موسوعة الآداب الشرعية

رابعًا: إذا دَخَل ذو الحِجَّةِ لا يَحلِقُ شَعرَه ولا يَقُصُّ أظفارَه


مِن آدابِ الأُضحيَّةِ: أنَّه إذا دَخَل هلالُ ذي الحِجَّةِ أمسَكَ مَن يُريدُ أن يُضَحِّيَ عن أخذِ شَيءٍ مِن شَعرِه وأظفارِه حتَّى يُضَحِّيَ.
وقد اختلفَ الفُقهاءُ في حُكْمِ حَلْقِ الشَّعرِ وتقليمِ الأظفارِ لمَنْ أراد أن يضَحِّيَ، بعدَ رؤيةِ هلالِ ذِي الحِجَّةِ، على أقوالٍ، أقواها قولانِ:
القَولُ الأوَّلُ: يَحْرُمُ على مَن أراد أن يضَحِّي -إذا رأى هلالَ ذي الحِجَّةِ- أن يحلِقَ شَعرَه أو أن يُقَلِّمَ أظفارَه، حتَّى يضَحِّيَ [29] وهذا مذهَبُ الحَنابِلةِ، ووجهٌ للشَّافعيَّةِ، وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ، واختارَه ابْنُ حَزْمٍ، وابنُ القَيِّم، وابنُ باز، وابنُ عُثيمين. يُنظر: ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/23)، ((المجموع)) للنووي (8/ 391، 392)، ((شرح السنة)) للبغوي (4/348)، ((المحلى)) لابن حزم (7/ 355 رقم 973)، ((عون المعبود- مع حاشية ابن القيم)) (7/491)، ((مجموع فتاوى ابن باز)) (18/39)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/486). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
عن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن كان عِندَه ذبْحٌ يُريدُ أن يذبَحَه فرأى هلالَ ذي الحِجَّةِ؛ فلا يَمَسَّ مِن شَعرِه، ولا مِن أظفارِه، حتى يضَحِّيَ)) [30] رواه مسلم (1977). .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ مُقتضى النَّهْيِ التَّحريمُ، وهو خاصٌّ يجِبُ تقديمُه على عُمومِ غَيرِه [31] ((المغني)) لابن قُدامة (9/ 437). .
القَولُ الثاني: يُكرَه لِمَن أراد أن يضَحِّيَ أن يحلِقَ شَعْرَه أو أن يقَلِّمَ أظفارَه حتى يضَحِّيَ [32] وهذا مذهبُ المالِكيَّة، والشَّافعيَّة، وهو قَولٌ للحَنابِلة. يُنظر: ((التاج والإكليل)) للموَّاق (4/380)، ((المجموع)) للنووي (8/391)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/79). .
الدَّليلُ على ذلك مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن كان عِندَه ذبْحٌ يُريدُ أن يذبَحَه فرأى هلالَ ذي الحِجَّةِ؛ فلا يَمَسَّ مِن شَعْرِه، ولا مِن أظفارِه، حتى يضَحِّيَ)) [33] رواه مسلم (1977). .
2- حديثُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّها قالت: ((أنا فَتَلْتُ قلائِدَ هَدْيِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيَدَيَّ ثمَّ قَلَّدَها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيَدِه ثمَّ بعثَ بها مع أبي، فلم يَحْرُمْ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شَيءٌ مِمَّا أحَلَّهُ اللهُ حتَّى نَحَرَ الهَدْيَ)) [34] رواه البخاري (1700) واللفظ له، ومسلم (1321). .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
1- أنَّه لم يَحْرُمْ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شيءٌ بِبَعْثِه بِهَدْيِه، والبَعْثُ بالهَدْيِ أكثَرُ من إرادةِ التَّضحيةِ، ولم يكنِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِيفعَلَ ما نَهى عنه [35] يُنظر: ((المجموع)) للنووي (8/392)، ((المغني)) لابن قُدامة (9/ 437). .
2- أنَّ النَّهْيَ محمولٌ على الكراهَةِ جمعًا بين النصوصِ [36] يُنظر: ((مواهب الجليل)) للحطاب (4/ 372). .
فائدةٌ: في حُكْمِ الفِدْيةِ لِمَن أرادَ أن يُضَحِّيَ فأخَذَ مِن شَعرِه أو قَلَّمَ أظفارَه:
أجمَع العُلماءُ على أنَّه لا فِدْيةَ على مَن أراد أن يُضحِّيَ، وحَلَقَ شَعرَه أو قَلَّمَ أظْفارَه [37] نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ قُدامةَ، والمرداويُّ: قال ابنُ قُدامة: (فإن فعَلَ استغفَرَ اللهَ تعالى، ولا فِدْيةَ فيه إجماعًا، سواءٌ فَعَلَه عمدًا أو نسيانًا). ((المغني)) (9/437). وقال المرداويُّ: (لو خالف وفَعَلَ فليس عليه إلَّا التَّوبةُ، ولا فِدْيةَ عليه إجماعًا). ((الإنصاف)) (4/80). .

انظر أيضا: