الموسوعة الفقهية

المَطلبُ الثَّالثُ: اشتِراطُ العِلمِ بحُرمةِ الزِّنا


مِن شُروطِ وُجوبِ حَدِّ الزِّنا أن يَكونَ مَن صَدَر منه الفِعلُ عالِمًا بالتَّحريمِ [67] ولا يُشتَرَطُ العِلمُ بالعُقوبةِ، فإن كان عالِمًا بتَحريمِ الزِّنا لكِنَّه جاهلٌ بوُجوبِ الحَدِّ، فإنَّه يُحَدُّ، وقد نُقِل الاتِّفاقُ على ذلك. قال النَّوَويُّ: (مَن زَنى أو شَرِب أو سَرَقَ، عالِمًا تَحريمَ ذلك، جاهلًا وُجوبَ الحَدِّ، فيَجِبُ الحَدُّ بالاتِّفاقِ). ((المجموع)) (7/ 363). ، فإن كان جاهلًا به لا يُحَدُّ [68] كأن يَكونَ قَريبَ عَهدٍ بالإسلامِ، أو بُعْدِه عنِ المُسلمينَ، كَما لو نَشَأ بباديةٍ بَعيدةٍ عن دارِ الإسلامِ. يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/58). .
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ الآثارِ
عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (ادرَؤوا القَتلَ والجَلْدَ عنِ المُسلمينَ ما استَطَعتُم) [69] أخرجه ابن أبي شَيبة (29090) واللَّفظُ له، وابن المنذر في ((الأوسط)) (12/521). ذَكَرَ ثُبوتَه ابنُ المُنذِرِ. .
وفي لفظٍ: عنه قال: (ادرَؤوا الحَدَّ بالشُّبهةِ) [70] أخرجه مسدَّد كما في ((موافقة الخبر الخبر)) لابن حجر (1/443). حسَّن إسنادَه ابنُ حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (1/443). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
فيه دَلالةٌ على دَرءِ الحَدِّ بالشُّبُهاتِ؛ وعدم العلم بالتَّحريم شبهةٌ، فيُدرأ عنه الحدُّ [71] يُنظر: ((الأوسط)) لابن المنذر (12/524). .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ قُدامةَ [72] قال ابنُ قُدامةَ: (لا حَدَّ على مَن لم يَعلَمْ تَحريمَ الزِّنا... وبهذا قال عامَّةُ أهلِ العِلمِ). ((المغني)) (9/58). ، وابنُ الهُمامِ [73] قال ابنُ الهُمامِ: (شَرطٌ آخَرُ: وهو أن يَعلمَ أنَّ الزِّنا حَرامٌ مَعَ ذلك كُلِّه، ونُقِل في اشتِراطِ العِلمِ بحُرمةِ الزِّنا إجماعُ الفُقَهاءِ). ((فتح القدير)) (5/217). .
ثالثًا: لأنَّه غَيرُ قاصِدٍ لفِعلِ المُحرَّمِ [74] يُنظر: ((منار السبيل في شرح الدليل)) (2/361). .
رابعًا: أنَّ الحُكمَ في الشَّرعيَّاتِ لا يَثبُتُ إلَّا بَعدَ العِلمِ [75] يُنظر: ((البحر الرائق)) لابن نجيم (5/ 4). .

انظر أيضا: