موسوعة اللغة العربية

المسألةُ الثانيةُ: لامُ الطَّلَبِ


هي التي يُرادُ بها الأمرُ أو الالتِماسُ أو الدُّعاءُ ، كقَولِه تعالى: فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي [البقرة: 186] ، وقَولِه تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: 29] ، وقوله تعالى: لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ [الزخرف: 77] ، وقَولِه تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ [الطلاق: 7] .
وهي مبْنيَّةٌ على الكَسرِ، فإذا سُبِقَت بالواوِ أو الفاءِ يَكثُر بناؤها على السُّكونِ، ويَقِلُّ الكَسرُ، وإذا سُبِقت بـ(ثم) يَكثُرُ أن تُبْنى على الكَسرِ أيضًا، ويَقِلُّ السُّكونُ.
مثالٌ إعرابيٌّ: فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي
فليستجيبوا: الفاءُ: حرفٌ مَبْنيٌّ على الفَتحِ، واللامُ: لامُ الأمرِ حَرفُ جزمٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ لاتِّصالِه بالفاءِ، يستجيبوا: فِعلٌ مُضارعٌ مجزومٌ باللامِ، وعَلامةُ جزمِه حَذفُ النُّونِ؛ لأنَّه من الأفعالِ الخمسةِ، والواوُ: ضميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ رَفعٍ فاعِلٌ.
لي: جارٌّ ومجرورٌ مُتعَلِّقٌ بالفِعْل (يستجيبوا). وكذلك إعرابُ (ولْيُؤمِنوا بي).
وأكثَرُ ما تأتي اللامُ مع الفِعْلِ المسنَدِ للغائِبِ كالآياتِ السَّابقةِ، أو المتكلِّمِ كقَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «قُومُوا فَلِأُصَلِّ لَكُمْ »؛ فإنَّ الفِعْلَ مجزومٌ، وعَلامةُ جَزمِه حَذفُ حَرفِ العِلَّةِ؛ فإنَّ أصلَه: أُصَلِّي، أو المخاطَبِ المَبْنيِّ للمفعولِ، كقَولِك: لِتُعْنَ بحاجتي.
أمَّا دخولُه على الفِعْلِ المسنَدِ للمخاطَبِ المَبْنيِّ للفاعِلِ فقَليلٌ؛ تَقولُ: لتَجتهِدْ في دروسِك حتى تنجَحَ. ومنه قراءةُ أُبَيٍّ وأنَسٍ: فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا [يونس: 58] بالتاءِ: "فلتَفْرَحوا". وإنَّما قلَّ دُخولُها على الفعلِ المسنَدِ للمخاطَبِ؛ لأنَّ الأصلَ أنْ يُؤمَرَ المخاطبُ بفِعلِ الأمرِ، لا باللَّامِ.
ويجوزُ في الشِّعرِ حِذفُ اللامِ وبقاءُ عَمَلِها، ومنه قَولُ الشَّاعِرِ:
محمَّدُ تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ
إِذَا مَا خِفْتَ مِنْ شَيْءٍ تَبَالَا
فجُزِمَ الفِعْلُ "تَفْدِ" باللامِ المحذوفةِ.
ومنه قَولُ الشَّاعِرِ:
فَلَا تَسْتَطِلْ مِنِّي بَقَائِي وَمُدَّتِي
وَلَكِنْ يَكُنْ لِلْخَيْرِ مِنْكَ نَصِيبُ
أي: لِيَكُنْ للخَيرِ منك نصيبٌ، فحَذَف اللامَ وجَزم الفِعْلَ بَعْدَها.
أمَّا قَولُه تعالى: قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ [إبراهيم: 31] ؛ فقيل: إنَّه مجزومٌ بها كذلك، وهي محذوفةٌ، وذلك كثيرٌ إذا وقعت بعد قَولٍ، أو إنَّ الفِعْلَ "يقيموا" مجزومٌ بجوابِ الطَّلَبِ لا باللَّامِ؛ فإنَّ أصلَه: قُلْ لعبادي أَقيموا يُقِيموا.
ولا يجوزُ الفَصلُ بينها وبين الفِعْلِ المجزومِ بها، لا بمعمولِ الفِعْلِ ولا بغيرِه؛ فلا يجوزُ: لِدُروسه يُذاكِرْ محمَّدٌ .

انظر أيضا:

  1. (1) يُراد بها الأمرُ إذا كان الطَّلَبُ من الأعلى درجةً، والالتماسُ إذا كان الطَّالِبُ مساويًا للمطلوبِ منه، والدُّعاءُ إذا كان الطَّالِبُ أقَلَّ دَرَجةً مِنَ المطلوبِ منه.
  2. (2) يُنظَر: ((شرح ألفية ابن مالك)) لابن الناظم (ص: 491، 492)، ((توضيح المقاصد والمسالك بشرح ألفية ابن مالك)) للمرادي (3/ 1265).