موسوعة الآداب الشرعية

ثانيًا: اختيارُ الأسمَنِ والأكمَلِ


يُستَحَبُّ استِحسانُ الأُضحيَّةِ، والتَّضحيةُ بالأسمَنِ والأكمَلِ [18] يُنظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/ 439)، ((المجموع)) للنووي (8/ 396). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ الكتابِ والإجماعِ:
أ- من الكِتابِ
قال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32] .
قال ابنُ كَثيرٍ: (يَقولُ تعالى: هذا وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ أي: أوامِرَه فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ، ومِن ذلك تَعظيمُ الهَدايا والبُدنِ، كَما قال الحَكَمُ، عن مِقسَمٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: تَعظيمُها: استِسمانُها واستِحسانُها...
وعن مُجاهدٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ قال: الاستِسمانُ والاستِحسانُ والاستِعظامُ) [19] يُنظر: ((تفسير القرآن العظيم)) (5/ 421). .
وقال السَّعديُّ: (أي: ذلك الذي ذَكَرنا لكُم مِن تَعظيمِ حُرُماتِه وشَعائِرِه، والمُرادُ بالشَّعائِرِ: أعلامُ الدِّينِ الظَّاهرةُ، ومِنها المَناسِكُ كُلُّها، كَما قال تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة: 158] ، ومِنها الهَدايا والقُربانُ للبَيتِ، ومَعنى تَعظيمِها: إجلالُها، والقيامُ بها، وتَكميلُها على أكمَلِ ما يَقدِرُ عليه العَبدُ، ومِنها الهَدايا، فتَعظيمُها باستِحسانِها واستِسمانِها، وأن تَكونَ مُكَمَّلةً مِن كُلِّ وَجهٍ، فتَعظيمُ شَعائِرِ اللهِ صادِرٌ مِن تَقوى القُلوبِ، فالمُعَظِّمُ لها يُبَرهنُ على تَقواه وصِحَّةِ إيمانِه؛ لأنَّ تَعظيمَها تابعٌ لتَعظيمِ اللَّهِ وإجلالِهـ) [20] يُنظر: ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص: 538). .
ب- من الإجماعِ
نُقِلَ الإجماعُ على ذلك [21] قال النَّوويُّ: (أجمع العُلَماءُ على استحبابِ السَّمينِ في الأضحيَّةِ). ((المجموع)) (8/ 396). وقال أيضًا: (وأجمعوا على استحبابِ استِحسانِها واختيارِ أكمَلِها). ((شرح مسلم)) (13/ 120). وقال في حديثِ أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((ضحَّى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بكَبشينِ أملحَينِ أقْرَنينِ...)): (وأمَّا قولُه: «أملَحَينِ» ففيه استحبابُ استحسانِ لَونِ الأضحيَّةِ، وقد أجمعوا عليهـ). ((شرح مسلم)) (13/ 120). .
وأما التَّعليلُ فلأنَّ ذلك أعظَمُ لأجرِها، وأكثَرُ لنَفعِها [22] ((المغني)) لابن قدامة (9/ 439). .
فائدةٌ:
ذَكَر الكَرجيُّ القَصَّابُ أنَّ في قَولِه تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32] دَليلًا على (أنَّ الزِّيادةَ في السِّمَنِ، وكَثرةَ الثَّمَنِ في البُدنِ: أفضَلُ مِن تَكثيرِ اللَّحمِ بعَدَدِ المَهازيلِ) [23] ((النكت الدالة على البيان)) (2/ 316). ويُنظر: ((التهذيب)) للبغوي (8/ 39)، ((المجموع)) للنووي (8/ 396)، ((شرح مسلم)) للنووي (2/ 79). .

انظر أيضا: