الموسوعة الفقهية

المَبحَثُ السَّادِسُ: قَتلُ المَرضى والزَّمْنى ومَن في مَعناهما


لا يَجوزُ قَتلُ المَريضِ والضَّعيفِ الذي لا قُدرةَ له على القِتالِ ومَن في حُكمِهما، ما لم يُشارِكوا في القِتالِ بالفِعلِ أوِ الرَّأيِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [519] ((المبسوط)) للسرخسي (10/ 112) ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 245). ، والمالِكيَّةِ [520] ((شرح الزرقاني على مختصر خليل)) (3/197)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 176). ، والحَنابِلةِ [521] قَيَّدَ الحَنابِلةُ عَدَمَ الجَوازِ بألَّا يَكونَ المَريضُ مِمَّن لَو كانَ صَحيحًا قاتَلَ، فيُقتَلُ. ((الفروع)) لابن مفلح (10/ 255)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 128)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/50). .
الأدِلَّةُ:
 أوَّلًا: من الكتابِ
قَولُه تعالى: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة: 190] .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أباحَتِ الآيةُ قَتلَ مَن يُقاتِلُ مِنَ المُشرِكينَ، أمَّا المَرضى ومَن بهم عاهاتٌ فلَيسوا مِن أهلِ القِتالِ؛ فلا يُباحُ قَتلُهم [522] يُنظر: ((بداية المجتهد)) لابن رشد (1/ 384)، ((المغني)) لابن قدامة (9/ 312). .
 ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهُما، قال: ((وُجِدَتِ امرَأةٌ مَقتولةً في بَعضِ مَغازي رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فنَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن قَتلِ النِّساءِ والصِّبيانِ)) [523] أخرجه البخاري (3015) واللفظ له، ومسلم (1744). ، وفي بَعضِ طُرُقِ حَديثِ النَّهيِ عَن قَتلِ النِّساءِ [524] يُنظر: ((فتح الباري)) لابن حجر (12/ 272). ، قال: ((ما كانت هذه تُقاتِلُ)) [525] أخرجه أحمد (5959)، والطبري في ((تهذيب الآثار- الجزء المفقود)) (1029)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (673) مِن حَديثِ عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهُما. صَحَّحَه شُعَيبُ الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (5959)، وصَحَّح إسنادَه أحمد شاكر في تخريج ((مسند أحمد)) (8/173). وأخرجه أبو داود (2669)، وابن ماجه بعد حديث (2842)، وأحمد (15992) من حديثِ رَباحِ بنِ رَبيعٍ رَضِيَ اللهُ عنه. صَحَّحه ابنُ حبان في ((صحيحهـ)) (4789)، وابن الملقِّن على شرط البخاري ومسلم في ((البدر المنير)) (9/81)، وصَحَّحه لغيره شعيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (15992)، وقال الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2669): حسنٌ صحيحٌ. .
وَجهُ الدَّلالةِ:
دَلَّ الحَديثُ على أنَّ المَرأةَ لا تُقتَلُ لعَدَمِ مُشارَكَتِها في القِتالِ، والمَريضُ ومَن به زَمانةٌ بهذه الصِّفةِ، فلا يُقتَلونَ؛ لتَحَقُّقِ العِلَّةِ المانِعةِ فيهم [526] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (10/ 112). .
ثالثًا: أنَّ المَرضى والزَّمنى وأصحابَ العاهاتِ ليسوا مِن أهلِ القِتالِ، وليس فيهِم نِكايةٌ؛ فأشبَهوا الشَّيخَ الفانيَ والمَرأةَ [527] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/ 312)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/ 50)، ((مطالب أولي النهى)) للرحيباني (2/ 518). .

انظر أيضا: