موسوعة القواعد الفقهية

المَطلبُ الحادي والعِشرونَ: الغالبُ مِنَ العُذرِ كالمَوجودِ


أوَّلًا: صِيغَةُ القاعِدةِ
استُعْمِلَتِ القاعِدةُ بهذِهِ الصِّيغةِ المذكورَة: "الغالِبُ مِنَ العُذرِ كالمَوجودِ" [901] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (2/629). ، وصيغةِ: "ما عَمَّ وُقوعُه مِنَ الأعذارِ مُؤَثِّرٌ" [902] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (2/376). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ
يُعتَبَرُ في الأعذارِ الأعَمُّ لا النَّادِرُ، فالرُّخصةُ إذا ارتَبَطَت بعُذرٍ غالبٍ -مِثلُ المَشَقَّةِ في السَّفرِ- فإنَّ اعتِبارَها يَبقى، وإن تَخَلَّفت هذه المَشَقَّةُ أحيانًا فالشَّرعُ يَكتَفي في اعتِبارِ العُذرِ بغَلبَتِه عن تَتَبُّعِه في آحادِ الصُّوَرِ، فإن غاب العُذرُ في إحدى الصُّورِ اعتَبَرَه كالمَوجودِ، وهذه القاعِدةُ أخَصُّ مِنَ القاعِدةِ الأُمِّ [903] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (1/261)، ((المنثور)) للزركشي (2/375)، ((معلمة زايد)) (7/414). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ
دَلَّ على هذه القاعِدةِ أدِلَّةُ قاعِدَتَي: (الغالِبُ كالمُحَقَّقِ) و(المَشَقَّةُ تَجلبُ التَّيسيرَ).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ؛ مِنها:
1- المُسافِرُ الذي لا يَجِدُ مَشَقَّةً في سَفرِه يَجوزُ له التَّرَخُّصُ برُخَصِ السَّفرِ؛ لأنَّ السَّفرَ لمَّا عَمَّت مَشَقَّتُه لم يُعتَبَرْ ما يَحصُلُ فيه أحيانًا مِن عَدَمِ المَشَقَّةِ [904] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (1/261)، ((الكافي)) لابن قدامة (1/313). .
2- إذا رَأى المُصَلِّي الماءَ بَعدَ الفراغِ مِنَ الصَّلاةِ، وكان مُسافِرًا سَفرًا طَويلًا، لم يَلزَمْه الإعادةُ؛ لأنَّ عَدَمَ الماءِ في السَّفرِ عُذرٌ عامٌّ، فسَقَطَ مَعَه فَرضُ الإعادةِ [905] يُنظر: ((المهذب)) للشيرازي (1/74)، ((المجموع)) للنووي (2/302). .
3- إذا عَجَزَ عنِ الرُّكوعِ والسُّجودِ أجازَ الحَنَفيَّةُ له أن يُصَلِّيَ قاعِدًا، وإن قَدَر على القيامِ؛ استِنادًا إلى أنَّ مَن سَقَطَ عنه الرُّكوعُ فهو عاجِزٌ عنِ القيامِ، وما سِوى ذلك نادِرٌ، فصارَ الغالِبُ مِنَ العُذرِ كالمَوجودِ، فوجَبَ أن يَسقُطَ أحَدُهما بسُقوطِ الآخَرِ [906] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (2/ 629). .

انظر أيضا: