الموسوعة الحديثية


- كانَ رجلٌ مِن بَني هاشمٍ يقالُ لَهُ : رُكانَه وَكانَ مِن أقتلِ النَّاسِ وأشدِّهِ وَكانَ مشرِكًا وَكانَ يرعى غنمًا لَهُ في وادٍ يقالُ لَهُ إضَمٌ فخرجَ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ من بيتِ عائشةَ ذاتَ يومٍ فتوجَّهَ قِبَلَ ذلِكَ الوادي فلقيَهُ رُكانةُ وليسَ معَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أحدٌ فقامَ إليهِ رُكانةُ فقالَ: يا محمَّدُ، أنتَ الَّذي تشتُمُ آلِهَتَنا اللَّاتَ والعزَّى، وتدعو إلى إلَهِكَ العزيزِ الحَكيمِ ، ولولا رحِمٌ بيني وبينَكَ ما كلَّمتُكَ الكلامَ - يعني : أقتلُكَ - ولَكِنِ ادعُ إلَهِكَ العزيزَ الحَكيمَ يُنجيكَ منِّي، وسأعرِضُ عليكَ أمرًا، هل لَكَ أن أصارعَكَ وتدعو إلَهِكَ العزيزَ الحَكيمَ يعينُكَ عليَّ، فأَنا أدعو اللَّاتَ والعزَّى، فإن أنتَ صرعتَني فلَكَ عشرٌ مِن غَنمي هذِهِ تختارُها، فقالَ عندَ ذلِكَ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: نعَم إن شئتَ. فاتَّخذا ودعا نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إلَهَهُ العزيزَ الحَكيمَ أن يعينَهُ على رُكانَه، ودعا رُكانةُ اللَّاتَ والعزَّى: أعنِّي اليومَ على محمَّدٍ، فأخذَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فصرعَهُ وجلسَ على صَدرِهِ، فقالَ رُكانةُ: قُم فلستَ أنتَ الَّذي فعلتَ بي هذا، إنَّما فعلَهُ إلَهُكَ العزيزُ الحَكيمُ ، وخذلَهُ اللَّاتُ والعزَّى وما وضعَ جنبي أحدٌ قبلَكَ. فقالَ لَهُ رُكانَه: عُد فإن أنتَ صرعتَني فلَكَ عشرٌ أخرى تختارُها، فأخذَهُ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ودعا كلُّ واحدٍ منهما إلَهَهُ كما فعلا أوَّلَ مرَّةٍ، فصرعَهُ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فجلسَ على كبدِهِ، فقالَ لَهُ رُكانةُ: قُم فلستَ أنتَ الَّذي فعلتَ بي هذا، إنَّما فعلَهُ إلَهُكَ العزيزُ الحَكيمُ ، وخذلَهُ اللَّاتُ والعزَّى، وما وضعَ جَنبي أحدٌ قبلَكَ، فقالَ لَهُ رُكانَه: عُد فإن أنتَ صرعتَني فلَكَ عشرٌ أخرى تختارُها فأخذَهُ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ودعا كلُّ واحدٍ منهُما إلَهَهُ فصرعَهُ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ الثَّالثةَ فقالَ لَهُ رُكانةُ: لَستَ أنتَ الَّذي فعلتَ بي هذِهِ وإنَّما فعلَهُ إلَهُكَ العزيزُ الحَكيمُ وخذلَهُ اللَّاتُ والعزَّى فَدونَكَ ثلاثينَ شاةً مِن غنَمي فاختَرها، فقالَ لَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: ما أريدُ ذلِكَ، ولَكِنِّي أدعوكَ إلى الإسلامِ يا رُكانةُ، وأنفسُ بِكَ أن تصيرَ إلى النَّارِ إنَّكَ إن تُسلِم تَسلَم، فقالَ لَهُ رُكانةُ: لا، إلَّا أن تريَني آيةً، فقالَ لَهُ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: اللَّهُ عليكَ شَهيدٌ إن أَنا دَعَوتُ ربِّي فأريتُكَ آيةً لتجيبنَّني إلى ما أدعوكَ إليهِ ؟، قالَ: نعَم. وقريبٌ منهُ شجرةُ سَمُرٍ ذاتَ فروعٍ وقضبانٍ فأشارَ إليها نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وقالَ لَها: أقبِلي بإذنِ اللَّهِ، فانشقَّت باثنتينِ فأقبلتُ على نِصفِ شقِّها وقضبانِها وفروعِها حتَّى كانت بينَ يدي نبيِّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وبينَ رُكانةَ، فقالَ لَهُ رُكانةُ: أريتَني عظيمًا فمُرها فلتَرجِع، فقالَ لَهُ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: عليكَ اللَّهُ شَهيدٌ إن أَنا دعوتُ ربِّي عزَّ وجلَّ أمرَ بِها فرجعَتُ لتجيبنَّني إلى ما أدعوكَ إليهِ ؟ قالَ: نعَم. فأمرَها فرجعت بقُضبانِها وفروعِها حتَّى التأمَت بشقِّها، فقالَ لَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: أسلِم تسلَم، فقالَ لَهُ رُكانةُ: ما بي إلَّا أن أَكونَ رأيتُ عظيمًا، ولَكِنِّي أَكْرَهُ أن تتحدَّثَ نساءُ المدينةِ وصبيانُهُم أنِّي إنَّما جئتُكَ لرعبٍ دخلَ قلبي منكَ، ولَكِن قد علمت نساءُ أَهْلِ المدينةِ وصبيانُهُم أنَّهُ لم يَضع جنبي قطُّ، ولم يدخل قلبي رعبٌ ساعةً قطُّ ليلًا ولا نَهارًا، ولَكِن دونَكَ فاختر غنمَكَ. فقالَ لَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: ليست لي حاجةٌ إلى غنمِكَ إذ أبيتَ أن تُسْلِمَ. فانطلقَ نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ راجعًا وأقبلَ أبو بَكْرٍ وعمرُ رضيَ اللَّهُ عنهما يلتمِسانِهِ في بيتِ عائشةَ فأخبرتُهما أنَّهُ قد توجَّهَ قبلَ وادي إضَمٍ وقد عرفَ أنَّهُ وادي رُكانةَ لا يَكادُ يخطئُهُ، فخرجا في طلبِهِ وأشفَقا أن يلقاهُ رُكانةُ فيقتلُهُ فجعلا يصعدانِ على كلِّ شرفٍ ويتشرَّفانِ مخرجًا لَهُ إذ نظرا إلى نبيِّ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مقبلًا فقالا: يا نبيَّ اللَّهِ، كيفَ تخرجُ إلى هذا الوادي وحدَكَ وقد عَرفتَ أنَّهُ جِهَةُ رُكانةَ، وأنَّهُ من أقتلِ النَّاسِ وأشدِّهم تَكْذيبًا لَكَ، فضَحِكَ إليهِما النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ثمَّ قالَ: أليسَ يقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ لي: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إنَّهُ لم يَكُن يَصِلْ إليَّ واللَّهُ معي فأنشأَ يحدِّثُهُما حديثَهُ والَّذي فعلَ بِهِ والَّذي أراهُ فعَجبا من ذلِكَ فقالا: يا رسولَ اللَّهِ، أصَرَعتَ رُكانةَ، فلا والَّذي بعثَكَ بالحقِّ ما نعلَمُ أنَّهُ وضعَ جنبَهُ إنسانٌ قطُّ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: إنِّي دعوتُ ربِّي فأعانَني عليهِ، وإنَّ ربِّي عزَّ وجلَّ أعانَني ببضعَ عَشرةَ وقوَّةَ عشرةٍ
خلاصة حكم المحدث : [فيه] أبو عبد الملك علي بن يزيد الشامي ليس بالقوي إلا أن معه ما يؤكد حديثه
الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : البيهقي | المصدر : دلائل النبوة الصفحة أو الرقم : 6/252
التخريج : أخرجه الثعلبي في ((التفسير)) (1317)، وأبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (2807) واللفظ لهما.
التصنيف الموضوعي: فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - تكليم النبي للجمادات وانقيادها له فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - عصمة الله له من الناس فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - معجزات النبي مصارعة - مصارعة النبي صلى الله عليه وسلم ركانة بن عبد يزيد إيمان - دعوة الكافر إلى الإسلام
|أصول الحديث

أصول الحديث:


[دلائل النبوة - البيهقي] (6/ 251)
: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن علي بن المؤمل أنبأنا أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق الحافظ أنبأنا أبو عروبة الحسين بن أبي معشر السلمي بحران، حدثنا محمد بن وهب، حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم وهو خالد بن أبي يزيد، قال: حدثني أبو عبد الملك، عن القاسم، عن أبي ‌أمامة قال: كان رجل من بني هاشم يقال له: ‌ركانة ‌وكان ‌من ‌أقتل ‌الناس ‌وأشده وكان مشركا وكان يرعى غنما له في واد يقال له إضم فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة ذات يوم فتوجه قبل ذلك الوادي فلقيه ركانة وليس مع النبي صلى الله عليه وسلم أحد فقام إليه ركانة فقال: يا محمد أنت الذي تشتم آلهتنا اللات والعزى وتدعو إلى إلهك العزيز الحكيم ولولا رحم بيني وبينك ما كلمتك الكلام- يعني أقتلك- ولكن ادع إلهك العزيز الحكيم ينجيك مني وسأعرض عليك أمرا هل لك أن أصارعك وتدعو إلهك العزيز الحكيم يعينك علي فأنا أدعو اللات والعزى فإن أنت صرعتني فلك عشر من غنمي هذه تختارها فقال عند ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم: نعم إن شئت! فاتخذا، ودعا نبي الله صلى الله عليه وسلم إلهه العزيز الحكيم أن يعينه على ركانة ودعا ركانة اللات والعزى: أعني اليوم على محمد، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه وجلس على صدره فقال ركانة: قم فلست أنت الذي فعلت بي هذا إنما فعله إلهك العزيز الحكيم وخذله اللات والعزى وما وضع جنبي أحد قبلك. فقال له ركانة: عد فإن أنت صرعتني فلك عشر أخرى تختارها فأخذه نبي الله صلى الله عليه وسلم ودعا كل واحد منهما إلهه كما فعلا أول مرة فصرعه نبي الله صلى الله عليه وسلم فجلس على كبده فقال له ركانة: قم فلست أنت الذي فعلت بي هذا إنما فعله إلهك العزيز الحكيم وخذله اللات والعزى، وما وضع جنبي أحد قبلك، فقال له ركانة عد فإن أنت صرعتني فلك عشر أخرى تختارها فأخذه نبي الله صلى الله عليه وسلم ودعا كل واحد منهما إلهه فصرعه نبي الله صلى الله عليه وسلم الثالثة فقال له ركانة: لست أنت الذي فعلت بي هذه وإنما فعله إلهك ‌

[تفسير الثعلبي = الكشف والبيان عن تفسير القرآن ط دار التفسير] (11/ 443)
: [[1317]] أخبرني ابن فنجويه، قال: ثنا السني، قال: أخبرني عروبة، ثنا عمرو بن هشام قال: حدثنا محمد بن سلمة، أبي عبد الرحيم، عن أبي عبد الملك، عن القاسم، عن أمامة قال: كان رجل من بني هاشم يقال له ركانة، وكان من أفتك الناس وأشدهم، وكان مشركا، وكان يرعى غنما له في واد يقال له أضم، فخرج نبي الله من بيت عائشة ذات يوم، فتوجه قبل ذلك الوادي، فلقيه ركانة، وليس مع نبي الله أحد، فقام إليه ركانة، فقال: يا محمد، أنت الذي تشتم آلهتنا اللات والعزى، وتدعو إلى إلهك العزيز الحكيم، فلولا رحم بيني وبينك ما كلمتك، حتى أقتلك، ولكن ادع إلهك العزيز الحكيم ينجيك مني اليوم، وسأعرض عليك أمرا، هل لك أن أصارعك، وتدعو إلهك العزيز الحكيم يعينك علي، وأنا أدعو اللات والعزى، فإن أنت صرعتني فلك عشر من غنمي هذه تختارها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم، إن شئت". واتخذا، ودعا نبي الله إلهه العزيز الحكيم أن يعينه على ركانة، ودعا ركانة اللات والعزى: أعني اليوم على محمد، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه، وجلس على صدره، فقال ركانة: قم، فلست الذي فعلت بي هذا، إنما فعله إلهك العزيز الحكيم -وخذله اللات والعزى- وما وضع أحد جنبي قبلك، فقال له ركانة: عبد، فإن أنت صرعتني فلك عشرة أخرى من خيارها، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا كل واحد منهما إلهه، كما فعلا أول مرة، فصرعه نبي الله، وجلس على كبده، فقال له ركانة: قم، فلست الذي فعلت بي هذا، إنما فعله إلهك العزيز الحكيم -وخذله اللات والعزى- وما وضع جنبي أحد قبلك. فقال له ركانة: عبد، فإن أنت صرعتني ذلك عشرة أخرى تختارها، فأخذه نبي الله، ودعا كل واحد منهما إلهه، فصرعه نبي الله الثالثة، فقال له ركانة: لست أنت الذي فعلت بي هذا، إنما فعله إلهك العزيز الحكيم -وخذله اللات والعزى- فدونك ثلاثين شاة من غنمي، فاخترها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أريد ذلك، ولكن أدعوك إلى الإسلام يا ركانة، وأنفس بك أن تصير إلى النار، وإنك إن تسلم تسلم"، فقال له ركانة: ألا تريني آية؟ فقال له نبي الله: "الله شهيد عليك، لئن أنا دعوت ربي عز وجل، فأريتك آية لتجيبني إلى ما دعوتك إليه؟ "، قال: نعم. وقريب منهما شجرة ذات فروع وقضبان، فأشار إليها نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال لها: "أقبلي بإذن الله"، فانشقت اثنين، وأقبلت على نصف شقها وقضبانها وفروعها، حتى كانت بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وبين ركانة، فقال له ركانة: أريتني عظيما فمرها فلترجع فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم: "الله شهيد عليك، لئن أنا دعوت ربي عز وجل فأمرها فرجعت لتجيبني إلى ما أدعوك إليه؟ "، فقال: نعم، فأمرها فرجعت بقضبانها وفروعها، حتى التأمت تسلم" فقال له ركانة: ما بي ألا أكون رأيت عظيما، ولكني أكره أن يتحدث نساء أهل المدينة وفتيانهم، أني إنما أجبتك لرعب دخل قلبي منك، ولكن قد علمت نساء المدينة وصبيانهم، أنه لم يوضع جنبي قط، ولم يدخل قلبي رعب ساعة قط، ليلا أو نهارا، وذلك دونك، فاختر غنمك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس بي حاجة إلى غنمك إذا أبيت أن تسلم". فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا، وأقبل أبو بكر وعمر يلتمسانه في بيت عائشة، فأخبرتهما أنه قد توجه قبل وادي أضم، وقد عرفا أنه وادي ركانة لا يخطئه، فخرجا في طلبه، وأشفقا أن يلقاه ركانة فيقتله فجعلا يصاعدان على كل شرف، ويشرفان له، إذ نظرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم مقبلا، فقالا: يا نبي الله، كيف تخرج إلى هذا الوادي وحدك، وقد عرفت أنه جهة ركانة، وأنه من أفتك الناس، وأشدهم تكذيبا لك! فضحك إليهما النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "أليس يقول الله عز وجل {والله يعصمك من الناس}، إنه لم يكن يصل إلى والله معي" وأنشأ يحدثهما حديث ركانة والذي فعل به، والذي أراه، فعجبا من ذلك، فقالا: يا رسول الله، أصرعت ركانة؟ فلا والذي بعثك بالحق ما نعلم أنه وضع جنبه إنسان قط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إني دعوت ربي فأعانني عليه، وإن ربي أعانني ببضع عشرة ملك، وبقوة عشرة" .

[معرفة الصحابة لأبي نعيم] (2/ 1114)
: 2807 - حدثنا محمد بن إبراهيم، ثنا الحسين بن محمد بن حماد، ثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة، أنبأ محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، حدثني أبو عبد الملك، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: " كان رجل يقال له: ركانة وكان من أفتك الناس وأشدهم، وكان مشركا، وكان يرعى غنما له في واد يقال له أضم، فخرج نبي الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة ذات يوم فتوجه قبل ذلك الوادي فلقيه ركانة وليس مع نبي الله صلى الله عليه وسلم أحد، فقام إليه ركانة فقال: يا محمد، أنت الذي تشتم آلهتنا اللات والعزى، وتدعو إلى إلهك العزيز الحكيم، لولا رحم بيني وبينك ما كلمت الكلام يعني: حتى أقتلك، ولكن ادع إلهك العزيز الحكيم ينجيك مني اليوم وسأعرض عليك أمرا هل لك إن صارعتك وتدعو إلهك العزيز الحكيم فيعينك علي، وأنا أدعو اللات والعزى، فإن أنت صرعتني فلك عشر من غنمي هذه تختارها؟ فقال عند ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم نعم، إن شئت فاتحدا، فدعا نبي الله إلهه العزيز الحكيم أن يعينه على ركانة، ودعا ركانة اللات والعزى: أعني اليوم على محمد، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه وجلس على صدره، فقال ركانة: قم، فلست الذي فعلت بي هذا إنما إلهك العزيز الحكيم، وخذلني اللات والعزى، وما وضع جنبي أحد قبلك، فقال له ركانة: فإن أنت صرعتني فلك عشر أخرى تختارها، فأخذه نبي الله صلى الله عليه وسلم ودعا كل واحد منهما إلهه، كما فعلا أول مرة، فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم وجلس على كبده، فقال له ركانة: لست أنت الذي فعلت بي هذا إنما ‌فعله ‌إلهك ‌العزيز ‌الحكيم، وخذلني اللات والعزى، وما وضع جنبي أحد قبلك، فقال ركانة: فإن أنت صرعتني فلك عشر أخرى تختارها، فأخذه نبي الله صلى الله عليه وسلم ودعا كل واحد منهما إلهه، كما فعلا أول مرة فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم الثالثة، فقال له ركانة: لست أنت الذي فعلت بي هذا، إنما ‌فعله ‌إلهك ‌العزيز ‌الحكيم، وخذلني اللات والعزى، فدونك ثلاثين شاة من غنمي فاخترها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما أريد ذلك، ولكن أدعوك إلى الإسلام يا ركانة، وأنفس بك أن تصير إلى النار، إنك إن تسلم تسلم ، فقال له ركانة: لا إلا أن تريني آية، فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم: الله عليك شهيد، لئن أنا دعوت ربك فأريتك آية لتجيبني إلى ما أدعوك إليه؟ قال: نعم، وقريب منهما شجرة سمر ذات فروع وقضبان، فأشار إليها نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال لها: أقبلي بإذن الله فانشقت باثنين فأقبلت على نصف ساقها وقضبانها وفروعها حتى كانت بين يدي نبي الله وبين ركانة، فقال له ركانة: أريتني عظيما، فمرها فلترجع، فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم: عليك الله شهيد، إن أنا دعوت ربي ثم أمرتها فرجعت لتجيبني إلى ما أدعوك إليه؟ قال: نعم ، فأمرها، فرجعت بقضبانها وفروعها، حتى إذا التأمت بشقها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أسلم تسلم فقال له ركانة: ما بي إلا أن أكون قد رأيت عظيما، ولكني أكره أن تسامع نساء المدينة وصبيانهم أني إنما أجبتك لرعب دخل قلبي منك ولكن قد علمت نساء المدينة وصبيانهم أنه لم يوضع جنبي قط ولم يدخل قلبي رعب ساعة قط ليلا ولا نهارا، ولكن دونك، فاختر غنمك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ليس بي حاجة إلى غنمك إذا أبيت أن تسلم ، فانطلق نبي الله صلى الله عليه وسلم راجعا وأقبل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يلتمسانه في بيت عائشة فأخبرتهما أنه قد توجه قبل وادي أضم، وقد عرفا أنه وادي ركانة لا يكاد يخطئه، فخرجا في طلبه وأشفقا أن يلقاه ركانة فيقتله فجعلا يتصاعدان على كل شرف ويتشرفان له، إذ نظرا نبي الله صلى الله عليه وسلم مقبلا فقالا: يا نبي الله، كيف تخرج إلى هذا الوادي وحدك وقد عرفت أنه جهة ركانة وأنه من أقتل الناس وأشدهم تكذيبا لك؟ فضحك إليهما، ثم قال: " أليس يقول الله تعالى لي: {والله يعصمك من الناس} [[المائدة: 67]] ؟ إنه لم يكن يصل إلي والله معي" فأنشأ يحدثهما حديث ركانة والذي فعل به والذي أراه، فعجبا من ذلك، فقالا: يا رسول الله، أصرعت ركانة، فلا والذي بعثك بالحق ما وضع جنبيه إنسان قط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني دعوت الله ربي فأعانني عليه، وإن ربي أعانني ببضع عشرة وبقوة عشرة