الموسوعة الحديثية


- أنه قال له أصحابه : يا رسول اللهِ ! أخبرنا عن ليلة أسري بك فيها . قال : قال الله عز وجل : ] سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بًاركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير [ قال : فأخبرهم قال : بينا أنا قائم عشاء في المسجد الحرام إذ أتاني آت فأيقظني ، فاستيقظت فلما أر شيئا ، ثم عدت في النوم ، ثم أيقظني فاستيقظت فلم أر شيئا ، ثم عدت في النوم ، ثم أيقظني فاستيقظت فلم أر شيئا فإذا أنا بكهيئة خيال فاتبعته ببصري حتى خرجت من المسجد فإذا أنا بدابة أدنى ، شبيهة بدوابكم هذه ، بغالكم هذه ، مضطرب الأذنين يقال له : البراق ، وكانت الأنبياء صلوات الله عليهم تركبه قبلي يقع حافره مد بصره فركبته ، فبينما أنا أسير عليه إذ دعاني داع عن يميني : يا محمد أنظرني أسألك : يا محمد أنظرني أسألك ! فلم أجبه ولم أقم عليه ، فبينما أنا أسير عليه إذ دعاني داع عن يساري : يا محمد ! أنظرني أسألك يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبه ولم أقم عليه ، وبينما أنا أسير عليه إذا أنا بًامرأة حاسرة عن ذراعيها وعليها من كل زينة خلقها الله ، فقالت : يا محمد أنظرني أسألك ! فلم ألتفت إليها ولم أقم عليها حتى أتيت بيت المقدس فأوثقت دابتي بًالحلقة التي كانت الأنبياء توثقها به فأتاني جبريل عليه السلام بإناءين : أحدهما خمر ، والآخر لبن ، فشربت اللبن وتركت الخمر ، فقال جبريل : أصبت الفطرة ، فقلت : الله أكبر الله أكبر ، فقال جبريل : ما رأيت في وجهك هذا ؟ قال : فقلت : بينما أنا أسير إذ دعاني داع عن يميني يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبه ولم أقم عليه ، قال : ذاك داعي اليهود ، أما أنك لو أجبته أو وقفت عليه لتهودت أمتك ، قال : وبينما أنا أسير إذ دعاني داع عن يساري ، فقال : يا محمد أنظرني أسألك فلم ألتفت إليه ولم أقم عليه ، قال : ذاك داعي النصارى ، أما إنك لو أجبته لتنصرت أمتك ، فبينما أنا أسير إذا أنا بًامرأة حاسرة عن ذراعيها عليها من كل زينة خلقها الله تقول : يا محمد أنظرني أسألك فلم أجبها ولم أقم عليها ، قال : تلك الدنيا أما إنك لو أجبتها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة ، قال : ثم دخلت أنا وجبريل عليه السلام بيت المقدس فصلى كل واحد منا ركعتين ، ثم أتيت بًالمعراج الذي تعرج عليه أرواح بني آدم ، فلم ير الخلايق أحسن من المعراج ما رأيتم الميت حين يشق بصره طامحا إلى السماء فإنما يشق بصره طامحا إلى السماء عجب بًالمعراج ، قال : فصعدت أنا وجبريل فإذا أنا بملك يقال له : إسماعيل وهو صاحب سماء الدنيا وبين يديه سبعون ألف ملك مع كل ملك جنده مائة ألف ملك ، قال : وقال الله عز وجل : ] وما يعلم جنود ربك إلا هو [ فاستفتح جبريل بًاب السماء ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد بعث إليه ؟ قال : نعم ، فإذا أنا بآدم كهيئة يوم خلقه الله على صورته تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول : روح طيبة ونفس طيبة اجعلوها على عليين ، ثم تعرض عليه أرواح ذريته الفجار ، فيقول : روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها في سجين ، ثم مضت هنية فإذا أنا بأخونة –يعني : الخوان المائدة التي يؤكل عليها لحم مشرح - ليس يقربها أحد وإذا أنا بأخونة أخرى عليها لحم قد أروح ونتن عندها أناس يأكلون منها ، قلت : يا جبريل ! من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء من أمتك يتركون الحلال ويأتون الحرام ، قال : ثم مضت هنية فإذا أنا بأقوام بطونهم أمثال البيوت كلما نهض أحدهم خر يقول : اللهم لا تقم الساعة ، قال : وهم على سابلة آل فرعون ، قال : فتجيء السابلة فتطأهم ؛ قال : فسمعتهم يضجون إلى الله سبحانه قلت : يا جبريل ! من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء من أمتك الذين يأكلون الربًا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ، قال : ثم مضت هنية ، فإذا أنا بأقوام مشافرهم كمشافر الإبل قال : فتفتح على أفواههم ويلقون ذلك الحجر ؛ ثم يخرج من أسافلهم ، فسمعتهم يضجون إلى الله عز وجل ، فقلت : يا جبريل ! من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء من أمتك يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا قال : ثم مضت هنيئة فإذا أنا بنساء يعلقن بثديهن فسمعتهن يصحن إلى الله عز وجل ، قلت : يا جبريل ! من هؤلاء النساء ؟ قال : هؤلاء الزناة من أمتك ، قال : ثم مضيت هنية فإذا أنا بأقوام تقطع من جنوبهم اللحم فيلقمون فيقال له : كل كما كنت تأكل من لحم أخيك ، قلت : يا جبريل ! من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الهمازون من أمتك اللمازون ، ثم صعدنا إلى السماء الثانية فإذا أنا برجل أحسن ما خلق الله قد فضل عن الناس بًالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب . قلت : يا جبريل ! من هذا ؟ قال : هذا أخوك يوسف ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي ، ثم صعدت إلى السماء الثالثة فإذا أنا بيحيى وعيسى ومعهما نفر من قومهما ، فسلمت عليهما وسلما علي ، ثم صعدت إلى السماء الرابعة فإذا أنا بإدريس قد رفعه الله مكانا عليا ، فسلمت عليه وسلم علي ، ثم صعدت إلى السماء الخامسة فإذا أنا بهارون ونصف لحيته بيضاء ونصفها سوداء تكاد لحيته تصيب سرته من طولها ، قلت : يا جبريل ! من هذا ؟ قال : هذا المحبب في قومه ، هذا هارون بن عمران ومعه نفر من قومه ، فسلمت عليه وسلم علي ، ثم صعدت إلى السماء السادسة فإذا أنا بموسى بن عمران –رجل آدم كثير الشعر لو كان عليه قميصان لنفد شعره دون القميص - وإذا هو يقول : يزعم الناس إني أكرم على الله من هذا ، بل هذا أكرم على الله مني ! قال : قلت : يا جبريل ! من هذا ؟ قال : هذا أخوك موسى بن عمران ، قال : ومعه نفر من قومه فسلمت عليه وسلم علي ، ثم صعدت إلى السماء السابعة فإذا أنا بأبينا إبراهيم خليل الرحمن ساندا ظهره إلى البيت المعمور كأحسن الرجال ؛ قلت : يا جبريل ! من هذا ؟ قال : هذا أبوك إبراهيم خليل الرحمن ، وهو نفر من قومه ، فسلمت عليه وسلم علي ، وإذا بأمتي شطرين : شطر عليهم ثياب بيض كأنها القراطيس ، وشطر عليها ثياب رمد ، قال : فدخلت البيت المعمور ودخل معي الذين عليهم الثياب البيض وحجب الآخرون الذين عليهم ثياب رمد ، وهم على حر ، فصليت أنا ومن معي في البيت المعمور ، ثم خرجت أنا ومن معي ، قال : والبيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة ، قال : ثم رفعت إلى السدرة المنتهى فإذا كل ورقة منها تكاد أن تغطي هذه الأمة ، وإذا فيها عين تجري يقال لها : سلسبيل ، فينشق منها نهران أحدهما الكوثر والآخر يقال له : نهر الرحمة ، فاغتسلت فيه ، فغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر ، ثم إني دفعت إلى الجنة فاستقبلتني جارية فقلت : لمن أنت يا جارية ؟ قالت : لزيد بن حارثة ، وإذا أنا بأنهار من ماء غير آسن ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى ، وإذا رمانها كأنه الدلاء عظما ، وإذا أنا بطير كالبخاتي هذه ، فقال عندها صلى الله عليه وسلم وعلى جميع أنبيائه : إن الله قد أعد لعبًاده الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، قال : ثم عرضته على النار فإذا فيها غضب الله ورجزه ونقمته لو طرح فيها الحجارة والحديد لأكلتهما ، ثم أغلقت دوني ، ثم إني دفعت إلى السدرة المنتهى فتغشى لي ، وكان بيني وبينه قاب قوسين أو أدنى ، قال : ونزل على كل ورقة ملك من الملائكة ، قال : وقال : فرضت علي خمسون صلاة ، وقال : لك بكل حسنة عشر إذا هممت بًالحسنة فلم تعملها كتبت لك حسنة ، فإذا عملتها كتبت لك عشرا وإذا هممت بًالسيئة فلم تعملها لم يكتب عليك شيء ، فإذا عملتها كتبت عليك سيئة واحدة ثم دفعت إلى موسى فقال : بم أمرك ربك ؟ قلت : بخمسين صلاة ، قال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا يطيقون ذلك ومتى لا تطيقه تكفر ، فرجعت إلى ربي فقلت : يا رب ! خفف عن أمتي فإنها أضعف الأمم فوضع عني عشرا وجعلها أربعين ، فما زلت أختلف بين موسى وربي كلما أتيت عليه قال لي مثل مقالته حتى رجعت إليه فقال لي : بم أمرت ؟ قلت : أمرت بعشر صلوات قال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف عن أمتك ، فرجعت إلى ربي فقلت أي رب ! خفف عن أمتي فإنها أضعف الأمم ، فوضع عني خمسا ، وجعلها خمسا ، فناداني ملك عندها : تمت فريضتي ، وخففت عن عبًادي ، وأعطيتهم بكل حسنة عشر أمثالها ، ثم رجعت إلى موسى ، فقال : بم أمرت ؟ قلت : بخمس صلوات ، قال : ارجع إلى ربك فسله التخفيف فإنه لا يؤوده شيء فسله التخفيف لأمتك ، فقلت : رجعت إلى ربي حتى استحييته ، ثم أصبح بمكة يخبرهم بًالعجائب : أني أتيت البًارحة بيت المقدس وعرج بي إلى السماء ، ورأيت كذا ورأيت كذا ، فقال أبو جهل بن هشام : ألا تعجبون مما يقول محمد ! يزعم أنه أتى البًارحة بيت المقدس ، ثم أصبح فينا ، وأحدنا يضرب مطيته مصعدة شهرا ومنقلبة شهرا ، فهذا مسيرة شهرين في ليلة واحدة . قال : فأخبرهم بعير لقريش لما كان في مصعدي رأيتها في مكان كذا وكذا وأنها نفرت ، فلما رجعت رأيتها عند العقبة ، وأخبرهم بكل رجل وبعيره كذا وكذا ومتاعه كذا وكذا ، فقال أبو جهل : يخبرنا بأشياء فقال رجل من المشركين : أنا أعلم الناس ببيت المقدس وكيف بناؤه وكيف هيأته وكيف قربه من الجبل ، فإن يكون محمد صادقا فسأخبركم ، وإن يكن كاذبًا فسأخبركم ، فجاءه ذلك المشرك فقال : يا محمد أنا أعلم الناس ببيت المقدس فأخبرني كيف بناؤه وكيف هيأته وكيف قربه من الجبل ؟ قال : فرفع لرسول اللهِ صلى الله عليه وسلم بيت المقدس من مقعده فنظر إليه كنظر أحدنا إلى بيته : بناؤه كذا وكذا ، وهيأته كذا وكذا ، وقربه من الجبل كذا وكذا ، فقال الآخر : صدقت . فرجع إلى الصحابة فقال : صدق محمد فيما قال ، أو نحوا من هذا الكلام
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة
الصفحة أو الرقم : 2/390 | خلاصة حكم المحدث : أمثل إسنادا