موسوعة القواعد الفقهية

الفَرعُ الثَّالِثُ: الوِلاياتُ لا تَقبَلُ النَّقلَ


أوَّلًا: صيغةُ القاعِدةِ.
استُعمِلَتِ القاعِدةُ بهذه الصِّيغةِ المَذكورةِ: "الوِلاياتُ لا تَقبَلُ النَّقلَ" [3110] يُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (2/495). .
ثانيًا: المَعنى الإجماليُّ للقاعِدةِ.
مَن ثَبَتَت له الوِلايةُ في شَيءٍ فلا تُنقَلُ مِن ذِمَّةٍ إلى ذِمَّةٍ أُخرى، وقد تَسقُطُ. وبِذلك تَنقَسِمُ الوِلاياتُ مِن حَيثُ النَّقلُ والإسقاطُ إلى قِسمَينِ:
1- ما لا يَقبَلُ النَّقلَ ولا الإسقاطَ ولا الإرثَ، كَحَقِّ وِلايةِ النِّكاحِ، وحَقِّ تَفضيلِ الذُّكورِ على الإناثِ في تَقديمِهم عليهنَّ.
2- ما يَقبَلُ الإسقاطَ والإرثَ دونَ النَّقلِ، كالحُدودِ والقِصاصِ والوِلاياتِ ونَحوِها [3111] يُنظر: ((المنثور)) للزركشي (2/54). .
وهذه القاعِدةُ مُتَفَرِّعةٌ عنِ القاعِدةِ الأُمِّ (كُلُّ ذي حَقٍّ أولى بحَقِّه أبَدًا)، ووَجهُ تَفَرُّعِها عنها أنَّ صاحِبَ الوِلايةِ أحَقُّ بها، فلا تَقبَلُ النَّقلَ إلى غَيرِه؛ حَيثُ إنَّ كُلَّ ذي حَقٍّ أولى بحَقِّه أبَدًا.
ثالِثًا: أدِلَّةُ القاعِدةِ.
يُستَدَلُّ لهذه القاعِدةِ بالقاعِدةِ الأُمِّ (كُلُّ ذي حَقٍّ أولى بحَقِّه أبَدًا).
رابعًا: أمثلةٌ للقاعِدةِ.
مِن الأمثِلةِ على هذه القاعِدةِ:
1- الوكيلُ لا يوجِبُ نَقلَ الوِلايةِ إلَيه؛ لأنَّ وِلايةَ الموكِّلِ قائِمةٌ، والوكيلُ والسَّفيرُ عن الموكِّلِ لا يَتَصَرَّفُ مِن جِهةِ نَقلِ الوِلايةِ إلَيه، فلا تَكونُ مُنتَقِلةً إلَيه، بَل هيَ باقيةٌ في مِلكِ الموكِّلِ [3112] يُنظر: ((شرح مختصر الطحاوي)) للجصاص (4/302). .
2- لا وِلايةَ لأبعَدِ العَصَباتِ مَعَ وُجودِ الأقرَبِ، فإن كان الأقرَبُ صَغيرًا، أو مَجنونًا جُنونًا مُطبِقًا، أو شَيخًا مُفَنَّدًا أو مَحجورًا عليه بالسَّفَهِ أو اختَلَطَ عَقلُه، أو به ألَمٌ شَديدٌ شَغَلَه عن النَّظَرِ، أو كان فاسِقًا وقُلنا: لا وِلايةَ للفاسِقِ، أو كان أعمى وقُلنا: لا يَكونُ وليًّا- ففي تلك الحالاتِ يُزَوِّجُ المَرأةَ الوليُّ الأبعَدُ، فإن حَسُنَت حالةُ الأقرَبِ كان التَّزويجُ إليه [3113] يُنظر: ((التهذيب)) للبغوي (5/283). ويُنظر أيضًا: ((العزيز)) للرافعي (7/550). .
3- لا يَجوزُ للأبِ نَصبُ وصيٍّ على الأطفالِ ونَحوِهم، والجَدُّ حَيٌّ حاضِرٌ، بصِفةِ الوِلايةِ عليهم؛ لأنَّ وِلايَتَه ثابِتةٌ شَرعًا، فلَيسَ للأبِ نَقلُ الوِلايةِ عنه، كَوِلايةِ التَّزويجِ [3114] يُنظر: ((أسنى المطالب)) لزكريا الأنصاري (3/69)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (4/120)، ((الفقه الإسلامي)) لوهبة الزحيلي (10/7577). .
خامِسًا: مُكمِلاتٌ للقاعِدةِ.
استِثناءاتٌ:
يُستَثنى مِن القاعِدةِ: نَقلُ وِلايةِ التَّزويجِ إلى السُّلطانِ عِندَ اختِلافِ الأولياءِ؛ لحَديثِ عائِشةَ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((أيُّما امرَأةٍ نَكَحَت بغَيرِ إذنِ وليِّها فنِكاحُها باطِلٌ، فنِكاحُها باطِلٌ، فنِكاحُها باطِلٌ، فإن دَخَلَ بها فلَها المَهرُ بما استَحَلَّ مِن فرجِها، فإن اشتَجَروا فالسُّلطانُ وليُّ مَن لا وليَّ له )) [3115] أخرجه أبو داود (2083)، والترمذي (1102) واللفظ له، وابن ماجه (1879) صحَّحه ابنُ مَعين والإمام أحمد كما في ((المقرر على أبواب المحرر)) ليوسف بن ماجد (2/112)، وابن حبان في ((صحيحهـ)) (4074)، والحاكم على شرط الشيخين في ((المستدرك)) (2744)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (7/105)، وابن الجوزي كما في ((تنقيح التحقيق)) لمحمد ابن عبد الهادي (4/286)، والقرطبي المفسر في ((التفسير)) (3/464)، وابن الملقن في ((البدر المنير)) (7/553)، وابن حجر في ((فتح الباري)) (9/97)، والشوكاني في ((السيل الجرار)) (3/21)، وقال أبو موسى المديني في ((اللطائف)) (556): ثابتٌ مشهورٌ يُحتَجُّ به. ؛ حَيثُ حَكَمَ ببُطلانِ النِّكاحِ بغَيرِ إذنِ الوليِّ، وأكَّدَه بالتَّكرارِ، ونَقَلَ الوِلايةَ إلى السُّلطانِ عِندَ اختِلافِ الأولياءِ [3116] يُنظر: ((التهذيب)) للبغوي (5/252)، ((حاشية الرملي الكبير على أسنى المطالب)) (3/125). .

انظر أيضا: