موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الحاديَ عَشَرَ: بَدَلُ المَنفعةِ يُعتَبَرُ ببَدَلِ العَينِ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "بَدَلُ المَنفعةِ يُعتَبَرُ ببَدَلِ العَينِ" [1738] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (11/218). . و"بَدَلُ المَنافِعِ يَعودُ إلى مالِكِ الرَّقَبةِ" [1739] يُنظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (4/238). . و"بَدَلُ المَنافِعِ يَفوزُ بها المالِكُ" [1740] يُنظر: ((غاية البيان)) للرملي (ص: 221). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
يُطلَقُ بَدَلُ المَنفعةِ عِندَ الفُقَهاءِ على الأجرِ، فالفُقَهاءُ يَستَعمِلونَ الأجرَ بمَعنى العِوَضِ عنِ العَمَلِ، وبِمَعنى بَدَلِ المَنفَعةِ المَعقودِ عليها، فتُفيدُ القاعِدةُ أنَّ المَنفعةَ تابِعةٌ للعَينِ، فيَكونُ بَدَلُها مُعتَبَرًا بمَنزِلةِ بَدَلِ العَينِ [1741] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (11/218)، ((النهر الفائق)) لسراج الدين ابن نجيم (1/394)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (30/263). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِن قاعِدةِ (البَدَلُ يَقومُ مَقامَ الأصلِ وحُكمُه حُكمُ الأصلِ)، ووَجهُ تَفرُّعِها عنها أنَّ بَدَلَ المَنفعةِ بمَنزِلةِ بَدَلِ العَينِ؛ لأنَّ المَنفعةَ مُعتَبَرةٌ بالعَينِ، وحُكمُ البَدَلِ حُكمُ الأصلِ.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ: (البَدَلُ يَقومُ مَقامَ الأصلِ وحُكمُه حُكمُ الأصلِ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- إذا اشتَرَكَ رَجُلانِ، ولأحَدِهما بَغلٌ، ولِلآخَرِ بعيرٌ، على أن يُؤاجِرا ذلك، فما رَزَقَهما اللهُ تعالى مِن شَيءٍ فهو بَينَهما نِصفانِ، فهذا فاسِدٌ؛ لأنَّ كُلَّ واحِدٍ مِنهما في المَعنى موكِّلٌ لصاحِبِه بأن يُؤاجِرَ دابَّتَه ليَكونَ نِصفُ الأجرِ له، وهذا التَّوكيلُ باطِلٌ؛ فإنَّه لو قال: أجِّرْ دابَّتَك على أن يَكونَ جَميعُ الأجرِ لي، كان باطِلًا، فكذلك إذا قال: على أن يَكونَ نِصفُ الأجرِ لي، وهذا لأنَّ بَدَلَ المَنفعةِ يُعتَبَرُ ببَدَلِ العَينِ. فإنْ أجَّرَهما جَميعًا بأجرٍ مَعلومٍ في عَمَلٍ مَعلومٍ قُسِم الأجرُ بَينَهما على مِثلِ أجرِ البَغلِ وأجرِ البَعيرِ؛ لأنَّ الأجرَ بَدَلُ المَنفعةِ للدَّابَّتَينِ، وأجرُ المِثلِ في المَنفعةِ كالقيمةِ في العَينِ [1742] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (11/218). .
2- عَقدُ المُعاوَضةِ مِنَ الجانِبَينِ إذا وقَعَ على مَنافِعِ الأعيانِ الماليَّةِ مُستَوفيًا شَرائِطَ الصِّحَّة والنَّفاذِ يَستَوجِبُ التِزامَ المُتَصَرِّفِ في العَينِ بتَسليمِها للمُنتَفِعِ، والتِزامُ المُنتَفِعِ بتَسليمِ ما استَحَقَّ مِن بَدَلِ المَنفعةِ لصاحِبِ العَينِ [1743] يُنظر: ((مرشد الحيران)) لقدري باشا (ص: 35). .
3- إنْ أجَّرَ القَيِّمُ وأنفقَ الأُجرةَ في العِمارةِ فتلك العِمارةُ المُحدَثةُ تَكونُ لصاحِبِ السُّكنى؛ لأنَّ الأُجرةَ بَدَلُ المَنفَعةِ، ومِلْكُ المَنفَعةِ كانت مُستَحَقَّةً لصاحِبِ السُّكنى، فكَذا بَدَلُ المَنفَعةِ تَكونُ له، والقَيِّمُ إنَّما أجَّر لأجلِه [1744] يُنظر: ((البحر الرائق)) لزين الدين ابن نجيم (5/236)، ((النهر الفائق)) لسراج الدين ابن نجيم (3/324). .

انظر أيضا: