الموسوعة الحديثية


- كان من صفة رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم في قامته : أنه لم يكن بًالطويل البًائن، ولا المشذب الذاهب - والمشذب : الطول نفسه إلا أنه المخفف - ولم يكن صلى الله عليه وسلم بًالقصير المتردد، وكان ينسب إلى الربعة، إذا مشى وحده ولم يكن على حال يماشيه أحد من الناس ينسب إلى الطول إلا طاله رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، وربما اكتنفه الرجلان الطويلان فيطولهما، فإذا فارقاه نسب رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى الربعة، ويقول : نسب الخير كله إلى الربعة، وكان لونه ليس بًالأبيض الأمهق - الشديد البياض الذي تضرب بياضه الشهبة - ولم يكن بًالآدم، وكان أزهر اللون. الأزهر : الأبيض الناصع البياض، الذي لا تشوبه حمرة ولا صفرة ولا شيء من الألوان. وكان ابن عمر كثيرا ما ينشد في مسجد رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، نعت عمه أبي طالب إياه في لونه حيث يقول : وأبيض يستسقى الغمام بوجهه، ثمال اليتامى عصمة للأرامل، ويقول كل من سمعه : هكذا كان صلى الله عليه وسلم، وقد نعته بعض من نعته بأنه كان مشرب حمرة، وقد صدق من نعته بذلك، ولكن إنما كان المشرب منه حمرة ما ضحا للشمس والرياح، فقد كان بياضه من ذلك قد أشرب حمرة، وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر لا يشك فيه أحد ممن وصفه بأنه أبيض أزهر، فعنى ما تحت الثياب فقد أصاب، ومن نعت ما ضحا للشمس والرياح بأنه أزهر مشرب حمرة فقد أصاب. ولونه الذي لا يشك فيه : الأبيض الأزهر، وإنما الحمرة من قبل الشمس والرياح، وكان عرقه في وجهه مثل اللؤلؤ، أطيب من المسك الأذفر ، وكان رجل الشعر حسنا ليس بًالسبط ولا الجعد القطط، كان إذا مشطه بًالمشط كأنه حبك الرمل، أو كأنه المتون التي تكون في الغدر إذا سفتها الرياح، فإذا مكث لم يرجل أخذ بعضه بعضا، وتحلق حتى يكون متحلقا كالخواتم، ثم كان أول مرة قد سدل ناصيته بين عينيه، كما تسدل نواصي الخيل، ثم جاءه جبريل عليه السلام بًالفرق ففرق، كان شعره فوق حاجبيه، ومنهم من قال : كان يضرب شعره منكبيه، وأكثرمن ذلك إذا كان إلى شحمة أذنيه، وكان صلى الله عليه وسلم ربما جعله غدائر أربعا، يخرج الأذن اليمنى من بين غديرتين يكتنفانها، ويخرج الأذن اليسرى من بين غديرتين يكتنفانها، وتخرج الأذنان ببياضهما من بين تلك الغدائر كأنها توقد الكواكب الدرية من سواد شعره، وكان أكثر شيبه في الرأس في فودي رأسه، والفودان : حرفا الفرق، وكان أكثر شيبه في لحيته فوق الذقن، وكان شيبه كأنه خيوط الفضة يتلألأ بين ظهري سواد الشعر الذي معه، وإذا مس ذلك الشيب الصفرة - وكان كثيرا ما يفعل - صار كأنه خيوط الذهب يتلألأ بين ظهري سواد الشعر الذي معه، وكان أحسن الناس وجها، وأنورهم لونا، لم يصفه واصف قط بلغتنا صفته، إلا شبه وجهه بًالقمر ليلة البدر، ولقد كان يقول : من كان يقول منهم : لربما نظرنا إلى القمر ليلة البدر فنقول : هو أحسن في أعيننا من القمر، أزهر اللون : نير الوجه، يتلألأ تلألؤ القمر، يعرف رضاه وغضبه في سروره بوجهه، كان إذا رضي أوسر فكأن وجهه المرآة، وكأنما الجدر تلاحك وجهه، وإذا غضب تلون وجهه واحمرت عيناه. قال : وكانوا يقولون : هو صلى الله عليه وسلم كما وصفه صاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه : أمين مصطفى للخير يدعو كضوء البدر زايله الظلام، ويقولون : كذلك كان، وكان ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثيرا ما ينشد قول زهير بن أبي سلمى حين يقول لهرم بن سنان : لو كنت من شيء سوى بشر كنت المضيء لليلة البدر، فيقول عمر ومن سمع ذلك : كان النبي صلى الله عليه وسلم كذلك، ولم يكن كذلك غيره. وكذلك قالت عمته عاتكة بنت عبد المطلب بعدما سار من مكة مهاجرا فجزعت عليه بنو هاشم فانبعثت تقول : عيني جودا بًالدموع السواجم على المرتضى كالبدر من آل هاشم، على المرتضى للبر والعدل والتقى وللدين والدنيا بهيم المعالم، على الصادق الميمون ذي الحلم والنهى، وذي الفضل والداعي لخير التراحم. فشبهته بًالبدر ونعتته بهذا النعت، ووقعت في النفوس لما ألقى الله تعالى منه في الصدور. ولقد نعتته وإنها لعلى دين قومها، وكان صلى الله عليه وسلم أجلى الجبين ، إذا طلع جبينه من بين الشعر أو اطلع في فلق الصبح أو عند طفل الليل أو طلع بوجهه على الناس - تراءوا جبينه كأنه ضوء السراج المتوقد يتلألأ. وكانوا يقولون : هو صلى الله عليه وسلم، كما قال شاعره حسان بن ثابت : متى يبد في الداج البهيم جبينه يلح مثل مصبًاح الدجى المتوقد، فمن كان أو من قد يكون كأحمد نظام لحق أو نكال لملحد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم واسع الجبهة، أزج الحاجبين سابغهما، والحاجبًان الأزجان : هما الحاجبًان المتوسطان اللذان لا تعدو شعرة منهما شعرة في النبًات والاستواء من غير قرن بينهما، وكان أبلج ما بين الحاجبين حتى كأن ما بينهما الفضة المخلصة. بينهما عرق يدره الغضب، لا يرى ذلك العرق إلا أن يدره الغضب، والأبلج : النقي ما بين الحاجبين من الشعر، وكانت عيناه صلى الله عليه وسلم نجلاوان أدعجهما. والعين النجلاء : الواسعة الحسنة، والدعج : شدة سواد الحدقة، لا يكون الدعج في شيء إلا في سواد الحدق، وكان في عينيه تمزج من حمرة، وكان أهدب الأشفار حتى تكاد تلتبس من كثرتها، أقنى العرنين؛ والعرنين : المستوي الأنف من أوله إلى آخره، وهو الأشم، كان أفلج الأسنان أشنبها؛ قال : والشنب : أن تكون الأسنان متفرقة فيها طرائق مثل تعرض المشط، إلا أنها حديدة الأطراف، وهو الأشر الذي يكون أسفل الأسنان كأنه ماء يقطر في تفتحه ذلك وطرائقه، وكان يتبسم عن مثل البرد المنحدر من متون الغمام، فإذا افتر ضاحكا افتر عن مثل سناء البرق إذا تلألأ، وكان أحسن عبًاد الله شفتين، وألطفه ختم فم، سهل الخدين صلتهما، قال : والصلت الخد : هو الأسيل الخد، المستوي الذي لا يفوت بعض لحم بعضه بعضا. ليس بًالطويل الوجه ولا بًالمكلثم، كث اللحية ؛ والكث : الكثير منابت الشعر الملتفها، وكانت عنفقته بًارزة، فنيكاه حول العنفقة كأنها بياض اللؤلؤ، في أسفل عنفقته شعر منقاد حتى يقع انقيادها على شعر اللحية حتى يكون كأنه منها، والفنيكان : هما مواضع الطعام حول العنفقة من جانبيها جميعا. وكان أحسن عبًاد الله عنقا، لا ينسب إلى الطول ولا إلى القصر، ما ظهر من عنقه للشمس والرياح فكأنه إبريق فضة يشوب ذهبًا يتلألأ في بياض الفضة وحمرة الذهب، وما غيب الثياب من عنقه ما تحتها فكأنه القمر ليلة البدر. وكان عريض الصدر ممسوحه كأنه المرايا في شدتها واستوائها، لا يعدو بعض لحمه بعضا، على بياض القمر ليلة البدر، موصول ما بين لبته إلى سرته شعر، منقاد كالقضيب، لم يكن في صدره ولا بطنه شعر غيره، وكان له صلى الله عليه وسلم عكن ثلاث، يغطي الإزار منها واحدة، وتظهر ثنتان، ومنهم من قال : يغطي الإزار منها ثنتين، وتظهر واحدة، تلك العكن أبيض من القبًاطي المطواة، وألين مسا. وكان عظيم المنكبين أشعرهما، ضخم الكراديس ؛ والكراديس : عظام المنكبين والمرفقين والوركين والركبتين. وكان جليل الكتد ؛ قال : والكتد : مجتمع الكتفين والظهر، واسع الظهر، بين كتفيه خاتم النبوة، وهو مما يلي منكبه الأيمن، فيه شامة سوداء، تضرب إلى الصفرة، حولها شعرات متواليات كأنهن من عرف فرس. ومنهم من قال : كانت شامة النبوة بأسفل كتفه، خضراء منحفرة في اللحم قليلا، وكان طويل مسربة الظهر؛ والمسربة : الفقار الذي في الظهر من أعلاه إلى أسفله. وكان عبل العضدين والذراعين، طويل الزندين؛ والزندان : العظمان اللذان في ظاهر الساعدين. وكان فعم الأوصال، ضبط القصب، شئن الكف، رحب الراحة، سائل الأطراف، كأن أصابعه قضبًان فضة، كفه ألين من الخز، وكأن كفه كف عطار طيبًا، مسها بطيب أو لم يمسها، يصافحه المصافح فيظل يومه يجد ريحها ويضعها على رأس الصبي فيعرف من بين الصبيان من ريحها على رأسه. وكان عبل ما تحت الإزار من الفخذين والساق، شثن القدم غليظهما، ليس لهما خمص، منهم من قال : كان في قدمه شيء من خمص. يطأ الأرض بجميع قدميه، معتدل الخلق، بدن في آخر زمانه، وكان بذلك البدن متماسكا، وكاد يكون على الخلق الأول لم يضره السن. وكان فخما مفخما في جسده كله، إذا التفت التفت جميعا، وإذا أدبر أدبر جميعا، وكان فيه صلى الله عليه وسلم شيء من صور. والصور : الرجل الذي كأنه يلمح الشيء ببعض وجهه، وإذا مشى فكأنما يتقلع في صخر وينحدر في صبب، يخطو تكفيا، ويمشي الهوينا بغير عثر؛ والهوينا : تقارب الخطا، والمشي على الهينة، يبدر القوم إذا سارع إلى خير أو مشى إليه، ويسوقهم إذا لم يسارع إلى شيء بمشية الهوينا وترفعه فيها. وكان صلى الله عليه وسلم يقول : أنا أشبه الناس بأبي آدم عليه السلام، وكان أبي إبراهيم خليل الرحمن أشبه الناس بي خلقا وخلقا، صلى الله عليه وسلم وعلى جميع أنبياء الله
خلاصة حكم المحدث : [فيه] صبيح بن عبد الله الفرغاني ليس بالمعروف
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة الصفحة أو الرقم : 1/298
التخريج : أخرجه أبو نعيم في ((دلائل النبوة)) (566) بنحوه، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (3/ 363) مختصرًا.
التصنيف الموضوعي: زينة الشعر - تطويل الجمة فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - بركة النبي فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - صفة خلقة النبي فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - طيب رائحته فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - عرقه صلى الله عليه وسلم
| الصحيح البديل | أحاديث مشابهة |أصول الحديث

أصول الحديث:


دلائل النبوة للبيهقي (1/ 298)
أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرناه أبو عبد الله محمد بن يوسف المؤذن، قال: حدثنا محمد بن عمران النسوي، قال: حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثنا صبيح بن عبد الله الفرغاني، قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد، قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، وهشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أنها قالت: " كان من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في قامته أنه لم يكن بالطويل البائن، ولا المشذب الذاهب، والمشذب: الطول نفسه , إلا أنه المخفف. ولم يكن صلى الله عليه وسلم بالقصير المتردد. وكان ينسب إلى الربعة. إذا مشى وحده ولم يكن على حال يماشيه أحد من الناس ينسب إلى الطول إلا طاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وربما اكتنفه الرجلان الطويلان فيطولهما، فإذا فارقاه نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الربعة، ويقول: نسب الخير كله إلى الربعة وكان لونه ليس بالأبيض الأمهق الشديد البياض الذي تضرب بياضه الشهبة. ولم يكن بالآدم. وكان أزهر اللون. والأزهر: الأبيض الناصع البياض، الذي لا تشوبه حمرة ولا صفرة ولا شيء من الألوان. وكان ابن عمر كثيرا ما ينشد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، نعت عمه أبي طالب إياه في لونه حيث يقول: [البحر الطويل] وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل ويقول كل من سمعه: هكذا كان صلى الله عليه وسلم. وقد نعته بعض من نعته بأنه كان مشربا حمرة. وقد صدق من نعته بذلك. ولكن إنما كان المشرب منه حمرة ما ضحا للشمس والرياح. فقد كان بياضه من ذلك قد أشرب حمرة، وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر لا يشك فيه أحد ممن وصفه بأنه أبيض أزهر، فعنى ما تحت الثياب فقد أصاب. ومن نعت ما ضحا للشمس والرياح بأنه أزهر مشرب حمرة فقد أصاب. ولونه الذي لا يشك فيه الأبيض الأزهر، وإنما الحمرة من قبل الشمس والرياح. وكان عرقه في وجهه مثل اللؤلؤ، أطيب من المسك الأذفر. وكان رجل الشعر حسنا ليس بالسبط ولا الجعد القطط، كان إذا مشط بالمشط كأنه حبك الرمل، أو كأنه المتون التي تكون في الغدر إذا سفتها الرياح، فإذا مكث لم يرجل أخذ بعضه بعضا وتحلق حتى يكون متحلقا كالخواتم. ثم كان أول مرة قد سدل ناصيته بين عينيه، كما تسدل نواصي الخيل، ثم جاءه جبريل، عليه السلام بالفرق ففرق. كان شعره فوق حاجبيه. ومنهم من قال: كان يضرب شعره منكبيه، وأكثر ذلك إذا كان إلى شحمة أذنيه. وكان صلى الله عليه وسلم ربما جعله غدائر أربعا، يخرج الأذن اليمنى من بين غديرتين يكتنفانها، ويخرج الأذن اليسرى من بين غديرتين يكتنفانها، وتخرج الأذنان ببياضهما من بين تلك الغدائر كأنها توقد الكواكب الدرية من سواد شعره. وكان أكثر شيبه في الرأس في فودي رأسه. والفودان: حرفا الفرق. وكان أكثر شيبه في لحيته فوق الذقن. وكان شيبه كأنه خيوط الفضة يتلألأ بين ظهري سواد الشعر الذي معه , وإذا مس ذلك الشيب الصفرة وكان كثيرا ما يفعل صار كأنه خيوط الذهب يتلألأ بين ظهري سواد الشعر الذي معه. وكان أحسن الناس وجها. وأنورهم لونا. لم يصفه واصف قط بلغتنا صفته إلا شبه وجهه بالقمر ليلة البدر. ولقد كان يقول من كان يقول منهم: لربما نظرنا إلى القمر ليلة البدر فنقول: هو أحسن في أعيننا من القمر أزهر اللون: نير الوجه. يتلألأ تلألؤ القمر يعرف رضاه وغضبه في سروره بوجهه، كان إذا رضي أو سر فكأن وجهه المرآة، وكأنما الجدر تلاحك وجهه. وإذا غضب تلون وجهه واحمرت عيناه. قال: وكانوا يقولون: هو صلى الله عليه وسلم، كما وصفه صاحبه أبو بكر الصديق، رضي الله عنه: [البحر الوافر] أمين مصطفى للخير يدعو ... كضوء البدر زايله الظلام ويقولون: كذلك كان. وكان ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثيرا ما ينشد قول زهير بن أبي سلمى حين يقول لهرم بن سنان: لو كنت من شيء سوى بشر ... كنت المضيء لليلة البدر فيقول عمر ومن سمع ذلك: كان النبي صلى الله عليه وسلم كذلك، ولم يكن كذلك غيره. وكذلك قالت عمته عاتكة بنت عبد المطلب بعد ما سار من مكة مهاجرا فجزعت عليه بنو هاشم فانبعثت تقول: [البحر الطويل] عيني جودا بالدموع السواجم ... على المرتضى كالبدر من آل هاشم على المرتضى للبر والعدل والتقى ... وللدين والدنيا بهيم المعالم على الصادق الميمون ذي الحلم والنهى ... وذي الفضل والداعي لخير التراحم فشبهته بالبدر ونعتته بهذا النعت، ووقعت في النفوس لما ألقى الله تعالى منه في الصدور. ولقد نعتته وإنها لعلى دين قومها. وكان صلى الله عليه وسلم، أجلى الجبين، إذا طلع جبينه من بين الشعر أو اطلع في فلق الصبح أو عند طفل الليل أو طلع بوجهه على الناس تراءوا جبينه كأنه ضوء السراج المتوقد يتلألأ. وكانوا يقولون: هو صلى الله عليه وسلم، كما قال شاعره حسان بن ثابت: [البحر الطويل] متى يبد في الداج البهيم جبينه ... يلح مثل مصباح الدجى المتوقد فمن كان أو من قد يكون كأحمد ... نظام لحق أو نكال لملحد؟ وكان النبي صلى الله عليه وسلم واسع الجبهة، أزج الحاجبين سابغهما. والحاجبان الأزجان: هما الحاجبان المتوسطان اللذان لا تعدو شعرة منهما شعرة في النبات والاستواء من غير فرق بينهما. وكان أبلج ما بين الحاجبين حتى كأن ما بينهما الفضة المخلصة بينهما عرق يدره الغضب، لا يرى ذلك العرق إلا أن يدره الغضب. والأبلج: النقي ما بين الحاجبين من الشعر. وكانت عيناه صلى الله عليه وسلم نجلاوين أدعجهما. والعين النجلاء: الواسعة الحسنة. والدعج: شدة سواد الحدقة. لا يكون الدعج في شيء إلا في سواد الحدق. وكان في عينه تمزج من حمرة. وكان أهدب الأشفار حتى تكاد تلتبس من كثرتها. أقنى العرنين. والعرنين: المستوي الأنف من أوله إلى آخره، وهو الأشم. كان أفلج الأسنان أشنبها. قال: والشنب: أن تكون الأسنان متفرقة، فيها طرائق مثل تعرض المشط، إلا أنها حديدة الأطراف، وهو الأشر الذي يكون أسفل الأسنان كأنه ماء يقطر في تفتحه ذلك وطرائقه. وكان يتبسم عن مثل البرد المنحدر من متون الغمام، فإذا افتر ضاحكا افتر عن مثل سناء البرق إذا تلألأ. وكان أحسن عباد الله شفتين، وألطفه ختم فم، سهل الخدين صلتهما، قال: والصلت الخد: هو الأسيل الخد، المستوي الذي لا يفوت بعض لحم بعضه بعضا. ليس بالطويل الوجه ولا بالمكلثم، كث اللحية. والكث: الكثير منابت الشعر الملتفها. وكانت عنفقته بارزة. فنيكاه حول العنفقة كأنها بياض اللؤلؤ، في أسفل عنفقته شعر منقاد حتى يقع انقيادها على شعر اللحية حتى يكون كأنه منها. والفنيكان: هما مواضع الطعام حول العنفقة من جانبيها جميعا وكان أحسن عباد الله عنقا، لا ينسب إلى الطول ولا إلى القصر، ما ظهر من عنقه للشمس والرياح فكأنه إبريق فضة يشوب ذهبا يتلألأ في بياض الفضة وحمرة الذهب. وما غيب الثياب من عنقه ما تحتها فكأنه القمر ليلة البدر. وكان عريض الصدر ممسوحه كأنه المرايا في شدتها واستوائها، لا يعدو بعض لحمه بعضا، على بياض القمر ليلة البدر. موصول ما بين لبته إلى سرته شعره منقاد كالقضيب. لم يكن في صدره ولا بطنه شعر غيره. وكان له صلى الله عليه وسلم عكن ثلاث، يغطي الإزار منها واحدة، وتظهر ثنتان. ومنهم من قال: يغطي الإزار منها ثنتين، وتظهر واحدة. تلك العكن أبيض من القباطي المطواة، وألين مسا. وكان عظيم المنكبين أشعرهما، ضخم الكراديس، والكراديس: عظام المنكبين والمرفقين والوركين والركبتين. وكان جليل الكتد قال: والكتد: مجتمع الكتفين والظهر واسع الظهر، بين كتفيه خاتم النبوة، وهو مما يلي منكبه الأيمن، فيه شامة سوداء تضرب إلى الصفرة، حولها شعرات متواليات كأنهن من عرف فرس. ومنهم من قال: كانت شامة النبوة بأسفل كتفه، خضراء منحفرة في اللحم قليلا. وكان طويل مسربة الظهر. والمسربة: الفقار الذي في الظهر من أعلاه إلى أسفله وكان عبل العضدين والذراعين، طويل الزندين، والزندان: العظمان اللذان في ظاهر الساعدين. وكان فعم الأوصال، ضبط القصب، شثن الكف، رحب الراحة، سائل الأطراف، كأن أصابعه قضبان فضة، كفه ألين من الخز، وكأن كفه كف عطار طيبا، مسها بطيب أو لم يمسها، يصافحه المصافح فيظل يومه يجد ريحها. ويضعها على رأس الصبي فيعرف من بين الصبيان من ريحها على رأسه. وكان عبل ما تحت الإزار من الفخذين والساق، شثن القدم غليظهما، ليس لها خمص. منهم من قال: كان في قدمه شيء من خمص. يطأ الأرض بجميع قدميه. معتدل الخلق. بدن في آخر زمانه، وكان بذلك البدن متماسكا. وكاد يكون على الخلق الأول لم يضره السن. وكان فخما مفخما في جسده كله، إذا التفت التفت جميعا، وإذا أدبر أدبر جميعا. وكان فيه صلى الله عليه وسلم شيء من صور. والصور: الرجل الذي كأنه يلمح الشيء ببعض وجهه. وإذا مشى فكأنما يتقلع في صخر وينحدر في صبب، يخطو تكفيا ويمشي الهوينا بغير عثر. والهوينا: تقارب الخطا، والمشي على الهينة يبدر القوم إذا سارع إلى خير أو مشى إليه، ويسوقهم إذا لم يسارع إلى شيء بمشية الهوينا وترفعه فيها. وكان صلى الله عليه وسلم يقول: أنا أشبه الناس بأبي آدم عليه السلام، وكان أبي إبراهيم خليل الرحمن أشبه الناس بي خلقا وخلقا صلى الله عليه وسلم، وعلى جميع أنبياء الله

دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني (ص: 636)
566 - حدثنا سليمان بن أحمد ثنا محمد بن عبدة المصيصي من كتابه وما أثبتناه إلا عنه قال: ثنا صبيح بن عبد الله أبو محمد الفرغاني قال: ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه وهشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم يكن بالطويل البائن ولا المشذب الذاهب والمشذب: الطويل نفسه إلا إنه الطويل النحيف ولم يكن صلى الله عليه وسلم بالقصير المتردد فكان ينسب إلى الربعة إذا مشى وحده ولم يكن على ذلك يماشيه أحد من الناس ينسب إلى الطول إلا طاله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولربما ماشى الرجلين الطويلين فيطولهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا فارقاه نسبا إلى الطول , ونسب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الربعة ويقول صلى الله عليه وسلم: جعل الخير كله في الربعة , وكان لونه صلى الله عليه وسلم ليس بالأبيض الأمهق والأمهق: الشديد البياض الذي لا يضرب بياضه إلى الشهبة ولم يكن بالآدم وكان أزهر اللون والأزهر هو الأبيض الناصع البياض الذي لا يشوبه صفرة ولا حمرة ولا شيء من الألوان وقد نعت بعض نعته بذلك ولكن إنما كان المشرب حمرة ما ضحى منه للشمس والرياح وما كان تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر , لا يشك فيه أحد ممن وصفه بأنه أبيض أزهر فمن وصفه بأنه أبيض أزهر فعنى ما تحت الثياب فقد أصاب ومن وصف ما ضحى منه للشمس والرياح , بأنه أبيض مشرب بحمرة فقد أصاب ولونه الذي لا يشك فيه البياض الأزهر وإنما الحمرة من قبل الشمس والرياح وكان عرقه في وجهه مثل اللؤلؤ أطيب من المسك الأذفر وكان صلى الله عليه وسلم رجل الشعر حسنه ليس بالسبط ولا الجعد القطط وكان إذا امتشط بالمشط كأنه حبك الرمال وكأنه المتون التي في الغدر إذا صفقتها الرياح وإذا نكته بالمرجل أخذ بعضه بعضا وتحلق حتى يكون متحلقا كالخواتيم وكان من أول أمره قد سدل ناصيته بين عينيه كما تسدل نواصي الخيل حتى جاءه جبرئيل عليه السلام بالفرق ففرق وكان شعره عليه السلام يضرب منكبيه وربما كان إلى شحمة أذنيه وكان ربما جعله غدائر تخرج الأذن اليمنى من بين غديرتين تكتنفانها وتخرج الأذن اليسرى من بين غديرتين تكتنفانها ينظر من كان يتأملهما من بين تلك الغدائر كأنهما توقد الكواكب الدرية بين سواد شعره , وكان أكثر شيبه صلى الله عليه وسلم في الرأس في فودي رأسه الفودان حرفا الفرق كان أكثر شيبه في لحيته حول الذقن وكان شيبه صلى الله عليه وسلم كأنه خيوط الفضة يتلألأ بين ظهري سواد الشعر الذي معه فإذا مس ذلك الشيب بصفرة وكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يفعل ذلك صار كأنه خيوط الذهب يتلألأ بين ظهري سواد الشعر الذي معه وكان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها , وأنورهم لونا لم يصفه واصف قط بمعنى صفته إلا شبه وجهه بالقمر ليلة البدر يقول هو أحسن في أعين الناس من القمر، يعرف رضاه وغضبه في سرار وجهه، كان صلى الله عليه وسلم إذا رضي أو سر فكأن وجهه المرآة وإذا غضب تلون وجهه صلى الله عليه وسلم , واحمرت عيناه وكان صلى الله عليه وسلم إذا رضي كما وصفه صاحبه أبو بكر الصديق رضي الله عنه: [البحر الوافر] أمين مصطفى للخير يدعو ... كضوء البدر زايله الظلام فيقول الناس: كان صلى الله عليه وسلم كذلك وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثيرا ما ينشد قول زهير بن أبي سلمى: [البحر الكامل] لو كنت من شيء سوى بشر ... كنت المنور ليلة البدر فيقول من سمعه: كذلك كان صلى الله عليه وسلم وقالت عمته عاتكة بنت عبد المطلب بعدما سار من مكة مهاجرا فجزعت عليه [البحر الطويل] عيني جودا بالدموع السواجم ... على المصطفى كالبدر من آل هاشم على المرتضى للبر والعدل والتقى ... وللدين والدنيا مقيم المعالم على الصادق الميمون ذي الحلم والنهى ... وذي الفضل والداعي لخير التراجم فشبهته بالبدر وقد نعتته بهذا النعت ووفقت له لما ألقى الله عز وجل من محبته في الصدور , وإنها لعلى دين قومها. وكان صلى الله عليه وسلم أجلى الجبين إذا طلع جبينه من بين الشعر أو اطلع من فلق أو عند طفل الليل أو اطلع وجهه على الناس يرى وجبينه كأنه ضوء السراج الموقد يتلألأ وكانوا يقولون: هو ختم قمر وكان صلى الله عليه وسلم سهل الخدين صلتهما , الصلت الخد: هو الأسيل الخد المستوي , الذي لا يفوت بعض لحم بعضه بعضا ليس بالطويل الوجه ولا بالمكلثم , كث اللحية , والكث: الكثير منابت الشعر وكانت عنفقته صلى الله عليه وسلم بارزة فنيكاه حول العنفقة كأنهما بياض اللؤلؤ بأسفل عنفقته شعر منقاد حسنة يقع انقيادهما على شعر اللحية حتى يكون كأنه منها , والفنيكان مواضع الطعام حول العنفقة من جانبيها جميعا وكان صلى الله عليه وسلم أحسن عباد الله عنقا لا ينسب إلى الطول ولا إلى القصر ما ظهر من عنقه للشمس والرياح فكأنه إبريق فضة مشرب ذهبا يتلألأ في بياض الفضة وحمرة الذهب وما غيبته الثياب من عنقه وما تحتها فكأنه القمر ليلة البدر , وكان صلى الله عليه وسلم عريض الصدر موصول دلائل النبوة لأبي نعيم الأصبهاني (ص: 640) ما بين لبته إلى سرته بشعر منقاد كالقضيب لم يكن في صدره ولا بطنه شعر غيره وكان صلى الله عليه وسلم رحب الراحة سائل الأطراف , كأن أصابعه قضبان الفضة وكانت كفه صلى الله عليه وسلم ألين من الخز، وكأن كفه كف عطار طيبا مسها بطيب أو لم يمسها به يصافحه المصافح فيظل يومه يجد ريحها ويضعها على رأس الصبي فيعرف من بين الصبيان جميل ما تحت الإزار من الفخذين والساقين معتدل الخلق إذا مشى كأنما يتقلع ويتصبب في صبب يخطو تكفيا ويمشي الهوينا بغير تبختر يقارب الخطى والمشي على الهيبة يبدر القوم إذا مشى إلى خير أو سارع إليه ويسوقهم إذا لم يسارع إلى شيء مشيه الهوينا وكان يقول صلى الله عليه وسلم: أنا أشبه الناس بأبي آدم عليه السلام وكان إبراهيم عليه السلام أشبه الناس بي خلقا وخلقا

[تاريخ دمشق - لابن عساكر] (3/ 363)
[718] أخبرناه عاليا أبو عبد الله الفراوي أنبأنا أبو بكر البيهقي أنبأناه عاليا القاضي أبو عمر محمد بن الحسين بن محمد البسطامي أنبأنا سليمان بن أحمد بن أيوب أنبأنا محمد بن عبدة المصيصي من كتابه أنبأنا صبيح بن عبد الله القرشي أبو محمد أنبأنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي عن جعفر بن محمد عن أبيه وهشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان من صفة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه لم يكن بالطويل البائن ولا بالقصير الجعد ولا المشذب الذاهب قال وساق الحديث في صفته (صلى الله عليه وسلم) بهذا.