موسوعة القواعد الفقهية

المَطلبُ السَّابعَ عَشَرَ: هَل تَتَعَدَّى الرُّخصةُ مَحَلَّها؟


أوَّلًا: صِيغَةُ القاعِدةِ
استُعْمِلَتِ القاعِدةُ بهذِهِ الصِّيغةِ المذكورَة: "هَل تَتَعَدَّى الرُّخصةُ مَحَلَّها؟" [868] يُنظر: ((مناهج التحصيل)) للرجراجي (1/411). ويُنظر أيضًا: ((شرح المنهج المنتخب)) للمنجور (1/178). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ
تُثيرُ القاعِدةُ تَساؤُلًا، وهو أنَّ الرُّخصةَ هَل يُتَجاوزُ بها المَحَلُّ الذي ورَدَت به أو لا يُتَجاوزُ؛ لأنَّ الرُّخصَ كالضَّرورةِ تُقَدَّرُ بقَدرِها، فلا تَتَعَدَّى المَحَلَّ الذي ورَدَت به [869] يُنظر: ((قواعد فقه المذهب المالكي)) للولاتي (ص: 45،44). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ
دَلَّ على هذه القاعِدةِ ما سَبَقَ مِن أدِلَّةٍ في قاعِدةِ: (الضَّرورةُ تُقدَّرُ بقَدرِها).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- صَلاةُ الصَّحيحِ بثَوبِ ذي السَّلَسِ وذي القُروحِ، فعلى أنَّ الرُّخصةَ مَقصورةٌ على مَحَلِّها لا تَتَعَدَّاه، لا تَجوزُ الصَّلاةُ بثَوبِ مَن ذُكِرَ [870] يُنظر: ((قواعد فقه المذهب المالكي)) للولاتي (ص: 45). .
2- إمامةُ ذي السَّلَسِ وذي القُروحِ للصَّحيحِ، فعلى أنَّ الرُّخصةَ مَقصورةٌ على مَحَلِّها لا تَتَعَدَّاه، لا تَجوزُ إمامَتُهما له [871] يُنظر: ((قواعد فقه المذهب المالكي)) للولاتي (ص: 45). .
3-إن تَعَدَّتِ النَّجاسةُ المَخرَجَ بما لم تَجرِ العادةُ به، كالصَّفحَتَينِ ومُعظَمِ الحَشَفةِ، لا يَجوزُ الاستِجمارُ، ويَجِبُ الغَسلُ بالماءِ [872] يُنظر: ((الكافي)) لابن قدامة (1/99)، ((الاختيار)) لابن مودود (1/36)، ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (1/78). وقال ابنُ نُجَيمٍ مُعَلِّلًا: (لأنَّ للبَدَنِ حَرارةً جاذِبةً أجزاءَ النَّجاسةِ، فلا يُزيلُها المَسحُ بالحَجرِ، وهو القياسُ في مَحَلِّ الاستِنجاءِ، إلَّا أنَّه تَركٌ فيه للنَّصِّ على خِلافِ القياسِ، فلا يَتَعَدَّاهـ). ((البحر الرائق)) (1/254). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ
مِمَّا استَثناه العُلماءُ مِن هذه القاعِدةِ مِمَّا تَعَدَّى مَحَلَّ الحاجةِ ما يَلي [873] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 85). :
1- اللِّعانُ جازَ للزَّوجِ خاصَّةً؛ لأجلِ فِقدانِه للشُّهودِ، ولحوقِ العارِ به، ولتَوصُّلِه به لنَفيِ الوَلَدِ، ثُمَّ إنَّه جازَ حتَّى مَعَ قيامِ البَيِّنةِ؛ لأنَّ الأُمورَ المَذكورةَ لا تَتَحَقَّقُ له إلَّا باللِّعانِ.
2- الخُلعُ؛ فإنَّه أُبيحَ مَعَ المَرأةِ على سَبيلِ الرُّخصةِ، ثُمَّ جازَ مَعَ الأجنَبيِّ (أي: غَيرِ الزَّوجِ)، فله أن يَطلُبَ الخُلعَ مِنَ الزَّوجِ على أن يَدفَعَ له عِوَضٌ [874] قال القاضي عَبدُ الوهَّابِ: (لو قال لرَجُلٍ: طَلِّقِ امرَأتَك، وعَليَّ لك ألفٌ، فطَلَّقَ، وقَعَ الطَّلاقُ، ولزِمَته الألفُ، ويَصِحُّ الخُلعُ مِنَ الأجنَبيِّ، وبه قال الفُقَهاءُ كافَّةً). ((عيون المسائل)) (ص: 341). .

انظر أيضا: