موسوعة الآداب الشرعية

تمهيدٌ:


الأُضحِيَّةُ [1] الأُضْحِيَّةُ لُغةً: اسمٌ لِمَا يُضَحَّى به، أي: يُذبَحُ أيَّامَ عيدِ الأضحى، وجمعُها: الأَضاحِيُّ، قيل: مُشتقَّةٌ مِنَ الضَّحوةِ، وسُمِّيَت بأوَّل زمانِ فِعْلِها، وهو الضُّحى. يُنظر: ((مقاييس اللغة)) لابن فارس (3/391)، ((مغني المحتاج)) للخطيب الشربيني (4/282)، ((أنيس الفقهاء)) للقونوي (ص: 103). والأُضْحِيَّةُ اصطِلاحًا: ما يُذبَحُ من بهيمةِ الأنعامِ في يومِ الأضحى إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ تقرُّبًا إلى اللهِ تعالى. يُنظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (9/ 505)، ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 282)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/530). من أعظَمِ شعائِرِ الإسلامِ، وقد قال رَبُّنا تعالى ذِكرُه: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32] ، وهي النُّسُكُ العامُّ في جميعِ الأمصارِ، والنُّسُكُ مَقرونٌ بالصَّلاةِ في قَولِه جَلَّ ثناؤه: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام: 162] ، وقد قال تقدَّست أسماؤه: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر: 2] ، فأمَرَ بالنَّحرِ كما أمَر بالصَّلاةِ، وقد قال جَلَّت عظَمَتُه: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ [الحج: 34] ، وقال سُبحانَه: وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ [الحج: 36 - 37] ، وهي من مِلَّةِ إبراهيمَ الذي أُمِرنا باتِّباعِ مِلَّتِه [2] يُنظر: ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (23/ 162). .
والأضحيةُ مَشروعةٌ بإجماعِ المُسلِمين [3] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/ 435). ، ولا خِلافَ في كَونِها من شرائِعِ وشَعائِرِ الدِّينِ [4] يُنظر: ((إحكام الأحكام)) لابن دقيق العيد (ص: 482)، ((فتح الباري)) لابن حجر (10/ 3). والأضْحِيَّة سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّة في المشهور ، والشَّافعيَّة ، والحَنابِلة ، ومذهب الظَّاهريَّة. ينظر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/362)، ((المجموع)) للنووي (8/382)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/21). ((المحلى)) لابن حزم (7/ 355، 358 رقم 973)،  قال الترمذي: (العملُ على هذا عند أهل العلم: أنَّ الأُضْحِيَّة ليست بواجبةٍ، ولكنها سنَّةٌ من سُنَنِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ يُستَحَبُّ أن يُعمَل بها، وهو قول سفيان الثوري، وابن المبارك). ((سنن الترمذي)) (4/92) ، وأنَّها قُربةٌ عظيمةٌ [5] يُنظر: ((السيل الجرار)) للشوكاني (ص: 715). .
ومن حِكَمِ مَشروعيَّتِها [6] يُنظر: ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (5/ 76). :
1- شُكْرُ اللهِ تعالى على نِعمةِ الحياةِ.
2- إحياءُ سُنَّةِ إبراهيمَ الخليلِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حين أمَرَه اللهُ عزَّ اسمُه بذَبحِ الفِداءِ عن ولَدِه إسماعيلَ عليه الصَّلاة والسَّلامُ في يومِ النَّحرِ، وأن يتذكَّرَ المؤمِنُ أنَّ صَبرَ إبراهيمَ وإسماعيلَ -عليهما السَّلامُ- وإيثارَهما طاعةَ اللهِ ومحَبَّتَه على محبَّةِ النَّفْسِ والوَلَدِ- كانا سبَبَ الفِداءِ ورَفْعِ البلاءِ، فإذا تذَكَّرَ المؤمِنُ ذلك اقتدى بهما في الصَّبرِ على طاعةِ اللهِ، وتقديمِ محبَّتِه عزَّ وجلَّ على هوى النَّفْسِ وشَهْوَتِها.
3- أنَّ في ذلك وسيلةً للتَّوسِعةِ على النَّفْسِ وأهلِ البَيتِ، وإكرامِ الجارِ والضَّيفِ، والتَّصَدُّقِ على الفقيرِ، وهذه كلُّها مظاهِرُ للفَرَحِ والسُّرورِ بما أنعَمَ اللهُ به على الإنسانِ، وهذا تحدُّثٌ بنعمةِ اللهِ تعالى، كما قال عزَّ وجلَّ: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى: 11] .
4- أنَّ في الإراقةِ مبالغةً في تصديقِ ما أخبَرَ به اللهُ عزَّ وجلَّ؛ مِن أنَّه خَلَقَ الأنعامَ لنَفْعِ الإنسانِ، وأَذِنَ في ذَبْحِها ونَحْرِها؛ لتكونَ طعامًا له.
وفيما يلي ذِكرٌ لبَعضِ الآدابِ التي ينبغي أن تُراعى فيها:

انظر أيضا: