الموسوعة العقدية

المَطلَبُ الأوَّلُ: الأدِلَّةُ على وُجودِ الجِنِّ مِنَ القُرآنِ الكَريمِ

ذَكرَ اللهُ تعالى الجِنَّ في مَواضِعَ عَديدةٍ من كِتابِه الكَريمِ.
1- قال اللهُ تعالى: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا [الجن: 1 -2] .
قال ابنُ جَريرٍ: (يَقولُ جَلَّ ثَناؤُه لنَبيِّه مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: قُلْ -يا مُحَمَّدُ- أوحى اللَّهُ إليَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ هَذا القُرآنَ، فقالوا لقَومِهم لَمَّا سَمِعوه إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ يَقولُ: يَدُلُّ على الحَقِّ وسَبيلِ الصَّوابِ فَآمَنَّا بِهِ يَقولُ: فصَدَّقْناه وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا مِن خَلقِهـ) .
وقال السَّعديُّ في سورةِ الجِنِّ: (في هذه السُّورةِ فوائِدُ كثيرةٌ؛ مِنها: وُجودُ الجِنِّ، وأنَّهم مُكَلَّفون مَأمورونَ مُكَلَّفون مَنهِيُّون، مُجازَونَ بأعمالِهم، كما هوَ صَريحٌ في هذه السُّورةِ) .
2- قال اللهُ سُبحانَه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56].
قال ابنُ عَطِيَّةَ: (معنى قَولِه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56] أي: لآمُرَهم بالعبادةِ، وأُوجِبَها عليهم) .
3- قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا [الأنعام: 130] .
قال الشَّوكاني: (هذا إقرارٌ منهم بأنَّ حُجَّةَ اللهِ لازِمةٌ لهم بإرسالِ رُسُلِه إليهم) .
4- قال اللهُ تعالى: وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [السجدة: 13] .
قال ابنُ جَريرٍ: (قَولُه: لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ يعني: من أهلِ المعاصي والكُفرِ باللهِ منهم) .
5- قال اللهُ سُبحانَه: فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ [الرحمن: 56].
قال البَغَويُّ: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ لَم يُجامَعْنَ ولَم يَفتَرِعْهُنَّ، وأصلُه مِنَ الطَّمْثِ وهوَ الدَّمُ، ومِنه قيلَ للحائِضِ: طامِثٌ، كأنَّه قال: لَم يَدْمِهُنَّ بالجِماعِ إنسٌ قَبلَهم ولا جانٌّ، قال الزَّجَّاجُ: فيه دَليلٌ على أنَّ الجِنِّيَّ يَغشى كما يَغشى الإنسِيُّ) .
6- قال اللهُ عَزَّ وجَلَّ: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء: 88] .
قال ابنُ جَريرٍ: (يَقولُ جَلَّ ثَناؤُه: قُلْ -يا مُحَمَّدُ- للَّذين قالوا لَكَ: إنَّا نَأتي بمِثلِ هَذا القُرآنِ: لَئِنِ اجتَمَعَتِ الإنسُ والجِنُّ على أن يَأتوا بمِثلِهِ، لا يَأتونَ أبَدًا بمِثلِهِ، ولَو كانَ بَعضُهم لبَعضٍ عونًا وظَهْرًا) .
7- قال اللهُ تعالى عن موتِ سُلَيمانَ عليه السَّلامُ: فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ [سبأ: 14] .
قال ابنُ جَريرٍ: (قَولُه: فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ يَقولُ عَزَّ وجَلَّ: فلَمَّا خَرَّ سُلَيمانُ ساقِطًا بانكِسارِ مِنْسَأتِه تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ الَّذي يَدَّعونَ عِلمَه مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ المُذِلِّ حَولًا كامِلًا بَعدَ مَوتِ سُلَيمانَ، وهم يَحسَبونَ أنَّ سُلَيمانَ حَيٌّ) .
8- قال اللهُ سُبحانَه: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ [المؤمنون: 97، 98].
قال الواحِديُّ: (أمرَه أن يَتَعَوَّذَ مِنَ الشَّيطانِ ليَسلَمَ في دينِه، فقال: وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ أمتَنِعُ وأعتَصِمُ بكَ، مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ مَعنى الهَمزِ في اللُّغةِ: الدَّفعُ، وهَمَزاتُ الشَّياطِينِ: دَفْعُهم بالإغواءِ إلى المَعاصي، وهوَ مَعنى قَولِ المُفَسِّرين: نَزَغاتُهم ووَساوِسُهم، وذلك أنَّ الشَّيطانَ إنَّما يَدفَعُ النَّاسَ إلى المَعاصي بما يُوسوِسُ إليهم وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ [المؤمنون: 98] في أموري، أي: أن يُصيبوني بالسُّوءِ؛ لأنَّ الشَّيطانَ لا يَحضُرُ ابنَ آدَمَ إلَّا بُسوءٍ) .

انظر أيضا:

  1. (1) يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (23/ 310).
  2. (2) يُنظر: ((تفسير السعدي)) (ص: 892).
  3. (3) يُنظر: ((تفسير ابن عطية)) (3/ 216).
  4. (4) ينظر: ((تفسير الشوكاني)) (2/ 185).
  5. (5) يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (18/ 606).
  6. (6) يُنظر: ((تفسير البغوي)) (4/ 341).
  7. (7) يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (15/ 75).
  8. (8) يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (19/ 239).
  9. (9) يُنظر: ((التفسير الوسيط)) (3/ 297).