الموسوعة الحديثية


- حَدَّثتُ عُرْوةَ بنَ الزُّبَيرِ بحَديثِ أبي بَكرِ بنِ عَبدِ الرَّحمنِ، عن أُمِّ سَلَمةَ بقِصَّةِ النَّجاشيِّ، وقَولِه لعَمرِو بنِ العاصِ: فواللهِ ما أخَذَ اللهُ منِّي الرِّشْوةَ حين رَدَّ علَيَّ مُلْكي، وما أطاعَ النَّاسَ فيَّ، فأُطيعَ النَّاسَ فيه. فقال عُرْوةُ: أتَدري ما مَعناه؟ قُلتُ: لا. قال: إنَّ عائشةَ حَدَّثَتْني: أنَّ أباه كان مَلِكَ قَومِه، ولم يَكُنْ له وَلدٌ إلَّا النَّجاشيَّ، وكان للنَّجاشيِّ عَمٌّ، له مِن صُلبِه اثْنا عَشَرَ رَجُلًا، وكانوا أهلَ بَيْتِ مَملكةِ الحَبشةِ. فقالتِ الحَبشةُ بيْنَها: لو أنَّا قتَلْنا أبا النَّجاشيِّ، وملَّكْنا أخاه؛ فإنَّه لا وَلدَ له غيرُ هذا الغُلامِ، وإنَّ لأخيه اثنَيْ [عَشر] وَلدًا، فتَوارَثوا مُلكَه مِن بعدِه، فبَقيَتِ الحَبشةُ بعدَه دَهرًا. فعَدَوا على أبي النَّجاشيِّ، فقَتَلوه، ومَلَّكوا أخاه، فمَكَثوا على ذلك، ونشَأَ النَّجاشيُّ مع عَمِّه، وكان لَبيبًا حازمًا مِن الرِّجالِ، فغلَبَ على أمْرِ عَمِّه، ونزَلَ منه بكلِّ مَنزِلةٍ. فلمَّا رَأتِ الحَبشةُ مَكانَه منه، قالتْ بيْنَها: واللهِ إنَّا لنَتخَوَّفُ أنْ يُملِّكَه، ولئِنْ مَلَّكَه علينا ليَقتُلُنا أجمَعينَ، لقد عرَفَ أنَّا نحن قتَلْنا أباه. فمَشَوْا إلى عَمِّه، فقالوا له: إمَّا أنْ تَقتُلَ هذا الفَتى، وإمَّا أنْ تُخرِجَه مِن بيْنِ أظهُرِنا؛ فإنَّا قد خِفْنا على أنفُسِنا منه. قال: وَيلَكم، قتَلتُم أباه بالأمسِ، وأقتُلُه اليومَ! بل أخرِجوه مِن بِلادِكم. فخرَجوا به، فباعوه مِن رَجُلٍ تاجرٍ بسِتِّ مِئةِ دِرهَمٍ، ثُمَّ قذَفَه في سَفينةٍ، فانطلَقَ به حتى إذا المَساءُ مِن ذلك اليومِ، هاجتْ سَحابةٌ مِن سَحابِ الخَريفِ، فخرَجَ عَمُّه يَستمطِرُ تحتَها، فأصابَتْه صاعقةٌ، فقتَلَتْه. ففزِعَتِ الحَبشةُ إلى وَلدِه، فإذا هم حَمقى، ليس في وَلدِه خيرٌ، فمَرَجَ على الحَبشةِ أمْرُهم، فلمَّا ضاق عليهم ما هم فيه مِن ذلك، قال بَعضُهم لبَعضٍ: تَعلَمونَ -واللهِ- أنَّ مَلِكَكم الذي لا يُقيمُ أمْرَكم غيرُه، الذي بِعتُموه غُدْوةً، فإنْ كان لكم بأمْرِ الحَبشةِ حاجةٌ فأدْرِكوه. قال: فخرَجوا في طَلبِه، حتى أدْرَكوه، فأخَذوه مِن التَّاجرِ، ثُمَّ جاؤوا به، فعَقَدوا عليه التَّاجَ، وأقعَدوه على سَريرِ المُلكِ، ومَلَّكوه، فجاءهم التَّاجرُ، فقال: إمَّا أنْ تُعطُوني مالي، وإمَّا أنْ أُكلِّمَه في ذلك. فقالوا: لا نُعطيكَ شيئًا. قال: إذَنْ -واللهِ- لأُكلِّمَنَّه. قالوا: فدُونَكَ. فجاءه، فجلَسَ بيْنَ يَدَيه، فقال: أيُّها المَلِكُ، ابتَعتُ غُلامًا مِن قَومٍ بالسُّوقِ بسِتِّ مِئةِ دِرهَمٍ، فأسلَموه إلَيَّ، وأخَذوا دَراهِمي، حتى إذا سِرتُ بغُلامي أدْرَكوني، فأخَذوا غُلامي، ومَنَعوني دَراهِمي. فقال لهم النَّجاشيُّ: لتُعطُنَّه دَراهِمَه، أو ليُسلَّمَنَّ غُلامَه في يَدَيه، فليَذهَبَنَّ به حيثُ يَشاءُ. قالوا: بلْ نُعطيه دَراهِمَه. قالتْ: فلذلك يقولُ: ما أخَذَ اللهُ منِّي الرِّشْوةَ حينَ رَدَّ علَيَّ مُلكي،  فآخُذَ الرِّشوةَ فيه. وكان ذلك أوَّلَ ما خُبِرَ مِن صَلابَتِه في دِينِه، وعَدلِه في حُكمِه. ثُمَّ قالتْ: لمَّا مات النَّجاشيُّ، كنَّا نَتحدَّثُ أنَّه لا يَزالُ يُرى على قَبرِه نورٌ.
خلاصة حكم المحدث : رجاله ثقات، إلا أن فيه عنعنة ابن إسحاق
الراوي : محمد بن مسلم بن شهاب الزهري | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج سير أعلام النبلاء الصفحة أو الرقم : 1/429
التخريج : أخرجه ابن إسحاق في ((سيرة ابن هشام)) (1/ 339)، وأبو نعيم الأصبهاني في ((دلائل النبوة)) (195)، والبيهقي في ((دلائل النبوة)) (2/ 304) واللفظ لهم.
التصنيف الموضوعي: أقضية وأحكام - نهي الحاكم عن الرشوة مناقب وفضائل - النجاشي وأصحابه
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

أصول الحديث:


[سيرة ابن هشام - ت السقا] (1/ 339)
: قال ابن إسحاق: قال الزهري: فحدثت عروة بن الزبير [[عن عروة بن الزبير، عن عائشة ]] حديث أبي بكر ابن عبد الرحمن، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هل تدري ما قوله: ما ‌أخذ ‌الله ‌مني ‌الرشوة ‌حين ‌رد ‌علي ‌ملكي، فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس في فأطيع الناس فيه؟ قال: قلت: لا، قال: فإن عائشة أم المؤمنين حدثتني أن أباه كان ملك قومه، ولم يكن له ولد إلا النجاشي، وكان للنجاشي عم، له من صلبه اثنا عشر رجلا، وكانوا أهل بيت مملكة الحبشة، فقالت الحبشة بينها: لو أنا قتلنا أبا النجاشي وملكنا أخاه فإنه لا ولد له غير هذا الغلام، وإن لأخيه من صلبه اثني عشر رجلا، فتوارثوا ملكه من بعده، بقيت الحبشة بعده دهرا، فغدوا على أبي النجاشي فقتلوه، وملكوا أخاه، فمكثوا على ذلك حينا. ‌‌ (غلبة النجاشي عمه على أمره، وسعي الأحباش لإبعاده) : ونشأ النجاشي مع عمه، وكان لبيبا حازما من الرجال، فغلب على أمر عمه، ونزل منه بكل منزلة، فلما رأت الحبشة مكانه (منه) قالت بينها: والله لقد غلب هذا الفتى على أمر عمه، وإنا لنتخوف أن يملكه علينا، وإن ملكه علينا ليقتلنا أجمعين، لقد عرف أنا نحن قتلنا أباه. فمشوا إلى عمه فقالوا: إما أن تقتل هذا الفتى، وإما أن تخرجه من بين أظهرنا، فإنا قد خفناه على أنفسنا، قال: ويلكم! قتلت أباه بالأمس، وأقتله اليوم! بل أخرجه من بلادكم. قالت: فخرجوا به إلى السوق، فباعوه من رجل من التجار بست مائة درهم، فقذفه في سفينة فانطلق به، حتى إذا كان العشي من ذلك اليوم، هاجت سحابة من سحائب الخريف فخرج عمه يستمطر تحتها، فأصابته صاعقة فقتلته. قالت: ففزعت الحبشة إلى ولده، فإذا هو محمق، ليس في ولده خير، فمرج على الحبشة أمرهم. ‌‌(توليه الملك برضا الحبشة) : فلما ضاق عليهم ما هم فيه من ذلك، قال بعضهم لبعض: تعلموا والله أن ملككم الذي لا يقيم أمركم غيره للذي بعتم غدوة، فإن كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوه (الآن). قالت: فخرجوا في طلبه، وطلب الرجل الذي باعوه منه حتى أدركوه، فأخذوه منه، ثم جاءوا به، فعقدوا عليه التاج، وأقعدوه على سرير الملك، فملكوه. ‌‌(حديث التاجر الذي ابتاع النجاشي) : فجاءهم التاجر الذي كانوا باعوه منه، فقال: إما أن تعطوني مالي، وإما أن أكلمه في ذلك؟ قالوا: لا نعطيك شيئا، قال: إذن والله أكلمه، قالوا: فدونك وإياه. قالت: فجاءه فجلس بين يديه، فقال: أيها الملك، ابتعت غلاما من قوم بالسوق بست مائة درهم، فأسلموا إلي غلامي وأخذوا دراهمي، حتى إذا سرت بغلامي أدركوني، فأخذوا غلامي، ومنعوني دراهمي. قالت: فقال لهم النجاشي: لتعطنه دراهمه، أو ليضعن غلامه يده في يده، فليذهبن به حيث شاء، قالوا: بل نعطيه دراهمه. قالت: فلذلك يقول: ما أخذ الله مني رشوة حين رد علي ملكي، فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس في فأطيع الناس فيه. قالت: وكان ذلك أول ما خبر من صلابته في دينه، وعدله في حكمه.

دلائل النبوة - أبو نعيم الأصبهاني (ص250)
: 195 - حدثنا حبيب بن الحسن قال: ثنا محمد بن يحيى قال: ثنا أحمد بن محمد قال: ثنا إبراهيم بن سعد قال: قال محمد بن إسحاق: قال محمد بن مسلم: فحدث عروة بن الزبير [[عن عروة بن الزبير، عن عائشة ]] حديث أبي بكر بن عبد الله عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هل تدري ما قول النجاشي: ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس في حتى أطيعهم فيه؟ قال: قلت: لا قال: فإن عائشة أم المؤمنين حدثتني أن أباه كان ملك قومه ولم يكن له ولد إلا النجاشي وكان للنجاشي عم له من صلبه اثنا عشر رجلا وكانوا أهل بيت مملكة الحبشة فقالت الحبشة بينها: لو أنا قتلنا أبا النجاشي فإنه لا ولد له غير هذا الغلام وملكنا أخاه فإن له من صلبه اثني عشر رجلا فيتوارثون ملكه من بعده بقيت الحبشة بعده دهرا فعدوا على أبي النجاشي فقتلوه وملكوا أخاه فمكثوا على ذلك حينا ونشأ النجاشي مع عمه وكان لبيبا حازما من الرجال فغلب على أمر عمه ونزل منه كل منزلة فلما رأت الحبشة مكانه منه قالت بينها: والله لقد غلب هذا الفتى على عمه وإنا لنتخوف أن يملكه علينا ولئن ملكه علينا ليقتلنا أجمعين؛ لقد عرف أنا قتلنا أباه فمشوا إلى عمه فقالوا له: إما أن تقتل هذا الغلام وإما أن تخرجه من بين أظهرنا؛ فإنا قد خفناه على أنفسنا فقال: ويلكم قتلتم أباه بالأمس وأقتله اليوم؟ لا بل أخرجوه من بلادكم قالت: فخرجوا به إلى السوق فباعوه من رجل من التجار بستمائة درهم ثم قذفه في سفينة فانطلق به حتى إذا كان العشاء من ذلك اليوم هاجت سحابة من سحاب الخريف فخرج عمه يستمطر تحتها فأصابته صاعقة فقتلته قالت: ففزعت الحبشة إلى ولده فإذا هم حمق ليس في ولده خير فمرج على الحبشة أمرهم فلما ضاق عليهم ما هم فيه من ذلك قال بعضهم لبعض: تعلمون والله أن ملككم الذي لا يقيم أمركم غيره الذي بعتم فإن كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوا الغلام قالت: فخرجوا في طلبه وطلب الرجل الذي اشتراه فأدركوه فأخذوه ثم جاءوا به فعقدوا عليه التاج وأقعدوه على سرير المملكة فملكوه فجاءهم التاجر الذي كانوا باعوه منه فقال لهم: إما أن تعطوني مالي وإما أن أكلمه قالوا: فدونك قالت: فجاءه فجلس بين يديه فقال: أيها الملك ابتعت غلاما من قوم في السوق بستمائة درهم فأسلموا إلي غلامي وأخذوا دراهمي حتى إذا سرت بغلامي أدركوني فأخذوا غلامي ومنعوني دراهمي فقال: إما تردون عليه دراهمه أو ليسلمن إليه غلامه يده في يده فليذهبن به حيث يشاء قالوا: بل نعطيه دراهمه قالت: فلذلك يقول: ما أخذ الله مني الرشوة حين رد علي ملكي فآخذ الرشوة فيه وما أطاع الناس في فأطيع الناس فيه فكان ذلك أول ما اختبر من صلابته في دينه وعدله في حكمه "

[دلائل النبوة - البيهقي] (2/ 304)
: [[حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، قال: حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة ]] قال الزهري فحدثت بهذا الحديث عروة بن الزبير عن أم سلمة، فقال عروة: هل تدري ما قوله ما ‌أخذ ‌الله ‌مني ‌الرشوة ‌حين ‌رد ‌علي ‌ملكي فآخذ الرشوة فيه، ولا أطاع الناس في فأطيع الناس فيه؟ قال فقال لا إنما حدثني بذلك أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أم سلمة.، فقال عروة: فإن عائشة حدثتني أن أباه كان ملك قومه وكان له أخ من صلبه اثنا عشر رجلا، ولم يكن لأبي النجاشي ولد غير النجاشي، فأدارت الحبشة رأيها بينها فقالوا: إنا إن قتلنا أبا النجاشي، وملكنا أخاه فإن له اثنى عشر رجلا من صلبه فتوارثوا الملك لبقيت الحبشة عليهم دهرا طويلا لا يكون بينهم اختلاف، فعدوا عليه فقتلوه، وملكوا أخاه، فدخل النجاشي لعمه حتى غلب عليه فلا يدبر أمره غيره وكان لبيبا فلما رأت الحبشة مكانه من عمه قالوا لقد غلب هذا الغلام أمر عمه، فما نأمن أن يملكه علينا وقد عرف أنا قد قتلنا أباه فإن فعل لم يدع منا شريفا إلا قتله، فكلموه فيه فلنقتله، أو نخرجه من بلادنا فمشوا إلى عمه فقالوا: قد رأينا مكان هذا الفتى منك وقد عرفت أنا قد قتلنا أباه وجعلناك مكانه وإنا لا نأمن أن تملكه علينا فيقتلنا، فإما أن نقتله وإما أن تخرجه من بلادنا! قال: فقال ويحكم قتلتم أباه بالأمس وأقتله اليوم، بل أخرجه من بلادكم. فخرجوا به فوقفوه بالسوق فباعوه من تاجر من التجار فقذفه في سفينة بستمئة درهم أو بسبعمائة درهم.. فانطلق به فلما كان العشي هاجت سحابة من سحاب الخريف فجعل عمه يتمطر تحتها فأصابته صاعقة فقتلته، ففزعوا إلى ولده فإذا هم محمقين ليس في أحد منهم خير. فمرج على الحبشة أمرهم، فقال بعضهم لبعض: تعلمون والله إن ملككم الذي لا يصلح أمركم غيره للذي يعتم بالغداة فإن كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوه قبل أن يذهب. فخرجوا في طلبه حتى أدركوه فردوه فعقدوا عليه تاجه وأجلسوه على سريره وملكوه، فقال التاجر: ردوا علي مالي كما أخذتم مني غلامي، فقالوا لا نعطيك فقال إذا [[والله]] أكلمه فقالوا وإن. فمشى إليه فكلمه فقال أيها الملك إني ابتعت غلاما فقبضوا مني الذي باعونيه ثمنه ثم عدموا على غلامي فنزعوه من يدي ولم يردوا علي مالي فكان أول ما خبر من صلابة حكمه وعدله أن قال لتردن عليه ما له أو ليجعلن غلامه يده في يده فليذهبن به حيث شاء فقالوا بل نعطيه ماله فأعطوه إياه فلذلك يقول ما أخذ الله مني الرشوة فآخذ الرشوة منه حيث رد علي ملكي وما أطاع الناس في فأطيعهم فيه