موسوعة القواعد الفقهية

المَطلبُ الثَّالِثَ عَشَرَ: الرُّخَصُ لا تُناطُ بالشَّكِّ


أوَّلًا: صِيغَةُ القاعِدةِ
استُعْمِلَتِ القاعِدةُ بهذِهِ الصِّيغةِ المذكورَة: "الرُّخَصُ لا تُناطُ بالشَّكِّ" [843] يُنظر: ((الأشباه والنظائر)) لابن السبكي (1/135). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ
مِن رَحمةِ اللهِ بعِبادِه أن رَخَّصَ لهم عِندَ نُزولِ الأعذارِ ما هو مُناسِبٌ مِنَ الأحكامِ لهذه الأعذارِ، إلَّا أنَّ هذه الرُّخَصَ لا يُصارُ إليها إلَّا بَعدَ تَيَقُّنِ المُكَلَّفِ مِن وُجودِ الأسبابِ المُبيحةِ لهذا التَّرَخُّصِ، فمَن شَكَّ في وُجودِ سَبَبِ الرُّخصةِ لا يَجوزُ له الإقدامُ عليها، فأسبابُ الرُّخَصِ -كَما يَقولُ الشَّاطِبيُّ- أكثَرُ ما تَكونُ مُقدَّرةً ومُتَوهَّمةً لا مُحَقَّقةً، فرُبَّما عَدَّها شَديدةً وهيَ خَفيفةٌ في نَفسِها؛ فأدَّى ذلك إلى عَدَمِ صِحَّةِ التَّعَبُّدِ، وصارَ عَمَلُه ضائِعًا وغَيرَ مَبنيٍّ على أصلٍ، وكَثيرًا ما يُشاهِدُ الإنسانُ ذلك؛ فقد يَتَوهَّمُ الإنسانُ الأُمورَ صَعبةً، وليسَت كذلك إلَّا بمَحضِ التَّوهُّمِ، ولو تَتبَّع الإنسانُ الوَهمَ لأبطَلَ عليه أعمالًا كَثيرةً، وهذه القاعِدةُ تُعتَبرُ قَيدًا لقاعِدة المَشَقَّةِ [844] يُنظر: ((الموافقات)) للشاطبي (1/508)، ((المنثور)) للزركشي (2/289)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 141)، ((تحفة الحبيب)) للبجيرمي (1/183). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ
دَلَّ على هذه القاعِدةِ ما سَبَقَ في قاعِدةِ: (اليَقينُ لا يَزولُ بالشَّكِّ).
رابعًا: أمثِلةٌ للقاعِدةِ
مِنَ الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- المُسافِرُ إذا أحرَمَ بالصَّلاةِ ناويًا قَصرَ الصَّلاةِ، فصَلَّى وراءَ إمامٍ لا يَدري أهو مُسافِرٌ أم مُقيمٌ، فإنَّه لا يَجوزُ له القَصرُ؛ لأنَّ القَصرَ رُخصةٌ، والرُّخَصُ لا تُناطُ بالشَّكِّ [845] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (2/289). .
2- إذا وقَعَ الشَّكُّ في جَوازِ المَسحِ على الخُفَّينِ بانتِهاءِ مُدَّةِ المَسحِ على الخُفَّينِ مَثَلًا، أو في إدخالِه على طَهارةٍ، وجَبَ عليه غَسلُ رِجلَيه في الوُضوءِ؛ لأنَّ المَسحَ على الخُفَّينِ رُخصةٌ، فلا تُناطُ بالشَّكِّ [846] يُنظر: ((النجم الوهاج)) للدميري (1/ 371)، ((الأشباه والنظائر)) للسيوطي (ص: 141)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (1/ 269). .

انظر أيضا: