | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سنن أبي داود
الصفحة أو الرقم : 1418
التصنيف الموضوعي: تراويح وتهجد وقيام ليل - وقت القيام تراويح وتهجد وقيام ليل - صلاة الوتر صلاة - فضل صلاة السنن إحسان - الحث على الأعمال الصالحة

26 - أنَّه سأَلَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: في كم أقرَأُ القرآنَ؟ -فذكَرَ الحديثَ- قال حتى قال: في سَبعٍ، لا يفقَهُ مَن قرَأَه في أقلَّ مِن ثلاثٍ، وقال: كيف أصومُ؟ قال: صُمْ مِن كلِّ شهرٍ ثلاثةَ أيَّامٍ، مِن كلِّ عشَرةِ أيَّامٍ يومًا، ويُكتَبُ لك أَجرُ تسعةِ أيَّامٍ، قال: إنِّي أقوى مِن ذلك، قال: صُمْ مِن كلِّ عشَرةٍ يومَينِ، ويُكتَبُ لكَ أَجرُ ثمانيةِ أيَّامٍ، حتى بلَغَ خمسةَ أيَّامٍ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط الشيخين
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 6775 التخريج : أخرجه أبو داود (1390)، والترمذي (2949)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (8067)، وابن ماجه (1347) مختصراً، وأحمد (6775) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: صيام - صيام ثلاثة أيام من كل شهر قرآن - في كم يقرأ القرآن صيام - صيام التطوع
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

27 - أَلَا أُنبِّئُكُم بخيرِ أعمالِكم، وأزْكاها عندَ مَليكِكُم، وأرفَعِها في دَرَجاتِكم ، وخيرٌ لكم من إنفاقِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، وخيرٌ لكم مِن أنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُم، فتَضْرِبوا أعناقَهُم، ويَضْرِبوا أعناقَكُم؟ "قالوا: بَلَى، قال: "ذِكرُ اللهِ تعالى".
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : أبو الدرداء | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج رياض الصالحين
الصفحة أو الرقم : 1441 التخريج : أخرجه الترمذي (3377)، وابن ماجه (3790)، وأحمد (21702)
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - فضل الذكر أدعية وأذكار - الحث على ذكر الله تعالى رقائق وزهد - أي الأعمال أفضل إحسان - الحث على الأعمال الصالحة
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

28 - ليُؤذِّنْ لكم خِيارُكم، ولْيؤُمَّكم قُرَّاؤُكم.
خلاصة حكم المحدث : [فيه] حسين بن عيسى الحنفي ضعفه الجمهور.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : شعيب الأرناووط | المصدر : تخريج شرح السنة
الصفحة أو الرقم : 837 التخريج : أخرجه أبو داود (590)، وابن ماجه (726)
التصنيف الموضوعي: صلاة الجماعة والإمامة - من أحق بالإمامة قرآن - فضل صاحب القرآن إمامة وخلافة - تقدم الأقرأ في الإمرة على الأشرف والأسن إمامة وخلافة - تولية الأكفاء صلاة الجماعة والإمامة - الإمام
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

29 -  كِيلوا طعامَكم يُبارَكْ لكم فيه.
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : أبو أيوب الأنصاري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 23508 التخريج : أخرجه ابن ماجه (2232)، وأحمد (23508)
التصنيف الموضوعي: بيوع - الكيل والوزن اعتصام بالسنة - أوامر النبي ونواهيه وتقريراته بيوع - آداب البيع تجارة - أحكام التجارة
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه

30 -  كِيلوا طعامَكم يُبارَكْ لكم فيه.
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : أبو أيوب الأنصاري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب
الصفحة أو الرقم : 23510 التخريج : أخرجه ابن ماجه (2232)، وأحمد (23508)
التصنيف الموضوعي: بيوع - الكيل والوزن اعتصام بالسنة - أوامر النبي ونواهيه وتقريراته بيوع - آداب البيع تجارة - أحكام التجارة
|أصول الحديث | شرح حديث مشابه