الموسوعة الفقهية

المبحَثُ الرَّابِعُ: قَتلُ الرُّهبانِ


لا يجوزُ قَتلُ الرَّاهِبِ المُنعَزِلِ ([506]( إنما تُرِكَ قَتلُه لتَركِه أهلَ دينِه وانعِزالِه عَنهُم وتَركِ مُعاونَتِه لَهم، أمَّا إذا لم يَنعَزِلْ فيُقتَلُ؛ لأنَّه قُدوةٌ وإمامٌ للكُفَّارِ، وقد قال تَعالى: فقَٰتِلوٓا أئِمَّةَ الۡكُفۡرِ [التَّوبةِ: 12] ، وبهذا قال الحَنَفيَّةُ والمالِكيَّةُ وجَماعةٌ مِنَ الحَنابِلةِ. يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (10/112، 113)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/132)، ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (2/176)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/128). إذا لم تَكُنْ له مُشارَكةٌ في القِتالِ بالفِعلِ أوِ الرَّأيِ ونَحوِه، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [507] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 245)، ((البناية)) للعيني (7/ 111). ، والمالِكيَّةِ [508] ((مختصر خليل)) (ص: 88)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 176). ، والحَنابِلةِ [509] ((الفروع)) لابن مفلح (10/ 255)، ((شرح منتهى الإرادات)) للبهوتي (1/ 623). ، وقَولٌ عندَ الشَّافِعيَّةِ [510] ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 223). ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ [511] قال ابنُ بَطَّالٍ: (اتَّفَقَ مالِكٌ والكوفيُّونَ والأوزاعيُّ واللَّيثُ أنَّه لا يُقتَلُ الشُّيوخُ ولا الرُّهبانُ). ((شرح صحيح البخاري)) (5/ 171). .
الأدِلَّةُ:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهُما، قال: ((وُجِدَتِ امرَأةٌ مَقتولةً في بَعضِ مَغازي رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فنَهى رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَن قَتلِ النِّساءِ والصِّبيانِ)) [512] أخرجه البخاري (3015) واللفظ له، ومسلم (1744). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
دَلَّ الحَديثُ على أنَّه إنَّما يُقتَلُ مِن أهلِ الكُفرِ مَن يُقاتِلُ، فلا يُقتَلُ الرُّهبانُ [513] يُنظر: ((البيان والتحصيل)) لابن رشد الجد (2/ 559). .
ثانيًا: أنَّ الرَّاهِبَ اعتَزَلَ عَن أهلِ دينِه، وتَرَكَ قِتالَ المُسلِمينَ تَدَيُّنًا، فأشبَهَ العاجِزَ عَنِ القِتالِ مِنَ الصِّبيانِ والنِّساءِ؛ فلَم يُبَحْ قَتلُه [514] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/ 312)، ((عجالة المحتاج)) لابن الملقن (4/ 1686)، ((منح الجليل)) لعليش (3/ 146). .

انظر أيضا: