موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ العاشِرُ: كُلُّ حَقٍّ تَعَلَّقَ بالعَينِ تَعَلَّق ببَدَلِها إذا لم يَبطُلْ سَبَبُ استِحقاقِها


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "كُلُّ حَقٍّ تَعَلَّقَ بالعَينِ تَعَلَّقَ ببَدَلِها إذا لم يَبطُلْ سَبَبُ استِحقاقِها" [1731] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (8/464)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (17/370)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (6/642). . وصيغةِ: "الحَقُّ الثَّابِتُ في العَينِ يَسري إلى البَدَلِ ولا يَفوتُ بفواتِ العَينِ" [1732] يُنظر: ((الوسيط)) للغزالي (4/259)، ((الفروق)) للكرابيسي (2/229). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّه إذا فاتَتِ العَينُ أو تَلِفَت بأيِّ سَبَبٍ مِن أسبابِ الإتلافِ، فإنَّ كُلَّ ما تعَلَّق بالعَينِ مِن حُقوقٍ فإنَّه يَنتَقِلُ إلى بَدَلِها، ولا يَفوتُ بفواتِ العَينِ إذا لم يَبطُلْ سَبَبُ استِحقاقِها؛ لأنَّ البَدَلَ يَقومُ مَقامَ الأصلِ، وحُكمُه حُكمُ الأصلِ [1733] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (21/75)، ((الوسيط)) للغزالي (4/259)، ((المغني)) لابن قدامة (8/464)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (6/642). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِن قاعِدةِ (البَدَلُ يَقومُ مَقامَ الأصلِ وحُكمُه حُكمُ الأصلِ)؛ لأنَّ الحَقَّ المُتَعَلِّقَ بالعَينِ يَسري إلى بَدَلِها؛ إذِ البَدَلُ يَقومُ مَقامَ الأصلِ، وحُكمُه حُكمُه.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (البَدَلُ يَقومُ مَقامَ الأصلِ وحُكمُه حُكمُ الأصلِ).
رابِعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- إذا قُتِلَ الحَيَوانُ الموصى بنَفعِه وَجَبت قيمَتُه ويَشتَري بها ما يَقومُ مَقامَ الموصى به؛ لأنَّ كُلَّ حَقٍّ تَعَلَّقَ بالعَينِ تَعَلَّقَ ببَدَلِها إذا لم يَبطُلْ سَبَبُ استِحقاقِها [1734] يُنظر: ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (6/642)، ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (43/267). .
2- إذا تَعَطَّلَ مالُ الوقفِ بأن أتلَفَه مُتلِفٌ وجَبَ الضَّمانُ عليه، فيُشتَرى بقيمَتِه مِثلُه؛ لأنَّ الوَقفَ يَسري إلى البَدَلِ، ولا يَفوتُ بفواتِ العَينِ [1735] يُنظر: ((الوسيط)) للغزالي (4/259). .
2- العَينُ المَرهونةُ إذا أتلَفَها مُتلِفٌ يَتَوثَّقُ المُرتَهِنُ ببَدَلِها؛ لأنَّ الحَقَّ كان مُتَعَلِّقًا بالرَّقَبةِ، فإذا فاتَت تعَلَّق ببَدَلِها [1736] يُنظر: ((العزيز)) للرافعي (5/442)، ((عجالة المحتاج)) لابن الملقن (2/888). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.
استِثناءاتٌ:
يُستَثنى مِنَ القاعِدةِ ما يَتَعَلَّقُ بالزَّوجةِ والعَينِ المُستَأجَرةِ؛ فالحُقوقُ المُتَعَلِّقةُ بهما تَبطُلُ بتَلَفِهما ولا تَنتَقِلُ إلى بَدَلٍ عنهما؛ لأنَّ سَبَبَ الاستِحقاقِ يَبطُلُ بتَلَفِهما، وفي الإجارةِ لم يَثبُتْ حَقُّه في العَينِ، وإنَّما ثَبَتَ حَقُّه في المَنفعةِ، بدَليلِ أنَّه لو لم يُبَيِّنْ مِقدارَ مُدَّةِ المَنفَعةِ لم يَجُزْ، وإن كانتِ العَينُ مَعلومةً، وإذا لم يَتَعَلَّقْ حَقُّه بالعَينِ لم يُسَرْ إلى البَدَلِ [1737] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (8/464)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (17/370)، ((المبدع)) لبرهان الدين ابن مفلح (6/642)، ((الفروق)) للكرابيسي (2/301). .

انظر أيضا: