موسوعة القواعد الفقهية

المَطلبُ السَّادِسَ عَشَرَ: الرُّخَصُ لا تُباحُ بدونِ قَصدِها


أوَّلًا: صِيغَةُ القاعِدةِ
استُعْمِلَتِ القاعِدةُ بهذِهِ الصِّيغةِ المذكورَة: "الرُّخَصةُ لا تُباحُ بدونِ قَصدِها" [863] يُنظر: ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (2/178). ، وصيغةِ: "الرُّخَصُ لا تَحصُلُ بدونِ قَصدِها" [864] يُنظر: ((كفاية النبيهـ)) لابن الرفعة (6/345). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ
للرُّخَصِ الشَّرعيَّةِ شُروطٌ بَيَّنَتِ القاعِدةَ السَّابقةَ، أحَدُها، وهيَ أنَّها لا تُناطُ بالمَعاصي، وهذه القاعِدةُ تُبَيِّنُ شَرطًا آخَرَ، وهو أنَّ المُكَلَّفَ ما لم يَنوِ بفِعلِه التَّرَخُّصَ فلا يُمكِنُه الأخذُ بالرُّخصةِ، فيَلزَمُ المُكَلَّفَ أن يَنويَ التَّرَخُّصَ قَبلَ شُروعِه في الفِعلِ، ولا يَكفي أن يَقَعَ الفِعلُ مِنَ المُكَلَّفِ موافِقًا للرُّخصةِ، بَل يَلزَمُه قَصدُ التَّرَخُّصِ حتَّى يَصِحَّ له الأخذُ بالرُّخصةِ، وتُعتَبَرُ هذه القاعِدةُ قَيدًا لقاعِدةِ: المَشَقَّةُ تَجلبُ التَّيسيرَ [865] يُنظر: ((كفاية النبيهـ)) لابن الرفعة (6/345)، ((المنثور)) للزركشي (2/171)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (2/178)، ((معلمة زايد)) (7/368). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ
دَلَّ على هذه القاعِدةِ ما سَبَقَ في قاعِدةِ: (الأُمورُ بمَقاصِدِها).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- ذَكَر بَعضُ الشَّافِعيَّةِ والحَنابلةِ أنَّ المُسافِرَ لو أخَّرَ الظُّهرَ إلى العَصرِ بنيَّةِ الجَمعِ، كان له الجَمعُ. ولو أخَّرَها عامِدًا غَيرَ قاصِدٍ للتَّرَخُّصِ، ولم يَنوِ الجَمعَ؛ فلا يَجوزُ له الجَمعُ، وإذا فعَل يَكونُ عاصيًا [866] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (11/ 88-89)، ((كفاية النبيهـ)) لابن الرفعة (6/345)، ((المنثور)) للزركشي (2/171)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (2/178). .
2- ذَكَرَ بَعضُ الشَّافِعيَّةِ أنَّ أصحابَ الأعذارِ -كالمَرَضِ وغَيرِه- إنَّما يُباحُ لهمُ الفِطرُ في رَمَضانَ بشَرطِ نيَّةِ التَّرَخُّصِ [867] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (2/172)، ((عجالة المحتاج)) لابن الملقن (2/546)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (3/201). .

انظر أيضا: