موسوعة اللغة العربية

المَطْلَبُ الرابعُ: زيادةُ حُروفِ الجَرِّ


قد تأتي حُروفُ الجرِّ زائدةً، فتجرُّ الاسمَ بَعْدَها لفظًا فقطْ، ويبقى محلُّه كما هو، وتلك الأحرُفُ التي تأتي زائدةً هي: (الباءُ، مِن، الكاف).
أولًا: الباءُ
تأتي الباءُ زائدةً مع:
1- المفعولُ به: كقَولِه تعالى: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة: 195] ، وقَولِه تعالى: وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ [مريم: 25] ؛ فإنَّ الباءَ هنا زائدةٌ، وقَولُه: (أيدي) اسمٌ مَجرورٌ لفظًا منصوب محلًّا؛ لأنَّه مَفعولٌ به، وكذا "جِذْع".
2- الفاعِلُ: ومنه قَولُه تعالى: وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا [النساء: 6] ؛ فإنَّ اسمَ الجلالةِ مجرورٌ لفظًا مرفوع محلًّا؛ فإنَّ المعنى: كفى اللهُ حَسيبًا.
ومنه قَولُ الشَّاعِرِ:
ألا هل أتاها والحوادثُ جمَّةٌ
بأنَّ امرأَ القيسِ بنَ تَملِكَ بَيْقَرا
فالأصلُ: هل أتاها أنَّ امرأَ القيسِ، والمصدَرُ المُؤَوَّلُ "أنَّ امرأَ القَيسِ..." في مَحَلِّ رَفعٍ فاعِلٌ.
ومِثْلُه مع أسلوبِ التعَجُّبِ: "أَفْعِلْ بـ" تَقولُ: أَكْرِم بزَيدٍ؛ فإنَّ "زيد" اسمٌ مَجرورٌ لفظًا مرفوعٌ محلًّا لأنَّه فاعِلٌ.
3- خَبَر (ليس): تَقولُ: ليس التفوُّقُ بمُستحيلٍ.
ليس: فِعلٌ ماضٍ ناسخ مَبْنيٌّ على الفَتحِ.
التفوق: اسمُ (ليس) مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
بمستحيل: الباء حَرفُ جَرٍّ زائدٌ، ومستحيل: اسمٌ مَجرورٌ لفظًا منصوبٌ محَلًّا لأنَّه خَبَرٌ (ليس).
ومنه قَولُه تعالى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ [الزمر: 36] ، وقَولُه تعالى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ [التين: 8] .
4- خَبَر (ما) العامِلةِ عَمَلَ (ليس). تَقولُ: ما العَمَلُ بعارٍ.
ما: حرف مَبْنيٌّ على السُّكونِ يعمَلُ عمل (ليس)، وهي "ما الحِجازيَّةُ".
العمل: اسمُ (ما) مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ.
بعارٍ: الباء حَرفُ جَرٍّ زائِدٌ، عارٍ: اسمٌ مَجرورٌ لفظًا منصوبٌ محَلًّا لأنَّه خَبَرٌ (ما).
5- المُبتَدَأُ إذا كان "حسْب": تَقولُ: بحسْبِك دِرهمٌ.
بحَسْبِك: الباءُ حَرفُ جَرٍّ زائدٌ، حسْب: اسمٌ مَجرورٌ لفظًا مرفوعٌ محلًّا لأنَّه مُبتَدَأٌ، والكاف ضَميرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنيٌّ في مَحَلِّ جَرٍّ مُضافٌ إليه.
درهم: خَبَرٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ الظَّاهِرةُ يُنظَر: ((شرح المفصل)) لابن يعيش (4/ 477)، ((شرح التسهيل)) لابن مالك (3/ 153). .
ثانيًا: "مِن"
تأتي (مِن) زائدةً جارةً لنَكِرةٍ، وتكونُ النَّكِرةُ إمَّا فاعِلًا أو مفعولًا أو مُبتَدَأً، وذلك بعد:
نفيٍ: تَقولُ: ما رسَبَ من أحدٍ.
ما: حرف نفي مَبْنيٌّ على السُّكونِ.
رسب: فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على الفَتحِ.
من: حَرفُ جَرٍّ زائد مَبْنيٌّ على السُّكونِ.
أحد: اسمٌ مَجرورٌ لفظًا مرفوعٌ محلًّا؛ فإنَّ أصلَه: ما رَسَب أحدٌ.
ومنه قَولُه تعالى: وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران: 62] ، وقَولُه تعالى: أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ [المائدة: 19] .
الاستفهام بـ(هل): قال تعالى: هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ [فاطر: 3] ، وتَقولُ: هل ضربتَ مِن أحدٍ؟ هل أتى مِن أحدٍ؟
هل: حرف استفهام مَبْنيٌّ على السُّكونِ.
أتى: فِعلٌ ماضٍ مَبْنيٌّ على الفَتحِ المقدَّرِ.
من: حَرفُ جَرٍّ زائدٌ مَبْنيٌّ على السُّكونِ.
أحد: اسمٌ مَجرورٌ لفظًا مرفوعٌ محلًّا لأنَّه فاعِلٌ (أتى).
النهي: تَقولُ: لا يَقُمْ مِن أحد.
لا: حَرفُ نهيٍ وجَزمٍ مَبْنيٌّ على السُّكونِ.
يَقُمْ: فِعلٌ مُضارعٌ مجزومٌ بـ(لا)، وعَلامةُ جَزمِه السُّكونُ.
من: حَرفُ جَرٍّ زائدٌ مَبْنيٌّ على السُّكونِ.
أحد: اسمٌ مَجرورٌ لفظًا مرفوعٌ محلًّا لأنَّه فاعِلٌ يُنظَر: ((الجنى الداني في حروف المعاني)) لابن جني (ص: 317)، ((أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك)) لابن هشام (3/ 21). .
ثالثًا: الكافُ
وتأتي زائدةً مع كَلِمة "مِثْل" فقطْ إذا أُمِنَ اللَّبسُ أنَّها ليست للتَّشبيهِ، كقَولِه تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: 11] ؛ فإنَّ الكافَ هنا زائدةٌ وليست للتشبيهِ؛ لأنَّنا لو جعلناها للتَّشبيهِ لكان المعنى: ليس يُشبِهُ مِثْلَ اللهِ شَيءٌ، فنُثبِتُ لله مثيلًا، تعالى الله عن ذلك عُلُوًّا كبيرًا، ومِثْلُه قَولُه تعالى: وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ [الواقعة: 22، 23]؛ فإنه يُشَبِّهُ الحورَ باللُّؤلؤِ لا بأمثالِه.
إعرابُ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
ليس: فِعلٌ ماضٍ ناسِخٌ مَبْنيٌّ على الفَتحِ.
كمِثْلِه: الكافُ حَرفُ جَرٍّ زائدٌ مَبْنيٌّ على الفَتحِ، مِثلُ: اسمٌ مَجرورٌ لفظًا منصوبٌ محلًّا لأنَّه خَبَرُ (ليس)، والهاءُ ضَميرٌ مُتَّصِلٌ في مَحَلِّ جَرٍّ مُضافٌ إليه.
شيءٌ: اسمُ (ليس) مؤخَّرٌ مَرفوعٌ، وعَلامةُ رَفعِه الضَّمَّةُ يُنظَر: ((شرح التسهيل)) لابن مالك (3/ 170)، ((التذييل والتكميل في شرح كتاب التسهيل)) لأبي حيان (11/ 259). .

انظر أيضا: