الموسوعة الحديثية


- خرَجْنا في حُجَّاجِ قَوْمِنا مِن المشرِكِينَ، وقد صلَّيْنا وفَقِهْنا، ومعنا البَرَاءُ بنُ مَعْرورٍ، كبيرُنا وسيِّدُنا، فلمَّا توجَّهْنا لسفَرِنا وخرَجْنا مِن المدينةِ، قال البَرَاءُ لنا: يا هؤلاء، إنِّي قد رأَيتُ واللهِ رأيًا، وإنِّي واللهِ ما أدري توافِقوني عليه أم لا، قال: قُلْنا له: وما ذاكَ؟ قال: قد رأَيتُ ألَّا أدَعَ هذه البَنِيَّةَ منِّي بظَهْرٍ -يَعنِي الكعبةَ- وأنْ أصلِّيَ إليها، قال: فقُلْنا: واللهِ، ما بلَغَنا أنَّ نبيَّنا يُصلِّي إلَّا إلى الشامِ، وما نُرِيدُ أنْ نخالِفَهُ، فقال: إنِّي أصلِّي إليها، قال: فقُلْنا له: لكنَّا لا نَفعَلُ، فكنَّا إذا حضَرَتِ الصلاةُ، صلَّيْنا إلى الشامِ، وصلَّى إلى الكعبةِ، حتى قَدِمْنا مكَّةَ، قال أخي: وقد كنَّا عِبْنَا عليه ما صنَعَ، وأبَى إلا الإقامةَ عليه، فلمَّا قَدِمْنا مكَّةَ، قال: يا بنَ أخي، انطلِقْ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فاسأَلْهُ عمَّا صنَعْتُ في سفَري هذا؛ فإنَّه واللهِ قد وقَعَ في نفسي منه شيءٌ لِمَا رأَيْتُ مِن خلافِكم إيَّايَ فيه، قال: فخرَجْنا نَسألُ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكنَّا لا نَعرِفُهُ، لم نرَهُ قبْلَ ذلك، فلَقِيَنا رجُلٌ مِن أهلِ مكَّةَ، فسأَلْناه عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: هل تَعرِفانِهِ؟ قال: قُلْنا: لا، قال: فهل تَعرِفانِ العبَّاسَ بنَ عبدِ المطَّلِبِ عمَّهُ؟ قُلْنا: نَعمْ، قال: وكنَّا نَعرِفُ العبَّاسَ، كان لا يَزالُ يَقدَمُ علينا تاجرًا، قال: فإذا دخَلْتُما المسجِدَ، فهو الرَّجُلُ الجالسُ مع العبَّاسِ، قال: فدخَلْنا المسجِدَ، فإذا العبَّاسُ جالسٌ، ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ معه جالسٌ، فسلَّمْنا، ثمَّ جلَسْنا إليه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ للعبَّاسِ: هل تَعرِفُ هذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ يا أبا الفضلِ؟ قال: نَعمْ، هذا البَرَاءُ بنُ مَعْرورٍ سيِّدُ قَوْمِهِ، وهذا كعبُ بنُ مالكٍ، قال: فواللهِ، ما أنسَى قولَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الشاعرُ؟ قال: نَعمْ، قال: فقال البَرَاءُ بنُ مَعْرورٍ: يا نبيَّ اللهِ، إنِّي خرَجْتُ في سفَري هذا، وهدَاني اللهُ للإسلامِ، فرأَيْتُ ألَّا أَجعَلَ هذه البَنِيَّةَ منِّي بظَهْرٍ، فصلَّيْتُ إليها، وقد خالَفَني أصحابي في ذلك، حتى وقَعَ في نفسي مِن ذلك شيءٌ، فماذا تَرى يا رسولَ اللهِ؟ قال: لقد كنتَ على قِبْلةٍ لو صبَرْتَ عليها! قال: فرجَعَ البَرَاءُ إلى قِبْلةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فصلَّى معنا إلى الشامِ، قال: وأهلُهُ يَزعُمُون أنَّه صلَّى إلى الكعبةِ حتى مات، وليس ذلك كما قالوا، نحن أعلَمُ به منهم، قال: وخرَجْنا إلى الحجِّ، فواعَدَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ العقَبةَ مِن أوسَطِ أيَّامِ التشريقِ، فلمَّا فرَغْنا مِن الحجِّ، وكانت الليلةُ التي وعَدَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومعنا عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ حرامٍ أبو جابرٍ، سيِّدٌ مِن سادتِنا، وكنَّا نَكتُمُ مَن معنا مِن قَوْمِنا مِن المشرِكِينَ أَمْرَنا، فكلَّمْناه، وقُلْنا له: يا أبا جابرٍ، إنَّك سيِّدٌ مِن سادتِنا، وشريفٌ مِن أشرافِنا، وإنَّا نَرغَبُ بك عمَّا أنت فيه؛ أنْ تكونَ حطَبًا للنارِ غدًا، ثمَّ دعَوْتُهُ إلى الإسلامِ، وأخبَرْتُهُ بميعادِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأسلَمَ وشَهِدَ معنا العقَبةَ، وكان نَقِيبًا، قال: فنِمْنا تلك الليلةَ مع قَوْمِنا في رِحالِنا، حتى إذا مضَى ثُلُثُ الليلِ، خرَجْنا مِن رِحالِنا لميعادِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، نَتسلَّلُ مُستَخْفِينَ تَسلُّلَ القَطَا، حتى اجتمَعْنا في الشِّعْبِ عند العقَبةِ، ونحن سبعون رجُلًا، ومعنا امرأتانِ مِن نسائِهم: نُسَيبةُ بنتُ كَعْبٍ، أمُّ عُمَارةَ، إحدى نساءِ بني مازنِ بنِ النجَّارِ، وأسماءُ بنتُ عمرِو بنِ عَدِيِّ بنِ ثابتٍ، إحدى نساءِ بني سَلِمةَ، وهي أمُّ مَنِيعٍ، قال: فاجتمَعْنا بالشِّعْبِ نَنتظِرُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتى جاءنا ومعه يومئذٍ عمُّهُ العبَّاسُ بنُ عبدِ المطَّلِبِ، وهو يومئذٍ على دِينِ قومِهِ، إلَّا أنَّه أحَبَّ أنْ يَحضُرَ أمرَ ابنِ أخيه، ويَتوثَّقَ له، فلمَّا جلَسْنا، كان العبَّاسُ بنُ عبدِ المطَّلِبِ أوَّلَ متكلِّمٍ، فقال: يا مَعشَرَ الخَزْرجِ -قال: وكانت العرَبُ ممَّا يُسَمُّون هذا الحيَّ مِن الأنصارِ الخَزْرجَ؛ أَوْسَها وخَزْرَجَها- إنَّ محمَّدًا منَّا حيث قد عَلِمْتُم، وقد منَعْناه مِن قَوْمِنا ممَّن هو على مِثلِ رَأْيِنا فيه، وهو في عِزٍّ مِن قَوْمِهِ، ومنَعةٍ في بلَدِهِ، قال: فقُلْنا: قد سَمِعْنا ما قلتَ، فتكلَّمْ يا رسولَ اللهِ، فخُذْ لنفسِكَ ولرَبِّكَ ما أحبَبْتَ، قال: فتكلَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فتلَا ودعَا إلى اللهِ عزَّ وجلَّ، ورغَّبَ في الإسلامِ، قال: أبايِعُكم على أن تَمنَعوني ممَّا تَمنَعون منه نِساءَكم وأبناءَكم، قال: فأخَذَ البَرَاءُ بنُ مَعْرورٍ بيدِهِ، ثمَّ قال: نَعمْ والذي بعَثَكَ بالحقِّ، لَنَمنَعَنَّكَ ممَّا نَمنَعُ منه أُزُرَنا ، فبايِعْنا يا رسولَ اللهِ؛ فنَحْنُ أهلُ الحروبِ، وأهلُ الحلَقةِ، وَرِثْناها كابرًا عن كابرٍ ، قال: فاعترَضَ القولَ -والبَرَاءُ يُكلِّمُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أبو الهَيْثمِ بنُ التَّيِّهانِ حليفُ بني عبدِ الأشهَلِ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ بَيْننا وبَيْنَ الرِّجالِ حِبالًا، وإنَّا قاطِعُوها -يَعنِي العهودَ- فهل عسَيْتَ إنْ نحن فعَلْنا ذلك، ثمَّ أظهَرَكَ اللهُ أن تَرجِعَ إلى قَوْمِكَ وتدَعَنا؟ قال: فتبسَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ قال: بل الدَّمُ الدَّمُ، والهَدْمُ الهَدْمُ، أنا منكم، وأنتم مِنِّي، أُحارِبُ مَن حارَبْتُم، وأُسالِمُ مَن سالَمْتُم، وقد قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أخرِجُوا إلَيَّ منكم اثنَيْ عشَرَ نَقِيبًا يكونون على قَوْمِهم، فأخرَجُوا منهم اثنَيْ عشَرَ نَقِيبًا، منهم تِسعةٌ مِن الخَزْرجِ، وثلاثةٌ مِن الأَوْسِ. وأمَّا مَعبَدُ بنُ كَعْبٍ، فحدَّثَني في حديثِهِ، عن أخيه، عن أبيه كَعْبِ بنِ مالكٍ قال: كان أوَّلَ مَن ضرَبَ على يدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ البَرَاءُ بنُ مَعْرورٍ، ثمَّ تتابَعَ القومُ، فلمَّا بايَعْنا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، صرَخَ الشيطانُ مِن رأسِ العقَبةِ بأبعَدِ صوتٍ سَمِعْتُهُ قطُّ: يا أهلَ الجَبَاجِبُ -والجَبَاجِبُ: المَنازِلُ- هل لكم في مُذمَّمٍ والصُّبَاةِ معه؟ قد أجمَعُوا على حَرْبِكم -قال عليٌّ، يَعنِي ابنَ إسحاقَ: ما يقولُ عدوُّ اللهِ: محمَّدٌ- فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هذا أزَبُّ العقَبةِ ، هذا ابنُ أزيَبَ، اسمَعْ أيْ عدوَّ اللهِ، أمَا واللهِ، لَأفرُغَنَّ لك، ثمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ارفَعُوا إلى رِحالِكم، قال: فقال له العبَّاسُ بنُ عُبادةَ بنِ نَضْلةَ: والذي بعَثَكَ بالحقِّ، لئنْ شِئْتَ لَنُمِيلَنَّ على أهلِ مِنًى غدًا بأسيافِنا، قال: فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لم أُؤمَرْ بذلك، قال: فرجَعْنا فنِمْنا حتى أصبَحْنا، فلمَّا أصبَحْنا، غدَتْ علينا جِلَّةُ قُرَيشٍ حتى جاؤُونا في مَنازِلِنا، فقالوا: يا مَعشَرَ الخَزْرجِ، إنَّه قد بلَغَنا أنَّكم قد جِئْتُم إلى صاحبِنا هذا تَستخرِجونه مِن بَيْنِ أظهُرِنا، وتبايِعُونه على حَرْبِنا، واللهِ، إنَّه ما مِن العرَبِ أحدٌ أبغَضَ إلينا أنْ تَنشَبَ الحربُ بَيْننا وبَيْنه منكم، قال: فانبعَثَ مَن هنالك مِن مشرِكِي قَوْمِنا، يَحلِفون لهم باللهِ ما كان مِن هذا شيءٌ، وما عَلِمْناه، وقد صدَقُوا؛ لم يَعلَموا ما كان منَّا، قال: فبعضُنا يَنظُرُ إلى بعضٍ، قال: وقام القومُ، وفيهم الحارثُ بنُ هشامِ بنِ المغيرةِ المَخْزوميُّ، وعليه نَعْلانِ جديدانِ، قال: فقلتُ كلمةً كأنِّي أُرِيدُ أن أُشرِكَ القومَ بها فيما قالوا: ما تَستطيعُ يا أبا جابرٍ وأنت سيِّدٌ مِن سادتِنا أنْ تتَّخِذَ نَعْلَيْنِ مِثلَ نَعْلَيْ هذا الفتى مِن قُرَيشٍ، فسَمِعَها الحارثُ، فخلَعَهما، ثمَّ رمَى بهما إلَيَّ، فقال: واللهِ، لَتَنتعِلَنَّهما، قال: يقولُ أبو جابرٍ: أَحْفَظْتَ -واللهِ- الفتَى، فاردُدْ عليه نَعْلَيْهِ، قال: فقلتُ: واللهِ، لا أرُدُّهما، فَأْلٌ واللهِ صالحٌ، واللهِ، لئنْ صدَقَ الفَأْلُ، لَأسلُبَنَّهُ.
خلاصة حكم المحدث : قوي
الراوي : كعب بن مالك | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب الصفحة أو الرقم : 15798
التخريج : أخرجه أحمد (15798) واللفظ له، وابن حبان (7011)، والطبراني (19/87) (174)
التصنيف الموضوعي: بيعة - البيعة على ماذا تكون بيعة - مبايعة الإمام مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مناقب وفضائل - فضائل الأنصار مناقب وفضائل - العباس بن عبد المطلب
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح الحديث

أصول الحديث:


[مسند أحمد] (25/ 89 ط الرسالة)
((15798- حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: فحدثني معبد بن كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين أخو بني سلمة أن أخاه عبيد الله بن كعب- وكان من أعلم الأنصار- حدثه أن أباه كعب بن مالك- وكان كعب ممن شهد العقبة وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها- قال: خرجنا في حجاج قومنا من المشركين وقد صلينا وفقهنا، ومعنا البراء بن معرور كبيرنا وسيدنا، فلما توجهنا لسفرنا، وخرجنا من المدينة، قال البراء لنا: يا هؤلاء إني قد رأيت والله رأيا، وإني والله ما أدري توافقوني عليه أم لا؟ قال: قلنا له: وما ذاك؟ قال: قد رأيت أن لا أدع هذه البنية مني بظهر- يعني الكعبة- وأن أصلي إليها. قال: فقلنا: والله ما بلغنا أن نبينا يصلي إلا إلى الشام، وما نريد أن نخالفه فقال: إني أصلي إليها. قال: فقلنا له: لكنا لا نفعل، فكنا إذا حضرت الصلاة صلينا إلى الشام، وصلى إلى الكعبة، حتى قدمنا مكة، قال أخي: وقد كنا عبنا عليه ما صنع، وأبى إلا الإقامة عليه، فلما قدمنا مكة قال: يا ابن أخي انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاسأله عما صنعت في سفري هذا، فإنه- والله- قد وقع في نفسي منه شيء لما رأيت من خلافكم إياي فيه. قال: فخرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنا لا نعرفه، لم نره قبل ذلك، فلقينا رجل من أهل مكة، فسألناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: هل تعرفانه؟ قال: قلنا: لا. قال: فهل تعرفان العباس بن عبد المطلب، عمه؟ قلنا: نعم. قال: وكنا نعرف العباس، كان لا يزال يقدم علينا تاجرا. قال: فإذا دخلتما المسجد، فهو الرجل الجالس مع العباس. قال: فدخلنا المسجد، فإذا العباس جالس ورسول الله صلى الله عليه وسلم معه جالس، فسلمنا، ثم جلسنا إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس: (( هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل؟)) قال: نعم، هذا البراء بن معرور سيد قومه، وهذا كعب بن مالك. قال: فوالله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( الشاعر؟)) قال: نعم. قال: فقال البراء بن معرور: يا نبي الله، إني خرجت في سفري هذا، وهداني الله للإسلام، فرأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر، فصليت إليها، وقد خالفني أصحابي في ذلك، حتى وقع في نفسي من ذلك شيء، فماذا ترى يا رسول الله؟ قال: (( لقد كنت على قبلة لو صبرت عليها)) قال: فرجع البراء إلى قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى معنا إلى الشام. قال: وأهله يزعمون أنه صلى إلى الكعبة حتى مات، وليس ذلك كما قالوا، نحن أعلم به منهم. قال: وخرجنا إلى الحج، فواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق، فلما فرغنا من الحج، وكانت الليلة التي وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر سيد من سادتنا، وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا، فكلمناه، وقلنا له: يا أبا جابر، إنك سيد من سادتنا وشريف من أشرافنا، وإنا نرغب بك عما أنت فيه أن تكون حطبا للنار غدا. ثم دعوته إلى الإسلام، وأخبرته بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأسلم، وشهد معنا العقبة، وكان نقيبا. قال: فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا، حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم نتسلل مستخفين تسلل القطا، حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة، ونحن سبعون رجلا، ومعنا امرأتان من نسائهم، نسيبة بنت كعب أم عمارة إحدى نساء بني مازن بن النجار، وأسماء بنت عمرو بن عدي بن ثابت إحدى نساء بني سلمة وهي أم منيع. قال: فاجتمعنا بالشعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءنا ومعه يومئذ عمه العباس بن عبد المطلب، وهو يومئذ على دين قومه، إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه، ويتوثق له، فلما جلسنا كان العباس بن عبد المطلب أول متكلم، فقال: يا معشر الخزرج،- قال: وكانت العرب مما يسمون هذا الحي من الأنصار الخزرج؛ أوسها وخزرجها- إن محمدا منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه، وهو في عز من قومه، ومنعة في بلده. قال: فقلنا: قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت. قال: فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلا، ودعا إلى الله عز وجل، ورغب في الإسلام، قال: (( أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم)) قال: فأخذ البراء بن معرور بيده، ثم قال: نعم، والذي بعثك بالحق، لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله، فنحن أهل الحروب وأهل الحلقة، ورثناها كابرا عن كابر. قال: فاعترض القول- والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الهيثم بن التيهان حليف بني عبد الأشهل، فقال: يا رسول الله، إن بيننا وبين الرجال حبالا، وإنا قاطعوها- يعني العهود- فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك، ثم أظهرك الله، أن ترجع إلى قومك، وتدعنا؟ قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: (( بل الدم الدم، والهدم الهدم أنا منكم وأنتم مني، أحارب من حاربتم، وأسالم من سالمتم)) وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا يكونون على قومهم)) فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا، منهم تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس. وأما معبد بن كعب، فحدثني في حديثه عن أخيه، عن أبيه كعب بن مالك قال: كان أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم البراء بن معرور، ثم تتابع القوم، فلما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صرخ الشيطان من رأس العقبة بأبعد صوت سمعته قط: يا أهل الجباجب- والجباجب: المنازل- هل لكم في مذمم والصباة معه؟ قد أجمعوا على حربكم- قال علي- يعني ابن إسحاق-: ما يقول عدو الله: محمد- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( هذا أزب العقبة، هذا ابن أزيب، اسمع أي عدو الله، أما والله لأفرغن لك)). ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ارفعوا إلى رحالكم)) قال: فقال له العباس بن عبادة بن نضلة: والذي بعثك بالحق لئن شئت لنميلن على أهل منى غدا بأسيافنا؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لم أؤمر بذلك)). قال: فرجعنا فنمنا حتى أصبحنا، فلما أصبحنا غدت علينا جلة قريش حتى جاؤونا في منازلنا، فقالوا: يا معشر الخزرج، إنه قد بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا، وتبايعونه على حربنا! والله إنه ما من العرب أحد أبغض إلينا أن تنشب الحرب بيننا وبينه منكم. قال: فانبعث من هنالك من مشركي قومنا يحلفون لهم بالله ما كان من هذا شيء وما علمناه. وقد صدقوا لم يعلموا ما كان منا. قال: فبعضنا ينظر إلى بعض. قال: وقام القوم وفيهم الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي وعليه نعلان جديدان، قال: فقلت كلمة كأني أريد أن أشرك القوم بها فيما قالوا: ما تستطيع يا أبا جابر وأنت سيد من سادتنا أن تتخذ نعلين مثل نعلي هذا الفتى من قريش؟ فسمعها الحارث، فخلعهما، ثم رمى بهما إلي، فقال: والله لتنتعلنهما. قال: يقول أبو جابر: أحفظت- والله- الفتى، فاردد عليه نعليه. قال: فقلت: والله لا أردهما فأل- والله- صالح، والله لئن صدق الفأل لأسلبنه فهذا حديث كعب بن مالك عن العقبة وما حضر منها)).

صحيح ابن حبان (15/ 471)
7011- أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون الرياني، حدثنا عمار بن الحسن الهمداني، حدثنا سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق حدثني معبد بن كعب بن مالك عن أخيه عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه وغيره أنهم واعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلقوه من العام القابل بمكة فيمن تبعهم من قومهم، فخرجوا من العام القابل سبعون رجلا فيمن خرج من أرض الشرك من قومهم، قال كعب بن مالك: حتى إذا كنا بظاهر البيداء، قال البراء بن معرور بن صخر بن خنساء- وكان كبيرنا وسيدنا-: قد رأيت رأيا والله ما أدري أتوافقوني عليه أم لا؟ إني قد رأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر- يريد الكعبة- وإني أصلي إليها فقلنا: لا تفعل، وما بلغنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلا إلى الشام، وما كنا نصلي إلى غير قبلته، فأبينا عليه ذلك، وأبى علينا، وخرجنا في وجهنا ذلك، فإذا حانت الصلاة صلى إلى الكعبة، وصلينا إلى الشام، حتى قدمنا مكة. قال كعب بن مالك: قال لي البراء بن معرور: والله يا بن أخي قد وقع في نفسي ما صنعت في سفري هذا، قال: وكنا لا نعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنا نعرف العباس بن عبد المطلب كان يختلف إلينا بالتجارة ونراه، فخرجنا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، حتى إذا كنا بالبطحاء، لقينا رجلا فسألناه عنه، فقال: هل تعرفانه؟ قلنا: لا والله، قال: فإذا دخلتم، فانظروا الرجل الذي مع العباس جالسا فهو هو، تركته معه الآن جالسا. قال: فخرجنا حتى جئناه صلى الله عليه وسلم، فإذا هو مع العباس، فسلمنا عليهما، وجلسنا إليهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هل تعرف هذين الرجلين يا عباس))؟ قال: نعم، هذان الرجلان من الخزرج- وكانت الأنصار إنما تدعى في ذلك الزمان أوسها وخزرجها- هذا البراء بن معرور، وهو رجل من رجال قومه، وهذا كعب بن مالك، فوالله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الشاعر)) قال: نعم، قال البراء بن معرور: يا رسول الله إني قد صنعت في سفري هذا شيئا أحببت أن تخبرني عنه، فإنه قد وقع في نفسي منه شيء، إني قد رأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر، وصليت إليها، فعنفني أصحابي وخالفوني، حتى وقع في نفسي من ذلك ما وقع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما إنك قد كنت على قبلة لو صبرت عليها))، ولم يزده على ذلك. قال: ثم خرجنا إلى منى، فقضينا الحج، حتى إذا كان وسط أيام التشريق، اتعدنا نحن ورسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة، فخرجنا من جوف الليل نتسلل من رحالنا، ونخفي ذلك ممن معنا من مشركي قومنا، حتى إذا اجتمعنا عند العقبة، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس بن عبد المطلب، فتلا علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فأجبناه وصدقناه، وآمنا به، ورضينا بما قال، ثم إن العباس بن عبد المطلب تكلم فقال: يا معشر الخزرج إن محمدا منا حيث قد علمتم، وإنا قد منعناه ممن هو على مثل ما نحن عليه، وهو في عشيرته وقومه ممنوع، فتكلم البراء بن معرور، وأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: بايعنا، قال: (( أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم ونساءكم وأبناءكم))، قال: نعم والذي بعثك بالحق، فنحن والله أهل الحرب، ورثناها كابرا عن كابر قال أبو حاتم: مات البراء بن معرور بالمدينة قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إياها بشهر، وأوصى أن يوجه في حفرته نحو الكعبة، ففعل به ذلك، وأما ترك أمر المصطفى صلى الله عليه وسلم إياه بإعادة الصلاة التي صلاها نحو الكعبة، حيث كان الفرض عليهم استقبال بيت المقدس، كان ذلك، لأن البراء أسلم لما شاهد المصطفى صلى الله عليه وسلم، فمن أجله لم يأمره بإعادة تلك الصلاة.

 [المعجم الكبير – للطبراني]- دار إحياء التراث (19/ 87)
174- حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، حدثني معبد بن كعب بن مالك بن القين، أخو بني سلمة، عن أخيه عبيد الله بن كعب، عن أبيه كعب بن مالك، قال: خرجنا في الحجة التي بايعنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة مع مشركي قومنا، ومعنا البراء بن معرور كبيرنا وسيدنا، حتى إذا كنا بظاهر البيداء، قال: يا هؤلاء تعلمون أني قد رأيت رأيا، ما أدري أتوافقوني عليه أم لا؟ قلنا: ما هو يا أبا البشر؟ قال: رأيت أني أصلي إلى هذه البنية ولا أجعلها مني بظهر، قلنا: لا والله لا تفعل، ما بلغنا أن نبينا صلى الله عليه وسلم لا يصلي إلا إلى الشام، قال: فإني والله لمصل إليها، وكان إذا حضرت الصلاة توجه إلى الكعبة وتوجهنا إلى الشام، حتى قدمنا مكة، فقال لي البراء بن معرور: يا ابن أخي انطلق بنا إلى رسول الله حتى نسأله عما صنعنا في سفرنا هذا، فلقد وجدت في نفسي منه بخلافكم إياي، فخرجنا نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقينا رجل بالأبطح، فقلنا له: تدلنا على محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، قال: وهل تعرفانه إذا رأيتماه؟ قلنا: لا والله ما نعرفه، ولم نكن رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فهل تعرفان العباس بن عبد المطلب؟ قلنا: نعم، وقد كنا نعرفه، كان يختلف إلينا بالتجارة، قال: فإذا دخلتما المسجد فانظرا العباس فهو الرجل الذي معه، فدخلنا المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم والعباس في ناحية المسجد جالسان، فسلمنا وجلسنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تعرف هذين الرجلين؟ فلما انفتل، قال: نعم، هذا البراء بن معرور سيد قومه، وهذا كعب بن مالك، فوالله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشاعر؟ قال: نعم، فقال له البراء بن معرور: يا رسول الله إني قد كنت رأيت في سفري هذا رأيا قد أحببت أن أسألك عنه لتخبرني عما صنعت فيه، قال: وما ذلك؟ قال: رأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر، فصليت إليها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد كنت على قبلة لو صبرت إليها، فرجع إلى قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهله يقولون: قد مات عليها، ونحن أعلم به قد رجع إلى قبلة رسول الله فصلى معنا إلى الشام , ثم واعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أوسط أيام التشريق، ونحن سبعون رجلا لبيعته، ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر، وإنه لعلى شركه، فقلنا: يا أبا جابر إنا والله لنرغب بك أن تموت على ما أنت عليه فتكون لهذه النار غدا حطبا، وإن الله عز وجل قد بعث رسولا يأمر بتوحيده، وقد أسلم رجال من قومك، وقد واعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم للبيعة، فأسلم وطهر ثيابه وحضرها معنا، وكان نقيبا، فلما كان في الليلة التي واعدنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى أول الليل مع قومنا، فلما استثقل الناس في النوم تسللنا من فرشنا تسلل القطا، حتى اجتمعنا بالعقبة، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمه العباس ليس معه غيره وهو على شركه، ولكنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه، فكان أول متكلم، قال: يا معشر الخزرج ـ إنما كانت العرب تسمي هذا الحي من الأنصار أوسها وخزرجها الخزرج ـ يا معشر الخزرج إن محمدا منا بحيث قد علمتم، وهو في منعة من قومه وبلاده، وقد منعناه ممن على مثل رأينا فيه، وقد أبى إلا انقطاعنا إليكم وإلى ما دعوتموه إليه، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما واعدتموه إليه فأنتم وما علمتم، وإن كنتم تخشون من أنفسكم خذلانا فاتركوه في قومه، فإنه في منعة من عشيرته وقومه، فقلنا: قد سمعنا ما قلت، تكلم يا رسول الله فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا إلى الله عز وجل وتلا القرآن ورغب في الإسلام، فأجبناه في الإيمان به والتصديق له، وقلنا: يا رسول الله خذ لربك ثم لنفسك، فقال: إني أبايعكم على أن تمنعوني مما منعتم منه أبناءكم ونساءكم، فأجابه البراء بن معرور فقال: نعم، والذي بعثك بالحق، فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحن والله أهل الحروب وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر، فعرض في الحديث أبو الهيثم بن التيهان فقال: يا رسول الله إن بيننا وبين قوم حبالا، وإنا لقاطعوها، فهل عسيت إن أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل الدم الدم، والهدم الهدم، أنا منكم وأنتم مني، أسالم من سالمتم، وأحارب من حاربتم، فقال البراء بن معرور: ابسط يدك أبايعك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا، فأخرجوهم، وكان نقيب بني النجار أسعد بن زرارة، وكان نقيب بني سلمة البراء بن معرور وعبد الله بن عمرو بن حرام، وكان نقيب بني ساعدة سعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو، وكان نقيب بني زريق رافع بن مالك بن العجلان، وكان نقيب بني الحارث بن الخزرج عبد الله بن رواحة وسعد بن الربيع، وكان نقيب بني عوف بن الخزرج عبادة بن الصامت، ونقيب بني عبد الأشهل أسيد بن حضير، وأبو الهيثم بن التيهان، وكان نقيب بني عمرو بن عوف سعد بن خيثمة، وكانوا اثني عشر، تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس، فأخذ البراء بن معرور بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب عليها، فكان أول من بايع، فتتابع الناس فبايعوا، وصرخ الشيطان على العقبة بأبعد صوت سمعته قط، فقال: يا أهل الحباحب هل لكم في محمد والصباة معه قد اجتمعوا على حربكم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ارفضوا إلى رحالكم، فرجعنا إلى رحالنا، فاضطجعنا على فرشنا، فلما أصبحنا أقبلت جلة من قريش، فيهم الحارث بن هشام فتى شاب عليه نعلان له جديدان، حتى جاؤونا في رحالنا، فقالوا: يا معشر الخزرج قد جئتم إلى صاحبنا لتستخرجوه من بين أظهرنا، وإنه والله ما من العرب أحد أبغض إلينا أن ينشب الحرب فيما بيننا وبينه منكم، فانبعث من هناك من قومنا من المشركين يحلفون بالله ما كان من هذا شيء وما فعلناه، وأنا أنظر إلى أبي جابر بن عبد الله بن حرام، وهو صامت وأنا صامت، فلما تثور القوم لينطلقوا قلت كلمة كأني أشركهم في الكلام: يا أبا جابر أنت من سادتنا، وكهل من كهولنا، لا تستطيع أن تتخذ مثل نعل هذا الفتى من قريش، فسمعه الفتى فخلع نعليه، فرمى بهما إلي، فقال: والله لتلبسنهما، فقال أبو جابر: مهلا، أحفظت لعمر الله الرجل، يقول أخجلته، اردد عليه نعليه، قلت: والله لا أردهما، إني لأرجو أن أستلبه. 175- حدثنا عبدان بن أحمد، حدثنا محمد بن يحيى القطيعي، حدثنا وهب بن جرير، حدثني أبي، عن محمد بن إسحاق، حدثني معبد بن كعب، عن أخيه عبيد الله بن كعب، قال: خرجنا من المدينة نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج معنا حجاج قومنا من أهل الشرك، فذكر نحوه.