الموسوعة الفقهية

المَسألةُ السَّادِسةُ: اشتِراطُ تَوفُّرِ شُروطِ الإحصانِ  في الزَّوجَينِ


اختَلف الفُقَهاءُ في اشتِراطِ تَوفُّرِ شُروطِ الإحصانِ في الزَّوجَينِ ليَكونا مُحْصَنينِ [358] صورةُ المَسألةِ: لو أنَّ الزَّوجَ العاقِلَ البالغَ الحُرَّ المُسلمَ دَخَل بزَوجَتِه وهيَ صَبيَّةٌ أو مَجنونةٌ، أو أَمَةٌ أو كِتابيَّةٌ، هَل يُحكَمُ على هذا الزَّوجِ أنَّه مُحْصَنٌ بحَيثُ إنَّه إذا زَنى يُرجَمُ؟ ، على قَولينِ:
القَولُ الأوَّلُ: لا يُشتَرَطُ تَوفُّرُ شُروطِ الإحصانِ في الزَّوجَينِ، بَل مَتى تَوفَّرَت في أحَدِهما فهو مُحْصَنٌ، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ [359] يَعُدُّ المالِكيَّةُ مِن شُروطِ إحصانِ الذَّكَرِ أن تَتَوفَّرَ فيه شُروطُ الإحصانِ مَعَ إطاقةِ مَوطوءَتِه له ولو كانت صَغيرةً أو مَجنونةً، وتُحصَنُ الأُنثى بتَوفُّرِ شُروطِ الإحصانِ فيها، وببُلوغِ واطِئِها ولو كان مَجنونًا. ((الشرح الكبير)) للدردير (4/ 321)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني)) (2/ 322). ، والشَّافِعيَّةِ -في الأصَحِّ- [360] ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/ 427)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (4/ 182). ؛ وذلك لأنَّه حُرٌّ مُكَلَّفٌ وطِئَ في نِكاحٍ صحيحٍ، فلم يُؤَثِّرْ فيه نَقصُ صاحِبِه واطِئًا أو مَوطوءًا؛ لوُجودِ المَقصودِ، وهو التَّغييبُ حالَ كَمالِ المَحكومِ عليه بالإحصانِ مِنهما [361] يُنظر: ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/ 427).  .
القَولُ الثَّاني: يُشتَرَطُ تَوفُّرُ شُروطِ الإحصانِ في الزَّوجَينِ، وهو مَذهَبُ الحَنَفيَّةِ [362] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 20،173)، ((العناية)) للبابرتي (5/ 236). ، والحَنابِلةِ [363] ((الإنصاف)) للمرداوي (10/ 171)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 90). ، وقَولٌ للشَّافِعيَّةِ [364] ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/ 427)، ((حاشيتا قليوبي وعميرة)) (4/ 182). ، وقال به بَعضُ السَّلفِ [365] وهو قَولُ عَطاءٍ، والحَسَنِ، وابنِ سيرينَ، والنَّخَعيِّ، وقتادةَ، والثَّوريِّ. يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/ 39). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه وَطءٌ لم يُحصِنْ أحَدَ الزَّوجَينِ، فلا يُحصِنُ الآخَرَ؛ قياسًا على التَّسَرِّي [366] يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 90).  .
ثانيًا: لأنَّ مِن شَرطِ الإحصانِ الوطءَ، والوطءُ هنا غَيرُ كامِلٍ؛ لعَدَمِ تَوفُّرِ الشَّرطِ في الزَّوجِ الآخَرِ [367] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/ 40).  .

انظر أيضا: