موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ السَّابِعُ: كُلُّ مَن له حَقٌّ فهو على حالِه حَتَّى يَأتيَه اليَقينُ على خِلافِ ذلك


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "كُلُّ مَن له حَقٌّ فهو على حالِه حَتَّى يَأتيَه اليَقينُ على خِلافِ ذلك" [3162] يُنظر: ((الأصل)) للشيباني (2/274). ، وصيغةِ: "مَن ثَبَتَ له حَقٌّ فالأصلُ بَقاؤُه حَتَّى يُصَرِّحَ بإسقاطِه" [3163] يُنظر: ((المفهم)) للقرطبي (2/529)، ((شرح سنن أبي داود)) لابن رسلان (5/689)، ((التحبير)) للصنعاني (6/60)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (11/214)، ((الكوكب الوهاج)) لمحمد أمين الهرري (10/388). ، وصيغةِ: "الأصلُ أنَّ كُلَّ مَن ثَبَتَ له حَقٌّ فإنَّه لا يَسقُطُ إلَّا بما يَدُلُّ على رِضاه" [3164] يُنظر: ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (10/250). ، وصيغةِ: "كُلُّ مَن ثَبَتَ له حَقٌّ فلا يَسقُطُ إلَّا بنَصِّه على إسقاطِه أو فِعلٍ يَقومُ مَقامَ النَّصِّ" [3165] يُنظر: ((المعلم)) للمازري (2/228)، ((المختصر الفقهي)) لابن عرفة (3/402). ، وصيغةِ: ‌"كُلُّ مَن له حَقٌّ فهو مُمَلَّكٌ إيَّاه يَتَصَرَّفُ فيه كَيفَ شاءَ، ما لَم يَمنَعْه قُرآنٌ أو سُنَّةٌ" [3166] يُنظر: ((المحلى)) لابن حزم (6/427). ، وصيغةِ: "الأصلُ أنَّ كُلَّ مَن ثَبَتَ له حَقٌّ فلَه أخذُه ولَه تَركُه أيَّ وقتٍ شاءَ، إلى أن يَقومَ دَليلٌ على تَعَلُّقِه بوقتٍ يَفوتُ بخُروجِه" [3167] يُنظر: ((الإشراف)) للقاضي عبد الوهاب (2/634). ، وصيغةِ: "يَبقى الاستِحقاقُ ببَقاءِ السَّبَبِ" [3168] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (5/204). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
تُفيدُ القاعِدةُ أنَّ كُلَّ مَن كان له حَقٌّ فهو على حالِه في بَقاءِ الاستِحقاقِ لمِلكِه أبَدًا، يَتَصَرَّفُ فيه كَيفَ شاءَ، حَتَّى يَأتيَ اليَقينُ على خِلافِ ذلك، كَأن يَقومَ دَليلٌ على تَعَلُّقِه بوقتٍ يَفوتُ بخُروجِه. ويَثبُتُ اليَقينُ بأن يَعلَمَه، أو يَشهَدَ عِندَه الشُّهودُ العُدولُ [3169] يُنظر: ((الأصل)) للشيباني (2/274)، ((الإشراف)) للقاضي عبد الوهاب (2/634)، ((المحلى)) لابن حزم (6/427). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفَرِّعةٌ عنِ القاعِدةِ الأُمِّ (كُلُّ ذي حَقٍّ أولى بحَقِّه أبَدًا)، ووَجهُ تَفَرُّعِها عنها أنَّ مَن له الحَقُّ لا يُسلَبُ حَقَّه، بَل هو على استِحقاقِه حَتَّى يَثبُتَ خِلافُه بيَقينٍ؛ لأنَّ كُلَّ ذي حَقٍّ أولى بحَقِّه أبَدًا.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بقَواعِدَ أُخرى، ومِنها:
1- القاعِدةُ الأُمُّ: (كُلُّ ذي حَقٍّ أولى بحَقِّه أبَدًا).
2- القاعِدةُ الكُبرى: (اليَقينُ لا يَزولُ بالشَّكِّ)؛ فإنَّ الحَقَّ ثابِتٌ لصاحِبِه بيَقينٍ، فلا يَزولُ إلَّا بيَقينٍ مِثلِه.
رابعًا: أمثلةٌ للقاعِدةِ:
تَندَرِجُ تَحتَ هذه القاعِدةِ بَعضُ الفُروعِ الفِقهيَّةِ، مِنها:
1- إذا تَطاولَت العِدَّةُ بالمَرأةِ فالنَّفَقةُ لَها واجِبةٌ حَتَّى تَنقَضيَ العِدَّةُ بالحَيضِ، أو بالشُّهورِ عِندَ الإياسِ؛ لأنَّ سَبَبَ الاستِحقاقِ قائِمٌ، فيَبقى الاستِحقاقُ ببَقاءِ السَّبَبِ طالَت المُدَّةُ أو قَصُرَت [3170] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (5/204). .
2- كُلُّ مَن ثَبَتَ له حَقُّ الحَضانةِ للأطفالِ فلا يَجوزُ التَّفريقُ بَينَه وبَينَ أولَئِكَ الأطفالِ [3171] يُنظر: ((التجريد)) للقدوري (5/2656)، ((التبصرة)) للخمي (6/2573). .
3- كُلُّ مَن ثَبَتَ له حَقٌّ مُتَيَقَّنٌ في الميراثِ فلا يَجوزُ مَنعُه مِنه، ومَنعُه مِمَّا لا بُدَّ له مِن أن يَقَعَ في حِصَّتِه ظُلمٌ [3172] يُنظر: ((المحلى)) لابن حزم (10/89). .

انظر أيضا: