موسوعة القواعد الفقهية

المَطلَبُ الثَّاني: مَن لا يَلي غَيرَه لا يَجوزُ تَصَرُّفُه في حَقِّه


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "مَن لا يَلي غَيرَه لا يَجوزُ تَصَرُّفُه في حَقِّه" [6644] يُنظر: ((ترتيب اللآلي)) لناظر زاده (2/1082)، ((درر الحكام)) لملا خسرو (2/291). ، وصيغةِ: "الأصلُ أنَّ مَن لا وِلايةَ له على غَيرِه لَم يَجُزْ تَصَرُّفُه في حَقِّه" [6645] يُنظر: ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (2/241)، ((الدر المختار)) للحصكفي (ص: 504). ، وصيغةِ: "التَّصَرُّفُ في مالِ الغَيرِ لا يُملَكُ إلَّا بوِلايةٍ" [6646] يُنظر: ((الإشراف)) للقاضي عبد الوهاب (2/985). .
ثانيًا: المعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ التَّصَرُّفَ في حَقِّ الغَيرِ لا يَكونُ إلَّا لمَن ثَبَتَت وِلايَتُه، فمَن لا يَكونُ وليًّا على غَيرِه لا يَجوزُ تَصَرُّفُه في حَقِّ هذا الغَيرِ؛ لأنَّ التَّصَرُّفَ في حَقِّ الغَيرِ لا يُملَكُ إلَّا بوِلايةٍ [6647] يُنظر: ((الإشراف)) للقاضي عبد الوهاب (2/985)، ((ترتيب اللآلي)) لناظرزاده (2/1082)، ((درر الحكام)) لملا خسرو (2/291)، ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (2/241). .
ثالثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقُرآنِ الكَريمِ:
1- قال اللهُ تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ للْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا [النساء: 141] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
تَدُلُّ الآيةُ على مَنعِ وِلايةِ الكافِرِ على المُسلِمِ؛ لأنَّ الوِلايةَ تَقتَضي نُفوذَ قَولِ الإنسانِ على غَيرِه، والكافِرُ لا يَنفُذُ قَولُه على المُسلِمِ كالشَّهادةِ، وإذا عُدِمَ الأولياءُ فالوِلايةُ إلى الإمامِ أوِ الحاكِمِ؛ لأنَّ التَّصَرُّفَ في مَصالِحِ المُسلِمينَ إليهم [6648] يُنظر: ((شرح مختصر الكرخي)) للقدوري (3/416). .
2- قال اللهُ عزَّ وجَلَّ: وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [الأنفال: 73] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
تَدُلُّ الآيةُ على أنَّه لا وِلايةَ لمُسلِمٍ على كافِرٍ في نِكاحٍ ولا مالٍ، ومَن لا وِلايةَ له على غَيرِه لَم يَجُزْ تَصَرُّفُه في حَقِّه [6649] يُنظر: ((حاشية ابن عابدين)) (5/528). .
رابعًا: أمثلةٌ للقاعِدةِ.
مِنَ الأمثلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- لا تَثبُتُ الوِلايةُ للصَّغيرِ ولا للمَجنونِ، فلا يَصِحُّ تَصَرُّفُهما في حَقِّ غَيرِهما؛ لعَدَمِ الوِلايةِ؛ لأنَّ وِلايَتَهما لا تَثبُتُ على أنفُسِهما، فأولى ألَّا تَثبُتَ على غَيرِهما، وذلك لعَجزِهما عَنِ التَّصَرُّفِ بنَفسِهما، فلا تَثبُتُ لَهما قُدرةُ التَّصَرُّفِ على غَيرِهما [6650] يُنظر: ((شرح مختصر الكرخي)) للقدوري (3/416)، ((التقرير والتحبير)) لابن أمير الحاج (2/176). .
2- إذا باعَ الكافِرُ مالَ صَغيرِه المُسلِمِ، أوِ اشتَرى بهذا المالِ، فلا يَجوزُ؛ لانتِفاءِ وِلايَتِه عليه بالكُفرِ، والأصلُ أنَّ مَن لا وِلايةَ له على غَيرِه لَم يَجُزْ تَصَرُّفُه في حَقِّه [6651] يُنظر: ((ترتيب اللآلي)) لناظرزاده (2/1082)، ((درر الحكام)) لملا خسرو (2/291)، ((مجمع الأنهر)) لشيخي زاده (2/241)، ((الدر المختار)) للحصكفي (ص: 504). .
3- إذا زَوَّجَ الكافِرُ صَغيرةً مُسلِمةً، فلا يَجوزُ؛ لانتِفاءِ وِلايَتِه عليها؛ لأنَّ الكافِرَ لا يَلي على المُسلِمةِ، ولا يَنفُذُ قَولُه عليها، فلا يَصِحُّ تَصَرُّفُه، فإذا عُدِمَ الأولياءُ فالوِلايةُ إلى الإمامِ أوِ الحاكِمِ؛ لأنَّ التَّصَرُّفَ في مَصالِحِ المُسلِمينَ إلَيهم، والعَقدُ على الصَّغيرةِ مِن مَصالِحِهم [6652] يُنظر: ((شرح مختصر الكرخي)) للقدوري (3/416)، ((ترتيب اللآلي)) لناظرزاده (2/1082). قال الشَّافِعيُّ: (لا يَكونُ الرَّجُلُ وليًّا لامرَأةٍ، بنتًا كانت أو أُختًا أو بنتَ عَمٍّ أو امرَأةً هو أقرَبُ النَّاسِ إلَيها نَسَبًا أو ولاءً، حَتَّى يَكونَ الوليُّ حُرًّا مُسلِمًا رَشيدًا يَعقِلُ مَوضِعَ الحَظِّ، وتَكونَ المَرأةُ مُسلِمةً، ولا يَكونُ المُسلِمُ وليًّا لكافِرةٍ وإن كانت بنتَهـ). ((الأم)) (5/15). .

انظر أيضا: