الموسوعة الحديثية

نتائج البحث

1 - أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى جذع ، فلما اتخذ المنبر تحول إليه فحن الجذع ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسحه. هذا لفظ حديث يحيى بن كثير وفي رواية ابن رجاء فلما وضع المنبر حن الجذع فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسحه فسكن

2 - أنها لما فَطمتْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ تكلَّم، قالت : سمعتُه يقول كلامًا عجيبًا : سمعتُه يقول : اللهُ أكبرُ كبيرًا، والحمدُ للهِ كثيرًا, وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلًا ، فلما ترعرعَ كان يخرجُ فينظرُ إلى الصِّبيانِ يلعبون فيَجتنبُهم، فقال لي يومًا من الأيامِ : يا أُمَّاهُ ! ما لي لا أرى إخوتي بالنَّهارِ ؟ قلتُ : فدَتكَ نفسي، يرعَونَ غنمًا لنا فيروحون من ليلٍ إلى ليلٍ. فأسبل عينَيه فبكى، فقال : يا أُمَّاهُ ! فما أصنع هاهنا وحدي ؟ ابعثِيني معهم. قلتُ : أوَ تُحبُّ ذلك ؟ قال : نعم. قالت : فلما دهنَتْهُ، وكحَّلتهُ، وقمَّصتْهُ، وعمدتْ إلى خرزةِ جزعٍ يمانيَّةٍ فعُلِّقتْ في عُنُقهِ من العينِ. وأخذ عصا وخرج مع إخوتِه، فكان يخرجُ مسرورًا ويرجع مسرورًا، فلما كان يومًا من ذلك خرجوا يرعَون بهما لنا حول بيوتِنا، فلما انتصف النهارُ إذا أنا بابني ضمرةَ يعدو فزِعًا، وجبينُه يرشحُ قد علاه البهرُ باكيًا ينادي : يا أبتِ يا أبهْ ويا أمَّه ! الْحقَا أخي محمدًا، فما تلحقاه إلا ميتًا. قلتُ : وما قصتُه ؟ قال : بينا نحنُ قيامٌ نترامَى ونلعبُ، إذ أتاه رجلٌ فاختطفَه من أوساطِنا، وعلا به ذروةِ الجبلِ ونحن ننظر إليه حتى شقَّ من صدرِه إلى عانتِه، ولا أدري ما فعل به، ولا أظنُّكما تَلحقاهُ أبدًا إلا ميتًا. قالت : فأقبلتُ أنا وأبوه - تعني زوجَها - نسعى سعيًا، فإذا نحن به قاعدًا على ذروةِ الجبلِ، شاخصًا ببصرِه إلى السماءِ، يتبسَّمُ ويضحكُ، فأكببتُ عليه، وقبَّلتُ بين عينَيه، وقلتُ : فدَتْك نفسِي، ما الذي دهاك ؟ قال : خيرًا يا أُمَّاه، بينا أنا الساعةُ قائمٌ على إخوتي، إذ أتاني رهطٌ ثلاثةٌ، بيدِ أحدِهم إبريقُ فضةٍ، وفي يدِ الثاني طَستٌ من زُمُرُّدةٍ خضراءَ ملؤُها ثلجٌ، فأخذوني، فانطلقوا بي إلى ذروةِ الجبلِ، فأضجعوني على الجبلِ إضجاعًا لطيفًا، ثم شقَّ من صدري إلى عانَتي وأنا أنظر إليه، فلم أجد لذلك حسًّا ولا ألمًا، ثم أدخل يدَه في جوفي، فأخرج أحشاءَ بطني، فغسلها بذلك الثلجِ فأنعم غسلَها، ثم أعادها، وقام الثاني فقال للأولِ : تنَحَّ، فقد أنجزتَ ما أمرك اللهِ به، فدنا مني، فأدخل يدَه في جوفي، فانتزع قلبي وشقَّه، فأخرج منه نُكتةً سوداءَ مملوءةً بالدَّمِ، فرمى بها، فقال : هذه حظُّ الشيطانِ منك يا حبيبَ اللهِ، ثم حشاه بشيءٍ كان معه، وردَّه مكانَه، ثم ختمه بخاتمٍ من نورٍ، فأنا الساعةُ أجدُ بردَ الخاتَمِ في عُروقي ومفاصلي، وقام الثالثُ فقال : تَنَحَّيَا، فقد أنجزتُما ما أمرَ اللهُ فيه، ثم دنا الثالثُ منِّي، فأمرَّ يدَه ما بين مَفرقِ صدري إلى منتهى عانتي، قال الملَكُ : زِنوهُ بعشرةٍ من أمته، فوزنوني فرجحتُهم، ثم قال : دعوه، فلو وزنتُموه بأُمَّته كلِّها لرجح بهم، ثم أخذ بيدي فأنهضَني إنهاضًا لطيفًا، فأكبُّوا عليَّ، وقبَّلوا رأسي وما بين عيني، وقالوا : يا حبيبَ اللهِ، إنك لن تُراعَ، ولو تدري ما يراد بك من الخيرِ لقَرَّتْ عيناك، وتركوني قاعدًا في مكاني هذا، ثم جعلوا يطيرون حتى دخلوا حيالَ السَّماءِ، وأنا أنظرُ إليهما، ولو شئتُ لأَرَيتُك موضعَ دخولِهما. قالت : فاحتملتُه فأتيتُ به منزلًا من منازِل بني سعدِ بنِ بكرٍ، فقال لي الناسُ : اذهبي به إلى الكاهنِ حتى ينظرَ إليه ويداويه. فقال : ما بي شيءٌ مما تذكرون، وإني أرى نفسي سليمةً، وفؤادي صحيحٌ بحمد اللهِ، فقال الناسُ : أصابه لمَمٌ أو طائفٌ من الجنِّ. قالت : فغلبوني على رأيي، فانطلقتُ به إلى الكاهنِ ، فقصصتُ عليه القصةَ، قال : دَعيني أنا أسمعُ منه، فإنَّ الغلامَ أبصرُ بأمره منكم، تكلَّمْ يا غلامُ ؟ قالت حليمةُ : فقصَّ ابني محمدٌ قصَّتَه ما بين أولِها إلى آخرِها، فوثب الكاهنُ قائمًا على قدمَيه، فضمَّهُ إلى صدرهِ، ونادى بأعلى صوتِه، يا آلَ العربِ ! يا آلَ العربِ ! مِن شرٍّ قدِ اقتربَ، اقتلُوا هذا الغلامَ واقتُلوني معه، فإنكم إن تركتُموه وأدرك مدركَ الرِّجالِ لَيُسفِّهنَّ أحلامَكم، ولَيُكذِّبنَّ أديانَكم، ولَيَدعُونَّكم إلى ربٍّ لا تعرفونه، ودينٍ تنكرونه. قالتْ : فلما سمعتُ مقالَتَه انتزَعتُه من يدِه، وقلتُ : لأنتَ أعتَهُ منه وأجنُّ، ولو علمتُ أنَّ هذا يكونُ من قولِك ما أتيتُك به، اطلُبْ لنفسك مَن يقتُلك، فإنا لا نقتلُ محمدًا. فاحتمَلْتُه فأتيتُ به منزلي، فما أتيتُ – يعلم اللهُ - منزلًا من منازلِ بني سعدِ بنِ بكرٍ إلا وقد شمَمْنا منه ريحَ المسكِ الأذفرِ ، وكان في كلِّ يومٍ ينزل عليه رجلانِ أبيضانِ، فيَغيبان في ثيابهِ ولايظهرانِ. فقال الناسُ : رُدِّيهِ يا حليمةُ على جَدِّه عبدِ المطلبِ، وأَخرجيه من أَمانتِكِ. قالت : فعزمْتُ على ذلك، فسمعتُ مُناديًا يُنادي : هنيئًا لكِ يا بطحاءَ مكةَ ، اليومَ يردُ عليكِ النورُ، والدينُ، والبهاءُ، والكمالُ، فقد أمنتِ أن تُخذَلينَ أو تَحزنين أبدَ الآبدين ودهرَ الداهرينَ. قالت : فركبتُ أَتاني، وحملتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بين يديَّ، أسيرُ حتى أتيتُ البابَ الأعظمَ من أبواب مكةَ وعليه جماعةٌ، فوضعتُه لأقضي حاجةً وأُصلِحُ شأني، فسمعتُ هَدَّةً شديدةً، فالتفتُّ فلم أرَهُ، فقلتُ : معاشرَ الناسِ ! أين الصبيُّ ؟ قالوا : أيُّ الصِّبيانِ ؟ قلتُ : محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المطلبِ، الذي نضَّر الله به وجهي، وأغنى عَيلَتي، وأشبع جَوْعَتي، ربَّيتُه حتى إذا أدركتُ به سروري وأملي أتيتُ به أَرُدهُ وأخرجُ من أمانتي، فاختُلِسَ من يدي من غير أن تمسَّ قدمَيه الأرضُ، واللاتِ والعُزَّى لئن لم أره لأرميَنَّ بنفسي من شاهقِ هذا الجبلِ، ولأَتقطَّعنَّ إرْبًا إرْبًا. فقال الناسُ : إنا لنراكِ غائبةً عن الركبانِ ، ما معكِ محمدٌ. قالت : قلتُ : الساعةَ كان بين أيديكم. قالوا : ما رأينا شيئًا. فلما آيَسوني وضعتُ يدي على رأسي فقلتُ : وامحمداهْ ! واولداهْ ! أبكيتُ الجواري الأبكارَ لبكائي، وضجَّ الناسُ معي بالبكاء حُرقةً لي، فإذا أنا بشيخٍ كالفاني مُتوكِّئًا على عُكَّازٍ له. قالت : فقال لي : مالي أراكَ أيها السَّعديَّةُ تبكينَ وتَضجِّينَ ؟ قالت : فقلتُ : فقدتُ ابني محمدًا. قال : لا تَبكيَنَّ، أنا أدُلكِ على من يعلمُ علمَه، وإن شاء أن يردَّهُ عليك فعل. قالت : قلتُ : دُلَّني عليه. قال : الصنمُ الأعظمُ. قالتْ : ثكلتْك أُمُّكَ ! كأنك لم ترَ ما نزل باللاتِ والعزَّى في الليلةِ التي وُلِدَ فيها محمدٌ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ؟ قال : إنك لتَهذِينَ ولا تدرينَ ما تقولينَ؛ أنا أدخل عليه وأسألُه أن يردَّه عليكِ. قالت حليمةُ : فدخل وأنا أنظرُ، فطاف بهُبلَ أسبوعًا وقبَّل رأسه، ونادى : يا سيِّداهُ، لم تزلْ مُنعِمًا على قريشٍ، وهذه السَّعدية تزعمُ أنَّ محمدًا قد ضلَّ. قال : فانكبَّ هُبلُ على وجههِ، فتساقطتِ الأصنامَ بعضُها على بعضٍ، ونطقتْ – أو نطقَ منها - وقالت : إليكَ عنا أيها الشَّيخُ، إنما هلاكُنا على يدي محمدٍ. قالتْ : فأقبل الشيخُ لأسنانِه اصتكاكٌ، ولركبتَيه ارتعادٌ، وقد ألقى عُكَّازَه من يدهِ وهو يبكي ويقول : يا حليمةُ لا تبكي، فإنَّ لابنِك ربًّا لا يُضيِّعُه، فاطلبيه على مهلٍ. قالت : فخِفتُ أن يبلغَ الخبرُ عبدَ المطلبِ قَبلي، فقصدتُ قصدَه، فلما نظر إليَّ قال : أسعدٌ نزل بكِ أم نحوسٌ ؟ قالت : قلتُ : بل نحسُ الأكبرِ. ففهمَها منِّي، وقال : لعل ابنَك قد ضلَّ منك ؟ قالت : قلتُ : نعم، بعضُ قريشٍ اغتالَه فقتله، فسلَّ عبدُ المطلبِ سيفَه وغضب - وكان إذا غضب لم يثبتْ له أحدٌ من شدَّةِ غضبِه - فنادى بأعلى صوتِه : يا يسيلُ - وكانت دعوتُهم في الجاهليةِ - قال : فأجابتهُ قريشٌ بأجمَعِها، فقالت : ما قصتُك يا أبا الحارثِ ؟ فقال : فُقِدَ ابني محمدٌ. فقالت قريشٌ : اركب نركبْ معك، فإن سبقتَ خيلًا سبقْنا معك، وإن خُضتَ بحرًا خُضنا معك، قال : فركب وركبت معه قريشٌ، فأخذ على أعلى مكةَ، وانحدر على أسفلِها. فلما أن لم يرَ شيئًا ترك الناسَ واتَّشح بثوبٍ، وارتدى بآخرَ، وأقبل إلى البيتِ الحرامِ فطاف أسبوعًا، ثم أنشأ يقول : يا ربِّ إنَّ محمدًا، لم يُوجدْ فجميع قومي كلهم مُتردِّدُ، فسمعْنا مناديًا ينادي من جوِّ الهواءِ : معاشرَ القومِ ! لا تصيحُوا، فإنَّ لمحمدٍ ربًّا لا يخذلُه ولا يضيِّعُه. فقال عبدُ المطَّلبِ : يا أيها الهاتفُ ! من لنا به ؟ قالوا : بوادي تِهامةَ عند شجرةِ اليُمنى. فأقبل عبدُ المطلبِ، فلما صار في بعض الطريقِ تلقَّاه ورقةُ بنُ نوفلٍ، فصارا جميعًا يسيران، فبينما هم كذلك إذا النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ قائمٌ تحت شجرةٍ يجذبُ أغصانَها، ويعبثُ بالورقِ، فقال عبدُ المطلبِ : من أنت يا غلامُ ؟ فقال : أنا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المطلبِ. قال عبدُ المطلبِ : فدَتْك نفسي، وأنا جدُّك عبدُ المطلبِ، ثم احتملهُ وعانقَه، ولثَمه وضمَّه إلى صدرهِ وجعل يبكي، ثم حمله على قَرَبوسِ سرجهِ، وردَّه إلى مكةَ، فاطمأنت قريشٌ، فلما اطمأن الناسُ نحر عبدُ المطلبِ عشرين جزورًا، وذبح الشاءَ والبقرَ، وجعل طعامًا وأطعم أهلَ مكةَ. قالت حليمةُ : ثم جهَّزني عبدُ المطلبِ بأحسن الجهازِ وصرَفني، فانصرفتُ إلى منزلي وأنا بكلِّ خيرِ دنيا، لا أحسنُ وصفَ كُنهِ خيري، وصار محمدٌ عند جدِّه. قالت حليمةُ : وحدَّثتُ عبدَ المطلبِ بحديثه كلِّه، فضمَّه إلى صدره وبكى، وقال : يا حليمةُ ! إنَّ لابني شأنًا، وَدِدْتُ أني أدركُ ذلك الزمانَ

3 - عنِ ابنِ عبَّاسٍ، قالَ : وَكانَ الفتحُ في ثلاثَ عشرةَ من رَمضانَ
خلاصة حكم المحدث : هذا الإدراج وهم ، وإنما هو من قول الزهري
الراوي : عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 5/23
التصنيف الموضوعي: مغازي - فتح مكة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

4 - كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا صلَّى الصُّبحَ قالَ - وَهوَ ثانٍ رجليهِ -: سُبحانَ اللَّهِ وبحمدِهِ، وأستغفِرُ اللَّهَ إنَّ اللَّهَ كانَ توَّابًا سبعينَ مرَّةً، ثمَّ يقولُ: سَبعينَ بسَبعمائةٍ لا خيرَ لِمَن كانت ذنوبُهُ في يومٍ واحدٍ أَكْثرَ من سَبعمائةٍ ثمَّ يقولُ ذلِكَ مرَّتينِ، ثمَّ يَستقبلُ النَّاسَ بوجهِهِ وَكانَ تعجبُهُ الرُّؤيا ، ثمَّ يقولُ: هل رأى أحدٌ منكم شيئًا ؟ قالَ ابنُ زملٍ: فقُلتُ: أَنا يا نبيَّ اللَّهِ قالَ: خيرٌ تلقَّاهُ وشرٌّ تُوقَّاهُ، وخيرٌ لَنا وشرٌّ على أعدائِنا، والحمدُ للَّهِ ربِّ العالمينَ أقصص رؤياكَ. فقلتُ: رأيتُ جميعَ النَّاسِ على طريقٍ رحبٍ سَهْلٍ لاحِبٍ، والنَّاسُ على الجادَّةِ مُنطلقينَ، فبينا هم كذلِكَ إذ أشفى ذلِكَ الطَّريقُ على مرجٍ لم ترَ عيني مثلَهُ يرِفُّ رفيفًا يقطرُ ماؤُهُ من أنواعِ الكلأِ . قالَ: فَكَأنِّي بالرَّعلةِ الأولى حينَ أشفَوا على المرجِ كبَّروا ثمَّ أَكَبُّوا رواحلَهُم في الطَّريقِ فلم يظلِموهُ يمينًا ولا شمالًا. قالَ: فَكَأنِّي أنظرُ إليهم مُنطلقينَ، ثمَّ جاءتِ الرَّعلةُ الثَّانيةُ وَهُم أَكْثرُ مِنهم أضعافًا فلمَّا أشفَوا على المرجِ كبَّروا ثمَّ أَكَبُّوا رواحلَهُم في الطَّريقِ منهمُ المرتعُ، وَمِنْهُمُ الآخذُ الضِّغثَ ومضَوا على ذلِكَ. قالَ: ثمَّ قدمَ عِظَمُ النَّاسِ، فلمَّا أشفَوا على المرجِ كبَّروا وقالوا: هذا خيرُ المنزلِ، فَكَأنِّي أنظرُ إليهم يميلونَ يمينًا وشمالًا، فلمَّا رأيتُ ذلِكَ لَزِمْتُ الطَّريقَ حتَّى أتيَ أقصى المرجِ فإذا أَنا بِكَ يا رسولَ اللَّهِ على منبرٍ فيهِ سَبعُ درجاتٍ، وأنتَ في أعلاها درجةً، وإذ عَن يمينِكَ رجلٌ آدمُ شَعثٌ أقنى، إذا هوَ تَكَلَّمَ يَسمو فيفرعُ الرِّجالَ طولًا ، وإذا عن يسارِهِ رجلٌ ربعةٌ تارٌّ أحمرُ كثيرُ خيلانِ الوجهِ كأنَّما حُمِّمَ شعرُهُ بالماءِ، إذا هوَ تَكَلَّمَ أصغيتُمْ لَهُ إِكْرامًا لَهُ، وإذا إمامَكُم رجلٌ شيخٌ أشبَهُ النَّاسِ بِكَ خلقًا ووجهًا، كلُّكم تؤمُّونَهُ تريدونَهُ وإذا أمامَ ذلِكَ ناقةٌ عَجفاءُ شارفٌ، وإذا أنتَ يا رسولَ اللَّهِ كأنَّكَ تبعثُها. قالَ: فانتقَعَ لونُ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ساعةً، ثمَّ سُرِّيَ عنهُ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: أمَّا ما رأيتَ منَ الطَّريقِ السَّهلِ الرَّحبِ اللَّاحبِ فذاكَ ما حملتُكُم عليهِ منَ الهُدى، وأنتُمْ عليهِ، وأمَّا المرجُ الَّذي رأيتَ فالدُّنيا وغَضارةُ عيشِها، مَضيتُ أَنا وأصحابي لم نَتعلَّق منها ولم تتعلَّق منَّا، ولم نُرِدها، ولم تُرِدنا، ثمَّ جاءتِ الرَّعلةُ الثَّانيةُ من بَعدِنا وَهُم أَكْثرُ منَّا أضعافًا فَمِنْهُمُ المرتعُ، وَمِنْهُمُ الآخذُ الضِّغثَ ولجُّوا على ذلِكَ، ثمَّ جاءَ عظمُ النَّاسِ فمالوا في المرجِ يمينًا وشمالًا، فإنَّا للَّهِ وإنَّا إليهِ راجعونَ، وأمَّا أنتَ فمَضيتَ على طريقةٍ صالحةٍ، فلن تزلَ عليها حتَّى تَلقاني، وأمَّا المنبرُ الَّذي فيهِ سبعُ درجاتٍ وأَنا في أعلاها درجةً فالدُّنيا سبعةُ آلافِ سنةٍ أَنا في آخرِها ألفًا، وأمَّا الرَّجلُ الَّذي رأيتَ على يميني الآدمُ الشَّثِلُ فذلِكَ موسى عليهِ السَّلامُ إذا تَكَلَّمَ يَعلو الرِّجالَ بفضلِ كلامِ اللَّهِ إيَّاهُ، والَّذي رأيتَ منَ التَّارِّ الرَّبعةِ الكثيرِ خَيلانِ الوجهِ، كأنَّما حُمِّمَ شعرُهُ بالماءِ، فذاكَ عيسى ابنُ مريمَ نُكْرمُهُ لإِكْرامِ اللَّهِ إيَّاهُ، وأما الشَّيخُ الَّذي رأيتَ أشبَهَ النَّاسِ بي خلقًا ووجهًا فذلِكَ أبونا إبراهيمُ كلُّنا نؤمُّهُ ونَقتدي بِهِ، وأمَّا النَّاقةُ الَّتي رأيتَ ورأيتَني أبعثُها فَهيَ السَّاعةُ علينا تقومُ لا نبيَّ بعدي ولا أمَّةَ بعدَ أمَّتي قالَ: فما سألَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عَن رؤيا بعدَ هذا إلَّا أن يجيءَ الرَّجُلُ فيحدِّثَهُ بِها متبرِّعًا

5 - كان من صفة رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم في قامته : أنه لم يكن بًالطويل البًائن، ولا المشذب الذاهب - والمشذب : الطول نفسه إلا أنه المخفف - ولم يكن صلى الله عليه وسلم بًالقصير المتردد، وكان ينسب إلى الربعة، إذا مشى وحده ولم يكن على حال يماشيه أحد من الناس ينسب إلى الطول إلا طاله رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، وربما اكتنفه الرجلان الطويلان فيطولهما، فإذا فارقاه نسب رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى الربعة، ويقول : نسب الخير كله إلى الربعة، وكان لونه ليس بًالأبيض الأمهق - الشديد البياض الذي تضرب بياضه الشهبة - ولم يكن بًالآدم، وكان أزهر اللون. الأزهر : الأبيض الناصع البياض، الذي لا تشوبه حمرة ولا صفرة ولا شيء من الألوان. وكان ابن عمر كثيرا ما ينشد في مسجد رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، نعت عمه أبي طالب إياه في لونه حيث يقول : وأبيض يستسقى الغمام بوجهه، ثمال اليتامى عصمة للأرامل، ويقول كل من سمعه : هكذا كان صلى الله عليه وسلم، وقد نعته بعض من نعته بأنه كان مشرب حمرة، وقد صدق من نعته بذلك، ولكن إنما كان المشرب منه حمرة ما ضحا للشمس والرياح، فقد كان بياضه من ذلك قد أشرب حمرة، وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر لا يشك فيه أحد ممن وصفه بأنه أبيض أزهر، فعنى ما تحت الثياب فقد أصاب، ومن نعت ما ضحا للشمس والرياح بأنه أزهر مشرب حمرة فقد أصاب. ولونه الذي لا يشك فيه : الأبيض الأزهر، وإنما الحمرة من قبل الشمس والرياح، وكان عرقه في وجهه مثل اللؤلؤ، أطيب من المسك الأذفر ، وكان رجل الشعر حسنا ليس بًالسبط ولا الجعد القطط، كان إذا مشطه بًالمشط كأنه حبك الرمل، أو كأنه المتون التي تكون في الغدر إذا سفتها الرياح، فإذا مكث لم يرجل أخذ بعضه بعضا، وتحلق حتى يكون متحلقا كالخواتم، ثم كان أول مرة قد سدل ناصيته بين عينيه، كما تسدل نواصي الخيل، ثم جاءه جبريل عليه السلام بًالفرق ففرق، كان شعره فوق حاجبيه، ومنهم من قال : كان يضرب شعره منكبيه، وأكثرمن ذلك إذا كان إلى شحمة أذنيه، وكان صلى الله عليه وسلم ربما جعله غدائر أربعا، يخرج الأذن اليمنى من بين غديرتين يكتنفانها، ويخرج الأذن اليسرى من بين غديرتين يكتنفانها، وتخرج الأذنان ببياضهما من بين تلك الغدائر كأنها توقد الكواكب الدرية من سواد شعره، وكان أكثر شيبه في الرأس في فودي رأسه، والفودان : حرفا الفرق، وكان أكثر شيبه في لحيته فوق الذقن، وكان شيبه كأنه خيوط الفضة يتلألأ بين ظهري سواد الشعر الذي معه، وإذا مس ذلك الشيب الصفرة - وكان كثيرا ما يفعل - صار كأنه خيوط الذهب يتلألأ بين ظهري سواد الشعر الذي معه، وكان أحسن الناس وجها، وأنورهم لونا، لم يصفه واصف قط بلغتنا صفته، إلا شبه وجهه بًالقمر ليلة البدر، ولقد كان يقول : من كان يقول منهم : لربما نظرنا إلى القمر ليلة البدر فنقول : هو أحسن في أعيننا من القمر، أزهر اللون : نير الوجه، يتلألأ تلألؤ القمر، يعرف رضاه وغضبه في سروره بوجهه، كان إذا رضي أوسر فكأن وجهه المرآة، وكأنما الجدر تلاحك وجهه، وإذا غضب تلون وجهه واحمرت عيناه. قال : وكانوا يقولون : هو صلى الله عليه وسلم كما وصفه صاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه : أمين مصطفى للخير يدعو كضوء البدر زايله الظلام، ويقولون : كذلك كان، وكان ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثيرا ما ينشد قول زهير بن أبي سلمى حين يقول لهرم بن سنان : لو كنت من شيء سوى بشر كنت المضيء لليلة البدر، فيقول عمر ومن سمع ذلك : كان النبي صلى الله عليه وسلم كذلك، ولم يكن كذلك غيره. وكذلك قالت عمته عاتكة بنت عبد المطلب بعدما سار من مكة مهاجرا فجزعت عليه بنو هاشم فانبعثت تقول : عيني جودا بًالدموع السواجم على المرتضى كالبدر من آل هاشم، على المرتضى للبر والعدل والتقى وللدين والدنيا بهيم المعالم، على الصادق الميمون ذي الحلم والنهى، وذي الفضل والداعي لخير التراحم. فشبهته بًالبدر ونعتته بهذا النعت، ووقعت في النفوس لما ألقى الله تعالى منه في الصدور. ولقد نعتته وإنها لعلى دين قومها، وكان صلى الله عليه وسلم أجلى الجبين ، إذا طلع جبينه من بين الشعر أو اطلع في فلق الصبح أو عند طفل الليل أو طلع بوجهه على الناس - تراءوا جبينه كأنه ضوء السراج المتوقد يتلألأ. وكانوا يقولون : هو صلى الله عليه وسلم، كما قال شاعره حسان بن ثابت : متى يبد في الداج البهيم جبينه يلح مثل مصبًاح الدجى المتوقد، فمن كان أو من قد يكون كأحمد نظام لحق أو نكال لملحد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم واسع الجبهة، أزج الحاجبين سابغهما، والحاجبًان الأزجان : هما الحاجبًان المتوسطان اللذان لا تعدو شعرة منهما شعرة في النبًات والاستواء من غير قرن بينهما، وكان أبلج ما بين الحاجبين حتى كأن ما بينهما الفضة المخلصة. بينهما عرق يدره الغضب، لا يرى ذلك العرق إلا أن يدره الغضب، والأبلج : النقي ما بين الحاجبين من الشعر، وكانت عيناه صلى الله عليه وسلم نجلاوان أدعجهما. والعين النجلاء : الواسعة الحسنة، والدعج : شدة سواد الحدقة، لا يكون الدعج في شيء إلا في سواد الحدق، وكان في عينيه تمزج من حمرة، وكان أهدب الأشفار حتى تكاد تلتبس من كثرتها، أقنى العرنين؛ والعرنين : المستوي الأنف من أوله إلى آخره، وهو الأشم، كان أفلج الأسنان أشنبها؛ قال : والشنب : أن تكون الأسنان متفرقة فيها طرائق مثل تعرض المشط، إلا أنها حديدة الأطراف، وهو الأشر الذي يكون أسفل الأسنان كأنه ماء يقطر في تفتحه ذلك وطرائقه، وكان يتبسم عن مثل البرد المنحدر من متون الغمام، فإذا افتر ضاحكا افتر عن مثل سناء البرق إذا تلألأ، وكان أحسن عبًاد الله شفتين، وألطفه ختم فم، سهل الخدين صلتهما، قال : والصلت الخد : هو الأسيل الخد، المستوي الذي لا يفوت بعض لحم بعضه بعضا. ليس بًالطويل الوجه ولا بًالمكلثم، كث اللحية ؛ والكث : الكثير منابت الشعر الملتفها، وكانت عنفقته بًارزة، فنيكاه حول العنفقة كأنها بياض اللؤلؤ، في أسفل عنفقته شعر منقاد حتى يقع انقيادها على شعر اللحية حتى يكون كأنه منها، والفنيكان : هما مواضع الطعام حول العنفقة من جانبيها جميعا. وكان أحسن عبًاد الله عنقا، لا ينسب إلى الطول ولا إلى القصر، ما ظهر من عنقه للشمس والرياح فكأنه إبريق فضة يشوب ذهبًا يتلألأ في بياض الفضة وحمرة الذهب، وما غيب الثياب من عنقه ما تحتها فكأنه القمر ليلة البدر. وكان عريض الصدر ممسوحه كأنه المرايا في شدتها واستوائها، لا يعدو بعض لحمه بعضا، على بياض القمر ليلة البدر، موصول ما بين لبته إلى سرته شعر، منقاد كالقضيب، لم يكن في صدره ولا بطنه شعر غيره، وكان له صلى الله عليه وسلم عكن ثلاث، يغطي الإزار منها واحدة، وتظهر ثنتان، ومنهم من قال : يغطي الإزار منها ثنتين، وتظهر واحدة، تلك العكن أبيض من القبًاطي المطواة، وألين مسا. وكان عظيم المنكبين أشعرهما، ضخم الكراديس ؛ والكراديس : عظام المنكبين والمرفقين والوركين والركبتين. وكان جليل الكتد ؛ قال : والكتد : مجتمع الكتفين والظهر، واسع الظهر، بين كتفيه خاتم النبوة، وهو مما يلي منكبه الأيمن، فيه شامة سوداء، تضرب إلى الصفرة، حولها شعرات متواليات كأنهن من عرف فرس. ومنهم من قال : كانت شامة النبوة بأسفل كتفه، خضراء منحفرة في اللحم قليلا، وكان طويل مسربة الظهر؛ والمسربة : الفقار الذي في الظهر من أعلاه إلى أسفله. وكان عبل العضدين والذراعين، طويل الزندين؛ والزندان : العظمان اللذان في ظاهر الساعدين. وكان فعم الأوصال، ضبط القصب، شئن الكف، رحب الراحة، سائل الأطراف، كأن أصابعه قضبًان فضة، كفه ألين من الخز، وكأن كفه كف عطار طيبًا، مسها بطيب أو لم يمسها، يصافحه المصافح فيظل يومه يجد ريحها ويضعها على رأس الصبي فيعرف من بين الصبيان من ريحها على رأسه. وكان عبل ما تحت الإزار من الفخذين والساق، شثن القدم غليظهما، ليس لهما خمص، منهم من قال : كان في قدمه شيء من خمص. يطأ الأرض بجميع قدميه، معتدل الخلق، بدن في آخر زمانه، وكان بذلك البدن متماسكا، وكاد يكون على الخلق الأول لم يضره السن. وكان فخما مفخما في جسده كله، إذا التفت التفت جميعا، وإذا أدبر أدبر جميعا، وكان فيه صلى الله عليه وسلم شيء من صور. والصور : الرجل الذي كأنه يلمح الشيء ببعض وجهه، وإذا مشى فكأنما يتقلع في صخر وينحدر في صبب، يخطو تكفيا، ويمشي الهوينا بغير عثر؛ والهوينا : تقارب الخطا، والمشي على الهينة، يبدر القوم إذا سارع إلى خير أو مشى إليه، ويسوقهم إذا لم يسارع إلى شيء بمشية الهوينا وترفعه فيها. وكان صلى الله عليه وسلم يقول : أنا أشبه الناس بأبي آدم عليه السلام، وكان أبي إبراهيم خليل الرحمن أشبه الناس بي خلقا وخلقا، صلى الله عليه وسلم وعلى جميع أنبياء الله
 

1 - كان رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فخما مفخما، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع ، وأقصر من المشذب، عظيم الهامة ، رجل الشعر ، إن انفرقت عقيقته فرق - وفي رواية العلوي : إن انفرقت عقيصته فرق - وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنه إذا هو وفره، أزهر اللون، واسع الجبين ، أزج الحواجب، سوابغ في غير قرن بينهما عرق يدره الغضب، أقنى العرنين، له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشم، كث اللحية ، سهل الخدين - وفي رواية العلوي : المسربة - كأن عنقه جيد دمية، في صفاء الفضة، معتدل الخلق، بًادن متماسك، سوي البطن والصدر، عريض الصدر - وفي رواية العلوي : فسيح الصدر - بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس ، أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين والبطن، مما سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة - وفي رواية العلوي : رحب الجبهة، سبط القصب، شثن الكفين والقدمين - لم يذكر العلوي : القدمين - سائل الأطراف، خمصان الأخمصين، مسيح القدمين ينبو عنهما الماء، إذا زال زال قلعا، يخطو تكفيا ويمشي هونا، ذريع المشية، إذا مشى كأنما ينحط من صبب ، وإذا التفت التفت جمعا - وفي رواية العلوي : جميعا - خافض الطرف ، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة يسوق أصحابه يبدر - وفي رواية العلوي : يبدأ - من لقي بًالسلام. قلت : صف لي منطقه. قال : كان رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان، دائم الفكرة - وفي رواية العلوي : الفكر - ليست له راحة، لا يتكلم في غير حاجة، طويل السكتة - وفي رواية العلوي : السكوت - يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلم - وفي رواية العلوي : الكلام - فصل : لا فضول ولا تقصير. دمث ليس بًالجافي ولا المهين. يعظم النعمة وإن دقت، لا يذم منها شيئا، لا يذم ذواقا ولا يمدحه - وفي رواية العلوي : لم يكن ذواقا ولا مدحة - لايقوم لغضبه إذا تعرض الحق شيء حتى ينتصر له - وفي الرواية الأخرى : لا تغضبه الدنيا وما كان لها، فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد، ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له - لا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها، إذا أشار أشار بكفه كلها، وإذا تعجب قلبها، وإذا تحدث اتصل بها، يضرب براحته اليمنى بطن إبهامه اليسرى - وفي رواية العلوي : فيضرب بإبهامه اليمنى بًاطن راحته اليسرى - وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غض طرفه، جل ضحكه التبسم، ويفتر عن مثل حب الغمام. قال : فكتمتها الحسين بن علي زمانا، ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه. فسأله عما سألته عنه، ووجدته قد سأل أبًاه عن مدخله ومجلسه ومخرجه وشكله، فلم يدع منه شيئا. قال الحسين : سألت أبي عن دخول رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال : كان دخوله لنفسه مأذون له في ذلك، فكان إذا أوى إلى منزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء : جزءا لله تعالى، وحزءا لأهله، وجزءا لنفسه. ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس، فيرد ذلك على العامة والخاصة ولا يذخره - قال أبو غسان : أو يذخر عنهم شيئا -. وفي رواية العلوي : ولا يدخر عنهم شيئا - وكان من سيرته في جزء الأمة : إيثار أهل الفضل بإذنه، وقسمه على قدر فضلهم في الدين : فمنهم ذو الحاجة، ومنهم ذو الحاجتين، ومنهم ذو الحوائج، فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والأمة من مسألته عنهم، وإخبًارهم بًالذي ينبغي لهم، ويقول : ليبلغ الشاهد منكم الغائب، وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها إياه - ثبت الله قدميه يوم القيامة. لا يذكر عنده إلا ذلك، ولا يقبل من أحد غيره، يدخلون عليه روادا، ولا يفترقون إلا عن ذواق - وفي رواية العلوي : ولا يفترقون إلا عن ذوق - ويخرجون أدلة - زاد العلوي : يعني فقهاء - قال : فسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه ؟ - وفي رواية العلوي : قلت : فأخبرني عن مخرجه كيف كان يصنع فيه ؟ - فقال : كان رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم يخزن لسانه إلا مما يعنيهم، ويؤلفهم ولا ينفرهم - قال أبو غسان : أو يفرقهم. وفي رواية العلوي : ولا يفرقهم - ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه، يتفقد أصحابه، ويسأل الناس عما في الناس، ويحسن الحسن ويقويه، ويقبح القبيح ويوهيه، معتدل الأمر غير مختلف، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا، لكل حال عنده عتاد، لا يقصر عن الحق ولا يحوزه، الذين يلونه من الناس خيارهم، أفضلهم عنده أعمهم نصيحة، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة. قال : فسألته عن مجلسه - زاد العلوي : كيف كان يصنع فيه ؟ - فقال : كان رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر، ولا يوطن الأماكن، وينهى عن إيطانها، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك، يعطي كل جلسائه نصيبه، لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه من جالسه أو قاومه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها، أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه بسطه وخلقه، فصار لهم أبًا، وصاروا عنده في الحق سواء، مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تؤبه فيه الحرم، ولا تنثى فلتاته، متعادلين يتفاضلون فيه بًالتقوى - وفي رواية العلوي : وصاروا عنده في الحق متقاربين يتفاضلون بًالتقوى - سقط منها ما بينهما، ثم اتفقت الروايتان : متواضعين يوقرون فيه الكبير، ويرحمون فيه الصغير، ويؤثرون ذا الحاجة. ويحفظون - قال أبو غسان : أو يحيطون - الغريب. وفي رواية العلوي : ويرحمون الغريب. قال : قلت : كيف كان سيرته في جلسائه ؟ - وفي رواية العلوي : فسألته عن سيرته في جلسائه ؟ - فقال : كان رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب، ولا فحاش ولا عياب، ولا مزاح، يتغافل عما لا يشتهى، ولا يويس منه، ولا يحبب فيه، قد ترك نفسه من ثلاث : المراء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث : كان لا يذم أحدا ولا يعيره، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رءوسهم الطير ، فإذا سكت تكلموا، ولا يتنازعون عنده - زاد العلوي : الحديث - من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم عنده حديث ألويتهم - وفي رواية العلوي : أولهم - يضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته، حتى إذا كان أصحابه ليستجلبونهم - وفي رواية العلوي : في المنطق - ويقول : إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فأرفدوه، ولا يقبل الثناء إلا من مكاف، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بهي أو قيام - وفي رواية العلوي : بًانتهاء أو قيام - قال : فسألته كيف كان سكوته ؟ قال : كان سكوت رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم على أربع : الحلم، والحذر، والتقدير، والتفكر - وفي رواية العلوي : والتفكير - فأما تقديره ففي تسويته النظر والاستماع بين الناس. وأما تذكره - أو قال : تفكره - قال سعيد : تفكره، ولم يشك - وفي رواية العلوي : تفكيره - ففيما يبقى ويفنى، وجمع له صلى الله عليه وسلم : الحلم، والصبر، فكان لا يغضبه شيء ولا يستفزه، وجمع له الحذر في أربع : أخذه بًالحسنى - قال سعيد والعلوي : بًالحسن - ليقتدي به، وتركه القبيح لينتهى عنه - وفي رواية العلوي : ليتناهى عنه - واجتهاد الرأي فيما أصلح أمته، والقيام فيما جمع لهم الدنيا والآخرة - وفي رواية العلوي : والقيام لهم فيما جمع لهم أمر الدنيا والآخرة - صلى الله عليه وسلم

2 - أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى جذع ، فلما اتخذ المنبر تحول إليه فحن الجذع ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسحه. هذا لفظ حديث يحيى بن كثير وفي رواية ابن رجاء فلما وضع المنبر حن الجذع فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فمسحه فسكن
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 2/556 التخريج : أخرجه البخاري (3583) مختصراً باختلاف يسير والرواية أخرجها أبو أحمد الحاكم في ((الأسامي والكنى)) (3/37)، والخطيب في ((تلخيص المتشابه)) (1/319)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (51/215) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: جمعة - الخطبة على المنبر فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - رحمته فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث | شرح حديث مشابه

3 - إني عبدُ اللهِ وخاتَمُ النَّبِيِّينَ، وإنَّ آدمَ لَمُنْجَدِلٌ في طينتِه، وسأُخْبِرُكم عن ذلك : دعوةُ أبي إبراهيمَ، وبِشارةُ عيسى بي، ورُؤْيا أُمِّي التي رَأَتْ، وكذلك أُمَّهاتُ النَّبِيِّينَ يَرَيْنَ، وإنَّ أُمَّ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَأَتْ حين وَضَعَتْهُ نورًا أضاءت له قصورَ الشامِ، وفي روايةِ يعقوبَ : أضاءت منه قصورَ الشامِ
خلاصة حكم المحدث : [له متابعة]
الراوي : العرباض بن سارية | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 1/80 التخريج : أخرجه أحمد (17150)، وابن حبان (6404)، والطبراني (18/252) (629) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: خلق - خلق آدم فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - خاتم الأنبياء فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - صفة النبي وأمته في كتب أهل الكتاب فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - علامات النبوة فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - ميلاد النبي
|أصول الحديث

4 - أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ اضطَجعَ ذاتَ يومٍ للنَّومِ فاستيقَظَ وَهوَ حائرٌ، ثمَّ اضطجعَ فرقدَ، ثمَّ استيقَظَ وَهوَ حائرٌ دونَ ما رأيتُ منهُ في المرَّةِ الأولى، ثمَّ اضطَجعَ واستيقَظَ وفي يدِهِ تربةٌ حمراءُ يقلِّبُها فقُلتُ: ما هذِهِ التُّربةُ يا رسولَ اللَّهِ ؟ قالَ: أخبرَني جبريلُ عليهِ السَّلامُ أنَّ هذا يُقتَلُ بأرضِ العراقِ - للحُسَيْنِ - فقلتُ : يا جبريلُ ! ارني تُربةَ الأرضِ الَّتي يُقتَلُ بِها، فَهَذِهِ تربتُها

5 - يَقتَتلُ عندَ كنزِكُم هذِهِ ثلاثةٌ، كلُّهم ولَدُ خليفةٍ، لا تصيرُ إلى واحدٍ منهم، ثمَّ تُقبِلُ الرَّاياتُ السُّودُ مِن خراسانَ فيقتُلونَكُم مقتَلةً لم تروا مثلَها، ثمَّ ذَكَرَ شيئًا : فإذا كانَ ذلِكَ فائتوهُ ولو حَبوًا على الثَّلجِ فإنَّهُ خليفةُ اللَّهِ. وفي روايةِ ابنِ عبدانَ، ثمَّ تجيءُ الرَّاياتُ السُّودُ فيقتُلونَكُم قَتلًا لم يقتُلهُ قومٌ، ثمَّ يجيءُ خليفةُ اللَّهِ المَهْديُّ فإذا سَمِعْتُم بِهِ فأتوهُ فبايَعوهُ، فإنَّهُ خليفةُ اللَّهِ المَهْديُّ
خلاصة حكم المحدث : تفرد به عبد الرزاق
الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 6/515 التخريج : أخرجه ابن ماجه (4084)، والبزار (4163)، والروياني (637) واللفظ لهم جميعا
التصنيف الموضوعي: أشراط الساعة - إخبار النبي ما سيكون إلى يوم القيامة أشراط الساعة - أمارات الساعة وأشراطها أشراط الساعة - خروج المهدي أشراط الساعة - صفة المهدي فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - إخبار النبي عن المغيبات
|أصول الحديث

6 - أنا أوَّلُ النَّاسِ خُروجًا إذا بُعِثوا، وأنا قائدُهم إذا وفَدوا، وأنا خطيبُهم إذا أنصَتوا، وأنا شفيعُهم إذا حُبِسوا، وأنا مبشِّرُهم إذا أيِسوا، لواءُ الكَرَمِ يومَئذٍ بيَدي، ومفاتيحُ الجنَّانِ بيدي، وأنا أَكرَمُ ولدِ آدمَ على ربِّهِ عزَّ وجلَّ ولا فَخرَ، يطوفُ عليَّ ألفُ خادمٍ كأنَّهم لؤلؤٌ مَكنونٌ، وفي روايةِ الأصبَهانيِّ : الكرامةُ والمفاتيحُ يومئذٍ بيدي، ولواءُ الحمدِ يومئذٍ بيدي، وقالَ : كأنَّهنَّ بَيضٌ مَكنونٌ أو لؤلؤٌ منثورٌ
خلاصة حكم المحدث : [له متابعة]
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 5/484 التخريج : أخرجه الدارمي (49)، وأبو يعلى في ((معجمه)) (160)، وأبو نعيم في ((دلائل النبوة)) (24) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: جنة - خدم أهل الجنة فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - عظم قدر النبي صلى الله عليه وسلم قيامة - البعث والنشور وصفة الأرض قيامة - الشفاعة فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - خصائصه صلى الله عليه وسلم
|أصول الحديث

7 - كنَّا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم بتبوكَ فطلعتِ الشَّمسُ بضياءٍ وشعاعٍ ونورٍ لم أرَها طلعت فيما مضى فأتى جبريلُ عليهِ السَّلامُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ يا جبريلُ ما لي أرى الشَّمسَ اليومَ طلعت بضياءٍ ونورٍ وشعاعٍ لم أرَها طلَعت فيما مضى فقالَ ذاكَ أنَّ معاويةَ بنَ معاويةَ اللَّيثيَّ ماتَ بالمدينةِ اليومَ فبعثَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ إليهِ سبعينَ ألفَ ملكٍ يصلُّونَ عليهِ قالَ وفيمَ ذاكَ قالَ كانَ يُكثِرُ قراءةَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) باللَّيلِ والنَّهارِ وفي ممشاهُ وقيامِهِ وقعودِهِ فهل لكَ يا رسولَ اللَّهِ أن أقبِضَ لكَ الأرضَ فتصلِّيَ عليهِ قالَ نعم قالَ فصلَّى عليهِ ثمَّ رجَعَ
خلاصة حكم المحدث : [له متابعة في بعضه]
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 5/245 التخريج : أخرجه ابن أبي الدنيا في ((الأولياء)) (21)، وأبو يعلى (4267)، والعقيلي في ((الضعفاء الكبير)) (3/342)
التصنيف الموضوعي: صلاة الجنازة - الصلاة على الميت الغائب مغازي - غزوة تبوك ملائكة - أعمال الملائكة مناقب وفضائل - معاوية بن معاوية الليثي فضائل سور وآيات - سورة الإخلاص
|أصول الحديث

8 - أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان في مَحْفَلٍ مِن أصحابِه إذْ جاء أعْرابيٌّ مِن بَني سُلَيمٍ قد صاد ضبًّا، وجعَله في كُمِّه؛ لِيَذهَبَ به إلى رَحْلِه فيَشويَه ويأكُلَه، فلمَّا رأَى الجماعَةَ، قال: ما هذا؟ قالوا: هذا الَّذي يَذكُرُ أنَّه نَبيٌّ، فجاء حتَّى شقَّ النَّاسَ، فقال: واللَّاتِ والعُزَّى، ما اشتَمَلَتِ النِّساءُ على ذي لَهجَةٍ أبغَضَ إليَّ مِنك ولا أمْقَتَ، ولولا أنْ يُسمِّيَني قومٌ عَجولًا لعَجِلتُ عليك فقَتَلتُك فسَرَرْتُ بقَتلِك الأسودَ والأحمَرَ والأبيَضَ وغيرَهم، فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ: يا رسولَ اللهِ، دَعْني فأقومَ فأقتُلَه، قال: يا عُمرُ، أمَا عَلِمتَ أنَّ الحَليمَ كاد أن يَكونَ نبيًّا؟! ثمَّ أقبَل على الأعرابيِّ، فقال: ما حمَلَك على أن قُلتَ ما قُلتَ، وقلتَ غيرَ الحقِّ ولَم تُكْرِمْني في مَجْلِسي؟! قال: وتكلِّمُني أيضًا؟! - استِخفافًا برَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم - واللَّاتِ والعُزَّى، لَا آمَنتُ بك أو يؤمِنَ بكَ هذا الضَّبُّ، وأخرَج الضَّبَّ مِن كُمِّه وطرَحَه بين يدَيْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: يا ضَبُّ، فأجابه الضَّبُّ بلِسانٍ عرَبيٍّ مُبينٍ يَسمعُه القومُ جميعًا: لبَّيكَ وسَعدَيك، يا زَينَ مَن وافى القِيامَةَ، قال: مَن تَعبُدُ يا ضَبُّ؟ قال: الَّذي في السَّماءِ عَرشُه، وفي الأرضِ سُلطانُه، وفي البَحرِ سَبيلُه، وفي الجنَّةِ رَحمَتُه، وفي النَّارِ عِقابُه، قال: فمَن أنا يا ضَبُّ؟ قال: رسولُ ربِّ العالَمين، وخاتَمُ النَّبيِّين، وقد أفلَح مَن صدَّقَك، وقد خاب مَن كذَّبَك، قال الأعرابيُّ: لا أَتْبَعُ أثَرًا بعدَ عينٍ، واللهِ لقد جِئتُك وما على ظَهْرِ الأرضِ أبغَضُ إليَّ مِنك، وإنَّك اليومَ أحَبُّ إليَّ مِن والدَيَّ، ومِن عينيَّ، ومنِّي، وإنِّي لأُحِبُّك بداخِلي وخارِجي، وسرِّي وعَلانيتي، أشهَدُ أن لَا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنَّك رسولُ اللهِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: الحمدُ للهِ الَّذي هَداك بي، إنَّ هذا الدِّينَ يَعْلو ولا يُعلى، ولا يُقبَلُ إلَّا بصَلاةٍ، ولا تُقبَلُ الصَّلاةُ إلَّا بقُرآنٍ، قال: فعلِّمْني، فعَلَّمَه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1]، قال: زِدْني؛ فما سَمِعتُ في البَسيطِ ولا في الرَّجَزِ أحسَنَ مِن هذا، قال: يا أعرابيُّ، إنَّ هذا كلامُ اللهِ ليس بشِعْرٍ، إنَّك إنْ قرأتَ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} مرَّةً كان لك كأجْرِ مَن قرَأَ ثُلثَ القُرآنِ، وإن قرأتَ مرَّتين كان لك كأجْرِ مَن قرَأ ثُلُثَي القرآنِ، وإذا قرأتَها ثلاثَ مرَّاتٍ كان لك كأجْرِ مَن قرَأ القرآنَ كلَّه، قال الأعرابيُّ: نِعْمَ الإلهُ إلهًا يَقبَلُ اليَسيرَ ويُعطي الجَزيلَ، فقال له رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: ألك مالٌ؟ قال: فقال: ما في بَني سُلَيمٍ قاطِبَةً رجلٌ هو أفقَرُ منِّي، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لأصحابِه: أعطُوه، فأعطَوْه حتَّى أبطَروه، فقام عبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ له عِندي ناقَةً عُشَراءَ دونَ البُخْتيَّةِ وفوقَ الأَعْرَى، تَلْحَقُ ولا تُلحَقُ، أُهديَتْ إليَّ يومَ تَبوكَ ، أتقرَّبُ بها إلى اللهِ عزَّ وجلَّ وأدفَعُها إلى الأعرابيِّ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: قد وصفْتَ ناقتَك، فأصِفُ ما لك عندَ اللهِ يومَ القيامَةِ؟ قال: نعَم، قال: لك كَنَاقَةٍ مِن درَّةٍ جَوْفاءَ، قوائمُها مِن زبَرْجَدٍ أخضَرَ، وعُنُقُها مِن زبَرجَدٍ أصفَرَ، عليها هَوْدجٌ، وعلى الهودَجِ السُّندُسُ والإستبرَقُ، وتَمُرُّ بك على الصِّراطِ كالبَرقِ الخاطِفِ، يَغبِطُك بها كلُّ مَن رآك يومَ القيامَةِ، فقال عبدُ الرَّحمنِ: قد رَضيتُ، فخرَج الأعرابيُّ فلقيه ألفُ أعرابيٍّ مِن بَني سُلَيمٍ على ألْفِ دابَّةٍ، معَهم ألْفُ سَيفٍ وألفُ رُمْحٍ، فقال لهم: أين تُريدون؟ فقالوا: نذهَبُ إلى هذا الَّذي سفَّه آلِهَتَنا فنقتُلُه، قال: لا تَفعَلوا، أنا أشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، فحدَّثهم الحديثَ، فقالوا بأجمعِهم: لا إلهَ إلَّا اللهُ محمَّدٌ رسولُ اللهِ، ثمَّ دخَلوا، فقيل للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فتلقَّاهم بلا رِداءٍ، فنزَلوا عن رِكابِهم يُقبِّلون حيثُ وافَوا مِنه وهم يقولون: لا إلهَ إلَّا اللهُ محمَّدٌ رَسولُ اللهِ، ثمَّ قالوا: يا رسولَ اللهِ، مُرْنا بأمرِك، قال: كُونوا تحتَ رايَةِ خالِدِ بنِ الوَليدِ، فلم يؤمِنْ مِن العرَبِ ولا غيرِهم ألفٌ غيرُهم.
خلاصة حكم المحدث : أمثل إسناد فيه [يعني في هذا الحديث]
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 6/36
التصنيف الموضوعي: خلق - العرش رؤيا - الحلم من الشيطان صلاة - فرض الصلاة فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي فضائل سور وآيات - سورة الإخلاص

9 - قلنا : يا رسول ! الله كيف أسري بك ؟ قال : صليت لأصحابي صلاة العتمة بمكة معتما وأتاني جبريل عليه السلام بدابة بيضاء فوق الحمار ودون البغل، فقال : اركب، فاستصعبت علي، فدارها بإذنها، ثم حملني عليها، فانطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها، حتى بلغنا أرضا ذات نخل فأنزلني، فقال : صل. فصليت، ثم ركبنا فقال : أتدري أين صليت ؟ قلت : الله أعلم قال : صليت بيثرب، صليت بطيبة، فانطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها، ثم بلغنا أرضا فقال : انزل، فنزلت، ثم قال : صل فصليت، ثم ركبنا، فقال : أتدري أين صليت ؟ قلت : الله أعلم، قال : صليت بمدين، صليت عند شجرة موسى عليه السلام، ثم انطلقت تهوى بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها، ثم بلغنا أرضا بدت لنا قصور، فقال : انزل، فنزلت، فقال : صل فصليت، ثم ركبنا، قال : أتدري أين صليت ؟ قلت : الله أعلم. قال : صليت ببيت لحم، حيث ولد عيسى عليه السلام المسيح بن مريم، ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بًابها اليماني فأتى قبلة المسجد فربط به دابته ودخلنا المسجد من بًاب فيه تميل الشمس والقمر، فصليت من المسجد حيث شاء الله وأخذني من العطش أشد ما أخذني، فأتيت بإناءين في أحدهما لبن، وفي الآخر عسل، أرسل إلي بهما جميعا، فعدلت بينهما، ثم هداني الله عز وجل فأخذت اللبن فشربت، حتى قرعت به جبيني وبين يدي شيخ متكئ على مثراة له فقال : أخذ صاحبك الفطرة أنه ليهدي، ثم انطلق لي حتى أتينا الوادي الذي فيه المدينة، فإذا جهنم تنكشف عن مثل الزرابي ، قلت : يا رسول اللهِ ! كيف وجدتها ؟ قال : مثل الحمة السخنة، ثم انصرف بي فمررنا بعير لقريش بمكان كذا وكذا قد أضلوا بعيرا لهم فجمعه فلان، فسلمت عليهم فقال بعضهم : هذا صوت محمد، ثم أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة فأتاني أبو بكر رضي الله عنه، فقال : يا رسول اللهِ ! أين كنت الليلة فقد التمستك في مكانك ؟ فقال : علمت أني أتيت بيت المقدس الليلة، فقال : يا رسول اللهِ ! إنه مسيرة شهر فصفه لي. قال : ففتح لي صراط كأني أنظر فيه لا يسلني عن شيء إلا أنبأته عنه، قال أبو بكر : أشهد أنك رسول اللهِ، فقال المشركون : انظروا إلى ابن أبي كبشة يزعم أنه أتى بيت المقدس الليلة، قال : فقال : إن من آية ما أقول لكم أني مررت بعير لكم بمكان كذا وكذا قد أضلوا بعيرا لهم فجمعه فلان، وإن مسيرهم ينزلون بكذا ثم بكذا ويأتونكم يوم كذا وكذا يقدمهم جمل آدم عليه مسح أسود وغرارتان سوداوان، فلما كان ذلك اليوم أشرف الناس ينتظرون حتى كان قريب من نصف النهار حتى أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل الذي وصفه رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : شداد بن أوس | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 2/355 التخريج : أخرجه الطبراني (7142) (7/ 282)، والبزار (3484)، والطبري في ((تهذيب الآثار-مسند ابن عباس)) (734)، واللفظ لهم.
التصنيف الموضوعي: أشربة - اللبن جهنم - صفة جهنم وعظمها خلق - البراق فضائل المدينة - اسم المدينة فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - الإسراء والمعراج
|أصول الحديث

10 - ثمَّ خرجَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ منَ العامِ القابلِ من عامِ الحديبيةِ معتمِرًا في ذي القعدةِ سنةَ سبعٍ وهوَ الشَّهرُ الَّذي صدَّهُ فيهِ المشرِكونَ عنِ المسجدِ الحرامِ حتَّى إذا بلغَ يأججَ وضعَ الأداةَ كلَّها الحَجَفَ والمَجانَّ والرِّماحَ والنَّبلَ ودخلوا بسلاحِ الرَّاكبِ السُّيوفِ وبعثَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وسلَّمَ جعفرَ بنَ أبي طالبٍ بينَ يديهِ إلى ميمونةَ بنتِ الحارثِ بنِ حزن العامرية فخطبها عليهِ فجعلت أمرَها إلى العبَّاسِ بنِ عبدِ المطَّلبِ وكانت تحتَهُ أختُها أمُّ الفضلِ بنتُ الحارثِ فزوَّجها العبَّاسُ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم فلمَّا قدِمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلم أمرَ أصحابَهُ فقالَ اكشفوا عنِ المناكبِ واسعَوا في الطَّوافِ ليرى المشرِكونَ جَلَدَهم وقوَّتَهُم وكانَ يكابِدُهم بكلِّ ما استطاعَ فاستكفَّ أهلُ مكَّةَ الرِّجالُ والنِّساءُ والصِّبيانُ ينظرونَ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وأصحابُهُ وهو يطوفونَ بالبيتِ وعبدُ اللَّهِ بنُ رواحةَ يرتجِزُ بينَ يدي رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ متوشِّحًا بالسيفِ يقولُ خلُّوا بني الكفَّارِ عن سبيلِه أنا الشَّهيدُ أنَّهُ رسولُه قد أنزلَ الرَّحمنُ في تنزيلِه في صحفٍ تتلى: رسوله فاليومَ نضربُكم على تأويلِه كما ضربناكم على تنزيلِه ضربًا يزيلُ الهامَ عن مقيلِه ويُذهلُ الخليلَ عن خليلِه قالَ وتغيَّبَ رجالٌ من أشرافِ المشركينَ أن ينظُروا إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ غيظًا وحَنَقًا ونفاسةً وحسدًا خرجوا إلى الخَندَمةِ فقامَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بمكَّةَ وأقامَ ثلاثَ ليالٍ وكانَ ذلكَ آخرَ القضيَّةِ يومَ الحديبيةِ فلمَّا أصبحَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلم منَ اليومِ الرَّابعِ أتاهُ سهيلُ بنُ عمرٍو وحويطبَ بنَ عبدِ العزَّى ورسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم في مجلسِ الأنصارِ يتحدَّثُ معَ سعدِ بنِ عبادةَ فصاحَ حويطبٌ نناشدُكَ اللَّهَ والعَقدَ لما خرجتَ من أرضِنا فقد مضتِ الثَّلاثُ فقالَ سعدُ بنُ عبادةَ كذبتَ لا أمَّ لكَ ليسَ بأرضِكَ ولا أرضِ آبائكَ واللَّهِ لا يخرجُ ثمَّ نادى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليه وسلّم سهيلًا وحويطبًا فقالَ إنِّي قد نكحتُ فيكمُ امرأةً فما يضرُّكم أن أمكثَ حتَّى أدخلَ بِها ونصنعُ ونضعُ الطَّعامَ فنأكلُ وتأكلونَ معنا قالوا نناشدُكَ اللَّهَ والعقدَ إلَّا خرجتَ عنَّا فأمرَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حتَّى نزلَ بطنَ سَرِفَ وأقامَ المسلمونَ وخلَّفَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أبا رافعٍ ليحملَ ميمونةَ إليهِ حينَ يُمسي فأقامَ بسَرِفَ حتَّى قدمت عليهِ ميمونةُ وقد لقيت ميمونةُ ومن معها عناءً وأذًى من سفهاءِ المشركينَ وصبيانِهم فقدمت على رسولِ اللَّه صلى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بسَرِفَ فبنى بها ثمَّ أدلجَ فسارَ حتَّى قدمَ المدينةَ وقدَّرَ اللَّهُ أن يكونَ موتُ ميمونةَ بسرفَ بعدَ ذلكَ بحينٍ فماتت حيثُ بنى بها وذَكرَ قصَّةَ ابنةِ حمزةَ وذَكرَ أنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ أنزلَ في تلكَ العُمرةِ الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فاعتمرَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في الشهر الحرام صُدَّ فيهِ هذا لفظُ حديثِ موسى بنِ عُقبةَ وفي روايةِ عروةَ عندَ قولِ سعدِ بنِ عبادةَ واللَّهِ لا يخرجُ منها إلَّا طائعًا راضيًا قالَ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وضحِكَ لا تؤذِ قومًا زارونا في رحالِنا ثمَّ ذَكرَ الباقي بمعناهُ ولم يذكرْ رَجَزَ عبدِ اللَّهِ بنِ رواحةَ ولا قولَ من قالَ فزوَّجها العبَّاسُ
خلاصة حكم المحدث : [له شواهد]
الراوي : عروة بن الزبير وموسى بن عقبة | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 4/314
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة البقرة حج - الطواف والرمل صلح - الصلح مع المشركين عمرة - عمرة القضاء نكاح - وليمة النكاح

11 - قدمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ المدينةَ - يَعني : من حجَّةِ الوداعِ -، فعاشَ بالمدينةِ حينَ قدمَها بعدَ صدرةِ المحرَّمِ واشتَكى في صَفرٍ فوعِكَ أشدَّ الوعْكِ واجتمعَ إليْهِ نساؤُهُ كلُّهنَّ يمرِّضنَهُ، وقالَ نساؤُهُ : يا رسولَ اللهِ إنَّهُ ليأخذُكَ وعْكٌ ما وجَدنا مثلَهُ على أحدٍ قطُّ غيرَكَ فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ : كما يعظَّمُ لنا الأَجرُ كذلِكَ يَشتدُّ علينا البَلاءُ واشتدَّ عليْهِ الوعْكُ أيَّامًا وَهوَ في ذلِكَ ينحازُ إلى الصَّلواتِ حتَّى غُلِبَ فجاءَهُ المؤذِّنُ فأذَّنَهُ بالصَّلاةِ فنَهضَ فلم يستَطِع منَ الضَّعفِ، ونساءهُ حولَهُ، فقالَ للمؤذِّنِ : اذْهَب إلى أبي بَكرٍ فأمرْهُ فليُصلِّ، فقالَت عائشةُ : يا رسولَ اللهِ إنَّ أبا بَكرٍ رجلٌ رقيقٌ وإنَّهُ إن أقامَ في مقامِكَ بَكى، فأْمُر عمرَ بنَ الخطَّابِ فليصلِّ بالنَّاسِ فقالَ : مُروا أبا بَكرٍ فليصلِّ بالنَّاسِ، قالَت : فعدتُ فقالَ : مُروا أبا بَكرٍ فليصلِّ بالنَّاسِ، إنَّكنَّ صواحبُ يوسُفَ، قالت : فصمتُّ عنْهُ، فلم يزَلْ أبو بَكرٍ يصلِّي بالنَّاسِ حتَّى كانت ليلةُ الاثنينِ مِن شَهرِ ربيعٍ الأوَّلِ فأقلعَ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ الوعْكُ فأصبحَ مُفيقًا فغدا إلى صلاةِ الصُّبحِ يتوَكَّأَ على الفضلِ بنِ العبَّاسٍ وغلامٍ لَهُ يُدعى : نوبا، ورسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ بينَهما، وقد سجدَ النَّاسُ معَ أبي بَكرٍ من صلاةِ الصُّبحِ وَهوَ قائمٌ في الأخرى فتخلَّصَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ الصُّفوفَ يُفرِجونَ لَهُ حتَّى قامَ إلى جنبِ أبي بَكرٍ، فاستأخرَ أبو بَكرٍ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فأخذَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ بثَوبِهِ فقدَّمَهُ في مصلَّاهُ فصفَّا جميعًا، ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ جالسٌ وأبو بَكرٍ قائمٌ يقرأُ القرآنَ فلمَّا قَضى أبو بَكرٍ قرآنَهُ قامَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فرَكعَ معَهُ الرَّكعةَ الآخرةَ ثمَّ جلسَ أبو بَكرٍ حينَ قضى سجودَهُ يتشَهَّدُ، والنَّاسُ جلوسٌ فلمَّا سلَّمَ أتمَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ الرَّكعةَ الآخرةَ ثمَّ انصرفَ إلى جزع من جُزوعِ المسجدِ، والمسجِدُ يومئذٍ سقفُهُ من جريدٍ وخوصٍ ليسَ على السَّقفِ كثيرُ طينٍ إذا كانَ المطرُ امتلأَ المسجدُ طينًا إنَّما هوَ كَهيئةِ العريشِ . وَكانَ أسامةُ بنُ زيدٍ قد تجَهَّزَ للغزوِ وخرجَ في نقلِهِ إلى الجرفِ فأقامَ تلْكَ الأيَّامَ بشَكوى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، وَكانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ قد أمَّرَهُ على جيشٍ عامَّتُهم المُهاجرونَ فيهم عمرُ بنُ الخطَّابِ وأمرَهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ أن يغيرَ على مؤتةَ وعلى جانبِ فلسطينَ حيثُ أُصيبَ زيدُ بنُ حارثةَ، وجَعفرُ بنُ أبي طالبٍ، وعبدُ اللهِ بنُ رَواحةَ، فجلسَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ إلى ذلِكَ الجِذعِ واجتمعَ إليْهِ المسلِمونَ يسلِّمونَ عليْهِ ويدعونَ لَهُ بالعافيةِ ودعا رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ أسامةَ بنَ زيدٍ فقالَ : اغدُ على برَكةِ اللهِ والنَّصرِ والعافيةِ، ثمَّ أغِر حيثُ أمرتُكَ أن تُغيرَ، قالَ أسامةُ : يا رسولَ اللهِ قد أصبَحتَ مفيقًا وأرجو أن يَكونَ اللهُ عزَّ وجلَّ قَد عافاكَ، فأذَن لي فأمْكُثَ حتَّى يشفيَكَ اللهُ فإنِّي إن خرَجتُ وأنتَ على هذِهِ الحالِ خَرجتُ وفي نفسي منْكَ قُرحةٌ وأَكرَهُ أن أسألَ عنْكَ النَّاسَ فسَكتَ عنْهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، وقامَ فدخلَ بيتَ عائشةَ، ودخلَ أبو بَكرٍ على ابنتِهِ عائشةَ فقالَ : قد أصبحَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ مُفيقًا وأرجو أن يَكونَ اللهِ عزَّ وجلَّ قد شفاهُ ثمَّ رَكبَ فلَحقَ بأَهلِهِ بالسُّناحِ، وَهنالِكَ كانتِ امرأتُهُ حَبيبةُ بنتُ خارجةَ بنِ أبي زُهيرٍ أخي بني الحارثِ بنِ الخزرجِ، وانقلَبت كلُّ امرأةٍ من نساءِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ إلى بيتِها وذلِكَ يومُ الاثنينِ ووُعِكَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ حينَ رجعَ أشدَّ الوعْكِ واجتمعَ إليْهِ نساؤُهُ وأخِذَ بالموتِ فلم يزَل كذلِكَ حتَّى زاغتِ الشَّمسُ من يومِ الاثنينِ يُغمى، زعموا عليْهِ السَّاعةَ ثمَّ يفيقُ، ثمَّ يَشخصُ بصرُهُ إلى السَّماءِ فيقولُ : في الرَّفيقِ الأعلَى مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ، وَالشُّهَدَاءِ، وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا قالَ ذلِكَ - زعموا مرارًا - كلَّما أفاقَ من غشيتِهِ فظنَّ النِّسوةُ أنَّ الملَكَ خيَّرَهُ في الدُّنيا ويعطى فيها ما أحبَّ، وبينَ الجنَّةِ فيختارُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ الجنَّةَ وما عندَ اللهِ من حُسنِ الثَّوابِ. واشتدَّ برسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ الوجعُ فأرسلَت فاطمةُ إلى عليِّ بنِ أبي طالبٍ وأرسَلت حفصةُ إلى عمرَ بنِ الخطَّابِ وأرسلَت كلُّ امرأةٍ إلى حميمِها فلم يَرجعوا حتَّى توفِّيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ على صدرِ عائشةَ في يومِها يومِ الاثنينِ حينَ زاغتِ الشَّمسُ لِهلالِ شَهرِ ربيعٍ الأوَّلِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ
خلاصة حكم المحدث : [له شاهد مرسل]
الراوي : الزهري | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 7/199 التخريج : أخرجه البيهقي في ((دلائل النبوة)) (7/ 198)، واللفظ له.
التصنيف الموضوعي: رقائق وزهد - أشد الناس بلاء صلاة الجماعة والإمامة - استخلاف الإمام من ينوب عنه بالصلاة إذا عرض له عذر فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - مرض النبي وموته مناقب وفضائل - أبو بكر الصديق مناقب وفضائل - أسامة بن زيد
|أصول الحديث

12 - أنها لما فَطمتْ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ تكلَّم، قالت : سمعتُه يقول كلامًا عجيبًا : سمعتُه يقول : اللهُ أكبرُ كبيرًا، والحمدُ للهِ كثيرًا, وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلًا ، فلما ترعرعَ كان يخرجُ فينظرُ إلى الصِّبيانِ يلعبون فيَجتنبُهم، فقال لي يومًا من الأيامِ : يا أُمَّاهُ ! ما لي لا أرى إخوتي بالنَّهارِ ؟ قلتُ : فدَتكَ نفسي، يرعَونَ غنمًا لنا فيروحون من ليلٍ إلى ليلٍ. فأسبل عينَيه فبكى، فقال : يا أُمَّاهُ ! فما أصنع هاهنا وحدي ؟ ابعثِيني معهم. قلتُ : أوَ تُحبُّ ذلك ؟ قال : نعم. قالت : فلما دهنَتْهُ، وكحَّلتهُ، وقمَّصتْهُ، وعمدتْ إلى خرزةِ جزعٍ يمانيَّةٍ فعُلِّقتْ في عُنُقهِ من العينِ. وأخذ عصا وخرج مع إخوتِه، فكان يخرجُ مسرورًا ويرجع مسرورًا، فلما كان يومًا من ذلك خرجوا يرعَون بهما لنا حول بيوتِنا، فلما انتصف النهارُ إذا أنا بابني ضمرةَ يعدو فزِعًا، وجبينُه يرشحُ قد علاه البهرُ باكيًا ينادي : يا أبتِ يا أبهْ ويا أمَّه ! الْحقَا أخي محمدًا، فما تلحقاه إلا ميتًا. قلتُ : وما قصتُه ؟ قال : بينا نحنُ قيامٌ نترامَى ونلعبُ، إذ أتاه رجلٌ فاختطفَه من أوساطِنا، وعلا به ذروةِ الجبلِ ونحن ننظر إليه حتى شقَّ من صدرِه إلى عانتِه، ولا أدري ما فعل به، ولا أظنُّكما تَلحقاهُ أبدًا إلا ميتًا. قالت : فأقبلتُ أنا وأبوه - تعني زوجَها - نسعى سعيًا، فإذا نحن به قاعدًا على ذروةِ الجبلِ، شاخصًا ببصرِه إلى السماءِ، يتبسَّمُ ويضحكُ، فأكببتُ عليه، وقبَّلتُ بين عينَيه، وقلتُ : فدَتْك نفسِي، ما الذي دهاك ؟ قال : خيرًا يا أُمَّاه، بينا أنا الساعةُ قائمٌ على إخوتي، إذ أتاني رهطٌ ثلاثةٌ، بيدِ أحدِهم إبريقُ فضةٍ، وفي يدِ الثاني طَستٌ من زُمُرُّدةٍ خضراءَ ملؤُها ثلجٌ، فأخذوني، فانطلقوا بي إلى ذروةِ الجبلِ، فأضجعوني على الجبلِ إضجاعًا لطيفًا، ثم شقَّ من صدري إلى عانَتي وأنا أنظر إليه، فلم أجد لذلك حسًّا ولا ألمًا، ثم أدخل يدَه في جوفي، فأخرج أحشاءَ بطني، فغسلها بذلك الثلجِ فأنعم غسلَها، ثم أعادها، وقام الثاني فقال للأولِ : تنَحَّ، فقد أنجزتَ ما أمرك اللهِ به، فدنا مني، فأدخل يدَه في جوفي، فانتزع قلبي وشقَّه، فأخرج منه نُكتةً سوداءَ مملوءةً بالدَّمِ، فرمى بها، فقال : هذه حظُّ الشيطانِ منك يا حبيبَ اللهِ، ثم حشاه بشيءٍ كان معه، وردَّه مكانَه، ثم ختمه بخاتمٍ من نورٍ، فأنا الساعةُ أجدُ بردَ الخاتَمِ في عُروقي ومفاصلي، وقام الثالثُ فقال : تَنَحَّيَا، فقد أنجزتُما ما أمرَ اللهُ فيه، ثم دنا الثالثُ منِّي، فأمرَّ يدَه ما بين مَفرقِ صدري إلى منتهى عانتي، قال الملَكُ : زِنوهُ بعشرةٍ من أمته، فوزنوني فرجحتُهم، ثم قال : دعوه، فلو وزنتُموه بأُمَّته كلِّها لرجح بهم، ثم أخذ بيدي فأنهضَني إنهاضًا لطيفًا، فأكبُّوا عليَّ، وقبَّلوا رأسي وما بين عيني، وقالوا : يا حبيبَ اللهِ، إنك لن تُراعَ، ولو تدري ما يراد بك من الخيرِ لقَرَّتْ عيناك، وتركوني قاعدًا في مكاني هذا، ثم جعلوا يطيرون حتى دخلوا حيالَ السَّماءِ، وأنا أنظرُ إليهما، ولو شئتُ لأَرَيتُك موضعَ دخولِهما. قالت : فاحتملتُه فأتيتُ به منزلًا من منازِل بني سعدِ بنِ بكرٍ، فقال لي الناسُ : اذهبي به إلى الكاهنِ حتى ينظرَ إليه ويداويه. فقال : ما بي شيءٌ مما تذكرون، وإني أرى نفسي سليمةً، وفؤادي صحيحٌ بحمد اللهِ، فقال الناسُ : أصابه لمَمٌ أو طائفٌ من الجنِّ. قالت : فغلبوني على رأيي، فانطلقتُ به إلى الكاهنِ ، فقصصتُ عليه القصةَ، قال : دَعيني أنا أسمعُ منه، فإنَّ الغلامَ أبصرُ بأمره منكم، تكلَّمْ يا غلامُ ؟ قالت حليمةُ : فقصَّ ابني محمدٌ قصَّتَه ما بين أولِها إلى آخرِها، فوثب الكاهنُ قائمًا على قدمَيه، فضمَّهُ إلى صدرهِ، ونادى بأعلى صوتِه، يا آلَ العربِ ! يا آلَ العربِ ! مِن شرٍّ قدِ اقتربَ، اقتلُوا هذا الغلامَ واقتُلوني معه، فإنكم إن تركتُموه وأدرك مدركَ الرِّجالِ لَيُسفِّهنَّ أحلامَكم، ولَيُكذِّبنَّ أديانَكم، ولَيَدعُونَّكم إلى ربٍّ لا تعرفونه، ودينٍ تنكرونه. قالتْ : فلما سمعتُ مقالَتَه انتزَعتُه من يدِه، وقلتُ : لأنتَ أعتَهُ منه وأجنُّ، ولو علمتُ أنَّ هذا يكونُ من قولِك ما أتيتُك به، اطلُبْ لنفسك مَن يقتُلك، فإنا لا نقتلُ محمدًا. فاحتمَلْتُه فأتيتُ به منزلي، فما أتيتُ – يعلم اللهُ - منزلًا من منازلِ بني سعدِ بنِ بكرٍ إلا وقد شمَمْنا منه ريحَ المسكِ الأذفرِ ، وكان في كلِّ يومٍ ينزل عليه رجلانِ أبيضانِ، فيَغيبان في ثيابهِ ولايظهرانِ. فقال الناسُ : رُدِّيهِ يا حليمةُ على جَدِّه عبدِ المطلبِ، وأَخرجيه من أَمانتِكِ. قالت : فعزمْتُ على ذلك، فسمعتُ مُناديًا يُنادي : هنيئًا لكِ يا بطحاءَ مكةَ ، اليومَ يردُ عليكِ النورُ، والدينُ، والبهاءُ، والكمالُ، فقد أمنتِ أن تُخذَلينَ أو تَحزنين أبدَ الآبدين ودهرَ الداهرينَ. قالت : فركبتُ أَتاني، وحملتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بين يديَّ، أسيرُ حتى أتيتُ البابَ الأعظمَ من أبواب مكةَ وعليه جماعةٌ، فوضعتُه لأقضي حاجةً وأُصلِحُ شأني، فسمعتُ هَدَّةً شديدةً، فالتفتُّ فلم أرَهُ، فقلتُ : معاشرَ الناسِ ! أين الصبيُّ ؟ قالوا : أيُّ الصِّبيانِ ؟ قلتُ : محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المطلبِ، الذي نضَّر الله به وجهي، وأغنى عَيلَتي، وأشبع جَوْعَتي، ربَّيتُه حتى إذا أدركتُ به سروري وأملي أتيتُ به أَرُدهُ وأخرجُ من أمانتي، فاختُلِسَ من يدي من غير أن تمسَّ قدمَيه الأرضُ، واللاتِ والعُزَّى لئن لم أره لأرميَنَّ بنفسي من شاهقِ هذا الجبلِ، ولأَتقطَّعنَّ إرْبًا إرْبًا. فقال الناسُ : إنا لنراكِ غائبةً عن الركبانِ ، ما معكِ محمدٌ. قالت : قلتُ : الساعةَ كان بين أيديكم. قالوا : ما رأينا شيئًا. فلما آيَسوني وضعتُ يدي على رأسي فقلتُ : وامحمداهْ ! واولداهْ ! أبكيتُ الجواري الأبكارَ لبكائي، وضجَّ الناسُ معي بالبكاء حُرقةً لي، فإذا أنا بشيخٍ كالفاني مُتوكِّئًا على عُكَّازٍ له. قالت : فقال لي : مالي أراكَ أيها السَّعديَّةُ تبكينَ وتَضجِّينَ ؟ قالت : فقلتُ : فقدتُ ابني محمدًا. قال : لا تَبكيَنَّ، أنا أدُلكِ على من يعلمُ علمَه، وإن شاء أن يردَّهُ عليك فعل. قالت : قلتُ : دُلَّني عليه. قال : الصنمُ الأعظمُ. قالتْ : ثكلتْك أُمُّكَ ! كأنك لم ترَ ما نزل باللاتِ والعزَّى في الليلةِ التي وُلِدَ فيها محمدٌ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ؟ قال : إنك لتَهذِينَ ولا تدرينَ ما تقولينَ؛ أنا أدخل عليه وأسألُه أن يردَّه عليكِ. قالت حليمةُ : فدخل وأنا أنظرُ، فطاف بهُبلَ أسبوعًا وقبَّل رأسه، ونادى : يا سيِّداهُ، لم تزلْ مُنعِمًا على قريشٍ، وهذه السَّعدية تزعمُ أنَّ محمدًا قد ضلَّ. قال : فانكبَّ هُبلُ على وجههِ، فتساقطتِ الأصنامَ بعضُها على بعضٍ، ونطقتْ – أو نطقَ منها - وقالت : إليكَ عنا أيها الشَّيخُ، إنما هلاكُنا على يدي محمدٍ. قالتْ : فأقبل الشيخُ لأسنانِه اصتكاكٌ، ولركبتَيه ارتعادٌ، وقد ألقى عُكَّازَه من يدهِ وهو يبكي ويقول : يا حليمةُ لا تبكي، فإنَّ لابنِك ربًّا لا يُضيِّعُه، فاطلبيه على مهلٍ. قالت : فخِفتُ أن يبلغَ الخبرُ عبدَ المطلبِ قَبلي، فقصدتُ قصدَه، فلما نظر إليَّ قال : أسعدٌ نزل بكِ أم نحوسٌ ؟ قالت : قلتُ : بل نحسُ الأكبرِ. ففهمَها منِّي، وقال : لعل ابنَك قد ضلَّ منك ؟ قالت : قلتُ : نعم، بعضُ قريشٍ اغتالَه فقتله، فسلَّ عبدُ المطلبِ سيفَه وغضب - وكان إذا غضب لم يثبتْ له أحدٌ من شدَّةِ غضبِه - فنادى بأعلى صوتِه : يا يسيلُ - وكانت دعوتُهم في الجاهليةِ - قال : فأجابتهُ قريشٌ بأجمَعِها، فقالت : ما قصتُك يا أبا الحارثِ ؟ فقال : فُقِدَ ابني محمدٌ. فقالت قريشٌ : اركب نركبْ معك، فإن سبقتَ خيلًا سبقْنا معك، وإن خُضتَ بحرًا خُضنا معك، قال : فركب وركبت معه قريشٌ، فأخذ على أعلى مكةَ، وانحدر على أسفلِها. فلما أن لم يرَ شيئًا ترك الناسَ واتَّشح بثوبٍ، وارتدى بآخرَ، وأقبل إلى البيتِ الحرامِ فطاف أسبوعًا، ثم أنشأ يقول : يا ربِّ إنَّ محمدًا، لم يُوجدْ فجميع قومي كلهم مُتردِّدُ، فسمعْنا مناديًا ينادي من جوِّ الهواءِ : معاشرَ القومِ ! لا تصيحُوا، فإنَّ لمحمدٍ ربًّا لا يخذلُه ولا يضيِّعُه. فقال عبدُ المطَّلبِ : يا أيها الهاتفُ ! من لنا به ؟ قالوا : بوادي تِهامةَ عند شجرةِ اليُمنى. فأقبل عبدُ المطلبِ، فلما صار في بعض الطريقِ تلقَّاه ورقةُ بنُ نوفلٍ، فصارا جميعًا يسيران، فبينما هم كذلك إذا النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ قائمٌ تحت شجرةٍ يجذبُ أغصانَها، ويعبثُ بالورقِ، فقال عبدُ المطلبِ : من أنت يا غلامُ ؟ فقال : أنا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المطلبِ. قال عبدُ المطلبِ : فدَتْك نفسي، وأنا جدُّك عبدُ المطلبِ، ثم احتملهُ وعانقَه، ولثَمه وضمَّه إلى صدرهِ وجعل يبكي، ثم حمله على قَرَبوسِ سرجهِ، وردَّه إلى مكةَ، فاطمأنت قريشٌ، فلما اطمأن الناسُ نحر عبدُ المطلبِ عشرين جزورًا، وذبح الشاءَ والبقرَ، وجعل طعامًا وأطعم أهلَ مكةَ. قالت حليمةُ : ثم جهَّزني عبدُ المطلبِ بأحسن الجهازِ وصرَفني، فانصرفتُ إلى منزلي وأنا بكلِّ خيرِ دنيا، لا أحسنُ وصفَ كُنهِ خيري، وصار محمدٌ عند جدِّه. قالت حليمةُ : وحدَّثتُ عبدَ المطلبِ بحديثه كلِّه، فضمَّه إلى صدره وبكى، وقال : يا حليمةُ ! إنَّ لابني شأنًا، وَدِدْتُ أني أدركُ ذلك الزمانَ
خلاصة حكم المحدث : [فيه] محمد بن زكريا متهم بالوضع
الراوي : حليمة بنت أبي ذؤيب | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 1/139 التخريج : أخرجه أبو الحسن بن صخر في ((حديث حليمة السعدية)) (ص: 2)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر (3/ 473) كلاهما بلفظه.
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - فضل الذكر أدعية وأذكار - فضل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - أخبار النبي قبل بعثته فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - علامات النبوة فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

13 - أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال لخديجةَ : إني إذا خلوتُ وحدي سمعت نداءً وقد واللهِ خشيتُ أن يكون هذا أمرًا، فقالت : معاذ اللهِ ما كان اللهُ ليفعلَ بك، فواللهِ إنك لَتُؤدِّي الأمانةَ، وتَصلُ الرِّحمَ ، وتَصدقُ الحديثَ، فلما دخل أبو بكرٍ وليس رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ثم ذكرت خديجةُ حديثَه له وقالت : يا عتيقُ اذهبْ مع محمدٍ إلى ورقةَ فلما دخل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أخذ أبو بكرٍ بيده، فقال : انطَلقْ بنا إلى ورقةَ، فقال : ومن أخبرك ؟ قال : خديجةُ، فانطلَقا إليه، فقصَّا عليه، فقال : إذا خلوتُ وحدي سمعتُ نداءً خلفي : يا محمدُ، يا محمدُ، فأنطلقُ هاربًا في الأرضِ، فقال : لا تفعل فإذا أتاك فاثبُتْ حتى تسمعَ ما يقولُ، ثم ائتِني فأخبِرني، فلما خلا ناداه يا محمدُ قُل : ] بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. حتى بلغ. وَلَا الضَّالِّينَ [ قل : لا إله إلا اللهُ، فأتى ورقةَ فذكر ذلك له فقال له ورقةُ أَبشرِ ، ثم أَبشِرْ ، فأنا أشهد أنك الذي بشَّر به ابنُ مريمَ، وأنك على مثل ناموسِ موسى، وأنك نبيٌّ مُرسلٌ، وأنك سوف تؤمرُ بالجهادِ بعد يومِك هذا ولئن أدركَني ذلك لأُجاهدنَّ معك، فلما تُوُفِّيَ ورقةُ، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : لقد رأيتُ القَسَّ في الجنةِ عليه ثيابُ الحريرِ، لأنه آمن بي وصدَّقني - يعني : ورقة
خلاصة حكم المحدث : منقطع
الراوي : عمرو بن شرحبيل | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 2/158 التخريج : أخرجه الآجري في ((الشريعة)) (973) ، والثعلبي في ((تفسيره)) (10/ 244) ، وابن عساكر في ((تاريخه)) (63/ 6) جميعا بلفظه .
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - أخلاق النبي فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - بدء النبوة فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - مبعث النبي قرآن - بيان أول ما نزل من القرآن وآخر ما نزل مناقب وفضائل - ورقة بن نوفل
|أصول الحديث

14 - عنِ ابنِ عبَّاسٍ، قالَ : وَكانَ الفتحُ في ثلاثَ عشرةَ من رَمضانَ
خلاصة حكم المحدث : هذا الإدراج وهم ، وإنما هو من قول الزهري
الراوي : عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 5/23 التخريج : أخرجه أحمد (2500)، والحاكم (4358)، كلاهما بلفظه، وأخرجه البخاري (4275) ، ومسلم (1113) كلاهما مطولا دون قوله:(( لثلاث عشرة خلت)).
التصنيف الموضوعي: مغازي - فتح مكة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

15 - لمَّا افتتحَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ أقامَ بِها خمسةَ عشرَ
خلاصة حكم المحدث : منقطع
الراوي : محمد بن شهاب الزهري ومحمد الباقر بن علي بن الحسين وعاصم بن عمر بن قتادة وعمرو بن شعيب وعبدالله بن أبي رهم | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 5/106
التصنيف الموضوعي: سفر - متى يتم المسافر مغازي - فتح مكة إحسان - الأخذ بالرخصة إيمان - الدين يسر سفر - قصر الصلاة وكم يقيم ليقصر

16 - أنَّ أبا بَكرٍ الصِّدِّيقَ كانَ يصلِّي لَهم في وجعِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ الَّذي توفِّيَ فيهِ، حتَّى إذا كانَ يومُ الاثنينِ - وَهم صفوفٌ في الصَّلاةِ - كشفَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ سترَ الحجرةِ، ينظرُ إليْهم وَهوَ قائمٌ كأنَّ وجْهَهُ ورقةُ مُصحفٍ، ثمَّ تبسَّمَ يَضحَكُ قالَ : فَهمَمنا أن نَفتتنَ ونحنُ في الصَّلاةِ من فَرحٍ برؤيةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، ونَكصَ أبو بَكرٍ على عَقبيْهِ ليصلَ الصَّفَّ، وظنَّ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ خارجٌ إلى الصَّلاةِ قالَ : فأشارَ إلَينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ بيدِهِ أن أتمُّوا صلاتَكم، ثمَّ دخلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ وأرخى السِّترَ، فتوفِّيَ من يومِهِ ذلِكَ

17 - كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا صلَّى الصُّبحَ قالَ - وَهوَ ثانٍ رجليهِ -: سُبحانَ اللَّهِ وبحمدِهِ، وأستغفِرُ اللَّهَ إنَّ اللَّهَ كانَ توَّابًا سبعينَ مرَّةً، ثمَّ يقولُ: سَبعينَ بسَبعمائةٍ لا خيرَ لِمَن كانت ذنوبُهُ في يومٍ واحدٍ أَكْثرَ من سَبعمائةٍ ثمَّ يقولُ ذلِكَ مرَّتينِ، ثمَّ يَستقبلُ النَّاسَ بوجهِهِ وَكانَ تعجبُهُ الرُّؤيا ، ثمَّ يقولُ: هل رأى أحدٌ منكم شيئًا ؟ قالَ ابنُ زملٍ: فقُلتُ: أَنا يا نبيَّ اللَّهِ قالَ: خيرٌ تلقَّاهُ وشرٌّ تُوقَّاهُ، وخيرٌ لَنا وشرٌّ على أعدائِنا، والحمدُ للَّهِ ربِّ العالمينَ أقصص رؤياكَ. فقلتُ: رأيتُ جميعَ النَّاسِ على طريقٍ رحبٍ سَهْلٍ لاحِبٍ، والنَّاسُ على الجادَّةِ مُنطلقينَ، فبينا هم كذلِكَ إذ أشفى ذلِكَ الطَّريقُ على مرجٍ لم ترَ عيني مثلَهُ يرِفُّ رفيفًا يقطرُ ماؤُهُ من أنواعِ الكلأِ . قالَ: فَكَأنِّي بالرَّعلةِ الأولى حينَ أشفَوا على المرجِ كبَّروا ثمَّ أَكَبُّوا رواحلَهُم في الطَّريقِ فلم يظلِموهُ يمينًا ولا شمالًا. قالَ: فَكَأنِّي أنظرُ إليهم مُنطلقينَ، ثمَّ جاءتِ الرَّعلةُ الثَّانيةُ وَهُم أَكْثرُ مِنهم أضعافًا فلمَّا أشفَوا على المرجِ كبَّروا ثمَّ أَكَبُّوا رواحلَهُم في الطَّريقِ منهمُ المرتعُ، وَمِنْهُمُ الآخذُ الضِّغثَ ومضَوا على ذلِكَ. قالَ: ثمَّ قدمَ عِظَمُ النَّاسِ، فلمَّا أشفَوا على المرجِ كبَّروا وقالوا: هذا خيرُ المنزلِ، فَكَأنِّي أنظرُ إليهم يميلونَ يمينًا وشمالًا، فلمَّا رأيتُ ذلِكَ لَزِمْتُ الطَّريقَ حتَّى أتيَ أقصى المرجِ فإذا أَنا بِكَ يا رسولَ اللَّهِ على منبرٍ فيهِ سَبعُ درجاتٍ، وأنتَ في أعلاها درجةً، وإذ عَن يمينِكَ رجلٌ آدمُ شَعثٌ أقنى، إذا هوَ تَكَلَّمَ يَسمو فيفرعُ الرِّجالَ طولًا ، وإذا عن يسارِهِ رجلٌ ربعةٌ تارٌّ أحمرُ كثيرُ خيلانِ الوجهِ كأنَّما حُمِّمَ شعرُهُ بالماءِ، إذا هوَ تَكَلَّمَ أصغيتُمْ لَهُ إِكْرامًا لَهُ، وإذا إمامَكُم رجلٌ شيخٌ أشبَهُ النَّاسِ بِكَ خلقًا ووجهًا، كلُّكم تؤمُّونَهُ تريدونَهُ وإذا أمامَ ذلِكَ ناقةٌ عَجفاءُ شارفٌ، وإذا أنتَ يا رسولَ اللَّهِ كأنَّكَ تبعثُها. قالَ: فانتقَعَ لونُ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ساعةً، ثمَّ سُرِّيَ عنهُ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: أمَّا ما رأيتَ منَ الطَّريقِ السَّهلِ الرَّحبِ اللَّاحبِ فذاكَ ما حملتُكُم عليهِ منَ الهُدى، وأنتُمْ عليهِ، وأمَّا المرجُ الَّذي رأيتَ فالدُّنيا وغَضارةُ عيشِها، مَضيتُ أَنا وأصحابي لم نَتعلَّق منها ولم تتعلَّق منَّا، ولم نُرِدها، ولم تُرِدنا، ثمَّ جاءتِ الرَّعلةُ الثَّانيةُ من بَعدِنا وَهُم أَكْثرُ منَّا أضعافًا فَمِنْهُمُ المرتعُ، وَمِنْهُمُ الآخذُ الضِّغثَ ولجُّوا على ذلِكَ، ثمَّ جاءَ عظمُ النَّاسِ فمالوا في المرجِ يمينًا وشمالًا، فإنَّا للَّهِ وإنَّا إليهِ راجعونَ، وأمَّا أنتَ فمَضيتَ على طريقةٍ صالحةٍ، فلن تزلَ عليها حتَّى تَلقاني، وأمَّا المنبرُ الَّذي فيهِ سبعُ درجاتٍ وأَنا في أعلاها درجةً فالدُّنيا سبعةُ آلافِ سنةٍ أَنا في آخرِها ألفًا، وأمَّا الرَّجلُ الَّذي رأيتَ على يميني الآدمُ الشَّثِلُ فذلِكَ موسى عليهِ السَّلامُ إذا تَكَلَّمَ يَعلو الرِّجالَ بفضلِ كلامِ اللَّهِ إيَّاهُ، والَّذي رأيتَ منَ التَّارِّ الرَّبعةِ الكثيرِ خَيلانِ الوجهِ، كأنَّما حُمِّمَ شعرُهُ بالماءِ، فذاكَ عيسى ابنُ مريمَ نُكْرمُهُ لإِكْرامِ اللَّهِ إيَّاهُ، وأما الشَّيخُ الَّذي رأيتَ أشبَهَ النَّاسِ بي خلقًا ووجهًا فذلِكَ أبونا إبراهيمُ كلُّنا نؤمُّهُ ونَقتدي بِهِ، وأمَّا النَّاقةُ الَّتي رأيتَ ورأيتَني أبعثُها فَهيَ السَّاعةُ علينا تقومُ لا نبيَّ بعدي ولا أمَّةَ بعدَ أمَّتي قالَ: فما سألَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عَن رؤيا بعدَ هذا إلَّا أن يجيءَ الرَّجُلُ فيحدِّثَهُ بِها متبرِّعًا
خلاصة حكم المحدث : في إسناده ضعف
الراوي : ابن زمل الجهني | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 7/37 التخريج : أخرجه ابن حبان في ((المجروحين)) (1/366)، والطبراني (8/361) (8146)، والبيهقي في ((دلائل النبوة)) (7/36) واللفظ له.
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - أذكار الصباح رؤيا - تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح رقائق وزهد - الدنيا حلوة خضرة فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - خاتم الأنبياء مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث

18 - أنا أحفظُ حينَ دخلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّه عليهِ وسلَّمَ على أمِّي فنَعى لها أبي فأنظرُ إليهِ وهوَ يمسحُ على رأسي ورأسِ أخي وعيناهُ تُهراقانِ الدُّموعَ حتَّى تقطُرَ لحيتُهُ ثمَّ قالَ اللَّهمَّ إنَّ جَعفرًا قد قدِمَ إليكَ إلى أحسنِ الثَّوابِ فأخلِفْهُ في ذرِّيَّتِهِ بأحسنِ ما خلفتَ أحدًا من عبادِكَ في ذرِّيَّتِهِ ثمَّ قالَ يا أسماءُ ألا أبشِّرُكِ قالت بلى بأبي وأمِّي يا رسولَ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ جعلَ لجعفرٍ جناحينِ يطيرُ بهما في الجنَّةِ قالت فأعلمِ النَّاسَ ذلكَ فقامَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فأخذَ بيدي يمسحُ بيدِهِ رأسي حتَّى رقِيَ على المنبرِ وأجلسَني أمامَهُ على الدَّرجةِ السُّفلى والحزنُ يعرفُ عليهِ فتكلَّمَ فقالَ إنَّ المرءَ كثيرٌ بأخيهِ وابنِ عمِّهِ ألا إنَّ جعفرًا قدِ استُشهِدَ وقد جُعِلَ لهُ جناحانِ يطيرُ بهما في الجنَّةِ ثمَّ نزلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فدخلَ بيتَهُ وأدخلَني معهُ فأمرَ بطعامٍ فصنعَ لأهلي وأرسلَ إلى أخي فتغدَّينا عندَهُ غداءً طيِّبًا مباركًا عمدَت سَلْمى خادمتُهُ إلى شعيرٍ فطحنتْهُ ثمَّ نسَفتْهُ ثمَّ أنضجتْهُ وأدمتْهُ بزيتٍ وجعلت عليهِ فلفُلًا فتغدَّيتُ أنا وأخي معهُ فأقمنا ثلاثةَ أيَّامٍ في بيتِهِ ندورُ معهُ كلَّما صارَ في بيتِ إحدى نسائهِ ثمَّ رجعنا إلى بيتِنا فأتانا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وأنا أساوِمُ شاةَ أخٍ لي فقالَ اللَّهمَّ بارِك لهُ في صفقتِهِ قالَ عبدُ اللَّهِ فما بعتُ شيئًا ولا اشتريتُ شيئًا إلَّا بورِكَ لي فيهِ
خلاصة حكم المحدث : [له ما يصححه]
الراوي : عبدالله بن جعفر بن أبي طالب | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 4/371 التخريج : أخرجه ابن سعد في ((الطبقات الكبرى)) (6/ 462)، وابن عساكر (27/ 256) واللفظ لهما.
التصنيف الموضوعي: أدعية وأذكار - الدعاء للصبيان ومسح رؤوسهم مغازي - غزوة مؤتة مناقب وفضائل - جعفر بن أبي طالب جنائز وموت - صنعة الطعام لأهل الميت مناقب وفضائل - عبد الله بن جعفر
|أصول الحديث

19 - كنتُ جالِسًا عندَ نبيِّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فجاءَهُ رجُلانِ أحدُهُما أنصاريٌّ والآخرُ ثقفيٌّ فابتدرَ المسألةَ للأنصاريِّ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : يا أخا ثقيفَ ! إنَّ الأنصاريَّ قد سبقَكَ بالمسألةِ، فقالَ الأنصاريُّ يا رسولَ اللَّهِ، فإنِّي أبدأُ بِهِ فقالَ: سَل عن حاجتِكَ وإن شئتَ أنبأناكَ بالَّذي جئتَ تسألُ عنهُ قالَ: فذاكَ أعجَبُ إليَّ يا رسولَ اللَّهِ، قالَ: فإنَّكَ جئتَ تسألُ عن صلاتِكَ باللَّيلِ وعن رُكوعِكَ وعن سجودِكَ وعن صيامِكَ وعن غُسْلِكَ منَ الجَنابةِ، فقالَ: والَّذي بعثَكَ بالحقِّ إنَّ ذلِكَ الَّذي جئتُ أسألُكَ عنهُ. قالَ: أمَّا صلاتُكَ باللَّيلِ فصلِّ أوَّلَ اللَّيلِ وآخرَ اللَّيلِ ونم وسطَهُ، قالَ: أفَرأيتَ يا رسولَ اللَّهِ إن صلَّيتُ وسَطَهُ ؟ قالَ: فأنتَ إذًا إذًا، قالَ: وأمَّا رُكوعُكَ فإذا أردتَ فاجعَل كفَّيكَ على رُكْبتيكَ وافرُجْ بينَ أصابعِكَ ثمَّ ارفَع رأسَكَ فانتَصِب قائمًا حتَّى يرجعَ كلُّ عظمٍ إلى مَكانِهِ، فإذا سجَدتَ فأمكن جبهتَكَ منَ الأرضِ ولا تَنقُر، وأمَّا صيامُكَ فصمِ اللَّياليَ البيضَ يومَ ثلاثةَ عشرَ ويومَ أربعةَ عشرَ ويومَ خمسةَ عشرَ، ثمَّ أقبلَ إلى الأنصاريِّ فقالَ: يا أخا الأنصارِ، اسأَلْ عن حاجتِكَ، وإن شئتَ أنبأناكَ بالَّذي جئتَ تسألُ عنهُ، قالَ: فذاكَ أعجَبُ إليَّ يا رسولَ اللَّهِ، قالَ: فإنَّكَ جئتَ تسأَلُ عن خروجِكَ من بيتِكَ تؤمُّ البيتَ العتيقَ، وتقولُ: ماذا لي فيهِ ؟ وعن وقوفِكَ بعرفاتٍ، وتقولُ: ماذا لي فيهِ ؟ وعن حَلقِكَ رأسَكَ وتقولُ: ماذا لي فيهِ وعن طوافِكَ بالبيتِ وتقولُ: ماذا لي فيهِ، وعن رميِكَ الجمارَ ، وتقولُ: ماذا لي فيهِ ؟ قالَ: إي والَّذي بعثَكَ بالحقِّ، إنَّ هذا الَّذي جئتُ أسألُ عنهُ قالَ: أمَّا خروجُكَ من بيتِكِ تؤمُّ البيتَ الحرامِ، قالَ: فإنَّ لَكَ بِكُلِّ موطأةٍ تَطؤها راحلتُكَ أن تُكْتَبَ لَكَ حَسنةٌ وتُمْحى عنكَ سيِّئةٌ، وإذا وقَفتَ بعرفاتٍ فإنَّ اللَّهَ ينزِلُ إلى السَّماءِ الدُّنيا، فيقولُ للملائِكَةَ: هؤلاءِ عبادي جاءوني شُعثًا غُبرًا من كلِّ فجٍّ عميقٍ يَرجونَ رحمتي ويخافونَ عذابي وَهُم لم يرَوني، فَكَيفَ لو رَأَوني فلو كانَ عليكَ مثلُ رملِ عالجٍ ذنوبًا أو قطرِ السَّماءِ أو عددِ أيَّامِ الدُّنيا غَسلَها عنكَ، وأمَّا رميُكَ الجمارَ فإنَّ ذلِكَ مَدخورٌ لَكَ عندَ ربِّكَ، فإذا حَلقتَ رأسَكَ فإنَّ لَكَ بِكُلِّ شعرةٍ تَسقطُ من رأسِكَ أن تُكْتبَ لَكَ حسنةٌ وتُمْحَى عنكَ سيِّئةٌ، فإذا طُفتَ بالبيتِ خرَجتَ من ذنوبِكَ ليسَ عليكَ منها شيءٌ
خلاصة حكم المحدث : له شاهد بإسناد حسن
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 6/293 التخريج : أخرجه عبد الرزاق (8830)، وابن حبان (1887)، والطبراني (13566) (12/ 425) واللفظ لهم جميعا.
التصنيف الموضوعي: تراويح وتهجد وقيام ليل - وقت القيام صلاة - صفة الركوع صلاة - صفة السجود صيام - صيام أيام البيض فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - إخبار النبي عن المغيبات
|أصول الحديث

20 - شَهِدْنا الحُديبيَةَ معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فلمَّا انصَرفْنا عنها، إذا النَّاسُ يُوجِفون الأباعِرَ ، قال: فقال بعضُ النَّاسِ لبعضٍ: ما للنَّاسِ مالوا إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؟ قال: فخرَجنا نوجِفُ معَ النَّاسِ، حتَّى وجَدْنا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم واقِفًا عند كُراعِ الغَميمِ ، فلمَّا اجتمَع إليه بعضُ ما يريدُ مِن النَّاسِ، قرَأ عليهم: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1]، قال: فقام رجلٌ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فقال: يا رسولَ اللهِ، أوَفتحٌ هو؟ قال: إي والَّذي نفَسي بيَدِه، إنَّه لفَتحٌ، قال: ثمَّ قُسِمَتْ خَيبرُ على أهْلِ الحُديبيةِ على ثَمانيةَ عشَرَ سَهمًا، وكان الجيشُ ألفًا وخَمسَ مئةٍ، فيهم ثلاثُمائةِ فارِسٍ، فكان للفارِس سَهْمانِ.
خلاصة حكم المحدث : كذا رواه مجمع بن يعقوب في قسمة خيبر ، وخالفه غيره في ذلك
الراوي : مجمع بن جارية | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 4/156 التخريج : أخرجه أبو داود (2736)، وأحمد (15470)
التصنيف الموضوعي: تفسير آيات - سورة الفتح غنائم - قسمة خيبر مغازي - غزوة الحديبية مغازي - غزوة خيبر غنائم - الإسهام للفارس والراجل
|أصول الحديث

21 - كانَ رجلٌ مِن بَني هاشمٍ يقالُ لَهُ : رُكانَه وَكانَ مِن أقتلِ النَّاسِ وأشدِّهِ وَكانَ مشرِكًا وَكانَ يرعى غنمًا لَهُ في وادٍ يقالُ لَهُ إضَمٌ فخرجَ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ من بيتِ عائشةَ ذاتَ يومٍ فتوجَّهَ قِبَلَ ذلِكَ الوادي فلقيَهُ رُكانةُ وليسَ معَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أحدٌ فقامَ إليهِ رُكانةُ فقالَ: يا محمَّدُ، أنتَ الَّذي تشتُمُ آلِهَتَنا اللَّاتَ والعزَّى، وتدعو إلى إلَهِكَ العزيزِ الحَكيمِ ، ولولا رحِمٌ بيني وبينَكَ ما كلَّمتُكَ الكلامَ - يعني : أقتلُكَ - ولَكِنِ ادعُ إلَهِكَ العزيزَ الحَكيمَ يُنجيكَ منِّي، وسأعرِضُ عليكَ أمرًا، هل لَكَ أن أصارعَكَ وتدعو إلَهِكَ العزيزَ الحَكيمَ يعينُكَ عليَّ، فأَنا أدعو اللَّاتَ والعزَّى، فإن أنتَ صرعتَني فلَكَ عشرٌ مِن غَنمي هذِهِ تختارُها، فقالَ عندَ ذلِكَ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: نعَم إن شئتَ. فاتَّخذا ودعا نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إلَهَهُ العزيزَ الحَكيمَ أن يعينَهُ على رُكانَه، ودعا رُكانةُ اللَّاتَ والعزَّى: أعنِّي اليومَ على محمَّدٍ، فأخذَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فصرعَهُ وجلسَ على صَدرِهِ، فقالَ رُكانةُ: قُم فلستَ أنتَ الَّذي فعلتَ بي هذا، إنَّما فعلَهُ إلَهُكَ العزيزُ الحَكيمُ ، وخذلَهُ اللَّاتُ والعزَّى وما وضعَ جنبي أحدٌ قبلَكَ. فقالَ لَهُ رُكانَه: عُد فإن أنتَ صرعتَني فلَكَ عشرٌ أخرى تختارُها، فأخذَهُ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ودعا كلُّ واحدٍ منهما إلَهَهُ كما فعلا أوَّلَ مرَّةٍ، فصرعَهُ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فجلسَ على كبدِهِ، فقالَ لَهُ رُكانةُ: قُم فلستَ أنتَ الَّذي فعلتَ بي هذا، إنَّما فعلَهُ إلَهُكَ العزيزُ الحَكيمُ ، وخذلَهُ اللَّاتُ والعزَّى، وما وضعَ جَنبي أحدٌ قبلَكَ، فقالَ لَهُ رُكانَه: عُد فإن أنتَ صرعتَني فلَكَ عشرٌ أخرى تختارُها فأخذَهُ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ودعا كلُّ واحدٍ منهُما إلَهَهُ فصرعَهُ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ الثَّالثةَ فقالَ لَهُ رُكانةُ: لَستَ أنتَ الَّذي فعلتَ بي هذِهِ وإنَّما فعلَهُ إلَهُكَ العزيزُ الحَكيمُ وخذلَهُ اللَّاتُ والعزَّى فَدونَكَ ثلاثينَ شاةً مِن غنَمي فاختَرها، فقالَ لَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: ما أريدُ ذلِكَ، ولَكِنِّي أدعوكَ إلى الإسلامِ يا رُكانةُ، وأنفسُ بِكَ أن تصيرَ إلى النَّارِ إنَّكَ إن تُسلِم تَسلَم، فقالَ لَهُ رُكانةُ: لا، إلَّا أن تريَني آيةً، فقالَ لَهُ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: اللَّهُ عليكَ شَهيدٌ إن أَنا دَعَوتُ ربِّي فأريتُكَ آيةً لتجيبنَّني إلى ما أدعوكَ إليهِ ؟، قالَ: نعَم. وقريبٌ منهُ شجرةُ سَمُرٍ ذاتَ فروعٍ وقضبانٍ فأشارَ إليها نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وقالَ لَها: أقبِلي بإذنِ اللَّهِ، فانشقَّت باثنتينِ فأقبلتُ على نِصفِ شقِّها وقضبانِها وفروعِها حتَّى كانت بينَ يدي نبيِّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وبينَ رُكانةَ، فقالَ لَهُ رُكانةُ: أريتَني عظيمًا فمُرها فلتَرجِع، فقالَ لَهُ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: عليكَ اللَّهُ شَهيدٌ إن أَنا دعوتُ ربِّي عزَّ وجلَّ أمرَ بِها فرجعَتُ لتجيبنَّني إلى ما أدعوكَ إليهِ ؟ قالَ: نعَم. فأمرَها فرجعت بقُضبانِها وفروعِها حتَّى التأمَت بشقِّها، فقالَ لَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: أسلِم تسلَم، فقالَ لَهُ رُكانةُ: ما بي إلَّا أن أَكونَ رأيتُ عظيمًا، ولَكِنِّي أَكْرَهُ أن تتحدَّثَ نساءُ المدينةِ وصبيانُهُم أنِّي إنَّما جئتُكَ لرعبٍ دخلَ قلبي منكَ، ولَكِن قد علمت نساءُ أَهْلِ المدينةِ وصبيانُهُم أنَّهُ لم يَضع جنبي قطُّ، ولم يدخل قلبي رعبٌ ساعةً قطُّ ليلًا ولا نَهارًا، ولَكِن دونَكَ فاختر غنمَكَ. فقالَ لَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: ليست لي حاجةٌ إلى غنمِكَ إذ أبيتَ أن تُسْلِمَ. فانطلقَ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ راجعًا وأقبلَ أبو بَكْرٍ وعمرُ رضيَ اللَّهُ عنهما يلتمِسانِهِ في بيتِ عائشةَ فأخبرتُهما أنَّهُ قد توجَّهَ قبلَ وادي إضَمٍ وقد عرفَ أنَّهُ وادي رُكانةَ لا يَكادُ يخطئُهُ، فخرجا في طلبِهِ وأشفَقا أن يلقاهُ رُكانةُ فيقتلُهُ فجعلا يصعدانِ على كلِّ شرفٍ ويتشرَّفانِ مخرجًا لَهُ إذ نظرا إلى نبيِّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مقبلًا فقالا: يا نبيَّ اللَّهِ، كيفَ تخرجُ إلى هذا الوادي وحدَكَ وقد عَرفتَ أنَّهُ جِهَةُ رُكانةَ، وأنَّهُ من أقتلِ النَّاسِ وأشدِّهم تَكْذيبًا لَكَ، فضَحِكَ إليهِما النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ثمَّ قالَ: أليسَ يقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ لي: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إنَّهُ لم يَكُن يَصِلْ إليَّ واللَّهُ معي فأنشأَ يحدِّثُهُما حديثَهُ والَّذي فعلَ بِهِ والَّذي أراهُ فعَجبا من ذلِكَ فقالا: يا رسولَ اللَّهِ، أصَرَعتَ رُكانةَ، فلا والَّذي بعثَكَ بالحقِّ ما نعلَمُ أنَّهُ وضعَ جنبَهُ إنسانٌ قطُّ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: إنِّي دعوتُ ربِّي فأعانَني عليهِ، وإنَّ ربِّي عزَّ وجلَّ أعانَني ببضعَ عَشرةَ وقوَّةَ عشرةٍ
خلاصة حكم المحدث : [فيه] أبو عبد الملك علي بن يزيد الشامي ليس بالقوي إلا أن معه ما يؤكد حديثه
الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 6/252 التخريج : أخرجه الثعلبي في ((التفسير)) (1317)، وأبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (2807) واللفظ لهما.
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - تكليم النبي للجمادات وانقيادها له فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - عصمة الله له من الناس فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي مصارعة - مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم ركانة بن عبد يزيد إيمان - دعوة الكافر إلى الإسلام
|أصول الحديث

22 - كان من صفة رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم في قامته : أنه لم يكن بًالطويل البًائن، ولا المشذب الذاهب - والمشذب : الطول نفسه إلا أنه المخفف - ولم يكن صلى الله عليه وسلم بًالقصير المتردد، وكان ينسب إلى الربعة، إذا مشى وحده ولم يكن على حال يماشيه أحد من الناس ينسب إلى الطول إلا طاله رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، وربما اكتنفه الرجلان الطويلان فيطولهما، فإذا فارقاه نسب رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى الربعة، ويقول : نسب الخير كله إلى الربعة، وكان لونه ليس بًالأبيض الأمهق - الشديد البياض الذي تضرب بياضه الشهبة - ولم يكن بًالآدم، وكان أزهر اللون. الأزهر : الأبيض الناصع البياض، الذي لا تشوبه حمرة ولا صفرة ولا شيء من الألوان. وكان ابن عمر كثيرا ما ينشد في مسجد رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، نعت عمه أبي طالب إياه في لونه حيث يقول : وأبيض يستسقى الغمام بوجهه، ثمال اليتامى عصمة للأرامل، ويقول كل من سمعه : هكذا كان صلى الله عليه وسلم، وقد نعته بعض من نعته بأنه كان مشرب حمرة، وقد صدق من نعته بذلك، ولكن إنما كان المشرب منه حمرة ما ضحا للشمس والرياح، فقد كان بياضه من ذلك قد أشرب حمرة، وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر لا يشك فيه أحد ممن وصفه بأنه أبيض أزهر، فعنى ما تحت الثياب فقد أصاب، ومن نعت ما ضحا للشمس والرياح بأنه أزهر مشرب حمرة فقد أصاب. ولونه الذي لا يشك فيه : الأبيض الأزهر، وإنما الحمرة من قبل الشمس والرياح، وكان عرقه في وجهه مثل اللؤلؤ، أطيب من المسك الأذفر ، وكان رجل الشعر حسنا ليس بًالسبط ولا الجعد القطط، كان إذا مشطه بًالمشط كأنه حبك الرمل، أو كأنه المتون التي تكون في الغدر إذا سفتها الرياح، فإذا مكث لم يرجل أخذ بعضه بعضا، وتحلق حتى يكون متحلقا كالخواتم، ثم كان أول مرة قد سدل ناصيته بين عينيه، كما تسدل نواصي الخيل، ثم جاءه جبريل عليه السلام بًالفرق ففرق، كان شعره فوق حاجبيه، ومنهم من قال : كان يضرب شعره منكبيه، وأكثرمن ذلك إذا كان إلى شحمة أذنيه، وكان صلى الله عليه وسلم ربما جعله غدائر أربعا، يخرج الأذن اليمنى من بين غديرتين يكتنفانها، ويخرج الأذن اليسرى من بين غديرتين يكتنفانها، وتخرج الأذنان ببياضهما من بين تلك الغدائر كأنها توقد الكواكب الدرية من سواد شعره، وكان أكثر شيبه في الرأس في فودي رأسه، والفودان : حرفا الفرق، وكان أكثر شيبه في لحيته فوق الذقن، وكان شيبه كأنه خيوط الفضة يتلألأ بين ظهري سواد الشعر الذي معه، وإذا مس ذلك الشيب الصفرة - وكان كثيرا ما يفعل - صار كأنه خيوط الذهب يتلألأ بين ظهري سواد الشعر الذي معه، وكان أحسن الناس وجها، وأنورهم لونا، لم يصفه واصف قط بلغتنا صفته، إلا شبه وجهه بًالقمر ليلة البدر، ولقد كان يقول : من كان يقول منهم : لربما نظرنا إلى القمر ليلة البدر فنقول : هو أحسن في أعيننا من القمر، أزهر اللون : نير الوجه، يتلألأ تلألؤ القمر، يعرف رضاه وغضبه في سروره بوجهه، كان إذا رضي أوسر فكأن وجهه المرآة، وكأنما الجدر تلاحك وجهه، وإذا غضب تلون وجهه واحمرت عيناه. قال : وكانوا يقولون : هو صلى الله عليه وسلم كما وصفه صاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه : أمين مصطفى للخير يدعو كضوء البدر زايله الظلام، ويقولون : كذلك كان، وكان ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثيرا ما ينشد قول زهير بن أبي سلمى حين يقول لهرم بن سنان : لو كنت من شيء سوى بشر كنت المضيء لليلة البدر، فيقول عمر ومن سمع ذلك : كان النبي صلى الله عليه وسلم كذلك، ولم يكن كذلك غيره. وكذلك قالت عمته عاتكة بنت عبد المطلب بعدما سار من مكة مهاجرا فجزعت عليه بنو هاشم فانبعثت تقول : عيني جودا بًالدموع السواجم على المرتضى كالبدر من آل هاشم، على المرتضى للبر والعدل والتقى وللدين والدنيا بهيم المعالم، على الصادق الميمون ذي الحلم والنهى، وذي الفضل والداعي لخير التراحم. فشبهته بًالبدر ونعتته بهذا النعت، ووقعت في النفوس لما ألقى الله تعالى منه في الصدور. ولقد نعتته وإنها لعلى دين قومها، وكان صلى الله عليه وسلم أجلى الجبين ، إذا طلع جبينه من بين الشعر أو اطلع في فلق الصبح أو عند طفل الليل أو طلع بوجهه على الناس - تراءوا جبينه كأنه ضوء السراج المتوقد يتلألأ. وكانوا يقولون : هو صلى الله عليه وسلم، كما قال شاعره حسان بن ثابت : متى يبد في الداج البهيم جبينه يلح مثل مصبًاح الدجى المتوقد، فمن كان أو من قد يكون كأحمد نظام لحق أو نكال لملحد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم واسع الجبهة، أزج الحاجبين سابغهما، والحاجبًان الأزجان : هما الحاجبًان المتوسطان اللذان لا تعدو شعرة منهما شعرة في النبًات والاستواء من غير قرن بينهما، وكان أبلج ما بين الحاجبين حتى كأن ما بينهما الفضة المخلصة. بينهما عرق يدره الغضب، لا يرى ذلك العرق إلا أن يدره الغضب، والأبلج : النقي ما بين الحاجبين من الشعر، وكانت عيناه صلى الله عليه وسلم نجلاوان أدعجهما. والعين النجلاء : الواسعة الحسنة، والدعج : شدة سواد الحدقة، لا يكون الدعج في شيء إلا في سواد الحدق، وكان في عينيه تمزج من حمرة، وكان أهدب الأشفار حتى تكاد تلتبس من كثرتها، أقنى العرنين؛ والعرنين : المستوي الأنف من أوله إلى آخره، وهو الأشم، كان أفلج الأسنان أشنبها؛ قال : والشنب : أن تكون الأسنان متفرقة فيها طرائق مثل تعرض المشط، إلا أنها حديدة الأطراف، وهو الأشر الذي يكون أسفل الأسنان كأنه ماء يقطر في تفتحه ذلك وطرائقه، وكان يتبسم عن مثل البرد المنحدر من متون الغمام، فإذا افتر ضاحكا افتر عن مثل سناء البرق إذا تلألأ، وكان أحسن عبًاد الله شفتين، وألطفه ختم فم، سهل الخدين صلتهما، قال : والصلت الخد : هو الأسيل الخد، المستوي الذي لا يفوت بعض لحم بعضه بعضا. ليس بًالطويل الوجه ولا بًالمكلثم، كث اللحية ؛ والكث : الكثير منابت الشعر الملتفها، وكانت عنفقته بًارزة، فنيكاه حول العنفقة كأنها بياض اللؤلؤ، في أسفل عنفقته شعر منقاد حتى يقع انقيادها على شعر اللحية حتى يكون كأنه منها، والفنيكان : هما مواضع الطعام حول العنفقة من جانبيها جميعا. وكان أحسن عبًاد الله عنقا، لا ينسب إلى الطول ولا إلى القصر، ما ظهر من عنقه للشمس والرياح فكأنه إبريق فضة يشوب ذهبًا يتلألأ في بياض الفضة وحمرة الذهب، وما غيب الثياب من عنقه ما تحتها فكأنه القمر ليلة البدر. وكان عريض الصدر ممسوحه كأنه المرايا في شدتها واستوائها، لا يعدو بعض لحمه بعضا، على بياض القمر ليلة البدر، موصول ما بين لبته إلى سرته شعر، منقاد كالقضيب، لم يكن في صدره ولا بطنه شعر غيره، وكان له صلى الله عليه وسلم عكن ثلاث، يغطي الإزار منها واحدة، وتظهر ثنتان، ومنهم من قال : يغطي الإزار منها ثنتين، وتظهر واحدة، تلك العكن أبيض من القبًاطي المطواة، وألين مسا. وكان عظيم المنكبين أشعرهما، ضخم الكراديس ؛ والكراديس : عظام المنكبين والمرفقين والوركين والركبتين. وكان جليل الكتد ؛ قال : والكتد : مجتمع الكتفين والظهر، واسع الظهر، بين كتفيه خاتم النبوة، وهو مما يلي منكبه الأيمن، فيه شامة سوداء، تضرب إلى الصفرة، حولها شعرات متواليات كأنهن من عرف فرس. ومنهم من قال : كانت شامة النبوة بأسفل كتفه، خضراء منحفرة في اللحم قليلا، وكان طويل مسربة الظهر؛ والمسربة : الفقار الذي في الظهر من أعلاه إلى أسفله. وكان عبل العضدين والذراعين، طويل الزندين؛ والزندان : العظمان اللذان في ظاهر الساعدين. وكان فعم الأوصال، ضبط القصب، شئن الكف، رحب الراحة، سائل الأطراف، كأن أصابعه قضبًان فضة، كفه ألين من الخز، وكأن كفه كف عطار طيبًا، مسها بطيب أو لم يمسها، يصافحه المصافح فيظل يومه يجد ريحها ويضعها على رأس الصبي فيعرف من بين الصبيان من ريحها على رأسه. وكان عبل ما تحت الإزار من الفخذين والساق، شثن القدم غليظهما، ليس لهما خمص، منهم من قال : كان في قدمه شيء من خمص. يطأ الأرض بجميع قدميه، معتدل الخلق، بدن في آخر زمانه، وكان بذلك البدن متماسكا، وكاد يكون على الخلق الأول لم يضره السن. وكان فخما مفخما في جسده كله، إذا التفت التفت جميعا، وإذا أدبر أدبر جميعا، وكان فيه صلى الله عليه وسلم شيء من صور. والصور : الرجل الذي كأنه يلمح الشيء ببعض وجهه، وإذا مشى فكأنما يتقلع في صخر وينحدر في صبب، يخطو تكفيا، ويمشي الهوينا بغير عثر؛ والهوينا : تقارب الخطا، والمشي على الهينة، يبدر القوم إذا سارع إلى خير أو مشى إليه، ويسوقهم إذا لم يسارع إلى شيء بمشية الهوينا وترفعه فيها. وكان صلى الله عليه وسلم يقول : أنا أشبه الناس بأبي آدم عليه السلام، وكان أبي إبراهيم خليل الرحمن أشبه الناس بي خلقا وخلقا، صلى الله عليه وسلم وعلى جميع أنبياء الله
خلاصة حكم المحدث : [فيه] صبيح بن عبد الله الفرغاني ليس بالمعروف
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 1/298 التخريج : أخرجه أبو نعيم في ((دلائل النبوة)) (566) بنحوه، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (3/ 363) مختصرًا.
التصنيف الموضوعي: زينة الشعر - تطويل الجمة فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - بركة النبي فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - صفة خلقة النبي فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - طيب رائحته فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - عرقه صلى الله عليه وسلم
| الصحيح البديل | أحاديث مشابهة |أصول الحديث

23 - أنه قال له أصحابه : يا رسول اللهِ ! أخبرنا عن ليلة أسري بك فيها. قال : قال الله عز وجل : ] سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بًاركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير [ قال : فأخبرهم قال : بينا أنا قائم عشاء في المسجد الحرام إذ أتاني آت فأيقظني، فاستيقظت فلما أر شيئا، ثم عدت في النوم، ثم أيقظني فاستيقظت فلم أر شيئا، ثم عدت في النوم، ثم أيقظني فاستيقظت فلم أر شيئا فإذا أنا بكهيئة خيال فاتبعته ببصري حتى خرجت من المسجد فإذا أنا بدابة أدنى، شبيهة بدوابكم هذه، بغالكم هذه، مضطرب الأذنين يقال له : البراق ، وكانت الأنبياء صلوات الله عليهم تركبه قبلي يقع حافره مد بصره فركبته، فبينما أنا أسير عليه إذ دعاني داع عن يميني : يا محمد أنظرني أسألك : يا محمد أنظرني أسألك ! فلم أجبه ولم أقم عليه، فبينما أنا أسير عليه إذ دعاني داع عن يساري : يا محمد ! أنظرني أسألك يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبه ولم أقم عليه، وبينما أنا أسير عليه إذا أنا بًامرأة حاسرة عن ذراعيها وعليها من كل زينة خلقها الله، فقالت : يا محمد أنظرني أسألك ! فلم ألتفت إليها ولم أقم عليها حتى أتيت بيت المقدس فأوثقت دابتي بًالحلقة التي كانت الأنبياء توثقها به فأتاني جبريل عليه السلام بإناءين : أحدهما خمر، والآخر لبن، فشربت اللبن وتركت الخمر، فقال جبريل : أصبت الفطرة، فقلت : الله أكبر الله أكبر ، فقال جبريل : ما رأيت في وجهك هذا ؟ قال : فقلت : بينما أنا أسير إذ دعاني داع عن يميني يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبه ولم أقم عليه، قال : ذاك داعي اليهود، أما أنك لو أجبته أو وقفت عليه لتهودت أمتك، قال : وبينما أنا أسير إذ دعاني داع عن يساري، فقال : يا محمد أنظرني أسألك فلم ألتفت إليه ولم أقم عليه، قال : ذاك داعي النصارى، أما إنك لو أجبته لتنصرت أمتك، فبينما أنا أسير إذا أنا بًامرأة حاسرة عن ذراعيها عليها من كل زينة خلقها الله تقول : يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبها ولم أقم عليها، قال : تلك الدنيا أما إنك لو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة، قال : ثم دخلت أنا وجبريل عليه السلام بيت المقدس فصلى كل واحد منا ركعتين، ثم أتيت بًالمعراج الذي تعرج عليه أرواح بني آدم، فلم ير الخلايق أحسن من المعراج ما رأيتم الميت حين يشق بصره طامحا إلى السماء فإنما يشق بصره طامحا إلى السماء عجب بًالمعراج، قال : فصعدت أنا وجبريل فإذا أنا بملك يقال له : إسماعيل وهو صاحب سماء الدنيا وبين يديه سبعون ألف ملك مع كل ملك جنده مائة ألف ملك، قال : وقال الله عز وجل : ] وما يعلم جنود ربك إلا هو [ فاستفتح جبريل بًاب السماء، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل قيل : ومن معك ؟ قال : محمد، قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : نعم، فإذا أنا بآدم كهيئة يوم خلقه الله على صورته تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول : روح طيبة ونفس طيبة اجعلوها على عليين ، ثم تعرض عليه أرواح ذريته الفجار، فيقول : روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها في سجين، ثم مضت هنية فإذا أنا بأخونة –يعني : الخوان المائدة التي يؤكل عليها لحم مشرح - ليس يقربها أحد وإذا أنا بأخونة أخرى عليها لحم قد أروح ونتن عندها أناس يأكلون منها، قلت : يا جبريل ! من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء من أمتك يتركون الحلال ويأتون الحرام، قال : ثم مضت هنية فإذا أنا بأقوام بطونهم أمثال البيوت كلما نهض أحدهم خر يقول : اللهم لا تقم الساعة، قال : وهم على سابلة آل فرعون ، قال : فتجيء السابلة فتطأهم؛ قال : فسمعتهم يضجون إلى الله سبحانه قلت : يا جبريل ! من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء من أمتك الذين يأكلون الربًا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، قال : ثم مضت هنية، فإذا أنا بأقوام مشافرهم كمشافر الإبل قال : فتفتح على أفواههم ويلقون ذلك الحجر؛ ثم يخرج من أسافلهم، فسمعتهم يضجون إلى الله عز وجل، فقلت : يا جبريل ! من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء من أمتك يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا قال : ثم مضت هنيئة فإذا أنا بنساء يعلقن بثديهن فسمعتهن يصحن إلى الله عز وجل، قلت : يا جبريل ! من هؤلاء النساء ؟ قال : هؤلاء الزناة من أمتك، قال : ثم مضيت هنية فإذا أنا بأقوام تقطع من جنوبهم اللحم فيلقمون فيقال له : كل كما كنت تأكل من لحم أخيك، قلت : يا جبريل ! من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الهمازون من أمتك اللمازون، ثم صعدنا إلى السماء الثانية فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله قد فضل عن الناس بًالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب. قلت : يا جبريل ! من هذا ؟ قال : هذا أخوك يوسف ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي، ثم صعدت إلى السماء الثالثة فإذا أنا بيحيى وعيسى ومعهما نفر من قومهما، فسلمت عليهما وسلما علي، ثم صعدت إلى السماء الرابعة فإذا أنا بإدريس قد رفعه الله مكانا عليا، فسلمت عليه وسلم علي، ثم صعدت إلى السماء الخامسة فإذا أنا بهارون ونصف لحيته بيضاء ونصفها سوداء تكاد لحيته تصيب سرته من طولها، قلت : يا جبريل ! من هذا ؟ قال : هذا المحبب في قومه، هذا هارون بن عمران ومعه نفر من قومه، فسلمت عليه وسلم علي، ثم صعدت إلى السماء السادسة فإذا أنا بموسى بن عمران –رجل آدم كثير الشعر لو كان عليه قميصان لنفد شعره دون القميص - وإذا هو يقول : يزعم الناس إني أكرم على الله من هذا، بل هذا أكرم على الله مني ! قال : قلت : يا جبريل ! من هذا ؟ قال : هذا أخوك موسى بن عمران، قال : ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي، ثم صعدت إلى السماء السابعة فإذا أنا بأبينا إبراهيم خليل الرحمن ساندا ظهره إلى البيت المعمور كأحسن الرجال؛ قلت : يا جبريل ! من هذا ؟ قال : هذا أبوك إبراهيم خليل الرحمن، وهو نفر من قومه، فسلمت عليه وسلم علي، وإذا بأمتي شطرين : شطر عليهم ثياب بيض كأنها القراطيس، وشطر عليها ثياب رمد، قال : فدخلت البيت المعمور ودخل معي الذين عليهم الثياب البيض وحجب الآخرون الذين عليهم ثياب رمد، وهم على حر، فصليت أنا ومن معي في البيت المعمور، ثم خرجت أنا ومن معي، قال : والبيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة، قال : ثم رفعت إلى السدرة المنتهى فإذا كل ورقة منها تكاد أن تغطي هذه الأمة، وإذا فيها عين تجري يقال لها : سلسبيل، فينشق منها نهران أحدهما الكوثر والآخر يقال له : نهر الرحمة، فاغتسلت فيه، فغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر، ثم إني دفعت إلى الجنة فاستقبلتني جارية فقلت : لمن أنت يا جارية ؟ قالت : لزيد بن حارثة، وإذا أنا بأنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى، وإذا رمانها كأنه الدلاء عظما، وإذا أنا بطير كالبخاتي هذه، فقال عندها صلى الله عليه وسلم وعلى جميع أنبيائه : إن الله قد أعد لعبًاده الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، قال : ثم عرضته على النار فإذا فيها غضب الله ورجزه ونقمته لو طرح فيها الحجارة والحديد لأكلتهما، ثم أغلقت دوني، ثم إني دفعت إلى السدرة المنتهى فتغشى لي، وكان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى، قال : ونزل على كل ورقة ملك من الملائكة، قال : وقال : فرضت علي خمسون صلاة، وقال : لك بكل حسنة عشر إذا هممت بًالحسنة فلم تعملها كتبت لك حسنة، فإذا عملتها كتبت لك عشرا وإذا هممت بًالسيئة فلم تعملها لم يكتب عليك شيء، فإذا عملتها كتبت عليك سيئة واحدة ثم دفعت إلى موسى فقال : بم أمرك ربك ؟ قلت : بخمسين صلاة، قال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا يطيقون ذلك ومتى لا تطيقه تكفر، فرجعت إلى ربي فقلت : يا رب ! خفف عن أمتي فإنها أضعف الأمم فوضع عني عشرا وجعلها أربعين، فما زلت أختلف بين موسى وربي كلما أتيت عليه قال لي مثل مقالته حتى رجعت إليه فقال لي : بم أمرت ؟ قلت : أمرت بعشر صلوات قال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف عن أمتك، فرجعت إلى ربي فقلت أي رب ! خفف عن أمتي فإنها أضعف الأمم، فوضع عني خمسا، وجعلها خمسا، فناداني ملك عندها : تمت فريضتي، وخففت عن عبًادي، وأعطيتهم بكل حسنة عشر أمثالها، ثم رجعت إلى موسى، فقال : بم أمرت ؟ قلت : بخمس صلوات، قال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف فإنه لا يؤوده شيء فسله التخفيف لأمتك، فقلت : رجعت إلى ربي حتى استحييته، ثم أصبح بمكة يخبرهم بًالعجائب : أني أتيت البًارحة بيت المقدس وعرج بي إلى السماء، ورأيت كذا ورأيت كذا، فقال أبو جهل بن هشام : ألا تعجبون مما يقول محمد ! يزعم أنه أتى البًارحة بيت المقدس ، ثم أصبح فينا، وأحدنا يضرب مطيته مصعدة شهرا ومنقلبة شهرا، فهذا مسيرة شهرين في ليلة واحدة. قال : فأخبرهم بعير لقريش لما كان في مصعدي رأيتها في مكان كذا وكذا وأنها نفرت، فلما رجعت رأيتها عند العقبة، وأخبرهم بكل رجل وبعيره كذا وكذا ومتاعه كذا وكذا، فقال أبو جهل : يخبرنا بأشياء فقال رجل من المشركين : أنا أعلم الناس ببيت المقدس وكيف بناؤه وكيف هيأته وكيف قربه من الجبل، فإن يكون محمد صادقا فسأخبركم، وإن يكن كاذبًا فسأخبركم، فجاءه ذلك المشرك فقال : يا محمد أنا أعلم الناس ببيت المقدس فأخبرني كيف بناؤه وكيف هيأته وكيف قربه من الجبل ؟ قال : فرفع لرسول اللهِ صلى الله عليه وسلم بيت المقدس من مقعده فنظر إليه كنظر أحدنا إلى بيته : بناؤه كذا وكذا، وهيأته كذا وكذا، وقربه من الجبل كذا وكذا، فقال الآخر : صدقت. فرجع إلى الصحابة فقال : صدق محمد فيما قال، أو نحوا من هذا الكلام

24 - أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ قالَ في مرضِهِ الَّذي قُبضَ فيهِ لفاطمةَ : يا بنيَّةُ أحني عليَّ، فأحنَت عليْهِ، فناجاها ساعةً، ثمَّ انْكشفَت عنْهُ وَهيَ تبْكي، وعائشةُ حاضرةٌ، ثمَّ قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ بعدَ ذلِكَ بساعةٍ : أَحني عليَّ يا بنيَّة فأحنَت عليْهِ فناجاها ساعةً، ثمَّ انْكشفَت تضحَكُ قالَ : فقالت عائشةُ أي بنيَّةُ اخبريني ماذا ناجاكِ أبوكِ؟ قالت فاطمةُ : أوشَكتِ رأيتِهِ ناجاني على حالِ سرٍّ، وظننتِ أنِّي أخبرُ بسرِّهِ وَهوَ حيٌّ قالَ : فشقَّ ذلِكَ على عائشةَ أن يَكونَ سرًّا دونَها، فلمَّا قبضَهُ اللهُ إليْهِ قالَت عائشةُ لفاطمةَ : ألا تخبريني بذلِكَ الخبَرِ؟ قالَت : أمَّا الآنَ فنعَم ناجاني في المرَّةِ الأولى فأخبرني أنَّ جبريلَ كانَ يعارضُهُ بالقرآنِ في كلِّ عامٍ مرَّةً، وأنَّهُ عارَضني بالقرآنِ العامَ مرَّتينِ وأخبَرني أنَّهُ لم يَكن نبيٌّ كانَ بعدَهُ نبيٌّ إلَّا عاشَ بعدَهُ نصفَ عمرِ الَّذي كانَ قبلَهُ، وأخبَرني، أنَّ عيسى ابنَ مريمَ عليْهِ السَّلامُ عاشَ عشرينَ ومائةَ سنةٍ، فلا أُراني إلَّا ذاهبًا على رأسِ السِّتِّينَ، فأبْكاني ذلِكَ وقالَ : يا بنيَّةُ إنَّهُ ليسَ أحدٌ من نساءِ المسلِمينَ أعظمُ رزيَّةً منْكُم، فلا تَكوني مِن أدنى امرأةٍ صبرًا وناجاني في المرَّةِ الآخرةِ، فأخبرَني أنِّي أوَّلُ أَهلِهِ لحوقًا بِهِ وقالَ : إنَّكِ سيِّدةُ نساءِ أَهلِ الجنَّةِ إلَّا ما كانَ منَ البتولِ مريمَ بنتِ عمران، فضحِكتُ لذلِكَ

25 - خرَج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم زمَنَ الحُديبيَةِ في بِضعَ عشْرَةَ مائةً مِن أصحابِه، حتَّى إذا كانوا بِذي الحُلَيفةِ قلَّد رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم الهَدْيَ وأشْعَره، وأحْرَم بالعُمرةِ، وبعَث بينَ يدَيه عينًا له مِن خُزاعَةَ يُخبِرُه عن قُريشٍ، وسار رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، حتَّى إذا كان بغَديرِ الأَشْطاطِ قريبًا مِن عُسْفانَ ، أتاه عُيَيْنَةُ الخُزاعيُّ فقال: إنِّي ترَكتُ كعْبَ بنَ لُؤيٍّ وعامِرَ بنَ لؤيٍّ قد جمَعوا لك الأحابيشَ وجمَعوا لك جُموعًا، وهم قاتِلوك أو مُقاتِلوك - وقال أبو أحمَدَ بنُ زيادٍ: وهم مُقاتِلوك - قالَا جميعًا: وصادُّوكَ عن البيْتِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: أَشيروا عليَّ، أتَرون أنْ نَميلَ إلى ذَراريِّ هؤلاء الَّذين أعانوهم فنُصيبَهم، فإنْ قعَدوا قعَدوا مَوْتورين مَحْروبين، وإنْ نَجَوا تكُنْ عُنقًا قطَعها اللهُ، أم ترَون أنْ نَؤُمَّ البَيتَ، فمَن صدَّنا عنه قاتَلْناه؟ قال أبو بَكرٍ رَضي اللهُ عنه: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، إنَّما جِئنا مُعتمِرين، ولم نَجِئْ لِقتالِ أحَدٍ، ولكنْ مَن حال بَيننا وبين البيتِ قاتَلْناه، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: فرُوحُوا إذًا. قال الزُّهْريُّ في حديثِه: فرَاحوا حتَّى إذا كانوا ببَعضِ الطَّريقِ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: إنَّ خالِدَ بنَ الوَليدِ بالغَميمِ في خَيلٍ لقُريشٍ طَليعةً ، فخُذوا ذاتَ اليَمينِ، فواللهِ ما شعَر بهم خالِدٌ حتَّى إذا هو بقَتَرةِ الجَيشِ، فانطَلَق يَركُضُ نَذيرًا لقُريشٍ، وسار النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حتَّى إذا كان بالثَّنيَّةِ الَّتي يَهبِطُ عليهم مِنها برَكَتْ راحِلَتُه، فقال النَّاسُ: حَلْ حَلْ ، فألَحَّتْ ، فقالوا: خلَأَتِ القَصواءُ ! خَلَأتِ القَصواءُ . قال أبو أحمَدَ بنُ زيادٍ في حَديثِه: لَمَّا بلَغ قولَه: فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: فرُوحُوا إذًا، قال الزُّهريُّ: قال أبو هُريرةَ: ما رأَيتُ أحَدًا كان أكثَرَ مُشاوَرةً لأصحابِه مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، قال المِسْوَرُ ومَرْوانُ في حَديثِهما: فرَاحوا حتَّى إذا كانوا ببَعضِ الطَّريقِ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: إنَّ خالِدَ بنَ الوَليدِ بالغَميمِ في خَيلٍ لقُريشٍ - رجَع الحديثُ إلى مَوْضِعه - فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: ما خَلَأتِ القَصواءُ ، وما ذلِك لها بخُلُقٍ، ولكنْ حبَسَها حابِسُ الفيلِ ، ثمَّ قال: والَّذي نَفسي بيَدِه، لا يَسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرُماتِ اللهِ إلَّا أعطيتُهم إيَّاها، ثمَّ زجَرَها فوَثَبتْ به، قال: فعَدَل حتَّى نزَل بأَقصى الحُديبيَةِ على ثَمَدٍ قليلِ الماءِ إنَّما يتبَرَّضُه النَّاسُ تبَرُّضًا، فلَمْ يُلبِّثْه النَّاسُ أنْ نزَحوه، فشَكَوْا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم العطَشَ، فانتَزَع سَهمًا مِن كِنانَتِه ثمَّ أمَرَهم أن يَجعَلوه فيه، قال: فواللهِ ما زال يَجيشُ لهم بالرِّيِّ حتَّى صدَروا عنه، فبينما هم كذلك إذْ جاءه بُدَيلُ بنُ وَرْقاءَ الخُزاعيُّ في نفَرٍ مِن خُزاعَةَ، وكانوا عَيْبَةَ نُصْحِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن أهْلِ تِهامَةَ ، فقال: إنِّي ترَكتُ كعْبَ بنَ لؤيٍّ وعامرَ بنَ لؤيٍّ نزَلوا أعدادَ مياهِ الحُديبيَةِ، معَهم العُوذُ المَطافيلُ ، وهم مُقاتِلوك وصادُّوكَ عن البَيتِ، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: إنَّا لَم نجِئْ لقِتالِ أحَدٍ، ولكنَّا جِئنا مُعتمِرين، وإنَّ قُريشًا قد نَهِكَتْهم الحربُ وأضَرَّتْ بهم، فإنْ شاؤوا مادَدْتُهم مَدَّةً ويُخَلُّوا بَيني وبين النَّاسِ، فإنْ أظهَرْ فإنْ شَاؤوا أنْ يَدخُلوا فيما دخَل فيه النَّاسُ فعَلوا، وإلَّا فقد جَمُّوا ، وإنْ هم أبَوْا فوالَّذي نَفسي بيَدِه، لأُقاتِلَنَّهم على أَمري هذا حتَّى تَنفَرِدَ سالِفَتي، أو لَيُنْفِذَنَّ اللهُ عزَّ وجلَّ أمرَه، فقال بُدَيلٌ: سأُبلِّغُهم ما تقولُ، فانطلَق حتَّى أتَى قُريشًا فقال: إنَّا قد جِئناكم مِن عِندِ هذا الرَّجلِ، وسَمِعناه يَقولُ قولًا، فإن شِئتم أن نَعرِضَه عليكم فَعَلْنا، فقال سُفهاؤُهم: لا حاجَةَ لنا في أنْ تُحدِّثَنا عنه بشَيءٍ، وقال ذَوُو الرَّأيِ مِنهم: هاتِ ما سَمِعتَه يقولُ، قال: سَمِعتُه يَقولُ كَذا وكذا، فحدَّثَهم بما قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقام عُروَةُ بنُ مَسعودٍ الثَّقَفيُّ فقال: أيْ قَومِ، ألستُم بالوالِدِ؟ قالوا: بلَى، قال: ألسْتُ بالوَلَدِ؟ قالوا: بلَى، قال: هل تتَّهِموني؟ قالوا: لا، قال: ألستُم تَعلمون أنِّي استَنفَرْتُ أهلَ عُكاظٍ فلمَّا بلَّحوا عليَّ جِئتُكم بأَهلي ووَلَدي ومَن أطاعَني؟ قالوا: بلى، قال: فإنَّ هذا قد عرَض عليكم خُطَّةَ رُشْدٍ فاقبَلوها ودَعوني آتيهِ، قالوا: ائتِهِ، فأتاه، فجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم نحْوًا مِن قوْلِه لِبُديلٍ، فقال عُروةُ عن ذلك: أيْ محمَّدُ، أرأيتَ إنِ استَأصَلْتَ قوْمَك، هل سَمِعْتَ بأحَدٍ مِن العَرَبِ اجتاحَ أصْلَه قَبلَك؟ وإن تَكنِ الأُخرى، فواللهِ إنِّي لأَرى وُجوهًا وأَرى أَوْشَابًا مِن النَّاسِ خُلَقاءَ أنْ يَفِرُّوا ويَدَعوك، فقال له أبو بَكرٍ رَضي اللهُ عنه: امْصُصْ بَظْرَ اللَّاتِ! أنحن نَفِرُّ عنه وندَعُه؟! قال: مَن ذا؟ قال: أبو بَكْرٍ،قال: أما والَّذي نَفسي بيَدِه، لَولا يَدٌ كانت لك عِندي لَم أجْزِكَ بها لأجَبْتُك، قال: وجعَل يُكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، كلَّما كلَّمه أخَذ بلِحْيتِه، والمُغيرةُ بنُ شُعبةَ قائمٌ على رأْسِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ومعه السَّيفُ وعليه المِغفَرُ ، فكلَّما أهوى عُروَةُ إلى لِحيَةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ضرَب يدَه بنَعْلِ السَّيفِ وقال: أخِّرْ يَدَكَ عن لِحيَةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فرفَع عُروةُ رأسَه فقال: مَن هذا؟ قالوا: المُغيرَةُ بنُ شُعْبَةَ، قال: أيْ غُدَرُ! أوَلَستُ أسْعى في غَدْرتِك؟! قال: وكان المُغيرَةُ صحِبَ قوْمًا في الجاهليَّةِ فقَتَلهم، وأخَذ أموالَهم ثمَّ جاء فأسلَم، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: أمَّا الإسلامُ فأقْبَلُ، وأمَّا المالُ فلَستُ منه في شيءٍ، ثمَّ إنَّ عُروَةَ جعَل يَرْمُقُ صحابَةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فواللهِ ما تنخَّم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم نُخامةً إلَّا وقعَتْ في كَفِّ رَجلٍ مِنهم يدْلُكُ بها وَجْهَه وجِلْدَه، وإذا أمَرَهم ابتَدروا لأمْرِه، وإذا توضَّأ ثاروا يَقتتِلون على وَضوئِه، وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عنده، وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تَعظيمًا له، قال: فرجَع عُروَةُ إلى أصْحابِه فقال: أيْ قوْمِ، واللهِ لقد وَفَدْتُ على المُلوكِ؛ وفَدْتُ على قَيْصَرَ وكِسْرَى والنَّجاشيِّ، واللهِ إنْ رأيتُ ملِكًا قَطُّ يُعظِّمُه أصحابُه ما يُعظِّمُ أصحابُ محمَّدٍ مُحمَّدًا، واللهِ إنْ تنخَّمَ نُخامَةً إلَّا وقعَتْ في كفِّ رَجلٍ مِنهم فدَلَك بها وَجْهَه وجِلْدَه، وإذا أمَرَهم ابتَدروا أمرَه، وإذا توضَّأ كادوا يَقتَتِلون على وَضوئِه، وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتَهم عِنده، وما يُحِدُّون إليه النَّظرَ تَعظيمًا له، وإنَّه قد عرَض علَيكم خُطَّةَ رُشْدٍ فاقبلوها، فقال رجلٌ مِن بَني كِنانَةَ: دَعوني آتيه، فقالوا: ائتِه، فلمَّا أشرَف على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم وأصحابِه قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: هذا فُلانٌ وهو مِن قوْمٍ يُعظِّمون البُدْنَ فابعَثوها له، فبُعثتْ له، فاستقبَله القومُ يُلبُّون، فلمَّا رأى ذلك قال: سُبحانَ اللهِ! ما يَنبَغي لهؤلاء أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ، فرجَع لأصحابِه فقال: رأيتُ البُدْنَ قد قُلِّدَتْ وأُشعِرَتْ، فما أرى أنْ يُصَدُّوا عن البيتِ، فقام رجلٌ مِنهم يُقالُ له: مِكْرَزُ بنُ حَفْصٍ فقال: دَعوني آتيه، قالوا: ائتِه، فلمَّا أشرَف عليهم قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: هذا مِكْرزٌ وهو رَجلٌ فاجِرٌ، فجعَل يكلِّمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فبينَما هو يكلِّمُه إذ جاء سُهَيلُ بنُ عَمرْو. قال مَعمَرٌ: وأخبَرني أيُّوبُ عن عِكرمَةَ: أنَّه لَمَّا جاء سُهيلٌ قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: قد سَهُلَ لكم مِن أمرِكم، قال الزُّهريُّ في حَديثِه: فجاء سُهيلُ بنُ عَمرٍو فقال: هاتِ، اكتُبْ بَيننا وبينك كِتابًا، فدعا الكاتِبَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: اكتُبْ: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، فقال سُهَيلٌ: أمَّا الرَّحمنُ، فواللهِ ما أَدري ما هو، ولكن: باسمِك اللَّهمَّ، كما كنتَ تَكتُبُ، فقال المسلِمون: واللهِ لا نَكتُبُها إلَّا بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: اكتُبْ باسمِكَ اللَّهمَّ، ثمَّ قال: هذا ما قاضَى عليه مُحمَّدٌ رسولُ اللهِ، فقال سُهيلٌ: واللهِ لو كنَّا نَعلَمُ أنَّك رسولُ اللهِ ما صدَدْناك عن البيتِ، ولكن اكتُبْ: محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: إنِّي لرَسولُ اللهِ وإن كذَّبتُموني، اكتُبْ: محمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ، قال الزُّهريُّ: وذلك لِقولِه: لا يَسأَلوني خُطَّةً يُعظِّمون فيها حُرُماتِ اللهِ إلَّا أعطيتُهم إيَّاها، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: على أنْ تُخَلُّوا بَيننا وبين البيتِ فنَطوفَ، فقال سُهيلٌ: واللهِ لا تتحدَّثُ العرَبُ أنَّا أُخِذْنا ضَغطَةً ، ولكن لك مِن العامِ المقبِلِ، فكَتَب، فقال سُهيلٌ: على أنَّه لا يأتيك منَّا رجُلٌ وإن كان على دينِك إلَّا ردَدْتَه إلينا، فقال المسلِمون: سبحانَ اللهِ! كيف يُرَدُّ إلى المشرِكين وقد جاء مُسلِمًا؟! فبينا هم كذلك إذْ جاء أبو جَنْدَلِ بنُ سُهيلِ بنِ عَمرٍو يَرسُفُ في قُيودِه قد خرَج مِن أسفَلِ مكَّةَ حتَّى رمَى بنَفسِه بين أظهُرِ المسلِمين، فقال سُهيلٌ: هذا يا محمَّدُ أوَّلُ مَن أُقاضيكَ عليه أن تَرُدَّه، قال: فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: إنَّا لَم نقْضِ الكِتابَ بَعدُ، قال: فواللهِ إذًا لا نُصالِحُك على شيءٍ أبدًا، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: فأجِزْه لي ، قال: ما أنا بمُجيزِه لك، قال: بلَى فافعَلْ، قال: ما أنا بفاعِلٍ، قال مِكرَزٌ: بلَى قد أجَزْناه، قال أبو جَنْدَلٍ: معاشِرَ المسلِمين، أأُردُّ إلى المشرِكين وقد جئتُ مسلِمًا؟! ألا ترَون ما قد لَقيتُ؟! وكان قد عُذِّب عذابًا شديدًا في اللهِ ، فقال عُمرُ بنُ الخطَّابِ رَضي اللهُ عنه: واللهِ ما شَكَكْتُ منذُ أسلَمتُ إلَّا يومَئذٍ، فأتيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ألسْتَ نبيَّ اللهِ؟ قال: بلَى، قلتُ: ألَسْنا على الحقِّ وعَدُوُّنا على الباطِلِ؟ قال: بلى، قال: فلِم نُعطِي الدَّنيَّةَ في دِينِنا إذًا؟ قال: إنِّي رسولُ اللهِ ولستُ أَعصِيه وهو ناصِري، قلتُ: أوَلستَ كنتَ تحدِّثُنا أنَّا سنَأتي البيتَ فنَطوفُ حقًّا؟ قال: بلَى، أنا أخبرتُك أنَّك تأتيه العامَ؟ قلتُ: لا، قال: فإنَّك آتيه وتَطوفُ به، قال: فأتيتُ أبا بَكرٍ رَضي اللهُ عنه، فقلتُ: يا أبا بَكرٍ، أليس هذا نبيَّ اللهِ حقًّا؟ قال: بلَى، قلتُ: ألَسْنا على الحقِّ وعدوُّنا على الباطِلِ؟ قال: بلَى، قلتُ: فلِم نُعطي الدَّنيَّةَ في دينِنا إذًا؟ قال: أيُّها الرَّجلُ، إنَّه رسولُ اللهِ، وليس يَعصي ربَّه، وهو ناصِرُه، فاستَمْسِكْ بغَرْزِه حتَّى تموتَ، فواللهِ إنَّه لعَلى الحقِّ، قلتُ: أوَليسَ كان يحدِّثُنا أنَّه سيأتي البيتَ ويَطوفُ به؟ قال: بلَى، أفأخبَرَك أنَّك تأتيه العامَ؟ قلتُ: لا، قال: فإنَّك آتيه وتَطوفُ به، قال الزُّهريُّ: قال عُمرُ: فعَمِلتُ لذلك أعمالًا، فلمَّا فرَغ مِن قضيَّةِ الكِتابِ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: قوموا فانحَروا ثمَّ احلِقوا، قال: فواللهِ ما قام مِنهم رجلٌ حتَّى قال ثلاثَ مِرارٍ، فلمَّا لَم يقُمْ منهم أحَدٌ قام فدخَل على أمِّ سلَمَةَ، فذكَر لها ما لَقي مِن النَّاسِ، فقالت أمُّ سلَمَةَ: يا نبيَّ اللهِ، أتُحِبُّ ذلك؟ اخرُجْ ثمَّ لا تُكلِّمْ أحَدًا كلمَةً حتَّى تَنحَرَ بُدْنَك وتَدعُوَ بحالِقِك فيَحلِقَك، فقام فخرَج، فلم يُكلِّمْ أحَدًا منهم حتَّى فعَل ذلك؛ نحَر بُدْنَه ودَعا حالِقَه فحَلَقَه، فلمَّا رأَوا ذلك قاموا فنَحَروا، وجعَل بعضُهم يَحلِقُ بَعضًا حتَّى كاد بعضُهم يَقتُلُ بعضًا غَمًّا، ثمَّ جاءه نِسوةٌ مؤمِناتٌ، وأنزَل اللهُ عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ}، حتَّى بلَغ: {بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10]، فطلَّق عمرُ يومئذٍ امرأتَين كانتا له في الشِّركِ، فتزوَّج إحداهما مُعاويَةُ بنُ أبي سُفيانَ، والأُخرى صفوانُ بنُ أميَّةَ، ثمَّ رجَع إلى المدينَةِ، فجاءه أبو بَصيرٍ؛ رجلٌ مِن قُريشٍ وهو مسلِمٌ، فأرسَلوا في طلَبِه رجُلين، فقالوا: العَهْدَ الَّذي جعَلْتَ لنا، فدفَعَه إلى الرَّجلين، فخرَجا به حتَّى بلَغ به ذا الحُليفَةِ، فنَزَلوا يَأكُلون مِن ثمَرٍ لهم، فقال أبو بَصيرٍ لأحَدِ الرَّجلين: واللهِ إنِّي لأرَى سيفَك جَيِّدًا، فَاسْتَلَّهُ فاستلَّه الآخَرُ فقال: أجَل واللهِ إنَّه لجيِّدٌ، لقد جرَّبتُ به ثمَّ جرَّبتُ، فقال أبو بَصيرٍ: أرِني أنظُرْ إليه، فأمكنَه منه، فضرَبه حتَّى بَرَد ، وفَرَّ الآخَرُ حتَّى بلَغ المدينَةَ، فدخَل المسجِدَ يَعدو، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حين رآه: لقد رأَى هذا ذُعرًا ، فلمَّا انتهى إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: قُتِل واللهِ صاحِبي، وإنِّي لَمقتولٌ، قال: فجاء أبو بَصيرٍ فقال: يا نبيَّ اللهِ، قد واللهِ أوفَى اللهُ ذِمَّتَك ، قد ردَدْتَني إليهم ثمَّ أنجاني اللهُ منهم، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: ويْلُ أمِّه مِسْعَرَ حرْبٍ لو كان له أحَدٌ، فلمَّا سَمِع ذلك عرَف أنَّه سيَرُدُّه إليهم، فخرَج حتَّى أتى سِيفَ البَحرِ ، ويتفلَّتُ مِنهم أبو جَنْدلِ بنُ سُهيلٍ، فلَحِق بأبي بَصيرٍ، فلا يَخرُجُ مِن قُريشٍ رجلٌ قد أسلَم إلَّا لَحِق بأبي بَصيرٍ، حتَّى اجتمَعَتْ منهم عِصابةٌ، قال: فواللهِ لا يَسمَعون بِعِيرٍ لقُريشٍ خرَجَتْ إلى الشَّامِ إلَّا اعترَضوا لها فقَتَلوهم وأخَذوا أموالَهم، فأرسَلَتْ قريشٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم تُناشِدُه اللهَ والرَّحِمَ لَما أرسَل إليهم مَن أتاه مِنهم، فهو آمِنٌ، فأرسَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إليهم، فأَنزَل اللهُ تعالى: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ}، حتَّى بلَغ: {حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ} [الفتح: 24 - 26]، وكانت حَميَّتُهم أنَّهم لَم يُقِرُّوا بنَبيِّ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ولم يُقِرُّوا ببِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، وحالُوا بينَهم وبين البَيتِ.
خلاصة حكم المحدث : [له شواهد]
الراوي : المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 4/99
التصنيف الموضوعي: حج - الإحصار حج - تقليد الهدي وإشعاره حج - مواقيت الحج والعمرة الزمانية والمكانية جهاد - مشورة النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه مغازي - صلح الحديبية
| شرح حديث مشابه