موسوعة الأخلاق والسلوك

أ- من القُرآنِ الكَريمِ


- قال تعالى: وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [النحل: 94] .
قال البغويُّ: (وَلَا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا خَديعةً وفَسادًا بينَكم، فتَغُرُّونَ بها النَّاسَ فيَسكُنونَ إلى أيمانِكم ويَأمَنونَ، ثُمَّ تَنقُضونها، فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا فتَهلِكوا بعدَ ما كُنتُم آمِنينَ) [4947] ((معالم التنزيل)) للبغوي (3/ 94). .
وقال ابنُ عطيَّةَ: (الدَّخَلُ: الدَّغَلُ بعَينِه، وهي الذَّرائِعُ إلى الخَدْعِ والغَدْرِ؛ وذلك أنَّ المحلوفَ له مُطَمئِنٌّ، فيَتَمَكَّنُ الحالفُ من ضَرِّه بما يُريدُه) [4948] ((المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز)) لابن عطية (3/ 418). .
وقال ابنُ كَثيرٍ: (حَذَّرَ تعالى عِبادَه عن اتِّخاذِ الأيمانِ دَخَلًا، أي: خَديعةً ومَكرًا؛ لئَلَّا تَزِلَّ قدَمٌ بعدَ ثُبوتِها، مَثَلٌ لِمن كان على الاستِقامةِ فحاد عنها وزَلَّ عن طَريقِ الهُدى؛ بسَبَبِ الأيمانِ الحانِثةِ المشتَمِلةِ على الصَّدِّ عن سَبيلِ اللهِ؛ لأنَّ الكافِرَ إذا رَأى المؤمنَ قد عاهَدَه ثُمَّ غَدَرَ به، لم يَبقَ له وُثوقٌ بالدّينِ، فانصَدَّ بسَبَبِه عن الدُّخولِ في الإسلامِ) [4949] ((تفسير القرآن العظيم)) (4/600). .
- وقال تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [النحل: 91-92] .
قال الطَّبَريُّ: (إنَّ اللهَ تعالى أمَر في هذه الآيةِ عِبادَه بالوفاءِ بعُهودِه التي يَجعَلونَها على أنفُسِهم، ونَهاهم عن نَقضِ الأيمانِ بعدَ تَوكيدِها على أنفُسِهم لآخَرينَ بعُقودٍ تَكونُ بينَهم بحَقٍّ مِمَّا لا يَكرَهُه) [4950] ((جامع البيان في تأويل آي القرآن)) (14/340). .
قال الماوَرديُّ: (لا تنقُضوها بالغَدرِ بعدَ توكيدِها بالوفاءِ) [4951] ((النكت والعيون)) (3/210). .
وقولُه: (تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أي خَديعةً ومَكرًا أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ أي: يَحلِفونَ للنَّاسِ إذا كانوا أكثَرَ منكُم ليَطمَئِنُّوا إليكم، فإذا أمكَنَكم الغَدرُ بهم غَدَرتُم، فنَهى اللهُ عن ذلك ليُنَبِّهَ بالأدنى على الأعلى؛ إذا كان قد نَهى عن الغَدرِ والحالةُ هذه فلَأن يَنهى عنه مع التَّمَكُّنِ والقُدرةِ بطَريقِ الأَولى) [4952] ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (4/ 599). .
- وقال تعالى: وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ [الأنفال: 58] .
قال ابنُ كثيرٍ: (يَقولُ تعالى لنَبيِّه صَلَواتُ اللهِ وسَلامُه عليه وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ قد عاهَدْتَهم خِيَانَةً، أي: نَقضًا لما بينَك وبَينَهم من المواثيقِ والعُهودِ فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ أي: عَهدَهم عَلَى سَوَاءٍ أي: أعلِمْهم بأنَّك قد نَقَضْتَ عَهدَهم حَتَّى يَبقى عِلمُك وعِلمُهم بأنَّك حَربٌ لهم وهم حَربٌ لك، وأنَّه لا عَهدَ بينَك وبَينَهم: على السَّواءِ، أي: تَستَوي أنتَ وهم في ذلك) [4953] ((تفسير القرآن العظيم)) (4/79). .
وقال السَّعديُّ: (وإذا كان بينَك وبَينَ قَومِ عَهدٌ وميثاقٌ على تَركِ القِتال، فخِفتَ منهم خيانةً بأن ظَهَرَ من قَرائِنِ أحوالِهم ما يَدُلُّ على خيانَتِهم من غَيرِ تَصريحٍ منهم بالخيانةِ فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَهدَهم، أي: ارمِه عليهم وأخبِرْهم أنَّه لا عَهدَ بينَك وبَينَهم عَلَى سَوَاءٍ أي: حتى يَستَويَ عِلمُك وعِلمُهم بذلك، ولا يَحِلُّ لك أن تَغْدِرَهم أو تَسعى في شَيءٍ مِمَّا مَنَعَه موجِبُ العَهدِ حتى تُخبِرَهم بذلك إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ بل يُبغِضُهم أشَدَّ البُغضِ، فلا بدَّ من أمرٍ بَيِّنٍ يُبرِّئُكم من الخيانةِ، ودَلَّ مَفهومُها أيضًا أنَّه إذا لم يَخَفْ منهم خيانةً بأن لم يوجَد منهم ما يَدُلُّ على ذلك، أنَّه لا يَجوزُ نَبذُ العَهدِ إليهم، بل يَجِبُ الوفاءُ إلى أن تَتِمَّ مُدَّتُه) [4954] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 324). .
- وقال تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا [الإسراء: 34] .
قال القاسميُّ: (لا تنقُضوا العهودَ الجائزةَ بينكم وبَينَ مَن عاهدتُموهم، فتَخفِروها وتَغدِروا بمن أعطيتُموه إيَّاها) [4955] ((محاسن التأويل)) (6/460). .
وقال الرَّاغبُ: (ولكونِ الوفاءِ سَبَبًا لعامَّةِ الصَّلاحِ، والغَدَرِ سَبَبًا لعامَّةِ الفَسادِ، عَظَّم اللهُ أمرَهما، وأعاد في عدَّةِ مواضِعَ ذِكرَهما، فقال: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا [الإسراء: 34] ، وقال: وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ [البقرة: 177] ) [4956] ((تفسير الراغب)) (2/659). .
- وقال تعالى: وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ [لقمان: 32] .
أي: (وما يكفُرُ بأدلَّتِنا وحُجَجِنا إلَّا كُلُّ غدَّارٍ بعَهدِه، والخَتْرُ عندَ العَرَبِ: أقبَحُ الغَدرِ) [4957] ((جامع البيان)) لابن جرير الطبري (18/ 580). ويُنظَر: ((التفسير المحرر - الدرر السنية)) (24/404). .
- قال تعالى: وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ [التوبة: 12] .
قال الرَّازيُّ: (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ أي: نقَضوا عهودَهم) [4958] ((مفاتيح الغيب)) (15/534). .
وقال السُّدِّيُّ: (إن نكثوا عهدَهم الذي عاهدوا على الإسلامِ وطعنوا فيه، فقاتِلوهم) [4959] ((جامع البيان)) للطبري (11/364). .
وقال القُرطبيُّ: (إذا حارب الذِّمِّيُّ نقَض عهدَه، وكان مالُه وولَدُه فَيئًا معه) [4960] ((الجامع لأحكام القرآن)) (8/83). .
- وقولُه تعالى: وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ [البقرة: 26-27] .
قال الطَّبريُّ: (وما يُضِلُّ به إلَّا التَّارِكينَ طاعةَ اللهِ الخارِجينَ عن اتِّباعِ أمرِه ونَهيِه، النَّاكِثينَ عُهودَ اللهِ التي عَهِدَها إليهم في الكُتُبِ التي أنزَلها إلى رُسُلِه، وعلى ألسُنِ أنبيائِه باتِّباعِ أمرِ رَسولِه مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وما جاءَ به، وطاعةِ اللهِ فيما افتَرَضَ عليهم في التَّوراةِ من تَبيينِ أمرِه للنَّاسِ، وإخبارِهم إيَّاهم أنَّهم يَجِدونَه مَكتوبًا عِندَهم أنَّه رَسولٌ من عِندِ الله مُفتَرَضةٌ طاعَتُه، وتَركِ كِتمانِ ذلك لهم. ونَكثُهم ذلك ونَقضُهم إيَّاه هو مُخالفَتُهم اللهَ في عَهدِه إليهم فيما وصَفْتُ أنَّه عَهِدَ إليهم بعدَ إعطائِهم رَبَّهم الميثاقَ بالوفاءِ بذلك كما وصَفَهم به ربُّنا جَلَّ ذِكْرُه) [4961] ((جامع البيان)) للطبري (1/438). .
وقال السَّعديُّ: (وهذا يَعُمُّ العَهدَ الذي بينَهم وبَينَه والذي بينَهم وبَينَ عِبادِه الذي أكَّدَه عليهم بالمواثيقِ الثَّقيلةِ والإلزاماتِ، فلا يُبالونَ بتلك المواثيقِ، بل يَنقُضونَها ويَترُكونَ أوامِرَه ويَرتَكِبونَ نَواهيَه، ويَنقُضونَ العُهودَ التي بينَهم وبَينَ الخَلقِ) [4962] ((تيسير الكريم الرحمن)) (1/47). .
- وقال تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء: 155] .
قال ابنُ كثيرٍ: (وهذه من الذُّنوبِ التي ارتَكَبوها مِمَّا أوجَبَ لعنَتَهم وطَرْدَهم وإبعادَهم عن الهدى، وهو نَقضُهم المواثيقَ والعُهودَ التي أُخِذَت عليهم) [4963] ((تفسير القرآن العظيم)) (2/447). .
وقال الخازِنُ: (فبسَبَبِ نقضِهم ميثاقَهم لعنَّاهم، وسَخِطْنا عليهم، وفعَلْنا بهم ما فعَلْنا) [4964] ((لباب التأويل في معاني التنزيل)) (1/443). .
 قال ابنُ عَبَّاسٍ: (هو ميثاقٌ أخذَه اللهُ على أهلِ التَّوراةِ، فنقَضوه) [4965] رواه الطبري في ((جامع البيان)) (11585). .
- وقوله تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [المائدة: 13] .
قال ابنُ كثيرٍ: (أي: فبسبَبِ نقضِهم الميثاقَ الذي أُخِذ عليهم لعنَّاهم، أي: أبعَدْناهم عن الحَقِّ وطرَدْناهم عن الهدى) [4966] ((تفسير القرآن العظيم)) (3/66). .
- وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا [الفتح: 10] .
قال ابنُ كثيرٍ: (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ أي: إنَّما يعودُ وَبالُ ذلك على النَّاكثِ، واللهُ غنيٌّ عنه) [4967] ((تفسير القرآن العظيم)) (7/330). .
وقال ابنُ عَطيَّةَ: (إنَّ من نكَث، يعني: من نَقَض هذا العهدَ، فإنما يجني على نفسِه، وإيَّاها يُهلِكُ، فنَكْثُه عليه لا له) [4968] ((المحرر الوجيز)) (5/129). .
- وقال الله تعالى: وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ [النحل: 92] الآية.
وقال ابنُ عَطيَّةَ في تَفسيرِ هذه الآيةِ: (شَبَّهَت هذه الآيةُ الذي يَحلفُ أو يُعاهِدُ أو يُبرِمُ عُقدةً بالمرأةِ التي تَغزِلُ غَزْلَها وتَفتِلُه مُحكَمًا، وشَبَّه الذي يَنقُضُ عَهدَه بعدَ الإحكامِ بتلك الغازِلةِ إذا نَقَضَت قُوى ذلك الغَزلِ، فحَلَّتْه بعدَ إبرامِه) [4969] ((المحرر الوجيز)) (3/417). .

انظر أيضا: