الموسوعة الفقهية

المَسألةُ الخامِسةُ: هَل يُشتَرَطُ الإسلامُ للإحصانِ؟


لا يُشتَرَطُ الإسلامُ للإحصانِ، فيُحَدُّ الذِّمِّيُّ إذا تَرافعَ إلى المُسلِمينَ، وإن تَزَوَّجَ المُسلمُ ذِمِّيَّةً فوطِئَها صارا مُحْصَنَينِ، وهو مَذهَبُ الشَّافِعيَّةِ [351] ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (9/ 108)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/ 427). ، والحَنابِلةِ [352] ((الإنصاف)) للمرداوي (10/ 172). ويُنظر: ((شرح الزركشي على مختصر الخرقي)) (5/ 275). ، وأبي يوسُفَ مِنَ الحَنَفيَّةِ [353] ((تبيين الحقائق)) للزيلعي (3/ 172-173)، ((حاشية ابن عابدين)) (4/ 16). ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلَفِ [354] وهو قَولُ الزُّهريِّ، وابنِ أبي ليلى. يُنظر: ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (8/475)، ((رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام)) للفاكهاني (5/209). .
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عَبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ اليُهودَ جاؤوا إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فذَكَروا له أنَّ رَجُلًا مِنهم وامرَأةً زَنيا، فقال لهم رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ما تَجِدونَ في التَّوراةِ في شَأنِ الرَّجمِ؟ فقالوا: نَفضَحُهم ويُجلَدونَ، فقال عَبدُ اللَّهِ بنُ سَلامٍ: كذَبتُم، إنَّ فيها الرَّجمَ، فأتَوا بالتَّوراةِ فنَشَروها، فوَضعُ أحَدُهم يَدَه على آيةِ الرَّجمِ، فقَرَأ ما قَبلَها وما بعدَها، فقال له عَبدُ اللَّهِ بنُ سَلامٍ: ارفَعْ يَدَكَ، فرَفعَ يَدَهُ فإذا فيها آيةُ الرَّجمِ! فقالوا: صَدَق يا مُحَمَّدُ، فيها آيةُ الرَّجمِ، فأمرَ بهِما رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فرُجِما. قال عَبدُ اللَّهِ: فرَأيتُ الرَّجُلَ يَجنَأُ على المَرأةِ يَقيها الحِجارةَ)) [355] أخرجه البخاري (3635) واللفظ له، ومسلم (1699). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
فيه دَليلٌ لوُجوبِ حَدِّ الزِّنا على الكافِرِ، وأنَّه يَصِحُّ نِكاحُه؛ لأنَّه لا يَجِبُ الرَّجمُ إلَّا على المُحصَنِ، فلو لم يَصِحَّ نِكاحُه لم يَثبُتْ إحصانُه ولم يُرجَمْ [356] يُنظر: ((عمدة القاري)) للعيني (8/ 133).  .
ثانيًا: لأنَّ الجِنايةَ بالزِّنا استَوت مِنَ المُسلمِ والذِّمِّيِّ، فيَجِبُ أن يَستَويا في الحَدِّ، فإن كان الذِّمِّيُّ مُحْصَنًا فحَدُّه الرَّجمُ إذا زَنا [357] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/ 40).  .

انظر أيضا: