موسوعة التفسير

سورةُ المُزَّمِّلِ
الآيات (15-19)

ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ

غريب الكلمات:

وَبِيلًا: أي ثَقيلًا شَديدًا، وأصلُ (وبل): يدُلُّ على شِدَّةٍ في شَيءٍ .
الْوِلْدَانَ: أي: صِغارَ الأطفالِ، جمعُ وليدٍ، وهو الطِّفلُ الصَّغيرُ، والوَليدُ يُقالُ لِمَن قَرُبَ عهْدُه بالوِلادةِ وإن كان في الأصلِ يَصِحُّ لِمَن قَرُبَ عَهْدُه أو بَعُدَ، فإذا كبِر الوَلَدُ سقَط عنه هذا الاسمُ .
مُنْفَطِرٌ: الانفِطارُ: التَّصَدُّعُ والانشِقاقُ على غيرِ نِظامٍ، وأصلُ (فطر): يدُلُّ على فَتحِ شَيءٍ وإبرازِه .

المعنى الإجمالي:

يقولُ تعالى مذَكِّرًا بما حلَّ بالمكذِّبِين مِن قَبْلِهم: إنَّا أرسَلْنا إليكم رَسولًا شاهِدًا على مَنِ اتَّبَعَه وآمَنَ به، ومَنْ خالَفَه وكفَر به -وهو محمَّدٌ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، كما أرسَلْنا إلى فِرعَونَ رَسولًا، وهو موسى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، فعصَى فِرعَونُ موسى عليه السَّلامُ، فلم يُؤمِنْ به، فأهلَكْنا فِرعَونَ وجُنْدَه إهلاكًا ثَقيلًا بإغراقِهم أجمَعينَ.
ثم يُذكِّرُ -سُبحانَه- بأهوالِ يومِ القيامةِ، فيقولُ: فكيف تتَّقونَ -إنْ بَقِيتُم على الكُفرِ- أهوالَ القيامةِ الَّتي يَشيبُ منها الوِلْدانُ، السَّماءُ مُتشَقِّقةٌ فيه؛ مِن شِدَّتِه وعِظَمِ أهوالِه، كان وَعْدُ اللهِ مَفعولًا لا محالةَ.
ثمَّ يختمُ الله تعالى هذه التَّهديداتِ، فيقولُ: إنَّ هذه تَذكِرةٌ يَتذَكَّرُ بها المتَّقونَ، فمَن شاء اتَّخَذ إلى رَبِّه طَريقًا بالإيمانِ به وطاعتِه.

تفسير الآيات:

إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا (15).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
لَمَّا هدَّدَ المكذِّبين بأهوالِ القِيامةِ؛ ذكَّرَهم بحالِ فِرعونَ وكيفَ أخَذَه اللهُ تعالَى؛ إذ كَذَّب مُوسى عليه السَّلامُ، وأنَّه إنْ دامَ تَكذيبُهم أهْلَكَهم اللهُ تعالَى .
وأيضًا لَمَّا ذَكَر العذابَ ووَقْتَه، وقدَّمَهما؛ لِيَكونَ السَّامِعُ أقبَلَ لِما يُطلَبُ منه- أتْبَعَهما السَّبَبَ فيه، مُشيرًا إلى ما به إصلاحُ أمرِ الآخرةِ الَّتي فيها المَعادُ، وإليها المنتهى والمآبُ، فقال :
إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ.
أي: إنَّا أرسَلْنا إليكم محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شاهِدًا على إيمانِ مَن استجابَ له منكم فاتَّبَعَه، وكُفْرِ مَن خالفَه وعَصاه .
كما قال تعالى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا [النساء: 41] .
كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا.
أي: مِثْلَ ما أرسَلْنا إلى فِرعَونَ رَسولًا يَدْعوه إلى الحَقِّ، وهو موسى عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ .
فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا (16).
فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ.
أي: فعصى فِرعَونُ موسى عليه السَّلامُ، فلم يُؤمِنْ به وبما جاء به .
فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا.
أي: فأهلَكْنا فِرعَونَ وجُنْدَه إهلاكًا ثَقيلًا غليظًا بإغراقِهم أجمَعينَ؛ فاحذَروا أن تَعصُوا رَسولَكم مُحمَّدًا، فيُهلِكَكم اللهُ كما أهلك فِرعَونَ وقَومَه حينَ عَصَوا رَسولَهم .
كما قال تعالى: فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ [الأعراف: 136] .
وقال سُبحانَه: فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ [الذاريات: 40].
وقال عزَّ وجلَّ: وَلَقَدْ جَاءَ آَلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ * كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ [القمر: 41، 42].
وقال تبارك وتعالى: فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى [النازعات: 25].
فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (17).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
لَمَّا عُلِمَ أنَّ اللهَ سُبحانَه شديدُ الأخْذِ، وأنَّه لا يُغْني ذا الجَدِّ منه الجَدُّ؛ سَبَّبَ عن ذلك قَولَه محَذِّرًا لهم مِن الاقتِداءَ بفِرعَونَ :
فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (17).
أي: فكيف تَحصُلُ لكم الوِقايةُ والنَّجاةُ مِن كُرَبِ يومِ القيامةِ الَّذي يَشيبُ فيه الوِلْدانُ مِن فَزَعِه وشِدَّةِ أهوالِه، إنْ بَقِيتُم على الكُفرِ فلم تُؤمِنوا وتَعمَلوا صالِحًا ؟!
عن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رَضِي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((يقولُ اللهُ تعالى: يا آدمُ، فيقول: لبَّيكَ وسَعْدَيكَ، والخيرُ في يدَيكَ، فيقولُ: أَخرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قال: وما بَعْثُ النَّارِ؟ قال: مِن كلِّ ألفٍ تِسعَمائةٍ وتسعةً وتسعينَ، فعنده يَشيبُ الصَّغيرُ، وتضعُ كلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها ، وترى النَّاسَ سُكارَى وما هم بسُكارَى، ولكنَّ عذابَ اللهِ شديدٌ )) .
السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا (18).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
لَمَّا كان أمرُ القيامةِ أمرًا عَظيمًا، صوَّرَ بَعضَ أهوالِه؛ زيادةً في عِظَمِه ، فقال:
السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ.
أي: السَّماءُ مُتشَقِّقةٌ يومَ القيامةِ؛ مِن شِدَّتِه وعِظَمِ أهوالِه .
كما قال تعالى: إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ [الانفطار: 1].
وقال سُبحانَه: إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ [الانشقاق: 1] .
كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا.
أي: ما وَعَد اللهُ به خَلْقَه مِن مَجيءِ القيامةِ أمرٌ واقِعٌ لا محالةَ؛ فاللهُ تعالى لا يُخلَفُ وَعْدُه .
إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29).
مُناسَبةُ الآيةِ لِما قَبْلَها:
أنَّ اللهَ تعالى بدأ في أوَّلِ السُّورةِ بشَرحِ أحوالِ السُّعَداءِ، وأمَّا الأشقياءُ فقد بدأ بتهديدِهم على سَبيلِ الإجمالِ، وهو قَولُه تعالى: وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ [المزمل:11] ، ثمَّ ذَكَر بَعْدَه أنواعَ عذابِ الآخرةِ، ثمَّ ذَكَر بعدَه عذابَ الدُّنيا، وهو الأخذُ الوَبيلُ في الدُّنيا، ثمَّ وَصَف بعدَه شِدَّةَ يومِ القيامةِ، فعندَ هذا تمَّ البيانُ بالكُلِّيَّةِ؛ فلا جَرَم خَتَم ذلك الكلامَ بقَولِه: إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ .
وأيضًا لَمَّا كان ما مضى مِن هذه السُّورةِ مِن الأحكامِ والتَّرغيبِ والتَّرهيبِ: مُرشِدًا إلى معالي الأخلاقِ، مُنقِذًا مِن كُلِّ سوءٍ؛ قال مُستأنِفًا مؤَكِّدًا تنبيهًا على عِظَمِها، وأنَّها ممَّا يَنبغي التَّنبيهُ عليه :
إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ.
أي: إنَّ هذه تَذكِرةٌ يَتذَكَّرُ بها المتَّقونَ، وعِظةٌ وعِبرةٌ .
فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا.
أي: فمَن شاء مِنَ النَّاسِ اتَّخَذ إلى رَبِّه طَريقًا بالإيمانِ به وطاعتِه؛ لِيَظفَرَ برِضاه ورَحمتِه .

الفوائد التربوية:

قَولُ اللهِ تعالى: إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا هذا تَنويهٌ بآياتِ القُرآنِ، وتجديدٌ للتَّحريضِ على التَّدَبُّرِ فيه والتَّفَكُّرِ على طَريقةِ التَّعريضِ .

الفوائد العلمية واللطائف:

1- في قَولِه تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا ذِكْرُ الإرسالِ الدِّينيِّ، ويقابلُه ذِكْرُ الإرسالِ الكَونيِّ في قَولِه: أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا [مريم: 83] ، وقولِه: وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ [الفرقان: 48] .
2- قَولُ اللهِ تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا فيه سُؤالٌ: هل يمكِنُ التَّمَسُّكُ بهذه الآيةِ في إثباتِ أنَّ القِياسَ حُجَّةٌ؟
الجوابُ: نعم؛ لأنَّ الكلامَ إنَّما ينتَظِمُ لو قِسْنا إحدى الصُّورتَينِ على الأُخرى .
3- في قَولِه تعالى: فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ إثباتُ الأسبابِ .
4- في قَولِه تعالى: يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا التَّحذيرُ مِن يومِ القيامةِ .
5- قَولُ اللهِ تعالى: فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا في هذا دَليلٌ على أنَّ اللهَ تعالى أقدَرَ العبادَ على أفعالِهم، ومكَّنَهم منها، لا كما يَقولُه الجَبْريَّةُ: (إنَّ أفعالَهم تقَعُ بغَيرِ مَشيئتِهم!)؛ فإنَّ هذا خِلافُ النَّقلِ والعَقلِ .
6- في قَولِه تعالى: فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا إثباتُ مَشيئةِ العِبادِ ؛ لكنَّ مشيئةَ العبدِ داخلةٌ تحتَ مشيئةِ الله وتابعةٌ لها، قال الله تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الإنسان: 30] .

بلاغة الآيات :

1- قولُه تعالَى: إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا
- نُقِلَ الكلامُ إلى مُخاطَبةِ المشركينَ بعْدَ أنْ كان الخِطابُ مُوجَّهًا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. والمُناسَبةُ لذلك التَّخلُّصُ إلى وَعيدِهم؛ بعْدَ أنْ أمَرَه بالصَّبرِ على ما يَقولون وهَجْرِهم هَجْرًا جَميلًا؛ إذ قال له: وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ إلى قولِه: وَعَذَابًا أَلِيمًا [المزمل: 11- 13] ؛ فالكلامُ استِئنافٌ ابتدائيٌّ، ولا يُعَدُّ هذا الخِطابُ مِن الالتفاتِ؛ لأنَّ الكلامَ نُقِلَ إلى غرَضٍ غيرِ الغرَضِ الَّذي كان قبْلَه . وقيل: هو كَلامٌ مُستأنَفٌ مَسوقٌ لخِطابِ أهْلِ مكَّةَ على طَريقِ الالْتفاتِ مِن الغَيبةِ في قولِه: وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ [المزمل: 10] ، وقولِه: وَالْمُكَذِّبِينَ [المزمل: 11] .
- والمَقصودُ مِن هذا الخبَرِ التَّعريضُ بالتَّهديدِ أنْ يُصِيبَهم مِثلُ ما أصابَ أمْثالَهم ممَّن كذَّبوا الرُّسلَ، فهو مثَلٌ مَضروبٌ للمُشرِكين .
- وأُكِّدَ الخبَرُ بحرْفِ (إنَّ) في قولِه: إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ؛ لأنَّ المُخاطَبينَ مُنكِرونَ أنَّ اللهَ أرسَلَ إليهم رَسولًا .
- وتَنكيرُ رَسُولًا المُرسَلِ إلى فِرعونَ؛ لأنَّ الاعتبارَ بالإرسالِ لا بشَخصِ المُرسَلِ؛ إذ التَّشبيهُ تَعلَّقَ بالإرسالِ في قولِه: كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ؛ إذ تَقديرُه: كإرْسالِنا إلى فِرعونَ رسولًا . وقيل: لعَلَّه نكَّرَه؛ للتَّنبيهِ على أنَّه ليس مِن قومِ فِرعَونَ، فلا مانِعَ له منه مِن حميمٍ ولا شَفيعٍ يُطاعُ؛ ليُعلَمَ أنَّه مَن كانت له قبيلةٌ تُحامي عنه، أَولى بالنُّصرةِ .
- وأُدمِجَ في التَّنظيرِ والتَّهديدِ وصْفُ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بكَونِه شاهِدًا عليهم، والمُرادُ بالشَّهادةِ هنا: الشَّهادةُ بتَبليغِ ما أرادَهُ اللهُ مِن النَّاسِ، وبذلك يكونُ وَصْفُ شَاهِدًا مُوافقًا لاستِعمالِ الوصْفِ باسمِ الفاعلِ في زمَنِ الحالِ، أي: هو شاهدٌ عليكم الآنَ بمُعاوَدةِ الدَّعوةِ والإبلاغِ، وأمَّا شَهادةُ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ القِيامةِ فهي شَهادةٌ بصِدقِ المسلِمينَ في شَهادتِهم على الأُمَمِ بأنَّ رُسلَهم أبْلَغوا إليهم رِسالاتِ ربِّهم، وذلك قولُه تعالَى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا [البقرة: 143] .
- قولُه: كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا ... اختِيرَ للمُشرِكينَ ضَرْبُ المَثَلِ بفِرعونَ مع مُوسى عليه السَّلامُ؛ لأنَّ الجامعَ بيْنَ حالِ أهلِ مكَّةَ وحالِ أهلِ مِصرَ في سبَبِ الإعراضِ عن دَعوةِ الرَّسولِ، هو مَجموعُ ما همْ عليه مِن عِبادةِ غيرِ اللهِ، وما يَملَأُ نُفوسَهم مِن التَّكبُّرِ والتَّعاظُمِ على الرَّسولِ المَبعوثِ إليهم بزَعْمِهم أنَّ مِثلَهم لا يُطِيعُ مِثلَه، كما حَكَى اللهُ تعالَى عنهم بقولِه: فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ [المؤمنون: 47] ، وقدْ قال أهلُ مكَّةَ: لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [الزخرف: 31] ، وقدْ حَكَى اللهُ عنهم أنَّهم قالوا: لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا [الفرقان: 21] ، ولأنَّ أخبارَ مُوسى عليه السَّلامُ مع فِرعونَ كانت مُنتشِرةً بمَكَّةَ .
- والكافُ في قولِه: كَمَا أَرْسَلْنَا في محلِّ النَّصبِ على أنَّها صفةٌ لمصدرٍ محذوفٍ، على تقديرِ اسميتِها، أي: إرسالًا مثلَ إرسالِنا، أو الجارُّ والمجرورُ في موضعِ الصِّفةِ على تقديرِ حرفيتِها، أي: إرسالًا كائنًا كما، والمعنى: أرسَلْنا إليكم رسولًا شاهدًا عليكم فعصَيْتُموه، كما أرْسَلْنا إلى فرعونَ رسولًا فعَصاه .
- وتَفريعُ فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ إيماءٌ إلى أنَّ ذلك هو الغرَضُ مِن هذا الخبَرِ، وهو التَّهديدُ بأنْ يَحُلَّ بالمُخاطَبينَ لَمَّا عَصَوُا الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِثلُ ما حلَّ بفِرعونَ .
- وفي إعادةِ فرعونَ والرَّسولِ مظهرينِ تفظيعٌ لشأنِ عصيانِه، وأنَّ ذلك لكونِه عصيانَ الرسولِ، لا لكونِه عصيانَ موسى .
- وفي قولِه: كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ لَمَّا جرَى ذِكرُ الرَّسولِ المُرسَلِ إلى فِرعونَ أوَّلَ مَرَّةٍ نَكِرةً رَسُولًا، جِيءَ به في ذِكرِه ثانيَ مرَّةٍ الرَّسُولَ مُعرَّفًا بلامِ العَهدِ، وهو العهدُ الذِّكريُّ، أي: الرَّسولَ المذكورَ آنفًا؛ فإنَّ النَّكرةَ إذا أُعيدتْ مُعرَّفةً باللَّامِ كان مدلولُها عينَ الأُولَى، فلمَّا أعادَه وهو مَعهودٌ بالذِّكرِ، أدخَلَ لامَ التَّعريفِ إشارةً إلى المَذكورِ بَعينِه .
- قولُه: فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا الأخْذُ مُعبَّرٌ به عن الإهلاكِ؛ لأنَّه لَمَّا أزالَهم مِن الحياةِ أشْبَهَ فِعلُه أخْذَ الآخِذِ شيئًا مِن مَوضِعِه، وجَعْلَه عندَه .
- قولُه: فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا خارجٌ مِن التَّشبيهِ؛ جِيءَ به للتَّنبيهِ على أنَّه سيَحيقُ بهؤلاءِ ما حاقَ بأولئكَ لا مَحالةَ .
- والوَبيلُ مُعبَّرٌ به عن سَيِّئِ العاقِبةِ، شَديدِ السُّوءِ .
2- قوله تعالَى: فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا
- الاستفهامُ بـ (كيف) هنا مُستعمَلٌ في التَّعجيزِ والتَّوبيخِ، وهو مُتفرِّعٌ بالفاءِ على ما تَضمَّنَه الخِطابُ السَّابقُ مِن التَّهديدِ على تَكذيبِ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وما أُدمِجَ فيه مِن التَّسجيلِ بأنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شاهدٌ عليهم، فليس بعدَ الشَّهادةِ إلَّا المُؤاخَذةُ بما شَهِدَ به، وقدِ انتَقَل بهم مِن التَّهديدِ بالأخْذِ في الدُّنيا، المُستفادِ مِن تَمثيلِ حالِهم بحالِ فِرعونَ مع مُوسى، إلى الوَعيدِ بعِقابٍ أشدَّ، وهو عَذابُ يومِ القِيامةِ، وقدْ نشَأَ هذا الاستِفهامُ عن اعتبارِهم أهلَ اتِّعاظٍ وخَوفٍ مِن الوَعيدِ بما حلَّ بأمْثالِهم، ممَّا شَأنُه أنْ يُثيرَ فيهم تَفكيرًا في النَّجاةِ مِن الوُقوعِ فيما هُدِّدوا به، وأنَّهم إنْ كانوا أهلَ جَلادةٍ على تَحمُّلِ عَذابِ الدُّنيا؛ فماذا يَصنَعون في اتِّقاءِ عَذابِ الآخرةِ؟! فدَلَّت فاءُ التَّفريعِ واسمُ الاستفهامِ على هذا المعْنى، فالمعْنى: هَبْكم أقدَمْتُم على تَحمُّلِ عَذابِ الدُّنيا، فكيف تَتَّقون عَذابَ الآخرةِ ؟!
- وفِعلُ الشَّرطِ مِن قولِه: إِنْ كَفَرْتُمْ مُستعمَلٌ في معْنى الدَّوامِ على الكُفْرِ؛ لأنَّ ما يَقْتضيهِ الشَّرطُ مِن الاستِقبالِ قَرينةٌ على إرادةِ معْنى الدَّوامِ مِن فِعلِ كَفَرْتُمْ، وإلَّا فإنَّ كُفْرَهم حاصلٌ مِن قبْلِ نُزولِ هذه الآيةِ .
وقيل: في ذكرِ إِنْ التي للشَّكِّ إشعارٌ بأنَّه لا ينبغي الشكُّ معَ إرسالِ هذا الرَّسولِ النُّورِ المبينِ .
- ووَصْفُ اليومِ بأنَّه يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا وصْفٌ له باعتبارِ ما يقَعُ فيه مِن الأهوالِ والأحزانِ؛ لأنَّه شاع أنَّ الهمَّ ممَّا يُسرِعُ به الشَّيبُ، فلمَّا أُرِيدَ وصْفُ هَمِّ ذلك اليومِ بالشِّدَّةِ البالغةِ، أُسنِدَ إليه شَيبُ الولدانِ الَّذين شَعرُهم في أوَّلِ سَوادِه، وهذه مُبالَغةٌ عَجيبةٌ . وذلك على قولٍ في التَّفسيرِ.
3- قولُه تعالَى: السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا
- جُملةُ السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ صِفةٌ ثانيةٌ، والباءُ بمعْنى (في)، وهو ارتقاءٌ في وصْفِ اليومِ بحُدوثِ الأهوالِ فيه؛ فإنَّ انفطارَ السَّماءِ أشدُّ هَولًا ورُعبًا ممَّا كُنِّيَ عنه بجُملةِ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا، أي: السَّماءُ على عِظَمِها وسُمْكِها تَنفطِرُ لذلك اليومِ، فما ظنُّكُم بأنفُسِكم وأمثالِكم مِن الخَلائقِ فيه؟! فذِكرُ انفطارِ السَّماءِ في ذلك اليومِ زِيادةٌ في تَهويلِ أحوالِه؛ لأنَّ ذلك يَزيدُ المُهدَّدينَ رُعبًا وإنْ لم يكُنِ انفطارُ السَّماءِ مِن آثارِ أعمالِهم، ولا له أثَرٌ في زِيادةِ نَكالِهم .
- ويَجوزُ أنْ تُجعَلَ جُملةُ السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ مُستأنَفةً مُعترِضةً بيْنَ جُملةِ فَكَيْفَ تَتَّقُونَ ... إلخ، وجُملةِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا. ويجوزُ أنْ يكونَ الإخبارُ بانفطارِ السَّماءِ على طَريقةِ التَّشبيهِ البليغِ، أي: كالمُنفطِرِ به، فيَكونَ المعْنى كقولِه تبارك وتعالَى: وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا [مريم: 88 - 90] .
- وتَذكيرُ قولِه: مُنْفَطِرٌ؛ لإجرائِه على مَوصوفٍ مَحذوفٍ مُذكَّرٍ، أي: شَيءٌ مُنفطِرٌ، عُبِّرَ عنها بذلك للتَّنبيهِ على أنَّه تَبدَّلتْ حَقيقتُها، وزالَ عنها اسْمُها ورسْمُها، ولم يَبْقَ منها إلَّا ما يُعبَّرُ عنه بالشَّيءِ. وقيل: لتَأويلِ السَّماءِ بمعْنى السَّقفِ، تقولُ: هذا سَماءُ البيتِ، أي: سَقْفُه، قال تعالَى: وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا [الأنبياء: 32] ، أو لأنَّها تُذكَّرُ وتُؤنَّثُ، أو جاء مُنْفَطِرٌ على النَّسَبِ، أي: ذاتُ انفطارٍ، كامرأةٍ مُرضِعٍ وحائضٍ، أي: ذاتُ إرضاعٍ وذاتُ حَيضٍ .
وقيل: لَمَّا كان المرادُ الجِنسَ الشَّاملَ للكلِّ ذَكَّرَ فقال: مُنْفَطِرٌ، أي: مُنشَقٌّ مُتزايلٌ مِن هَيبةِ الرَّبِّ تَزايُلَ المُتفرِّطِ مِن السِّلكِ، ولو أنَّثَ لَكان ظاهرًا في واحدةٍ مِن السَّمواتِ، وفي اختيارِ التَّذكيرِ أيضًا لَطيفةٌ أُخرى؛ وهي إفهامُ الشِّدَّةِ الزَّائدةِ في الهولِ المؤدِّي إلى انفطارِه ما هو في غايةِ الشِّدَّةِ؛ لأنَّ الذَّكَرَ في كلِّ شَيءٍ أشدُّ مِن الأُنثى، وذلك كلُّه تَهويلًا لليومِ المذكورِ . أو: لعلَّ العُدولَ في الآيةِ عن الاستعمالِ الشَّائعِ في الكلامِ الفصيحِ في إجْراءِ السَّماءِ على التَّأنيثِ إلى التَّذكيرِ؛ إيثارًا لتَخفيفِ الوصْفِ؛ لأنَّه لَمَّا جِيءَ به بصِيغةِ (مُنفعِلٍ) بحَرْفَي زِيادةٍ -وهما الميمُ والنُّونُ- كانت الكلمةُ مُعرَّضةً للثِّقَلِ إذا أُلحِقَ بها حرْفٌ زائدٌ آخَرُ ثالثٌ، وهو هاءُ التَّأنيثِ، فيَحصُلُ فيها ثِقَلٌ يُجنَّبُه الكلامُ البالغُ غايةَ الفصاحةِ؛ ألَا تَرى أنَّها لم تَجْرِ على التَّذكيرِ في قولِه: إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ [الانفطار: 1]؛ إذ ليس في الفِعلِ إلَّا حرْفٌ مَزيدٌ واحدٌ، وهو النُّونُ؛ إذْ لا اعتدادَ بهَمزةِ الوصْلِ؛ لأنَّها ساقطةٌ في حالةِ الوصْلِ، فجاءتْ بعْدَها تاءُ التَّأنيثِ .
وقيل: إذا كان الاسمُ غيرَ حقيقيِّ التأنيثِ جاز إجراءُ وصفِه على التَّذكيرِ، فلا تلحَقُه هاءُ التَّأنيثِ قياسًا على الفعلِ المسندِ للمؤنثِ غيرِ حقيقيِّ التأنيثِ في جوازِ اقترانِه بتاءِ التَّأنيثِ وتجريدِه منها؛ إجراءً للوصفِ مجرى الفعلِ .
- وجُملةُ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا صِفةٌ أُخرى لكَلمةِ يَوْمًا، وهذا الوصْفُ إدماجٌ للتَّصريحِ بتَحقيقِ وُقوعِ ذلك اليومِ بعْدَ الإنذارِ به الَّذي هو مُقتَضٍ لوُقوعِه بطَريقِ الكِنايةِ؛ استقصاءً في إبلاغِ ذلك إلى عِلمِهم، وفي قطْعِ مَعذرتِهم .
4- قولُه تعالَى: إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا تَذييلٌ ، أي: تَذكرةٌ لِمَن يَتذكَّرُ؛ فإنْ كان مِن مُنكِري البَعثِ آمَنَ به، وإنْ كان مُؤمنًا استَفاقَ مِن بَعضِ الغفْلةِ الَّتي تَعرِضُ للمُؤمنِ، فاستدْرَكَ ما فاتَه، وبهذا العُمومِ الشَّاملِ لأحْوالِ المُتحدَّثِ عنهم وأحوالِ غيرِهم كانت الجُملةُ تَذْييلًا .
- وتَأْكيدُ الكلامِ بحرْفِ التَّأكيدِ (إنَّ)؛ لأنَّ المُواجَهينَ به ابتِداءً هم مُنكِرون كَونَ القُرآنِ تَذكرةً وهُدًى؛ فإنَّهم كذَّبوا بأنَّه مِن عندِ اللهِ، ووَسَموه بالسِّحرِ وبالأساطيرِ، وذلك مِن أقوالِهم الَّتي أُرشِدَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى الصَّبرِ عليها؛ قال تعالَى: وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ [المزمل: 10] .
- قولُه: فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا فُرِّعَ على التَّحريضِ التَّعريضيِّ تَحريضٌ صَريحٌ على الإيمانِ، أي: مَن كان يُريدُ أنْ يتَّخِذَ إلى ربِّه سَبيلًا، فقدْ تَهيَّأَ له اتِّخاذُ السَّبيلِ إلى اللهِ بهذه التَّذكرةِ، فلم تَبْقَ للمُتغافِلِ مَعذِرةٌ .
- والإتيانُ بمَوصولِ فَمَنْ شَاءَ مِن قَبيلِ التَّحريضِ؛ لأنَّه يَقْتضي أنَّ هذا السَّبيلَ مُوصِلٌ إلى الخَيرِ، فلا حائلَ يَحولُ بيْن طالِبِ الخَيرِ وبيْنَ سُلوكِ هذا السَّبيلِ إلَّا مَشيئتُه؛ لأنَّ قولَه: إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ قَرينةٌ على ذلك، فليستِ المَشيئةُ هنا على معْنى الإباحةِ، بلْ تَتضمَّنُ معْنى الوعدِ والوعيدِ .
- ومَفعولُ شَاءَ مَحذوفٌ يدُلُّ عليه الشَّرطُ؛ لأنَّ (مَن) شَرطيَّةٌ، أي: فمَن شاء أنْ يتَّخِذَ سَبيلًا اتَّخَذه إلى ربِّه، أو فمَن شاء النَّجاةَ اتَّخَذ إلى ربِّه سَبيلًا .