الموسوعة الفقهية

المَطلَبُ الأوَّلُ: اشتِراطُ البُلوغِ


مِن شُروطِ وُجوبِ حَدِّ الزِّنا أن يَكونَ مَن صَدَر مِنه الفِعلُ بالغًا، فإن كان غَيرَ بالغٍ فإنَّه لا يُحَدُّ.
الأدِلَّة:ِ
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ، لقد عَلِمْت أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((رُفِع القَلَمُ عن ثَلاثةٍ: عنِ الصَّبيِّ حتَّى يَبلُغَ، وعنِ النَّائِمِ حتَّى يَستَيقِظَ، وعنِ المَعتوهِ حتَّى يَبرَأَ )) [47] أخرجه أبو داود (4402) واللفظ له، وأحمد (1328) بنحوه. صحَّحه ابنُ حزم في ((المحلى)) (9/206)، والنووي في ((المجموع)) (6/253)، والسخاوي في ((الأجوبة المرضية)) (2/767)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (4402)، وشعيب الأرناؤوط في تخريج ((سنن أبي داود)) (4402). .
وفي لفظٍ: ((رُفِع القَلَمُ عن ثَلاثةٍ: عنِ النَّائِمِ حتَّى يَستَيقِظَ، وعنِ الصَّبيِّ حتَّى يَشِبَّ، وعنِ المَعتوهِ حتَّى يَعقِلَ)) [48] أخرجه الترمذي (1423) واللفظ له، وأحمد (956) على الشَّكِّ: (المَعتوهِ أوِ المَجنونِ حتَّى يَعقِلَ). صحَّحه الألبانيُّ في ((صحيح سنن الترمذي)) (1423)، وصحَّحه لغَيرِه شُعَيب الأرناؤوط في تخريج ((مسند أحمد)) (956)، وحَسَّنه البخاري كما في ((العلل الكبير)) للترمذي (226). .
وَجهُ الدَّلالةِ:
في الحَديثِ دَلالةٌ على أنَّه لا تَكليفَ على الصَّبيِّ، فلا يُؤاخَذُ بالعُقوباتِ الشَّرعيَّةِ المُتَعَلِّقةِ بحَقِّ اللهِ تعالى [49] يُنظر: ((المهذب في فقه الإمام الشافعي)) للشيرازي (3/ 337).  .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نَقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ بَطَّالٍ [50] قال ابنُ بَطَّالٍ: (أجمَعَ العُلَماءُ على أنَّ الاحتِلامَ في الرِّجالِ والحَيضَ في النِّساءِ هو البُلوغُ الذى تَلزَمُ به العِباداتُ والحُدودُ). ((شرح صحيح البخاري)) (8/49). ، وابنُ قُدامةَ [51] قال ابنُ قُدامةَ: (أمَّا البُلوغُ والعَقلُ فلا خِلافَ في اعتِبارِهما في وُجوبِ الحَدِّ، وصِحَّةِ الإقرارِ). ((المغني)) (9/ 66). ، وشَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ [52] قال شَمسُ الدِّينِ ابنُ قُدامةَ: (لا يَجِبُ الحَدُّ إلَّا على بالغٍ عاقِلٍ عالمٍ بالتَّحريمِ، أمَّا البُلوغُ والعَقلُ فلا خِلافَ في اعتِبارِهما في وُجوبِ الحَدِّ). ((المغني)) (9/ 66). .
ثالثًا: لأنَّه إذا سَقَطَ عنه التَّكليفُ في العِباداتِ والمَآثِمِ في المَعاصي فلَأن يَسقُطَ عنه الحَدُّ أَولى؛ لأنَّ مَبناه على الدَّرءِ [53] يُنظر: ((المهذب في فقه الإمام الشافعي)) للشيرازي (3/ 337).  .

انظر أيضا: