الموسوعة الفقهية

المَطلبُ السَّادِسُ: مِن مَوانِعِ إقامةِ حَدِّ الزِّنا بَقاءُ البَكارةِ للمَرأةِ


اختَلف الفُقَهاءُ في سُقوطِ حَدِّ الزِّنا ببَقاءِ البَكارةِ للمَرأةِ، على قَولينِ:
القَولُ الأوَّلُ: بَقاءُ البَكارةِ مُسقِطٌ لحَدِّ الزِّنا [190] وكذلك الحُكمُ لو ثَبَتَ أنَّ المَرأةَ رَتقاءُ، وأمَّا نِصابُ الشَّهادةِ فمَذهَبُ الحَنَفيَّةِ والحَنابِلةِ: أنَّه تَكفي شَهادةُ امرَأةٍ واحِدةٍ بعُذرَتِها، وعِندَ الشَّافِعيَّةِ: أربَعُ نِسوةٍ، أو رَجُلانِ، أو رَجُلٌ وامرَأتانِ. يُنظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/ 24)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (9/115)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 101). ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: الحَنَفيَّةِ [191] ((المبسوط)) للسرخسي (9/42)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/ 24). ، والشَّافِعيَّةِ [192] استَثنى الشَّافِعيَّةُ ما لم تَكُنْ غَوراءَ يُمكِنُ غَيبةُ الحَشَفةِ فيها مَعَ بَقاءِ بَكارَتِها، فإن كانت كذلك حُدَّت لثُبوتِ الزِّنا وعَدَمِ وُجودِ ما يُنافيه. ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (9/115)، ((نهاية المحتاج)) للرملي (7/ 431). ، والحَنابِلةِ [193] ((الإنصاف)) للمرداوي (10/ 192)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 101). ، وقال به بَعضُ السَّلَفِ [194] وهو قَولُ الشَّعبيِّ، والثَّوريِّ، وأبي ثورٍ. يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/ 77). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ البَكارةَ تَثبُتُ بشَهادةِ النِّساءِ، ووُجودُها يَمنَعُ مِنَ الزِّنا ظاهِرًا؛ لأنَّ الزِّنا لا يَحصُلُ بدونِ الإيلاجِ في الفَرجِ، ولا يُتَصَوَّرُ ذلك مَعَ بَقاءِ البَكارةِ؛ لأنَّ البِكرَ هيَ التي لم توطَأْ في قُبُلِها، وإذا انتَفى الزِّنا لم يَجِبِ الحَدُّ [195] يُنظر: ((المبسوط)) للسرخسي (9/42)، ((المغني)) لابن قدامة (9/ 77)، ((تحفة المحتاج)) لابن حجر الهيتمي (9/115). .
ثانيًا: لأنَّه لا خِلافَ أنَّه إذا صَحَّ أنَّ الشُّهودَ كاذِبونَ أو واهمونَ فإنَّ الشَّهادةَ ليسَت حَقًّا، بَل هيَ باطِلٌ، ولا يَحِلُّ الحُكمُ بالباطِلِ [196] يُنظر: ((المحلى بالآثار)) لابن حزم (12/ 216). .
ثالثًا: قياسًا كَما لو قامَتِ البَيِّنةُ بأنَّ المَشهودَ عليه بالزِّنا مَجبوبٌ [197] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/ 77).  .
القَولُ الثَّاني: بَقاءُ البَكارةِ لا يُسقِطُ حَدَّ الزِّنا، وهو مَذهَبُ المالِكيَّةِ [198] ((حاشية الدسوقي على الشرح الكبير)) (4/319)، ((منح الجليل)) لعليش (9/256). ، والظَّاهريَّةِ [199] يُنظر: ((المحلى بالآثار)) لابن حزم (12/ 216). .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّه قد صَحَّت البَيِّنةُ عليها بما يوجِبُ الحَدَّ بنَصِّ القُرآنِ، فلا يَجوزُ أن يُعارَضَ أمرُ اللهِ سُبحانَه وتعالى [200] يُنظر: ((المحلى بالآثار)) لابن حزم (12/ 216).  .
ثانيًا: لأنَّ شَهادةَ النِّساءِ لا مَدخَلَ لها في الحُدودِ، فلا تَسقُطُ بشَهادَتِهنَّ [201] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/ 77).  .

انظر أيضا: