موسوعة اللغة العربية

المسألةُ الخامسةُ: (لمَّا)


وهي أختُ "لم"، وتُشبِهُها في دخولها على الفِعْل المضارعِ، وتَقلِبُ زمنَه إلى الماضي، ويُجزَمُ الفِعْلُ بها.
ومنها قَولُه تعالى: بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ [ص: 8] ، وقَولُه تعالى: وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات: 14] .
ومنه قَولُ ابنِ قَيسِ الرُّقَيَّاتِ:
كَيْفَ نَوْمِي عَلَى الْفِرَاشِ وَلَمَّا
تَشْمَلِ الشَّامَ غَارَةٌ شَعْوَاءُ
الفرقُ بين "لم" و"لَمَّا":
يختَلِفُ الحرفانِ قليلًا في المعنى؛ وذلك أنَّ "لم" تأتي لنَفيِ "فَعَلَ"، بينما تأتي "لَمَّا" لنفي "قد فَعَلَ"، ولهذا يفيدُ الإخبارُ بـ(لَمَّا) احتمالَ وُقوعِ الفِعْل المنفيِّ مُستَقبَلًا؛ تَقولُ: لَمَّا يأتِ محمدٌ بعدُ، وأنت تتوقَّعُ مجيئَه، ومنه قَولُه تعالى: وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات: 14] ، أي: لم يدخُلْ إلى الآنَ، وإن كان في طريقِه إلى الدُّخولِ.
وتنفَرِدُ "لم" عن "لَمَّا" بأمورٍ؛ منها:
1- جوازُ دُخولِها على أدواتِ الشَّرْطِ؛ تَقولُ: إن لم تأتِني آتِك، ومنه قَولُه تعالى: فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ [القصص: 50] ، وقَولُه تعالى: فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا [المجادلة: 4] . ولا يجوزُ ذلك مع "لَمَّا".
2- جوازُ انفصالِ نَفْيِها عن الحالِ، فتنفي الماضيَ المنقَطِعَ حَدَثُه عن زمنِ الحالِ، مِثلُ قَولِهم: لم يكُنْ كذا ثمَّ كان، بخلاف (لَمَّا) فإنَّه يجِبُ اتصالُ نَفْيِها بالحالِ.
3- لا يجوزُ حَذْفُ الفِعْلِ بعد "لم" إلَّا في الضَّرورةِ، كقَولِ الشَّاعِرِ:
احفَظْ وديعتَك التي استُودِعْتَها
يَوْمَ الأعازِبِ إن وصَلْتَ وإن لَمِ
ويجوزُ مع (لَمَّا) كثيرًا، تَقولُ: نَدِمَ زيدٌ ونفَعَه النَّدَمُ، ونَدِمَ غَيرُه ولَمَّا. ومنه قَولُ الشَّاعِرِ:
فجئتُ قُبورَهم بدْءًا ولَمَّا
فنادَيْتُ القُبورَ فلم يُجِبْنَه
أي: ولَمَّا أكُنْ كذلك.
4- أنَّ "لم" قد يُفصَلُ بينها وبين معمولها في ضرورةِ الشِّعرِ كما سبق بيانُه، ولا يجوزُ ذلك مع (لَمَّا)، كما لا يجوزُ الفصلُ بين (قدْ) والفِعْلِ بَعْدَه يُنظَر: ((شرح التسهيل)) لابن مالك (4/ 63)، ((شرح الكافية لابن الحاجب)) لرضي الدين الإستراباذي (4/ 82). .

انظر أيضا: