الموسوعة الفقهية

المَطلبُ العاشِرُ: هَل يُشتَرَطُ عَدَمُ التَّقادُمِ لوُجوبِ حَدِّ الزِّنا؟


لا يُشتَرَطُ عَدَمُ التَّقادُمِ [128]  المقصودُ بالتَّقادُمِ: مُضِيُّ الزَّمنِ، كأنْ يَشْهدوا على شَخْصٍ بزِنا بعدَ مُضِيِّ وقتٍ، أو يُقِرَّ به، فهل يُقامُ عليه الحَدُّ أو لا؟  لوُجوبِ حَدِّ الزِّنا؛ فالحَدُّ لا يَسقُطُ بالتَّقادُمِ، وهو مَذهَبُ الجُمهورِ: المالِكيَّةِ [129] ((منح الجليل)) لعليش (9/ 333). ويُنظر: ((المدونة)) لسحنون (4/ 542). ، والشَّافِعيَّةِ [130] ((روضة الطالبين)) للنووي (10/ 98)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 151). ، والحَنابِلةِ [131] ((المبدع في شرح المقنع)) لبرهان الدين ابن مفلح (7/ 400)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (6/ 103). ، وهو قَولُ بَعضِ السَّلفِ [132] قال ابنُ قُدامةَ: (وإن شَهِدوا بزِنًا قديمٍ، أو أقَرَّ به، وجَبَ الحَدُّ. وبهذا قال مالِكٌ، والأوزاعيُّ، والثَّوريُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَورٍ). ((المغني)) (9/ 76). .
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
 عموم قَوله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ... [النور: 2] .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
قَولُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حَديثِ العَسيفِ: ((واغْدُ يا أُنَيسُ على امرَأةِ هذا، فإنِ اعتَرَفت فارجُمْها)) [133] أخرجه البخاري (6827، 6828) واللفظ له، ومسلم (1697، 1698). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَلَّقَ الحُكمَ على إقرارِها دونَ أن يَسألَ عن وقتِ الزِّنا؛ مِمَّا يَدُلُّ على قَبولِ الإقرارِ، سَواءٌ تَقادَم زَمَنُ فِعلِ الزِّنا أو لم يَتَقادَمْ.
ثالثًا: لأنَّ التَّأخيرَ للشَّهادةِ أوِ الإقرارِ يَجوزُ أن يَكونَ لعُذرٍ أو غَيبةٍ، والحَدُّ لا يَسقُطُ بمُطلَقِ الاحتِمالِ؛ فإنَّه لو سَقَطَ بكُلِّ احتِمالٍ لم يَجِبْ حَدٌّ أصلًا [134] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/ 76).  .
رابعًا: أنَّه حَقٌّ يَثبُتُ على الفَورِ، فيَثبُتُ بالبَيِّنةِ بَعدَ تَطاوُلِ الزَّمانِ كَسائِرِ الحُقوقِ [135] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/ 76).  .

انظر أيضا: