موسوعة القواعد الفقهية

الفرعُ السَّادِسَ عَشَرَ: السُّؤالُ والخِطابُ يَمضي على ما عَمَّ وغَلَبَ لا على ما شَذَّ ونَدَرَ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَت القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "السُّؤالُ والخِطابُ يَمضي على ما عَمَّ وغَلَبَ لا على ما شَذَّ ونَدَرَ" [1043] يُنظر: ((أصول الكرخي)) مطبوع مع ((تأسيس النظر)) للدبوسي (ص: 242)، ((قواعد الفقهـ)) للبركتي (ص: 13)، ((الوجيز)) للبورنو (ص: 270). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
هذه القاعِدةُ تُعَبِّرُ عنِ اعتِبارِ العُرفِ الغالِبِ في فهمِ السُّؤالِ والخِطابِ؛ حَيثُ يَجري على حَسَبِ ما تَعارَفه كُلُّ قَومٍ في مَكانِهم؛ لأنَّ المُعتَبَرَ في فهمِ دَلالةِ كَلامِ السَّائِلِ والمُتَكَلِّمِ إنَّما هو العُرفُ العامُّ الغالبُ لا الدَّلالاتُ اللُّغَويَّةُ؛ لأنَّها لا يَعرِفُها إلَّا أهلُ اللُّغةِ، والنَّادِرُ لا حُكمَ له [1044] يُنظر: ((الوجيز)) للبورنو (ص: 270)، ((القواعد الفقهية)) لمحمد الزحيلي (1/305)، ((قواعد الفقهـ)) للبركتي (ص: 13). .
قال السُّغْناقيُّ: (النَّادِرُ لا حُكمَ له؛ لأنَّ الأحكامَ تُبتَنى على ما عَمَّ وغَلَبَ لا على ما شَذَّ ونَدَرَ) [1045] ((الكافي)) (5/2224). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفرِّعةٌ مِن قاعِدةِ (الحُكمُ للغالبِ)؛ لأنَّ دَلالةَ السُّؤالِ والخِطابِ لا تُفهَمُ إلَّا بناءً على العُرفِ الغالبِ للسَّائِلِ والمُتَكَلِّمِ؛ إذِ الحُكمُ للغالبِ.
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقَواعِدِ الآتيةِ:
- القاعِدةُ الأُمُّ (الحُكمُ للغالبِ).
- والقاعِدةُ الكُبرى (العادةُ مُحَكَّمةٌ).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ.
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ؛ مِنها:
1- مَن حَلَف لا يَشرَبُ ماءً، فشَرِبَ المُتَغَيِّرَ بما يُخالِطُ الماءَ مِمَّا يُستَغنى عنه، كَزَعفرانٍ، لا يَحنَثُ [1046] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (2/382). .
2- لو قال شَخصٌ لآخَرَ: اشتَرِ لي سَيَّارةً بعَشَرةِ آلافٍ، ولم يُعَيِّنِ النُّقودَ هنا، وهو مِن أهلِ السُّعوديَّةِ، فيَلزَمُ الوكيلَ أن يَشتَريَ بالرِّيالاتِ السُّعوديَّةِ؛ لأنَّها المُتَعارَفةُ هنا عِندَ الإطلاقِ، وليسَ له أن يَشتَريَ بريالاتٍ قَطَريَّةٍ مَثَلًا أو دولاراتٍ أو جُنَيهاتٍ [1047] يُنظر: ((الوجيز)) للبورنو (ص: 281). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.
استِثناءٌ:
يُستَثنى مِن هذه القاعِدةِ ما إذا عَمَّ استِعمالُ اللُّغةِ في لسانِ العَرَبِ، فإنَّها حينَئِذٍ تُقدَّمُ على العُرفِ عِندَ الشَّافِعيِّ.
ومِنَ الأمثِلةِ: لو حَلَف ألَّا يَشرَبَ الماءَ، حَنِثَ بالعَذبِ والمالحِ، وإنَّما حَنِثَ بالمالِحِ، وإن لم يُعتَدَّ شُربُه؛ اعتِبارًا بالإطلاقِ والاستِعمالِ اللُّغَويِّ [1048] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (2/384). .

انظر أيضا: